المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌مذكرة تفسيرية بشأن صندوق التضامن الإسلامي ووقفيته - مجلة مجمع الفقه الإسلامي - جـ ٤

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌العدد الرابع

- ‌كلمةمعالي الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلاميالأستاذ/ سيد شريف الدين بيرزاده

- ‌كلمةمعالي رئيس مجلس مجمع الفقه الإسلاميالدكتور بكر بن عبد الله أبو زيد

- ‌كلمةمعالي الأمين العام لمجمع الفقه الإسلامي الدوليالدكتور محمد الحبيب بن الخوجة

- ‌كلمةمعالي الأستاذ سيد شريف الدين بيرزاده

- ‌كلمةمعالي رئيس البنك الإسلامي للتنميةالدكتور/ أحمد محمد علي

- ‌كلمةمعالي الأمين العام بالنيابة لرابطة العالم الإسلاميالأستاذ/ أمين عقيل عطّاس

- ‌كلمةمعالي وزير الأوقاف بدولة الكويتالشيخ خالد أحمد الجسار

- ‌كلمةمعالي رئيس مجلس مجمع الفقه الإسلاميالدكتور بكر بن عبد الله أبو زيد

- ‌كلمةمعالي الأمين العام لمجمع الفقه الإسلامي الدوليالدكتور محمد الحبيب ابن الخوجة

- ‌كلمةالوفود المشاركةألقاها بالنيابة سعادة السفير الدكتور عمر جاه

- ‌انتفاع الإنسان بأعضاء جسم إنسان آخر حياً أو ميتاًإعدادمعالي الدكتور محمد علي البار

- ‌انتفاع الإنسان بأعضاءجسم إنسان آخر حياً أو ميتاًغرس الأعضاء في جسم الإنسانمشاكله الاجتماعية وقضاياه الفقهيةإعدادمعالي الدكتور محمد أيمن صافي

- ‌التشريح الجثماني والنقل والتعويض الإنسانيإعدادفضيلة الدكتور بكر بن عبد الله أبو زيد

- ‌انتفاع الإنسان بأعضاءجسم إنسان آخر حياً أو ميتاًإعدادفضيلة الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي

- ‌‌‌انتفاع الإنسان بأعضاءجسم إنسان آخر حياً أو ميتاًفي الفقه الإسلاميإعدادفضيلة الأستاذ الدكتور حسن علي الشاذلي

- ‌انتفاع الإنسان بأعضاءجسم إنسان آخر حياً أو ميتاًفي الفقه الإسلاميإعدادفضيلة الأستاذ الدكتور حسن علي الشاذلي

- ‌انتفاع الإنسان بأعضاءجسم إنسان آخر حياً أو ميتاًإعدادالشيخ خليل محيي الدين الميس

- ‌انتفاع الإنسان بأعضاءجسم إنسان آخر حياً أو ميتاًإعدادالدكتور عبد السلام داود العبّادي

- ‌انتفاع الإنسان بأعضاء جسم إنسان آخر حياً أو ميتاًإعدادفضيلة الشيخ آدم عبد الله علي

- ‌انتفاع الإنسان بأعضاء جسم إنسان آخر حيّاً أو ميّتاًإعدادفضيلة الشيخ محمد عبد الرحمن

- ‌صرف الزكاة لصالح صندوقالتضامن الإسلاميإعدادسعادة سيدي محمد يوسف جيري

- ‌صرف الزكاة لصالح صندوقالتضامن الإسلاميإعدادفضيلة الشيخ تيجاني صابون محمد

- ‌صرف الزكاة لصالح صندوقالتضامن الإسلاميإعدادفضيلة الشيخ مولاي مصطفى العلوي

- ‌صرف الزكاة لصالح صندوقالتضامن الإسلاميإعدادسعادة الدكتور عبد الله إبراهيم

- ‌مذكرة تفسيرية بشأن صندوق التضامن الإسلامي ووقفيته

- ‌زكاة الأسهم في الشركاتإعدادفضيلة الشيخ عبد الله البسام

- ‌زكاة الأسهم في الشركاتإعدادفضيلة أ. دكتور وهبه مصطفى الزحيلي

- ‌زكاة الأسهم في الشركاتإعدادفضيلة الشيخ محمد عبد اللطيف آل سعد

- ‌زكاة الأسهم في الشركاتإعدادفضيلة الدكتور أبو بكر دوكوري

- ‌زكاة الأسهم في الشركاتإعدادفضيلة الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل الشيخ

- ‌زكاة الأسهم في الشركاتإعدادفضيلة الدكتور الصديق محمد الأمين الضرير

- ‌زكاة الأسهم في الشركاتإعدادفضيلة الشيخ هارون خليف جيلي

- ‌زكاة الأسهم في الشركاتإعدادفضيلة الشيخ رجب بيوضي التميمي

- ‌زكاة الأسهم في الشركاتإعدادفضيلة الشيخ محمد عبده عمر

- ‌زكاة الأسهم في الشركاتإعدادفضيلة الدكتور محمد عبد اللطيف صالح الفرفور

- ‌المثامنة في العقار للمصلحة العامةإعدادالدكتور بكر بن عبد الله أبو زيد

- ‌انتزاع الملكية للمصلحة العامةإعدادالدكتور عبد الله محمد عبد الله

- ‌انتزاع الملكية للمنفعة العامةإعدادأ. د. يوسف محمود قاسم

- ‌نزع الملكية الخاصة للمنفعة العامةإعدادالدكتور عبد السلام العبادي

- ‌انتزاع الملك للمصلحة العامةإعدادالدكتور محمود شمام

- ‌الإسلاموانتزاع الملك للمصلحة العامةإعدادفضيلة الشيخ محمد الحاج ناصر

- ‌سندات المقارضةإعدادالصديق محمد الأمين الضرير

- ‌سندات المقارضةإعدادالدكتور رفيق يونس المصري

- ‌سندات المقارضةوسندات الاستثمارإعدادالدكتور حسن عبد الله الأمين

- ‌سندات المقارضةإعدادالقاضي محمد تقي عثماني

- ‌ضمان رأس المال أو الربحفي صكوك المضاربةأو سندات المقارضةإعدادالدكتور حسين حامد حسان

- ‌سندات المقارضةوسندات التنمية والاستثمارإعدادفضيلة الشيخ محمد المختار السلامي

- ‌سندات المقارنة وسندات الاستثمارإعدادفضيلة الشيخ عبد الله بن سليمان بن منيع

- ‌تصوير حقيقة سندات المقارضة والفرق بينها وبينسندات التنمية وشهادات الاستثمار والفرق بينهاوبين السندات الربويةإعدادالدكتور سامي حسن حمود

- ‌سندات المقارضة والاستثمارإعدادفضيلة الدكتور علي أحمد السالوس

- ‌سندات المقارضةإعدادالدكتور عبد السلام داود العبادي

- ‌البيان الختامي وتوصياتلندوةسندات المقارضة وسندات الاستثمارالتي أقامهامجمع الفقه الإسلامي بجدة

- ‌بدل الخلوإعدادالأستاذ الدكتور وهبة الزحيلي

- ‌ موضوع (بدل الخلو)

- ‌بدل الخلوإعدادالدكتور محمد سليمان الأشقر

- ‌حكم الشريعة في بدل الخلو (السرقفلية)إعدادفضيلة الأستاذ إبراهيم فاضل الدبو

- ‌بدل الخُلُوِّفي الفقه الإسلاميإعدادفضيلة الشيخ محيي الدين قادي

- ‌بدل الخلو وتصحيحهإعدادفضيلة الشيخ حجة الإسلام محمد علي تسخيري

- ‌كيفية مكافحة المفاسد الأخلاقيةإعدادفضيلة الشيخ/ رجب بيوض التميمي

- ‌كيفية مكافحة المفاسد الأخلاقيةإعدادالشيخ هارون خليف جيلي

- ‌مجالات الوحدة الإسلاميةوسبل الاستفادة منهاإعدادالأستاذ مصطفى الفيلالي

- ‌مجالات الوحدة الإسلاميةوسبل الاستفادة منهاإعدادفضيلة الدكتور عمر سليمان الأشقر

- ‌مجالات الوحدة الإسلاميةوسبل الاستفادة منهاإعدادالحاج شيت محمد الثاني

- ‌الوحدة الإسلاميةوالتعامل الدوليإعدادفضيلة الشيخ/ محمد علي التسخيري

الفصل: ‌مذكرة تفسيرية بشأن صندوق التضامن الإسلامي ووقفيته

الوثائق

‌مذكرة تفسيرية بشأن صندوق التضامن الإسلامي ووقفيته

مقدمة إلى

الدورة الثالثة لمجمع الفقه الإسلامي

بسم الله الرحمن الرحيم

صندوق التضامن الإسلامي فرع من فروع بيت مال الأمة الإسلامية، أسسه أهل الحل والعقد من قادة المسلمين في مؤتمر القمة الإسلامي الثاني الذي انعقد بمدينة لاهور بجمهورية باكستان الإسلامية سنة 1394هـ (1974م) . وقد نص قرار القمة الإسلامية على إنشاء صندوق التضامن الإسلامي بهدف الوفاء باحتياجات وبمتطلبات القضايا الإسلامية، وللنهوض بالثقافة والقيم والجامعات الإسلامية، على أن تدفع الدول الأعضاء مساهماتها في الصندوق بما يتفق واستطاعة كل منها، وقد تمت المصادقة على النظام الأساسي لصندوق التضامن الإسلامي خلال انعقاد المؤتمر الإسلامي الخامس للسادة وزراء خارجية الدول الأعضاء بمنظمة المؤتمر الإسلامي الذي انعقد بمدينة كولالمبور (ماليزيا) سنة1394هـ (1974م) . وبذلك أصبح للصندوق شخصيته الاعتبارية والمستقلة، ويوجد مركزه الرئيسي بالأمانة العامة لمنظمة المؤتمر الإسلامي بجدة (المملكة العربية السعودية)

أهداف الصندوق:

بمقتضي الخطوط العريضة لقرار القمة الإسلامية، يستهدف الصندوق العمل على الإسهام في تحقيق ورعاية مصالح المسلمين، وفي دفع المضار عنهم، والمحافظة على عقيدتهم وتضامنهم وجهودهم في شتى المجالات. وفيما يلي الأهداف العامة التي يلتزم المجلس الدائم للصندوق بالعمل على تحقيقها:

أولا: التخفيف من آثار الأزمات والمحن والكوارث التي تتعرض لها بعض الدول والشعوب أو الجماعات والأقليات الإسلامية، وذلك بتقديم مساعدات عينية ومالية لها.

ثانيا: نشر الدعوة الإسلامية وتبليغ تعاليمها السمحة، ودعم المراكز والهيئات والجمعيات الإسلامية المختصة في هذا المجال.

ثالثا: دعم الجهاد الفلسطيني في سبيل تحرير القدس الشريف، والحفاظ على المسجد الأقصى الذي بارك الله حوله.

رابعا: تقديم المعونة إلى المحتاجين والمستضعفين من الأقليات المسلمة التي أحصرت في ديار الكفر؛ لمساعدتها على الحفاظ على دينها ونفوسها وأعراضها. ويتمثل هذا الدعم في المشاركة في تمويل بناء المساجد والمستوصفات ومراكز التوعية الدينية.

خامسا: الإسهام في تربية الشباب وتوجيهه توجيها سليما صحيحا ملتزما بالمبادئ الإسلامية ومكارم الأخلاق، وذلك عن طريق تقديم مساعدات للمدارس والمراكز والجمعيات التي تلتزم بمناهج التعليم الإسلامي، وخاصة منها المؤسسات التي توجد بالمناطق أو الأقاليم الخاضعة إلى الدول غير إسلامية. كما تتم المساهمة في إنشاء أو تمويل الجامعات الإسلامية أو دعم القائمة منها فعلا.

ص: 437

هياكل صندوق التضامن الإسلامي:

أولا: 1- المجلس الدائم للصندوق:

يتألف المجلس الدائم من الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي وثلاثة عشر عضوا من ممثلي الدول الأعضاء، ينتخبهم ممثلو الأمة الإسلامية خلال الدورات التي يعقدها مؤتمر وزراء خارجية الدول الأعضاء لمنظمة المؤتمر الإسلامي، والمجلس الدائم هو الجهة المسؤولة عن الصندوق ونشاطاته أمام المؤتمرات الإسلامية الدورية لوزارة الخارجية، ومهمته العمل على تحقيق أهداف الصندوق وتخطيط وإعداد البرامج والإشراف على تنفيذها من خلال الجهاز التنفيذي للصندوق.

2-

الجهاز التنفيذي للصندوق:

هو الجهاز الإداري الذي يعهد إليه بمهمة تنفيذ القرارات التي يتخذها المجلس الدائم للصندوق أو القرارات الصادرة عن مؤتمرات القمة الإسلامية أو مؤتمرات وزراء الخارجية. ويقوم الجهاز التنفيذي بأعمال أمانة الصندوق وحاسباته وكافة الأعمال الفنية للصندوق وشئونه المالية. وتحضير أوراق عمل دورات المجلس، والترتيبات اللازمة لإيصال المساعدات إلى مستحقيها.

3-

لجنة الطوارئ:

وهي لجنة ثلاثية مكونة من رئيس المجلس الدائم أو نائبه. والأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي أو ممثله، وممثل دول المقر (المملكة العربية السعودية) ، وتجتمع لجنة الطوارئ في حالة وقوع الأزمات والكوارث الطبيعية في إحدى الدول الإسلامية لتقرير ما يمكن أن يسهم به الصندوق للتخفيف من حدة تلك الأزمات والكوارث

4-

لجنة المتابعة:

وتتكون من الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي أو ممثله، ورئيس المجلس الدائم أو نائبه، وثلاثة أعضاء يختارهم المجلس لضمان حسن تنفيذ قراراته.

5-

اللجان الفرعية:

وهي أربع لجان مختصة يعهد إليها بدراسة وفحص طلبات المساعدة التي ترد إلى المجلس الدائم، وهي كما يلي:

أ - لجنة أفريقيا والمجموعة العربية:

ب - لجنة الشرق (آسيا وأستراليا)

ج- لجنة الغرب (أوروبا والأمريكتين)

د- لجنة الجامعات والمعاهد العليا

ص: 438

ثانيا: وقفية صندوق التضامن الإسلامي:

يعتمد الصندوق بصفة أساسية في تمويل ميزانيته السنوية علي التبرعات الطوعية التي تقدمها حكومات الدول الأعضاء، وعلى الهبات والمنح التي تقدمها الهيئات العامة والخاصة والأفراد المحسنين من الدول الإسلامية. ولذا كان الصندوق ولازال يفتقر إلى وجود مصدر ثابت لموارده، ولاسيما على المدى البعيد. وأصبح خلال السنوات الثلاثة الماضية يعاني من نقص خطير في موارده، الأمر الذي أصبح معه الصندوق عاجزا عن الوفاء بالتزاماته والقيام بمهماته تجاه الشعوب الإسلامية، وخاصة المستضعفين منهم من الأقليات والجماعات الإسلامية. لذا كان لزاما على المجلس الدائم أن يقترح على المؤتمرات الإسلامية الدورية الأخيرة للسادة وزراء خارجية الدول الأعضاء، فكرة إنشاء وقفية للصندوق تدر ريعا ثابتا، يضمن لميزانيته قدرا معقولا من الثبات والاستقرار، وقد تم إقرار إنشاء وقفية للصندوق برأسمال قدره مائة مليون دولار منذ المؤتمر الإسلامي الثامن للسادة وزراء الخارجية، كما تمت المصادقة على النظام الأساسي للوقفية خلال انعقاد المؤتمر الإسلامي الحادي عشر لوزراء الخارجية. وقد نص النظام الأساسي على أن أموال الوقفية مصونة باعتبارها وقفا شرعيا للغرض الذي أنشئ من أجله، وأن المجلس الدائم للصندوق هو الجهة المسئولة عن إدارة وتسيير شئون الوقفية ويتكون رأسمال الوقفية من المصادر التالية:

أ- الأموال السائلة التي توقفها حكومات الدول الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي، وكذلك الأشخاص الطبيعيون والاعتباريون في العالم الإسلامي.

