الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
منه) (1)(2) فلا قدرة ولا قوة للإنسان على حفظ بدنه وماله أو دفع شيء عنها إلا بالله (3)
ويقول الشوكاني إن في ذلك (تحضيضا له على الاعتراف بأنها وما فيها بمشيئة الله إن شاء أبقاها وإن شاء أفناها وعلى الاعتراف بالعجز وأن ما تيسر له من عمارتها إنما هو بمعونة الله لا بقوته وقدرته قال الزجاج (4) لا يقوى أحد على ما في يده من ملك ونعمة إلا بالله ولا يكون إلا ما شاء الله ثم لما علمه الإيمان وتفويض الأمور إلى الله سبحانه) (5) و (أن الله هو المنعم فإنه لا حول ولا قوة إلا بالله ولا ملجأ ولا منجى منه إلا إليه)
(1) الجامع لأحكام القرآن/ القرطبي: 10/ 406.
(2)
الجامع لأحكام القرآن/ القرطبي: 10/ 406. ') ">
(3)
انظر تفسير البغوي: 3/ 163، وزاد المسير: 5/ 144. ') ">
(4)
أبو إسحاق إبراهيم بن السري بن سهل الزجاج، أحد نحاة البصرة المشهورين، واللغوي والمفسر، من تصانيفه (معاني القرآن) و (الاشتقاق)، ت: 311هـ. انظر: سير أعلام النبلاء/الذهبي:6/ 123.
(5)
فتح القدير/ للشوكاني 3/ 287، وانظر تفسير أبي السعود: 5/ 223، والبيضاوي: 3/ 105. ') ">
السبب السادس: الاستغفار:
الاستغفار من العبادات التي يحبها الله ويرضاها وحث عليها ولها
فوائد جليلة منها دفع المصائب ورفعها.
حماية الاستغفار للمسلم من المصائب قبل وقوعها:
لقد جعل الله – تعالى- الاستغفار وسيلة وسببًا لدفع الفقر وأمراض العقم بل كافة الأمراض التي تضعف قوة الإنسان أو تنقص عدده يقول الله تعالى عن هود إنه قال لقومه: {وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ} (سورة هود: 52).في هذه الآية دلالة على أن الاستغفار سبب في نزول المطر وزيادة القوة يقول الطبري: {وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ} قال جعل لهم قوة فلو أنهم أطاعوه زادهم قوة إلى قوتهم وذكر لنا أنه إنما قيل لهم ويزدكم قوة إلى قوتكم قال إنه قد كان انقطع النسل عنهم سنين فقال هود لهم إن آمنتم بالله أحيا بلادكم ورزقكم المال والولد لأن ذلك من القوة وقوله: {وَلا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ} يقول ولا تدبروا عما أدعوكم إليه من توحيد الله والبراءة من الأوثان والأصنام مجرمين يعني كافرين بالله) (1)(2) بل إن القوة (3) هنا مطلقة فتكون قوة في العتاد، والبدن،
(1) جامع البيان/ الطبري: 12/ 58، وانظر تفسير البيضاوي: 3/ 239.
(2)
جامع البيان/ الطبري: 12/ 58، وانظر تفسير البيضاوي: 3/ 239. ') ">
(3)
يقول الرازي في مختار الصحاح: 233،:(القوة ضد الضعف والقوة الطاقة من الحبل وجمعها قوى ورجل شديد القوى أي شديد أسر الخلق وأقوى الرجل إذا كانت دابته قوية يقال فلان قوي مقو فالقوي في نفسه والمقوي في دابته). وانظر لسان العرب/ابن منظور: 9/ 206.
والعقل وغيره والله أعلم.
ويقول الإمام القرطبي: (هذه الآي والتي في هود دليل على أن الاستغفار يستنزل به الرزق والأمطار)(1) وتكثر به الأولاد وتزداد به الجنات والأنهار.
وقال تعالى عن فائدة وفضل الاستغفار مبينًا على لسان نوح عليه السلام: {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا (10) يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا (11) وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا} (سورة نوح: 10، 11، 12). يقول ابن كثير: عند قوله تعالى عن نوح: {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا (10) يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا} أي: متواصلة الأمطار ولهذا تستحب قراءة هذه السورة في صلاة الاستسقاء لأجل هذه الآية وهكذا روي عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه صعد المنبر ليستسقي فلم يزد على الاستغفار وقراءة الآيات في الاستغفار ومنها هذه الآية {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا (10) يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا} قال: لقد طلبت الغيث بمجاديح السماء التي يستنزل بها المطر) وقال ابن عباس وغيره: يتبع بعضه بعضًا، وقوله تعالى {وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا} أي: إذا تبتم إلى الله واستغفرتموه وأطعتموه كثر الرزق عليكم وأسقاكم
(1) الجامع لأحكام القرآن/ القرطبي: 18/ 301. ') ">
من بركات السماء وأنبت لكم من بركات الأرض وأنبت لكم الزرع وأدر لكم الضرع وأمدكم بأموال وبنين أي أعطاكم الأموال والأولاد وجعل لكم جنات فيها أنواع الثمار وخللها بالأنهار الجارية بينها) (1)
الاستغفار يرفع المصائب بعد وقوعها بإذن الله:
لقد مر في أسباب وقوع المصائب أن من أسبابها الذنوب (2) ودواء الذنوب الاستغفار فعن أبي ذر (3) مرفوعا: «إن لكل داء دواء وإن دواء الذنوب الاستغفار» (4) وقال قتادة (5) (إن هذا القرآن
(1) تفسير القرآن العظيم ابن كثير: 4/ 426. ') ">
(2)
انظر: التمهيد: المطلب الأول. ') ">
(3)
أبو ذر الغفاري ويقال أبو الذر والأول أكثر وأشهر واختلف في اسمه اختلافا كثيرا فقيل جندب بن جنادة وهو أكثر وأصح ما قيل فيه إن شاء الله تعالى وقيل برير بن عبد الله وبرير بن جنادة وبرير بن عشرقة وقيل برير بن جندب وقيل جندب بن عبد الله وقيل جندب بن الموطأ والمشهور جندب بن جنادة بن قيس بن عمرو بن مليل بن صعير بن حرام بن غفار وقيل جندب بن سفيان بن جنادة بن عبيد بن الواقفة بن الحرام بن غفار بن مليل بن صنمرة بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن الياس بن مضر بن نزار الغفاري. الاستيعاب/ابن عبد البر: 4 1652.
