المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فهرس الكتاب

- ‌[مقدمات الطبع والتحقيق]

- ‌تقدِيم بقَلم سَمَاحَةِ الشَّيخ أبي الحَسَن عَلي الحَسَني النَّدوي

- ‌تَقدمة بقلم الأستاذ عَبد الفتاح أبو غُدّة

- ‌حفظ الله تعالى للسنة:

- ‌نصيب المدينة من السنة أوفى نصيب وسَبْقُها في تدوين السنة:

- ‌تأليف مالك الموطأ:

- ‌تأريخ تأليف الموطأ:

- ‌الموطأ أوَّلُ ما صُنِّف في الصحيح:

- ‌مكانة "الموطأ" وصعوبة الجمع بين الفقه والحديث:

- ‌كبار الحفاظ الأقدمين وحدود معرفتهم بالفقه:

- ‌الإمامة في علم تجتمع معها العامية في علم آخر:

- ‌يُسر الرواية وصعوبة الفقه والاجتهاد:

- ‌مزايا "الموطأ

- ‌كلمةٌ عن روايات الموطأ عن مالك:

- ‌كلمات في ترجمة محمد بن الحسن راوي الموطأ وكلمات في العمل بالرأي الذي يُغمَزُ به:

- ‌كلماتٌ في العمل بالرأي الذي يُغمزُ به محمد بن الحسن والحنفيةُ وغيرهم:

- ‌ظلم جملة من المحدثين لأبي يوسف ومحمد الفقيهين المحدثين:

- ‌كلمات للإمام ابن تيمية في دفع الجرح بالعمل بالرأي:

- ‌تحجُّر الرواة وضيقهم من المشتغل بغير الحديث:

- ‌الردُّ على من قدح في أبي حنيفة بدعوى تقديمه القياس على السنة:

- ‌كلمات في ترجمة الشارح الإمام اللكنوي:

- ‌أهميةُ طبع كتاب التعليق الممجد:

- ‌مقدمة المحقِّق [د. تقي الدين الندوي أستاذ الحديث الشريف بجامعة الإمارات العربية المتحدة]

- ‌تَرجمَة "العَلاّمة فَخر الهِند عبد الحَي اللَّكنَوي" (من "نزهة الخواطر وبهجة المسامع والنواطر"، للشيخ السيد عبد الحيّ الحَسَني (م 1341 هـ) : 8/234)

- ‌مقَدِّمَة الشَّارح

- ‌مقَدمة: فيهَا فوائد مُهمَّة

- ‌[الفائدة] الأولى: في كيفية شيوع كتابة الأحاديث وبَدْء تدوين التصانيف، وذكر اختلافها مَقصِداً، وتنوّعها مسلكاً، وبيان أقسامها وأطوارها

- ‌الفائدة الثانية: في ترجمة الإمام مالك

- ‌الفائدة الثالثة: في ذكر فضائل الموطّأ وسبب تسميته به وما اشتمل عليه

- ‌الفائدة الرابعة: قد يُتَوَهَّم التعارض بين ما مرَّ نقله عن الشافعي

- ‌الفائدة الخامسة: من فضائل الموطّأ اشتماله كثيراً على الأسانيد التى حكم المحدثون عليها بالأصحية

- ‌الفائدة السادسة: قال السيوطي: في "تنوير الحوالك

- ‌الفائدة السابعة: [نسخ الموطأ]

- ‌الفائدة الثامنة: [عدد أحاديثه]

- ‌الفائدة التاسعة: في ذكر من علق على موطّأ الإمام مالك

- ‌الفائدة العاشرة: في نشر مآثر الإِمام محمد وشيخيه أبي يوسف وأبي حنيفة:

- ‌الفائدة الحادية عشرة: [أهمية رواية محمد، وترجيحها على رواية يحيى المشهورة]

- ‌الفائدة الثانية عشرة: في تعداد الأحاديث والآثار التي في موطأ الإمام محمد [بالتفصيل] :

- ‌خاتمة:

- ‌أبواب الصلاة

- ‌2 - (بَابُ ابْتِدَاءِ الْوُضُوءِ)

- ‌5 - (بَابُ الْوُضُوءِ مِنْ مسِّ الذَّكر)

