الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومعنى مألوهين عنده مربوبين، وكونهم مألوهين حيث كانت أعيانهم ثابتة في العدم، وفي كلامهم من هذا وأمثاله مما فيه تنقص بالربوبية ما لا يحصى"1.
وقال كذلك: "وليس المراد بالإله هو القادر على الاختراع، كما ظنه من ظنه من أئمة المتكلمين، حيث ظن أن الإلهية هي القدرة على الاختراع دون غيره، وأن من أقر بأن الله هو القادر على الاختراع فقد شهد بأن لا إله إلا هو، فإن المشركين كانوا يقرون بهذا وهم مشركون
…
بل الإله الحق هو الذي يستحق أن يعبد، فهو إله بمعنى مألوه.. والتوحيد أن يعبد الله وحده لا شريك له، والإشراك أن يجعل مع الله إلهًا آخر"2.
1 الفتاوى 13/203.
2 الفتاوى 3/101.
د-
سبب تسمية الأصنام آلهة
قلنا: إن لفظ الجلالة "الله" أصله "إله" فحذفت همزته وأدخل عليه الألف واللام فخص بالباري تعالى ولاختصاصه به سبحانه قال تعالى: {هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّا} 1، ولفظ الإله اسم من أسماء الأجناس كالرجل والفرس، فهو اسم يقع على كل معبود بحق أو باطل ثم غلب على المعبود بحق، كما أن النجم اسم لكل كوكب ثم غلب على الثريا، وكذلك السنة اسم لكل عام ثم غلبت على عام القحط، وغلب اسم البيت على الكعبة2، فكل ما اتخذه المشركون معبودًا من دون الله، فهو إله عندهم وجمعه آلهة، والآلهة الأصنام سميت بذلك لاعتقاد المشركين أنها تستحق العبادة، وأسماؤها تتبع اعتقاداتهم فيها لا ما هي عليه في نفس الأمر وحقيقته3، فكون هذه الأصنام أُطلق عليها اسم الآلهة، وعبدت من دون الله عز وجل، لا
1 سورة مريم آية 65.
2 انظر الكشاف 1/36.
3 انظر لسان العرب 13/467.
يغير من حقيقتها شيئًا وأنها مخلوقة، ولا تكون آلهة حقيقة لأن الإله الحق لا يكون معبودًا بحق حتى يكون لعابده خالقًا ورازقًا ومدبرًا له، وعليه مقتدرًا، فمن لم يكن كذلك كالأصنام وغيرها فليس بإله على الحقيقة، وإطلاقهم اسم الآلهة عليها، إنما هو من حيث المعاني والاعتقادات، ومن حيث أنهم خصوها ببعض صور العبادة التي هي حق الله تعالى، ومن حيث أنهم كانوا يرجون شفاعتها ويعتقدون فيها النفع والضر كما قال تعالى عنهم:{مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَاّ لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} 1.. وغير ذلك مما كان من توابع الألوهية وهو حق محض لله تعالى، لأنه هو سبحانه المستحق لجميع صفات الكمال والمنزه عن جميع صفات النقص، فلا يستحق أن يكون معبودًا محبوبًا لذاته إلا هو تعالى، فعبادة غيره وحب غيره موجب للفساد كما قال تعالى:{لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَاّ اللَّهُ لَفَسَدَتَا} 2 3.
يقول ابن القيم رحمه الله حول قوله تعالى: {مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَاّ أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُم} 4:
"ولكن من أجل أنهم نحلوها أسماء باطلة كاللات والعزى وهي مجرد أسماء كاذبة باطلة لا مسمى لها في الحقيقة، فإنهم سموها آلهة وعبدوها لاعتقادهم حقيقة الإلهية لها، وليس لها من الإلهية إلا مجرد الأسماء لا حقيقة المسمى، فما عبدوا إلا أسماء لا حقائق لمسمياتها، وهذا كمن سمى قشور البصل لحمًا وأكلها فيقال: ما أكلت من اللحم إلا اسمه لا مسماه، وكمن سمى التراب خبزًا وأكله فيقال:
1 سورة الزمر آية 3.
2 سورة الأنبياء آية 22.
3 انظر لسان العرب 13/467 والتنبيهات السنية ص4
4 سورة يوسف آية 40.