المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ معنى لفظ الجلالة "الله" والاشتقاقات التي يرجع إليها - عقيدة التوحيد في القرآن الكريم

[محمد خليل ملكاوي]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌العقيدة ومكانتها

- ‌تمهيد الباب

- ‌تعريف العقيدة

- ‌تعريف العقيدة لغة

- ‌تمهيد

- ‌ تعريف العقيدة شرعًا

- ‌ مصدر العقيدة الإسلامية

- ‌مزايا العقيدة الإسلامية

- ‌مدخل

- ‌ عقيدة واضحة سهلة

- ‌ عقيدة فطرية

- ‌ عقيدة ثابتة محددة

- ‌ عقيدة مبرهنة

- ‌ عقيدة وسط

- ‌أثر العقيدة في سلوك الفرد والمجتمع

- ‌مدخل

- ‌ سلطان العقيدة على النفوس

- ‌ حالة العرب قبل الإسلام

- ‌ أثر هذه العقيدة في سلوك الفرد

- ‌ أثر العقيدة في سلوك المجتمع

- ‌ أمثلة لآثار العقيدة

- ‌ثبات عقيدة التوحيد وأنها أصل الرسالات

- ‌مدخل

- ‌مذاهب التطوريين والرد عليها

- ‌مدخل

- ‌ المذهب الطبيعي:

- ‌ المذهب الروحي:

- ‌ المذهب التوتمي:

- ‌أسباب القول بفكرة التطور

- ‌مدخل

- ‌ المصدر الأول: الكنيسة:

- ‌ المصدر الثاني: المبشرون:

- ‌ المصدر الثالث: الكتاب المعاصرون:

- ‌ بيان أسباب خطئهم في المنهاج الذي سلكوه

- ‌ الرد الإجمالي على نظرية التطور

- ‌حقيقة التوحيد

- ‌تمهيد الباب

- ‌معنى كلمة الإله، الرب، الدين، العبادة

- ‌مدخل

- ‌ معنى كلمة "الإله

- ‌تمهيد:

- ‌الله" علم على الذات الواجب الوجود

- ‌ أصل لفظ الجلالة "الله

- ‌ معنى لفظ الجلالة "الله" والاشتقاقات التي يرجع إليها

- ‌ سبب تسمية الأصنام آلهة

-

- ‌ معنى كلمة "الرب

- ‌الأصل الأول:

- ‌الأصل الثاني:

- ‌الأصل الثالث:

- ‌ معنى كلمة "الدين

- ‌معنى كلمة "العبادة

- ‌معنى كلمة عبد

- ‌ انقسام العبودية إلى عبودية عامة وعبودية خاصة

- ‌ الفرق بين العبودية العامة والخاصة:

- ‌ دعوة الرسل جميعًا إلى عبادة الله:

- ‌ شروط صحة العبادة وأنواعها:

-

- ‌ أنواع التوحيد وفي أيها وقع النزاع بين الرسل وأممهم

- ‌ أقسام التوحيد

- ‌ شبهة المنكرين لهذا التقسيم والرد عليها

- ‌ معاني أنواع التوحيد الثلاثة وكيف يحصل الإشراك بكل نوع منها

- ‌ توحيد الربوبية:

- ‌ توحيد الألوهية:

- ‌ توحيد الأسماء والصفات

- ‌ العلاقة بين أنواع التوحيد

-

- ‌ الضرورة إلى عقيدة التوحيد

- ‌ الحاجة للتوحيد في الآخرة:

- ‌ الحاجة للتوحيد في الدنيا:

- ‌فأما بالنسبة للحياة العامة:

- ‌وأما بالنسبة للمجتمع:

- ‌وأما بالنسبة للفرد:

- ‌المنهج القرآني في تقرير عقيدة التوحيد

- ‌تمهيد الباب

- ‌الفصل الأول: تقرير القرآن للتوحيد بالأدلة الكونية

- ‌تمهيد

- ‌اشتمال الآيات القرآنية الكونية على دليلي الخلق والعناية

- ‌مدخل

- ‌ دليل الخلق

- ‌ شبهة الطبيعة

- ‌ دليل العناية:

