الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
4-
قصة يونس عليه السلام
1
أرسل الله يونس عليه السلام إلى أهل نينوى من أرض الموصل وكانوا يعبدون الأصنام، فدعاهم لتوحيد الله تعالى ونبذ ما يعبدون من دونه، ولكنهم لم يؤمنوا معه فأخبرهم أن العذاب سيحل بهم ولم يبت معهم بتلك الليلة، وفي الصباح تغشاهم العذاب وبدت بوادره حتى أيقنوا بالهلاك كما هلك من قبلهم ممن كذبوا رسلهم فأخذوا أولادهم ونساءهم ودوابهم وأولادها، ثم صعدوا إلى مرتفع من الأرض وفرقوا بين الأمهات وأولادهن وبين البهائم وصغارها وعجوا إلى الله برفع العذاب عنهم، فاستجاب الله دعاءهم وقبل توبتهم ودفع عنهم العذاب، وكانت هذه هي القرية الوحيدة من بين القرى المهلكة التي نفعها إيمانها بعد استحقاقها العذاب ومعاينته ورفع عنها العذاب لإيمانها، قال تعالى:{فَلَوْلا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلَاّ قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ} 2.
ولما رأى يونس عليه السلام أن العذاب لم يحل بهم قال: ما جربوا علىّ كذبًا، فذهب حتى ركب البحر فاحتبست السفينة لحدث أحدثوه، وكادت الأمواج تقلبها فاقترعوا فيما بينهم على رمي شخص في البحر فقرع يونس فالتقمه الحوت، ولكن معدته لم تهضمه بأمر الله وقدرته فأخذ ينادي في ظلمات بطن الحوت وأعماق البحر بالتوحيد والاعتراف بظلم نفسه وذهابه في البحر بغير أمر الله له، فأمر الله الحوت أن يلقيه على الشاطئ في العراء، قال تعالى:{وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِباً فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لا إِلَهَ إِلَاّ أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنْ الظَّالِمِينَ، فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنْ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ} 3، وقال تعالى: {وَإَنَّ
1 انظر السور التالية: الأنعام 86-87/ يونس 98/ الأنبياء 87-88/ الصافات 139-148/ القلم 48-50.
2 سورة يونس آية 98.
3 سورة الأنيياء 87-88.
يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ، إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ، فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ، فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ، فَلَوْلا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ، لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ، فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ سَقِيمٌ، وَأَنْبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ، وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ، فَآمَنُوا فَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ} 1.
وهكذا نجى الله يونس من بطن الحوت ومن أعماق البحار بتوحيده لربه، وأرسله الله إلى قومه وكانوا أكثر من مائة ألف.
اعلموا أيها المشركون جميعًا أن الله لم يرفع العذاب عن قوم يونس إلا بلجوئهم إلى الله وحده وبراءتهم مما كانوا يعبدون من دونه، فنفعهم إيمانهم، وكذلك كل من وقع في الكربات لا ينجيه إلا رجوعه إلى الله وتوحيده، ففي قصة قوم يونس دليل واضح على وحدانية الله تعالى الذي أنتم به مشركون، فليكن ذلك عبرة لكم وعظة ودافعًا لكم للدخول في دين الله الواحد لا شريك له.
1 سورة الصافات آية 139-148.