الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب الكريم العالي، المولويّ، الأميريّ، الكبيريّ، العالميّ، العادليّ، المؤيّدي، المالكيّ، المخدوميّ، السّيفيّ، أعلاه الله تعالى بهادر أمير أخور الأشرفيّ.
تنبيه- كلّ ما كان العنوان فيه الباب الكريم، كان العنوان فيه للمسافر «المخيّم» بدل الباب، وباقي الألقاب على حالها كما نبّه عليه في «التثقيف» وغيره، والعلامة في آخر المكاتبة مقابل حسبي الله، إذ لمّا كانت العلامة في أسفل الكتاب مقابل تحت الحسبلة كانت العلامة فيما فوق ذلك أنزل في رتبة المكتوب إليه وأعلى في رتبة المكتوب عنه.
المرتبة الخامسة- يقبّل الأرض بالمقر الشريف
. والرسم فيه أن يترك بعد البسملة وما تحتها من الملكي الفلاني قدر سطر أو سطرين بياضا، ثم يكتب يقبّل الأرض بالمقر الشريف، ويختلف الحال فيه؛ فإن كان المكتوب إليه من أرباب السّيوف، كتب «يقبّل الأرض بالمقر الشريف، العالي، المولويّ، الأميريّ، الكبيريّ، العالميّ، العادليّ، المؤيّديّ، الذّخريّ، الظّهيريّ، المسنديّ، الزّعيميّ، المالكيّ، المخدوميّ، الفلاني، أعزّ الله تعالى أنصاره، وأعلى مناره، وضاعف مباره، وينهي بعد وصف محبّته، وبثّ أثنيته، كيت وكيت، والمسؤول من إحسانه كيت وكيت» وربما كتب: «والمملوك يسأل كيت وكيت» كما في المكاتبات السابقة، أو «والمملوك يسأل تشريفه بمراسمه وخدمه، والله تعالى يديم عليه سوابغ نعمه» .
دعاء آخر لهذه المكاتبة: أعزّ الله تعالى أنصاره، وأدام انتصاره، وجعل على غايات النّجوم اقتصاره، وينهي.
آخر: لا زالت الرّقاب لمهابته خاضعة، والرّكاب به فوق النّجوم واضعة، وأجنّة السيوف بمضار به من ماء الأعداء راضعة، وينهي.
آخر: لا زالت أعلامه مشرّفة، وأقلامه مصرّفة، وأيامه بطيب ثنائه بين الخافقين معرّفة.
آخر: لا زالت الدنيا ببقائه مجمّلة، والعلياء لا رتقائه مؤمّلة، والنّعم على اختلافها جواهر مكمّلة، وينهي.
قلت وربما أتي بصورة الإنهاء مسجوعة أيضا، مثل أن يكتب: وينهي بعد تعبّده بولائه، وقيامه بحقوق آلائه. أو وينهي بعد دعاء يقوم بوظائفه، وولاء يتردّى بمطارفه. أو ينهي بعد رفع أدعيته، وقطع العمر في موالاته وعبوديّته، ونحو ذلك. وعلى ذلك جرى في «عرف التعريف» إلّا أنّ الغالب في كتابة أهل الزمان إهماله. والعنوان إن قصد تعظيمه: الباب العالي، بألقاب الباب الكريم في المكاتبة قبلها، إلّا أنه يحذف منها الكريم، وإن لم يقصد تعظيمه فالمقرّ الشريف بالألقاب التي في صدر الكتاب. وصورة وضعه في الباب العالي على ما تقدّم في الباب الكريم: أن يأتي به في سطرين كاملين من أوّل عرض الدّرج إلى آخره، كما في هذه الصورة:
المقرّ الشريف، العاليّ، المولويّ، الأميريّ، الكبيريّ، العالميّ، العادليّ، المؤيّديّ، الذخريّ، الظّهيريّ، المسنديّ، الزّعيميّ، المالكيّ، المخدوميّ، السيفيّ، أعزّ الله تعالى أنصاره أمير حاجب بالشام المحروس.
والعلامة في هذه المكاتبة «المملوك فلان» بقلم الرقاع، بأسافل الكتاب، مقابل إن شاء الله تعالى.