- ‌ شبهة المصادفة

- ‌آية السماء والأرض

- ‌ آية الشمس والقمر والليل والنهار

- ‌ آية الرياح والمطر والنبات

- ‌تمهيد

- ‌ الأمثال المضروبة لله ولما يعبد من دونه:

- ‌ المثل المضروب لكلمة التوحيد وكلمة الشرك

- ‌ المثل للحق والباطل

- ‌ أمثلة عجز آلهة المشركين

- ‌الأمثال المضروبة لوصف حالة المشرك والموحد

- ‌ مثل قلب الموحد وقلب المشرك

- ‌ أمثلة وصف حواس الموحد وحواس المشرك

- ‌ مثلان لبيان فساد أعمال المشركين

- ‌الفصل الثالث: تقرير القرآن للتوحيد بالقصص القرآني

- ‌تمهيد

- ‌القسم الأول: قصص أربعة من أولي العزم من الرسل

- ‌ قصة نوح عليه السلام مع قومه

- ‌ قصة إبراهيم عليه السلام مع قومه

- ‌ قصة موسى عليه السلام

- ‌قصى عيسى بن مريم عليهما السلام

- ‌القسم الثاني: قصص رسل من غير أولي العزم

- ‌ قصة هود عليه السلام مع قومه

- ‌ قصة صالح عليه السلام مع قومه

- ‌ قصة شعيب عليه السلام مع قومه

- ‌ قصة يونس عليه السلام

- ‌ قصة يوسف عليه السلام

- ‌قصة سليمان عليه مع بلقيس

- ‌القسم الثالث: قصتان لغير الرسل من الموجودين

- ‌قصة أصحاب الكهف

- ‌ قصة أصحاب الأخدود مع الموحدين

- ‌الفصل الرابع: تقرير القرآن للتوحيد بالتذكير بنعم الله

- ‌تمهيد:

- ‌نعمة الشمس والقمر والليل والنهار

- ‌مدخل

- ‌ نعمة الشمس والقمر:

- ‌ نعمة الليل والنهار:

- ‌نعمة الأرض والجبال

- ‌مدخل

- ‌ نعمة الأرض:

- ‌ نعمة الجبال:

- ‌نعمة البحر

- ‌مدخل

- ‌نعمة تيسير الفلك فيه

- ‌ نعمة استخراج اللحم الطري

- ‌ نعمة استخراج الحلي

- ‌ نعمة عدم اختلاط الماءين المالح والحلو

- ‌نعمة الرياح والمطر والنبات

- ‌مدخل

- ‌ نعمة الرياح:

- ‌ نعمة المطر:

- ‌ نعمة النبات:

- ‌نعمة الأنعام

- ‌مدخل

- ‌ نعمة التذليل:

- ‌ نعمة الركوب والحمل:

- ‌ نعمة الجلد وما فيه من صوف وشعر ووبر:

- ‌ نعمة اللبن:

- ‌ نعمة اللحم:

- ‌ نعمة السمع والبصر:

- ‌ نعمة الأمن

- ‌الفصل الخامس: تقرير القرآن للتوحيد بالأدلة العقلية

- ‌تمهيد:

- ‌المبحث الأول: الكلام على الأدلة العقلية المتعلقة بالله

- ‌ دليل الخلق والملك:

- ‌ دليل عدم فساد الكون

- ‌ دليل نفي الولد عن الله تعالى

- ‌ دليل الرزق:

- ‌ دليل النوائب:

- ‌المبحث الثاني: الكلام على الأدلة العقلية المتعلقة بالأصنام

- ‌ دليل النقص:

- ‌ دليل العجز

- ‌مميزات طريقة القرآن الكريم على طريقة المتكلمين والفلاسفة في تقرير عقيدة التوحيد

- ‌تمهيد الباب

- ‌ميزة طريقة المتكلمين

- ‌مدخل

- ‌ طريقة المتكلمين في الاستدلال على وجود الله

- ‌مميزات طريقة المتكلمين

- ‌مدخل

- ‌جعل المتكلمون هدفهم الأول هو إثبات توحيد الربوبية

- ‌تقديم العقل على الشرع وجنوحهم إلى التأويل وإيجابهم النظر

- ‌ طريقتهم طويلة متعبة

- ‌ بُعد طريقتهم عن التوحيد الحقيقي المبعوث به الرسل:

