المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ أقسام المسئولية بحسب جزاءاتها: - علم الأخلاق الإسلامية

[مقداد يالجن]

فهرس الكتاب

- ‌مِقْداد يالجن

- ‌الفكر التربوي عند مقداد يالجن

- ‌مقدمة

- ‌مقدمة عامة للموسوعة

- ‌مدخل

- ‌أهداف تعليم الأخلاق

- ‌مدخل

- ‌ أهمية الأخلاق:

- ‌التربية الأخلاقية

- ‌أهمية التربية الأخلاقية:

- ‌أهمية النظام الأخلاقي الإسلامي

- ‌المنهج وتطبيقه

- ‌مدخل

- ‌ أن تكون البداية من الإسلام

- ‌ أن نفهم موضوعات الفلسفة الإسلامية بالفلسفة الإسلامية نفسها، وتحقيق هذه النقطة يتطلب ثلاثة أمور:

- ‌ أن نحدد موقفنا من دراسات السابقين باتخاذها وسيلة من وسائل الفهم والتقويم

- ‌ أن يكون هدفنا الأساسي هو معالجة المشكلات الفلسفية المتصلة بحياتنا الراهنة

- ‌أن نميز السنة التشريعة من السنة غير التشريعة عند معالجتنا

- ‌ التحقق من صدق النصوص الإسلامية التي نعتمد عليها في تقرير الأفكار

- ‌التطبيق

- ‌الباب الأول: علم الأخلاق الإسلامية مفهومة، غايته، مجالاته، مدى ضرورته في نظر الإسلام

- ‌الفصل الأول: تحديد مفهوم علم الأخلاق الإسلامية

- ‌مدخل

- ‌تحديد مفهوم كلمة العلم

- ‌مدخل

- ‌أقسام العلوم وموقع علم الأخلاق منها

- ‌ مفهوم كلمة الأخلاق

- ‌ مفهوم علم الأخلاق الإسلامية:

- ‌الفصل الثاني: غاية الأخلاق

- ‌الاتجاهات العامة في غاية الأخلاق

- ‌مدخل

- ‌ الاتجاه الروحي:

- ‌ الاتجاه العقلي

- ‌ الاتجاه المادي:

- ‌ اتجاه الإسلام في غاية الأخلاق:

- ‌الفصل الثالث: مجالات الأخلاق

- ‌مدخل

- ‌ الاتجاهات العامة في مجالات الأخلاق:

- ‌ مجالات الأخلاق في الإسلام:

- ‌الفصل الرابع: مدى ضرورة الأخلاق للحياة الإنسانية

- ‌مدخل

- ‌ مدى علمية الأخلاق

- ‌مكانة الأخلاق وأهميتها لدى العلماء

- ‌ مدى ضرورة الأخلاق ومكانتها في نظر الإسلام:

- ‌الباب الثاني: أسس الأخلاق في نظر الإسلام

- ‌الفصل الأول: الأساس الغيبي والاعتقادي

- ‌أركان الأساس الاعتقادي

- ‌الركن الأول

- ‌الركن الثاني

- ‌ الركن الثالث:

- ‌ أهمية الأساس الاعتقادي

- ‌الفصل الثاني: الأساس الواقعي والعلمي

- ‌أساس الاعتدال بين الواقعية والمثالية

- ‌ مراعاة قوانين الطبيعة والحياة:

- ‌الفصل الثالث: مراعاة الطبيعة الإنسانية

- ‌مدخل

- ‌ رأي العلماء في الطبيعة الإنسانية:

- ‌رأي الإسلام في الطبيعة الإنسانية

- ‌مدخل

- ‌بطلان نظرية داروين علميا:

- ‌ صلة الطبيعة الإنسانية بالأخلاق

- ‌الفصل الرابع: الاعتداد بالحرية الأخلاقية

- ‌مدخل

- ‌الاتجاهات الفكرية والفلسفية في حرية الإنسان

- ‌الاتجاه الجبري

- ‌ اتجاه حرية الإرادة:

- ‌ اتجاه الوسط بين الاتجاهين السابقين:

- ‌رأي الإسلام في حرية الإنسان والحرية الأخلاقية

- ‌مدخل

- ‌الدرجة الأولى جبرية مطلقة:

- ‌الدرجة الثانية جبرية طبيعية:

- ‌الدرجة الثالثة جبرية القوانين الأخلاقية

- ‌خلاصة الدراسة:

