الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وذلك بالاهتمام بالبيت والأسرة، ويقدم النصح للأبوين فيما يعرض لهما من مشكلات تربوية، ومساعدة المدرسة على أداء رسالتها، ويسهم في تقديم الإرشادات والتوجيهات لكل طبقات المجتمع " (1)
(1) وانظر بحث للدكتور أحمد عبد الكريم غنوم - بعنوان: المسؤولية الأمنية للمؤسسات الاجتماعية – ص 76 بمجلة البحوث الأمنية – المجلد 15 - عدد 34
المطلب العاشر: الحوار:
الحوار يعرف بأنه: " حديث يجرى بين شخصين أو أكثر في قضية ما، وقد يكون على طريقة السؤال والجواب شريطة الوحدة في الموضوع "(1)(2)
والحوار وسيلة من وسائل تحقيق الأمن الفكري التي يمكن استنباطها من القرآن الكريم، وهو أسلوب وقائي وعلاجي في آن واحد، بمعنى أنه على المصلحين أن يديروا دائما حوارات مع الشباب لتحقيق الأمن الفكري لديهم وتصحيح مفاهيمهم وتحصينهم من الغزو الفكري، كما أنه علي المصلحين إدارة جلسات حوارية مع من انجرف من الشباب في تيارات الغزو الفكري لإقناعهم بالإقلاع عما هم عليه وبيان خطورته عليهم وعلى الأمة جمعاء.
والمتأمل في آيات القرآن الكريم يجد أن مبدأ الحوار لتقويم الفكر
(1) أصول التربية الإسلامية ا/ عبد الرحمن النحلاوي ص 206
(2)
أصول التربية الإسلامية ا/ عبد الرحمن النحلاوي ص 206 ') ">
وتصحيح الفهم منهج قرآني والأدلة على ذلك كثيرة منها:
أ- كلام الله عز وجل للملائكة واستماعه منهم وكيف أن الحوار آتى ثماره معهم فاستسلموا لأمر الله عز وجل طائعين مقتنعين:
ج- كما أورد القرآن الكريم ما سيكون من حوار بين الله عز وجل وبين الكافرين يوم القيامة، حيث قال الله تعالى:{قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا (125) قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى} .
وكما حكى القرآن الكريم حوار النبي صلى الله عليه وسلم مع السيدة خولة رضي الله عنها حيث قال تعالى: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ}
ومن مواقف السنة في ترسيخ مبدأ الحوار لتصحيح المفاهيم
والأفكار في بداية ظهورها وقبل أن تفت في عضد الأمة المسلمة، ما ورد عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيّ رضي الله عنه قَالَ: «لَمَّا أَعْطَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَا أَعْطَى مِنْ تِلْكَ الْعَطَايَا فِي قُرَيْشٍ وَقَبَائِلِ الْعَرَبِ وَلَمْ يَكُنْ في الأَنْصَارِ مِنْهَا شيء وَجَدَ هَذَا الحي مِنَ الأَنْصَارِ في أَنْفُسِهِمْ حَتَّى كَثُرَتْ فِيهِمُ الْقَالَةُ حَتَّى قَالَ قَائِلُهُمْ لقي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَوْمَهُ. فَدَخَلَ عَلَيْهِ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ هَذَا الحي قَدْ وَجَدُوا عَلَيْكَ في أَنْفُسِهِمْ لِمَا صَنَعْتَ في هَذَا الفيء الذي أَصَبْتَ قَسَمْتَ في قَوْمِكَ وَأَعْطَيْتَ عَطَايَا عِظَامًا في قَبَائِلِ الْعَرَبِ وَلَمْ يَكُ في هَذَا الحي مِنَ الأَنْصَارِ شيء. قَالَ: ((فَأَيْنَ أَنْتَ مِنْ ذَلِكَ يَا سَعْدُ)). قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَنَا إِلَاّ امْرُؤٌ مِنْ قومي وَمَا أَنَا. قَالَ: ((فَاجْمَعْ لي قَوْمَكَ في هَذِهِ الْحَظِيرَةِ)). قَالَ فَخَرَجَ سَعْدٌ فَجَمَعَ الأَنْصَارَ في تِلْكَ الْحَظِيرَةِ. قَالَ فَجَاءَ رِجَالٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ فَتَرَكَهُمْ فَدَخَلُوا وَجَاءَ آخَرُونَ فَرَدَّهُمْ فَلَمَّا اجْتَمَعُوا أَتَاهُ سَعْدٌ فَقَالَ قَدِ اجْتَمَعَ لَكَ هَذَا الحي مِنَ الأَنْصَارِ. قَالَ فَأَتَاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَحَمِدَ اللَّه وَأَثْنَى عَلَيْهِ بالذي هُوَ لَهُ أَهْلٌ ثُمَّ قَالَ: ((يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ مَا قَالَةٌ بَلَغَتْنِي عَنْكُمْ وَجِدَةٌ وَجَدْتُمُوهَا في أَنْفُسِكُمْ أَلَمْ آتِكُمْ ضُلَاّلاً فَهَدَاكُمُ اللَّهُ وَعَالَةً فَأَغْنَاكُمُ اللَّهُ وَأَعْدَاءً فَأَلَّفَ اللَّهُ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ)). قَالُوا بَلِ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمَنُّ وَأَفْضَلُ. قَالَ: ((أَلَا تُجِيبُونَنِى يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ)). قَالُوا وَبِمَاذَا نُجِيبُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَلِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ الْمَنُّ وَالْفَضْلُ. قَالَ: ((أَمَا
