الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
73 - (بَابُ فضلِ صلاةِ الْفَجْرِ فِي الْجَمَاعَةِ وَأَمْرِ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ)
243 -
أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، أَخْبَرَنَا ابنُ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي بَكْرِ (1) بنِ سليْمَانَ بنِ أَبِي حثْمةَ: أنَّ عُمَرَ بنَ الخطَّاب فَقَدَ سليمانَ (2) بْنَ أَبِي حثْمة (3) فِي صلاةِ الصُبْح، وأنَّ عُمَرَ غَدا (4) إِلَى السُّوقِ وَكَانَ مَنْزِلُ (5) سُلَيْمَانَ بَيْنَ السُّوقِ وَالْمَسْجِدِ، فمرَّ عُمَرُ عَلَى أُمِّ سُلَيْمَانَ الشِّفاء (6)(7)، فَقَالَ: لَمْ أَرَ (8) سُلَيْمَانَ فِي الصبح، فقالت: بات يصلي (9)
(1) قوله: أبي بكر، ثقة، عارف بالنسب، لا يُعرف اسمه، واسم أبي حثمة عبد الله بن حذيفة العدوي المدني، كذا في "التقريب".
(2)
قوله: سليمان، قال ابن حبان: له صحبة، وكان من فضلاء المسلمين وصالحيهم، واستعمله عمر على السوق وجمع الناس عليه في قيام رمضان، كذا ذكره الزرقاني.
(3)
بفتح المهملة وإسكان المثلثة.
(4)
أي: ذهب بالغدوة، أي: الصبح.
(5)
ولذا استعمله على السوق لقربه منه.
(6)
بكسر الشين.
(7)
قوله: الشفاء، هي بنت عبد الله بن عبد شمس بن خالد القرشية العدوية من المبايعات، قال أحمد بن صالح: اسمها ليلى، وغلب عليها الشفاء، كذا في "الاستيعاب".
(8)
فيه تفقد الإِمام رعيته في شهود الخير.
(9)
أي: النوافل بالليل.
فَغَلَبَتْهُ (1) عَيْنَاهُ، فَقَالَ عُمَرُ: لأَنْ أَشْهَدَ (2) صلاةَ الصبح أحبُّ إليَّ (3) من أن أقوم الليلة.
244 -
أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، أَخْبَرَنَا نَافِعٌ: أَنَّ ابْنَ عُمَرَ أَخْبَرَهُ عَنْ حَفْصَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهَا أَخْبَرَتْهُ أنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا سكَتَ (4) المؤذِّنُ مِنْ صَلاةِ الصُّبْحِ (5) وَبَدَأَ (6) الصُّبْحُ (7) رَكَعَ رَكْعَتَيْنِ (8) خَفِيفَتَيْنِ (9) قَبْلَ أَنْ تُقام الصَّلاةُ.
قَالَ مُحَمَّدٌ: وَبِهَذَا نَأْخُذُ، الرَّكْعَتَانِ قَبْلَ صَلاةِ الْفَجْرِ
(1) أي نام.
(2)
أي: أحضر مع الجماعة.
(3)
لما في ذلك من الفضل الكبير.
(4)
يستنبط منه أن لا يصلي عند الأذان، بل يشتغل في الجواب.
(5)
والجملة حالية.
(6)
أي: ظهر.
(7)
هذه الجملة إنما زيدت لئلا يُتَوَهَّم أنه كان يصلّي ركعتي الفجر بعد الأذان الأول الذي يؤذن به قبل طلوع الفجر.
(8)
قوله: ركعتين، في رواية عَمْرة، عن عائشة: ثم يصلي إذا سمع النداء أي ركعتين خفيفتين حتى إنّي لأقول هل قرأ بأمّ الكتاب أم لا؟
(9)
قوله: خفيفتين، اختلف في حكمة تخفيفهما فقيل: ليبادر إلى صلاة الصبح، وقيل: ليستفتح صلاة النهار بركعتين خفيفتين كما كان يصنع في صلاة الليل.
يخفَّفان (1)(2) .
245 -
أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، أَخْبَرَنَا نَافِعٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ: أَنَّهُ رَأَى رَجُلا رَكَعَ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ، ثُمَّ اضْطَجَعَ (3) فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: مَا شَأْنُهُ (4) ؟ فَقَالَ نَافِعٌ: فَقُلْتُ: يَفْصِلُ بَيْنَ صلاته، قال ابن عمر:
(1) في نسخة: مُخَفَّفَتان.
(2)
قوله: يخفَّفان، بأن يقرأ فيهما:{قل يا أيها الكافرون} ، و {قل هو الله أحد} ، كما أخرجه مسلم وغيره أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يقرأهما فيهما، ولأبي داود:{قُلْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إلَيْنَا} في الركعة الأولى، وفي الثانية {ربَّنا آمنّا بما أَنْزَلْتَ واتَّبعنا الرسول} .