- ‌8 - (بَابُ الْوُضُوءِ مِنَ الرُّعاف)

- ‌10 - (بَابُ الْوُضُوءِ مِنَ الْمَذْيِ)

- ‌12 - (بَابُ الْوُضُوءِ بِمَاءِ الْبَحْرِ)

- ‌15 - (بَابُ الاغْتِسَالِ مِنَ الْجَنَابَةِ)

- ‌17 - (بَابُ الاغْتِسَالِ يَوْمِ الجُمُعة)

- ‌18 - (بَابُ الاغْتِسَالِ يومَ الْعِيدَيْنِ)

- ‌24 - (بَابُ الْمُسْتَحَاضَةِ

- ‌25 - (باب المرأة ترى الصُّفرة والكُدْرة

- ‌26 - (بَابُ الْمَرْأَةِ تَغْسِل بعضَ أعضاءِ الرَّجُلِ وَهِيَ حَائِضٌ)

- ‌27 - (باب الرجل يغتسلُ أو يتوضأ بِسُؤْرِ الْمَرْأَةِ

- ‌28 - (بَابُ الْوُضُوءِ بِسُؤْرِ الهِرّة)

- ‌29 - (باب الأَذَانِ وَالتَّثْوِيبِ

- ‌30 - (بَابُ الْمَشْيِ إِلَى الصَّلاةِ وَفَضْلِ الْمَسَاجِدِ)

- ‌34 - (باب القراءة في الصلاة خلف الإمام

- ‌39 - (باب السهو في الصلاة)

- ‌42 - (بَابُ السُّنَّةِ فِي السُّجُودِ)

- ‌43 - (بَابُ الْجُلُوسِ فِي الصَّلاةِ)

- ‌44 - (بَابُ صَلاةِ الْقَاعِدِ)

- ‌45 - (بَابُ الصَّلاةِ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ)

- ‌46 - (بَابُ صَلاةِ اللَّيْلِ)

- ‌7 - (بابُ الحدَثِ فِي الصَّلاةِ)

- ‌8 - (بَابُ فَضْلِ الْقُرْآنِ وَمَا يُستحبُّ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ عز وجل

- ‌50 - (باب الرجلان يصلِّيانِ جَمَاعَةً)

- ‌52 - (بَابُ الصلاةِ عِنْدَ طلوعِ الشَّمْسِ وَعِنْدَ غُرُوبِهَا)

- ‌53 - (بابُ الصلاةِ فِي شِدَّةِ الْحَرِّ)

- ‌54 - (بَابُ الرَّجُل يَنْسَى الصلاةَ أَوْ تفوتُهُ عَنْ وَقْتِهَا)

- ‌56 - (بَابُ قَصْرِ الصَّلاةِ فِي السَّفَرِ)

- ‌57 - (بَابُ الْمُسَافِرِ يَدْخُلُ المِصْرَ أَوْ غيرَه مَتَى يُتِمّ الصلاةَ)

- ‌58 - (باب الْقِرَاءَةِ فِي الصَّلاةِ فِي السَّفَرِ)

- ‌59 - (بَابُ الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلاتَيْنِ فِي السَّفَرِ وَالْمَطَرِ)

- ‌60 - (بَابُ الصَّلاةِ عَلَى الدَّابَةِ فِي السَّفَرِ)

- ‌61 - (بَابُ الرَّجُلِ يصلِّي فَيَذْكُرُ أنَّ عَلَيْهِ صَلاةً فَائِتَةً)

- ‌64 - (بَابُ فَضْلِ الْعَصْرِ وَالصَّلاةِ بَعْدَ الْعَصْرِ)

- ‌65 - (بَابُ وَقْتِ الْجُمُعَةِ وَمَا يُسْتَحَبُّ مِنَ الطِّيبِ وَالدِّهَانِ

- ‌66 - (بَابُ الْقِرَاءَةِ فِي صَلاةِ الْجُمُعَةِ وَمَا يُسْتَحَبُّ مِنَ الصَّمْتِ

- ‌67 - (بَابُ صَلاةِ الْعِيدَيْنِ وَأَمْرِ الْخُطْبَةِ)