ب- العقارات والأموال غير المنقولة التي توقفها الحكومات والأشخاص الطبيعيون والاعتباريون في العالم الإسلامي.

وقد تطوعت بعض الدول الإسلامية مشكورة. كما أسهم من المحسنين في الدول الإسلامية في تمويل رأسمال الوقفية (انظر ملحق رقم1)

أهم إنجازات الصندوق:

إن صندوق التضامن الإسلامي، وهو يعمل على تأكيد وإبراز التضامن الإسلامي بين الدول والشعوب الإسلامية، تبنى بصفة خاصة المشروعات الإسلامية الهامة ذات الأثر الملموس على البنية الحضارية، ونشر الثقافة الإسلامية في المجتمعات التي تقام فيها تلك المشروعات.

وبإلقاء نظرة سريعة على محصلة النتائج لمختلف نشاطات صندوق التضامن الإسلامي، نلمس مدى فاعلية هذا الجهاز الإسلامي الجدير بالاهتمام على كافة مستويات الأمة الإسلامية، دولا وأفرادا، شعوبا وجماعات. ومرفق طيه جدول بالمساعدات التي قدمها المجلس الدائم لصندوق التضامن الإسلامي منذ بداية نشاطه وحتي الآن (انظر ملحق رقم 2) . ومن خلال نظرة فاحصه ومخلصة أيضا لهذا الجدول أيضا لهذا الجدول يتضح أن صندوق التضامن الإسلامي تبوأ مكانة مرموقة على صعيد العالم الإسلامي، وأصبح محط آمال العديد من الدول الإسلامية، والمئات من الهيئات والمنظمات والجاليات والأقليات الإسلامية في جميع أنحاء العالم.

ص: 439

الوضع المالي للصندوق

مصادر التمويل – وسائل الدعم

أولا: مصادر تمويل الصندوق:

وفقا للمادة السادسة من النظام الأساسي للصندوق، فإن مصادر التمويل هي:

أ- تبرعات الدول الأعضاء والهبات التي تقدمها الهيئات العامة والخاصة والأفراد ومن عائدات وقفية الصندوق.

ب- الخبرات والمساعدات الفنية والجهود البشرية التي تقدم من الدول الأعضاء والهيئات العامة والخاصة والأفراد.

وبالرغم مما يلاحظ من تنوع مصادر التمويل، فإن الصندوق قد اعتمد منذ انشائه- بصفة أساسية - على تبرعات الدول الأعضاء، وأما ما سوى ذلك فإنه لا يمثل قيمة مؤثرة على إيرادات الصندوق حتى الآن.

وقد أثبتت الممارسة العملية خلال السنوات الثلاثة الأخيرة خطورة هذ الأمر نظرا لحجم تلك التبرعات التي تقدمها الدول الأعضاء واتصافها بعدم الاستمرارية والاستقرار، فبعد أن اكتسب الصندوق دورا طليعيا وهاما لدى المسلمين في جميع أنحاء العالم من خلال قيامه بتمويل وتنفيذ المشروعات لصالح الدول والمجتمعات الإسلامية، نجد أن هذا الدور قد أخذ في التراجع خلال السنوات الثلاث الماضية، وأصبح مهددا بالتوقف كلية إزاء تدني التبرعات إلى أدنى درجة، ويمكننا أن نتبين خطورة الوضع المالي للصندوق من خلال المقارنة بين مجموع المبالغ التي كان يعلن عن التبرع بها من طرف الدول الأعضاء، مع تلك المبالغ التي تصل فعلا للصندوق، والتي تمثل موارد الصندوق الفعلية لميزانياته خلال الأعوام الماضية:

السنة التبرعات المعلنة في الجلسة

التبرعات التي وصلت

79 / 1980 00 / 000 / 137 / 17 58 / 719 / 021 / 14

80 / 1981 00 / 000 / 416 / 12 00 / 000 / 070 / 12

81 / 1982 00 / 000 / 101 / 14 00 / 500 / 643 / 17

82 / 1983 00 / 720 / 263 / 10 46 / 367 / 220 / 10

83 / 1984 00 / 000 / 145 / 00 00 / 314 / 390 / 00

84 / 1985 00 / 000 / 197 / 00 00 / 684 / 151 / 00

ويلاحظ من الجدول السابق الذي يعكس في الواقع المورد الحقيقي لميزانية الصندوق، والذي أصبح في السنتين الماضيتين محدودا للغاية أن صندوق التضامن الإسلامي أصبح – مع الأسف الشديد – يواجه حاليا الكثير من العقبات والصعوبات التي تحد من اضطلاعه بمهامه، بل وتهدد مسيرته الخيرة في قيامه بمختلف نواحي أنشطته لصالح الأمة الإسلامية.

ص: 440

ثانيا: وسائل دعم صندوق التضامن الإسلامي ووقفيته:

إن أهم العقبات التي تواجه صندوق التضامن الإسلامي هي عملية التمويل الثابت والمستمر لميزانيته السنوية، فقد اعتمد الصندوق منذ نشأته وحتى الآن على مصدر أساسي واحد في توفير الموارد لميزانيته، ألا وهو التبرعات التي تجود بها بعض الدول، وقد ثبتت خطورة اعتماد الصندوق على مصدر واحد للتمويل فور عدم انتظام تلك الدول تقديم تبرعاتها الطوعية للصندوق؛ إذ تدنت موارده للسنة المالية 84 / 1985 إلى 151684 دولارا، مما جعل المجلس الدائم للصندوق يقرر إلغاء بعض بنود ميزانياته للسنوات الثلاث الأخيرة، وهي ظاهرة خطيرة تنال من سمعة صندوق التضامن الإسلامي الشيء الكثير.

وأصبح الصندوق، الذي تنظر إليه الدول والشعوب والجماعات الإسلامية نظرة إكبار وإجلال، بصفته المعبر بصدق عن تطلعاتها في الوحدة والتضامن، أصبح هذا الجهاز عاجزا في الآونة الأخيرة عن تحقيق الأهداف السامية التي أنشئ من أجلها.

إن الأمانة العامة لمنظمة المؤتمر الإسلامي، والمجلس الدائم لصندوق التضامن الإسلامي قاما باتخاذ الخطوات الإجرائية لإنشاء الوقفية الخاصة بالصندوق. وهي فعلا قائمة من الناحية القانونية والإدارية، بعد أن تمت المصادقة على نظامها الأساسي، كما تم تنفيذ الكثير من بنوده الإجرائية، مثل تشكيل هيئة نظار الوقفية، وتكوين نواة للجهاز التنفيذي للاضطلاع بالمهام العاجلة التي تتطلبها المرحلة الحالية لمسيرة الوقفية. وقد حرص المجلس الدائم كذلك على استثمار القدر اليسير من رأسمال الوقفية لدى البنك الإسلامي للتنمية.

ص: 441

المقترحات المقدمة إلى مجلس المجمع الفقهي الموقر:

لقد عكفت الأمانة العامة لمنظمة المؤتمر الإسلامي، والجهاز التنفيذي للصندوق على دراسة كل الوسائل والسبل المؤدية إلى دعم وتمويل رأسمال الوقفية. وفي هذا الصدد اتخذ المجلس الدائم للصندوق في دورته السادسة والعشرين قرارا يرجو فيه من مجمع الفقه الإسلامي الموقر إصدار فتوى بجواز تخصيص جزء من زكاة المسلمين لصالح صندوق التضامن الإسلامي ووقفيته، بوصفهما مؤسسة إسلامية تعمل في مجال خدمة المسلمين وتستحق الاستفادة من الأموال التي تصرف للزكاة. كما اتخذ المجلس الدائم في دورته السابعة والعشرين قرارا آخر يرجو فيه من مجمع الفقه الإسلامي إصدار فتوى ثانية حول إمكانية الاستفادة من الأموال التي يخصصها البنك الإسلامي للتنمية لصندوق المعونة التابع له.

وتود الأمانة العامة لمنظمة المؤتمر الإسلامي والجهاز التنفيذي لصندوق التضامن الإسلامي أن تلقي بعض الضوء، أو عرض بعض الأفكار الأولية والمبدئية حول الموضوعين المشار إليهما أعلاه:

أولا: الاستفادة من الأموال المخصصة للزكاة:

إن الأمانة العامة والمجلس الدائم للصندوق يدركان ويلتزمان في الوقت نفسه بتحقيق أحد الأغراض الهامة من أداء المسلمين للزكاة، ألا وهو تثبيت نفس المسلم الذي يؤديها، أنها بلغت مصرفها، لكونها ستنفق في أحد الأصناف الثمانية: إما إلى فقراء المسلمين أو مساكينهم الذين لا يستطيعون ضربا في الأرض، أو على بعض العاملين على مصالح المسلمين الذين يحلون محل السعاة والكتبة والمسئولين عن رعاية هذه المصالح. وإذا كان سهم المؤلفة قلوبهم لم تعد الحاجة إليه كما كانت، فإنه قد يكون من سياسة المسلمين تآلف من هم حديثو عهد بكفر في البلاد غير الإسلامية، ومساعدة الذين من بينهم يسهمون في نشر الدعوة، مع أن العلماء يرى أن نصف سهمهم يعطى لعمار المساجد. والمعتقد أن مساعدة جمعيات أقليات المسلمين المغلوبة على أمرها، والتي تخضع لنوع من الاستعباد الفكري والاقتصادي ليست بعيدة عن فك الرقاب وتخليص الغارمين.

ومن أهم هذه المصارف هو المرابطة في سبيل الله، وهو عمل متسع لكل ما يعين على رفع شأن المسلمين وجعل كلمة الله هي العليا. ولقد توسع علماء الأمة في هذا المجال، فأدخل بعضهم الحجاج والعمار في هذا الصنف. وأوردت الآية الكريمة أبناء السبيل الذين انقطعت بهم الطرق وأضحوا عرضة لمصاعب ظرفية، فصارت مساعدتهم من وجوه البر، وهذا من الأبواب التي تدعوا أولي الأمر يقدرون أن الكوارث الطارئة تستوجب في بعض الأحيان الإنفاق من مال الصدقة في مثل ما فعل النبي (صلي الله عليه وسلم) في نازلة سهل بن أبي حثمة بدفعه مائة من إبل الصدقة دية الأنصاري المقتول.

ص: 442

والمرجو من أصحاب الفضيلة أعضاء المجلس الموقر إصدار فتوى في المسائل التالية:

- إجزاء تقديم الزكاة لوقفية صندوق التضامن الإسلامي، مع التزام المجلس المشرف على الصندوق بصرف مال الزكاة في أوجهه المنصوصة والمتفق عليها.

- جواز نقلها من محل المال إلى أكثر الأصناف احتياجا.

- بيان مدى التطابق بين أهداف صندوق التضامن الإسلامي ووقفيته، ومواضع إنفاقهما مع الأصناف المستحقة للزكاة.

ثانيا: الاستفادة من صندوق المعونة الخاص بالبنك الإسلامي للتنمية:

يتلقى البنك الإسلامي للتنمية أموالا من فوائد ودائعه لدى البنوك الأجنبية، وبما أن هذه الفوائد ليست شرعية، وحيث إن مصلحة الأمة تقتضي ألا تترك تلك الأموال لغير المسلمين، وأن صرفها في أوجه الصدقة يعتبر بمثابة حسن التخلص منها، فقد استصدر البنك في شأنها فتوى أقر على أثرها أن تجعل الأموال في صندوق خاص يسمى بـ " صندوق المعونة " للصرف منه على مصالح الجماعات الإسلامية في الدول التي ليست أعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي.

لذا يرجى من أصحاب الفضيلة أعضاء المجلس الموقر إصدار فتوى في الأخذ باستفادة وقفية صندوق التضامن الإسلامي من بعض تلك الأموال المودعة في صندوق المعونة الخاص بالبنك الإسلامي للتنمية؛ نظرا للضرورة الملحة التي تلزم الصندوق ووقفيته بالقيام ببعض الواجب نحو تحقيق أهدافه، التي من أهمها الحفاظ على ملة الإسلام وعلى عزة المسلمين.

ص: 443

(ملحق رقم 1)

المساهمات المعلنة أو المسددة لصالح رأسمال

وقفية صندوق التضامن الإسلامي

اسم الجهة المتبرعة المعلن بالدولار الأمريكي المسدد بالدولار الأمريكي

أولاً: حكومات الدول الأعضاء:

1-

حكومة دولة الكويت 2000000 2000000

2-

حكومة الجمهورية التركية 0025000 0025000

3-

حكومة المملكة العربية السعودية 20000000 ---

4-

حكومة الجمهورية العراقية 2000000 -

5-

حكومة دولة الإمارات العربية المتحدة 2000000 ---

6-

حكومة جمهورية باكستان الإسلامية (250 ألف روبية) 0015450 ---

7-

حكومة الجمهورية التونسية 0070000 070000

8-

حكومة المملكة الأردنية الهاشمية قطعة أرض ---

ثانياً: شخصيات إسلامية:

1-

الشيخ صالح عبد الله كامل (رجل أعمال سعودي)

1000000

2-

الشيخ حسين محسن الحارثي (رجل أعمال سعودي)

1000000

مجموع المبالغ المعلنة أو المسددة 26110450 4095000

ص: 444

(ملحق رقم 2 / أ)

المساعدات التي قدمها المجلس الدائم لصندوق التضامن الإسلامي

منذ بداية نشاطاته وحتى 30 / 6 / 1986م

ص: 445

جدول ملحق رقم (2 / ب)

تصنيف المساعدات حسب القطاعات

المناطق المساجد المستشفيات المدارس الجامعات المراكز المخيمات الحلقات

1-

إفريقيا 34 5 47 14 153 6 3

2-

الشرق الأوسط 9 1 15 7 35 2 4

3-

الشرق 25 7 61 23 184 8 4

4-

الغرب 18 1 14 12 126 4 2

الإجمالي 86 14 137 56 498 20 13

ص: 446

ملحق رقم (3)

النظام الأساسي لصندوق التضامن الإسلامي

(1)

المادة الأولي:

بموجب قرار مؤتمر القمة الإسلامي الثاني بلاهور، ينشأ صندوق دائم له شخصيته الاعتبارية المستقلة ويسمى "صندوق التضامن الإسلامي" يكون مركزه الرئيسي في مقر الأمانة العامة للمؤتمر الإسلامي في جدة.

