الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفراغ الكثيرة التي يعيش فيها الشباب.
وأختم هذا المطلب بمعادلة يرددها التربويون في العصر الحديث وهي: (رفاهية زائدة + سوء تربية + وقت فراغ = مشروع منحرف).
المطلب التاسع: الإعلام البديل المنافس:
إن " وسائل الإعلام تسهم بنصيب كبير في الانحراف الفكري خاصة إذا كان المشاهد مولعا بالتقليد، فهو يحاول تقليد ومحاكاة ما يشاهده على شاشة التلفاز، وما يعرض على هذه الشاشة في بعض الأحيان يناقض القيم والمعايير الدينية والاجتماعية التي تحكم الفرد ويتصادم معها، مما يوجد خللاً في المنظومة القيميّة له، فيؤدي ذلك في النهاية إلى الانحراف وما لا تحمد عقباه "(1)
وإذا كان أعداء الإسلام برعوا في استغلال وسائل الإعلام الحديثة في تسميم أفكار الشباب، فعلى المصلحين أن يستغلوا وسائل الإعلام الحديثة في نشر الدين الصحيح وفي تنقية فكر الشباب مما قد يعتريه من هذه الأفكار المسمومة.
والمتأمل في آيات القرآن الكريم يجد أن الله عز وجل أمر باستغلال النعم التي ينعم الله بها على الإنسان فيما يرضي الله عز وجل ودليل
(1) وانظر بحثًا للدكتور: تيسير بن حسين السعيدين بعنوان: دور المؤسسات التربوية في الوقاية من الفكر المتطرف – ص 36 بمجلة البحوث الأمنية – المجلد 14 – عدد 30
ووسائل الإعلام إحدى متع هذه الحياة وهي نعمة إن استغلت فيما يحب الله ويرضى، وهي نقمة إن حادت عن هذه الغاية " فلقد خلق الله طيبات الحياة ليستمتع بها الناس؛ وليعملوا في الأرض لتوفيرها وتحصيلها، فتنمو الحياة وتتجدد، وتتحقق خلافة الإنسان في هذه الأرض. ذلك على أن تكون وجهتهم في هذا المتاع هي الآخرة، فلا ينحرفون عن طريقها، ولا يشغلون بالمتاع عن تكاليفها. والمتاع في هذه الحالة لون من ألوان الشكر للمنعم، وتقبل لعطاياه، وانتفاع بها، فهو طاعة من الطاعات يجزي الله عليها بالحسنى.
وهكذا يحقق هذا المنهج التعادل والتناسق في حياة الإنسان، ويمكنه من الارتواء الروحي الدائم من خلال حياته الطبيعية المتعادلة، التي لا حرمان فيها ولا إهدار لمقومات الحياة الفطرية البسيطة.
{وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الآخِرَةَ} أي: ابتغ بها ما عند الله ولا تقتصر على مجرد نيل الشهوات، وتحصيل اللذات.
{وَلا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الأَرْضِ} بالتكبر والمعاصي والاشتغال بالنعم عن
المنعم " (1)(2)
فلقد خلق الله عز وجل الإنسان وارتضاه ليكون خليفته في أرضه وأوكل إليه مهمة إصلاحها وإعمارها وتنميتها واستغلال ما فيها من نعم ومتع واشترط عليه أن يكون كل ذلك وفق ما شرع الله عز وجل فلا يخرج بها عن حدود المباح ولا ينحرف بها إلى المحرمات ولا ينسى فضل الله عز وجل المنعم بها.
ومن مراقبة الله عز وجل في وسائل الإعلام أن يستغلها المصلحون فيما يرضي الله، ومن ذلك إعداد البرامج التي من شأنها تحصين المسلمين فكريًا ضد الأوبئة الفكرية التي ينفثها أعداء الإسلام في بلاد المسلمين.
ولقد حث النبي صلى الله عليه وسلم المسلمين على تحري الحكمة والاجتهاد في تبليغها: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:- «الْكَلِمَةُ الْحِكْمَةُ ضَالَّةُ الْمُؤْمِنِ فَحَيْثُ وَجَدَهَا فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا» (3)(ضالة المؤمن) أي: مطلوبه (فهو أحق بها) أي بقبولها، يعني أن المؤمن يطلب الحكمة فإذا وجدها فهو أحق بها، أي: بالعمل بها واتباعها " (4)
(1) انظر: تفسير السعدي 1/ 623
(2)
انظر: تفسير السعدي 1/ 623 ') ">
(3)
سنن الترمذي – كتاب: العلم – باب: ما جاء في فضل العبادة 5/ 51 برقم 2687.
(4)
انظر: تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي - محمد عبد الرحمن بن عبد الرحيم المباركفوري أبو العلا: دار الكتب العلمية - بيروت – باب ما جاء في فضل الفقه على العبادة 7/ 419
ولاشك أن وسائل الإعلام أداة فعالة لإيصال هذه الكلمة للشباب، وبنائهم فكريًا، وتحصينهم من الغزو الفكري وتحقيق قوله تعالى:{ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} .
فالآية الكريمة أمر بالدعوة إلى الله سبحانه وتعالى بالطريقة التي هي أحسن من الرفق واللين واختيار الوجه الأيسر "
ولعل استغلال وسائل الإعلام من أيسر الوجوه لدعوة الشباب وتحصينهم فكريا في عالمنا المعاصر.
" ومن خلال ما تقدم: يتبين لنا دور الإعلام في نشر الوعي بين جميع طبقات المجتمع، وإفساح المجال للفكر أن يتناول قضايا العصر والنظام السائد فيه، سواء كانت علمية أو اجتماعية أو تربوية، بالنقد والتحليل فيسهم في حل قضايا المجتمع، ويبين محاسن المبادئ والنظريات، ولكي يستفيد أبناء المجتمع المسلم منها، وبالمقابل يكشف المبادئ الهدامة والفاسدة، ويدعو إلى تجنبها والابتعاد عنها.
كما أنه يسهم في مداواة أمراض الجريمة وعلل الانحراف الفكري