- ‌68 - (بَابُ صَلاةِ التَّطَوُّعِ قَبْلَ العيد أبو بَعْدَهُ)

- ‌69 - (بَابُ القراءةِ فِي صَلاةِ الْعِيدَيْنِ)

- ‌70 - (بَابُ التَّكْبِيرِ فِي الْعِيدَيْنِ

- ‌72 - (بابُ القنوتِ فِي الْفَجْرِ)

- ‌73 - (بَابُ فضلِ صلاةِ الْفَجْرِ فِي الْجَمَاعَةِ وَأَمْرِ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ)

- ‌74 - (بَابُ طولِ القراءةِ فِي الصَّلاةِ وَمَا يُسْتَحَبُّ مِنَ التَّخْفِيفِ)

- ‌75 - (بابُ صلاةِ المغربِ وترُ صلاةِ النَّهار)

الفصل: ‌29 - (باب الأذان والتثويب

وهو قولُ أبي حنيفة (1) رحمه الله.

‌29 - (باب الأَذَانِ وَالتَّثْوِيبِ

(2))

91 -

أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، أَخْبَرَنَا ابنُ شِهَابٍ، عَنْ عطاءِ (3) بنِ يزيدَ الليثيِّ، عَنْ أَبِي سعيد (4) الخُدْري (5)

(1) قوله: وهو قول أبي حنيفة، قال ابن نصر (في الأصل:"أبو نصر المروزي"، وهو تحريف. وفي "سير أعلام النبلاء": 14/33: محمد بن نصر الحجاج المَرْوزي، أبو عبد الله، ت 294 هـ) المروزي: خالفه أصحابه فقالوا: لا بأس به. انتهى. قال ابن عبد البر: ليس كذلك وإنما خالفه من أصحابه أبو يوسف، وأما محمد وزفر والحسن بن زياد وغيرهم، فإنهم يقولون بقول أبي حنيفة، ويحتجّون لذلك بما يروون عن أبي هريرة، وابن عمر، أنهما كرها الوضوء بسؤر الهر، وهو قول ابن أبي ليلى، ولا أعلم لمن كره سؤر السِّنَّوْر حجة أحسن من أنه لم يبلغه حديث قتادة، أو لم يصح عنده. انتهى ملخَّصاً.

قلت: الكراهة التنزيهية، بسبب غلبة اختلاطها النجاسة لا تُنافي حديث أبي قتادة وغيره، نعم يشكل الأمر على من اختار كراهة التحريم، وأما كراهة التنزيه فأمر سهل.

(2)

هو الإِعلام بعد الإِعلام.

(3)

قوله: عطاء، المدني من ثقات التابعين ورجال الجميع، مات سنة خمس أو سبع ومائة، واسم أبيه يزيد، كذا في "الإِسعاف" و"التقريب"، وفي بعض النسخ: زيد.

(4)

سعد بن مالك بن سنان الأنصاري، شهد ما بعد أُحُد، ومات بالمدينة سنة ثلاث أو أربع أو خمس وستين، وقيل أربع وسبعين، كذا في "جامع الأصول".

(5)

قوله: الخُدْري، بضم الخاء المعجمة وسكون الدال المهملة، نسبة إلى خدرة وهو الأَبْجَر بفتح الألف وسكون الباء الموحَّدة وفتح الجيم ثم راء مهملة. ابن عوف بن الحارث بن الخزرج، وبنو خدرة قبيلة من الأنصار الخزرجيين منسوبة إلى خدرة، ومنهم أبو سعيد الخدري، كذا في "أنساب" السمعاني،

و"جامع الأصول".

ص: 353

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا سمعتُمُ (1) النِّداءَ (2) فقولوا (3) مثلَ (4)

(1) قوله: إذا سمعتم، ظاهره أنه لو لم يسمع لصممٍ أو بُعْدٍ لا إجابة عليه، وبه صَرَّح النوويّ في "شرح المهذَّب".

(2)

أي: الأذان، سُمِّي به لأنه نداء ودعاء إلى الصلاة.