المادة الثانية:

بمقتضى الخطوط العريضة لقرار مؤتمر القمة الثاني بلاهور، فإن أهداف "صندوق التضامن الإسلامي "هي العمل على تحقيق كل ما من شأنه رفع مستوى المسلمين في العالم والمحافظة على عقيدتهم ودعم تضامنهم وجهادهم في جميع المجالات، وخاصة المجالات الآتية:

1-

التخفيف من أثر نتائج الأزمات والمحن والكوارث الطبيعية والظروف الاجتماعية التي تتعرض لها البلاد والمجتمعات الإسلامية وتوجيه المساعدات المادية اللازمة لذلك

2-

تنظيم منح المساعدات والمعونات المادية للبلاد والأقليات والجاليات الإسلامية، بغية رفع مستواها الديني والثقافي والاجتماعي، والمساهمة في بناء المساجد والمستشفيات والمدارس التي تحتاج إليها.

3-

تنظيم نشر الدعوة الإسلامية ورسالتها وتعاليم الإسلام ومثله العليا، ودعم المراكز الإسلامية داخل الدول الإسلامية وخارجها؛ لأجل خير المجتمعات الإسلامية ونشر الفكر الإسلامي.

4-

تشجيع البحث العلمي والتقني وإنشاء وتمويل الجامعات الإسلامية؛ استجابة لاحتياجات العالم الحديث، حيثما كان ذلك مطلوبا، ودعم الجماعات القائمة فعلا.

5-

دعم وتنظيم نشاط الشباب المسلم في العالم روحيا واجتماعيا ورياضيا.

6-

تنظيم الحلقات الدراسية التي تضم نخبة من الخبراء والمتخصصين في قضايا التشريع والتقنين والإدارة والاقتصاد والثقافة والعلوم التي يحتاج العالم الإسلامي إلى بلورة الفكر الإسلامي بشأنها.

7-

تنفيذ جميع المشروعات التي يقرها المؤتمر الإسلامي، ويعتبر تنفيذها من اختصاص صندوق التضامن الإسلامي.

(1) أقر المؤتمر الإسلامي الخامس لوزراء الخارجية الذي عقد في كولالمبور بماليزيا في يونيو 1974م النظام الأساسي لصندوق التضامن الإسلامي. كما أقر المؤتمر الإسلامي العاشر لوزراء الخارجية الذي عقد في مدينة فاس بالمغرب في مايو 1979م النظام الأساسي المعدل لصندوق التضامن الإسلامي.

ص: 447

المادة الثالثة: أقر المؤتمر الإسلامي الثاني عشر لوزراء الخارجية الذي عقد في بغداد في يوينو1981م، تعديل المادة الثالثة للنظام الأساسي للصندوق.

يشكل مجلس دائم للصندوق من الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي وثلاثة عشر عضوا من ممثلي الدول الأعضاء يختارون من قبل مؤتمر وزراء الخارجية الإسلامي وينتخب المجلس من بين أعضائه رئيسا ونائبا للرئيس، ويكون انتخاب الرئيس لمدة سنتين قابلة للتجديد لمدة واحدة مماثلة، ويجوز إعادة انتخابه بعد مضي سنتين من انتهاء فترة رئاسته السابقة. ويجتمع المجلس دوريا، وكلما دعت الحاجة لذلك، بناء على دعوة الأمين العام أو الرئيس أو ثلث أعضائه.

المادة الرابعة:

المجلس الدائم هو الجهة المسؤولة عن الصندوق ونشاطاته أمام مؤتمر وزراء الخارجية، ومهمته العمل على تحقيق أهداف الصندوق وتخطيط وإعداد البرامج التنفيذية لذلك، والسهر على تنفيذها بعد إقرارها من قبل مؤتمر وزراء الخارجية. عن طريق الجهاز التنفيذي الخاص به. والذي تنشئه وتديره الأمانة العامة للمنظمة لهذا الغرض. وللمجلس أن يعهد ببعض أعماله التنفيذية إلى المؤسسات والشخصيات الإسلامية المناسبة. أو يتخذ غير ذلك من الوسائل التنفيذية التي يراها مناسبة تحت توجيهه وإشرافه.

المادة الخامسة:

يتكون الجهاز التنفيذي للصندوق من مدير تنفيذي ونائب للمدير وعدد مناسب من الموظفين الأكفاء، وفقا لميزانية معتمدة من المجلس الدائم، مع مراعاة قواعد التوظيف في منظمة المؤتمر الإسلامي.

ويقوم هذا الجهاز بأعمال الصندوق وحساباته وكافة أعماله التنفيذية وشؤونه المالية، ملتزما في ذلك بمقررات المجلس والقواعد المالية المتبعة في منظمة المؤتمر الإسلامي، وذلك تحت إشراف لجنة متابعة من رئيس المجلس أو نائبه والأمين العام أو ممثله وثلاثة يختارهم المجلس لمدة صلاحيته لضمان حسن تنفيذ قرارات المجس وتوجيهاته.

المادة السادسة:

1-

تتكون موارد الصندوق من تبرعات الدول الأعضاء ومن الهبات والمنح التي تقدمها الهيئات العامة والخاصة والأفراد، ومن عائدات وقفية الصندوق بعد إتمام إجراءات إنشائها.

2-

وللدول الأعضاء والهيئات العامة أو الخاصة والأفراد أن يدعموا صندوق التضامن الإسلامي بالخبرات أو المساعدات العينية أو الجهود البشرية.

ص: 448

المادة السابعة:

في سبيل تحقيق أغراض صندوق التضامن الإسلامي يتعاون المجلس الدائم مع الهيئات والمؤسسات الإسلامية وغيرها من التي تسعى إلى تحقيق الأغراض التي أنشئ من أجلها الصندوق.

المادة الثامنة:

يقدم الرئيس تقريرا سنويا عن نشاطات الصندوق إلى مؤتمر وزراء الخارجية الإسلامي، كما قد يقدم هذا التقرير إلى مؤتمرات القمة الإسلامية عند اجتماعها وعندما تستوجب الظروف تقديم ذلك التقرير، ويضاف هذا التقرير إلى تقرير الأمين العام لعرضه على مؤتمر وزراء الخارجية.

المادة التاسعة:

تبدأ السنة المالية للصندوق من أول يوليو من كل عام وتنتهي في 30 يونيو من السنة التالية، باستثناء السنة المالية الأولى تبدأ من تاريخ إنشاء الصندوق إلى تاريخ انتهاء السنة الميلادية للإنشاء.

المادة العاشرة:

يقدم الرئيس بمعاونة المجلس الدائم للصندوق والجهاز التنفيذي له الميزانية السنوية والحساب الختامي للصندوق ومشروع الميزانية التقديرية للسنة المالية التالية لمؤتمر وزراء الخارجية الإسلامي في دور انعقاده العادي.

المادة الحادية عشرة:

تسري على حسابات الصندوق ما يسري على الأمانة العامة للمنظمة من قواعد الصرف والمراجعة والتدقيق.

المادة الثانية عشرة:

مع عدم الإخلال بأحكام هذا النظام، يضع المجلس الدائم اللوائح الداخلية التفصيلية المنظمة لأعماله.

المادة الثالثة عشرة:

تعفى أموال الصندوق وموارده من جميع الضرائب والرسوم، ويطلب من الدول الأعضاء اتخاذ الخطوات اللازمة لتقرير ذلك.

ص: 449

ملحق رقم (4)

النظام الأساسي لوقفية صندوق التضامن الإسلامي

(1)

المادة (1) : تنشأ عن صندوق التضامن ولصالح وقفية تسمى وقفية صندوق التضامن الإسلامي، تتمتع بنفس الشخصية النفسية الاعتبارية التي للصندوق.

المادة (2) : المركز الرئيسي للوقفية في مقر الأمانة العامة لمنظمة المؤتمر الإسلامي في جدة، ولها أن تفتح فروعا لها حيثما يلزم.

المادة (3) : الهدف من إنشاء هذه الوقفية هو دعم المركز المالي للصندوق وإمداده بريع سنوي يعزز ميزانيته ويكفل له الاستمرار في أداء رسالته.

المادة (4) : رأسمال الوقفية هو مائة مليون دولار، مكونة مما يلي:

1-

الأموال السائلة التي توقفها حكومات الدول الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي، وكذلك الأشخاص الطبيعيون أو الاعتباريون من العالم الإسلامي.

2-

العقارات وسائر الأموال غير المنقولة التي قد توقفها الحكومات والأشخاص الطبيعيون والاعتباريون من العالم الإسلامي.

المادة (5) : أصول أموال الوقفية مصونة باعتبارها وقفا شرعيا للغرض الذي أنشئت من أجله. وإذا احتيج إلى التصرف في هيئة هذه الأصول فيتم ذلك وفقا لما تجيزه الشريعة الإسلامية.

وتؤكد الدول الأعضاء في المنظمة الحصانة الكاملة لأموال الوقفية ضد كل أنواع الحجز أو المصادرة أو التأميم أو ما يشبهها.

المادة (6) : يلتزم في استثمار أموال الوقفية بجميع أنواعها بمراعاة أحكام الشريعة الإسلامية والبعد عن الربا، وتخصص عائدات الوقفية لصندوق التضامن الإسلامي.

المادة (7) : المجلس الدائم لصندوق التضامن الإسلامي هو الجهة المسئولة عن الوقفية أمام مؤتمر وزراء الخارجية الإسلامي، ولدى الجهات الرسمية والقضائية وسائر المؤسسات المعنية.

ويقدم رئيس المجلس الدائم تقريرا سنويا عن الوقفية إلى المؤتمر المذكور، ويضاف إلى التقرير السنوي للأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي.

(1) أقر المؤتمر الإسلامي الحادي عشر لوزراء الخارجية الذي عقد في إسلام أباد بالباكستان في مايو 1980م النظام الأساسي لوقفية صندوق التضامن الإسلامي.

ص: 450

المادة (8) : تدير الوقفية، بإشراف المجلس الدائم للصندوق وتوجيهه هيئة للنظار، ومكتب تنفيذي.

المادة (9) : يرسم المجلس الدائم للصندوق السياسية العامة للوقفية، ويراقب نشاطاتها ويعتمد اللوائح الداخلية اللازمة لها، ويصادق على الحسابات الختامية والميزانية السنوية، كما يعتمد برامج العمل التي تقترحها هيئة النظار، ويوجهها، إلى ما يحقق أهداف الوقفية.

المادة (10) : تتكون هيئة النظار من رئيس المجلس الدائم أو نائبه، والأمين العام أو مساعده، وثلاثة أعضاء ينتخبهم المجلس من أعضائه، وثلاثة من خبراء العالم الإسلامي في شئون الاستثمار وإدارة الاستثمار وإدارة الأوقاف، يسميهم المجلس الدائم بناء على ترشيح الأمين العام.

ويمنح عضوية مجلس نظار الوقفية بصفة دائمة للدول الأعضاء المساهمة بأكثر من مليوني دولار في رأس مال الوقفية (1)

وتقوم هيئة النظار بالمهام الآتية:

1-

تحديد وجوه استثمار الأموال السائلة للوقفية، مع تنويع ما أمكن لزيادة الضمان، وإيثار أسواق الدول الإسلامية، ومؤسسات الاستثمار والمصارف الإسلامية فيها، ومراعاة اعتبارات الربح والسيولة والضمان وسائر قواعد الاستثمار السليمة.

2-

تحديد كيفية رعاية العقارات والأموال غير المنقولة واستثمارها وفقا لنفس الاعتبارات المذكورة.

3-

وضع اللوائح الداخلية وبرامج العمل واعتمادها من قبل المجلس الدائم.

4-

مراجعة الحساب الختامي والميزانية السنوية اللذين يعدهما المكتب التنفيذي قبل اعتمادهما من قبل المجلس الدائم.

5-

متابعة أعمال المكتب التنفيذي.

المادة (11) : المكتب التنفيذي هو الجهاز المسئول عن تنفيذ سياسة الوقفية، وبرامجها الموضوعة من قبل المجلس الدائم وهيئة النظار. تنشئ هذا المكتب وتديره الأمانة العامة للمنظمة وفقا لقواعد التوظيف واللوائح الإدارية والمالية المتبعة فيها.

ويتكون المكتب من مدير وعدد مناسب من المساعدين والموظفين، تحدد أعدادهم ومستوياتهم وفقا لاتساع العمل من قبل الأمين العام للمنظمة.

المادة (12) : للأمين العام للمنظمة حق تحديد المكافآت المالية المستحقة للخبراء في هيئة النظار، ولسائر من تحتاج أعمال الوقفية تكليفهم بأية مهام شورية أو فنية أو تنفيذية.

المادة (13) : يتمتع موظفو الوقفية بنفس الامتيازات والحصانات التي يتمتع بها موظفو الأمانة العامة.

المادة (14) : تبدأ السنة المالية للوقفية ببداية السنة المالية للصندوق في أول يوليو من كل عام، وتنتهي بانتهائها في نهاية يونيو من العام التالي.

المادة (15) : تسري على حسابات الوقفية ما يسري على الأمانة العامة للمنظمة من قواعد القبض والصرف والمراجعة والتدقيق، وللمكتب التنفيذي أن يستعين بخبرات المراجعين والمدققين القانونيين كلما لزم.

المادة (16) : تطالب الدولة الأعضاء في المنظمة باتخاذ الخطوات اللازمة بإعفاء أموال الوقفية ومواردها من جميع الضرائب والرسوم كما تتمتع أوراق وسجلات الوقفية بالحصانة الكاملة.

المادة (17) : لا تحل الوقفية إلا بقرار من مؤتمر وزراء الخارجية الإسلامي وهو الذي يحدد حينئذ كيفية الحل والجهات التي تؤول إليها أموال الوقفية، مع مراعاة حقوق الموظفين.

(1) أقر المؤتمر الإسلامي الثالث عشر المنعقد بنيامي عاصمة النيجر في أغسطس 1982م تعديل المادة العاشرة

ص: 451

المناقشة

بسم الله الرحمن الرحيم

الرئيس:

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد،

في هذه الجلسة الخامسة بمعونة الله تعالى نناقش صرف الزكاة لصالح صندوق التضامن الإسلامي، فقد سبق وقد بعث إليكم بثلاثة أبحاث في هذا الموضوع، ومن بين ومن الباحثين الشيخ محمد يوسف جيري نرجو أن يتفضل بإعطاء عرض عن بحثه. وشكرا.

الشيخ محمد يوسف جيري:

شكرا.. سيدي الرئيس.. بسم الله الرحمن الرحيم.. وصلى الله وسلم على سيدنا ومولانا محمد وعلى آله وأصحابه الأخيار ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد.

