المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المطلب الثاني: النهي عن الابتداع في الدين: - مجلة البحوث الإسلامية - جـ ٩٤

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌المحتويات

- ‌الافتتاحية

- ‌توجيهات عامة

- ‌الفتاوى

- ‌ نصح أرباب الأموالالباطنة، وإذا لم يظهر عليهم آثار إخراجها)

- ‌ بعث عمال الخرص من مقر ولي الأمر)

- ‌ وتأسيا بالنبي وخلفائه)

- ‌ خرص الأموال على أصحابها)

- ‌ وسم إبل الصدقة، ونعم الجزية، والحكمة في ذلك)

- ‌من فتاوى سماحة الشيخعبد العزيز بن عبد الله بن باز

- ‌‌‌فضل صيام رمضان وقيامهمع بيان أحكام مهمة قد تخفى على بعض الناس

- ‌فضل صيام رمضان وقيامه

- ‌من فتاوى سماحة الشيخعبد العزيز بن عبد الله بن محمد آل الشيخ

- ‌ توزيع الماء على الناس في المقبرة

- ‌ خروج من يغسل الميت من المسجد قبل دخول خطيب الجمعة

- ‌ الكتب المفيدة لطلب العلم

- ‌من فتاوىاللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

- ‌ القدر المناسب لقراءة الإمام في الصلاة الجهرية

- ‌البحوث

- ‌خطة البحث:

- ‌تمهيد:

- ‌المطلب الأول: توحيد مصدر تلقي العقائد والعبادات والقضايا الكبرى في حياة المسلمين:

- ‌المطلب الثاني: النهي عن الابتداع في الدين:

- ‌المطلب الثالث: النهي عن الفتوى بغير علم:

- ‌المطلب الرابع: بين القرآن كيفية العلاقة بين المسلم وغير المسلم:

- ‌المطلب الخامس: التربية الإيمانية:

- ‌المطلب السادس: الاهتمام بالدوائر التربوية:

- ‌المطلب السابع: تحقيق التكافل الاقتصادي ومحاربة الفقر والبطالة:

- ‌المطلب الثامن: شغل وقت الفراغ ومحاربة الرفاهية الزائدة:

- ‌المطلب التاسع: الإعلام البديل المنافس:

- ‌المطلب العاشر: الحوار:

- ‌المطلب الحادي عشر: حب الوطن:

- ‌المطلب الثاني عشر: المؤاخاة:

- ‌المطلب الثالث عشر: الوسطية:

- ‌الخاتمة

- ‌الأمن والإيمان

- ‌ الإيمان والأمان والقاسم المشترك بينهما

- ‌العبادات أسباب تحمي من المصائب وترفعها بإذن الله

- ‌المقدمة:

- ‌أهمية هذا البحث:

- ‌منهجي في البحث:

- ‌خطوات البحث:

- ‌التمهيد:

- ‌المطلب الأول: أنواع المصائب وأسبابها

- ‌المسألة الأولى معنى المصيبة:

- ‌المسألة الثانية: أنواع المصائب:

- ‌المسألة الثالثة: أسباب وقوع المصائب

- ‌المطلب الثاني: الأسباب

- ‌المسألة الأولى: معنى السبب في اللغة والاصطلاح:

- ‌المسألة الثانية: أقسام الأسباب:

- ‌المسألة الثالثة: حكم الأخذ بالأسباب:

- ‌المطلب الثالث: العبادة:

- ‌المسألة الأولى: معنى العبادة في اللغة والاصطلاح

- ‌المسألة الثانية: أقسام العبادة

- ‌المبحث الأول: التوكل على الله يحمي من المصائب قبل وقوعها ويعالجها بعد وقوعها بإذن الله

- ‌تمهيد:

- ‌معالجة المسلم من المصائب بعد وقوعها بالتوكل:

- ‌المبحث الثاني: الأذكار تحمي من المصائب قبل وقوعها وتدفعها بعد وقوعها بإذن الله

- ‌السبب الأول: الأذكار:

- ‌السبب الثاني القرآن:

- ‌أولاً: سورة الفاتحة:

- ‌السبب الثالث: الدعاء:

- ‌السبب السادس: الاستغفار:

