الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وتوالى مدّه، ونجز من الخصب وعده، وعلا التّرع والجروف، وقطع الطريق فأمّن من الجدب المخوف، وأقبل بوجهه الطّلق المحيّا، وأسبل على الأرض لباس النّفع فبدّلها بعد الظّمإ ريّا، فحمدنا الله تعالى على هذه النّعم، ورأينا أن يكون للجناب العالي أوفر نصيب من هذا الهناء الأعم، وآثرنا إعلامه بذلك، ليكون في شكر هذه النّعمة أكبر مشارك، فالجناب العالي يأخذ حظّه من هذه البشرى، ويتحقق ماله عندنا من المكانة التي خصّته في كلّ مبهجة بالذّكرى، ويتقدّم أمره الكريم بأن لا يجبى عن ذلك حقّ بشارة، ولا يتعرّض إلى أحد بخسارة، وقد جهّزنا بذلك فلانا.
الصنف السابع عشر (فيما يكتب في البشارة بركوب الميدان الكبير بخطّ اللّوق عند وفاء النّيل في كلّ سنة)
وهو مما يتكرر في كلّ سنة عند ركوب الميدان، ويكتب به إلى جميع النوّاب الأكابر والأصاغر، وتجهّز إلى أكابر النوّاب خيول صحبة المثال الشريف، ويرسم لهم بالركوب في ميادين الممالك للعب الكرة، تأسّيا بالسلطان، فيركبون ويلعبون الكرة. والعادة في مثل ذلك أن تنشأ نسخة كتاب من ديوان الإنشاء الشريف، ويكتب بها إلى جميع النيابات، لا يختلف فيها سوى صدرها، بحسب ما يقتضيه حال ذلك النائب.
وهذه نسخة مثال شريف في معنى ذلك، كتب به في ذي القعدة سنة ستين وسبعمائة لنائب طرابلس، وصورته بعد الصّدر:
ولا زال تحمل إليه أنباء ما يبرد غلّته من مضاعفة السّرور، وتبثّ له أقوال الهناء بما يجبّ علته من النّصر الموفور، ونخصّه من إقبالنا الشريف بأكمل تكريم وأنمّ حبور.
صدرت هذه المكاتبة تهدي إليه من السّلام والثناء كذا كذا، وتوضّح لعلمه الكريم أننا نتحقّق مضاء عزائمه حربا وسلما، واعتلاء هممه التي تحرس بها
الممالك وتحمى، وأنّ صوافنه «1» ترتبط لتركض، وتحبس لتنهض، فلذلك نعلمه من أنباء استظهارنا ما يبهج خاطره، ويقرّ ناظره، وهو أنّنا لما كان في يوم السبت المبارك خامس شوّال، توجّه ركابنا الشريف إلى الميدان السعيد وفاض به جودنا فاخضرّت مروجه، وظهر به نيّرنا الأعظم فأشرقت آفاقه وتشرّفت بروجه، وأقرّ العيون منير وجهنا المبارك وبهيجه، وغدا كلّ وليّ بموالاة إنعامنا مشمولا، وبمنالات إكرامنا موصولا، وركض الأولياء بين أيدينا جيادا ألفت نزالا وعرفت طرادا، وانعطفت لينا وانقيادا، وعدنا إلى مستقرّ ملكنا الشريف وقد جدّد الله تعالى لنا إسعادا، وأيّد لعزمنا المعان مبدأ ومعادا، وآثرنا إعلام الجناب العالي بهذه الوجهة الميمونة، والحركة التي هي بالبركة مقرونة، ليأخذ حظّه من السّرور بذلك والهنا، ويتحقق من إقبالنا الشريف عليه ما يبلغ به المنى.
وهذه نسخة مثال شريف في المعنى، كتب به في العشرين من شعبان، سنة أربع وخمسين وسبعمائة. وصورته بعد الصّدر:
ولا زالت ميادين سعده لا تتناهى إلى مدى، وكرات كرّاته في رحاب النّصر تلمع كنجم الهدى، ومدوّر صوالجه كشواجر المرّان «2» تحلو بتأييدها للأولياء وتغدو مريرة للعدا.
صدرت هذه المكاتبة وظفرها لا يزال مؤيّدا، ونصرها لا برح مؤبّدا، تهدي إليه سلاما مؤكّدا، وثناء كنشر الأرض بالنّدى، وتوضّح لعلمه أننا لم نزل بحمد الله نتّبع سنن سلفنا الشريف، ونجري الأمور على عوائد جميلهم المنيف، ونرى تمرين الأولياء على ممارسة الحروب، ونؤثر إبقاء آثار الجهاد فيهم على أحسن أسلوب، فلذلك لا نخلّ في كلّ عام بالتّعاهد إلى الميدان السعيد، والركوب إليه