الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
اشتمال الآيات القرآنية الكونية على دليلي الخلق والعناية
مدخل
…
أ- اشتمال الآيات القرآنية الكونية على دليل الخلق والعناية
إذا نظرنا إلى الآيات القرآنية الكونية نرى أنها تنبه إلى دليلي الخلق والعناية في الكون، وهما دليلا الشرع، وقد يكون الدليلان معًا في الآية الواحدة، فآيات القرآن:
أ- إما أن تتضمن التنبيه على دليل الاختراع.
ب- وإما أن تتضمن التنبيه على دليل العناية.
جـ- وإما أن تتضمن التنبيه على الدليلين السابقين معًا1.
وهذان الدليلان ترد عليهما شبهتا الطبيعة والصدفة، وفيما يلي بيان كل دليل ورد الشبهة الواردة عليه.
1، 2 انظر تلبيس الجهمية 1/173 وانظر مناهج الجدل ص 136- 137.
1-
دليل الخلق
ويسمى دليل الإبداع أو الاختراع وهو مبني على أصلين:
أ- أن الموجودات مخترعة.
ب- كل مخترَع لا بد له من مخترع1.
ويعتمد هذا الدليل على إثارة الفكر للتعرف على خالق الموجودات جميعها والاستدلال بذلك على وحدانيته تعالى، وهو أول دليل تلفت الآيات النظر إليه، كقوله تعالى:{وَقَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً سُبْحَانَهُ بَلْ لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ، بَدِيعُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَإِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} 2، وقوله
1 انظر تلبيس الجهمية 1/173 وانظر مناهج الجدل ص 136- 137.
2 سورة البقرة آية 116- 117.
وملخص هذا الدليل أن كل ما في الكون مخلوق، والمخلوق لا بد له من خالق؛ لأنه يستحيل أن يكون خُلق من غير خالق، ولهذا كان كل رسول يقول لقومه:{أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ} 2.
وقد كان المشركون يؤمنون بهذا الدليل من حيث دلالته على توحيد الربوبية ولا يؤمنون بدلالته على توحيد الألوهية. قال تعالى عنهم: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ} 3.
وقد أقام القرآن الحجة عليه بهذا التوحيد توحيد الربوبية ليكون موصلًا لهم لتوحيد الألوهية، حيث يقول تعالى:{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} 5، وقال تعالى:{رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لا إِلَهَ إِلَاّ هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلاً} 6، والمعنى: كما أنه المتفرد بربوبية المشرق والمغرب وربوبية السموات والأرض وليس لذلك رب سواه، فكذلك ينبغي أن لا يُتخذ إلهٌ سواه7.
1 سورة الجاثية آية 3-4.
2 سورة إبراهيم آية 10.
3 سورة العنكبوت آية 61.
4 سورة العنكبوت آية 63.
5 سورة البقرة آية 21.
6 سورة المزمل آية 9.
7 انظر التبيان لابن القيم ص142.