واعلم أنّ هذه المراتب الخمس هي الدائرة في المكاتبات بين كتّاب زماننا بمملكة الديار المصريّة وما جرى على نهجها، والمعنى في ترتيبها على هذا الترتيب أنه في المرتبة الأولى منها حذف الدعاء والثناء المقتضيان للدّالّة من المكتوب عنه على المكتوب إليه، واقتصر على اليسير من الكلام دون الكثير الذي فيه سآمة المكتوب إليه واضجاره، عند قراءة الكتاب، وعنونت بالفلاني كالسّيفيّ ونحوه، من حيث إنه لقبّ مؤدّ إلى رفعة، وأتي فيه بمطالعة المملوك فلان، إشارة إلى التصريح بالرقّ والعبوديّة من المكتوب عنه للمكتوب إليه مع إقامته في مقام الرّفعة بذكر لقبه المؤدّي إلى رفعة قدره- وفي المرتبة الثانية أتي فيها بالفلانيّ داخل المكاتبة دون العنوان فكانت أنزل مما قبلها، من حيث إنّ العنوان ظاهر وباطن
المكاتبة خفيّ والظاهر المؤدّي إلى الرفعة أعلى من الخفيّ من ذلك، وأتي بالدعاء فكانت أنزل رتبة من التي قبلها لما تقدّم من أنّ الدعاء فيه معنى الدالّة، واجتنب فيه السجع من حيث إنّ في الإتيان به تفاصحا على المكتوب إليه، وعنون بالأبواب إشارة إلى شرف محلّ المكتوب إليه من حيث الإشعار بأن له أبوابا يوقف عليها، وجعلت دون المرتبة الثانية «1» من حيث إنّ العنونة في المرتبة الأولى باللّقب المؤدّي إلى الرّفعة مع دلالته على الذات. وفي الثانية عنون بالأبواب الموصّلة إلى محلّ الشخص، ولا يخفى أنّ ما دلّ على نفس الشّخص أعلى مما هو موصّل إلى محلّه، وأتي فيها بمطالعة المملوك فلان إشارة إلى التصريح للمكتوب إليه بالرّقّ والعبوديّة كما تقدّم في المرتبة الأولى. وفي المرتبة الثالثة حذف منها الفلاني المؤدّي إلى الرّفعة من داخل المكاتبة فكانت أنزل من التي قبلها فأتي فيها بذلك، وأتي بالدعاء مسجوعا فكان أنزل مما قبله لما في السجع من التفاصح على المكتوب إليه، وأسقط من عنوانه مطالعة المملوك فلان فكان أنزل من حيث إنّه لم يقع فيه تصريح برقّ وعبوديّة كما في المرتبة الأولى والثانية. وفي المرتبة الرابعة بقي الصّدر على حاله وعنون فيها بالباب بلفظ الإفراد، فكانت أنزل مما قبلها، من حيث إنّ الإفراد دون الجمع بدليل أنه بعض من أبعاضه. وفي المرتبة الخامسة قيل: يقبّل الأرض بالمقرّ، يعني مقرّ المكتوب إليه، فكانت أنزل مما قبلها من حيث إشعار ذلك بالقرب من محلّه بخلاف «يقبّل مطلق «2» الأرض» فإنه لا ينحصر في ذلك، ثم إن عنونت بالباب العالي مجرّدا عن الكريم، كانت أنزل مما عنون فيه بالكريم لما جرى عليه الاصطلاح من رفعة رتبة الكريم العالي على العالي المجرّد عن الكريم، على ما تقدّم في الكلام على الألقاب في المقالة الثالثة، وإن عنونت بالمقرّ الشريف فهي على انحطاط الرتبة عمّا قبلها من حيث
إشعاره بقرب المحلّ من المكتوب إليه. على أنّ في عنونة هذه المكاتبة بالمقرّ الشريف نظرا، فإنّ أعلى مراتب الابتداء في المكاتبة بالدعاء هي الدعاء للمقرّ الشريف، وهو بعد تقبيل الباسط والباسطة واليد على ما سيأتي ذكره في الدّرجة الثالثة فيما بعد إن شاء الله تعالى.