(4)
لم أجده إلا عند ابن رجب في جامع العلوم والحكم: 397.
(5)
هو: قتادة بن دعامة السدوسي، أبو الخطاب البصري أحد الأعلام، قال الذهبي: فقيه، حافظ، ثبت لكنه مدلس وقال أحمد عنه: قتادة عالم بالتفسير ت:117هـ، انظر ميزان الاعتدال/الذهبي: 3/ 385، تذكرة الحفاظ/الذهبي 1/ 122.
يدلكم على دائكم ودوائكم فأما داؤكم فالذنوب وأما دواؤكم فالاستغفار) (1) فالاستغفار لا يقتصر على دفع المصائب وجلب النعم بل إنه بإذن الله يرفعها بعد وقوعها. ومما يبين فوائد الاستغفار العظيمة قوله صلى الله عليه وسلم: «من لزم الاستغفار جعل الله تعالى له من كل هم فرجًا ومن كل ضيق مخرجًا، ورزقه من حيث لا يحتسب» (2)
فإذا وقع المسلم في هم أو فقر أو مرض أو ضاقت عليه الدنيا فعليه أن يلزم (3) الاستغفار ويكثر منه سواء كان قائمًا أو قاعدًا أو على جنبه حتى يحوز على رضا الرحمن فإن الرسول صلى الله عليه وسلم: «كان يستغفر في اليوم أكثر من سبعين مرة» (4) وفي بعض
(1) لم أجده إلا عند ابن رجب في جامع العلوم والحكم: 397. ') ">
(2)
أخرجه أبو داود: 2/ 85، وأحمد: 1/ 248، وابن ماجه: 2/ 1255، والحاكم: 4/ 291، وقال:(حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه).
(3)
يقول ابن منظور في لسان العرب: 12/ 541: (لزم: اللزوم معروف والفعل لزم يلزم والفاعل لازم والمفعول به ملزوم لزم الشيء يلزمه لزمًا ولزومًا ولازمه ملازمة ولزامًا والتزمه وألزمه إياه فالتزمه ورجل لزمه يلزم الشيء فلا يفارقه).
(4)
أخرجه أبو داود: 2/ 84، وابن حبان: 3/ 204، والطبراني في الأوسط: 2/ 212. والبزار في مسنده: 1/ 3 وقال الهيثمي في مجمع الزوائد: 10/ 208 (عن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إني لأستغفر الله في اليوم سبعين مرة وفي رواية (إني لأتوب) مكان (إني لأستغفر) رواه الطبراني في الأوسط كله وروى معه (إني لأتوب)، وأبو يعلى والبزار (إني لأستغفر) بإسناد حسن، وأحد إسنادي أبي يعلى في حديث (إني لأتوب إلى الله) رجاله رجال الصحيح وعن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إني لأستغفر الله وأتوب إليه سبعين مرة) وفي رواية (أكثر من سبعين مرة) وفي رواية (مائة مرة) رواها كلها الطبراني في الأوسط وأسانيدها حسنة).
الروايات: «أنه يستغفر مائة مرة» (1) وهو الذي غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، وهو خاتم النبيين وقد وردت عن المصطفى صلى الله عليه وسلم صيغ عديدة للاستغفار ومن أفضل الاستغفار سيده، قال صلى الله عليه وسلم:«سيد الاستغفار اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت أبوء لك بنعمتك وأبوء لك بذنبي فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت أعوذ بك من شر ما صنعت إذا قاله حين يمسي فمات دخل الجنة أو كان من أهل الجنة وإذا قاله حين يصبح فمات من يومه فمثله» (2)
قصة:
ففي الاستغفار تكون النعم وتدوم وتندفع النقم وترتفع بإذن الله فقد (شكا رجل إلى الحسن الجدوبة فقال له: استغفر الله، وشكا آخر إليه الفقر، فقال له: استغفر الله، وثالث آخر قال: ادع الله أن
(1) أخرجه مسلم 4/ 2075.
(2)
أخرجه البخاري 5/ 2330.