وَاللَّهِ لَوْ شِئْتُمْ لَقُلْتُمْ فَلَصَدَقْتُمْ وَصُدِّقْتُمْ أَتَيْتَنَا مُكَذَّبًا فَصَدَّقْنَاكَ وَمَخْذُولاً فَنَصَرْنَاكَ وَطَرِيدًا فَآوَيْنَاكَ وَعَائِلاً فَواسَيْنَاكَ أَوَجَدْتُمْ في أَنْفُسِكُم يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ فِي لُعَاعَةٍ مِنَ الدُّنْيَا تَأَلَّفْتُ بِهَا قَوْمًا لِيُسْلِمُوا وَوَكَلْتُكُمْ إِلَى إِسْلَامِكُمْ أَفَلَا تَرْضَوْنَ يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ أَنْ يَذْهَبَ النَّاسُ بِالشَّاةِ وَالْبَعِيرِ وَتَرْجِعُونَ بِرَسُولِ اللَّهِ في رِحَالِكُمْ فَوَالَّذِى نَفْسُ محمد بِيَدِهِ لَوْلَا الْهِجْرَةُ لَكُنْتُ امْرَءًا مِنَ الأَنْصَارِ وَلَوْ سَلَكَ النَّاسُ شِعْبًا وَسَلَكَتِ الأَنْصَارُ شِعْبًا لَسَلَكْتُ شِعْبَ الأَنْصَارِ اللَّهُمَّ ارْحَمِ الأَنْصَارَ وَأَبْنَاءَ الأَنْصَارِ وَأَبْنَاءَ أَبْنَاءِ الأَنْصَارِ)). قَالَ فَبَكَى الْقَوْمُ حَتَّى أَخْضَلُوا لِحَاهُمْ وَقَالُوا رَضِينَا بِرَسُولِ اللَّهِ قِسْمًا وَحَظًّا.
ثُمَّ انْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَتَفَرَّقُوا)» (1)
وهكذا عالج النبي صلى الله عليه وسلم الموقف وقوّم الأفكار، ووأد الفتنة في أول ظهورها، وفي ذلك القدوة الحسنة لولاة أمر المسلمين، والدعاة، والمصلحين في كل عصر ومصر إذا أرادوا إرادة حقيقية في تحصين المسلمين من الانحراف الفكري، وتحقيق الأمن الفكري لهم.
ومن المواقف التي وردت في السنة لتدل على استخدام النبي صلى الله عليه وسلم لأسلوب الحوار وأنه أسلوب جدير في أن
(1) أخرجه الإمام أحمد – مسند المكثرين من الصحابة - مسند أبي سعيد الخدري رضي الله عنه 3/ 2 برقم 11748
وكذلك استخدم الصحابة رضوان الله عليهم مبدأ الحوار في معالجة الانحراف الفكري ومن ذلك ما وقع في خلافة علي رضي الله عنه من الخوارج فبعث إليهم عبد الله بن عباس رضي الله عنه فحاورهم وكانت نتيجة هذا الحوار رجوع أربعة آلاف منهم إلى الحق بدون قتال ".
(1) أخرجه الإمام أحمد – حديث أبي أمامة الباهلي صدى بن عجلان بن عمرو بن وهب الباهلي عن النبي صلى الله عليه وسلم 5/ 248 برقم 22265.
وقد سار السلف الصالح على منهج النبي صلى الله عليه وسلم في محاورة أهل الباطل وعلى رأس هؤلاء السلف الإمام ابن تيمية حيث أثرت مؤلفاته المكتبة الإسلامية في مجال محاورة أهل البدع والزيغ ومن هذه المؤلفات الرسالة التدمرية، كما كان لآرائه ومقترحاته أكبر الأثر في بعض الفرق المنحرفة وأصحاب الأفكار الضالة " (1)
والخلاصة أن الحوار مطلب إسلامى شديد التأثير في تقويم الفكر وتصحيح المفاهيم وعلى المصلحين والمربين أن يجعلوه مفتوحا دائما في وجه الشباب لتقويم أفكارهم، وتصحيحها ومعرفة ما لديهم، وإعطائهم فرصة للتعبير عن الذات لكيلا يشعروا بالكبت أو ينجرفوا وراء أفكار تخالف مبادئ الإسلام ومفاهيمه.
والحوار له مبادئ وآداب حتى يكون ذا جدوى، منها (2)
(1) انظر: إعلام الموقعين عن رب العالمين لمحمد بن أبي بكر أيوب الزرعي أبو عبد الله (المعروف بابن القيم الجوزية) - الناشر: دار الجيل - بيروت، 1973 - تحقيق: طه عبد الرؤوف سعد- 1/ 215 وانظر: أدب الاختلاف في الإسلام د /طه جابر فياض العلواني ص 86 – ط – الدار العالمية للكتاب الإسلامي – الرياض.
(2)
انظر: المدخل إلى الثقافة الإسلامية د خالد بن عبدالله القاسم وآخرون ص 43:45 - ط- مدار الوطن للنشر – الرياض.
أ- " حسن القصد من الحوار وذلك بالإخلاص لله والرغبة في طلب الحق قال الله تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ} .
ب- العلم: فلا حوار بلا علم، والمحاور الجاهل يفسد أكثر مما يصلح، وقد ذم الله سبحانه وتعالى المجادل بغير علم قال تعالى:{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلا هُدًى وَلا كِتَابٍ مُنِيرٍ} .
ج- التزام القول الحسن وتجنب منهج التحدي والإفحام قال تعالى: {وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا} .وقال تعالى: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} .
د – التواضع واللين والرفق وحسن الاستماع فقد أمر الله نبيه موسى وأخاه هارون عليهما السلام بمخاطبة فرعون بالرفق واللين قال تعالى: {فَقُولا لَهُ قَوْلا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى} .