الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولا ينبغي أن يفهم من تقرير هذه الفكرة أننا بذلك نريد إزالة بعض ما هو من الشريعة، بل الحقيقة أننا نريد أن نزيل من الشريعة الإسلامية ما ليس منها، ولا ينبغي أن نغفل أخيرًا خطورة هذا الموضوع إذ إنه -إذا ترك فوضى بدون قيد أو شرط- قد يفتح أمام المنحرفين بابًا لإلغاء حكم بعض الأحاديث المتعلقة بجانب التشريع بدعوى أنها ليس منه، ولذا ينبغي أن نكون على حذر تام عند تحديد وبيان كل نوع من هذين النوعين من الأحاديث.
سادسًا:
التحقق من صدق النصوص الإسلامية التي نعتمد عليها في تقرير الأفكار
.
وأقصد من النصوص هنا بصفة خاصة الأحاديث النبوية، ذلك أن ما يخطئ فيه كثير من الدارسين أنهم ينقلون نصوصًا من هذا النوع دون التحقق من صدقها وصحتها ويستخدمونها لمجرد أنها تخدم أغراضهم؛ أو لأن أحدًا من كبار الأئمة ذكرها في أحد مؤلفاته واستخدمها لغرض ما، ويغفلون أن بعض هؤلاء الأئمة قد وقعوا في الخطأ نفسه، ونذكر منهم على سبيل المثال الإمام الغزالي وابن عربي، فإن الغزالي مثلا يذكر بعض الأحاديث الضعيفة والموضوعة أحيانًا في مؤلفاته، وكذلك ابن عربي فإنه على سبيل المثال قد ذكر كثيرًا من أحاديث أربعين الودعانية، وقد ذكر مخرجو الأحاديث أمثال السيوطي والصنعاني1 والمزني والفتني أن أحاديث الكتاب المذكور موضوعة سرقها ابن ودعان من واضعها زيد بن رفاعة، ويقولون أيضًا: إن كثيرًا من أحاديث أبي سعيد الخاصة بالوصية لعلي ولأبي هريرة موضوعة2 وقد استخدم ابن عربي بعض تلك
1 الصنعاني: هو رضي الدين الحسن بن محمد بن الحسن الصنعاني.
2 تذكرة الموضوعات للعلامة محمد طاهر بن على الهندي الفتني ص8.
الأحاديث في كتاب الوصايا في الجزء الرابع من الفتوحات.
وفي هذا الصدد أصرح وأقول: إنني لم أنقل حديثًا ولم أستخدمه في هذا الكتاب دون البحث والتخريج، وقد استعنت في ذلك بتخريج الحافظ العراقي لأحاديث إحياء علوم الدين والإمام السيوطي في اللآلئ المصنوعة في الأحاديث الموضوعة والفتني في تذكرة الموضوعات وغير هؤلاء من المحدثين، فما قال أحد من هؤلاء: إنه حديث موضوع أو ضعيف لم آخذ به وكان رعايتي في ذلك لصحة المتن أكثر من رعايتي لصحة السند.
ولا أريد هنا أن يفوتني التذكير بأنني لا أريد بهذا النقد التنقيص من قيمة رجالنا أو إساءة الظن بهم وإزالة الثقة عنهم، وإنما كل ما أريده هو عدم الاعتماد عليهم كلية في نقل الأحاديث وصحتها، وألا نتخذ آراءهم في ذلك واستخدامهم لها حجة ومعيارًا للصدق والصحة، حتى نستطيع أن نتجنب الأخطاء التي وقعوا فيها.
وهكذا نستطيع أن نقدم الفلسفة الإسلامية الخالصة وأن نعالح مشكلاتنا المعاصرة عن طريق هذه الفلسفة التي نريد لها أن تسهم في حل مشكلاتنا خاصة والمشكلات الإنسانية عامة، وعند ذلك نكون قد خدمنا الإسلام وخدمنا مجتمعنا الإسلامي بوجه خاص والمجتمعات الإنسانية بوجه عام، ولهذا كله قلت: لا بد من أن يكون الإسلام هو البداية وهو النهاية في الوقت نفسه.
هذا هو منهجنا بإيجاز في تقديم التفكير الإسلامي في المجالات المختلفة، يبدو هذا المنهج لأول وهلة غير ذي أهمية إذا لم يمعن المرء النظر والفكر فيه، إلا أن له في نظري أهمية كبيرة؛ لأنه يؤدي عند التطبيق إلى نتائج عظيمة القيمة في