- ‌ طريقتهم غير عملية ولا تناسب جميع الناس، لاعتمادها على ألفاظ مستوردة:

- ‌ طريقتهم نهايتها الشك والحيرة وندم أصحابها لسلوكها وذمها السلف:

- ‌ مميزات طريقة الفلاسفة

- ‌تمهيد

- ‌ طريقة الفلاسفة في الاستدلال على واجب الوجود

- ‌مميزات طريقة الفلاسفة

- ‌مدخل

- ‌ جواز أن يكون الممكن قديمًا:

- ‌ طريقتهم لا تفيد علمًا ولا عملًا

- ‌ طريقتهم تناقض التوحيد

- ‌طريقتهم غير عملية وليس لها رسالة في الأرض

- ‌ طريقتهم التبس فيها الحق بالباطل

- ‌ مميزات طريقة القرآن الكريم

- ‌تمهيد

- ‌ضم الأدلة إلى بعضها والاستدلال بها كلها

- ‌ الرد على جميع المخالفين

- ‌ مناسبتها لجميع فئات الناس

- ‌ ملاءمتها للفطرة وخلوها من التعقيد

- ‌ طريقة القرآن عملية لا تكتفي بمجرد النظريات والتقريرات

- ‌ طريقة القرآن تنفي الشكوك والشبهات

- ‌طريقة القرآن أصل كل الطرق الصحيحة

- ‌مدخل

- ‌ الأسلوب التلقيني

- ‌ أسلوب الاستفهام الإنكاري

- ‌ أسلوب التكرار

- ‌ أسلوب الترغيب والترهيب

- ‌ أسلوب التحدي والتهكم:

- ‌الخاتمة

- ‌فهرس المراجع

- ‌فهرس الموضوعات

الفصل: ‌ معنى لفظ الجلالة "الله" والاشتقاقات التي يرجع إليها

بلا ريب وهي قديمة، والقديم لا مادة له ولا شيء قبله، ومعنى اشتقاقها أنها ملاقية لمصادرها في اللفظ والمعنى، لا أنها متولدة منه تولد الفرع من أصله، وتسمية النحاة للمصدر المشتق منه أصلًا وفرعًا ليس معناه أن أحدهما تولد من الآخر، وإنما باعتبار أن أحدهما يتضمن الآخر وزيادة؛ لأن معنى الاشتقاق أن ينتظم الصيغتين فصاعدًا معنى واحد1.

ويرد الطبري كذلك فيقول: "فإن قال قائل: فهل لذلك في فعل ويفعل أصل كان منه بناء هذا الاسم؟ قيل: أما سماعًا من العرب فلا ولكن استدلالًا، فإن قال: وما دل على أن الألوهية هي العبادة وأن الإله هو المعبود وأن له أصلًا في فعل ويفعل؟ قيل: لا تمانع بين العرب في الحكم لقول القائل يصف رجلًا بعبادة ويطلب مما عند الله جل ذكره: تأله فلان"2.

1 انظر تيسير العزيز الحميد ص14- وبدائع الفوائد ج1 ص22.

2 تفسير الطبري 1/54.

ص: 75

جـ-‌

‌ معنى لفظ الجلالة "الله" والاشتقاقات التي يرجع إليها

أجمع العلماء على أن الهمزة واللام والهاء أصل واحد في الكلمة1، وقد وردت في كتبهم عدة معاني للفظ الجلالة والأصل الذي اشتق منه نجملها فيما يلي:

1-

قال بعضهم: هو مشتق من ألِهَ يألَهُ على وزن تعب يتعب، أي عبد يعبد

1 قال في المصباح المنير: قال أبو حاتم: وبعض العامة يقول: لا "والله" فيحذف الألف ولا بد من إثباتها في اللفظ، وهذا كما كتبوا الرحمن بغير ألف ولا بد من إثباتها في اللفظ، واسم الله تعالى يجل أن يُنطق به إلا على أجمل الوجوه، قال: وقد وضع بعض الناس بيتًا حذف فيه الألف، فلا جزي خيرًا، وهذا خطأ، ولا يعرف أئمة اللسان هذا الحذف، ويقال في الدعاء:"اللهم، ولاهمّ".

