المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فهرس الكتاب

- ‌[مقدمات الطبع والتحقيق]

- ‌تقدِيم بقَلم سَمَاحَةِ الشَّيخ أبي الحَسَن عَلي الحَسَني النَّدوي

- ‌تَقدمة بقلم الأستاذ عَبد الفتاح أبو غُدّة

- ‌حفظ الله تعالى للسنة:

- ‌نصيب المدينة من السنة أوفى نصيب وسَبْقُها في تدوين السنة:

- ‌تأليف مالك الموطأ:

- ‌تأريخ تأليف الموطأ:

- ‌الموطأ أوَّلُ ما صُنِّف في الصحيح:

- ‌مكانة "الموطأ" وصعوبة الجمع بين الفقه والحديث:

- ‌كبار الحفاظ الأقدمين وحدود معرفتهم بالفقه:

- ‌الإمامة في علم تجتمع معها العامية في علم آخر:

- ‌يُسر الرواية وصعوبة الفقه والاجتهاد:

- ‌مزايا "الموطأ

- ‌كلمةٌ عن روايات الموطأ عن مالك:

- ‌كلمات في ترجمة محمد بن الحسن راوي الموطأ وكلمات في العمل بالرأي الذي يُغمَزُ به:

- ‌كلماتٌ في العمل بالرأي الذي يُغمزُ به محمد بن الحسن والحنفيةُ وغيرهم:

- ‌ظلم جملة من المحدثين لأبي يوسف ومحمد الفقيهين المحدثين:

- ‌كلمات للإمام ابن تيمية في دفع الجرح بالعمل بالرأي:

- ‌تحجُّر الرواة وضيقهم من المشتغل بغير الحديث:

- ‌الردُّ على من قدح في أبي حنيفة بدعوى تقديمه القياس على السنة:

- ‌كلمات في ترجمة الشارح الإمام اللكنوي:

- ‌أهميةُ طبع كتاب التعليق الممجد:

- ‌مقدمة المحقِّق [د. تقي الدين الندوي أستاذ الحديث الشريف بجامعة الإمارات العربية المتحدة]

- ‌تَرجمَة "العَلاّمة فَخر الهِند عبد الحَي اللَّكنَوي" (من "نزهة الخواطر وبهجة المسامع والنواطر"، للشيخ السيد عبد الحيّ الحَسَني (م 1341 هـ) : 8/234)

- ‌مقَدِّمَة الشَّارح

- ‌مقَدمة: فيهَا فوائد مُهمَّة

- ‌[الفائدة] الأولى: في كيفية شيوع كتابة الأحاديث وبَدْء تدوين التصانيف، وذكر اختلافها مَقصِداً، وتنوّعها مسلكاً، وبيان أقسامها وأطوارها

- ‌الفائدة الثانية: في ترجمة الإمام مالك

- ‌الفائدة الثالثة: في ذكر فضائل الموطّأ وسبب تسميته به وما اشتمل عليه

- ‌الفائدة الرابعة: قد يُتَوَهَّم التعارض بين ما مرَّ نقله عن الشافعي

- ‌الفائدة الخامسة: من فضائل الموطّأ اشتماله كثيراً على الأسانيد التى حكم المحدثون عليها بالأصحية

- ‌الفائدة السادسة: قال السيوطي: في "تنوير الحوالك

- ‌الفائدة السابعة: [نسخ الموطأ]

- ‌الفائدة الثامنة: [عدد أحاديثه]

- ‌الفائدة التاسعة: في ذكر من علق على موطّأ الإمام مالك

- ‌الفائدة العاشرة: في نشر مآثر الإِمام محمد وشيخيه أبي يوسف وأبي حنيفة:

- ‌الفائدة الحادية عشرة: [أهمية رواية محمد، وترجيحها على رواية يحيى المشهورة]

- ‌الفائدة الثانية عشرة: في تعداد الأحاديث والآثار التي في موطأ الإمام محمد [بالتفصيل] :

- ‌خاتمة:

- ‌أبواب الصلاة

- ‌2 - (بَابُ ابْتِدَاءِ الْوُضُوءِ)

- ‌5 - (بَابُ الْوُضُوءِ مِنْ مسِّ الذَّكر)

- ‌8 - (بَابُ الْوُضُوءِ مِنَ الرُّعاف)

- ‌10 - (بَابُ الْوُضُوءِ مِنَ الْمَذْيِ)

- ‌12 - (بَابُ الْوُضُوءِ بِمَاءِ الْبَحْرِ)

- ‌15 - (بَابُ الاغْتِسَالِ مِنَ الْجَنَابَةِ)

- ‌17 - (بَابُ الاغْتِسَالِ يَوْمِ الجُمُعة)

- ‌18 - (بَابُ الاغْتِسَالِ يومَ الْعِيدَيْنِ)

- ‌24 - (بَابُ الْمُسْتَحَاضَةِ

- ‌25 - (باب المرأة ترى الصُّفرة والكُدْرة

- ‌26 - (بَابُ الْمَرْأَةِ تَغْسِل بعضَ أعضاءِ الرَّجُلِ وَهِيَ حَائِضٌ)

- ‌27 - (باب الرجل يغتسلُ أو يتوضأ بِسُؤْرِ الْمَرْأَةِ

- ‌28 - (بَابُ الْوُضُوءِ بِسُؤْرِ الهِرّة)

- ‌29 - (باب الأَذَانِ وَالتَّثْوِيبِ

- ‌30 - (بَابُ الْمَشْيِ إِلَى الصَّلاةِ وَفَضْلِ الْمَسَاجِدِ)

- ‌34 - (باب القراءة في الصلاة خلف الإمام

- ‌39 - (باب السهو في الصلاة)

- ‌42 - (بَابُ السُّنَّةِ فِي السُّجُودِ)

- ‌43 - (بَابُ الْجُلُوسِ فِي الصَّلاةِ)

- ‌44 - (بَابُ صَلاةِ الْقَاعِدِ)

- ‌45 - (بَابُ الصَّلاةِ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ)

- ‌46 - (بَابُ صَلاةِ اللَّيْلِ)

- ‌7 - (بابُ الحدَثِ فِي الصَّلاةِ)

- ‌8 - (بَابُ فَضْلِ الْقُرْآنِ وَمَا يُستحبُّ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ عز وجل

- ‌50 - (باب الرجلان يصلِّيانِ جَمَاعَةً)

- ‌52 - (بَابُ الصلاةِ عِنْدَ طلوعِ الشَّمْسِ وَعِنْدَ غُرُوبِهَا)

- ‌53 - (بابُ الصلاةِ فِي شِدَّةِ الْحَرِّ)

- ‌54 - (بَابُ الرَّجُل يَنْسَى الصلاةَ أَوْ تفوتُهُ عَنْ وَقْتِهَا)

- ‌56 - (بَابُ قَصْرِ الصَّلاةِ فِي السَّفَرِ)

- ‌57 - (بَابُ الْمُسَافِرِ يَدْخُلُ المِصْرَ أَوْ غيرَه مَتَى يُتِمّ الصلاةَ)

- ‌58 - (باب الْقِرَاءَةِ فِي الصَّلاةِ فِي السَّفَرِ)

- ‌59 - (بَابُ الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلاتَيْنِ فِي السَّفَرِ وَالْمَطَرِ)

- ‌60 - (بَابُ الصَّلاةِ عَلَى الدَّابَةِ فِي السَّفَرِ)

- ‌61 - (بَابُ الرَّجُلِ يصلِّي فَيَذْكُرُ أنَّ عَلَيْهِ صَلاةً فَائِتَةً)

- ‌64 - (بَابُ فَضْلِ الْعَصْرِ وَالصَّلاةِ بَعْدَ الْعَصْرِ)