- ‌المبحث الثالث: الصلاة تحمي من المصائب قبل وقوعها وترفعها بعد وقوعها بإذن الله

- ‌المبحث الرابع: الصلاة على المصطفى صلى الله عليه وسلم تحمي من المصائب قبل وقوعها وترفعها بعد وقوعها بإذن الله

- ‌المبحث الخامس: الصدقة تحمي من المصائب قبل وقوعها وترفعها بعد وقوعها بإذن الله

- ‌المبحث السادس: بر الوالدين يحمي من المصائب قبل وقوعها ويعالجها بعد وقوعها بإذن الله

- ‌وزن أفعال العباد يوم القيامة

- ‌المقدمة:

- ‌المبحث الأول: معنى الميزان

- ‌المبحث الثاني:الميزان بين الإثبات والإنكار

- ‌المبحث الثالث:وصف الميزان وحجمه:

- ‌المبحث الرابع: الاختلاف في الموزون

- ‌المبحث الخامس:هل هناك مَلكٌ موكل بالميزان

- ‌المبحث السادس:متى وقت وزن الأعمال

- ‌المبحث السابع:هل هو ميزان واحد أو موازين متعددة

- ‌المبحث الثامن:الحكمة من وزن الأعمال:

- ‌المبحث التاسع:ميزان الآخرة ليس كميزان الدنيا

- ‌المبحث العاشر:أول وأثقل وأعظم ما يوضع في الميزان

- ‌المبحث الحادي عشر:طبيعة الوزن يوم القيامة (العدل)

- ‌المبحث الثاني عشر:كيفية حساب الحسنات والسيئات يوم القيامة

- ‌المبحث الثالث عشر:هل توزن جميع الأعمال يوم القيامة أم لا

- ‌المبحث الرابع عشر:الحسنات تضاعف في الميزان يوم القيامة

- ‌المبحث الخامس عشر:الميزان في الدنيا بيد الرحمن

- ‌المبحث السادس عشر:النبي صلى الله عليه وسلم يقف عند الميزان يوم القيامة للشفاعة:

- ‌بل فرعون مات كافرا

- ‌بيان من اللجنة الدائمة للبحوث العلميةوالإفتاء حول ما نسب إليها من فتوىمزورة ومكذوبة

- ‌حديث شريف

الفصل: ‌المطلب الثاني: النهي عن الابتداع في الدين:

ومعنى الهوك أي: التحير، والمعنى: أمتحيرون أنتم في الإسلام لا تعرفون دينكم حتى تأخذوه من اليهود والنصارى، وفيه كراهة أخذ العلم من أهل الكتاب " (1) فالعقيدة والعبادة والقضايا الهامة للمسلمين لا ينبغي لهم أن يتلقوها إلا من الله عز وجل ورسوله الكريم وما ضعفت الأمة، وما انحرفت أفكارها وسلوكياتها إلا بعد أن جعلوا مرجعيتهم أعداءهم.

(1) غريب الحديث لأبي عبيد - 3/ 29 - السلسلة الجديدة من مطبوعات دائرة المعارف العثمانية -طبع بإعانة وزارة المعارف للحكومة العالية الهندية تحت مراقبة الدكتور محمد عبد المعيد خان، أستاذ آداب اللغة العربية بالجامعة العثمانية، الطبعة الأولى بمطبعة مجلس دائرة المعارف العثمانية بحيدر آباد الدكن الهند سنة 1384 هـ / 1964 م

ص: 90

‌المطلب الثاني: النهي عن الابتداع في الدين:

فطوق النجاة من فتن جميع العصور، وخاصة في عصرنا الحاضر مع تشمير أعدائنا عن سواعدهم لتشتيت فكرنا وغزونا فكريًا أن نتمسك بالاتباع ونترك الابتداع، بجميع مظاهره والتي من أشهرها الاحتفال بالمولد، وما يصحبه من مظاهر، ما أنزل الله بها من سلطان، ومن التبرك بالقبور وأصحابها والمظاهر العجيبة التي يفعلها بعض المسلمين وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعًا

والبدعة في اللغة هي: الحدث في الدين بعد الإكمال، أو ما استحدث

ص: 90

بعد النبي صلى الله عليه وسلم من الأهواء والأعمال (1)(2) ويقال: "ابتدعتُ الشيء، قولاً أو فعلاً، إذا ابتدأته عن غير مثال سابق"(3) وأصل مادة "بدع" للاختراع على غير مثال سابق، ومنه قوله تعالى:{بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ} أي: مخترعهما من غير مثال سابق متقدم (4)