(3)

قوله: فقولوا، استُدلَّ به على وجوب إجابة المؤذن، حكاه الطحاوي، عن قوم من السلف، وبه قال الحنفية والظاهرية وابن وهب، واستدل الجمهور بحديث مسلم وغيره: أنه صلى الله عليه وسلم سمع مؤذناً فلمّاً كَبَّر قال: على الفطرة، فلما تشهَّد قال: خرج من النار. فلما قال صلى الله عليه وسلم غيرَ ما قال المؤذن عُلم أن الأمر للاستحباب. وتُعُقِّب بأنه ليس في الحديث أنه لم يقل مثل ما قال، فيجوز أنه قاله ولم ينقُلْه الراوي اكتفاءً بالعادة، قاله الزرقاني.

(4)

قوله: مثل ما يقول، ظاهره أنه يقول مثله في جميع الكلمات، لكن حديث عمر وحديث معاوية في البخاري وغيره دلَّ على أنه يُستثنى من ذلك (حَيَّ على الصلاة حَيَّ على الفلاح)، فيقول بدلهما: لا حول ولا قوة إلَاّ بالله، وهو المشهور عند الجمهور، وقال ابن الهمام في "فتح القدير": الحوقلة في الحيعلتين وإن خالفت ظاهر قوله: فقولوا مثل ما يقول المؤذن، لكنه ورد فيه حديث مفسّر كذلك عن عمر، رواه مسلم. فحملوا ذلك العامَّ على ما سوى هاتين الكلمتين، وهو غير جارٍ على قاعدتنا، لأن عندنا المخصص الأول ما لم يكن متصلاً به لا يخصص بل يعارض فيجري فيه حكم المعارضة، أو يقدَّم العامّ، والحق هو الأول. انتهى.

ثم قال: قد رأينا من مشائخ السلوك من يجمع بينهما ليعمل بالحديثين. انتهى.

قلت: الجمع حسن عملاً بالحديثين.

وذكر بعض أصحابنا مكان حيّ على الفلاح (ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن) ، ذكره في "المحيط" وغيره، لكن لا أصل له في الأحاديث، ولا أعلم من أين اخترعوه، وقد نبَّه على ذلك المحدث عبد الحق الدهلوي في "شرح سفر السعادة".

ص: 354

مَا يَقُولُ المؤذِّنُ (1) .

قَالَ مَالِكٌ، بَلَغَنا (2) أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه جَاءَهُ

(1) قوله: المؤذن، ادَّعى ابن وضّاح أن هذا مدرج وأن الحديث انتهى بقوله: ما يقول. وتُعُقِّب بأن الإِدراج لا يثبت بمجرَّد الدعوى، كذا في "شرح الزرقاني".

(2)

قوله: بلغنا، قال ابن عبد البر: لا أعلم أنه رُوي من وجه يُحتج به وتُعلم صحَّتُه، وإنما فيه حديث هشام بن عروة، عن رجل يقال له إسماعيل لا أعرفه، ذكر ابن أبي شيبة: نا عبدة بن سليمان، عن هشام بن عروة، عن رجل يقال له إسماعيل، قال: جاء المؤذِّن يؤذن عمر لصلاة الصبح، فقال: الصلاة خير من النوم، فأعجب به عمر، وقال للمؤذِّن: أقرها في أذانك. انتهى. وردَّه الزرقاني بأنه قد أخرجه الدارقطني في السنن من طريق وكيع في مصنَّفه، عن العمري، عن نافع، عن ابن عمر، عن عمر، وأخرج أيضاً، عن سفيان عن محمد بن عجلان، عن نافع، عن ابن عمر، عن عمر، أنه قال لمؤذِّنه: إذا بلغتَ حيّ على الفلاح في الفجر، فقل: الصلاة خير من النوم. انتهى. قلت: وها هنا أخبار وآثار أُخَر تدل على صحة ما أمر به عمر من تقرير هذه الزيادة في الأذان، فذكر ابن أبي شيبة: نا أبو خالد الأحمر، عن حجّاج، عن عطاء، كان أبو محذورة يؤذّن لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولأبي بكر وعمر وكان يقول في أذانه: الصلاة خير من النوم. قال: ونا حفص بن غياث عن طلحة، عن سويد، عن بلال، وعن حجّاج، عن عطاء، عن أبي محذورة: أنهما كانا يثوِّبان في صلاة الفجر الصلاة خير من النوم. قال: ونا وكيع، عن سفيان، عن عمران بن مسلم، عن سويد: أنه أَرسل إلى مؤذِّنه إذا بلغتَ حَيّ على الفلاح فقل: الصلاة خير من النوم، فإنه أذان بلال. وذكر ابن المبارك وعبد الرزاق في مصنَّفه، عن معمر، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب: أن بلالاً أذن ذات ليلة ثم جاء يؤذن للنبي صلى الله عليه وسلم، فنادى الصلاة خير من النوم، فأُقرَّت في صلاة الصبح. وفي "شرح معاني الآثار" للطحاوي: كره قوم أن يقال في أذان الصبح الصلاة خير من النوم، واحتجّوا بحديث عبد الله بن زيد في