- ‌65 - (بَابُ وَقْتِ الْجُمُعَةِ وَمَا يُسْتَحَبُّ مِنَ الطِّيبِ وَالدِّهَانِ

- ‌66 - (بَابُ الْقِرَاءَةِ فِي صَلاةِ الْجُمُعَةِ وَمَا يُسْتَحَبُّ مِنَ الصَّمْتِ

- ‌67 - (بَابُ صَلاةِ الْعِيدَيْنِ وَأَمْرِ الْخُطْبَةِ)

- ‌68 - (بَابُ صَلاةِ التَّطَوُّعِ قَبْلَ العيد أبو بَعْدَهُ)

- ‌69 - (بَابُ القراءةِ فِي صَلاةِ الْعِيدَيْنِ)

- ‌70 - (بَابُ التَّكْبِيرِ فِي الْعِيدَيْنِ

- ‌72 - (بابُ القنوتِ فِي الْفَجْرِ)

- ‌73 - (بَابُ فضلِ صلاةِ الْفَجْرِ فِي الْجَمَاعَةِ وَأَمْرِ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ)

- ‌74 - (بَابُ طولِ القراءةِ فِي الصَّلاةِ وَمَا يُسْتَحَبُّ مِنَ التَّخْفِيفِ)

- ‌75 - (بابُ صلاةِ المغربِ وترُ صلاةِ النَّهار)

الفصل: ‌18 - (باب الاغتسال يوم العيدين)

‌18 - (بَابُ الاغْتِسَالِ يومَ الْعِيدَيْنِ)

69 -

أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، حَدَّثَنَا نَافِعٌ: أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَغْتَسِلُ قَبْلَ أَنْ يَغْدُوَ (1)(2) إِلَى الْعِيدِ.

70 -

أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، أَخْبَرَنَا (3) نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّهُ كَانَ يَغْتَسِلُ يَوْمَ الْفِطْرِ قَبْلَ أَنْ يَغْدُوَ.

قَالَ مُحَمَّدٌ: الغُسْلُ يومَ الْعِيدِ حَسَنٌ (4) وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ، وَهُوَ قول أبي حنيفة رحمه الله.

(1) أي: يذهب بالغداء.

(2)

قوله: قبل أن يغدو، استنبط منه صاحب "البحر الرائق" أن غُسل العيد للصلاة لا لليوم، وذكر الياس زاده في "شرح النقاية": لم يُنقل في هذا الغسل أنه لليوم أو للصلاة. وينبغي أن يكون مثل الجمعة، لأن في العيدين أيضاً الاجتماع، فيُستحبّ الاغتسال دفعاً للرائحة الكريهة. انتهى.

(3)

وفي نسخة: أخبرني.

(4)

قوله: حسن، هذا يشتمل الاستنان والاستحباب، فمن قال باستنان غسل يوم الجمعة، قال باستنان غسل العيدين، ومن قال باستحبابه، قال باستحبابه. والأرجح هو الأول لما روى ابن ماجه عن الفاكه بن سعد: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يغتسل يوم الفطر ويوم الأضحى. قال الحافظ ابن حجر في"تخريج أحاديث شرح الوجيز" للرافعي: رواه البزار والبغوي وابن قانع وعبد الله بن أحمد في زيادات المسند من حديث الفاكه، وإسناده ضعيف، ورواه البزار من حديث أبي رافع، وإسناده ضعيف أيضاً، وفي باب من الموقوف عن علي رواه الشافعي. وعن ابن عمر رواه مالك، وروى البيهقي عن عروة بن الزبير أنه اغتسل للعيد وقال: إنه السُّنَّة.

ص: 310

19 -

(بَابُ التيمُّم (1) بالصَّعِيد)

71 -

أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، أَخْبَرَنَا نَافِعٌ، أَنَّهُ أَقْبَلَ هُوَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ مِنَ الجُرف (2) حَتَّى إِذَا كَانَ بالمِرْبَد (3) نَزَلَ عبدُ اللَّهِ بنُ عُمَرَ فَتَيَمَّمَ (4) صَعِيدًا طَيِّبًا، فَمَسَحَ وجهَه ويدَيه إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ (5) ، ثُمَّ صَلَّى (6) .

(1) قوله: التيمُّم، هو في اللغة القصد، وفي الشرع القصد إلى الصعيد لمسح الوجه واليدين بنيَّة استباحة الصلاة وغيرها.

(2)

بضم فسكون، أو بضمتين: موضع على ثلاثة أميال من المدينة.

(3)

قوله: المِرْبَد، بكسر الميم وسكون الراء وموحدة مفتوحة ودال مهملة على ميل (قلت: لعله أزيد من ميل وأقل من ميلين، فحذف الكسر مرة، واعتبر به أخرى، لأن المِرْبَد مجلس الإبل وفضاء وراء البيوت ترتفق به كذا في "عمدة القاري"، وهو لا يكون إلاّ بقرب المدينة متصلاً بها، جزم الحافظ في "الفتح" بأنه من المدينة على ميل (1/374) . والميل: هو ثلاث فراسخ بغلبة الظن، وفي "الطحطاوي على مراقي الفلاح" (ص 66) : الميل في اللغة منتهى مدّ البصر) ، أو ميلين من المدينة، قاله الباجي.

(4)

قوله: فتيمم، قال الباجي: فيه التيمّم في الحضر لعدم الماء، إذ ليس بين الجرف والمدينة مسافة القصر، قال محمد بن مسلمة: وإنما تيمّم بالمربد، لأنه خاف فوات الوقت يعني المستحب، وروى في البخاري أنه دخل المدينة والشمس مرتفعة ولم يُعِد، وإلى جوازه في الحضر ذهب مالك وأصحابه وأبو حنيفة والشافعي، وقال زفر وأبو يوسف: لا يجوز التيمم في الحضر بحال، كذا قال الزرقاني.

(5)

أي: معهما.

(6)

حفظاً للوقت.

ص: 311

72 -

أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، أَخْبَرَنَا عبدُ الرَّحْمَنِ (1) بنُ الْقَاسِمِ، عن أبيه (2)، عن عائشة رضي الله عنها أَنَّهَا قَالَتْ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره (3)

(1) قوله: عبد الرحمن، هو ابن القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق المدني الفقيه، وثَّقه أحمد وغير واحد، مات بالشام سنة 126 هـ، كذا في "الإسعاف".

(2)

قوله: عن أبيه، هو ابن محمد بن أبي بكر الصديق المدني، قال ابن سعد: ثقة رفيع، عالم فقيه ورع، مات سنة ست ومائة على الصحيح، كذا قال السيوطي وغيره.

(3)

في نسخة "الأسفار" قوله: في بعض أسفاره، قال ابن حجر في "فتح الباري": قال ابن عبد البر في "التمهيد": يُقال إنه كان في غزاة بني المصطلق، وجزم بذلك في "الاستذكار" وسبقه إلى ذلك ابن سعد وابن حبان، وغزاة بني المصطلق هي غزاة المُرَيْسيع، وفيها (في الأصل:"وفيه" والظاهر: "وفيها") وقعت قصة الإفك لعائشة، وكان ابتداء ذلك بسبب وقوع عِقدها، فإن كان ما صرَّحوا به ثابتاً حُمل على أنه سقط منها في تلك السفرة مرتين. لاختلاف القصتين كما هو بيَّن في سياقهما، واستبعد بعض شيوخنا ذلك، قال: لأن المريسيع من ناحية مكة بين قديد والساحل، وهذه القصة كانت من ناحية خيبر لقولها في الحديث: حتى إذا كنا بالبيداء أو بذات الجيش، وهما بين المدينة وخيبر. جزم به النووي.