والبدعة في الاصطلاح الشرعي:

تعددت ألفاظ أهل العلم في تعريف البدعة مع تقارب المعنى ومن أجمع هذه التعاريف قول الإمام الشاطبي: طريقة في الدين مخترعة تضاهي الشرعية، يقصد بالسلوك عليها المبالغة في التعبد لله تعالى " (5) وقول ابن تيمية هي: الدين الذي لم يأمر الله به ولا رسوله، فمن دان دينا لم يأمر الله به ولا رسوله فهو مبتدع " (6)

(1) القاموس المحيط، باب العين، فصل الدال، ص 906، ولسان العرب 8/ 6، وفتاوى ابن تيمية 35/ 414.

(2)

القاموس المحيط، باب العين، فصل الدال، ص 906، ولسان العرب 8/ 6، وفتاوى ابن تيمية 35/ 414. ') ">

(3)

معجم المقاييس في اللغة لابن فارس ص 119.، وانظر: الميزان بين السنة والبدعة للدكتور محمد عبد الله دراز ص41، ط – دار القلم للنشر والتوزيع – مصر.

(4)

الاعتصام للشاطبي 1/ 49، وانظر: مفردات ألفاظ القرآن، للراغب الأصفهاني، مادة ** بدع ** ص 111. ') ">

(5)

وانظر: الاعتصام لأبي إسحاق إبراهيم بن موسى الشاطبي 1/ 50 - 56. ') ">

(6)

الاستقامة لابن تيمية 1/ 5، وانظر: الميزان بين السنة والبدعة للدكتور محمد عبدالله دراز ص43 ') ">

ص: 91

وقد ذم الله عز وجل الابتداع في الدين، فقال تعالى:{أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ وَلَوْلا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} .

{شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ} أي: من الشرك والبدع، وتحريم ما أحل الله، وتحليل ما حرم الله، ونحو ذلك مما اقتضته أهواؤهم" (1)

ومن الأدلة على أمر القرآن الكريم بالاتباع والنهي عن الابتداع، ما ورد من أمر للنبي صلى الله عليه وسلم بالتبليغ للوحي فمهمته صلى الله عليه وسلم التبليغ عن ربه فقط، بلا تدخل منه، قال الله تعالى:{يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ} .

قال البخاري: قال الزهري: من الله الرسالة، وعلى الرسول البلاغ، وعلينا التسليم" (2)

والاتباع وترك الابتداع، فإذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم مبلغًا

(1) تفسير السعدي - 1 757 ') ">

(2)

انظر: فتح الباري لابن رجب، كتاب: الإيمان 1/ 72، تفسير ابن كثير - 3/ 151. ') ">

ص: 92

فقط، فهل نخترع نحن في الدين، أو ننجرف وراء المخترعين المبتدعين فيه.

وقد نفى الله عز وجل الابتداع عن نبيه صلى الله عليه وسلم قال الله تعالى: {وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الأَقَاوِيلِ (44) لأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ (45) ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ} .

{وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا} " أي: محمد صلى الله عليه وسلم لو كان كما يزعمون مفتريا علينا، فزاد في الرسالة، أو نقص منها، أو قال شيئا من عنده فنسبه إلينا، وليس كذلك، لعاجلناه بالعقوبة؛ ولهذا قال: {لأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ} قيل: معناه لانتقمنا منه باليمين؛ لأنها أشد في البطش، وقيل: لأخذنا منه بيمينه {ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ}، قال ابن عباس: وهو نياط القلب، وهو العِرْقُ الذي القلب معلق فيه"(1)

والآية الكريمة تهديد ووعيد لكل من تسول له نفسه بالافتراء على الله سبحانه وتعالى في أن يبتدع في الدين ما ليس منه ويوهم الناس أن بدعته جزء من الدين.

قال الله تعالى: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} .

والصراط: الطريق الذي هو دين الإسلام.