فربّما التبس عنوان هذه بعنوان تلك قبل فضّها، والوقوف على صدرها هل هو مفتتح «بيقبّل الأرض بالمقرّ» أو بالدعاء للمقرّ، إلّا أنّ كتّاب الزمان قد رفضوا المكاتبة بالدعاء للمقرّ الشريف واقتصروا على الدعاء للمقرّ الكريم، إذ كان هو أعلى ما يكتب به عن السلطان لأكابر أمراء المملكة على ما تقدّم ذكره في الكلام على مكاتبات السلطان إلى أهل المملكة في المقالة الرابعة.
قلت: وفي الدساتير المؤلّفة في الإخوانيّات في الدولة التّركية في الزمن السابق ما يخالف بعض هذا الترتيب، فجعل في «عرف «1» التعريف» أعلى المراتب يقبّل الأرض وينهي كيت وكيت، والعنوان «الفلاني بمطالعة» على ما تقدّم ذكره في الترتيب السابق. ودونه: الصدر بعينه، والعنوان «الأبواب بمطالعة» . ودونه: كذلك والعنوان «الأبواب» بغير مطالعة. ودونه: «يقبّل الأرض بالمقرّ الشريف، والعنوان إما الباب العالي أو المقرّ الشريف» .
وفي دستور يعزى لبعض بني الأثير أنّ أعلى المراتب «يقبّل الأرض وينهي كيت وكيت» على ما تقدّم. ودونه. «يقبّل الأرض ويدعو مثل يقبّل الأرض وينهي بعد رفع دعائه الذي لا يفتر لسانه عن رفعه، ولا يخفى إن شاء الله إبّان نفعه» .
ودونه: «يقبّل الأرض ويدعو لها، مثل: يقبّل الأرض حماها الله تعالى من غير الزّمان، واكتنفها بالأمان، من صروف الحدثان، ولا زالت محطّ وفود الجدا، وكعبة قصّاد النّدا، وينهي كيت وكيت» . ودونه «يقبّل الأرض ويصفها، مثل أن
يكتب: يقبّل الأرض التي هي ملجأ العفاه، وملثم الشّفاه، ومحلّ الكرم الذي لا يخيب من اقتفاه، ومقصد الراجي الذي إذا عوّل عليه كفاه، وينهي كيت وكيت» . ودونه «يقبّل الأرض ويدعو لها «1» ، مثل أن يكتب: يقبّل الأرض لا زالت محروسة الرّحاب، هامية السّحاب، فسيحة الجناب، لمن أناب؛ وينهي كيت وكيت» .
وجرى في «التثقيف» «2» على الترتيب المتقدّم في المرتبة الأولى والثانية والثالثة والرابعة على ما تقدّم في المراتب الخمس السابقة، وجعل المرتبة الخامسة «يقبّل الأرض» مع وصفها على ما تقدّم في الدّستور المنسوب لبعض بني الأثير مع العنونة بالباب العالي، وجعل «يقبّل الأرض بالمقرّ الشريف» مرتبة سادسة مع العنونة بالباب العالي أو المقرّ الشريف.
وفي غير هذه الدّساتير ما يخالف بعض ذلك في الترتيب والتقديم والتأخير، وفي بعض الدّساتير بعد تقبيل الأرض تقبيل العتبات، مثل أن يكتب: يقبّل العتبات الكريمة، لا برحت مطلع السّعود، ومنبع الجود، ومهيعا للمقام المحمود. أو: يقبّل العتبات الكريمة، لا زالت الأفلاك تتمنّى أنها بها تحفّ، وأنها لنجومها إليها بحوض الوالدين (؟) تزف. أو: يقبّل العتبات الكريمة، لا زالت الآمال بها مطيفة، والسّعود لها حليفة، وسعادتها لاستخدام كلّ ذي إلمام مضيفة.
ولا يخفى أنّ بعض هذه الاختيارات غير محكم الأساس، ولا موضوع على أصل يقتضي صحة الترتيب فيه، بل الكثير من ذلك راجع إلى التشهّي، كلّما تقدّم متقدّم في دولة من الدّول أحبّ أن يؤثر مخالفة غيره، ويجعل له شيئا يحدثه لينسب إليه ولا يبالي وافق في ذلك غرضا صحيحا أم لا، وقلّ من يصيب الغرض في ذلك.