ص: 355

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الأذان الذي أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم بتعليمه بلالاً، وخالفهم في ذلك آخرون، فاستحبّوا أن يقال ذلك في التأذين، وكان من الحجة لهم أنه وإن لم يكن في تأذين عبد الله فقد علَّمه رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا محذورة بعد ذلك، وأمره أن يجعله في أذان الصبح: نا علي بن معبد، نا روح بن عبادة، نا ابن جريج، أخبرني عثمان بن السائب، عن أم عبد الملك بن أبي محذورة، عن أبي محذورة: أن النبي صلى الله عليه وسلم علَّمه في الأذان الأول من الصبح الصلاة خير من النوم. نا علي، نا الهيثم بن خالد، نا أبو بكرة بن عياش، عن عبد العزيز بن رفيع، سمعت أبا محذورة قال: كنت غلاماً صبيّاً فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم قل: الصلاة خير من النوم، الصلاة خير من النوم. قال أبو جعفر: فلما علَّم رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا محذورة ذلك كان ذلك زيادة على ما في حديث عبد الله بن زيد ووجب استعمالها، وقد استعمل ذلك أصحابه من بعده. نا ابن شيبة، نا أبو نعيم، نا سفيان، عن محمد بن عجلان، عن نافع، عن ابن عمر، قال: كان في الأذان الأول بعد حَيّ على الفلاح الصلاة خير من النوم، الصلاة خير من النوم. نا علي بن شيبة، نا يحيى بن يحيى، نا هيثم، عن ابن عون، عن محمد بن سيرين، عن أنس، قال: كان التثويب في صلاة الغداة إذا قال المؤذن حَيّ على الفلاح، قال: الصلاة خير من النوم. فهذا ابن عمر وأنس يخبران أن ذلك مما كان المؤذِّن يؤذِّن به في أذان الصبح، فثبت بذلك ما ذكرناه. وهو قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. انتهى كلامه. وفي سنن النسائي، عن أبي محذورة: كنت أؤذِّن لرسول الله صلى الله عليه وسلم وكنت أقول في أذان الفجر: حي على الفلاح، الصلاة خير من النوم، الله أكبر الله أكبر، لا إله إلَاّ الله. وفي "معجم الطبراني"، عن بلال أنه أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً يؤذنه لصلاة الصبح فوجده راقداً، فقال: الصلاة خير من النوم مرتين، فقال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما أحسن هذا يا بلال، اجعله في أذانك. وروى ابن خزيمة والبيهقي، عن ابن سيرين، قال: من السنَّة أن يقول المؤذِّن في أذان الفجر حي على الفلاح، قال: الصلاة خير من النوم

ص: 356

المؤذِّن يُؤْذِنُهُ (1) لصلاةِ الصُّبْحِ فَوَجَدَهُ نَائِمًا فَقَالَ المؤذِّنُ (2) : الصَّلاةُ خيرٌ مِنَ النَّوْمِ، فَأَمَرَهُ عُمَرُ أن يجعلها في نداء الصبح.

(قلت: إسناده صحيح. رواه الدارقطني 1/243) .

(1)

أي يخبره من الإِيذان أو من التأذين.