قلت: وما جزم به مخالف لما جزم به ابن التِّين، فإنه قال: البيداء هي ذو الحُليفة بالقرب من المدينة من طريق مكة، وذات الجيش وراء ذي الحليفة، وقال أبو عُبيد البكري في "معجمه": البيداء أدنى إلى مكة من ذي الحليفة، ثم ساق حديث عائشة، ثم ساق حديث ابن عمر قال: بيداؤكم هذه التي تكذبون فيها: ما أهل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلاّ من عند المسجد

الحديث. قال: والبيداء هو الشرف

ص: 312

حَتَّى إِذَا كُنَّا بالبيداءِ أَوْ (1) بذاتِ الْجَيْشِ انْقَطَعَ (2) عِقدي (3) ، فَأَقَامَ (4) رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى التماسِهِ (5) ، وَأَقَامَ الناسُ وَلَيْسُوا عَلَى ماءٍ (6) وَلَيْسَ مَعَهُمْ ماءٌ، فَأَتَى النَّاسُ إِلَى أَبِي بَكْرٍ (7) فَقَالُوا: أَلا تَرَى إِلَى ما صنعت عائشة؟ أقامت (8)

الذي قُدّام ذي الحُليفة في طريق مكة، وذات الجيش من المدينة على بريد، وبينها وبين العقيق سبعة أميال، والعقيق من طريق مكة، لا من طريق خيبر، فاستقام ما قاله ابن التين.

(1)

الشك من عائشة.

(2)

قوله: انقطع، في التفسير من رواية عمرو بن الحارث: سقطت قِلادة لي بالبيداء ونحن داخلون المدينة فأناخ رسول الله صلى الله عليه وسلم ونزل وهذا مشعر بأن ذلك كان عند قربهم من المدينة كذا في الفتح.

(3)

قوله عقد بكسر المهملة كل ما يعقد ويعلق في العنق ويسمى قلادة ولأبي داود من حديث عمار أنه كان من جزع ظفار، وفي رواية عمرو بن الحارث: سقطت قلادة لي، وفي رواية عروة عنها: أنها استعارت قلادة من أسماء فهلكت، أي: ضاعت. والجمع بيهما أن إضافة القلادة إلى عائشة لكونها في يدها وتصرُّفها، وإلى أسماء لكونها مِلْكَها، كذا في "الفتح".

(4)

قوله: فأقام، فيه اعتناء الإمام بحفظ حقوق المسلمين وإن قلَّت، فقد نقل ابن بطّال أن ثمن العقد كان اثني عشر درهماً، قاله في "الفتح".

(5)

أي: لأجل طلبه.

(6)

استدل بذلك على جواز الإقامة في المكان الذي لا ماء فيه.

(7)

فيه شكوى المرأة إلى أبيها وأن كان لها زوج.

(8)

أُسند الفعل إليها، لأنه كان بسببها.

ص: 313

بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَبِالنَّاسِ وَلَيْسُوا عَلَى ماءٍ (1) وَلَيْسَ مَعَهُمْ ماءٌ، قَالَتْ: فَجَاءَ أَبُو بكرٍ (2) رضي الله عنه ورسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم واضعٌ رأسَه عَلَى فَخِذِي قَدْ نَامَ، فَقَالَ: حبستِ (3) رسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم والناسَ وَلَيْسُوا عَلَى ماءٍ وَلَيْسَ مَعَهُمْ ماءٌ، قَالَتْ: فعاتَبَني وَقَالَ مَا شاءَ اللَّهُ (4) أَنْ يَقُولَ، وَجَعَلَ يَطعُنُني (5) بيدِهِ فِي خَاصِرَتِي (6) ، فَلا يمنعُني مِنَ التحرُّكِ إلَاّ رأسُ (7) رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى فَخِذِي، فَنَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى أَصْبَحَ (8) عَلَى غير ماءٍ، فأنزل الله

(1) جملة حالية.

(2)

فيه جواز دخول الرجل على بنته، وإن كان زوجها عندها إذا علم رضاه بذلك.

(3)

منعتِ.

(4)

أي: من كلمات الزجر والعتاب.

(5)

قوله يطعنني، بضم العين وكذا جميع ما هو حسّي، وأما المعنوي فيقال: يطعَن بالفتح، هذا هو المشهور فيهما، وحُكي فيهما معاً الفتح والضم، كذا في "التنوير".

(6)

خصر الإنسان بفتح المعجمة وسكون المهملة: وسط الإنسان.

(7)

أي كونه واستقراره.

(8)

قوله: حتى أصبح، قال بعضهم: ليس معناه بيان غاية النوم إلى الصباح، بل بيان غاية فقد الماء إلى الصباح، لأنه قيَّد قوله "حتى أصبح" بقوله:"على غير ماء"، أي: آل أمره إلى أن أصبح على غير ماء. وأما رواية عمرو بن الحارث فلفظها: ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم استيقظ وحضرت الصبح، فإن أعربت الواو حالية كان دليلاً على أن الاستيقاظ وقع حال وجود الصباح وهو الظاهر، واستُدِلَّ به

ص: 314

تَعَالَى آيَةَ التيمُّم (1) فتيمَّمُوا (2)، فَقَالَ أُسَيد (3) (4) (5) بن حُضَير (6) : ما هي بأوَّل بركتكم (7)

على أن طلب الماء لا يجب إلاّ بعد دخول الوقت لقوله في رواية عمر بعد قوله حضرت الصبح: فالتمس الماء فلم يوجد، وعلى أن الوضوء كان واجباً عليهم قبل نزول آية الوضوء، ولذا استعظموا نزولهم على غير ماء، كذا في "الفتح".

(1)

قوله: آية التيمم، قال ابن العربي: هذه معضلة ما وجدت لدائها من دواء، لأنّا لا نعلم أي الآيتين عَنَتْ، وقال ابن بطال: هي آية النساء أو آية المائدة وقال القرطبي: هي آية النساء، ووجهه بأن آية المائدة تسمى آية الوضوء، وأورد الواحدي في "أسباب النزول" الحديث عند ذكر آية النساء أيضاً، وخفي على الجميع ما ظهر للبخاري من أن المراد آية المائدة بغير تردد لرواية عمرو بن الحارث إذ صرَّح فيها بقوله: "فنزلت: {يَا أَيُّها الَّذينَ آمَنُوا إذَا قُمْتُمْ إلَى الصَّلاةِ

} الآية، كذا في "الفتح".

(2)

يحتمل أن يكون حكاية عن فعل الصحابة، ويحتمل أن يكون حكاية لبعض الآية.

(3)

بالتصغير.

(4)

أبو يحيى الأنصاري الصحابي الجليل، مات سنة عشرين أو إحدى وعشرين.

(5)

قوله: فقال أسيد، إنما قال ما قال دون غيره، لأنه كان رأس مَن بُعث في طلب العقد الذي ضاع، كذا في "الفتح".

(6)

بمهملة ثم معجمة مصغراً.

(7)

قوله ما هي بأول بركتكم، أي: بل هي مسبوقة بغيرها من البركات، وفي رواية هشام بن عروة: فوالله ما نزل بكِ أمر تكرهينه إلاّ جعل الله للمسلمين فيه خيراً. وهذا يُشعر بأن هذه القصة كانت بعد قصة الإفك، فيقوى قول من ذهب إلى

ص: 315

يَا آلَ أَبِي بَكْرٍ (1)، قَالَتْ: وَبَعَثْنَا الْبَعِيرَ الَّتِي كنتُ عَلَيْهِ (2) فَوَجَدْنَا (3) العِقدَ تَحْتَهُ.

قَالَ مُحَمَّدٌ: وَبِهَذَا نَأْخُذُ، والتيمُّمُ ضَرْبَتَانِ، ضربةٌ لِلْوَجْهِ، وَضَرْبَةٌ لِلْيَدَيْنِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حنيفة (4) رحمه الله.