ص: 75

والإلاهة: العبادة، يقال: ألِه الرجل وتأله: إذا تعبد، فالإله: هو المبعود، والتأليه التعبيد، والتأله التعبد والتنسك، ومنه قول رؤبة بن العجاج:

لله در الغانيات المُدَّهِ

سبحن واسترجعن من تألهي

أي من تعبدي، والتأله: التفعل من ألِه يَأْلَهُ، و"أَلِه إِلاهةً" بالكسر و"أُلوهة وأُلوهية" بالضم معناه: عبد عبادة، ومنه قراءة ابن عباس: ويذرك وإلاهتك بكسر الهمزة: أي يترك عبادته.

قال الطبري: "ولاشك أن الإلاهة على ما فسره ابن عباس ومجاهد، مصدر من قول القائل: ألِه اللهَ فلان إلاهةً، كما يقال: عبد الله فلان عبادة وعبر الرؤيا عبارة" فقد بين تفسيرهما: أن أله عبد وأن الإلاهةَ مصدره1.

مما سبق يتبين لنا أن معنى لفظ الجلالة "الله" أنه المقصود بالعبادة، ومنه قول الموحدين لا إله إلا الله: أي لا معبود غير الله، ولفظ إلا في كلمة التوحيد بمعنى غير لا بمعنى الاستثناء2.

فالإله: هو المعبود وهو الله سبحانه، وهو على وزن فِعال بمعنى مفعول مثل كتاب بمعنى مكتوب وبساط بمعنى مبسوط، فالإله إذن على معنى ما روي عن ابن عباس:"هو الذي يألهه كل شيء ويعبده كل خلق، والله ذو الألوهية والمعبودية على خلقه أجمعين"3.

2-

وقال بعضهم: إن اسم الباري سبحانه مأخوذ من أَلِهَ يَأْلَه إذ تحير، وأصله وَلِهَ يَوْلَهُ وَلهًا على وزن تَعِبَ يَتْعَبُ تَعَبًا، والوَلَهُ ذهاب العقل، يقال: رجل واله وامرأة والهة ووالِه وماء مُولَه أو ماء مُولَّه: إذا أرسل في الصحراء، فالله

1 تفسير الطبري 1/54 والمخطوطة السابقة ص 5-6.

2 انظر تفسير القرطبي 1/103.

3 انظر تفسير الطبري 1/54.

ص: 76

سبحانه وتعالى تتحير الألباب والفكر في حقائق صفاته ومعرفته، وعلى هذا فأصل كلمة إله: ولاه وأن الهمزة مبدلة من واو كما أبدلت في إشاح ووشاح وإسادة ووسادة، فأصل الكلمة منتظمة معنى التحير والدهشة، ويقال ألهت على فلان، واشتد جزعي عليه مثل ولهت1، وقد أنكر أبو الحسين ابن فارس هذا المعنى واعتبر أن قولهم في التحير أله يأله ليس من الباب لأن الهمزة واو، وعنده أن الشمس تسمى الإلاهة لأن قوما كانوا يعبدونها ومنه قول شاعرهم:

فبادرنا الإلاهة أن تؤوبا2

3-

وقال بعضهم أن لفظ الجلالة مأخوذ من أله يأله إلى كذا: أي لجأ إليه فيقال: أله الرجل إلى الرجل: إذا فزع إليه من أمر نزل به فألهه أي أجاره، وروي عن الضحاك أنه قال: إنما سمي الله إلها لأن الخلق يتألهون إليه في حوائجهم ويتضرعون إليه عند شدائدهم، وذكر عن الخليل بن أحمد أنه قال: لأن الخلق يألهون إليه "بنصب اللام" ويألهون أيضًا "بكسرها" وهما لغتان3.

فيكون معنى لفظ الجلالة على هذا الإشتقاق هو من يفزع إليه في النوائب لأنه المجير لجميع الخلائق من كل المضار كما قال تعالى: {وَهُوَ يُجِيرُ وَلا يُجَارُ عَلَيْه} 4، وهو وحده المنعم بجميع النعم كما قال تعالى:{وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنْ اللَّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمْ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ} 5، وقوله

1 انظر لسان العرب13/367 والقرطبي 1/103 وابن كثير 1/19.