- ‌الفصل الخامس: تقرير مبدأ الإلزام والالتزام الأخلاقي

- ‌مدخل

- ‌ الاتجاهات المختلفة في الإلزام الأخلاقي:

- ‌ رأي الإسلام في الإلزام الأخلاقي:

- ‌ مجالات الالتزام الأخلاقي ودرجاته:

- ‌خصائص الالزام الأخلاقي في الإسلام

- ‌مدخل

- ‌ الإلزام بقدر الاستطاعة:

- ‌ سهولة التطبيق:

- ‌ مراعاة الحالات الاستثنائية:

- ‌ قوة الإلزام:

- ‌الفصل السادس: تأكيد المسئولية الأخلاقية

- ‌مدخل

- ‌ تحديد مفهوم المسئولية الأخلاقية

- ‌ مجال المسئولية وأقسامها وأبعادها

- ‌ أبعاد قياس المسئولية الأخلاقية:

- ‌ أقسام المسئولية بحسب جزاءاتها:

- ‌الفصل السابع: إثبات الجزاء الأخلاقي

- ‌مدخل

- ‌أنواع الجزاء الأخلاقي في الإسلام

- ‌مدخل

- ‌ الجزاء الإلهي:

- ‌ الجزاء الوجداني:

- ‌ الجزاء الطبيعي:

- ‌ الجزاء الاجتماعي:

- ‌ خصائص الجزاءات الأخلاقية الإسلامية

- ‌الباب الثالث: القيم الأخلاقية ومعاييرها في الإسلام

- ‌الفصل الأول: المعايير الأخلاقية

- ‌مدخل

- ‌الاتجاهات الفكرية في المعايير الأخلاقية

- ‌مدخل

- ‌الاتجاه الأول: الاتجاه الخارجي:

- ‌الاتجاه الثاني: الاتجاه الداخلي الباطني:

- ‌المعايير الأخلاقية في الإسلام

- ‌مدخل

- ‌ المعايير الأخلاقية الموضوعية:

- ‌ المعايير الأخلاقية الذاتية أو الداخلية:

- ‌وجهة نظر الإسلام:

- ‌ خلاصة المعايير الأخلاقية الإسلامية

- ‌الفصل الثاني: حقيقة القيم الأخلاقية

- ‌مدخل

- ‌تحديد القيمة الأخلاقية خارج إطار الإسلام

- ‌مدخل

- ‌ الاتجاه الطبيعي:

- ‌ اتجاه الطبيعة النفسية الفاعلة:

- ‌ الاتجاه العقلي أو فاعلية الفكر الفردي:

- ‌ الاتجاه الواقعي:

- ‌ اشتراك الذات الفاعلة مع الواقع الراهن

- ‌تصنيف القيم:

- ‌ تحديد القيمة الأخلاقية في إطار الإسلام:

- ‌أهمية القيم الأخلاقية في الحياة العملية

- ‌الأولى: المعرفة والإبداع والاختراع وإتقان العمل

- ‌الثانية: توجيه الذات الإنسانية وتوحيدها:

- ‌الثالثة: اكتساب تنمية القيمة الإنسانية:

- ‌الرابعة: القيمة المادية:

- ‌الخامسة: القيمة المعنوية:

- ‌الفصل الثالث: القيم الأخلاقية بين الفرد والمجتمع

- ‌أهم الاتجاهات الفلسفية والاجتماعية في الموضوع

- ‌ اتجاه الإسلام في الموضوع:

- ‌أنواع الأخلاقيات في إطار الأخلاق الإسلامية

- ‌النوع الأول: ينزع منزعاً فردياً

- ‌النوع الثاني: ينزع منزعا اجتماعيا:

- ‌النوع الثالث: أخلاقيات الحاكم المسلم

- ‌خاتمة أهم النتائج والتوصيات

- ‌مدخل

- ‌ أهم النتائج:

- ‌ توسيع الإسلام نطاق مفهوم الأخلاق وميدان العمل بها

- ‌ أصالة الأسس التي أقام عليها الإسلام نظامه الأخلاقي:

- ‌ وضع الإسلام معايير متعددة لقياس الأخلاق ولبيان قيمتها:

- ‌ تقويم الإسلام للأخلاق تقويما متكاملا

- ‌ الاتجاه الأخلاقي في الإسلام يجمع وينسق بين الفردية والاجتماعية:

- ‌ التقاء التفكير الأخلاقي والديني في الاتجاه الإسلامي:

