‌المسألة الثانية: أقسام الأسباب: - مجلة البحوث الإسلامية - جـ ٩٤

الحكم المطلوب من غير أن يكون الوصول به ولكنه طريق الوصول إليه) (1)

والراجح والله أعلم: التعريف الثاني، لأن الأول قد يخصص السبب الشرعي فقط، وأما الثالث فتعريف القائلين بالكسب: فيجعلون الأسباب أمارة أو علامة وينفون العلة والسبب فرجح الثاني إلا أنه لا يلزم من وجوده الوجود بصفة مستمرة بل إن ذلك بيد الله إن شاء أجرى الأسباب وإن شاء منعها بموانعها وأضدادها ، والأسباب ما لا غنى للإنسان عنها، فإن أعجزه القضاء قال: حسبي الله، فإذا قال حسبي الله بعد تعاطي ما أمره به من الأسباب قالها وهو محمود فانتفع بالفعل والقول، وإذا عجز وترك الأسباب وقالها، قالها وهو ملوم بترك الأسباب التي اقتضتها حكمة الله عز وجل، فلم تنفعه الكلمة إنما نفعها لمن فعل ما أمر به.

‌

‌المسألة الثانية: أقسام الأسباب:

تنقسم إلى قسمين: أولاً: شرعية. ثانيًا: غير شرعية.

والأسباب الشرعية نوعان:

الأولى: دينية: وهي التي شرعها الله لعباده على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم.

الثانية: قدرية: وهي التي قد علم أو جرب نفعها مثل الأدوية المباحة (1)(2)

والشرعية تنقسم إلى قسمين أيضا:

- قسم العبادات وقسم المعاملات (3)

أولاهما: العبادات: وهي التي وردت عن الله أو رسوله كالتوحيد، والصلاة بحضور قلب وخشوع وذل وانكسار، والدعاء، والاستغفار، والصدقة، وصلة الرحم (4) أما (المعاملات: فهي كالبيع والشراء

…

وغيرها، وهذه لابد من فعلها مع التوكل.

أما الأسباب القدرية: فهي قسمان كذلك: أولهما: (ما أجرى الل العادة به في الدنيا وأمر عباده بتعاطيه كالأكل عند الجوع، والشرب عند العطش، والاستظلال من الحر، والتدفؤ من البرد، ونحو ذلك، فهذا واجب على المرء تعاطي أسبابه ومن قصر به حتى تضرر

بتركه، مع القدرة على استعماله، فهو مفرط يستحق العقوبة) (1)

وثانيهما: (ما أجرى الله العادة به في الدنيا في الأعم الأغلب، وقد يخرق العادة في ذلك لمن شاء من عباده وهي أنواع، كالأدوية مثلاً

…

) (2)

أما الأسباب غير المشروعة: فهي الأسباب التي تتخذ وسائط، ووسائل في جلب النفع ودفع الضر اللذين لا يقدر عليهما إلا الله وحده (3) وهذه الأسباب منفية بالآيات القرآنية والأحاديث النبوية

وهي محرمة وبعضها شرك أكبر يخرج من الملة مثل عبادة غير الله والتبرك به وصرف أنواع العبادة إليه وتعليق التمائم والودع والعوذ إن علقها شخص معتقد فيها النفع من دون الله أو شرك