(1) انظر: تفسير مقاتل - 4/ 132، تفسير ابن كثير - 8/ 218. ') ">

ص: 93

" مستقيما " أي مستويا قويما لا اعوجاج فيه. فأمر باتباع طريقه الذي طرقه على لسان نبيه محمد صلى الله عليه وسلم وشرعه ونهايته الجنة، وتشعبت منه طرق، فمن سلك الجادة نجا، ومن خرج إلى تلك الطرق أفضت به إلى النار.

قال الله تعالى: {وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ} أي تميل " (1)

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: «خَطَّ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَطًّا ثُمَّ قَالَ: ((هَذَا سَبِيلُ اللَّهِ ثُمَّ خَطَّ خُطُوطًا عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ - ثُمَّ قَالَ: هَذِهِ سُبُلٌ قَالَ يَزِيدُ: مُتَفَرِّقَةٌ عَلَى كُلِّ سَبِيلٍ مِنْهَا شَيْطَانٌ يَدْعُو إِلَيْهِ)). ثُمَّ قَرَأَ {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ}» (2)

" وهذه السبل تعم اليهودية والنصرانية والمجوسية وسائر أهل الملل وأهل البدع والضلالات من أهل الأهواء والشذوذ في الفروع، وغير ذلك من أهل التعمق في الجدل، هذه كلها عرضة للزلل، ومظنة لسوء المعتقد "(3)

(1) الجامع لأحكام القرآن لأبي عبد الله محمد بن أحمد الأنصاري القرطبي الجزء الأول أعاد طبعه دار إحياء التراث العربي بيروت - لبنان 1405 هـ - 1985 م – 7/ 137.

(2)

أخرجه الإمام أحمد، مسند عبد الله بن مسعود رضي الله عنه 9/ 252 برقم 4225 - .

(3)

انظر: تفسير القرطبي 7/ 138 والجواهر الحسان في تفسير القرآن لأبى زيد عبد الرحمن بن محمد بن مخلوف الثعالبي 2/ 11، والتفسير الميسر - تأليف: عدد من أساتذة التفسير تحت إشراف الدكتور عبد الله بن عبد المحسن التركي - وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد 2/ 448

ص: 94

وقد وردت أحاديث كثيرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم تذم الابتداع في الدين، وتنهى عنه، ومنها ما ورد عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها – قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ أَحْدَثَ في أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ فِيهِ فَهُوَ رَدٌّ» (1)

" قَوْله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ» (2)

وَفِي الرِّوَايَة الثَّانِيَة: «مَنْ عَمِلَ عَمَلاً لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ» (3) قَالَ أَهْل الْعَرَبِيَّة: (الرَّدّ) هُنَا بِمَعْنَى الْمَرْدُود، وَمَعْنَاهُ: فَهُوَ بَاطِل غَيْر مُعْتَدّ بِهِ.

وَهَذَا الْحَدِيث قَاعِدَة عَظِيمَة مِنْ قَوَاعِد الْإِسْلَام، وَهُوَ مِنْ جَوَامِع كَلِمه صلى الله عليه وسلم فَإِنَّهُ صَرِيح فِي رَدّ كُلّ الْبِدَع

(1) أخرجه الإمام البخاري، كتاب الصلح، باب إِذَا اصْطَلَحُوا عَلَى صُلْحِ جَوْرٍ فَالصُّلْحُ مَرْدُودٌ. 2/ 959 برقم 2550 - الناشر: دار ابن كثير، اليمامة - بيروت الطبعة الثالثة، 1407 - 1987

(2)

صحيح البخاري الصلح (2697)، صحيح مسلم الأقضية (1718)، سنن أبو داود السنة (4606)، سنن ابن ماجه المقدمة (14)، مسند أحمد بن حنبل (6/ 256).

(3)

أخرجه الإمام البخاري كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة - باب: إذا اجتهد العامل أو الحاكم فأخطأ خلاف الرسول من غير علم فحكمه مردود – 6/ 2675 برقم 2550

ص: 95

وَالْمُخْتَرَعَات.

