الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الشريفة، أعز الله تعالى أحكامهم، وحلف لنا أمراء الدولة الشريفة على جاري العادة في ذلك، وضربت عند ذلك البشائر، وشهد هذا الهناء كلّ باد وحاضر، وتشنّفت الأسماع وقرّت العيون واستقرّت الخواطر، وابتهجت بذلك الأمم، وتباشرت بهذا السّعد الذي كتب لنا من القدم، وأصبح كلّ من أنصار دولتنا الشريفة مبتهلا بالدعاء مبتهجا.
فليأخذ المقرّ حظّه من هذه التهنية، وليذع خبرها لتكون المسارّ معيدة ومبدية، ويتحقق ماله عندنا من المكانة، والمحلّ الذي زان بالإقبال الشريف زمانه ويتقدّم أمره الكريم بتهنئة المجالس العالية والسامية ومجالس الأمراء بالمملكة الفلانية، ويتقدّم أيضا بضرب البشائر وبالزينة على العادة.
وقد تجهّز إلى الجناب العالي نسخة يمين شريفة يحلف عليها، ويكتب خطّه، ويجهزها إلينا صحبة المجلس السامي، الأمير، الأجلّ، الكبير، العضد، الذّخريّ، النّصيريّ، الأوحديّ، عضد الملوك والسلاطين، يلبغا الحمويّ الصالحيّ، أدام الله علوّه، المتوجّه بهذا المثال الشريف، وقد جهزنا نسخة يمين شريفة ليحلف عليها لنا الأمراء بطرابلس ويكتبوا خطوطهم ويجهزها إلينا على العادة صحبة المشار إليه.
وقد جهزنا للجناب العالي صحبة المشار إليه تشريفا شريفا كاملا، فيتقدّم الجناب العالي بتسلمه منه ولبسه، ويتحقق ماله عندنا من المكانة والمنزلة، ويعيد الأمير سيف الدّين يلبغا المشار إليه إلى الباب الشريف، فيحيط علمه بذلك.
الصنف الثاني (من الكتب السلطانية الكتب في الدعاء إلى الدّين، وهو من أهمّ المهمّات)
قال في «موادّ «1» البيان» : أشرف ما ينشئه الكاتب الدعاء إلى دين الإسلام
الذي أظهره الله تعالى على كلّ دين، وأعزّه على كره المشركين، واستجرار مخالفيه إليه، واجتذاب الخارجين عن دائرته إلى الدخول فيه، عملا بما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم والخلفاء من بعده؛ لأنه قوام الملك ونظام السلطان اللّذان لا يصحّان إلّا به.
قال: والكاتب يحتاج في إنشاء هذه الكتب إلى علم التوحيد وبراهينه، وشرع الرسول صلى الله عليه وسلم خاصّه وعامّه، ومعجزاته، وآيات نبوّته، ليتوسّع في الإبانة من ظهور حجته، ووضوح محجّته.
ثم قال: والرسم فيها أن تفتتح بحمد الله الذي اختار دين الإسلام فأعلاه وأظهره، وقدّسه وطهّره، وجعله سبيلا إلى رضاه وكرامته، وطريقا إلى الزّلفى في جنّته، وشفيعا لا يقبل عمل عامل إلّا به، وبابا لا يصل واصل إلّا منه، فلا تغفر السيئات إلّا لمن اعتصم بحبله، ولا تتقبّل الحسنات إلّا من أهله، وشكره تعالى على الهداية إليه، والتوفيق عليه، وذيادته عن مجاهل الضلالة بما أوضحه من برهانه، ونوّره من تبيانه، وتمجيده من تعظيم آياته، وباهر معجزاته، وحكيم صنعته وبديع فطرته، وتنزيهه عما لا يليق بسلطانه، ولا تجوز إضافته إلى عظيم شانه، وتسبيحه عما يصفه به الملحدون، ويختلقه الجاحدون، والصّلاة على رسوله محمد صلى الله عليه وسلم والإفصاح عن دلائل نبوّته، وبراهين رسالته، وما خصّه الله تعالى به من إعلاء ذكره وإمداده بالمعجزات الباهرة، والآيات الظاهرة.
ثم يتبع ذلك بالدعاء إلى الدّين والحضّ عليه، وإيضاح ما في التّمسّك به من الرّشاد في داري المبدإ والمعاد، والتّبشير بما وعد الله به المستجيبين له، والداخلين فيه، من تمحيص السّيّئات، ومضاعفة الحسنات، وعزّ الدنيا وفوز الآخرة، والإنذار بما أوعد الله به النّاكبين عن سبيله، العادلين عن دليله، من الإذلال في هذه الدار، والتّخليد بعد العرض عليه في النار، وتصريف المخالفين بين الرّغبة والرّهبة، في العاجل والمغبّة.
قال: وينبغي أن يتأنّى الكاتب فيما يورده من هذه الأغراض، ليقع في