الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لا يحصى، وبسكونه دائمًا أو قبضه دفعة واحدة تتعطل المرافق والمصالح1.
1 انظر تفسير الطبري 11/140 و13/226 و19/19 وتفسير ابن كثير 2/424 وص 539 و4/86 والتفسير القيم ص 391.
ب-
نعمة الليل والنهار:
قال تعالى: {فَالِقُ الإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَناً} 1، وقال تعالى:{هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِراً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ، قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً سُبْحَانَهُ هُوَ الْغَنِيُّ لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ إِنْ عِنْدَكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ بِهَذَا أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُون} 2، وقال تعالى:{وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُوراً} 3، وقال تعالى:{قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَداً إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيَاءٍ أَفَلا تَسْمَعُونَ، قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَداً إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلا تُبْصِرُونَ، وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمْ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} 4، وقال تعالى:{اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِراً إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَشْكُرُونَ، ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ لا إِلَهَ إِلَاّ هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ} 5.
هذه الآيات تتحدث عن نعمة الليل والنهار لما في ذلك من مصالح للعباد ولأن النهار للعمل وفيه التعب، والليل للنوم وفيه الراحة؛ وذلك لأن الليل إذا تغشى الكائنات وسكنت فيه الأشياء يستريح البدن، فخلقُ الله لهذه الأشياء المتضادة المختلفة مع ما فيها من نعمة جسمية على الكائنات دليلٌ على وحدانيته تعالى؛ لأنه وحده الذي جعل الليل سكنًا أي ساجيًا مظلمًا لتسكن فيه الأشياء، وهذا معنى قوله تعالى:{وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتاً، وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاساً، وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشاً} 6، أي
1 سورة الأنعام آية 96.
2 سورة يونس آية 67-68.
3 سورة الفرقان آية 62.
4 سورة القصص آية 71-73.
5 سورة غافر آية 61-62.
6 سورة النبأ آية 9-11.
قاطعًا للحركة لنسكن مما كنا فيه من تعب التصرف والحركة للمعاش نهارًا.
ولو شاء الله بقاء الليل دائمًا أو بقاء النهار دائمًا لفعل، وليس هناك من يستطيع الإتيان بأحدهما، ولذلك قال:{وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُون} أي تشكرون الله على مخالفته بين الليل والنهار فتوحدوه وتعبدوه، يقول الطبري: "أفلا ترون بأبصاركم اختلاف الليل والنهار عليكم رحمة من الله بكم وحجة منه عليكم فتعلموا بذلك أن العبادة لا تصلح إلا لمن أنعم عليكم بذلك دون غيره ولمن له القدرة التي خالف بها بين ذلك
…
فعل ذلك بكم لتفردوه بالشكر وتخلصوا له الحمد لأنه لم يشركه في إنعامه عليكم بذلك شريك؛ فلذلك ينبغي أن لا يكون له شريك في الحمد عليه"1 انتهى باختصار.
هذه النعم توجب على الإنسان أن يشكر المنعم ويوحده ويعبده، وصرف العبادة للأصنام جحود بنعمة الله وكفر به، ففي آية سورة غافر يقول تعالى بعد ذكر نعمته على الناس:{وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَشْكُرُونَ، ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ لا إِلَهَ إِلَاّ هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ} 2، فأخبر تعالى أن أكثر الناس لا يقومون بشكر نعم الله عليهم والاعتراف بوحدانيته الذي هو المقصود الأعظم من التذكير بالنعم لقوله تعالى:{ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُم} أي الذي فعل هذه الأشياء وأنعم بها هو الله الواحد الأحد الذي لا إله غيره ولا رب سواه، فكيف تعبدون الأصنام التي لا تنعم عليكم3.
1 تفسير الطبري 20/103-104 وانظر تفسير ابن كثير 3/398.
2 سورة غافر آية 62.
3 انظر تفسير الطبري 7/143 وص 283 و14/87 و15/48 و18/20 و19/20 وص32 وانظر تفسير ابن كثير 2/123 وص 158 وص 564 و3/26 وص 320 وص377 و4/86 وانظر تفسير الكشاف 2/244 وانظر التفسير القيم لابن القيم ص391 ومفتاح دار السعادة لابن القيم 1/203- 210.