الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
72 - (بابُ القنوتِ فِي الْفَجْرِ)
242 -
أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ نافعٍ قال: كان (1) ابنُ عمرَ
الشرعية، فما لم يوجد في القرون الثلاثة، ولم يستحسنه أهل الاجتهاد ولم يوجد له دليل صريح أو ما يدخل فيه من الأصول الشرعية، فهو ضلالة بلا ريب، وإن استحسنه مستحسن، فافهم.
(1)
قوله: كان ابن عمر لا يقنت في الفجر، هكذا رُوي عنه بروايات متعددة، وعن جماعة من الصحابة، فمنهم من لم يختلف عنه، ومنهم من رُوي عنه القنوت والترك كلاهما، فأخرج ابن أبي شيبة عن أبي بكر وعمر وعثمان أنهم كانوا لا يقنتون في الفجر. وأخرج عن عليّ أنه لما قنت في الفجر أنكر عليه الناس ذلك، فلما سلَّم قال: إنما استنصرنا على عدونا. وأخرج أيضاً عن ابن عباس وابن مسعود وابن الزبير وابن عمر أنهم كانوا لا يقنتون في الفجر. وأخرج محمد في "الآثار"، عن الأسود بن يزيد أنه صحب عمر سنين في السفر والحضر، فلم يره قانتاً في الفجر حتى فارقه. وأخرج البيهقي، وضعَّفه، عن ابن عباس قال: القنوت في الصبح بدعة. وأخرج الحازمي في كتاب "الاعتبار"، عن ابن مسعود قال: لم يقنت رسول الله صلى الله عليه وسلم إلَاّ شهراً، لم يقنت قبله ولا بعده. وأخرج عن ابن عمر أنه قال: رأيت قيامكم عند فراغ القارئ والله إنه لبدعة، ما فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم غيرَ شهر واحد، ثم تركه. وأخرج الطحاوي في "شرح معاني الآثار" أن عليّاً وأبا موسى كانا يقنتان في الفجر. وأخرج أيضاً عن إبراهيم: كان عبد الله لا يقنت في الفجر، وأول من قنت فيها علي، كانوا يرون أنه إنما فعل ذلك، لأنه كان محارباً. وأخرج عن ابن عباس أنه قنت في الفجر قبل الركعة، وأخرج أن ابن عمر وابن عباس كانا لا يقنتان في الصبح. وأخرج عن ابن مسعود أنه كان لا يقنت في شيء من الصلاة إلَاّ الوتر، فإنه كان يقنت فيهما قبل الركعة. وأخرج عن ابن الزبير أنه كان لا يقنت في الصبح. وأخرج عن عمر أنه كان يقنت، ومن طريق آخر أنه كان لا يقنت، ومن طريق أنه إذا كان محارِباً قنت، وإلَاّ لا. وذكر الحازمي أن ممَّن رُوي عنه القنوت عمار بن ياسر وأُبَيّ بن كعب وأبو موسى وعبد الرحمن بن
لا يَقْنُتُ (1) فِي الصُّبْحِ.
قَالَ مُحَمَّدٌ: وَبِهَذَا نَأْخُذُ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله.
أبي بكر وابن عباس، وأبو هريرة والبراء وأنس وسهل بن سعد وغيرهم (في الأصل:"غيره"، والصواب:"غيرهم") .
ولاختلاف الصحابة في ذلك وقع الاختلاف بين التابعين والأئمة المجتهدين، فمن ذهب إلى القنوت في الفجر سعيد بن المسيب ومحمد بن سيرين وأبان بن عثمان وقتادة وطاووس وعبيد بن عمير وعَبيدة السَّلماني وعروة بن الزبير وعبد الرحمن بن أبي ليلى وحماد ومالك بن أنس وأهل الحجاز والأوزاعي وأكثر أهل الشام والشافعي وأصحابه والثوري في رواية وغيرهم كذا ذكره الحازمي، وذهب نفر من الأئمة منهم إبراهيم والثوري في رواية وأبو حنيفة (إن الحنفية والحنابلة متفقون في دوام قنوت الوتر دون الفجر وقنوت اللعن عندهم مخصوص بالنوازل يكون في رمضان أو في غيره. انظر أوجز المسالك 2/308) وأصحابه إلى أن لا قنوت في شيء من الصلوات إلَاّ في الوتر وإلاّ (في الأصل:"إلَاّ"، والصواب:"وإلَاّ") في نازلة، فإنه حينئذٍ يُشرع القنوت في الفجر. وأما الأخبار المرفوعة في ذلك فمختلفة اختلافاً فاحشاً، فورد أنه صلى الله عليه وسلم كان يقنت في الصلوات كلها، وورد أنه كان يقنت في الفجر والمغرب، وورد أنه لم يزل يقنت في الفجر حتى فارق الدنيا، وورد أنه لم يقنت إلَاّ شهراً يدعو على قوم من الكفار، ثم تركه، وورد الاختلاف أيضاً في القنوت قبل الركوع أو بعده، وورد في بعض الروايات أنه كان لا يقنت إلَاّ أن يدعو لقوم أو على قوم. ولا نزاع بين الأئمة في مشروعية القنوت، ولا في مشروعيتِه للنازلة، إنما النزاع في بقاء مشروعيته لغير النازلة، فأصحابنا يقولون: القنوت كان حين كان ثم ترك، وغيرنا يقولون لم يزل ذلك في الصبح، وإنما تُرك في باقي الصلوات، والكلام في المقام طويل من الجوانب إبراماً وجرحاً وإيراداً ودفعاً، مظانُّه الكتب المبسوطة كـ"الاستذكار"، و"شرح معاني الآثار"، و"تخريج أحاديث الهداية" وغير ذلك.
(1)
بل روي عنه أنه بدعة.