الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وذلك سَوَاءٌ (1) ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله.
53 - (بابُ الصلاةِ فِي شِدَّةِ الْحَرِّ)
184 -
أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، أَخْبَرَنِي عبدُ اللَّهِ (2) بْنُ يزيدَ مَوْلَى الأسودِ (3) بْنِ سُفْيَانَ (4) ، عَنْ أَبِي سلمةَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَعَنْ محمدِ (5) بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ ثَوْبَانَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: إِذَا كَانَ الحرُّ فأبرِدُوا (6)
حتى يخرج عمر، ومعلوم أنَّ خروج عمر كان بعد الزوال، فكانوا يصلّون وقتَ استواء الشمس، ويوم الجمعة وغيره سواء لأن الفرق لم يصح عنده في نظر ولا أثر. انتهى. وذكر ابن عبد البر أيضاً أنه ممن رخَّص الصلاة وقت الاستواء الحسن البصري وطاووس، وهو رواية عن الأوزاعي، وقال الشافعي وأبو يوسف: لا بأس بالتطوع نصف النهار يوم الجمعة خاصة، وحجَّتهم حديث أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الصلاة نصف النهار حتى تزول الشمس إلَاّ يوم الجمعة.
(1)
قوله: سواء، لأن الاحاديث مطلقة، والعلَّة المستفادة منها، وهي اقتران قرن الشيطان مع الشمس عامة، والأحاديث المفيدة لجواز التنفل يوم الجمعة وقت الاستواء لا تساوي أحاديث النهي من حيث السند.
(2)
المخزومي المقبر، وثَّقه أحمد ويحيى، مات سنة 148 هـ. كذا في "الإسعاف".
(3)
القرشي المخزومي ابن أخي أبي سلمة بن عبد الأسد زوج أم سلمة رضي الله عنها، ذكره ابن عبد البر وقال: في صحبته نظر، وأشار في "الإصابة" إلى ترجيح أنه صحابي.
(4)
هو ابن عبد الأسد بن هلال.
(5)
العامري المدني، وثَّقه النسائي وابن سعد، وقال أبو حاتم: لا يُسأل عن مثله، كذا في "الإسعاف".
(6)
قوله: فأبردوا، قال في " النهاية": الإبراد انكسار الوهج والحرّ، وهو من الإبراد: الدخول في البرد.
عَنِ الصَّلاةِ (1) ، فإنَّ (2) شدَّة الْحَرِّ مِنْ فَيْحِ (3) جَهَنّم. وذكر (4)
(1) أي: عن صلاة الظهر، وبه صرح في حديث أبي سعيد عند البخاري وغيره بلفظ:"أبردوا بالظهر"، وحمله بعضهم على عمومه، فقال به أشهب في العصر، وأحمد في العشاء في الصيف. قوله: عن الصلاة، قال عياض: معناه بالصلاة كما جاء في رواية. وعن تجيء بمعنى الباء، وقد تكون زائدة أي: أبردوا الصلاة، والأول جزم به النووي، والثاني جزم به ابن العربي في "القبس". وقال القاضي: اختلف العلماء في الجمع بين هذا الحديث وبين حديث خبّاب: شكونا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حرَّ الرمضاء، فلم يشكُنا، فقال بعضهم: الإبراد رخصة، والتقديم أفضل، وقال بعضهم: حديث خبّاب منسوخ، وقال بعضهم: الإبراد مستحب وحديث خباب محمول على أنهم طالبوا تأخيراً زائداً على قدر الإبراد، وهذا هو الصحيح. انتهى. ومن الغريب تفسير بعضهم "أبردوا"، أي: صلّوا لوقتها الأول رداً إلى حديث خبّاب، نقله عياض، عن حكاية الهروي، وتفسير آخر:"فلم يشكنا"، أي: لم يحوجنا ردّاً إلى حديث الإبراد، نقله ابن عبد البر، عن ثعلب، كذا في "التنوير".
(2)
تعليل مشروعية الإبراد.
(3)
قوله: من فيح جهنم، أي: وهجها، ويُروى من فوح جهنم، وقال صاحب "العين" وغيره، الفيح سطوع الحرّ في شدة القيظ.
وأما قوله: اشتكت النار....إلخ، فإنَّ أهل العلم اختلفوا في معناه، فحمله جماعة منهم على الحقيقة، وقالوا: أنطقها الله الذي أنطق كلَّ شيء، وحمله جماعة منهم على المجاز، والقول الأول يعضده عموم الخطاب وظاهر الكتاب، وهو أولى بالصواب، كذا في "الاستذكار".
(4)
قوله: وذكر، أي: النبي صلى الله عليه وسلم فهو بالإسناد المذكور ووهم من جلعه موقوفاً على أبي هريرة أو معلَّقاً، وقد أفرده أحمد في مسنده ومسلم من طريق آخر، عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر.
أَنَّ النارَ (1) اشتكَتْ (2) إِلَى ربِّها عز وجل، فإذِنَ لَهَا فِي كلِّ بنَفَسَيْن (3) : نَفَس (4) فِي الشِّتَاءِ ونَفَس فِي الصَّيْفِ (5) .
قَالَ مُحَمَّدٌ: وَبِهَذَا نَأْخُذُ، نُبْرد لِصَلاةِ الظُّهْرِ فِي الصَّيْفِ وَنُصَلِّي فِي الشِّتَاءِ حِينَ تَزُولُ الشَّمْسُ وَهُوَ قَوْلُ أبي حنيفة (6) رحمه الله.
(1) وفي مسلم: قالت النار: يارب أكل بعضي بعضاً، فأْذَنْ لي التنفس، فأَذِن لها بنَفَسَيْن.
(2)
قوله: اشتكت، حقيقة بلسان الحال، كما رجَّحه من فحول الرجال ابن عبد البر وعياض والقرطبي وابن المنير والتوربشتي، ولا مانع منه سوى ما يخطر للواهم من الخيال، قاله الزرقاني.
(3)
تثنية نَفَس بالفتح.
(4)
قوله: نفس في الشتاء
…
إلخ، لمسلم زيادة فما ترون من شدة البرد فذلك من زمهريرها، وما ترون من ششدة الحر فهو من سمومها. قال عياض: قيل: معناه إذا تنفَّسَتْ في الصيف قوّى لَهَبُها حرَّ الشمس، وإذا تنفَّستْ في الشتاء دفع حرُّها شدة البرد إلى الأرض. وقال ابن التين: فإنْ قيل كيف يجمع بين البرد والحر في النار؟ فالجواب أن جهنم فيها زوايا فيها نار، وزوايا فيها زمهرير، وقال مغلطائي: لقائل أن يقول الذي خلق الملك من ثلج ونار قادر على جمع الضدَّين في محل واحد، كذا في "التنوير".
(5)
بفتح الفاء.
(6)
قوله: وهو قول أبي حنيفة، وبه قال مالك في رواية عنه، وأحمد وزاد الإبراد في العشاء في الصيف، وقال الليث والشافعي ومن تبعهم: أول الوقت أولى في جميع الصلوات، كذا ذكره ابن عبد البر، وحجَّتهم في ذلك حديث خباب شكونا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حرَّ الرمضاء، فلم يشكنا أي لم يُزِل شكوانا،