(3)
قوله: ثم اضطجع
…
إلخ، لا شبهة في ثبوت الاضطباع عن النبي صلى الله عليه وسلم قولاً وفعلاً بعد ركعتي الفجر، أو قبلهما بعد صلاة الليل، وثبوت الترك عنه (الصواب هو الجمع بين الحديثين معاً، وأحسن الجمع ما نقله شيخنا عن والده - نوّر الله مرقده وبرّد مضجعه - أن النبي صلى الله عليه وسلم إذا كان يفرغ من قيام الليل قبل طلوع الفجر يضطجع إلى أن يأتيه المؤذِّن بصلاة الفجر فيقوم فيصلي ركعتي الفجر ويغدو إلى الصلاة، وإذا فرغ من قيام الليل عند طلوع الفجر فيصلي ركعتي الفجر أيضاً لما قد حان وقته ويضطجع بعد ذلك. أوجز المسالك 2/329) ، أما ثبوته فعلاً بعد ركعتي الفجر، ففي حديث عائشة: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلّى ركعتي الفجر اضطجع على شِقِّه الأيمن، أخرجه البخاري وغيره. وأما ثبوته قبلهما، ففي حديثها من رواية مالك، عن ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة، وقد مرَّ في (باب صلاة الليل) . وأما ثبوته قولاً، ففي حديث أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا صلّى أحدكم ركعتي الفجر فليضطجع على يمينه، أخرجه أبو داود والترمذي بإسناد صحيح. وأما ثبوت الترك ففي حديث عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا صلّى سنَّة الفجر فإن كنت مستيقظةً حدثني وإلَاّ اضطجع حتى يؤذن بالصلاة، أخرجه البخاري ومسلم والترمذي وغيرهم، وقد اختلف
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
العلماء في ذلك على ستة أقوال على ما ذكره العيني في "عمدة القاري شرح صحيح البخاري". الأول أنه سنَّة، وهو مذهب الشافعي وأصحابه، والثاني: أنه مستحب، وروي ذلك عن أبي موسى الأشعري، ورافع بن خَديج وأنس وأبي هريرة، ومحمد بن سيرين وعروة وسعيد بن المسيب والقاسم بن محمد، والثالث: واجب لا بد منه، وهو قول ابن حزم، والرابع: بدعة، وبه قال عبد الله بن مسعود وابن عمر على اختلاف عنه، فروى ابن أبي شيبة، عن ابن مسعود قال: ما بال الرجل إذا صلّى الركعتين يتمعَّك كما تتمعَّك الدابة والحمار، إذا سلَّم فقد فصل. وروى أيضاً أن ابن عمر نهى عنه، وأخبر أنها بدعة، وممن كره ذلك من التابعين الأسود وإبراهيم النخعي، وقال: هي ضجعة الشيطان. أخرجه ابن أبي شيبة وسعيد بن المسيب وسعيد بن جبير، وحكاه عياض عن مالك وجمهور العلماء، والخامس: أنه خلاف الأولى، عن الحسن أنه كان لا يعجبه، والسادس أنه ليس مقصوداً لذاته، وإنما المقصود الفصل بين ركعتي الفجر والفريضة، إما باضطجاع أو حديث أو غير ذلك وهو محكيّ عن الشافعي. انتهى كلام العيني ملخصاً.
قلت: ظاهر الأحاديث القولية والفعلية تقتضي مشروعية الضجعة بعد ركعتي الفجر، فلا أقلَّ من أن يكون مستحباً إن لم يكن سنَّة، وأما حمل ابن حزم الأمر للوجوب فيبطله ثبوت الترك، وأما إنكار ابن مسعود وابن عمر فإما أن يُحمل على أنه لم يبلغهما الحديث، وهو غير مستبعد، فإن النبي صلى الله عليه وسلم إنما كان يصلي ركعتي الفجر، ويضطجع بعدهما في بيته، وابن مسعود وابن عمر لم يكونا يحضرانه في ذلك الوقت، وعائشة أعلم بحاله في ذلك الوقت، وقد أخبرت بوقوعه، وإما أن يُحمل على أنهما بلغهما الحديث لكن حملاه على الاستراحة، لا على التشريع، أو حملاه على كونه في البيت خاصاً، لا في المسجد أو نحو ذلك، والله أعلم. وفي "شرح القاري"، قال ابن حجر المكي في "شرح الشمائل": روى الشيخان أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا صلّى ركعتي الفجر اضطجع على شقه الأيمن، فتُسنّ هذه الضجعة بين
وَأَيُّ فَصْلٍ (1)(2) أَفْضَلُ مِنَ السَّلامِ.
قَالَ مُحَمَّدٌ: وبقولِ ابنِ عمرَ (3) نَأْخُذُ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حنيفة رحمه الله.
سنَّة الفجر وفرضه، لذلك ولأمره صلى الله عليه وسلم، كما رواه أبو داود وغيره بسند لا بأس به، خلافاً لمن نازع، وهو صريح في ندبها لمن في المسجد وغيره خلافاً لمن خصَّ ندبَها بالبيت، وقول ابن عمر إنها بدعة وقول النخعي إنها ضجعة الشيطان، وإنكار ابن مسعود لها فهو لأنه لم يبلغهم ذلك. وقد أفرط ابن حزم في قوله بوجوبها، وإنها لا تصح الصلاة بدونها. انتهى. ولا يخفى بُعْد عدم البلوغ إلى هؤلاء الأكابر الذين بلغوا المبلغ الأعلى، لا سيما ابن مسعود الملازم له في السفر والحضر، وابن عمر المتفحِّص عن أحواله صلى الله عليه وسلم، فالصواب حمل إنكارهم على العلة السابقة من الفصل، وعلى فعله في المسجد بين أهل الفضل.
(4)
أي: لِمَ فعل ذلك.
(1)
قوله: فصل، وذلك لأن السلام إنما ورد للفصل، وهو لكونه واجباً أفضل من سائر ما يخرج من الصلاة من الفعل والكلام، وهذا لا ينافي ما سبق من أنه عليه السلام كان يضطجع في آخر التهجّد تارةً وتارةً بعد ركعتي الفجر في بيته للاستراحة، كذا قال علي القاري.
(2)
فيه إشارة إلى أنه لا حاجة إلى الضجعة للفصل، بل هو حاصل بالسلام، وليس فيه إنكار الضجعة مطلقاً.
(3)
أي: لا يحتاج إلى الاضطجاع للفصل.