الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفي "تنوير الحوالك"(1/6) أيضاً: قال أبو طالب المكي في "قوت القلوب": هذة المصنفات من الكتب حادثة بعد سنة عشرين أو ثلاثين ومئة، ويقال: إن أول ما صنف في الإسلام كتاب ابن جريج في الأثار، وحروف من التفاسير، ثم كتاب معمر بن راشد الصنعاني باليمن، جمع فيه سنن منثورة مبوبة، ثم كتاب الموطأ بالمدينة لمالك؟، ثم جمع ابن عيينة كتاب الجامع والتفسير في أحرف من القرآن وفي الأحاديث المتفرقة، وجامع سفيان الثوري صنفه أيضاً في هذة المدة، وقيل أنها صنفت سنة ستين ومئة. انتهى.
الفائدة الثانية: في ترجمة الإمام مالك
- (انظر ترجمته في سير أعلام النبلاء: 8/48، ترتيب المدارك: 1/102، 254؛ وفيات الأعيان: 4/135، 139؛ تهذيب التهذيب: 10/5 وطبقات الحفاظ ص 89؛ وتهذيب الكمال: 7/139؛ ومقدمة أوجز المسالك 1/17، 55.
وليس في الإمكان حصر الكتب التي ألفت في سيرته، أو ترجمت له، ولي كتاب "الإمام مالك ومكانة كتابه الموطأ" مطبوع) .
وما أدراك ما مالك؟! إمام الأئمة، مالك الأزمة، رأس أجلة دار الهجرة، قدوة علماء المدينة الطيبة، يعجز اللسان عن ذكر أوصافه الجليلة، ويقصر الإنسان عن ذكر محاسنه الحميدة.
وقد أطنب المؤرخون في تواريخهم والمحدثون في تواليفهم في ذكر ترجمته وثنائه، وصنف جمع منهم رسائل مستقلة في ذكر حالاته كأبي بكر أحمد بن مروان المالكي الدينوري المصري المتوفى سنة عشر وثلاث مائة على ما في "كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون "(2/1841) ، وأبو الروح عيسى بن مسعود الشافعي المنوفى سنة أربع وسبعين وسبعمائة، والجلال السيوطي الشافعي المصري صنف رسالة سماها "تزيين الأرائك بمناقب الإمام مالك" ولنذكر ههنا نبذاً من أحواله ملخصا من "معدن اليواقيت الملتمعة، في مناقب الأئمة الأربعة" وغيره من كتب ثقات الأمة قاصداً فيه الاختصار، فالتطويل يقتضي الأسفار الكبار.
فأما اسمه ونسبه، فهو مالك بن أنس بن مالك بن أبي عامر بن
عمرو بن الحارث بن غيمان - بغين معجمة وياء تحتية - ويقال عثمان (قال الذهبي في سير أعلام النبلاء: 8/71: وهذا لم يصح) بن جثيل بجيم وثاء مثلثة ولام - وقيل خثيل بخاء معجمة - بن عمرو بن الحارث الأصبحي المدني، نسبة إلى أصبح بالفتح قبيلة من يعرب بن قحطان. وجده الأعلى أبو عامر ذكره الذهبي في"تجريد الصحابة". وقال: كان في زمان النبي صلى الله عليه وسلم، ولابنه مالك رواية عن عثمان وغيره. وأما ولادته ووفاته. فذكر اليافعي في "طبقات الفقهاء" أنه ولد سنة أربع وتسعين، وذكر ابن خلِّكان وغيرُه انه ولد سنة خمسة وتسعين، وقيل سنة تسعين (قال الذهبي في المصدر السابق 8/49: الأصح في سنة ثلاثة وتسعين) ، وذكر المزِّي في "تهذيب الكمال" وفاته سنة تسعة وسبعون ومائة ضحوة رابع عشر من ربيع الأول، وحمل به في بطن أمه ثلاث سنين وكان دفنه بالبقيع وقبره يزار ويتبرك به. وأما مشايخه وأصحابه فكثيرون فمن مشايخه: إبراهيم بن أبي عبلة المقدسي، وإبراهيم بن عقبة، وجعفر بن محمد الصادق، ونافع مولى بن