كما تفضل سماحة الرئيس. الموضوع المطروح للمناقشة هو صرف الزكة لصالح صندوق التضامن الإسلامي، وقد كتب في هذا الموضوع ثلاثة من الإخوة وهم الشيخ: مولاي مصطفى العلوي، والشيخ تيجاني صابون محمد، ومحمد يوسف جيري. وأنه من حيث أسلوب العرض فإننا نلاحظ نوعا من التشابه بين البحوث الثلاثة؛ حيث كل بحث يحاول بأسلوب أو بآخر أن يقوم بمقارنة بين أهداف الزكاة كما رسمها الشارع، وبين أهداف صندوق التضامن الإسلامي ليصل في النهاية إلى استنتاجات وبعض النتائج، لكن إذا كان أسلوب العرض بين البحوث الثلاثة يفيد بنوع من التشابه، فإن النتائج أو الاستنتاجات التي توصل إليها الإخوة الثلاثة فيها نوع من التباين، لكن قبل أن أصل إلى هذه النتائج أو إلى هذه الاستنتاجات أرى أنه من المفيد بمكان أن نعطي للإخوة فكرة ولو موجزة عن المطلوب منا إزاء هذا الموضوع.

وفي هذا الصدد أفضل أن أرجع إلى ما تفضل به الإخوة المسئولون عن صندوق التضامن الإسلامي ووقفيته في المذكرة التفسيرية التي أرسلوها إلينا. ففي صفحة 7 من هذه المذكرة:

الاستفادة من الأموال المخصصة للزكاة. إن الأمانة العامة والمجلس الدائم للصندوق يدركان ويلتزمان في نفس الوقت بتحقيق أحد الأغراض الهامة من أداء المسلمين للزكاة، ألا وهو تثبيت نفس المؤمن المسلم الذي يؤديها أنها بلغت مصرفها، لكونها ستنفق في أحد الأصناف الثمانية، إما إلى فقراء المسلمين أو مساكينهم الذين لا يستطيعون ضربا في الأرض، أو على بعض العاملين على مصالح المسلمين الذين يحلون محل السعاة والكتبة والمسئولين عن رعاية هذه المصالح، وإذا كان سهم المؤلفة قلوبهم لم تعد الحاجة إليه كما كانت، فإنه قد يكون في سياسة المسلمين تألف من هم حديثو عهد بالإسلام في البلاد غير الإسلامية، ومساعدة الذين يسهمون في نشر الدعوة، مع أن بعض العلماء يرى أن نصف سهمهم يعطى لعمال المساجد، والمعتقد أن مساعدات جمعيات أقليات المسلمين المغلوبة على أمرها، والتي تخضع لنوع من الاستعباد الفكري والاقتصادي ليست بعيدة عن فك الرقاب وتخليص الغارمين، ومن أهم هذه المصارف المرابطة في سبيل الله، وهو عمل متسع لكل ما يعين على رفع شأن المسلمين وجعل كلمة الله هي العليا. ولقد توسع علماء الأمة في هذا المجال فأدخل بعضهم الحجاج والعمار في هذا الصنف إلى آخر ما هنالك.

ص: 452

والمرجو من أصحاب الفضيلة أعضاء المجلس الموقر إصدار فتوى في المسائل التالية:

أولا: إجزاء تقديم الزكاة لوقفية صندوق التضامن الإسلامي مع التزام المجلس المشرف على الصندوق بصرف مال الزكاة في أوجهه المنصوصة والمتفق عليها.

ثانيا: جواز نقلها في محل المال إلى أكثر الأصناف احتياجا.

ثالثا: بيان مدى التطابق بين أهداف صندوق التضامن الإسلامي ووقفيته ومواضع اتفاقهما مع الأصناف المستحقة للزكاة.

هذا ما نقرأه في المذكرة التفسيرية المتعلقة بصندوق التضامن الإسلامي. ولا أريد أن أسترسل في النواحي الفقهية الكثيرة التي تطرق إليها المشايخ بالبحث والتحليل بغية الوصول إلى استنتاجات؛ حيث إن هذه المذكرات وهذه الدراسات قد وضعت في متناول يد الإخوة واستطاعوا أن يقرؤوها في وقت آخر، فلم يبق الآن إلا أن أشير بصورة سريعة على النتائج التي توصل إليها الإخوة:

أبدأ بما وصل إليه الأخ تيجاني صابون محمد في بحثه، فهو يقول: يتضح لنا من خلال هذا الحديث الهام، ومما سبق ذكره، بأن الأنشطة التي يقوم بها صندوق التضامن الإسلامي تدخل ولا شك في المعنى الموسع لكلمة: سبيل الله. فإنشاء مسجد في الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وبريطانيا أو في أي دولة مسيحية في العالم ليقف هذا المسجد إزاء كنيسة أو معبد هو جهاد في سبيل الله؛ لأن في ذلك إعلاء لكلمة الله، وكذلك إنشاء مسجد في دولة إسلامية فقيرة لتوفير أحسن الظروف للمصلين، فهو إعلاء لكلمة الله، وجهاد في سبيله، وإن إنشاء مكتبات إسلامية ومرا كز إسلامية وتزويدها بالكتب الإسلامية لتتصدى للأفكار المسيحية واليهودية والإلحادية، والتي تتمثل في المكتبات الغربية التي أنشأتها جمعيات الكنيسة والهيئات الإلحادية والمجمعات اليهودية وزودتها بالكتب المسمومة لمحاربة الإسلام وثقافته، فإن إنشاء مكتبات ومراكز إسلامية إزاءها لجهاد في سبيل الله.

وإذا كانت الدول الصليبية واليهودية مثل: أفريقيا الجنوبية وإسرائيل تبحث عن أرقى التكنولوجيا لتصنيع القنبلة الذرية لمحاربة الدول الإسلامية، فإنه يحق للدول الإسلامية أن تقيم مراكز للأبحاث وتصنيع قنبلة مماثلة لما تصنعها هذه الدول، ويكون هذا جهادا في سبيل الله. وإن مؤازرة ومساندة كل أمة مسلمة اغتصبت أرضها وتوفير الإمكانيات اللازمة في لتحرير هذه الأرض جهاد في سبيل الله، وإن إغاثة المسلمين المنكوبين من الجفاف والجوع والمرض وغيرها من الكوارث الطبيعية يعتبر ذلك من أعمال الخير والبر، وبالتالي فهو إنفاق على الفقراء والمساكين. وعليه فإن كانت الأنشطة التي يقوم بها صندوق التضامن الإسلامي هي هذه فإنه لا حرج من صرف جزء من أموال الصدقة لصالحه.

ص: 453

نستخلص من هذا العرض أن النتيجة التي توصل إليها الشيخ تيجاني صابون محمد حفظه الله، هو التوسع في تفسير سبيل الله ليشمل في النهاية المواضع أو الميادين التي يكون عمل صندوق التضامن الإسلامي في إطارها. إذن نستطيع أن نقول في خصوص بحثه: إنه توصل إلى نوع من الإجازة المطلقة بخصوص صرف الزكاة لصالح صندوق التضامن الإسلامي، والله أعلم. والأخ إذا كان موجودا ربما يصحح مفهومي إن كنت أخطأت في هذه الاستنتاجات.

ثم إن الأخ الشيخ مولاي مصطفى العلوي هو أيضا بعد أن عرض المواضيع الفقهية الهامة من تعريف الزكاة وتاريخ فرضها، وزكاة الذهب والفضة وغيرها، توصل إلى النتيجة الآتية ص (592) فيقول: ويمكن إلقاء نظرة خاطفة على أهداف هذه المؤسسة التي أحدثها مؤتمر القمة الثاني، وصادق على نظامها وأهدافها المؤتمر الخامس ليرى الإنسان أهمية المؤسسة واستحقاقها لكل عون ومساعدة، خصوصا وأن جل تلك الأحداث تدخل في نطاق مصارف الزكاة. فالمادة التي تنص على مساعدة المتضررين من الأزمات والمحن والكوارث الطبيعية التي تتعرض لها البلاد الإسلامية، والمادة التي تشير إلى تشجيع البحث العلمي والتقني، وإنشاء الجامعات في البلاد المفتقرة إليها، ومنح المساعدات المادية والمعنوية للأقليات المسلمة في أنحاء العالم، والعمل على نشر الدعوة الإسلامية في أرجاء المعمورة بتمويل البعثات العلمية لنشر الإسلام والدفاع عن عقيدته وتعاليمه، ودعم المراكز الإسلامية داخل البلاد غير المسلمة، والعمل على تنظيم الشباب المسلم بما يحفظ عليه عقيدته وسلوكه وتكوينه فكريا وعلميا وجسميا، بتنظيم الحلقات الدراسية التي تكون الشباب من لدن العلماء المفكرين والمتخصصين في كل القضايا التي تجعل من الشباب رجال المستقبل الذين يتحملون الأعباء عن قوة وجدارة.

لا شك أن تنفيذ هذه الأهداف يحتاج إلى بذل مادي واسع، والمعتقد أن كلها أو جلها داخلة في نطاق ما تهدف إليه الآية الكريمة:{إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ} التوبة: 60. خصوصا البند السابق و {وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ} ، ولا شك أن المسئولين عن هذه المؤسسة الموظفين يدخلون في البند الثالث؛ لأنهم يعملون على جمع الصدقات وصرفها على مستحقيها، وهم مسلمون رشداء، لا يشك أحد في صلاحيتهم، ولا نشك نحن أيضا في صلاحيتهم وقدرتهم على المأمورية المنوطة بهم ومسئولياتهم أمام الذين اسندوا إليهم هذه المهام وأمام الله تعالى. لا بد من توزيع الصدقات على فقراء البلد حتى يكتفوا، ولا بأس بما يفضل عنهم كما كان على عهد الرسول والخلفاء الراشدين. والله من وراء القصد.

ص: 454

فنفهم من النتائج التي توصل إليها الشيخ العلوي أنه يجوز صرف بعض الزكاة، ويعني بالبعض ما فاض عن الأولويات المذكورة في الكتاب: أسهم الفقراء والمساكين وغيرها، يبدأ بهم، فما فاض منهم يمكن صرفه على صندوق التضامن الإسلامي. وكما قلت بالنسبة للأخ الأول فالشيخ مصطفى العلوي يمكن أن يصحح مفهومي بخصوص ما قرأته عن بحثه ويعطي الصورة الصحيحة.

وأما البحث الذي قدمته أنا، ففيه نوع من التباين بينه وبين هذه البحوث الأولى؛ حيث إن موقفي، وأعتقد أنه الموقف الذي توصلت إليه، يتميز بنوع من الشدة في النظر إلى هذه القضية، فبالنسبة لي أن الدراسة المتعمقة للزكاة ولصندوق التضامن الإسلامي بقصد المقارنة تقودنا إلى الحقائق التالية:

أولا: نظرا للظروف الراهنة التي تمر بها المجتمعات الإسلامية في يومنا، حيث مواطن الفقر والجهل والمرض تكاد تتطابق مع مواطن الإسلام على وجه الكرة الأرضية، مع ملاحظة تفوق الأراضي الإسلامية في نفس الوقت على الأراضي الأخرى في ميدان الثروات الطبيعية، والثروات الاستراتيجية، والسيولة المالية، فإن صندوق التضامن الإسلامي يفرض نفسه على الأمة الإسلامية كأحد الحلول الأساسية لمآسي الأمة ولمساعدتها على تبوء مكانتها كخير أمة أخرجت للناس. وهذا يعني أنه يجب على مجمع الفقه الإسلامي أن يدرس على ضوء الكتاب والسنة والتراث الإسلامي كل ما من شأنه أن يضفي اعتبارات دينية خاصة لكل مجهود يقوم به الأفراد والمجتمعات لدعم هذا الصندوق، وفي هذا الإطار فإن دور مجمع الفقه الإسلامي لا يقتصر على مجرد حث الدول والأفراد على التبرع السخي لصالح صندوق التضامن الإسلامي كوجه من أوجه البر والصدقة الطوعية، بل يجب على المجمع كذلك أن يدرس بجدية إمكانيات إجزاء دفع الزكاة المكتوية إلى هذا الصندوق، كما يجب على المجمع كذلك أن يقترح على الصندوق أي تعديل في الهيكل أو النظام أو الأهداف التي يرمي من ورائها فتح الطريق أمام الصندوق لكي يتقدم إلى الوزراء، ومن ثم إلى القمة الإسلامية بمشروع نظام معدل يطرح للإقرار، ويكون الصندوق بموجبه وعاء صالحا لتلقي الصدقات الفردية من الأفراد والمجتمعات، جنبا إلى جنب مع التبرعات الطوعية. فهذا النوع من الاجتهاد باتجاهاته المختلفة يفرضها على المجمع نظامه الأساسي؛ حيث نصت المادة (4-ب) على شد الأمة الإسلامية لعقيدتها ودراسة مشاكل الحياة المعاصرة والاجتهاد فيها اجتهادا أصيلا؛ لتقديم الحلول النابعة من الشريعة الإسلامية.

ص: 455

ثانيا: إن التضامن والتآخي كفكرة مبدأ أساسي في الإسلام، وهذه الفكرة هي أيضا من صميم أهداف الزكاة، وكذلك من صميم أهداف صندوق التضامن الإسلامي، لكن وهذه هي نقطة الخلاف بيني وبين المشايخ الذين قدموا بحثا في هذا الموضوع في هذا الباب، وجود فكرة التضامن في صميم كل من الصندوق والزكاة يجب أن لا يقودنا إلى استنتاجات سريعة. إن صندوق التضامن الإسلامي بصفته جهازا تنفيذيا واجتماعيا جماعيا معاصرا يرمي إلى تطبيق فكرة التضامن الإسلامي في زمننا على مستوى العالم الإسلامي ككل، وبصفته هيئة لها شخصيتها الاعتبارية وأسلوب عملها، ومصادر إيراداتها، ونظام وتوزيع واستثمار مواردها، الصندوق من هذا المنظار ظاهرة جديدة فرضتها متطلبات العصر على الأمة، وهنا نعيد ما قلناه آنفا من أنه يجب على العلماء الاستعانة بالكتاب والسنة والقياس والاستنباط والاستقراء والاستئناس كذلك، وكذلك بتجارب السلف وجميع وسائل الأمر بالمعروف لحث الأمة على مساندة حاجة الصندوق ودعمه ماديا ومعنويا، أما جعل الزكاة أو بعض الزكاة مصدرا من مصادر إيرادات الصندوق فتلك قضية أخرى يجب النظر فيها على ضوء الضوابط التي رسمها الشارع للزكاة.

ثالثا: إن مؤسسي صندوق التضامن الإسلامي قادة دول كانوا أو وزراء هداهم الله إليها، لم يشاءوا أن يقحموا الزكاة المكتوبة بصورة علنية في إطار هذا الصندوق، فموارد هذا الصندوق والتي أشير إليها في المادة (6) من القانون الأساسي تنص على: التبرعات والهبات والمنح وعائدات وقفية للصندوق والخبرات، أو الخبرات أو المساعدات العينية، والجهود البشرية، وكلها مصطلحات عصرية لها مدلولاتها المحددة، وترتكز أساسا على الناحية التطوعية، ولم يستعمل النظام الأساسي للصندوق ولو مرة واحدة كلمة ((الزكاة)) أو الكلمات القرآنية التي استعملت شرعا لأداء معنى الزكاة: فكلمة الصدقة أو الصدقات أو الإنفاق أو الحق المعلوم أو غيرها، ولو مرة واحدة لم تستعمل في النظام الأساسي.