- ‌ قدرة الأخلاق الإسلامية على مسايرة تطور الحياة وأشكالها المختلفة

- ‌ الأخلاق الإسلامية أكمل وأصلح أخلاق للحياة الإنسانية

- ‌أهم التوصيات

- ‌مدخل

- ‌ التوصيات الموجهة إلى الأسرة:

- ‌ التوصيات الموجهة إلى الإعلام:

- ‌التوصيات الموجهة إلى المدرسة

- ‌مدخل

- ‌الأهداف العامة لتعليم علم الأخلاق:

- ‌ التوصيات الموجهة إلى مراكز البحوث:

- ‌مصادر ومراجع الكتاب

- ‌الفهارس

- ‌فهرس أطراف الحديث

- ‌فهرس الأعلام

- ‌فهرس الموضوعات

الفصل: ‌ أقسام المسئولية بحسب جزاءاتها:

فإذا تأملنا في هذه النصوص وغيرها التي تثبت مسئولية الإنسان عن الغير وجدنا أن هذه المسئولية باعتبار جزائها المترتب عليها تنقسم إلى ثلاثة أقسام:

ص: 264

رابعاً:‌

‌ أقسام المسئولية بحسب جزاءاتها:

القسم الأول: يعاقب المسئول في الدنيا فقط، وذلك إذا ترك مقاومة الفساد لا رغبة في انتشاره ولكن لضعفه أو لعجزه عن المقاومة والعقاب، في هذه الحالة إما أن يرجع إلى العقاب الطبيعي؛ لأن انتشار الفساد في المجتمع لا بد من أن يصيبه إذا عم وانتشر ولا بد من أن يرى الضرر من انتشاره، ولهذا قال تعالى:{وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً} 1، وقال الرسول صلى الله عليه وسلم:"إن الله لا يعذب العامة بعمل الخاصة حتى تكون العامة تستطيع أن تغير على الخاصة، فإذا لم تغير العامة على الخاصة عذب الله العامة والخاصة" 2، وإما أن يرجع إلى العقاب الإلهي فإن الله إذا رأى انتشار الفساد في أمة يعاقب هذه الأمة ويعم عقابه الصالحين أيضاً، عقاباً على تركهم مقاومة الفساد، أما إذا كانوا عاجزين عن المقاومة تماماً فلا يعاقبون في الآخرة، مصداق ذلك قول الرسول:"إذا أنزل الله بقوم عذاباً أصاب العذاب من كان فيهم ثم بعثوا على أعمالهم" 3، وللصالح أجر ما أصابه في الدنيا، وقال الرسول صلى الله عليه وسلم:"إذا خفيت الخطيئة لا تضر إلا صاحبها وإذا ظهرت فلم تغير ضرت العامة" 4، وقال:"إذا ظهر السوء فلم ينهوا عنه أنزل الله بهم بأسه، قيل: وإن كان فيهم الصالحون، قال: نعم، يصيبهم ما أصابهم ثم يصيرون إلى مغفرة الله ورحمته"5.

1 الأنفال: 25.

2 منتخب كنز العمال في هامش مسند الإمام أحمد جـ 1 ص 146.

3 التاج جـ 5، كتاب الفتن ص 301 "وفي رواية ثم يبعثهم الله على نياتهم".

4 التاج جـ 5، كتاب الزهد والرقاق، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ص 224.

5 منتخب كنز العمال في هامش مسند الإمام أحمد جـ 1 ص 149.

ص: 264

الثاني: يعاقب المسئول في الدنيا والآخرة، وذلك إذا توانى عن مقاومة الفساد لإرادته الفساد، وإن لم يكن مريداً للفساد وتوانى عن المقاومة لكسل أو لعدم الاهتمام، فالأول يعاقب لسوء نيته من جهة ولتركه أمر الله في مقاومة الفساد من جهة أخرى، وأما الثاني فلتركه الواجب وهو مقاومة الفساد؛ لأنه أمر إلهي وهو واجب هام من الواجبات الأخلاقية الإسلامية، وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم:"ما من رجل يكون في قوم يعمل فيهم بالمعاصي يقدرون أن يغيروا عليه فلا يغيروا إلا أصابهم الله بعقاب من قبل أن يموتوا" 1، وقال أيضاً:"إذا عملت الخطيئة في الأرض كان من شهدها فكرهها، كمن غاب عنها، ومن غاب عنها فرضيها كمن شهدها"2.

