الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثانيا:
خصائص الجزاءات الأخلاقية الإسلامية
وأخيرا يمكننا أن نستخلص الخصائص الأخلاقية الإسلامية المتعلقة بالجزاء في النقط الآتية:
1-
إن الإسلام ربط الأخلاق بالجزاء ربطا لا انفصام له، سواء كان هذا الجزاء عاجلا أو آجلا، فالجزاء نتيجة تنتجها الأخلاق كما تنتج الشجرة الثمرة.
وربط الأخلاق بالجزاء أمر ضروري؛ لأنه يزيد قيمة الأخلاق كما تزيد قيمة الشجرة ثمرتها.
وبذلك اختلفت الأخلاق الإسلامية عن الأخلاق الكانطية التي لا تربط الأخلاق بالجزاء والمكافأة، والأخلاق من غير جزاء ومكافأة جافة لا طعم فيها أو قليلة الفائدة وناقصة القيمة.
2-
إن الإسلام راعى في الجزاء الأخلاقي الطبيعة الإنسانية، فللإنسان جانب مادي وجانب معنوي في طبيعته، وقد راعى الإسلام الجانبين معا عندما قرر للسلوك الأخلاقي الجزاء المادي والمعنوي أيضا.
3-
ربط الإسلام مصير الإنسان من حيث السعادة والشقاوة في الحياة الدنيا والآخرة بالعمل الأخلاقي، فنتيجة الأخلاق الحسنة السعادة في الحياتين ونتيجة الأخلاق السيئة الشقاوة والتعاسة في الدارين معا.
وبذلك تميزت الأخلاق الإسلامية عن الأخلاق النفعية أيضا إذ إن هذه الأخيرة ربطت الأخلاق بالمنافع المادية الدنيوية وجعلتها وسيلة لها فحسب، كما تميزت عن الأخلاق الكانطية التي لا تربط الأخلاق بالجزاء إطلاقا؛ لأنها ترى أن
الأخلاق يجب أن تطبق بصرف النظر عما يترتب عليها من جزاء، أو مكافأة فإن مثل هذه الأخلاق إن تصلح لفئة خاصة أمثال "كانط" فإنها لا تصلح لجميع الفئات، والأخلاق الإسلامية جاءت لجميع الفئات مراعية لجميع النفوس ولجميع الفروق الفردية.
4-
إن ربط القيم الأخلاقية بالجزاءات المتنوعة له قيمة تربوية لتنشئة الصغار والكبار ولنجاح التربية الأخلاقية في المراحل التعليمية المختلفة.
ذلك أن معرفة الناشئ بتلك الأنواع من الجزاءات المترتبة على السلوكيات الأخلاقية تعد من أقوى الحوافز والدوافع القوية إلى الالتزام الدائم بالقيم الأخلاقية، ذلك أنه بقدر ما يعرف الإنسان قيمة الشيء يلتزم به وبقدر ما يعرف العواقب الوخيمة لسلوكيات سيئة يتجنبها، وهذا وذلك يدفعانه إلى مزيد من التضحية من أجل التمسك بالقيم في هذه الحياة.
5-
إن الإسلام أكثر الجزاءات الأخلاقية لدفع الناس بالقوة إلى الالتزام بالقيم الأخلاقية وذلك يدل على اهتمام الإسلام بتلك القيم في بناء الفرد والمجتمع والأمة.
وقد عبر الشاعر عن هذا الاهتمام بدقة عندما قال:
وإنما الأمم الأخلاق ما بقيت
…
فإن هم ذهبوا أخلاقهم ذهبت
أي: إذا زالت أخلاق الأمة زالت الأمة.