ص: 456

ويلاحظ كذلك أن المصطلحات القرآنية في تحديد مصارف الزكاة الثمانية: الفقراء، المساكين، العاملين عليها، المؤلفة قلوبهم، في الرقاب، الغارمين، في سبيل الله، وابن السبيل، هذه المصطلحات لم ترد ولو مرة واحدة بصيغتها القرآنية، أو بعباراتها الفقهية في عبارات النظام الأساسي للصندوق، ولربما كانت الحكمة التي هدى الله إليها قادة الدول الإسلامية ووزراء الخارجية هو أنه على الرغم من أهمية الصندوق وإسلاميته أن يترك الباب مفتوحا لتحديد هذه النقطة الخطيرة لجهاز مختص لمجمع الفقه الإسلامي؛ حيث كانت فكرة تأسيس هذا المجمع موجودة منذ تأسيس منظمة المؤتمر الإسلامي، لكنها لم تر النور بصورة قانونية إلا عند قرار نظامه الأساسي من طرف المؤتمر الثالث عشر لوزراء الخارجية.

رابعا: مما لا يقبل الجدال أن بعض الأهداف المشار إليها في النظام الأساسي لصندوق التضامن الإسلامي، والذي تدعمها محصلة النتائج لمختلف نشاطات الصندوق ومساهماته منذ تأسيسه إلى يومنا هذا يمكن الموافقة بين بعضها وبين المعاني أو المدلولات الشرعية لمصارف الزكاة، مثل باب الأزمات والمحن، والكوارث الطبيعية، والظروف الاجتماعية التي تتعرض لها بعض الدول والمجتمعات الإسلامية، مما يبرز في تلك المجموعات جماعات من الفقراء والمساكين والغارمين وابن السبيل.

ويتوقف ضيق أو سعة دائرة الموافقة بين مصارف الزكاة وبين الأجهزة والهيئات التي أسسها المسلمون – لتجسيد فكرة التضامن والتآخي في الإسلام – على مدى استعداد المذاهب الفقهية والمجتهدين من الفقهاء لتأويل أو تفسير مصارف الزكاة؛ فبعضهم يرون الحكمة في الوقوف عند تفسير السلف وعدم تعديه، مثال ذلك: ما رجحته هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية بخصوص تفسير {وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ} (1) حيث رأى أكثرية أعضاء المجلس الأخذ بقول جمهور العلماء من مفسرين ومحدثين وغيرهم، من أن المراد بقوله تعالى:{وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ} الغزاة المتطوعون بغزوهم، وما يلزم لهم من استعداد وإذا لم يوجودوا صرفت الزكاة كلها للأصناف الأخرى، وليس صرفها في شيء من المرافق العامة، إلا إذا لم يوجد لها مستحق من الفقراء والمساكين وبقية الأصناف المنصوص عليها في الآية الكريمة. ويلاحظ نفس الاتجاه في تفسير كلمة الفقراء والمساكين والمؤلفة قلوبهم والغارمين.

(1) انظر قرار الهيئة رقم 24 بتاريخ 21 /8 / 1394 هـ

ص: 457

ولا نرى أية فائدة في الاسترسال في ذكر الشواهد المشتقة من تراث الفقه الإسلامي الواسع إزاء تفسير هذه العبارات. وفي المقابل كان وما زال هنالك فريق من العلماء والمجتهدين يسترسلون في تفسير معاني مصارف الزكاة، وهم على درجات، فمنهم من يقتصد فيه ويتقيد بما أثر عن مذهب معين أو مجتهد معين من السلف، ومنهم من يجاري العصر بدون تحفظ كبير إلى درجة أنه يوسع مفهوم الفقراء والمساكين أو ابن السبيل أو الغارم أو المؤلفة قلوبهم – وبصفة خاصة مفهوم وفي سبيل الله - مستعينا بالمدلولات اللغوية والتاريخية؛ ليشمل في النهاية أشياء كثيرة.

وهناك أدلة كثيرة على ذلك أعتقد أننا لا نحتاج إلى ذكرها، لكن الشيء

الملاحظ أنه حتى في الحالات التي تتضح فيها إمكانية التوفيق بين هدف معين من أهداف الصندوق ومصرف محدد من مصارف الزكاة، فإن مسألة نفس المسلم على أن زكاته بلغت مصرفها تبقى قضية معلقة، حيث إنه بالإضافة إلى مشكلة الهدف توجد مشاكل فقهية كثيرة يجب تذليلها، أهمها: مشكلة نقل الزكاة من مكان إلى آخر، ومنها أيضا مسألة التمليك، ومنها أيضا مسألة تعجيل أو تأجيل الزكاة، ومنها أيضا مسألة دفع القيمة عن العين، وقلت بخصوص هذه النقاط ما أعتقد أنه يجب أن تكون النظرة الفقهية الملائمة لعصرنا، واستنتجت من هذه بعض الاستنتاجات والاقتراحات العلمية. وأرجو منكم أن تسمحوا لي بقراءة ملخص لها:

في حالة مراعاتنا للحكمة التي هدى الله إليها الأمة سلفا وخلفا من إعطاء الأولية قي الزكاة لأصحاب الحاجات الفردية الملحة، من فقراء ومساكين وفي الرقاب والغارمين وأبناء السبيل، إما مباشرة أو عن طريق هيئات مختصة في شئون الزكاة، ونظرا لما يتسم به العالم الإسلامي في يومنا من تفشي جميع مظاهر هذه السلبيات الفردية، وحيث إن أهداف صندوق التضامن أهداف اجتماعية لا مجال فيها للتمليك الفردي، فإن نطاق التطابق بين الزكاة وبين أهداف صندوق التضامن الإسلامي يكون ضيقا وضئيلا للغاية، بعكس ما ذهب إليه الإخوة الآخرون، أنا أرى، حتى في ميدان الهدف أن التطابق ضئيل جدا.

ص: 458

من هذا المنظار فإن باب الأزمات والكوارث الطبيعية والظروف الاجتماعية في البلاد والمجتمعات الإسلامية يكاد يكون الباب الوحيد الذي يمكن إدخاله في دائرة المستحقين للزكاة بالأولوية. وعلى هذا فإننا لا نرى هناك مانعا شرعيا، بل نحبذ ونشجع في حالة وجود تلك الكوارث والأزمات إعطاء جزء من الزكاة إلى صندوق التضامن لإيصالها لمستحقي الزكاة من المسلمين ضحايا هذه الكوارث، إذا كان هنالك فائض، ويكون ذلك في صورة توكيل شرعي تحدد فيه شروط الوكالة، ويتعهد الصندوق بالتقيد بها. ويمكن أن تضاف إلى باب الكوارث الحالات الخاصة التي لم تحط بها المرافق العامة إلى آخرها، لكن في حالة توسعنا في تأويل بعض مصارف الزكاة كالفقير والمسكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم والغارمين وابن السبيل وفي سبيل الله، فإنه يمكن بطريقة أو بأخرى أن ندخل جميع أهداف الصندوق أغلبها تحت مظلة الزكاة، إلا أننا في هذه الحالة نرى ألا يصرف شيء من أموال الزكاة في هذه الأهداف العامة للصندوق إلا بعد التأكد من أن ذوي الحاجة من أصحاب الحالات الأولى قد حصلوا على حقوقهم من الزكاة في المنطقة المعنية. ونعرف أنه بطبيعة الحال هذا شيء متعذر، وهذا يعني أن صرف الزكاة لصالح صندوق التضامن الإسلامي فيما عدا باب الكوارث والأزمات وفيما عدا التقيد بشروط الوكالة يكون من المتعذر في نظرنا نحن إلى هذه النقطة. ولا أريد أن أسترسل فيما قلته بعد ذلك من الأمور التي يجب النظر فيها من الناحية الفقهية، والناحية التنفيذية وغيرها، فالإخوة السادة المشايخ قد قرؤوا البحث، ولكل رأيه فيه، وكل ما يهمنا نحن من أقدموا على الكتابة في هذا الموضوع، أن يعرف الإخوة أننا حاولنا أن نظهر جوانب المسألة المختلفة ونقاط الخلاف فيها، لكي تكون الصورة جلية واضحة للعيان، ولكل من يساهم في هذا المجمع؛ لكي نتوصل في النهاية إلى اجتهاد جماعي حصيلة احتكاك الأفكار وتبادل الآراء، وما قصدنا من كل هذا إلا أن نفيد ونستفيد. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

ص: 459

الشيخ طه جابر العلواني:

بسم الله الرحمن الرحيم.. من الواضح أن الجهد الذي بذله الشيخ يوسف بارك الله فيه جهد جيد، وكذلك الأخوان الباحثان الآخران، ولكن لي بعض الملاحظات العامة وبعضها خاص. فمنذ فترة قصيرة والأصوات تتعالى حول صرف الزكاة لهذا المصرف، أو ذاك من المصارف العامة، والفتاوى بقبول ذلك أو المنع منه كثرت وتنوعت بشكل كبير دون نظر مستفيض شامل في دوافع هذه النداءات وغاياتها.

ومن المعروف أنه في الفترات الحالكة من تاريخنا الإسلامي وهي فترات كثيرة أن أهم الوسائل التي حفظت للمسلمين علاقاتهم، وحفظت لهم مجتمعهم، وحفظت لهم حضارتهم بعد أن انهارت سائر المؤسسات الرسمية، كان جهاز الوقف، وجهاز الزكاة والصدقات، فالوقف كان يساهم في حماية المؤسسات الإسلامية من المساجد والمدارس ونحوها، الزكاة كانت هي التي تحفظ الصلة بين أغنياء المسلمين وفقرائهم، وتديم الترابط فيه، ونظام الصدقات بين أبناء المجتمع الإسلامي.

وأود أن أفترض أن كثيرا من هذه النداءات مخلص، ولكن بعض هذه النداءات فيه نظر، وربما يكون مصدر النظر فيه أن هذه الزكاة هي نسبة ضئيلة جدا من المال، وهذه النسبة الضئيلة قد حدد الله سبحانه وتعالى مصارفها، وبين هذه المصارف بشكل ليس فيه إجمال أو غموض، فما لنا نحاول بين الفترة والأخرى أن نهجم على هذه النسبة بعد أن هجم على كثير من الأموال.

إن صندوق التضامن الإسلامي أو أية مؤسسة من مؤسسات الحكومات الإسلامية أو الدول الإسلامية، يمكن إغناؤها بأي مورد من موارد هذه الدول، يمكن إغناؤها بأية فضلة زائدة، ولكن دائما يكون توجه البحث والنظر نحو ما بيد الأفراد. لم لا نطالب هذه الحكومات وهذه الدول بأن تضغط بعض مصروفاتها، بأن تحول أن تحول شيئا من مواردها في هذا الاتجاه، وبالتالي تستطيع أن تغني هذا الصندوق الذي نقدر أهدافه ونحترمها حق الاحترام وحق التقدير، ولكن لهم في موارد كثيرة أخرى من موارد الحكومات والدول لهم فيها غنى وكفاء عن هذه الزكاة التي حدد الله مصارفها، وحدد الوجوه التي ينبغي أن تستخدم فيها، وبقيت هي الوسيلة الوحيدة التي تربط بين أغنياء المسلمين وفقرائهم، فلماذا نحاول بين الفترة والأخرى إثارة قضيتها، ومحاولة مصادرتها وتحويلها إلى الجهة الرسمية، ومحاولة القضاء على أية صلة بين أغنياء المسلمين وفقرائهم!؟ هذه ملاحظتي فيما يتعلق بهذا الأمر، فأعتقد أن البحث ينبغي أن يحول إلى مطالبة الدول الأعضاء بصرف ما يمكن أن تصرفه من أي باب من أبواب مواردها لهذا الصندوق وإغنائه للقيام بواجباته وتحقيق أهدافه الخيرة. وأما مسألة الزكاة بما في ذلك ما يحتمله قوله:{وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ} فينبغي أن ننأى بها في هذا الوقت بالذات عن أن تكون موضع بحث في هذا المجال، ونحن نعلم أن الكثيرين، أو كثيرا من الأنظمة تتطلع للاستيلاء عليها وحجبها عن الفقراء والتصرف فيها بطريقتها الخاصة بهذه الحجة أو تلك. أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.

ص: 460

الشيخ محمد تقي العثماني:

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الكريم وعلى آله أصحابة أجمعين وبعد،

فأريد في فاتحة كلامي أن أشكر سيادة أخينا الأستاذ يوسف جيري على عرضه المستفيض للموضوع المطروح في هذه الجلسة، فإنه طرح أمامنا جميع النواحي الأساسية التي لا بد من النظر فيها قبل البت في هذه المسألة، وإنه ولكل باحث حقه في إيضاح وجهة نظره التي أبداها في بحثه، أما بالنسبة للموضوع، وهو صرف الزكاة لصالح صندوق التضامن الإسلامي، فالمسألة عندي كما تقدم به أخونا الأستاذ طه جابر حفظه الله ليست مسألة صرف الزكاة لصالح صندوق واحد أو آخر. وإنما المهم هل يصرف هذا الصندوق أموال الزكاة، في مصارفها المنصوصة أم لا؟ وأن النداءات التي تحدث عنها أخونا الأستاذ طه جابر، نرى في كل بلد أنه كلما حدثت حاجة مالية لمادة من المواد، حدثت نداءات لصرف هذه النسبة الضئيلة من أموال الزكاة لتلبية تلك الحاجة، مع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:((إن في المال حقا سوى الزكاة)) ، فما لنا نجتهد بأن نصرف الزكاة في كل ما نحتاج إليه، وإن هذه النسبة الضئيلة قد خصصها الله سبحانه وتعالى للفقراء والمساكين والمصارف المنصوصة، وقد اتفق الفقهاء والأئمة الأربعة فيما أعتقد على أن الزكاة لا بد فيها من تمليك فردي، فلو صرفنا أموال الزكاة هذه إلى صندوق جماعي، وليس فيها اهتمام بالتمليك الفردي، فلا يجوز لنا أن نصرف أموال الزكاة إلى ذلك الصندوق. نعم لا بد للبلاد الإسلامية من مساندة مثل هذه الصناديق من مواردها الأخرى، التي حث إليها الله سبحانه وتعالى بالإنفاق في كتابه {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} آل عمران 92. وكما قال الرسول صلى الله عليه وسلم قال:((إن في المال حقا سوى الزكاة)) ، فإذا نظرنا من هذه الناحية، إذا كان في صندوق التضامن الإسلامي ضمان لصرف أموال الزكاة عن طريق التمليك الفردي أو التوكيل، كما اقترحه الأستاذ يوسف جيري، فإنه يجوز عند ذلك صرف بعض أموال الزكاة إلى ذلك الصندوق، وأما في الظروف الموجودة التي لا ترى في مادة من مواد نظام هذا الصندوق ما يفترض صرف أموال الزكاة بطريق التمليك أو بالتوكيل، فلا أرى جواز ذلك، والله سبحانه وتعالى أعلم، وشكرا والسلام عليكم ورحمة الله.

ص: 461

الشيخ عجيل جاسم النشمي:

بسم الله الرحمن الرحيم.. والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين.

