الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الخاتمة
وفيها خلاصة البحث
يتبين لنا مما تقدم من أبواب هذا البحث وفصوله ما يلي:-
أولًا: أن العقيدة هي ما يدين الإنسان به، وأن مصدر هذه العقيدة عند السلف هو الكتاب والسنة فهي توقيفية، وأن هذه العقيدة واضحة سهلة فطرية ثابتة لا تتغير مع الزمان، وهي وسط بين التفريط والإفراط في كل شيء.
ثانيًا: أن سلطان العقيدة على النفوس أقوى من سلطان القانون، وبهذه العقيدة يتغير مجرى الحياة كاملًا نحو الأفضل في كل شيء.
وأن هذه العقيدة تهب صاحبها العزة وقبول حكم الله في كل شيء، ويكون صاحب العقيدة نشيطًا منتجًا وعنده إيثار وتضحية وشجاعة وسعة النظر ووضوح الهدف، والعقيدة تجعل الضمير يقظًا حيًّا وصاحبها مطمئن البال مستريح الفكر غير قلق على المستقبل وعنده قيم وموازين ثابتة، فهو يعادي في الله ويحب في الله ويتوازن فيه الروح والعقل والجسم فلا يطغى بجانب على جانب، وأن المجتمع الذي ينتمي لهذه العقيدة مجتمع يعتز بأصله الأصيل العريق في التاريخ حيث ينتمي لأمة الرسل جميعًا وهو مجتمع يتلقى الأوامر للتنفيذ العملي ويرى على عاتقه واجب إنقاذ البشرية من ضلالها.
ومجتمع العقيدة مجتمع يستوي أفراده، وفيه عدل وإخاء، وهو مجتمع قوي ومتماسك وتقوم الروابط بين أفراده على أساس العقيدة.
ثالثًا: أن هذه العقيدة ثابتة لا تتطور وأن القائلين بفكرة تطور العقيدة أعداء لدين التوحيد، وهم إما مغرورون أو مدفوعون بدوافع الحقد على الإسلام وأهله.
رابعًا: أن معنى كلمة الإله هو المعبود، ومعنى كلمة الرب هو المدبر المتصرف، وأن معنى كلمة الدين هو القهر والطاعة والانقياد والجزاء والمحاسبة، ومعنى كلمة العبادة هو الخضوع والذل.
خامسًا: أن التوحيد ينقسم إلى ثلاثة أقسام وهي توحيد الربوبية والألوهية وتوحيد الأسماء والصفات.
وأن الرسل بعثوا لدعوة أقوامهم لتوحيد الألوهية؛ لأن توحيد الربوبية مستقر في الفطر ولا ينجي من النار ولا يدخل في الجنة.
سادسًا: أن عقيدة التوحيد ضرورية لاستقامة الحياة البشرية وصلاحها وبدونها تصبح الحياة فوضى لا معنى لها وجاهلية عمياء، وأنه لا نجاة في الآخرة إلا بالتوحيد.
سابعًا: أن القرآن وجّه النظر إلى الأدلة الكونية الدالة على وحدانية الله تعالى مشيرًا بذلك إلى دليل الخلق والعناية، وأن القائلين بالصدفة والطبيعة قولهم هذا لا يستند إلى دليل ولا برهان.
ثامنًا: أن القرآن ضرب الأمثال في دعوته إلى التوحيد لما فيها من تقريب البعيد والغامض للأذهان وإظهاره بصورة المحسوس.
تاسعًا: أن القرآن دعا للتوحيد عن طريق القصص القرآنية التي تثني على
الموحدين وتبين إنجاء الله لهم من عدوهم على قلتهم وتدمير الله للكفرة أعداء التوحيد على كثرتهم.
عاشرًا: أن القرآن دعا للتوحيد بالتذكير بنعم الله تعالى التي لا تعد ولا تحصى؛ لأن ذا العقل السليم لا يرضى أن يعبد ويشكر غير المنعم.
حادي عشر: أن القرآن استعمل الأدلة العقلية في دعوته للتوحيد، وأن دلالة القرآن سمعية عقلية ويخطئ من يظن أنه ليس في القرآن أدلة عقلية.
ثاني عشر: أن المتكلمين ركزوا على توحيد الربوبية الذي فطر عليه الناس وأتعبوا أنفسهم في الاستدلال على ذلك بطريق حدوث الأعراض والتي تمتاز بتقديمها للعقل على الشرع وهي طويلة متعبة غير عملية وتؤدي إلى الشك والحيرة.
ثالث عشر: أن الفلاسفة ركزوا على إثبات واجب الوجود الذي هو توحيد الربوبية واستدلوا بطريقة الإمكان والوجوب والتي لها مخاطر عظيمة، فكان إثباتهم بذلك لوجود مطلق لا يدل على الله بعينه، وتمتاز طريقتهم بجواز أن يكون الممكن قديمًا وأنها تخمينية لا يقينية وتناقض التوحيد، وليس لها رسالة في الأرض، والتبس فيها الحق بالباطل.
رابع عشر: أن طريقة القرآن تخالف الطريقتين السابقتين، لأنها ليست بشرية ولا خاضعة لهوى من الأهواء، وأنها تمتاز بتركيزها على توحيد الألوهية الذي بعث الله به رسله وأنزل به كتبه وفرضه على عباده، وتمتاز بمناسبتها لجميع الناس وخلوها من التعقيد لفطريتها، وهي كذلك عملية لا تكتفي بمجرد النظريات، وأنها تنفي الشكوك والشبهات لإتيانها بمعانٍ صحيحة ثابتة، وهي أصل كل الطرق الصحيحة.
وصلى الله على النبي الأمي محمد وعلى آله وصحبه وسلم.