تعدُّد ضياع العقد، وممن جزم بذلك محمد بن حبيب الأخباري، فقال: سقط عقد عائشة في عزوة ذات الرقاع وغزوة بني المصطلق. وقد اختلف أهل المغازي في أن أي هاتين الغزوتين كانت أولاً، وقد روى ابن أبي شيبة من حديث أبي هريرة: لما نزلت آية التيمم لم أدرِ كيف أصنع. فهذا يدل على تأخرها عن غزوة بني المصطلق، لأن إسلام أبي هريرة كان سنة سبع، ومما يدل على تأخر القصة عن قصة الإفك، أيضاً ما رواه الطبراني من طريق عبّاد بن عبد الله بن الزبير، عن عائشة، قالت: لما كان من أمر عِقْدي ما كان، وقال أهل الإفك ما قالوا، خرجتُ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة أخرى، فسقط أيضاً عِقدي حتى حبس الناس على التماسه، فقال لي أبو بكر: يا بُنيَّة في كل سفرة تكونين عناءً وبلاءً على الناس. فأنزل الله الرخصة في التيمم، فقال أبو بكر: إنك لمباركة. وفي إسناده محمد بن حميد الرازي، وفيه مقال: كذا في "الفتح".

(1)

المراد به نفسه وأهله وأتباعه.

(2)

حالة السير.

(3)

ظاهر في أن الذين توجَّهوا في طلبه أولاً لم يجدوه.

(4)

قوله: وهو قول أبي حنيفة، وبه قال الثوري والليث بن سعد والشافعي وابن أبي سلمة وغيرهم، أنه لا يجزيه إلَاّ ضربتان ضربة للوجه وضربة لليدين إلى المرفقين. وبه قال مالك، إلَاّ أنه لا يرى البلوغ إلى المرفقين فرضاً (روي عن مالك، أنه يجعل مسح الكفين مفروضاً وما زاد إلى المرفقين سنة، عمدة القاري 2/172) ، وممن روي

ص: 316

20 -

(بَابُ الرَّجُلِ يُصِيبُ مِنَ امْرَأَتِهِ أَوْ يُبَاشِرُهَا (1) وَهِيَ حَائِضٌ)

73 -

أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، أَخْبَرَنَا نَافِعٌ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ (2) أَرْسَلَ إِلَى عَائِشَةَ يسألُها هَلْ يُبَاشِرُ (3) الرجلُ امرأتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ؟ فقالت (4) :

عنه التيمم إلى المرفقين: عبد الله بن عمر، والشعبي، والحسن البصري، وسالم بن عبد الله بن عمر، وقال الأوزاعي: ضربتان، ضربة للوجه وضربة لليدين إلى الكوعين، وبه قال أحمد وإسحاق بن راهويه وداود والطبراني، وقال ابن أبي ليلى والحسن بن حَيّ: التيمم ضربتان، يمسح بكل ضربة وجهه وذراعيه. وقال الزهري: يبلغ بالمسح إلاّ الآباط، ورُوي عنه إلى الكوعين، ورُوي عنه ضربة واحدة، كذا ذكره ابن عبد البر. وقد اختلفت الأخبار والآثار في كيفية التيمم: هل هي ضربة أم ضربتان؟ وهل ضربة اليدين إلى الآباط أو إلى المرفقين أو إلى الكوعين؟ وباختلافه تفرَّقت الفقهاء وصار كلٌّ إلى ما رواه أو أدى الاجتهاد في نظره ترجيحه، والذي يتحقَّق بعد غموض الفكر وغوص النظر ترجيح تعدّد الضربة على توحدها، وترجيح افتراض بلوغ مسح اليدين إلى الكوعين، واستحباب ما عدا ذلك إلى المرفقين، كما حققه ابن حجر في "فتح الباري" والنووي في "شرح صحيح مسلم" وغيرهما، والكلام ههنا طويل لا يسعه هذا المقام.

(1)

مباشرة الرجل امرأته، التقاء بشرَتَيهما إلَاّ الجماع، كذا في "إرشاد الساري".

(2)

قوله: أن عبد الله بن عمر، هكذا في أكثر نسخ موطأ محمد، وفي رواية يحيى للموطأ: أن عُبيد الله بن عبد الله بن عمر أرسل.. الحديث. وهو بضم العين شقيق سالم، ثقة، مات سنة ست ومائة.

(3)

أي: بالعناق، ونحوه.

(4)

قوله: فقالت، أفتته بفعله صلى الله عليه وسلم مع أزواجه، كما في الصحيحين عنها، وعن ميمونة أيضاً.

ص: 317

لِتَشُدَّ (1) إِزْارَهَا عَلَى أسفَلِها (2) ، ثُمَّ يُبَاشِرْهَا إِنْ شَاءَ (3) .

قَالَ مُحَمَّدٌ: وَبِهَذَا نَأْخُذُ، لا بَأْسَ بذلك (4) وهو قول أبي حنيفة (5)

(1) بكسر اللام وشدّ الدال المفتوحة، أي: لتربط.

(2)

أي: ما بين سُرَّتها وركبتيها.

(3)

أي: أراد.

(4)

أي: بالمباشرة بما فوق الإزار.

(5)

قوله: وهو قول أبي حنيفة، قال مالك والأوزاعي والشافعي وأبو حنيفة وأبو يوسف: له منها ما فوق الإزار، وهو قول سالم بن عبد الله والقاسم بن محمد، وحجَّتُهم تواطؤ الآثار، عن عائشة وميمونة وأمِّ سلمة، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يأمر إحداهن إذا كانت حائضاً أن تشد عليها إزارها، ثم يباشرها. وقال سفيان الثوري ومحمد بن الحسن وبعض أصحاب الشافعي: يجتنب موضع الدم. وممَّن رُوي عنه هذا المعنى ابنُ عباس ومسروق بن الأجدع وإبراهيم النخعي وعكرمة، وهو قول داود بن علي، وحجتهم حديث ثابت، عن أنس، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:"اصنعوا كلَّ شيء ما خلا النكاح"، وفي رواية ما خلا الجماع، كذا في "الاستذكار" وفي "فتح الباري": ذهب كثير من السلف والثوري وأحمد وإسحاق إلى أنّ الذي يمتنع من الاستمتاع بالحائض الفرج فقط، وبه قال محمد بن الحسن من الحنفية. ورجحه الطحاوي، وهو اختيار أصبغ من المالكية وأحد القولين أو الوجهين للشافعية، واختاره ابن المنذر، وقال النووي: هو الأرجح دليلاً، لحديث أنس في مسلم: اصنعوا كلَّ شيء إلَاّ النكاح. وحملوا حديث الباب وشبهه على الاستحباب جمعاً بين الأدلة

ص: 318

والعامَّةِ مِنْ فُقَهَائِنَا (1) .

74 -

أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، أَخْبَرَنِي الثِّقَةُ عِنْدِي، عَنْ سَالِمِ (2) بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَسُلَيْمَانَ (3) بْنِ يَسَارٍ: أَنَّهُمَا سُئِلا عَنِ الْحَائِضِ هَلْ يُصِيبُهَا (4) زَوْجُهَا إِذَا رَأَتِ الطُّهرَ قَبْلَ أَنْ تَغْتَسِلَ؟ فَقَالا: لا حَتَّى تَغْتَسِلَ (5) .

قَالَ مُحَمَّدٌ: وَبِهَذَا نَأْخُذُ (6) ، لا تُباشَرُ حائضٌ عِنْدَنَا حَتَّى تحلَّ

(انظر فتح الملهم (1/457) ، ففيه بحث نفيس حول هذه المسألة) .

(1)

أي: فقهاء الكوفة.

(2)

أحد الفقهاء السبعة.

(3)

أحد السبعة.

(4)

أي يجامعها.