(2)

قوله: فقال المؤذّن

إلخ، يُستنبط من هذا الأثر أمور:

أحدها: جواز التثويب وهو الإِعلام بعد الإِعلام لأمراء المؤمنين وبه قال أبو يوسف، واستبعده محمد، لأن الناس سواسية في أمر الجماعة، ويُدفع استبعاده بما رُوي في الصحاح أن بلالاً كان يؤذن الفجر ثم يأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم على باب الحجرة، فيؤذنه بصلاة الصبح، وكذا في غير صلاة الفجر. لكن قد يُخدش ذلك بما أخرجه أبو بكر بن أبي شيبة، عن مجاهد، أن أبا محذورة قال: الصلاة الصلاة، فقال عمر: ويحك أمجنون أنت؟ أما كان في دعائك الذي دعَوتنا ما نأتيك؟ وقد حقَّقت الأمر في هذه المسألة في رسالتي "التحقيق العجيب في التثويب".

وثانيها: جواز النوم بعد طلوع الصبح أحياناً.

وثالثها: كون الصلاة خير من النوم في نداء الصبح.

ورابعها: كون ذلك بأمر عمر. وقد يُستشكل هذا بأن دخوله في نداء الصبح كان بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم لبلال، وكان ذلك شائعاً في أذان بلال وأذان أبي محذورة وغيرهما من المؤذنين في عصر رسول الله صلى الله عليه وسلم كما هو مخرَّج في سنن ابن ماجه وجامع الترمذي وأبي داود ومعجم الطبراني ومعاني الآثار وغيرهما، وقد فصَّلته في رسالتي المذكورة، فما معنى جعله في نداء الصبح بأمر عمر؟ وأُجيب عنه بوجوه: أحدها: أنه من ضروب الموافقة ذكره الطيبي في "حواشي المشكاة: وردَّه عليّ القاريّ بأن هذا كان في زمان خلافة عمر، ويبعد عدم وصوله إليه سابقاً.

ص: 357

92 -

أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، أَخْبَرَنَا نَافِعٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّهُ كَانَ يكبِّر فِي النِّدَاءِ (1) ثَلاثًا (2) ويتشهَّدُ ثَلاثًا، وَكَانَ أَحْيَانًا (3) إِذَا قَالَ حيَّ على الفلاح قال على إِثْرِها (4)

وثانيها: أنه لعله بلغه ثم نسيه فأمره، وفيه بُعد أيضاً.

وثالثها: أن معنى أمره أن يجعلها في نداء الصبح أن يبقيها فيه ولا يجاوزها إلى غيره. قال ابن عبد البر: المعنى فيه عندي والله أعلم أنه قال: اجعل هذا في الصبح لا ها هنا، كأنه كره أن يكون نداء الفجر عند باب الأمير كما أحدثه الأمراء، وإنما حملني على هذا التأويل، وإن كان الظاهر من الخبر خلافه، لأن قول المؤذن الصلاة خير من النوم أشهر عند العلماء والعامة من أن يُظَنّ بعمر أنه جهل ما سنَّ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وأمر به مؤذِّنَه بالمدينة بلالاً وبمكة أبا محذورة.

(1)

أي: الأذان.

(2)

قوله: ثلاثاً، اختلفت الروايات في عدد التكبير والتشهّد، ففي بعضها ورد التكبير في ابتداء الأذان أربع مرات، وفي بعضها مرتين، والأول هو المشهور في بَدْء الأذان وأذان بلال وغيره، وبه قال الجمهور والشافعي وأحمد وأبو حنيفة، ومالك اختار الثاني.

وأما الشهادتان، فورد في المشاهير أن كلاًّ منهما مرتين مرتين، وبه أخذ أبو حنيفة ومن وافقه، وورد في أذان أبي محذورة الترجيع وهو أن يخفض صوته بهما ثم يرفع، وبه أخذ الشافعي ومن وافقه، وأما فعل ابن عمر من تثليث التشهّد والتكبير فلم أَطَّلع له في المرفوع أصلاً، ولعله لبيان الجواز.

(3)

فيه إشارة إلى أنه ليس بسنَّة بل هو لبيان الجواز.

(4)

بكسر الهمزة، أي: على عقبها.

ص: 358

حَيَّ على خير العمل (1) .