لي ملاحظتان فيما أبداه الشيخ يوسف جيري من عرضه للمواضيع، وابتداء أثني على ما ذكره الزميل الدكتور طه جابر، وأرجو أن يؤخذ في الاعتبار ما ذكره في أصل الموضوع، وهو صرف الزكاة للصندوق ذاته. أضيف إلى كلام الزميل الدكتور طه إشارة إلى موضوع العاملين، وقد ذكر الشيخ العلوي – حسب ما نقله الأستاذ يوسف جيري – أشار إلى جواز الصرف؛ صرف الزكاة إلى العاملين في صندوق التنمية، وهذه قضية ينبغي أن لا يتوسع فيها، قضية العاملين ينبغي ألا يتوسع فيها، خصوصا بالنسبة للمؤسسات التي الأصل فيها أن تكون خيرية، فيتوسع حينئذ من حيث التطبيق، كما هو مشاهد في بعض الأقطار يتوسع في أعداد العاملين، وفي تنويع مستوياتهم، مما يؤدي إلى امتصاص قدر كبير من سيولة الزكاة.

القضية الثانية التي أود أن أشير إليها أيضا مما ذكره الأستاذ يوسف جيري من ملاحظته أن النظام الأساسي لصندوق التضامن لم ترد فيه أية عبارة اصطلاحية من المصطلحات الشرعية المعروفة في باب الزكاة، ولعل هذا يشير إلى أن الصياغة لم تراع الروح الإسلامية، فإذا فقدت الصياغة في نظامها الأساسي الروح الإسلامية، فأعتقد أن هنا علامة استفهام ينبغي الوقوف تجاهها.

اقتراحي في هذا الصدد هو أن تبنى الفتوى والرأي على نظر واقعي عملي، كأن تقوم الأمانة بتشكيل وفد ليعاين واقع الصندوق ويطلع على سير العمل، ثم يوافي المجمع بتصور نظري وعملي. أقول قولي هذا وأستغفر الله.

ص: 462

الدكتور علي أحمد السالوس:

بسم الله الرحمن الرحيم.. الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله. وشكر الله لكم جميعا والإخوة الذين تحدثوا من قبل.

نظرت في المذكرة التفسيرية الخاصة بشأن صندوق التضامن الإسلامي، فأذكر منها أنها أنفقت ثمانية ملايين دولار في الاحتفال بمطلع القرن الخامس عشر الهجري، وأن النفقات الإدارية كانت بمعدل مليون تقريبا في العام؛ لأن الموظفين يراعى في أجورهم العمل تبعا لمنظمة المؤتمر الإسلامي أجورا مرتفعة، ثم هناك تنظيم الحلقات الدراسية، وهناك الوقف والمساجد، والمستشفيات والجامعات إلخ. من هذا أضم صوتي إلى صوت الإخوة السابقين، وأقول: إن هذا يؤيد القول بأن الزكاة لا تصرف في هذه المصارف، فلا تكون تبعا للوقف، ولا تكون في المساجد، كما قال الإمام مالك:((سبيل الله معروف، ولا أعلم أحدا قال بأن سبيل الله يعني شيئا غير الجهاد)) . كلام الإمام مالك، فالتوسع في سبيل الله نتيجة ما ذكره الفخر الرازي نقلا عن غيره وقال: " إن بعض الفقهاء توسعوا حتى يشمل الحجاج والعمار، ويشمل كذا ويشمل كذا، هذا يحتاج إلى دليل لا يكفي أن يذكر مفسر مثل هذا لنتوسع في سبيل الله؛ لأنه لو توسعنا هذا التوسع فإعطاء الفقراء في سبيل الله وإعطاء المساكين في سبيل الله، وكل هؤلاء في سبيل الله، إنما لا بد أن يكون معنى في سبيل الله له معنى محدود مفهوم.

إذن العاملون عليها الموظفون لا يأخذون من الزكاة ليس المراد بـ (العاملين عليها) في الآية الكريمة لا ينطبق على هؤلاء الموظفين في هذه المؤسسة؛ لأن المؤسسة هذه لها وظائف مختلفة، ليست أساسا لجمع الزكاة وإنفاق الزكاة حتى نقول: إنهم من (العاملين عليها)

لهذا أرى عدم جواز صرف الزكاة، وهو الجزء الضئيل كما أشار إليه الإخوة في هذه المصارف، وإن كان لابد يبقى تبعا لاقتراح الأخ الدكتور عجيل أن اللجنة التي تشكل تنظر فى المصارف التي يمكن فعلا أن تدخل ضمن المصارف الثمانية؛ لأن الله عز وجل حددها في كتابه ولم يتركها حتى لرسول الله صلى الله عليه وسلم، لا نستطيع أن نخرج عن هذه

المصارف الثمانية، ولا نستطيع أن نتوسع في معنى في سبيل الله حتى يشمل كل شيء، وإلا تكون الزكاة في سبيل الله، ونلغي المصارف السبعة الأخرى لأن معناه في سبيل الله يشمل إذن هذه المصارف السبعة.

هذا ما أردت أن أقوله وشكرا. والحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

ص: 463

الشيخ عبد الحليم محمود الجندي:

بسم الله الرحمن الرحيم. أشكركم يا سيادة الرئيس، وأشكر إخواننا الذين تفضلوا فسبقوني بالكلام؛ لأن هذا الموضوع من بوادره قد قتل بحثا، ولا أريد أن أكرر ما قالوه ولا أن أعلق عليه، وإنما أريد أن أبين بعض المحظورات. فنحن بإزاء عبادة، وهي الزكاة، وهي الركن الثالث من أركان الإسلام، فنحن إذن نتقيد فيها بالنص، وتمنعنا أصول الإسلام بعضه أصول الدين نفسه، تمنعنا أن ننقل فردا محل آخر، وتمنعنا من أن نهدر من حق جماعة بعضه لننقله إلى آخرين، وتمنعنا أصول الفقه كذلك عند ورود النص صريحا من أن نجتهد مع ورود النص صريحا في الموضوع. والنص الخاص بالزكاة أصرح ما يكون. وهي بذاتها جهاز أنشأه الله تعالى لإيجاد التضامن بين الجماعة، وليجبر بعض بعضاً آخر، هذا واضح، فكل اجتهاد فيه، هو اجتهاد مع ورود النص، وهذا ممنوع بأصول الفقه. هذه واحدة لا نستطيع أن نضع التضامن الإسلامي ولا صندوق التضامن بين المستحقين، وإنما هذا جهاز جديد مستحدث لتمكين المسلمين من أن يتعاونوا، فلينشأ بهذا الجهاز الجديد ما يطوعه أو ما يطوع الأشياء له، لكننا لا نستطيع أن نجعله هو القائم على الزكاة، وأن نجعله هو الذي يصب فيه مصارف هذه الزكاة، ولا نجعله يستطيع أن يحل محلها. والزكاة تبدأ ونحن يجب أن نبدأ بما يبدأ به الله سبحانه وتعالى، فالله قد بدأ بالفقراء وانتهى إلى {وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ} ولا نستطيع أن نجعل في سبيل الله يحل محل الفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم إلخ.

الزكاة مراعى فيها الجانب الشخصي. هذه مسألة أساسية لا تستطيع أيضا مؤتمرات المسلمين، ولا النظم السياسية في المسلمين أن تستبعد هذا الجانب الشخصي من دفع الزكاة إلى مستحقيها، حتى اللجنة التي تفضل إخواننا فاقترحوها بتخفيف وضع النظرية المعروضة الآن، هذه اللجنة أيضا لا تستطيع أن تتكلم عن الأولويات، ونقل الجانب الشخصي إلى جوانب نظامية، أو جوانب دولية، أو جوانب يقوم بها صندوق التضامن مقام الأشخاص المستحقين في المقام الأول، رضي الله عن سيدنا عثمان أنه عندما ترك للناس أن يدفعوا الزكاة ولم يحصلها تركها للناس تحت مسئولياتهم الشخصية،

ولم يرد هو أن يجبي الزكاة بمشاكلها ليتولى التوزيع، فحتى هذا الذي ورد في أصل التطبيق، أو في تطبيق السلف الأول أو في تطبيق الخليفة الراشد عثمان، هذا أيضا يمنعنا من أن نحل محل الأفراد والأشخاص في القيام بهذه الفريضة.

لذلك أرجو ألا نجتهد سياسيا، وألا نجعل لمجمع الفقه دخلا في أن يحل محل الأشخاص الذين وكل الله إليهم، كما طبق أمير المؤمنين عثمان، أن يدفعوا الزكاة لمستحقيها الذين يرونهم، أرجو ألا نكون نحن قد حللنا أو نريد أن نحل محل الأشخاص في هذا التوزيع. كل ما أرجوه أننا إذ نحل صندوق التضامن محل الفقراء والمساكين، يجب أن نذكر أين موقعه هو من هذه المصارف الثمانية، موقعه لا شك واضح. من أجل هذا أرجو أن نترك الزكاة للتقدير الذي جرى عليه التطبيق والمسلمون من قديم الزمان، ومهما كانت منحهم لا يترخصون في الزكاة كما يظن البعض، وإنما الجانب السري في التوزيع هو الذي جعلها لا تظهر قوية لبعضنا أيضا. ولهذا أشكر وأزكي البحث الذي قدمه صديقنا الأستاذ يوسف جيري وإخواننا الذين سبقونا بالكلام وأشكركم.

ص: 464

الشيخ محمد سعيد رمضان البوطي:

بسم الله الرحمن الرحيم.. الحمد لله رب العالمين.. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

يبدو لي من البحوث التي قرأتها لبعض الإخوة في هذا الموضوع أن الهدف هو ربط سائر المصالح والاحتياجات الإنسانية بمعين واحد شرعه الله ألا وهو الزكاة، وذلك طبعا يعني أن يؤدي إلى إعفاء بيت مال المسلمين المتمثل في أموال الدول الإسلامية من كل مسؤولية؛ ذلك لأن سائر المنشآت الإنسانية:

المساجد، المستشفيات، المصالح العامة المختلفة المتمثلة في أنواع شتى إذا أنيطت مسؤولياتها بالزكاة، فقد أرحنا بيت مال المسلمين من كل شيء.

وما أظن أن هذا تصور يتفق مع حقائق وكليات ومبادئ الشريعة الإسلامية، فيما قرأناه من بحوث الشريعة الإسلامية في هذا الصدد، رأينا أن الحاجات التي يلفت الإسلام إليها تنقسم إلى قسمين: القسم الأول: المحتاجون الذين يمكن أن يوجدوا في مختلف البقاع والبلاد

الإسلامية وضرورة إغنائهم.

القسم الثاني: المصالح العامة الإنسانية التي تتمثل في إنشاء مرافق وبناء مساجد، ومؤسسات ومستشفيات ونحو ذلك.

وقد شرع الله سبحانه وتعالى لسد الثغرة الأولى الزكاة، ونص على هذا المعنى بأداة الحصر فقال جل جلاله:{إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ} إلى آخر الآية (التوبة 60) ، ولكأن الكلام الإلهي يحذر من هذا التصور الذي جاء به الزمن فيما بعد، ففتح دائرة منافذ الزكاة لتمتص كل المصالح والحاجات، ولكن أداة الحصر جاءت سدا وردا بهذا التصور إنما الصدقات للفقراء. وهنالك متكأ لبعض الإخوة أو لبعض الناس أمام كلمة: وفي سبيل الله، ألا وهو النقل الذي نقله ولم يتبنه بعض المفسرين لكلمة {وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ} فتصوروا أنها قد تعني كل الحاجات الإنسانية التي يقرها الإسلام، هذا التصور مردود أيها الإخوة بدليلين اثنين: أولهما لو كانت كلمة (في سبيل الله) تعني غير المجاهدين في سبيل الله من هذا المعنى المتسع جدا، إذن لكان من العبث النص على الأصناف السبعة الأخرى؛ ذلك لأن الفقراء، المساكين، العاملين عليها، الغارمين، كل هؤلاء يندرجون تحت اسم في سبيل الله، ومعاذ الله أن نصف القرآن بالعبث، أو أن نصف كلمة فيه بالتزيد، هذا لا يمكن، إذن فكلمة (في سبيل الله) قسيم للأنواع السبعة الأخرى، والقسيم يختلف عن قسيمه.

الشيء الثاني: تعالوا ننظر إلى الإجماع الفعلي خلال العصور التي خلت، عصر رسول الله (ص) ، الذي يليه، الذي يليه، إلى يومنا هذا، هل رأينا على صعيد الواقع من صرف شيئا من مال الزكاة إلى غير فقير ينتسب إلى نوع من هذه الأنواع الثمانية، لم نجد ذلك على صعيد الواقع أبدا، إذن نحن أمام إجماع فعلي عملي، وهو لا يقل كما قال جمهور الفقهاء عن الإجماع القولي.

أما ما يتعلق بالمشكلات التي أثارها الأستاذ يوسف في بحثه القيم أنا أقبل ما قاله كلفت نظر، مثلا نقل الزكاة من بلد إلى بلد، تعجيل الزكاة، متى يجوز استبدال العين بالقيمة والعكس. هذه بحوث يلفت نظرنا إليها ونعم ما فعل، ولكنها محلولة لا مشكلة. فهنالك من أجاز نقل الزكاة وإن كان الشافعية لا يجيزون ذلك، وهنالك من أجاز استبدال القيمة بالمقوم، وإن كان ثمة من لم يجز ذلك، وهذه الأقوال أقوال صحيحة لا ضعف فيها، لكن ينبغي أن نتبصر بها.

ص: 465

نتيجة هذا أيها الإخوة فيما أتصور أن صندوق التضامن، نعود إلى إيجاد شيء من التنسيق بين حقيقة الزكاة وما شرعه الله في أمرها، وبين نظام هذا الصندوق، فإن رأينا أن نظام هذا الصندوق يتسق ويتفق مع مصارف الزكاة كليا وجزيئا فلا مانع، ولا أظن أن هذا متحقق، وإن لا ينبغي أن نتحفظ في الأمر، وينبغي أن نتذكر كما قال بعض الإخوة أن الدول الإسلامية متمثلة في صناديقها متمثلة في أموالها هي المسؤولة أولا وبالذات عن إقامة مصالح المسلمين، أما الزكاة فما هي إلا دعم وما هي إلا نسيج محبة حققه الله، أو حقق الله بواسطته التآلف بين القلوب.

أقول قولي هذا وشكرا لكم.

الشيخ محمد الحاج ناصر:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، حديث الزكاة وصرفها إلى من يتولى إبلاغها لمستحقيها حديث ذو شعب ينبغي أن نتدبرها كلها؛ لأن الركن الثالث من أركان الإسلام ليس ركنا أساسيا فحسب، وإنما هو الدعامة الأولى لتكوين الرابطة المادية بين أفراد المجتمع الإسلامي وطوائفه، والذي تفضل به بعض الإخوة من قبل أشار إلى نواح لطيفة، ونلاحظ أنه لا ينبغي أن تغيب عنا، ونحن نحاول أن نجد توفيقا بين ما يطلب من توكيل مؤسسة معينة عن الأفراد وبين ما هو مشروع من شريعة الله سبحانه وتعالى، ولطيف جدا أن يلتفت أحد الإخوة إلى هذا الملحظ الأول ملحظ الوكالة؛ ذلكم بأنه لا يمكن اعتبار صندوق التضامن كبيت مال المسلمين، ولا يمكن اعتبار القيمين عليه كما كان الخلفاء وولاتهم وعمالهم، البيعة التي تعطى للخليفة لم تعط للسيد المدير، ولم تعط لأنه ليس من نظام الصندوق أن يكون مديره خليفة للمسلمين، ولم يعرف الفقهاء المسلمون من قبل مبدأ التوكيل في أداء الزكاة، أو في صرف الزكاة وتبليغها إلى مستحقيها إلا في حالات قليلة، عرض لها البعض، حتى لا تكاد من ندرتها أن تخفى على المتأمل المسرع في التأمل، فنحن إذن أمام طلب يريد من المسلمين توكيل صندوق التضامن الإسلامي ليقوم مقامهم بتصريف جزء أو كل ما عليهم من زكاة.

