الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وتضرب بسهولة لتقينا الحر والقر، وكذلك أن نتخذ من صوف الغنم وشعر المعز ووبر الإبل الأثاث والمتاع والثياب والبسط والحبال وغيرها من الأمتعة، كآنية الماء واللبن المتخذة من الجلود وكثير من الصناعات لا تقوم إلا على جلود الأنعام وما فيها.
د-
نعمة اللبن:
قال تعالى: {وَإِنَّ لَكُمْ فِي الأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ مِنَ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَناً خَالِصاً سَائِغاً لِلشَّارِبِينَ} 1 وقال تعالى: {وَلَهُمْ فِيهَا مَنَافِعُ وَمَشَارِبُ أَفَلا يَشْكُرُون} 3.
اللبن نعمة لا توصف على هذه البشرية؛ لأن مصالح العباد كلهم قائمة عليه في معظم وجباتهم الغذائية وخاصة الصغار، وهذا اللبن يخرج من بطون الأنعام من بين الفرث والدم خالصًا بياضه وطعمه وحلاوته، فانظر كيف يكون الطعام في المعدة، فإذا نضج ذهب أقسامًا للدم والعظم واللحم، وقسم يصير لبنًا والباقي فضلات من روث وبول، ولا يمتزج قسم بآخر ولا يتغير به فيخرج اللبن خالصًا سائغًا للشاربين لا يغص به أحد.
1 سورة النحل آية 66.
2 سورة المؤمنون آية 21.
3 سورة يس آية 73.
هـ-
نعمة اللحم:
قال تعالى: {وَمِنْهَا تَأْكُلُون} 1، وقال تعالى:{وَمِنْهَا يَأْكُلُون} 2 هذه النعمة
1 سورة المؤمنون آية 21.
2 سورة يس آية 72.
خاتمة النعم في الأنعام، فرغم تعدد منافع الأنعام في حياتهم فهي كذلك يؤكل لحمها وهو أعلى أنواع الأطعمة، وعليه اعتماد كبير في حياة الناس، بل إن شعوبًا كثيرة تعيش على الرعي والتجارة بالأنعام اللاحمة.
ومما سبق يتبين لنا أن هذه النعم الكثيرة في الأنعام تستحق الشكر لله والاعتراف بوحدانيته وإفراده بالعبادة وإخلاص الطاعة له، وهذا هو المقصود الأعظم من التركيز بهذه النعم الجليلة، لذلك نجد في الآيات دعوة لشكر الله وعدم اتباع خطوات الشيطان، يقول تعالى:{وَمِنَ الأَنْعَامِ حَمُولَةً وَفَرْشاً كُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمْ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ} 1.
والحمل: كل ما يحمل عليه كالإبل والخيل والبغال والحمير، والفرش تطلق على الغنم لدنوه من الأرض، وقد تطلق على كل ما يؤكل ويحلب2 - إن الله يدعونا للاستفادة من هذه الأنعام وعدم اتباع خطوات الشيطان الآمر بالجحود وكفر النعمة والشرك بالله.
وكذلك بعد ذكر نعمة الأنعام في سورة النحل يقول تعالى: {كَذَلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُون} 3 ويقول تعالى: {يَعْرِفُونَ نِعْمَةَ اللَّهِ ثُمَّ يُنكِرُونَهَا وَأَكْثَرُهُمُ الْكَافِرُونَ} 4، فمقابل هذه النعم يجب على العباد الإسلام لله وحده والدخول في دينه وعبادته وحده لا شريك له، وذم الله الذين يكفرون بعد تعريفهم نعمه.
وكذلك يقول تعالى بعد ذكره نعمة الأنعام في سورة الزخرف: {وَجَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبَادِهِ جُزْءًا إِنَّ الإِنسَانَ لَكَفُورٌ مُبِينٌ} 5، أي قابلوا هذه النعم بالكفر لها وجحودها
1 سورة الأنعام آية 142.
2 انظر تفسير الطبري 8/62 وتفسير ابن كثير 2/182.
3 سورة النحل آية 81.
4 سورة النحل آية 83.
5 سورة الزخرف آية 15.
ونسبة الولد إلى الله، وكان الواجب عليهم تجاه هذه النعم أن يشكروا الله ويوحدوه ويعبدوه ولا يشركوا به شيئًا.
يقول الطبري في تفسيره لقوله تعالى في سورة النحل: {يَعْرِفُونَ نِعْمَةَ اللَّهِ ثُمَّ يُنكِرُونَهَا وَأَكْثَرُهُمُ الْكَافِرُون} 1: "وإن الله جل ثناوءه إنما عرف عباده بهذه الآية وسائر ما في أوائل هذه السورة نعمته عليهم ونبههم به على حججه عليهم وأدلته على وحدانيته وخطأ فعل من يشرك به من أهل الشرك"2.
وقال ابن كثير في تفسيره لقوله تعالى في سورة يس بعد ذكر نعمة الأنعام: {أَفَلا يَشْكُرُون} 3، قال:"أفلا يوحدون خالق ذلك ومسخره ولا يشركون به غيره"4.
وقد بسط ابن القيم رحمه الله الكلام على نعمة الأنعام في مفتاح دار السعادة تركنا ذكره اختصارًا فليرجع إليه ج 1/234-251.
1 سورة النحل آية 83.
2 تفسير الطبري 14/81 وانظر كذلك 8/81 و14/131 وص153 و18/15.
3 سورة يس آية 73.
4 تفسير ابن كثير 3/580 وانظر كذلك 2/562 وص580 و4/89 وص123.