(1) قوله: حي على خير العمل، أخرجه البيهقي كذلك عن عبد الوهاب بن عطاء، عن مالك، عن نافع، وعن الليث بن سعد، عن ابن عمر: أنه كان إذا قال حي على الفلاح قال على إثرها: حي على خير العمل، قال البيهقي: لم يثبت هذا اللفظ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ما علَّم بلالاً ولا أبا محذورة، ونحن نكره الزيادة فيه. وروى البيهقي أيضاً، عن عبد الله بن محمد بن عمار وعمر ابني سعد بن عمر بن سعد، عن آبائهم، عن أجدادهم، عن بلال: أنه كان ينادي بالصبح، فيقول: حيّ على خير العمل، فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجعل مكانها الصلاة خير من النوم، وترك حي على خير العمل. قال ابن دقيق العيد: رجاله مجهولون يُحتاج إلى كشف أحوالهم، كذا في "تخريج أحاديث الهداية" للزيلعي. وقال النووي في "شرح المهذب": يُكره أن يُقال في الأذان: حيَّ على خير العمل، لأنه لم يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، والزيادة في الأذان مكروهة عندنا. انتهى. وفي "منهاج السنَّة" لأحمد بن عبد الحليم الشهير بابن تيمية: هم أي الروافض زادوا في الأذان شعاراً لم يكن يُعرف على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وهي حي على خير العمل، وغاية ما يُنقل إنْ صح النقلُ أن بعض الصحابة كابن عمر كان يقول ذلك أحياناً على سبيل التوكيد كما كان بعضهم يقول بين النداءين: حي على الصلاة، حي على الفلاح، وهذا يُسمَّى نداء الأمراء، وبعضهم يسمّيه التثويب، ورخَّص فيه بعضهم وكرهه أكثر العلماء، ورووا عن عمر وابنه وغيرهما كراهة ذلك، ونحن نعلم بالاضطرار أن الأذان الذين كان يؤذِّنه بلال وابن أم مكتوم في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة، وأبو محذورة بمكة، وسعد القرظي في قباء لم يكن في آذانهم هذا الشعار الرافضي، ولو كان فيه لنقله المسلمون ولم يُهملوه، كما نقلوا ما هو أيسر منه، فلمّا لم يكن في الذين نقلوا الأذان من ذكر هذه الزيادة علم أنها بدعة باطله وهؤلاء الأربعة كانوا يؤذِّنون بأمر النبي صلى الله عليه وسلم، ومنه تعلَّموا الأذان، وكانوا يؤذِّنون في أفضل المساجد مسجد مكة والمدينة ومسجد قباء، وأذانهم متواتر عند العامة والخاصة. انتهى كلامه.

ص: 359

قَالَ مُحَمَّدٌ: الصلاةُ خيرٌ مِنَ النَّوْمِ يَكْوُنُ ذَلِكَ فِي نِدَاءِ الصبح بعد الفراغ (1) من النداء،

(1) قوله: بعد الفراغ من النداء، فيه أنه قد ثبت هذه الزيادة في الأذان بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتعارف ذلك المؤذِّنون من غير نكير، ففي حديث أبي محذورة في قصة تعليم النبيّ صلى الله عليه وسلم الأذان له، قال فيه: إذا كنتَ في أذان الصبح، فقلت: حَيَّ على الفلاح، فقل: الصلاة خير من النوم مرتين. أخرجه أبو داود وابن حبان مطوَّلاً، وفي سنده محمد بن عبد الملك بن أبي محذورة، وهو غير معروف الحال، والحارث بن عبيد، وفيه مقال. وقال بقي بن مخلد: نا يحيى بن عبد الحميد، نا أبو بكر بن عياش، ثني عبد العزيز بن رفيع، سمعت أبا محذورة يقول: كنت غلاماً صبيّاً أذَّنت بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم الفجر يوم حنين، فلما انتهيتُ إلى حي على الفلاح قال: ألحِقْ فيها الصلاة خير من النوم. ورواه النسائي من وجه آخر، وصحَّحه ابن حزم. وروى الترمذي وابن ماجه وأحمد من حديث عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن بلال، قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لا تثوبنَّ في شيءٍ من الصلاة إلَاّ صلاة الفجر". وفي سنده الملائي وهو ضعيف مع الانقطاع بين عبد الرحمن وبلال. ورواه الدارقطني من طريق آخر، عن عبد الرحمن، وفيه أبو سعد البقال (في نسخة:"أبو سعيد البقال"، وهو تحريف. وهو سعيد بن المرزبان العبسي أبو سعد، البقال الكوفي ت 140 هـ. انظر:"تهذيب التهذيب" 4/79) وهو ضعيف. وروى ابن خزيمة والدارقطني والبيهقي، عن أنس، قال: من السنَّة إذا قال المؤذن في أذان الفجر: حيَّ على الفلاح، قال: الصلاة خير من النوم. وصحَّحه ابن السكن ولفظه: كان التثويب في صلاة الغداة إذا قال المؤذِّن: حي على الفلاح. وروى ابن ماجه من حديث ابن المسيِّب، عن بلال، قال: أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم يؤذنه لصلاة الفجر، فقيل هو نائم، فقال: الصلاة خير من النوم مرتين، فأُقِرَّتْ في تأذين الفجر، فثبت الأمر على ذلك. وفيه انقطاع مع ثقة رجاله. وذكره ابن السكن من طريق آخر، عن بلال، وهو في معجم الطبراني من طريق الأزدي، عن حفص بن عمر، عن بلال، وهو منقطع أيضاً. ورواه البيهقي في "المعرفة" من