عمر، ويحيى بن سعيد، والزهري، وعبد الله بن دينار وغيرهم. ومن تلامذته سفيان الثوري، وسعيد بن منصور، وعبد الله بن المبارك، وعبد الرحمن الأوزاعي وهو أكبر منه، وليث بن سعد من أقرانه، والإمام الشافعي محمد بن ادريس، ومحمد بن الحسن الشيباني وغيرهم. وأما ثناء الناس عليه ومناقبه فهو كثير: قال أبو عمر (ذكر بعضهم في كنيته، أبو عمرو بالواو، وذكر الزرقاني في "شرح المواهب" أن كنيته أبوعمر بضم العين بدون الواو (ش)) بن عبد البَرّ في كتاب "الأنساب": أن الإمام مالك بن أنس كان إمام دار الهجرة، وفيها ظهر الحق وقام الدين، ومنها فُتحت البلاد وتواصلت الأمداد، وسمي عالم المدينة، وانتشر علمه في الأمصار، واشتهر في سائر الأقطار، وضربت له أكباد الإبل، وارتحل الناس إليه من كل فج عميق، وانتصب للتدريس، وهو ابن سبعة عشر سنة، وعاش قريباً من
تسعين، ومكث يفتي الناس ويعلم الناس سبعين سنة، وشهد له التابعون بالفقه والحديث. انتهى.
وفي "الروض الفائق" أنه العالم الذي يشير إليه (في الأصل: "به"، وهو خطأ) النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه الترمزي (أخرجه الترمزي في كتاب العلم، رقم الحديث 2680) وغيره، وهو قوله صلى الله عليه وسلم:"ينقط العلم فلا يبقى عالم أعلم من عالم المدينة". وفي حديث آخر عن أبي هريرة: "يوشك الناس أن يضربوا أكباد الإبل، فلا يجدون عالماً أعلم من عالم المدينة". قال سفيان بن عيينة: كانوا يرون مالكاً، وقال عبد الرزاق: كنا نرى أنه مالك فلا يعرف هذا الإسم لغيره، ولا ضربت أكباد الإبل إلى أحد مثل ما ضربت إليه. وقال مصعب: سمعت مالكاً يقول: ما أفتيت حتى شهد لي سبعون شيخاً أني أهلٌ لذلك، وقال الشافعي: لولا مالك وسفيان لذهب علم الحجاز. وقال رجل للشافعي: هل رأيت أحداً ممن أدركت مثل مالك؟ فقال: سمعت من تقدّمنا في السن والعلم يقولون: ما رأينا مثل مالك، فكيف نرى مثله؟ وقال حماد بن سلمة: لو قيل لي اختر لأمة محمد صلى الله عليه وسلم من يأخذون عنه العلم لرأيت مالك بن أنس لذلك موضعاً ومحلاً. وقال محمد بن ربيع حججت مع أبي وأنا صبي فنمت في مسجد رسول الله فرأيت في النوم رسول الله كأنه خرج من قبره وهو متّكئ على أبي بكر وعمر، فقمت، وسلّمت، فردّ السلام، فقلت: يا رسول الله، أين أنت ذاهب؟ قال: أقيم لمالك الصراط المستقيم، فانتبهت وأتيت أنا وأبي إلى مالك، فوجدت الناس مجتمعين على مالك وقد أخرج لهم الموطّأ، وقال محمد بن عبد الحكيم: سمعت محمد بن السري، يقول: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم في المنام، فقلت: حدّثني بعلم أحدّث به عنك. فقال: يا ابن السري، إني قد وصلت بمالك بكنز يفرقه عليكم، ألا وهو "الموطّأ"، ليس بعد كتاب الله ولا سنتي في إجماع المسلمين حديث أصح من "الموطأ"، فاستمعه تنتفع به. وقال يحيى بن سعيد: ما في القوم أصح حديثاً من مالك، ثم سفيان الثوريّ وابن عيينة. وقال أبو مسلم الخزاعي: كان مالك إذا أراد أن يجلس (أي للتحديث) توضأ وضوءه للصلاة، ولبس أحسن ثيابه، وتطيّب، ومشط لحيته، فقيل له في ذلك،