وَهَذَا الْحَدِيث مِمَّا يَنْبَغِي حِفْظه وَاسْتِعْمَاله فِي إِبْطَال الْمُنْكَرَات، وَإِشَاعَة الِاسْتِدْلَال بِهِ " (1)

وعن العِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ قَالَ «صَلَّى لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْفَجْرَ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا، فَوَعَظَنَا مَوْعِظَةً بَلِيغَةً ذَرَفَتْ لَهَا الأَعْيُنُ وَوَجِلَتْ مِنْهَا الْقُلُوبُ، قُلْنَا: أَوْ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَأَنَّ هَذِهِ مَوْعِظَةُ مُوَدِّعٍ، فَأَوْصِنَا. قَالَ: ((أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ وَإِنْ كَانَ عَبْدًا حَبَشِيًّا فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ يَرَى بَعْدِى اخْتِلَافًا كَثِيراً، فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِى وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الأُمُورِ، فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَإِنَّ كُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ))» (2) 8

" ولقد صدق واقع الأمة قول النبي صلى الله عليه وسلم حيث لم تتسع دائرة الانحراف الفكري عن الدين الحق إلا بسبب البدع "(3)

(1) شرح النووي على صحيح مسلم - المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج - تأليف أبو زكريا يحيى بن شرف بن مري النووي - الناشر: دار إحياء التراث العربي – بيروت – الطبعة الثانية، 1392، 12/ 16.

(2)

أخرجه الإمام أبو داود، كتاب السنة، باب لزوم السنة، 2/ 610 برقم 4607.

(3)

انظر مجلة البحوث الإسلامية، مجلة دورية تصدر عن الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء – الرياض - العدد 77 – سنة 1427 هـ - بحث بعنوان: حماية المجتمع المسلم من الانحراف الفكري د عبد الله بن عبدالعزيز الزايدي ص 266.

ص: 96

ولهذا قال سفيان الثوري: " إن البدعة أحب إلى إبليس من المعصية؛ لأن البدعة لا يتاب منها والمعصية يتاب منها "(1) "

والمعنى أن المبتدع الذي يتخذ دينا لم يشرعه الله ولا رسوله قد زين له سوء عمله فرآه حسنًا فهو لا يتوب مادام يراه حسنا" (2)

وكما حذر الإسلام من اتباع البدعة كذلك حذر من مجالسة أهل البدع؛ لأنهم ينحرفون بأفكار مجالسيهم ويجروهم إلى بدعهم قال الله تعالى: {وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} .

والآية نهي صريح عن مجالسة أهل الأهواء والبدع، وهذا ما أرشد إليه رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم فعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من وقر صاحب

(1) تفسير القرطبي - 7/ 141. ') ">

(2)

بحث للدكتور عبد الله بن عبد العزيز الزايدي ص 266 – بعنوان: حماية المجتمع المسلم من الانحراف الفكري - في مجلة البحوث الإسلامية مجلة دورية تصدر عن الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء – بالرياض – العدد 77 - ذو القعدة – ذو الحجة – 1426هـ - محرم - صفر 1427هـ.

ص: 97

بدعة فقد أعان على هدم الإسلام» (1)

وقد أدرك السلف الصالح خطورة مجالسة أهل الأهواء والبدع فتركوها وحذروا منها وقد نقل الإمام القرطبي رحمه الله جانبا من أقوالهم في هذا الصدد حيث قال:

" قال ابن خويز منداد: منع أصحابنا الدخول إلى أرض العدو ودخول كنائسهم والبيع، ومجالس الكفار وأهل البدع، وألا تعتقد مودتهم ولا يسمع كلامهم ولا مناظرتهم".

وقد قال بعض أهل البدع لأبي عمران النخعي: اسمع مني كلمة، فأعرض عنه وقال: ولا نصف كلمة. ومثله عن أيوب السختياني.

وقال الفضيل بن عياض: من أحب صاحب بدعة أحبط الله عمله وأخرج نور الإسلام من قلبه، ومن زوج كريمته من مبتدع فقد قطع رحمها، ومن جلس مع صاحب بدعة لم يعط الحكمة، وإذا علم الله عز وجل من رجل أنه مبغض لصاحب بدعة رجوت أن يغفر الله له"

أبعد كل هذا الأمر بحسن اتباع كتاب الله وسنة رسوله الكريم، والنهي عن المخالفة، والتهديد من الابتداع في الدين، والتحذير من مجالسة المبتدعين، هل يليق بعد هذا كله أن ينجرف شباب

(1) رواه الطبراني في المعجم الأوسط - 7/ 35 برقم 6772ط- دار الحرمين - القاهرة، 1415

ص: 98