الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتب الحديث وروايته، لا يصيرُ بها الرجل فقيهاً، إنما يتفقه باستنباط معانيه، وإنعام التفكر فيه" وساق الشواهد الكثيرة الناطقة، على ذلك.
فكتاب "الموطأ" تأليفُ محدث فقيه، وإمام مجتهد بارع كبير تميز بمزايا لا توجد في سواه من الكتب المصنفة في الحديث الشريف.
مزايا "الموطأ
":
- لكتاب "الموطأ" مزايا كثيرة تميز بها عن سواه من كتب الحديث الشريف، أتعرض هنا إلى جملة منها باختصار:
فمزية"الموطأ"
أولاً: أنه تأليفُ إمام فقيه محدث مجتهد متقدم كبير متبوع شهد له أئمة عصره ومن بعدهم بالإمامة في الفقه والحديث دون منازع. روى الحافظ ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل"(1/1: 25)"عن علي بن المديني قال: كان حديث الفقهاء أحبَّ إليهم من حديث المَشيَخَة".
وقال الإمام ابن تيمية في "منهاج السنَّة النبوية"(115: 4 من طبعة بولاق) : "قال أحمد بن حنبل: معرفة الحديثِ والفقهِ فيه أحبُّ إليَّ من حفظِه. وقال علي بن المديني: أشرَفُ العلم الفقهُ في متون الأحاديث، ومعرفةُ أحوال الرواة". انتهى.
وفي "تدريب الراوي للحافظ السيوطي (ص 8) : "قال الأعمش: حديثٌ يتداوله الفقهاء خيرٌ من حديث يتداوله الشيوخ". وعقد الحافظ الرامَهرْمُزِي باباً طويلاً في (فضل من جَمَع بين الرواية والدراية) (ص 238 وما بعدها) ، وعقد بعده الحافظ الخطيب البغدادي في آخر كتابه "الكفاية" (ص 433) : (بابَ القول في ترجيح الأخبار) ، وذكر فيه ما يتصل بتفضيل حديث الفقيه على غيره.
ومزيتُهُ ثانياً: أنه أطبق العلماء على الثناء عليه وتبجيله، وكثر كلامهم في مدحه
وتقريظه، وأكتفي هنا بكلمات قالها إمام الأئمة الفقيه المحدث المجتهد المتبوع الإمام الشافعي رضي الله عنه، وحسبك به وكفى.
قال: ما على ظهر الأرض كتابُ أصحُّ بعد كتاب الله من كتاب مالك. وفي لفظ آخر: ماعلى الأرض كتابٌ هو أقرَبُ إلى القرآن من كتاب مالك. وفي لفظ آخر: ما بعدَ كتاب الله تعالى أكثَرُ صواباً من موطأ مالك. وفي لفظ آخر: ما بعدَ كتابِ الله كتابٌ أنفعُ من الموطأ.
وتنوُّعُ هذه العبارات يفيدُ تكرارَ ثناء الإمام الشافعي رضي الله عنه على كتاب الموطأ، أكثر من مرة في أوقات متعددة.
ومزيته ثالثاً: أنه من مؤلفات منتصف القرن الثاني من الهجرة، فهو سابقٌ غيرٌ مسبوق بمثله، إذ هو أوَّلُ كتاب في بابه، وللسابق فضل ومزية، إذ هو الإمامُ الذي سَنَّ التأليفَ الحديثيَّ على أبواب الفقه، واقتدى به المؤتمُّون من ورائه مثلُ عبد الله بن المبارك، والبخاريِّ، ومسلم، وسعيد بن منصور، وأبي داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه وسواهم.
فهو بسَبْقٍ حائزٌ تفضيلا * مُستوجِبٌ ثناءنا الجميلا
ومزيتُهُ رابعاً: أنه يرويه عن مؤلفِهِ إمامٌ فقيه محدِّثٌ مجتهدٌ كبير متبوع، مشهود له بالإمامةِ في الفقه والحديث والعربية، الإمامُ محمد بن الحسن الشيباني، لازَمَ شيخَه مالكاً ثلاث سنين، وسمع منه الكتاب بلفظه، فتملأَ وتروَّى، ونَهَل وعَبَّ من فقهه وعلمه وروايته، مع ما كان عليه من الذكاء النادر، والفطنة التامة، وفقاهةِ النفس والبدن.
ومزيتُهُ خامساً: أنه من رواية الإمام محمد بن الحسن الشيباني، تلميذ الإمامين أبي حنيفة وأبي يوسف، وشيخ الإمام الشافعي، وقد أتقن روايتَهُ عن شيخه مالك، وأضاف بعدَ روايتِهِ أحاديثَ الباب بيانَ مذهبه في المسألة موافقاً أو مخالفاً، وبيانَ مذهب شيخة الإمام أبي حنيفة فيها، وموافَقَتَهُ له أو مخالفتَه، وبيانَ مذهب شيخة الإمام مالك أحياناً، ومذهبَ عامَّةِ فقهائنا أيضاً.
ويُعقِّبُ في كثير من الأبواب ببيان معنى الحديث، وتوجيهه، وما يستحسنه أو يستحبه أو يكرهه من وجوه المسألة. وقد يُفصِّلُ تفصيلاً وافياً الأقوال والفروق بين مذهبه