ص: 360

وَلا يَجِبُ (1) أَنْ يُزاد فِي النِّدَاءِ مَا لم يكن منه (2) .

هذا الطريق، فقال: عن الزهري، عن حفص بن عمر بن سعد المؤذن: أن سعداً كان يؤذن، قال حفص: فحدَّثني أهلي أن بلالاً فذكره. وروى ابن ماجه، عن سالم، عن أبيه، قصة اهتمامهم بما يجمعون به الناس قبل أن يشرع الأذان، وفي آخره زاد بلال في نداء صلاة الغداة الصلاة خير من النوم، فأقرَّها رسول الله صلى الله عليه وسلم. وإسناده ضعيف جداً. وروى السَّرَّاج والطبراني والبيهقي من حديث ابن عجلان، عن نافع عن ابن عمر، قال: كان الأذان الأول بعد حي على الفلاح الصلاة خير من النوم مرتين، وسنده حسن. هذا ما ذكره الحافظ ابن حجر العسقلاني في "تخريج أحاديث شرح الرافعي"(1/201) .

وفي الباب أخبار وآثار أُخَر قد مر نبذٌ منها، فيثبت بضم بعضها ببعض - وإن كان طرق بعضها ضعيفة - كون هذه الزيادة في أذان الصبح لا بعده هو مذهب الكافَّة.

(1)

قوله: ولا يجب، هكذا بالجيم في الأصل، والمعنى لا ينبغي، والظاهر أنه تصحيف "لا يحب" أي: لا يستحسن، كذا قال القاري.

(2)

قوله: ما لم يكن منه، يشير إلى حديث "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو ردّ"، وكأنه أشار إلى أن الصلاة خير من النوم ليس من الأذان، أو إلى أنَّ حيَّ على خير العمل ليس من الأذان، أي: من الأذان المعروف بين مؤذِّني رسول الله صلى الله عليه وسلم المأثور عنه، فإن كان المراد هو الأول كما يقتضيه ضم جملة ولا يجب

إلخ، بقوله: يكون في نداء الصبح بعد الفراغ من النداء، فقد عرفتَ ما فيه من أن زيادة الصلاة خير من النوم وإن لم تكن في حديث بَدْء الأذان لكنها ثبت الأمر بها بعد ذلك، فليست زيادته زيادة ما ليس منه. وإن كان المراد هو الثاني وهو الأَوْلى بأن يجعل قوله ولا يجب إلى آخره بياناً لعدم زيادة حي على خير العمل فيخدشه ما أخرجه الحافظ أبو الشيخ بن حَيّان (في الأصل:"ابن حبان"، وفي "سير أعلام النبلاء" 16/267، و"طبقات الحفاظ" ص 381:"ابن حيّان"، هو أبو محمد عبد الله بن جعفر بن حيان الأصبهاني المعروف بأبي الشيخ ت 369 هـ) في كتاب "الأذان"، عن سعد القَرَظ،

ص: 361