(5)

قوله: لا حتى تغتسل، فإن قيل: إن في قول الله عز وجل: {وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ} دليلاً على أنهن إذا طهرن من المحيض حلَّ ما حَرُمَ عليهن من المحيض (هكذا في الأصل: وفي الاستذكار: (2/26) : "ما حرم منهن من أجل المحيض") ، لأن حتى غاية، فما بعدها بخلاف ما قبلها، فالجواب أن في قوله تعالى:{فإذا تطهَّرن} دليلاً على تحريم الوطء بعد الطهر حتى يتطهَّرن بالماء، لأن تطَهرن تَفَعّلن من الطهارة، كذا في "الاستذكار".

(6)

قوله: وبهذا نأخذ، قال مالك وأكثر أهل المدينة: إذا انقطع عنها الدم لم يجز وطيها حتى تغتسل، وبه قال الشافعي والطبري، وقال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد: إن انقطع دمها بعد مضي عشرة أيام كان له أن يطأها قبل الغسل، وإن كان انقطاعه قبل العشرة لم يجز حتى تغتسل، أو يدخل عليها وقت الصلاة.

قال أبو عمر: هذا تحكُّم لا وجه له كذا في "الاستذكار"، وظاهر إطلاق محمد ههنا عدم التفصيل، لكن المشهور في كتب أصحابنا التفصيل بين ما إذا انقطع الدم لعشرة أيام، فيحل وطيها قبل الاغتسال وبين ما إذا انقطع لأقل منه، فلا يحل قبل أن تتطهر أو يمضي عليه وقت ذلك، ووجَّهوه بأنه قد قُرئ قوله تعالى:

ص: 319

لَهَا الصَّلاةُ (1) أَوْ تَجِبَ عَلَيْهَا (2) ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله.

75 -

أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، أَخْبَرَنَا زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ (3) (4) : أَنَّ رَجُلا (5) سَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم مَا يَحِلُّ لِي مِنَ امْرَأَتِي وَهِيَ حَائِضٌ؟ قَالَ: تَشُدُّ (6) عَلَيْهَا (7) إزارها،

{حتَّى يَطْهُرْنَ} بالتخفيف وبالتشديد، والقراءتان كالآيتين، فيُحمل الأولى على الأول، والثاني على الثاني، وههنا مذهب آخر وهو أنه يحل الوطئ بمجرد الانقطاع مطلقاً، لكن بعد إصابة الماء بالوضوء، أخرجه ابن جرير عن طاووس ومجاهد، قالا: إذا طهرت أمرها بالوضوء وأصاب منها، وأخرج ابن المنذر، عن مجاهد وعطاء، قالا: إذا رأت الطهر فلا بأس أن تستطيب بالماء ويأتيها قبل أن تغتسل.

(1)

بأن تطهر وتغتسل.

(2)

بأن يمضي وقت تقدر فيه أن تغتسل وتشرع في الصلاة.

(3)

كذا أخرجه البيهقي أيضاً عن زيد بن أسلم، ذكره السيوطي في "الدر المنثور" وكذلك أخرجه الدارمي مرسلاً.

(4)

قوله: أخبرنا زيد بن أسلم، قال ابن عبد البر: لا أعلم أحداً روى هذا مسنداً بهذا اللفظ ومعناه صحيح ثابت.

(5)

قوله: أن رجلاً، قد روى أبو داود، عن عبد الله بن سعد، قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يحل لي من امرأتي وهي حائض؟ قال: لك ما فوق الإزار.

وأخرجه أحمد وابن ماجه كذلك، وأخرج أحمد وأبو داود، عن معاذ بن جبل، قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عما يحل للرجل من امرأته، وهي حائض؟ قال:"ما فوق الإزار، والتعفف عن ذلك أفضل". وبه عُلم اسم السائل.

(6)

في نسخة: لتشد (بفتح التاء وضم الشين المعجمة آخره دال معناه الأمر، أوجز المسالك: 1/226)

(7)

قوله: تشدّ عليها، بفتح التاء وضم الشين والدال، خبر معناه الأمر،

ص: 320

ثُمَّ شَأْنَكَ (1) بِأَعْلاهَا.

قَالَ مُحَمَّدٌ: هَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله، وَقَدْ جَاءَ مَا هُوَ أَرْخَصُ (2) مِنْ هَذَا (3) عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قالت (4) :

أو أريد به الحدث مجازاً، أو بتقدير أنه مؤول بالمصدر، فإن قلت: كيف يستقيم هذا جواباً عن قوله ما يحلّ لي؟ قلت: يستقيم مع قوله: "ثم شأنك بأعلاها" كأنه قيل له: يحلّ لك ما فوق الإزار، وشأنَك منصوب بإضمار فعل، ويجوز على الابتداء والخبر محذوف، تقديره مباح أو جائز، كذا في "مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح" لعلي القاري.

(1)

بالنصب، أي: دونك.

(2)

أي: أيسر وأسهل.

(3)

أي: مما ذكر من حل ما فوق الإزار.

(4)

قوله: أنها قالت، يؤيده ما أخرجه أبو داود والبيهقي عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم: أنه كان إذا أراد من الحائض شيئاً ألقى على فرجها ثوباً ثم صنع ما أراد. وأخرج عبد الرزاق وابن جرير والبيهقي، عن عائشة: أنها سُئلت ما للرجل من امرأته وهي حائض؟ فقالت (وفي الأصل: "فقال"، وهو تحريف) : "كل شيء إلاّ فرجها"، وأخرج ابن جرير، عن مسروق: قلت لعائشة: ما يحل للرجل من امرأته إذا كانت حائضاً؟ قالت: كل شيء إلا الجماع. وأخرج أحمد وعبد بن حميد والدارمي ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة، وأبو يعلى وابن المنذر وابن أبي حاتم والنحاس والبيهقي وابن حبان، عن أنس: أن اليهود كانوا إذا حاضت المرأة منهم أخرجوها من البيت، ولم يواكلوها ولم يشاربوها ولم يجامعوها في البيوت. فسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فأنزل الله: {ويَسْأَلُونَكَ عن المَحِيضِ

} الآية، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "جامعوهنَّ في البيوت واصنعوا كل شيء إلاّ النكاح

" الحديث.

ص: 321

يَجْتَنِبَ (1) شِعَارَ (2) الدَّمِ، وَلَهُ مَا سِوَى ذَلِكَ.

21 -

(بَابُ إِذَا الْتَقَى الْخِتَانَانِ (3) هَلْ يَجِبُ الْغُسْلِ؟)

76 -

أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، حَدَّثَنَا الزُّهري، عَنْ سَعِيدِ (4) بْنِ الْمُسَيِّبِ (5) : أَنَّ عمرَ وعثمانَ (6) وعائشةَ كَانُوا يَقُولُونَ (7) :

(1) مجهول أو معروف.

(2)

قوله: شعار، بالكسر، بمعنى العلامة وبمعنى الثوب الذي يلي الجسد، ذكره في "النهاية" والمراد موضع الدم أو الكرسف.

(3)

قوله: الختانان، المراد به ختان الرجل وهو مقطع جلدته، وخفاض المرأة. وهو مقطع جليدة في أعلى فرجها تشبه عرف الديك بينها وبين مدخل الذكَر جلدة رقيقة.

(4)

قوله: عن سعيد بن المسيب، أبو محمد المخزومي المدني، سيِّد فقهاء التابعين. قال قتادة: ما رأيت أحداً قطّ أعلمَ بالحلال والحرام منه، مات سنة ثلاث وتسعين، كذا في "الإِسعاف".

(5)

ابن حزن بن أبي وهب بن عمرو بن عائذ بن عمران بن مخزوم.

(6)

قوله: عثمان، بن عفان بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف القرشي، أمير المؤمنين، ذو النورين، قُتل يوم الجمعة لثمان عشرة خَلَت من ذي الحجة سنة 35 هـ، كذا في "الإِسعاف".

