الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فقال: التبديل: تغيير شيء أو تغيير حاله وعينُ الشيء قائمة، والإبدال: رفع الشيء ووضع شيء آخر مكانه، وقرأ أبو جعفر، وابن عامر، ويعقوب:(رُحُمًا) بضم الحاء، والباقون: بجزمها، ومعناهما واحد (1).
…
{وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا
(82)}
.
[82]
{وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ} وكان اسمهما أصرم وصريم.
{وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا} عن أبي الدرداء، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"كان ذهبًا وفضة"(2)، وعن ابن عباس: "كان لوحًا من ذهب مكتوب في أحد جانبيه: عجبًا لمن أيقن بالموت كيف يفرح، عجبًا لمن أيقن بالقدر كيف يحزن، عجبًا لمن أيقن بالرزق كيف يتعب، عجبًا لمن يؤمن بالحساب كيف يغفل، عجبًا لمن أيقن بزوال الدنيا وتقلبها بأهلها كيف يطمئن إليها، لا إله إلا الله محمد رسول الله، وفي الآخر: أنا الله وحدي لا شريك لي، خلقت الخير والشر، فطوبى لمن خلقته للخير، وأجريته على يديه، والويل لمن
= (2/ 314)، و"معجم القراءات القرآنية"(4/ 8).
(1)
انظر: "النشر في القراءات العشر" لابن الجزري (2/ 316)، وباقي المصادر في التعليق السابق.
(2)
رواه الترمذي (3152)، كتاب: التفسير، باب: ومن سورة الكهف، وقال: غريب، والحاكم في "المستدرك"(3397).
خلقته للشر، وأجريته على يديه" (1)، وهذا قول أكثر المفسرين.
{وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا} فحُفِظا بصلاح أبيهما في أنفسهما ومالهما، وقيل: كان الجد السابع.
{فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا} إيناس رشدهما {وَيَسْتَخْرِجَا} حينئذ {كَنْزَهُمَا رَحْمَةً} نعمة {مِنْ رَبِّكَ} قال أولًا: {فَأَرَدتُّ} ثم قال: {فَأَرَدنَا} ، ثم قال:{فَأَرَادَ رَبُّكَ} توسعًا في اللغة، قال بعضهم: لما قال الخضر: (فأردت) أُلهم: من أنت حتى تكون لك إرادة؟! فجمع في الثانية، فأُلهم: من أنت وموسى حتى تكون لكما إرادة؟ فخص في الثالثة الإرادة لله (2) تعالى؛ ليعلم أن الكل إليه.
{وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي} أي: باختياري، بل بأمر الله وإلهامه.
{ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِعْ} أي: ما لم تُطق.
{عَلَيْهِ صَبْرًا} اسطاع واستطاع بمعنى واحد.
ولما فارقه موسى، قال: أوصني، قال: لا تطلب العلم لتُحدِّثَ به، واطلبه لتعمل به.
واختلف في حياة الخضر، فكثير من العلماء ذهب إلى أنه حي، وهو يصلي الجمعة في خمسة مساجد: في المسجد الحرام، ومسجد المدينة، ومسجد بيت المقدس، ومسجد قباء، ومسجد الطور، في كل مسجد جمعة، ويأكل في كل جمعة أكلتين من كمأة وكرفس، ويشرب مرة من ماء
(1) رواه البيهقي في "الزهد"(2/ 214).
(2)
في "ت": "بالله".
لا زمزم، ومرة من جب سليمان الذي ببيت المقدس، ويغتسل من عين سلوان.
قال الشيخ أبو محمد نصر البندنيجي: سألت الخضر: أين تصلي الصبح؟ فقال: عند الركن اليماني، قال: وأقضي بعد ذلك شيئًا كلفني الله تعالى قضاءه، ثم أصلي الظهر بالمدينة، ثم أقضي شيئًا كلفني الله قضاءه، وأصلي العصر ببيت المقدس، حكى ذلك صاحب "مثير الغرام"(1) وغيره.
وسبب حياته -على ما حكاه البغوي-: أنه شرب من عين الحياة (2).
وروى المشرف بسنده، وحكاه غيره: أن الخضر وإلياس عليهما السلام يصومان شهر رمضان ببيت المقدس (3)، ويوافيان الموسم كل عام (4)، وإلياس من أنبياء بني إسرائيل، وذهب قوم إلى أن الخضر ميت؛ لقوله تعالى {وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ} [الأنبياء: 34]، وقال صلى الله عليه وسلم بعدما صلى العشاء ليلة: "أَرَأَيْتَكمْ ليلتكم هذه؛ فإن رأس مئة سنة لا يبقى ممن هو اليوم
(1) اسم "مثير الغرام" أطلق على ثلاثة كتب، وهي:
1 -
"مثير الغرام الساكن إلى أشرف الأماكن" لأبي الفرج ابنِ الجوزي،
و 2 - "مثير الغرام إلى زيارة القدس والشام" لشهاب الدين المقدسي المتوفى (765)،
و 3 - "مثير الغرام في زيارة الخليل عليه السلام" وإسحاق بن إبراهيم التدمري المتوفى (833). انظر: "كشف الظنون"(2/ 1589 - 1590).
(2)
انظر: "تفسير البغوي"(3/ 55).
(3)
قال الحافظ ابن حجر في "الفتح"(10/ 196): رواه أحمد في "الزهد" بإسناد حسن عن أبي رَواد، وقال السخاوي في "المقاصد الحسنة" (1/ 12): وهو معضَل.
(4)
قال الحافظ في "الفتح"(10/ 196): رواه الدارقطني في "الأفراد" من طريق عطاء، عن ابن عباس مرفوعًا، وفي إسناده محمد بن أحمد بن زيد، وهو ضعيف.