الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الصنف الرابع والعشرون (ما يكتب عن السلطان بالبشارة بعافيته من مرض)
وهذه نسخة كتاب بعافية الملك النّاصر «محمد «1» بن قلاوون» من مرض، إلى صاحب ماردين «2» ، وهو:
ولا زالت البشائر على سمعه الكريم متواترة، والمسارّ إلى مقام ملكه سائرة، والتّهاني، ببلوغ الأماني، من كمال شفائنا تجعل ثغور الثّغور باسمة ووجوه الدّهور ناضرة، ونعم الله تعالى مقابلة بالشّكر الجزيل على أن أجدّ ملك الإسلام بافتقاده، وأبقي للدّين المحمديّ ناصره. أصدرناها إلى المقام العالي ومواردنا من الصّحّة حلوة في الأفواه، وألسنتنا شاكرة لنعم الله، وعافيتنا تجدّد في كلّ جديد، وصحّتنا قد بلغت من المزيد ما نريد، وقد ألبسنا الله تعالى من الشّفاء ثوبا قشيبا، ونصرنا نصرا عزيزا وفتح لنا فتحا مبينا، تهدي إليه سلاما تتأرج به أرجاء ملكه، وثناء تنتظم الأثنية في سلكه، وتوضح لعلمه الكريم ما حصل من عافيتنا التي تضاعف بها فرح الإسلام والمسلمين، ووجب الشّكر عليهم والحمد لله ربّ العالمين.
الضرب الثاني (من مقاصد المكاتبات السلطانية ما يكتب عن السلطان في الجواب)
وكلّ معنى من المعاني الوارد بها الكتاب إليه يستقّ جوابه منها، وغالب ما يعتنى به من ذلك جواب ما يرد من المكاتبات بالتّقادم والهدايا، وما في معنى ذلك.
وهذه أدعية من ذلك يستضاء بها في أوائل الأجوبة عن المعاني التي ترد فيها.
جواب سلطانيّ عن وصول خيل: ولا زال يتحف بكلّ صاهل في الجحفل،
جمال في المحفل، وأجرد إذا أمّ غاية لمعت في أثره البروق تتطفّل، ومسوّم يلتزم جلاله بمزيد جلاله، وكيف لا وهي إذا أسدلت عليه يتكفّل؟ أصدرناها والعطر يضوع من سلامها، والمسك يفوح من ختامها، وآثار الندى تحكي آثار أقلامها.
آخر في المعنى: ولا زال محتفلا بالجياد وإرسالها، ومهديا لركابنا الشّريف السّوابق التي إذا لم يسابقها شيء من الحيوان تجلّت في مسابقة ظلالها، وينتقي لمواكبنا الخيول التي إذا أصبحت في مدّى أصبحت الرياح تتعلق بأذيالها.
أصدرناها.
آخر في مثله: ولا زال يهدي إلينا من الجياد بحرا، ويقود من العراب «1» ما تملأ غرّته المواكب بشرا، وإذا طلع في الكتيبة يزيدها عزّا ونصرا، من كلّ طرف تأصّل حسنا وحسن إهابا وجلّ قدرا.
آخر في مثله: وأعلى له على صهوات العتاق مرتقى، وخصّه بكلّ جواد وهو منتقل إليه منتقى، وأطلع عليه نواصي الصّوافن «2» التي عقد الخير بها عقدا موثقا.
أصدرناها ونور التّحايا من أرجائها ينير، ومفاخرها تشرّف بها كلّ منبر وسرير، وركائب أثنيتها تسير إلى مقامه فتطيب راحلة في ذلك المسير.
آخر في مثله: ولا زال يهدي من الجياد المسوّمة أصائلها، ويتحف مما يحييه عند الوفادة عليه صاهلها، ويقابل أكرم غرّة، الخير معقود بناصيتها واليمن يقابلها، ويمتّع بأعزّ جواد حلية الشّفق دون إهابه إذ يماثلها، وسرعة البرق خفّته إذ يساجلها.