الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(سورة آل عمران:159).
معالجة المسلم من المصائب بعد وقوعها بالتوكل:
إن الله عز وجل ينجي المتوكل عليه من كل بلية محيطة ومنية محدقة به قال وهب بن منبه: (لو توكل على الله حق توكله وكادته السماوات والأرض ومن فيهن فإن الله يجعل له من ذلك مخرجا)(1)(2) وقد نجى الله إبراهيم – عليه السلام – من الاحتراق بالنار فقد جعلها الله تعالى بردًا وسلامًا عليه لتوكله على الله، قال تعالى:{قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانْصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ (68) قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ (69) وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الأَخْسَرِينَ} (سورة الأنبياء، آية: 68، 69، 70).
و (لقد أتى جبريل عندما كان إبراهيم عليه السلام بين المنجنيق والنار فقال السلام عليك يا إبراهيم أنا جبريل ألك حاجة قال أما إليك فلا حاجتي إلى الله ربي حسبي الله قال الله تعالى: {قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ} (3) «وعن علي في قوله تعالى: {يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ} قال: (لولا أنه قال وسلامًا لقتله
(1) أخرجه: أحمد في الزهد:69.
(2)
أخرجه: أحمد في الزهد:69. ') ">
(3)
أورده الحكيم الترمذي في نوادر الأصول في أحاديث الرسول 2/ 275 - 276، والأصبهاني في حلية الأولياء ج1/ص20.
بردها» (1)
ويقول الشوكاني (2) مفسرًا الآية السابقة: {قَالُوا حَرِّقُوهُ} أي: قال بعضهم لبعض لما أعيتهم الحيلة في دفع إبراهيم وعجزوا عن مجادلته وضاقت عليهم مسالك المناظرة حرقوا إبراهيم انصرافًا منهم إلى طريق الظلم والغشم وميلاً منهم إلى إظهار الغلبة بأي وجه كان وعلى أي أمر اتفق ولهذا قالوا وانصروا آلهتكم إن كنتم فاعلين
…
للنصر
…
فأضرموا النار وذهبوا بإبراهيم إليها فعند ذلك قال الله: {قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا} ذات برد وسلام
…
{وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا} أي: مكرًا، {فَجَعَلْنَاهُمُ الأَخْسَرِينَ} أي: أخسر من كل خاسر ورددنا مكرهم عليهم فجعلنا لهم عاقبة السوء كما جعلنا لإبراهيم عاقبة الخير) (3)
لذا على المسلم أن يتوكل على الله حق توكله ويحسن الظن به لأنه أهل لذلك ويرجو ما عند الله من الخير مهما ضاقت به الدنيا وتكالبت عليه المصائب وانسدت في وجهه الأبواب.
(1) أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه: 6:330، وأورده الهندي في الكنز: رقم 4515.
(2)
هو: علي بن محمد بن عبد الله الشوكاني, فقيه مجتهد من كبار علماء اليمن له 114مؤلفا منها: نيل الأوطار, وفتح القدير, وإرشاد الفحول, والتحف في مذهب السلف, ت:1250هـ. انظر: الأعلام/الزركلي 6 298.
(3)
فتح القدير/الشوكاني: 3/ 415. ') ">
يقول الشاعر:
وإذا الأمور تعقدت وتصعبت
…
جاء القضاء من الكريم فحلها
قال الشافعي (1)
صبرًا جميلا ما أقرب الفرجا
…
من راقب الله في الأمور نجا
من صدق الله لم ينله أذى
…
ومن رجاه يكون حيث رجا (2)
وقال أبوحاتم السجستاني (3)
إذا اشتملت على اليأس القلوب
…
وضاق لما به الصدر الرحيب
وأوطأت المكاره واطمأنت
…
وأرست في أماكنها الخطوب
ولم تر لانكشاف الضر وجها
…
ولا أغنى بحيلته الأريب
(1) الإمام محمد بن إدريس الشافعي القرشي، عالم جليل، وناصر الحديث، وفقيه الملة، ت: 204هـ انظر مناقب الشافعي لأبي بكر بن الحسين البيهقي، ط /1، 1391هـ- 1971م، دار التراث.
(2)
ديوان الإمام الشافعي:30. ') ">
(3)
أبو حاتم السجستاني الإمام العلامة سهل بن محمد بن عثمان السجستاني المقريء النحوي اللغوي صاحب التصانيف، حدث عنه أبو داود والنسائي في كتابيهما وأبو بكر البزار في مسنده ومحمد بن هارون الروياني وابن صاعد وأبو بكر بن دريد وأبو روق الهزاني وعدد كثير، وتخرج به أئمة منهم أبو العباس المبرد وكان جماعة للكتب يتجر فيها وله في اللغات والشعر والعروض، وله كتاب إعراب القرآن وكتاب ما يلحن فيه العامة وكتاب المقصور والممدود وكتاب القطاع والمبادئ وكتاب القراءات وكتاب الفصاحة وكتاب الوحوش وكتاب اختلاف المصاحف وغير ذلك، ت:55 هـ. انظر: سير أعلام النبلاء /الذهبي: 12/ 268 - 270
أتاك على قنوط منك غوث
…
يمن به اللطيف المستجيب
وكل الحادثات إذا تناهت
…
فموصول بها الفرج القريب
ويقول آخر:
ولرب نازلة يضيق بها الفتى
…
ذرعًا وعند الله منها المخرج
ضاقت فلما استحكمت حلقاتها
…
فرجت وكنت أظنها لا تفرج (1)
ويقول غيره:
عسى الكرب الذي أمسيت فيه
…
يكون وراءه فرج قريب (2)
فالمسلم العابد يجعل الرجاء بدل الخوف والرجاء بدل التمني لأن التمني يكون في الشيء المستحيل أما الرجاء يكون في الشيء الممكن كما قال الشاعر:
ألا ليت الشباب يعود يومًا
…
فأخبره بما فعل المشيب (3)
وليت تكون للتمني أما عسى فهي للرجاء
(1) تفسير القرآن العظيم ابن كثير: 4/ 526 – 527 البيت لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه. انظر: تاريخ مدينة دمشق/ لأبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله:42/ 523 - 524.
(2)
البيت هدية خشرم العذري انظر شرح ابن عقيل: 327 - 328، وقد ذكره أبو علي القالي في أماليه وأبو السعادات الشجري في الحماسة، وكذلك الزركلي في الأعلام: 8/ 78.
(3)
لأبي العتاهية: انظر ديوانه:50 شرح مجيد طراد. ') ">