وهذا الذي على المسلمين من زكاة على نوعين: ما منه على الأفراد وما منه على المؤسسات، والذي منه على الأفراد قد يمكن عند توفر روابط معينة أن يوكل صندوق التضامن في دفع جزء منه، وتصريفه إلى مستحقيه، مما سأشير إليه بعد، وما منه على المؤسسات. قبل أن يتعين على الأفراد التفكير فيه علينا أولا أن نتخذ موقفا، نحث فيه الدول الإسلامية على إدخال ضريبة الزكاة ضمن الضرائب التي تفرضها على الشركات، وخاصة تلك التي تعمل فيما هو في باطن الأرض، وعندما تفرض هذه الضريبة سنتساءل يومئذ: هل ستتولى الدول نفسها صرفها إلى مستحقيها، أم ستحيل ذلك إلى صندوق التضامن الإسلامي بتوكيل منها؟

ص: 466

وأمثال هذه الضريبة هي التي ستغني صندوق التضامن، أما ما بأيدي الأفراد فالله سبحانه وتعالى حين ذكر الأصناف الثمانية رتبها طبقا لأولويات الاستحقاق، ولئن كانت الواو عند أغلب النحاة لا تفيد الترتيب، فإن النسق القرآني يرتفع على اعتبار النحاة واللغويين، فالله سبحانه وتعالى حين يقدم شيئا بالذكر لا يقدمه اعتباطا، وإنما يقدمه لمعنى في ذاته، والله سبحانه وتعالى حصر الصدقات في الأصناف الثمانية، ليس ليخرج ما قد يبلغ إليه الاجتهاد من اعتباره داخلا في تلك الأصناف، وإنما ليخرج الأغنياء. هنالك الحصر فعلا، لكنه حصر يؤوله ما قبله، الذين يلمزون المطوعين من المسلمين في الصدقات {وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ فَإِنْ أُعْطُوا مِنْهَا رَضُوا وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا مَا آتَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللَّهِ رَاغِبُونَ إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ

} . التوبة: 58، 59.

فالحصر هنا له وجهة معينة هي إخراج الأغنياء، أما قضية في سبيل الله فشيء آخر، قال الإمام مالك رحمه الله قولته تلك، وهو ككل الأئمة موقر ما يقول أكبر توقير، ولكنه ليس بالمقدس، فهو نفسه يقول: ما من عالم إلا وفي علمه مأخوذ ومتروك، إلا صاحب هذا القبر. يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورسول الله صلى الله عليه وسلم حين قيل له عن خالد بن الوليد رضي الله عنه وأرضاه: إنه امتنع من أداء الصدقة، قال له ما معناه: إنه أوقف كل ما يملك، إنه أوقف عتاده في سبيل الله، وفي سبيل الله لا يعني المجاهدين، كما يظن البعض، وإنما يعني كل ما يؤدي إلى الجهاد أو يهيئ له، ومن ذلك إنشاء العتاد، ومن ذلك تقوية اقتصاد الأمة لئلا تقع تحت نفوذ اقتصاد الأمم الأخرى {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ} . من قوة بالتنكير، وللتنكير دلالته في القرآن؛ فمن ذلك كل ما من شأنه حماية قوة المسلمين وإنماؤها وإقرار هيبتهم وردع المتربصين بهم، يمكن أن يعتبر في سبيل الله، لكن لا يصار إلى إنفاق الزكاة في هذه المجالات إنفاق الزكاة كلها، إلا بعد أن ينفق على الجهات التي سبق ذكرها على (في سبيل الله)، وهنا يأتي دور قوله سبحانه وتعالى:{لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ} . ثم قال: {وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ} . البقرة: 177.

فهنالك إذن ما أشار إليه أحد الإخوة من قبل من حديث فاطمة بنت قيس الذي كان يفتي به عامر الشعبي، من أن في المال حقا سوى الزكاة، وحتى نفي ابن عمر لأن يكون في المال حق سوى الزكاة لم يكن نفيا لوجود الحق في ذاته، وإنما كان نفيا لأن يكون هناك حق ثابت يتعين على الإنسان بطريقة دورية إلا الزكاة. أما أن في المال حقا سوى الزكاة عندما يتعين على المسلمين أن يتفقوا، فذلك ما لسنا بحاجة إلى البحث فيه إلى اجتهاد وإجماع، فهو نص قرآني صريح بصريح هذه الآية وبصريح:{خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} التوبة 103. وليست تزكيهم بمعنى الزكاة، وليس صدقة بمعنى الزكاة كما وهم بعض المفسرين. وقد أوضحت ذلك كله في البحث الذي أعددته لموضوع انتزاع الملك للمصلحة العامة.

ص: 467

فنحن إذن إن نرد أن ندعم صندوق التضامن الإسلامي يجب أن يتسع اتجاهنا إلى أن يشمل ما وراء الزكاة. يجب أن ننظر في طريقة نحمل بها المسئولين على تطبيق قوله صلى الله عليه وسلم: ((إن في المال حقا سوى الزكاة)) ، ويجب أن نبحث عن طريقة نحمل بها المسئولين على تطبيق ما فرض الله سبحانه وتعالى على الثروات في باطن الأرض. ثم لا ينبغي أن نقف حجر عثرة في وجه إعانة صندوق التضامن الإسلامي بما قد يفيضه على حاجة أهل البلد من الفقراء والمساكين إن وجد ما يفيض، لينفقه الصندوق مما في الغارمين في التسديد على بعض الغارمين، وإما في بعض جوانب في سبيل الله، وإما في الرقاب.

وهنا أحب أن ألفت إلى شيء لم نعد الآن في عصر وجدت فيه الرقاب بالمعنى الذي كان معروفا، ولكن لدينا أسارى، لدينا أساري تضطهدهم ألعن فئة وجدت في البشرية منذ كانت، وفك هذا الرقاب من أوكد الواجبات على المسلمين، فإن لم تصرف الزكاة في مثل هذا ففيم تصرف؟ والمؤلفة قلوبهم لم يقل القرآن: من المسلمين، فلو استطعنا أن ننفق جزءا من الزكاة في تأليف بعض الجهات التي تحاربنا سواء من أجهزة الإعلام أو من أرباب النفوذ في الدول الأخرى؛ لنصرف مكرهم وشرهم عنا، ولندفع به على غيرنا، أفلا يكون هؤلاء من المؤلفة قلوبهم؟ لقد قالها عمر رضي الله عنه، كان ذلك لما كان الإسلام جذعا، أما الآن فقد بزل ذلك في عهده رضي الله عنه وهو يدوخ العالم كله بقوته الإيمانية وبجيش المسلمين، أما نحن الآن فالإسلام أقل من جذع، ينبغي أن نفكر واقعيين، وألا نجعل الإسلام منغلقا على نفسه، وأن نيسر أسباب الجهاد، وأن ندرك أننا لو وقفنا عند من كان يحصرون الزكاة في سبيل الله يعني في الجهاد والمجاهدين، لوجب أن نقف عند السيف والرمح، وماذا يفعل السيف والرمح في عهد الذرة ومشتقاتها، وفي عصر الصواريخ وعصر الفضاء؟

أيها السادة، إن مسؤوليتنا هنا مسؤولية أناس ينبغي أن يدركوا أنهم مسئولون أمام الله في تقديم الإسلام كحل بديل لكل هذه المعوقات، ولكل هذه الضلالات التي تعرض علينا من يمين ويسار. فلنقدم الإسلام عمليا ولنرجع به إلى النصوص الأولى من الكتاب والسنة، كما كان يفعل أحمد بن حنبل رضي الله عنه ومالك والشافعي، ولنبتعد عن الأقيسة، ولنلجأ إلى الاستنباط وابتغاء مناط التشريع، ففي مناط التشريع خير كثير. والسلام عليكم ورحمة الله.

ص: 468

الشيخ مصطفى الفيلالي:

بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين..

شكرا سيدي الرئيس. استسمحكم في أن أتوجه بالشكر في بداية هذه الكلمة إلى الشيخ يوسف جيري على المجهود القيم الذي بذله في تقديم الدراسات المقدمة إلينا بهذه القضية، وفي تلخيص ما ارتآه من ملاحظات، أؤيد بعضا منها فيما يتعلق بالمصاعب التي أشار إليها من صرف الزكاة لصالح الصندوق، وكان ينبغي فيما أظن سيدي الرئيس أن نقول: صرف الزكاة عن طريق صندوق التضامن، لا لصالح الصندوق؛ لأن الصندوق سوف لا ينتفع في مجرى اختصاصاته فيما يتجمع من أموال الزكاة.

قلت: إني أرى في تحقيق هذا المطمح مصاعب متعددة، قد أشار الشيخ يوسف جيري عنها، وأشار بعض الإخوة إليها وأود أن أجمل القول في بعضها:

الصعوبة الأولى تتعلق بالأصل؛ أي: بالمقاصد الأساسية التي أرادها المولى سبحانه وتعالى من فرض الزكاة. وأرى أن لفرض الزكاة غرضين اثنين: غرض إحكام أواصر المرحمة والتضامن بين فئات المسلمين، وخاصة بين الفئات الضعيفة والفئات الأقل ضعفا.

والغرض الثاني: هو غرض شخصي يرمي إلى تزكية النفس، نفس المؤمن المؤدي لفريضة الزكاة، هذا الجانب النفسي في علاقة المؤمن بفريضة الزكاة هو جانب أساسي، وقد أشار إليه بعض من الإخوة الأجلاء الذين تفضلوا بالتدخل في هذا النقاش. هذا الجانب التعبدي يكتسي طابعا شخصيا، وأخاف سيدي الرئيس ويا حضرات الزملاء الأفاضل أن يضعف هذا الجانب النفسي في ذات المؤمن المؤدي للزكاة إذا استقر في نفسه نوع من التنظير والتطابق بين الزكاة وبين الجباية الوضعية.

ونحن نعلم ما للجباية من ثقل موضوعي في بلادنا، ومن استنكاف الأنفس واستثقال شخصي لأدائها، فإذا نحن جعلنا صلة ما بين الزكاة كتعبد شخصي يتقرب به الإنسان إلى المولى سبحانه وتعالى، ويزكي نفسه، وبين الجباية التي يؤديها للحكومة، مع ما نعلم من وهن العلاقات في كثير من الأمصار بين المواطنين وبين حكوماتهم، فإن ذلك سيكون على حساب الجانب التعبدي، وربما يستنكف الإنسان المؤمن من أداء هذا الواجب.

ص: 469

الصعوبة الثانية تتعلق بصندوق التضامن، فقد أشار الأستاذ الشيخ يوسف جيري بأن هذا الصندوق ليس في قانونه الأساسي ما يفيد أن الزكاة هي من بين الموارد الاعتيادية التي يعول عليها الصندوق، وأنا أتساءل سيدي الرئيس: هل يملك مجمع الفقه الإسلامي أن يأخذ المبادرة في إدخال تغيير هو من اختصاصات المراجع الأولى والهيئات الأساسية لمنظمة المؤتمر الإسلامي؟ لا بد من تغيير القانون الأساسي حتى يصبح لصندوق التضامن، بل حتى تصبح الزكاة من الموارد الأساسية، أو في عداد الموارد الأساسية التي يعتمد عليها الصندوق.

والصعوبة الثالثة تتعلق بجمع الزكاة في كل واحد من بلاد الإسلام، وبنقلها إلى صندوق التضامن، وهنا تكمن المصاعب الكبرى: من ستولى تجميع هذه الأموال في كل واحد من أوطاننا؟ هل ننشئ في كل بلد تنظيما خاصا بذلك وهيئة إدارية تتولى هذا العمل؟ ونحن نعلم في كل واحد من أوطاننا من جهاز ثقيل متعدد يأكل الأموال الكثيرة لجباية الأموال، وكيف يجوز ذلك مع وجود كثرة الاحترازات القانونية على عملية جمع المال؟ فنحن نعلم مثلا في شمال إفريقيا، وفي تونس بصفة خاصة أن الهيئات التي تشرف على بناء المساجد ينبغي أن تسترخص أولا عند إنشائها لبناء المسجد لجمع الأموال لبناء المسجد، وتسترخص بصورة دورية، كذلك لجمع الأموال؛ لأن جمع الأموال على الطريق العام هو امر محظور قانونيا، وينبغي أن يسترخص فيه مع بيان أغراضه ومواقيته والمبالغ التي يراد جمعها.

الصعوبة الكبرى الأخرى تتعلق بتحويل هذه الأموال إذا نحن توقفنا إلى جمعها، فنحن يجب أن نعلم جميعا ما لكل واحدة من الحكومات الإسلامية من تشاريع قانونية تتعلق بالمال، وتضرب على رواج المال ترسانة من القيود والحصر، وتدخل في هذه القيود قضية التحويل بالعملة المتداولة، إن كان الدولار مع ما ينتاب هذه العملة أو تلك من تأرجح في القيمة، وفي التفاوت الدوري في القيمة كل شهر، أو كل أسبوع، بل كل يوم، وقد عشنا ذلك في الأشهر القريبة الماضية. ومعلوم أن ما انتاب الدولار من هذا التأرجح قد أودى بنصف قيمة الودائع، واستدعى ذلك تدخل الحكومات المسؤولة، وكان ذلك وفقا للقوانين الجاري بها العمل؛ حيث إن هذا المال سوف يكون في مأمن من انهيار قيمته، أو تغير قيمته بكذا في المائة، على مدى، لأن العملية هي عملية مسلسلة ودورية على مدى المدة التي يقع فيها مباشرة هذا العمل.

ص: 470

هذه بعض الملاحظات وبعض المصاعب التي ارتأيتها، وفي أثناء هذه الجلسة وردت علينا ورقة أخرى من الدكتور عبد الله إبراهيم، وتتعلق بإمكانات تكوين إدارة مالية للزكاة في الأوطان الإسلامية فقط، ولم أطلع عليها بطبيعة الحال، قد يكون في ذلك منحى للتدبر والتفكير. على كل فإن صرف أموال الزكاة عن طريق صندوق التضامن يثير عديدا من المصاعب، لا بد من أن نعيد فيها النظر، ولابد أن نتروى فيها، ولا بد خاصة من أن يقوم فيها التشاور بين مجمع الفقه وبين منظمة المؤتمر الإسلامي؛ لأن القانون الأساسي لمجلس إدارة صندوق التضامن الإسلامي هو من اختصاص هيئات غير هيئة مجمع الفقه الإسلامي، أشكرك سيدي الرئيس وأشكركم ايها الإخوة، والسلام عليكم ورحمة الله.