2 انظر معجم مقاييس اللغة 1/127.

3 انظر تفسير القرطبي 1/103 وتفسير ابن كثير 1/19 والمخطوط السابقة ص5.

4 سورة المؤمنون آية 88.

5 سورة النحل آية 53.

ص: 77

تعالى: {أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ} 1، وهو وحده المطعم الرازق كما قال تعالى:{وَهُوَ يُطْعِمُ وَلا يُطْعَم} 2.

4-

وقال بعضهم بأن لفظ الإله مشتق من "لاه يليه ويلوه لِيهًا" إذا احتجب3 فلفظ الجلالة يتضمن معنى الاحتجاب، كما قال تعالى {لا تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} 4.

5-

وقال الرازي: إنه مشتق من ألِهتُ "إلى فلان" أي سكنت إليه، فالقلوب لا تسكن إلا إلى ذكره، والأرواح لا تفرح إلا بمعرفته، والنفوس لا تطمئن إلا بالتقرب إليه، فكل شيء تخافه فتهرب منه، ومن خاف الله تقرب إليه فيحصل له الاطمئنان والسكون5، قال تعالى:{أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوب} 6.

6-

وقيل: إنه مشتق من "ألِه الرجل إلى الرجل" إذا اتجه إليه لشدة شوقه إليه، ومنه "ألِه الفصيل بأمه" إذا أولع بأمه، وعلى هذا فيكون لفظ الجلالة متضمنًا لمعنى أن العباد يتوجهون إليه وحده سبحانه وتعالى، والمعنى كما قال ابن كثير: إن العباد مألوهون: أي مولعون بالتضرع إليه في كل الأحوال، لقوله تعالى:{وَإِذَا مَسَّكُمْ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَاّ إِيَّاهُ} 7 8.

1 سورة النمل آية 62.

2 سورة الأنعام آية 14.

3 انظر تفسير ابن كثير 1/19.

4 سورة الأنعام آية 103.

5 انظر تفسير ابن كثير 1/19.

6 سورة الرعد آية 28.

7 انظر تفسير ابن كثير 1/19.

8 سورة الإسراء آية 67.

ص: 78

7-

وقيل: إنه مشتق من الارتفاع، فكانت العرب تقول لكل شيء مرتفع: لاها، وإذا طلعت الشمس يقولون: لاهت1، وعلى هذا يتضمن لفظ الجلالة معنى العلو والارتفاع.

وقد رجح جماعة من العلماء القول الأول وأن لفظ الجلالة "الله" مشتق من ألِه يألَه إذا عبد، فهو إله بمعنى مألوه أي معبود، وكل الاشتقاقات والمعاني الأخرى تدخل تحت هذا المعنى الأول، فهو متضمن لها.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:

"إذ الإله هو الذي يُؤْله فيعبد محبة وإنابة وإجلالًا وإكرامًا، فالإله من يستحق أن يألهه العباد ويدخل فيه حبه وخوفه، فما كان من توابع الألوهية فهو حق الله محض"2.

وفي معرض الرد على من زعم أن الإله بمعنى الفاعل، فهو القادر على الاختراع، والإلهية هي القدرة، يقول رحمه الله:

"والإله" هو المألوه أي المستحق لأن يُؤْله أي يعبد، ولا يستحق أن يؤله ويعبد إلا الله وحده، وكل معبود سواه من لدن عرشه إلى قرار أرضه باطل.. وقد غلط طائفة من أهل الكلام فظنوا أن الإله بمعنى الفاعل وجعلوا الإلهية هي القدرة والربوبية، فالإله هو القادر وهو الرب، وجعلوا العباد مألوهين كما أنهم مربوبون، يقول ابن عربي:

الأعيان ثابتة في العدم ووجود الحق فاض عليها، فلهذا قال: فنحن جعلناه بمألوهيتنا إلهًا، فزعم أن المخلوقات جعلت إلهًا لها حيث كانوا مألوهين،

1 انظر تفسير القرطبي 1/103.

2 الفتاوى 1/22.

ص: 79