(7)

قوله: كانوا يقولون

إلخ، هذا حديث صحيح، عن عثمان بأن الغسل يوجبه التقاء الختانين، وهو يدفع حديث يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، أن عطاء بن يسار أخبره أن زيد بن خالد الجُهَني أخبره أنه سأل عثمان، قال: قلت: أرأيت إذا جامع الرجل امرأته ولم يُمْنِ؟ قال عثمان: يتوضأ للصلاة ويغسل ذكره، سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: وسأل ذلك عليّاً والزبير وطلحة

ص: 322

إِذَا مسَّ (1) الخِتانُ (2) الخِتانَ (3) فَقَدْ وَجَبَ الغُسْل (4) .

77 -

أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، أَخْبَرَنَا أَبُو النَّضْرِ (5) مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ (6) بنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: أَنَّهُ سَأَلَ عائشةَ مَا يُوجِبُ الغسل؟ فقالت (7) : أتدري ما مَثَلُكَ (8)

وأبيّ بن كعب، فأمروه بذلك. هذا حديث منكر لا يُعرف من مذهب عثمان ولا من مذهب عليّ ولا مذهب المهاجرين، انفرد به يحيى بن أبي كثير، وهو ثقة إلَاّ أنه جاء بما شذَّ فيه، وأنكر عليه، كذا في "الاستذكار".

(1)

قوله: إذا مسَّ، المراد بالمسَّ والالتقاءِ في خبر: "إذا التقى

" المجاوزةُ، كرواية الترمذي: "إذا جاوز"، وليس المراد حقيقة المسّ، لأنه لا يتصور عند غيبة الحشفة، فلو وقع مسٌّ بلا إيلاج لم يجب الغُسل بالإِجماع.

(2)

أي: موضع القطع من الذكر.

(3)

أي: موضع القطع من فرج الأنثى.

(4)

وإن لم ينزل.

(5)

سالم بن أبي أمية.

(6)

قوله: أبي سلمة، ابن عبد الرحمن بن عوف الزهري، قيل اسمه عبد الله، وقيل إسماعيل، وقيل اسمه كنيته، وثَّقه ابن سعد وغيره، مات بالمدينة سنة 94 هـ، كذا في "الإِسعاف".

(7)

تلاطفه وتعاتبه.

(8)

قوله: ما مثلك

إلخ، فيه دليل على أن أبا سلمة كان عندها ممن لا يقول بذلك، وأنه قلَّد فيه من لا علم له به، فعاتَبَتْه بذلك، لأنها كانت أعلم الناس بذلك المعنى، وقد تقدَّم عن أبي سلمة روايته، عن عطاء بن يسار، وعن أبي سعيد الخدري مرفوعاً:"الماء من الماء"، وأن أبا سلمة كان يفعل ذلك، فلذلك نفرته عنه، قاله ابن عبد البر.

ص: 323

يَا أَبَا سَلَمَةَ (1) ؟ مَثَلُ (2) الفَرّوجِ (3) يَسْمَعُ الدِّيَكَة (4) تَصْرُخُ (5) فَيَصْرُخُ مَعَهَا إِذَا جَاوَزَ (6) الْخِتَانُ الْخِتَانَ فَقَدْ وَجَبَ الْغُسْلَ.

78 -

أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ (7)، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبٍ (8) مَوْلَى عثمانَ بنِ عَفَّانَ: أَنَّ محمودَ (9) بْنَ لَبيد (10) :

(1) وكأنه قال: لا، فقالت: مَثَل

(2)

قوله: مثل الفروج، قال الباجي: يحتمل معنيين، أحدهما أنه كان صبياً قبل البلوغ، فسأل عن مسائل الجماع الذي لا يعرفه ولم يبلغ حده، والثاني أنه لم يبلغ مبلغ الكلام في العلم.

(3)

قال المجد: كتنّور ويضم كسُبّوح فرخ الدجاج.

(4)

بوزن عِنَبَة جمع ديك، ويَجمع أيضاً على ديوك ذَكَرَ الدجاج.

(5)

تصيح.

(6)

بيَّنت الحكم بعد ما زجرته.

(7)

ابن قيس الأنصاري. ولِقَيس صحبة.

(8)

الحميري المدني صدوق، روى له مسلم والنسائي، قاله الزرقاني.

(9)

قوله: أن محمود بن لبيد، الأنصاري الأشهلي من بني عبد الأشهل، وُلد على عهد النبيّ صلى الله عليه وسلم، وحدَّث عن النبي صلى الله عليه وسلم بأحاديث، وذكره مسلم في الطبقة الثانية من التابعين، فلم يصنع شيئاً ولا علم منه ما علم غيره، مات سنة ست وتسعين، كذا في "الاستيعاب".

(10)

بفتح اللام وكسر الموحَّدة، ابن عقبة بن رافع.

ص: 324

سَأَلَ زيدَ (1) بنَ ثَابِتٍ عَنِ الرجلِ يُصيبُ أهلَه ثُمَّ يُكْسِل (2) ؟ فَقَالَ زيدُ بنُ ثَابِتٍ: يغتسلُ (3)، فَقَالَ لَهُ محمودُ بنُ لَبِيدٍ: فإنَّ أُبيَّ بنَ كَعْبٍ لا يَرى الغُسْل، فَقَالَ زيدُ بنُ ثَابِتٍ: نَزَعَ (4) قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ (5) .

قَالَ مُحَمَّدٌ: وَبِهَذَا نَأْخُذُ إِذَا الْتَقَى الخِتانان و (6)

(1) النجاري المدني أبو سعيد، وقيل: أبو خارجة، كاتب الوحي أحد من جمع القرآن عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، مات سنة 45 هـ وقيل: سنة 48 هـ، وقيل: سنة 51 هـ، كذا في "الإِسعاف".

(2)

أكسل الرجل، إذا جامع ثم أدركه فتور فلم ينزل.

(3)

قوله: يغتسل، روى ابن أبي شيبة والطبراني بإسناد حسن، عن رفاعة بن رافع، قال: كنت عند عمر، فقيل له: إن زيد بن ثابت يفتي الناس في المسجد بأنه لا غُسل على من يجامع ولم ينزل، فقال عمر: عَلَيَّ به، فأتي به، فقال: يا عدوَّ نفسه، أوَبَلَغَ من أمرك أن تفتي برأيك؟ قال: ما فعلت، وإنما حدَّثني عمومتي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: أيّ عمومتك؟ قال: أُبيّ بن كعب وأبو أيوب ورفاعة، فالتفت عمر إليّ، قلت: كنّا نفعله على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجمع عمر الناس فاتَّفقوا على أن الماء لا يكون إلَاّ من الماء إلَاّ عليَّ ومعاذ فقالا: إذا التقى الختانان فقد وجب الغسل، فقال عمر: قد اختلفتم وأنتم أهل بدر، فقال عليّ لعمر: سل أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، فأرسل إلى حفصة، فقالت: لا أعلم، فأرسل إلى عائشة، فقالت: إذا جاوز الختان الختان وجب الغسل. فتحطَّم عمر - أي: تغيَّظ - وقال: لا أُوتى بأحد فعله ولم يغتسل إلَاّ أنْهَكْتُهُ عقوبة، فلعل إفتاء زيد لمحمود بن لبيد، كان بعد هذه القصة، كذا في شرح الزرقاني.

(4)

أي: أقلع ورجع عنه.

(5)

في رجوعه دليل على أنه قد صح (في الأصل: "صح"، والظاهر: "قد صحّ") عنده أنه منسوخ.

(6)

عطف بياني للالتقاء.

