الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تعريف العقيدة
تعريف العقيدة لغة
تمهيد
…
الفصل الأول: تعريف العقيدة
تمهيد
اعتمدت في هذا الفصل على كتب اللغة وغيرها من الكتب العلمية لتعريف العقيدة لغة وشرعًا.
أ- تعريف العقيدة لغة
كلمة العقيدة في اللغة مأخوذة من العقد، وهو نقيض الحل، وهو يدل على الشدة والوثوق، ومنه: عقد الشيء يعقده عقدا وانعقد وتعقد، والمعاقد: هي مواضع العقد، والعقدة: القلادة، والعقد: الخيط ينظم فيه الخرز وجمعه عقود، ويقال: اعتقد الدر والخرز وغيره وغيره: إذا اتخذ منه عقدا، وعقدت الحبل اعقده عقدا وقد انعقد، ومعقد الحبل مثل مجلس، وهو موضع عقده يقال له: عقده، وجمعها عقد، لأنها تمسكه وتوثقه، ومنه قوله تعالى:{وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَد} 1: أي السواحر اللاتي يعقدن الخيوط وينفثن فيها2.
هذا هو أصل العقد: وهو أنه نقيض الحل، وهو وصل الشيء بغيره كما تعقد الحبل بالحبل، ثم استعمل في جميع أنواع العقود في المعاني والأجسام3، فمن
1 سورة الفلق آية 4.
2 انظر معجم مقاييس اللغة 4/87 ولسان العرب 3/413.
3 انظر الآية الأولى من سورة المائدة بتفسير القرطبي 6/31 والبحر المحيط 3/409.
استعمالاته في المعاني أن يقال: عقد العهد واليمين يعقدهما عقدا وعقدهما: أي أكدهما، ومنه قوله تعالى:{وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُم} 1 وقرئ بالتشديد ومعناه التوكيد والتغليظ كقوله تعالى: {وَلا تَنقُضُوا الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا} 2، ومنه قول الحطيئة:
قوم إذا عقدوا عقدا لجارهم
…
شدوا العناج وشدوا فوقه الكربا3
فجعلوا العناج والكرب مثلين لتأكيد الوفاء بالعهد4.
والمعاقدة: المعاهدة، وفي قراءة ابن عباس:{وَالَّذِينَ عَاقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ} 5، وكقوله تعالى:{وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمْ الأَيْمَان} 6، ويجوز أن تقرأ بالتخفيف.
ثم أطلق العقد على العهد وجمعه عقود، وهي أوكد العهود، قال تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} 7، فإذا قلت: عاقدت فلانا وعقدت عليه، فتأويله: عاهدته وألزمته ذلك باستيثاق.
كذلك استعمل العقد في البيع والنكاح وغيره فيقال: عقد البيع وعقد النكاح، وعقدته: أي إبرامه وإحكامه ووجوبه، ومنه: اعتقد الأمر: أي صدقه، واعتقد
1 سورة النساء آية 33.
2 سورة النحل آية 91.
3 العناج خيط أو سير يشد في أسفل الدلو ثم في عروقها أو في إحدى آذانها، فإذا انقطع الحبل أمسك العناج الدلو أن تقع في البئر، والكرب: حبل يشد على عراقي الدلو ثم يثنى ثم يثلث والجمع أكراب.
4 انظر تفسير الطبري 6/27.
5 سورة النساء آية 33.
6 سورة المائدة آية 89.
7 سورة المائدة آية 1.
الأخاء: ثبت، واعتقد كذا: عقدت عليه القلب والضمير، حتى قيل: العقيدة: هي ما يدين الإنسان به1.
ومن استعمالاته في الأجسام كأن نقول: اعتقد الشيء: أي صلب، وعقد العسل: أي اشتد، وإذا أطبق الوادي على قوم فأهلهكهم يقال: عقد عليهم، وعقد الحبل أو الخيط: إذا شده.
إذن فلفظ العقد أصل وضعه: نقيض الحل، قال في تاج العروس عند لفظ عقد:"والذي صرح به أئمة الاشتقاق: أن أصل العقد نقيض الحل، ثم استعمل في جميع أنواع العقود في البيوعات وغيرها، ثم استعمل في التصميم والاعتقاد الجازم".
والمعتقد: مصدر ميمي بمعنى الاعتقاد: أي ما يعتقده الإنسان.
بناء على ما تقدم في كلمة عقد واشتقاقها، يتبين لنا أن كلمة العقيدة لغة: فعيلة، من عقد بمعنى معقودة "أي بمعنى اسم المفعول" فهي تطلق لغة على الأمر الذي يعتقده الإنسان ويعقد عليه قلبه وضميره، بحيث يصير عنده حكمًا لا يقبل الشك فيه لدى معتقده، فاعتقد كذا بقلبه: أي صار له عقيدة؛ لأنه لما كان العقد لغة: هو الجمع بين أطراف الشيء، فكأن المعتقد قد جمع أطراف قلبه وعقد ضميره على معتقده فأحكم وثاقه بالأدلة القاطعة لديه والبراهين التي قامت على معتقده حتى يكون لانعقاد القلب عليه أثر ظاهر من الإذعان والخضوع له، فأشبهت العقيدة العهد المشدود والعروة الوثقى لاستقرارها في القلب ورسوخها في الأعماق2.
1 انظر معجم مقاييس اللغة 88/4 والمصباح المنير 2/ 71.
2 انظر المصباح المينر 2/ 71.