الثالث: تعتبر مسؤولية فردية من جهة ومسئولية غيرية من جهة أخرى وهي المسئولية الناتجة عن إضلال الإنسان غيره بآرائه وتوجيهاته فيتبع الآخر آراءه وطريقته فهو المسئول في هذه الحالة عن إضلاله كسلوك ناتج عن نفسه ومسئول أيضاً عن حياة الآخر وكل عمل قام به هذا الآخر نتيجة تأثره بالأول، فالأول مسئول في هذه الحالة عن ذنوب الآخر كمسئولية الآخر عن هذه الذنوب ولكن مسئولية كل واحد من جهة أخرى، فالأول يتحمل تبعة إضلاله والآخر يتحمل تبعة اتباعه الضلال وفعله الجرائم، ومن هنا قال تعالى:{لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلا سَاءَ مَا يَزِرُونَ} 3.

وتحمل الإنسان مسئولية سلوك الغير في هذا الإطار ليس فيها أي غرابة

1 التاج نفس الجزء والباب للمرجع السابق ص 224.

2 التاج المرجع نفسه ص 224.

3 النحل: 25.

ص: 265

في التفكير الأخلاقي؛ ذلك أن الإنسان ليس مسئولا فقط عن فعل الشر، بل هو مسئول أيضاً عن دفع الشر؛ لأن هدف الأخلاق تحقيق السعادة، والسعادة لا تتحقق إلا بإنقاذ الإنسان من الشر أولا ثم تحقيق الخيرات له ثانياً، وإنقاذ الإنسان من الشر لا يتم إلا بالكف عن الشر ودفع الشر، ولذا كان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من المبادئ الهامة للغاية في التفكير الأخلاقي في الإسلام، ثم إن هناك مسئولية أخرى لا يمكن يتحملها الإنسان، وهي أن يتحمل وزر الآخر بالقصد أو بالكلام كما قال الكفار للمؤمنين: اكفروا بمحمد فإننا نحمل عنكم وزر الكفر، ولهذا نزل قوله تعالى:{وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} 1.

كما أن المسلم إذا دعا الكافر إلى الإسلام فلم يؤمن ودعا المنحرف إلى الاستقامة فلم يستقم فلا يكون مسئولا عندئذ عن كفر الكافر ولا عن ضلال المنحرف، ولهذا قال تعالى:{عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ} {فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ، لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ} 3.

لكن ينبغي أن نفرق هنا بين مسئولية المسلم عن ضلال الكافر وكفره، وبين مسئوليته عن فساد المسلم وانحرافه، فالمسئولية إزاء الكفر قاصرة على الدعوة والإرشاد فقط وليس عليه إكراههم على الإيمان {أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ} 4.

أما المسئولية إزاء فساد المسلم والمجتمع الإسلامي فالأمر يختلف؛ ذلك أن المسئولية هنا لا تقتصر على مجرد الدعوة والإرشاد بل تشمل أيضاً مقاومة

1 الأنعام: 164.

2 المائدة: 105.

3 الغاشية: 21 - 22.

4 يونس: 99.

ص: 266

الفاسد وتغيير المنكر بكل الوسائل الممكنة والمشروعة فيجب أن يستخدم كل ما يملك من وسائل التغيير أما إذا كان لا يملك شيئاً فيجب أن تكون المقاومة بالقلب وذلك بمقاطعة المنحرف وعدم التعامل معه بأي صورة من صور التعامل، وهذا هو الإنكار بالقلب الذي جاء في الحديث وهو أضعف الإيمان.

بعد هذا العرض لفكرة المسئولية في الإسلام، يبدو لي أن ذلك الغموض والتعارض قد زالا عن وجه تلك النصوص تماماً. ونستخلص من ذلك أن الإنسان كائن مسئول قد تحمل مسئولية سلوكه الإرادي عن جدارة وأهلية وهذه المسئولية لها مستويات ودرجات تختلف بحسب اختلاف الأعمال والصورة التي تتم بها وبحسب الآثار المترتبة عليها من الناحيتين المادية والنفسية، ومسئولية الإنسان لا تقتصر على عمله النفسي والسلوكي، بل تتعداهما إلى مسئولية عن عمل غيره في إطار وحدود معينة، كما أن مسئوليته ليست قاصرة على المسئولية الدنيوية من حيث المكافأة والجزاء بل إن المسئولية الأساسية هي المسئولية الأخروية التي ينال فيها نتيجة مسئوليته بصورة عادلة.

ص: 267