ص: 325

توارَتْ (1) الْحَشَفَةُ (2) وَجَبَ الغُسْلُ أَنْزَلَ أَوْ لَمْ يُنْزِل، وهو قول أبي حنيفة (3) رحمه الله.

(1) أي غابت.

(2)

رأس الذكر المختون.

(3)

قوله: وهو قول أبي حنيفة، وبه قال مالك والشافعي والثوري وأحمد وإسحاق وأبو ثور والطبري وأبو عبيد وغيرهم من علماء الأمصار، وإليه ذهب جمهور أصحاب داود، وبعضهم قالوا: لا غسل ما لم يُنزل، تمسُّكاً بحديث "الماء من الماء" وغيره. واختلف الصحابة فيه، فذهب جمع كثير إلى وجوب الغسل وإن لم يُنزل. وبعضهم قالوا بالوضوء عند عدم الإِنزال، ومنهم من رجع عنه، فممن قال بوجوب الغسل عائشة وعمر وعثمان وعلي وزيد كما ذكره مالك. وابن عباس وابن عمر أخرجه ابن أبي شيبة عنهما. وأبو بكر أخرجه عبد الرزاق، والنعمان بن بشير وسهل بن سعد وعامة الصحابة والتابعين ذكره ابن عبد البر، ولم يُختلف في ذلك عن أبي بكر وعمر، واختُلف فيه عن عليّ وعثمان وزيد، وقد صحَّ عن أبيّ بن كعب أنه قال: كان ذلك - أي وجوب الوضوء فقط بالإِكسال - رخصة في بَدْء الإِسلام ثم نُسخ، ولذلك رجع عنه أبيّ بعد ما أفتى به، وروى عائشة وأبو هريرة وعمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جدِّه، وغيرهم مرفوعاً:"إذا التقى الختانان وتوارت الحشفة فقد وجب الغسل" (انظر نصب الراية 1/84 أيضاً.

قد اتفق الأئمة الأربعة أصحاب المذاهب على وجوب الغسل بغيبوبة الحشفة وإن لم ينزل، وكان فيه خلاف في الصدر الأول، فقد رُوي عن جماعة من الصحابة ومن الأنصار أنهم لم يروا غسلاً إلاّ من الإِنزال، ثم رُوي أنهم رجعوا عن ذلك، وصحَّ عن عمر أنه قال: من خالف في ذلك جعلته نكالاً، فانعقد الإِجماع في عهده، وخالف فيه داود الظاهري ولا عبرة بخلافه عند المحقِّقين، كما تجد تحقيقه في "شرح التقريب" للسبكي. وقد وقعت عبارة البخاري في صحيحه موهمة للخلاف حيث قال: قال أبو عبد الله: الغسل أحوط. فأوهم أنه يقول باستحباب الغسل دون الوجوب، وهذا مخالف لما أجمع عليه جمهور الأئمة، ويحتمل قول البخاري:"الغسل أحوط"، يعني في الدين من حديثين تعارضا، فقدَّم الذي يقتضي الاحتياط في الدين، وهو باب مشهور في أصول الدين، وهو الأشبه، لا أنه ذهب إلى الاستحباب والندب. هذا ملخَّص ما قاله القاضي في "العارضة". فهكذا وجه القاضي في "العارضة" وقال: والعجيب من البخاري أن يساوي بين حديث عائشة في إيجاب الغسل

وبين حديث عثمان وأُبَيّ في نفي الغسل

إلخ، ثم علَّل عدم صحة التعلّق بحديثهما. وراجع "عمدة القاري" 2/77.

والذي اختاره ابن حجر في "فتح الباري" 1/275 أن الخلاف كان مشهوراً بين التابعين ومن بعدهم، لكن الجمهور على إيجاب الغسل وهو الصواب، والله أعلم. انتهى كلامه. ولكنه يقول في "التلخيص" ص 49: لكن انعقد الإِجماع أخيراً على إيجاب الغسل قاله القاضي وغيره. اهـ، فكأنه هنا غير ما اختاره في "الفتح"، وانظر "عمدة القاري" من 2/69، 2/72، و 76 و 77) ، ذكر كل ذلك مع زيادات نفيسة ابن عبد البر

ص: 326

22 -

(بَابُ الرَّجُلِ (1) يَنَامُ هَلْ يُنْقِضُ ذَلِكَ وُضُوءَهُ؟)

79 -

أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، أَخْبَرَنَا زيدُ (2) بنُ أَسْلَمَ، قَالَ: إِذَا نَامَ (3) أَحَدُكُمْ وَهُوَ مُضْطَجِعٌ فليتوضَّأْ.

80 -

أَخْبَرَنَا مالك، أخبرني نافع، عن ابن عمر: أنه كان ينام وهو قاعد فلا يتوضأ (4) .

في "التمهيد" و"الاستذكار"، وقد بسط الكلام فيه الطحاويُّ في "شرح معاني الآثار"، وأثبت وجوب الغسل بالالتقاء بالأخبار المرفوعة والآثار الموقوفة، فليُراجع.

(1)

قيد اتفاقي، فإن الرجل والمرأة في ذلك سواء.

(2)

العدوي وكان من العلماء بالتفسير وله كتاب فيه.

(3)

قوله: قال إذا نام

إلخ، ليحيى: مالك بن زيد بن أسلم: أن عمر بن الخطاب قال: إذا نام أحدكم مضطجعاً فليتوضأ.

(4)

لأن النوم ليس بحدث وإنما هو سبب، وقد كان نومه خفيفاً.

ص: 327

قَالَ مُحَمَّدٌ: وَبِقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ (1) فِي الْوَجْهَيْنِ جَميعاً نَأْخُذُ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله (2) .

23 -

(بَابُ الْمَرْأَةِ تَرَى (3) فِي مَنَامِهَا مَا يَرَى الرَّجُلُ)

81 -

أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، أَخْبَرَنَا ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، أنَّ (4) أمَّ سُلَيْم

(1) قوله: وبقول ابن عمر

إلخ، فيه أنه لم يذكر قول ابن عمر في الوجه الأول، فتأمَّل، كذا قال القاري.

(2)

قوله: وهو قول أبي حنيفة، اختلف العلماء فيه فقال مالك: من نام مضطجعاً أو ساجداً فليتوضأ، ومن نام جالساً فلا، إلَاّ أن يطول نومه، وهو قول الزهري وربيعة والأَوْزاعي وأحمد. وقال أبو حنيفة وأصحابه: لا وضوء إلَاّ على من نام مضطجعاً أو متورِّكاً، وقال أبو يوسف: إن تعمد النوم في السجود فعليه الوضوء. وقال الثوري والحسن بن حَيّ وحماد بن أبي سليمان والنخعي: إنه لا وضوء إلَاّ على من اضطجع، وقال الشافعي: على كلِّ نائمٍ الوضوء إلَاّ الجالس وحده. ورُوي عن أبي موسى الأشعري ما يدل على أن النوم عنده ليس بحدث على أي حال كان، كذا ذكره ابن عبد البر.

وقد أجمل في بيان مذهب الحنفية، والذي يُفهم من كتب أصحابنا أن كل نوم يسترخي فيه المفاصل كالاضطجاع والاستلقاء والنوم على الوجه والبطن ومتَّكئاً على أحد وركيه فهو ناقض، وما ليس كذلك فليس بناقض، وكذلك النوم قاعداً وساجداً وراكعاً وقائماً، ومن الأخبار المرفوعة المؤيدة لكون النوم من النواقض قوله صلى الله عليه وسلم:"وكاء السَّه العينان، فمن نام فليتوضَّأ" أخرجه أبو داود وأحمد من حديث عليّ، والطبراني والدارمي من حديث معاوية بألفاظ متقاربة.

(3)

أي في حكم احتلامها.

(4)

قوله: أن أم سليم، قال ابن عبد البر: كذا هو في الموطأ، وقال فيه:

ص: 328

قَالَتْ (1) لرسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم: يَا رَسُولَ اللَّهِ (2)، المرأةُ تَرَى فِي الْمَنَامِ مثلَ مَا يَرَى الرجلُ أَتَغْتَسِلُ (3) ؟ فَقَالَ (4) رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم:

ابن أبي أويس عن عروة عن أم سليم، وكل من رَوى هذا الحديث عن مالك لم يَذكر فيه "عن عائشة" في ما علمت إلَاّ ابن أبي الوزير وعبد الله بن نافع فإنهما روياه عن مالك، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة أن أم سليم انتهى. وقد وصله مسلم وأبو داود من طريق عروة عن عائشة وأم سليم هي بنت ملحان بن خالد بن زيد بن حرام بن جندب، واختلف في اسمها فقيل سهلة، وقيل رميلة، وقيل مليكة، وقيل الغميضاء، كانت تحت مالك بن النضر أبي أنس بن مالك في الجاهلية، فولدت له أنساً فلما أسلمت عرض الإِسلام على زوجها، فغضب وهلك هناك، وخلف عليها بعده أبو طلحة الأنصاري فولدت له عبد الله بن أبي طلحة، كذا في "الاستيعاب".

(1)

ولمسلم عن أنس جاءت أم سليم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت له وعائشة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم.

(2)

ولأحمد قالت: يا رسول الله إذا رأت المرأة أن زوجها يجامعها في المنام.

(3)

أي أيجب عليها الغسل؟ وفيه استحباب عدم الحياء في المسائل الشرعية.

(4)

قوله: فقال

إلخ، وعند ابن أبي شيبة فقال: هل تجد شهوة؟ قالت: لعله، قال: هل تجد بللاً؟ قالت: لعله، قال: فلتغتسل، فلقيتها النسوة فقلن: فَضَحْتِينا عند رسول الله، قالت: ما كنت لأنتهي حتى أعلم في حلٍّ أنا أم في حرام، ففيه وجوب الغسل على المرأة بالإِنزال، ونفى ابن بطال الخلاف فيه، لكن رواه ابن أبي شيبة عن إبراهيم النَّخَعي وإسناده جيد، فيدفع استبعاد النووي صحته عنه، كذا في شرح الزرقاني.

ص: 329

نَعَمْ (1) فَلْتَغْتَسِلْ، فَقَالَتْ (2) لَهَا عَائِشَةَ (3) : أفٍّ لَكِ (4)، وَهَلْ تَرَى (5) ذلكِ (6) الْمَرْأَةُ؟ قَالَ (7) : فالتفَت إِلَيْهَا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فقال: تَرِبَتْ يمينُك (8) ،

(1) إذا رأت ماءاً.

(2)

قوله: فقالت، قال الوليّ العراقي: أنكرت مع جواب المصطفى لها، لأنه لا يلزم من ذكر حكم الشيء تحققه.

(3)

قوله: عائشة، في حديث آخر أن أم سلمة هي القائلة ذلك، قال القاضي عياض: يحتمل أن كلتيهما أنكرتا عليها وإن كان أهل الحديث يقولون: إن الصحيح ههنا أم سلمة لا عائشة، قال ابن حجر: وهذا جمع حسن لأنه لا يمتنع حضور عائشة وأم سلمة عند النبيّ صلى الله عليه وسلم في مجلس واحد.

(4)

قوله: أفٍّ لك، قال عياض: أي استحقاراً لك، وهي كلمة تستعمل في الاستحقار، وأصل الأف وسخ الأظافير، وفيه عشر لغات: أف بالكسر والضم والفتح دون تنوين وبالتنوين أيضاً، وذلك مع ضمّ الهمزة فهذه ستة. وأفه بالهاء. وإف بكسر الهمزة وفتح الفاء، وأف بضم الهمزة وتسكين الفاء، وأفى بضم الهمزة والقصر، قلت: فيه نحو أربعين لغة حكاها أبو حيان في "الارتشاف"، كذا في "التنوير".

(5)

قوله: وهل ترى، قال ابن عبد البر: فيه دليل على أنه ليس كل النساء يحتلمن وإلَاّ لَمَا أنكرت ذلك عائشة وأم سلمة، قال: وقد يوجد عدم الاحتلام في بعض الرجال، قلت: وأي مانع من أن يكون ذلك خصيصة لأزواج النبي صلى الله عليه وسلم أنهنَّ لا يحتلمن كما أن الأنبياء لا يحتلمون، لأن الاحتلام من الشيطان فلم يسلَّط عليهم وكذلك على أزواجه تكريماً له، كذا في "التنوير".

(6)

بكسر الكاف.

(7)

في نسخة: قالت.

(8)

قوله: تربت يمينك، قال النووي: في هذه اللفظة خلاف كثير منتشر

ص: 330

وَمِنْ أَيْنَ يَكُونُ الشَّبَه (1) ؟!

قَالَ مُحَمَّدٌ: وَبِهَذَا نَأْخُذُ (2) وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله.

للسلف والخلف، والأصحّ الأقوى الذي عليه المحققون أنها كلمة معناها افتقرت، ولكن العرب اعتادت استعمالها غير قاصدة حقيقة معناها الأصلي، فيذكرون تربت يداك، وقاتله الله، ولا أمَّ لك، وثكلته أمه، وويل أمه، وما أشبهَهُ، يقولونها عند إنكارهم الشيء أو الزجر عنه، كذا في "زهر الربى على المجتبى" للسيوطي.

(1)

قوله: الشبه، بكسر الشين وسكون الباء، وشبه بفتحهما لغتان مشهورتان، قال النووي: معناه أن الولد متولد من ماء الرجل وماء المرأة، فأيهما غلب كان الشبه له، وإذا كان للمرأة مني فإنزاله وخروجه (في الأصل:"فإنزالها وخروجها"، وهو خطأ، والصواب:"فإنزاله وخروجه" كما في "زهر الربى" 1/131) منها ممكن، كذا في "زهر الربى".

(2)

قوله: وبهذا نأخذ، أي بوجوب الغسل على المرأة إذا رأت مثل ما يرى الرجل ورأت بللاً، ورُوي عنه في غير رواية الأصول أنها إذا تذكرت الاحتلام والإنزال والتلذل [لعله "والتلذذ" فليراجع؟؟] ولم تر البلل كان عليها الغسل (قال ابن المنذر: أجمع كل من يحفظ عنه العلم أن الرجل إذا رأى في منامه أنه احتلم أو جامع ولم يجد بللاً أن لا غسل عليه، واختلفوا فيمن رأى بللاً، ولم يتذكر احتلاماً، فقالت طائفة: يغتسل، روينا ذلك عن ابن عباس، وعطاء والشعبي وسعيد بن جبير والنخعي، وقال أحمد: أحبّ إليَّ أن يغتسل إلَاّ رجل به أبردة: وقال أكثر أهل العلم: لا يجب عليه الاغتسال حتى يعلم أنه بلل الماء الدافق، وإليه ذهب مالك والشافعي وأبو يوسف، وظاهر الباب يؤيِّد الفريق الأول، هذا ملخَّص ما في "العمدة" 2/56 و 57 و"معالم السنن" 1/79، وراجع "المغني" لابن قدامة 1/205، فقد قيَّد البلل بالمني في وجوب الغسل ونسب ذلك إلى مالك والشافعي، وهذا خلاف ما في "المعالم" و"العمدة" وهو مذهب أبي حنيفة ومحمد بن الحسن الشيباني) ، لكن قال شمس الأئمة الحلواني: لا تؤخذ بهذه الرواية، ذكره صدر الشريعة، وقد عوَّل على تلك الرواية صاحب "الهداية" في مختارات النوازل وفي التجنيس والمزيد، لكنه تعويل ضعيف لأن

ص: 331