الرئيس:

شكرا. من حيث الصعوبة التي ذكرتموها من أن الزكاة لم يشر إليها في النظام الأساسي لصندوق التضامن الإسلامي. فالذي يظهر أنه في ذلك الوقت لم يكن هناك تفكير في ضم الزكاة لأن تكون أحد موارد صندوق التضامن الإسلامي، وهذا واضح من اللائحة التنفيذية التفسيرية لنظام الصندوق.

ص: 471

الشيخ محمد سيد طنطاوي:

بسم الله الرحمن الرحيم.. الحمد لله رب العالمين.. والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله ومن ولاه.

يبدو أنني سأعود إلى الكلمة التي قد قلتها بالأمس، وهي تحرير محل النزاع كما يقول علماء الأصول؛ لأن الذي أعرفه أننا جميعا كعلماء وكمسلمين، لا خلاف بيننا في أن مصارف الزكاة قد حددها الله سبحانه وتعالى تحديدا محكما في كتابه الكريم.

الأمر الثاني: أنه لا خلاف بيننا في أن الزكاة يؤديها كل مسلم بنفسه في الأعم الأغلب، ربما لا أتجاوز الحقيقة إذا قلت: إن 90 % من المسلمين يؤدون زكاة أموالهم بالطريقة التي يرونها مناسبة، وبالطريقة التي يرونها طريقة شرعية يرجون من الله سبحانه وتعالى أن يتقبلها، هذا هو الأعم الأغلب، أو كما عبر استأذنا الأستاذ عبد الحليم الجندي بأن الجانب الشخصي فيما يتعلق بفريضة الزكاة هو الغالب، وهذا أمر أعتقد أنه أيضا مسلم، لكن إذا كان هناك إنسان يملك المال الكثير، وهذا الإنسان يعيش في البلاد العربية والإسلامية، أو يعيش في بلاد أخرى في أوروبا أو في أمريكا، أو في غيرهما، ثم هو في الوقت نفسه يملك المال وعنده العقيدة السليمة، وحريص على أن يؤدي فريضة الله التي أمره الله سبحانه وتعالى بها، وحريص على كل ذلك، ولكنه لا يعرف المستحقين للزكاة، هل نقول لهذا الشخص: لا تدفع زكاة مالك لجهة معينة، وتقوم هي بإنفاقها في الوجوه المشروعة؟ هل نسد في وجهه هذا الباب؟

المسألة كما أفهمها أن صندوق التضامن الإسلامي هذا عمل جليل، بل أرى أنا شخصيا أن يوجد صندوق في كل دولة إسلامية، وهذا الصندوق يتلقى الزكاة عن طريق الاختيار، هو لا يجبر أحدا، وإنما يقول لمن يريد أن يدفع زكاة ماله ولا يعرف لأسباب متعددة لا يعرف الطريق السليم، لا يعرف فقراء، لا يعرف كذا، لا يعرف هذه المصارف. نحن نيسر له هذه الأمور. وأنا أعلم أن بعض البنوك الإسلامية كبنك فيصل مثلا في مصر يرسل خطابا بين الحين والحين إلى المتعاملين معه يقول لهم: إن أموالكم قد وصلت إلى مبلغ كذا وعليها مبلغ كذا من الزكاة، فهل تودون أن نصرف لكم هذه الزكاة في وجوهها المشروعة إن كنتم لا تعرفونها، أم نضيف هذه الأموال إلى رأس مالكم، وأنتم تتولون إنفاقها أو صرفها في وجوهها المشروعة. إذا قال بنك فيصل أو غيره هذا الكلام لمن عليه زكاة، أو لمن يملك النصاب أيكون كلام بنك فيصل في هذه الحالة كلاما يخالف تعاليم الشريعة الإسلامية؟ في هذه ما يقوله صندوق التضامن هو بعينه ما يقوله بنك فيصل. صندوق التضامن الإسلامي يقول للمسلمين في مشارق الأرض ومغاربها: يا من لا تعرفون مصارف الزكاة، وكلونا عنكم وأبرئوا ذمتكم، ونحن لا نقول ذلك على سبيل الجبر، وإنما على سبيل الاختيار، وقدموا لنا زكاة أموالكم ونحن مسئولون أمام الله عن إنفاقها في الوجوه المشروعة. وهذا لا شيء فيه إطلاقا. يجب أن يحسن بعضنا الظن ببعض، وفي الوقت نفسه كل ما نريده أن يكون هذا الصندوق ينفق تلك الزكاة في الوجوه التي شرعها الله، وأضع ألف خط تحت كلمة في الوجوه التي شرعها الله؛ لأني لا أتصور أن تتحول أموال الزكاة أو جزء كبير منها، كما أقرأ في بعض البحوث للعاملين، إذا كان العاملون في هذا الصندوق يأخذون المرتبات الكافية لا يصح إطلاقا أن يأخذوا شيئا من أموال تلك الزكاة ما داموا يأخذون مرتبات كافية ومجزية.

فالذي أراه أنه ليس هنالك اختلاف حقيقي، أو خلاف حقيقي أو جوهري في هذه المسألة، صندوق التضامن الإسلامي عمل مشكور، ويجب أن يعمم في كل بلد إسلامي، ويجب أن يعلن على الناس المسلمين في مشارق الأرض وفي مغاربها أن هذا الصندوق يقبل ممن يريد أن يقدم زكاة ماله عن طواعية واختيار، يقبل هذه الزكاة وهو مسئول أمام الله عن إنفاقها في الوجوه المشروعة. وأعتقد أن هذه المسألة واضحة، ولا تحتاج إلى خلاف كثير. ونسأل الله التوفيق والسداد فيما نقول وفيما نعمل.

ص: 472

الرئيس:

شكرا.. في الواقع يا فضيلة الشيخ في موضوع الزكاة في بنك فيصل الإسلامي، بنك فيصل الإسلامي هو وعاء لعين المال الذي تجب فيه الزكاة. أما صندوق التضامن أو غيره من الصناديق أو الدور فهو صندوق لتفرغ فيه الزكاة. فلا أظن أن التنظير مماثل.

الشيخ محمد سيد طنطاوي:

أنا أتكلم عن نقطة محددة، وهي أنه يجوز لي أن أوكل غيري في أن أعطيه زكاة مالي لكي ينفقها في الوجوه المشروعة أم لا؟ هذه هي المسألة التي أريد أن أركز عليها. أيجوز لي وأنا أملك مالا كثيرا ولا أعرف مصارف الزكاة، أو لا أعرف الأشخاص الذين أريد أن أعطيهم الزكاة لسبب من الأسباب، وهذا ليس شيئا عجيبا، فالذين يعيشون في أمريكا أو في أوروبا، وهم كثيرون، ومن المسلمين لا يجدون ما يعطونه الزكاة في تلك البلاد من المسلمين. فسؤالي محدد يا فضيلة الدكتور بكر، وهو: أيجوز لي أنا كصاحب مال، وعلي زكاة في هذا المال، أن أوكل غيري في دفع هذه الزكاة أو لا؟ هذا هو السؤال فقط.

فكلامي في جانب وكلام فضيلتكم في جانب آخر. أظن واضح كلامي يا فضيلة الدكتور بكر. أنا أقول: أيجوز لي وأنا إنسان مسلم أملك مالا كثيرا، ولا أعرف المستحقين للزكاة معرفة تامة؛ لأني أعيش في أمريكا أو في أوروبا أو في جدة ولا أعرف فقراء، أيجوز لي أن أوكل جهة معينة قوية مأمونة ثقة في أن أعطيها زكاة مالي لكي تنفقها في الوجوه الشرعية أو لا يجوز؟ هذا هو السؤال.

ص: 473

الشيخ محيي الدين الميس:

بسم الله الرحمن الرحيم.. سنبدأ حيث انتهي فضيلة المتكلم قبلي، وهي أن الزكاة تقبل النيابة، هذا مبدأ مسلم فيه. يمكن أن يسلم المزكي غيره زكاة ماله ليصرفها، وأن بيت مال المسلمين معروف في ذلك.

إذن لا مانع أن تصرف هذه الزكاة إلى صندوق، على أن ينص المزكي أن تصرف في جهة معينة. يعني زكاة مشروطة لا ضير في ذلك، وخاصة أننا في زمان تواصلت فيه الدول وأمامنا المجاعات في أفريقيا، هل يمكن أن نتقاصر على علاجها؟ نعم، إن المسلمين موزعون في أرض الله، ولا ضير في أن تنفق الزكاة لإغاثة هؤلاء المنكوبين مثلا، ويكون صندوق التضامن هو الوسيط في هذا الأمر. أمر آخر لا بد من التذكير بأن التمليك هو ركن في صرف الزكاة خاصة في مذهب أبي حنيفة هو تمليك جزء معين من فقير مسلم غير هاشمي ولا مولى بشرط قطع المنفعة عن المملك من كل وجه لله تعالى. إذن لا بد أن تكون الجهة المصروف إليها قابلة للملك، وهذا شرط معروف.

أمر آخر نود لفت الانتباه إليه، وهو الخطأ في مصارف الزكاة. ربما يقع جزء غير قليل من هذا المال في غير المصرف الذي وجهت إليه. ولا أذيع سرا بأن لحوم الأضاحي مثلا التي أعين بها لبنان هذا العام (طبعا بعضها وقع في محله وكان له الوقع المستحب، والبعض الآخر لأسباب ما وقع في غير محله) ، وهذا مما ينبغي لفت الانتباه إليه. إذن الخطأ في صرف الزكاة أو في مصارف الزكاة هذا ينبغي التنبه إليه.

وعليه أود بالنيابة إن صح التعبير عن الرئاسة ويعرض على مجلسنا، على مجمعنا الكريم قضية دولية ألا نصغرها بحجم القرية أو البلدة. فإن المؤسسات الأخرى عند أصحاب الملل الأخرى تقوم بما تتقاصر عنه الدول، وأنتم تعرفونها جيدا. إذن لماذا لا تكون جهودنا منصبة بأن يكون مثل هذه المؤسسة هي البديل عن بيت مال المسلمين في ظروف لا تخفى علينا جميعا؛ فإن الإسلام واحد وإن تعددت الدول، وإن المسلمين أمة وإن اختلفت ألوانهم وأشكالهم.

إذن فلنتوجه لدعم مثل هذه المؤسسة، في الوقت نفسه فلندعمها بالفتاوى التي ترشد عملها، لا أن نبدو أمام كل جديد نقول: لا، بالمطلق. لا نقول: لا، بالمطلق، ولا نقول: نعم، بالمطلق. وفقنا الله وإياكم والسلام عليكم.

ص: 474

الشيخ عبد الله محمد عبد الله:

بسم الله الرحمن الرحيم.. فيما يتعلق بهذا الموضوع، أود أن أبين أن المذكرة التفسيرية لصندوق التضامن نصت في الصفحة الثالثة: " أن الصندوق يعتمد بصفة أساسية في تمويل ميزانيته السنوية على التبرعات الطوعية التي تقدمها حكومات الدول الأعضاء. وهنا أود أن أبين أن هناك خلافات فقهية، أو آراء لفقهاء المسلمين بشأن وجوب الزكاة في أموال بيت المال، وفي الاحتياطي العام للدولة، فإن الدول التي تمد هذا الصندوق قد تمده لو أدركنا أن من الفقهاء من ذهب إلى أن الاحتياطي العام، أو الميزانية العامة للدولة تجب فيها الزكاة، وكذلك أموال الوقف وغيره. فالمسألة لا توجه فقط لأخذ الزكاة من الأفراد ومن الدول؛ فإن الدول التي تمد هذا الصندوق تمده لو نظمت مسألة الزكاة، وإن الدولة في الأصل هي المسئولة عن أخذ الزكاة وجمعها وصرفها كما كان الشأن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وخليفته أبي بكر وعمر. ثم لما كثر المال في عهد سيدنا عثمان رضي الله عنه فوض الناس في صرف زكاة الأموال الباطنة، ولكن ظل كما كان العهد على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وخليفته يجمعون الأموال الظاهرة، وهي أموال التجارة والزرع وغيره والأنعام ونحوه. فهنا نستطيع أن ننظم أيضا أن الدول التي أنشأت هذه الصناديق أو هذا الصندوق هي التي تستطيع أيضا أن تنظم جمع الزكوات في أقطارها، ثم تمد هذا الصندوق بما تمده به من مجموع الأموال، سواء إن كانت هذه الأموال التي تمدها زكاة من الأموال الاحتياطي أو أموال الخزانة، أو الأموال التي تجمعها من الأفراد، وبذلك نجمع بين الآراء المتعارضة، فنترك لأرباب الأموال الباطنة صرف زكواتهم إلى الفقراء والمساكين الذين يعرفونهم، والدولة تشرف على جمع الأموال الظاهرة، وتمد هذا الصندوق في ضمن الأموال التي تمده من ميزانيتها، كما أشير في المذكرة التفسيرية.

كما أشير أيضا وأثني على كلمة فضيلة المفتي محمد سيد طنطاوي بأن اليوم بلاد المسلمين، في بلاد المسلمين ثراء وأثرياء وأموال طائلة كثيرة يعجز الفرد منهم أن يستوعب توزيعها على مستحقيها، لا ننظر إلى البلاد الفقيرة، ننظر إلى بلادنا الغنية؛ كبلادنا هنا في الخليج، وفي المملكة يوجد أغنياء وأثرياء وعندهم أموال طائلة يعجزون عن توزيعها بأنفسهم، فهؤلاء أيضا من الخير لهم وهناك مستحقون وهناك فقراء وهناك مشروعات عظيمة؛ كإنشاء المدارس، وكإنشاء المساجد، وكإنشاء المستشفيات، وكإعانة الفقراء على الزراعة وعلى الصناعة؛ فإنها تحتاج إلى جهات منظمة وقادرة على إيصال هذه الأموال الفائضة إلى المستحقين لها في الأقطار المتنائية. وشكرا.

ص: 475

الشيخ محمد عبد اللطيف الفرفور:

بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله ومن والاه.

فيما يبدو أنه لا فائدة في الاسترسال؛ فإن الأمر قد اتضح والوسط أم الكتاب وهو الجادة، فإذا كان الأصل في قبض الزكاة وصرفها هو بيت المال ثم ترك بعد ذلك في زمن الخليفة الراشد سيدنا عثمان إلى الأفراد حصرا، ولم يوجد في التاريخ الإسلامي سابقا ولا لاحقا من ألزم الناس بدفع زكاتهم أو أباح لهم إلى صناديق، فإما أن نرجع إلى الأصل وهو بيت المال إذا كان منتظما كما قرر الفقهاء، وإما أن نعود إلى السنة الراشدة التي قام بها سيدنا عثمان، وهو ترك الأمر إلى الأفراد، أما أن نأتي بأمر جديد مستحدث ونخرجه على الأصل دون رجوع إلى دليل، ودون ما رجوع إلى هذا الصندوق بالذات، ومعرفة ما فيه، فهذا فيما أرى فيه تزيد عن الحقيقة وما قاله الإخوة الأفاضل في سبيل الله. فالذي يظهر لي أن في سبيل الله الأصل فيها المجاهدون، ولكن توسع بعض الفقهاء ومنهم الحنفية فقالوا: إنه يشمل أيضا طلاب العلم الفقراء. فما قاله الفقهاء الأقدمون فيه غنية، ولا يجوز أن نسحب الموضوع، لاسيما في هذه الظروف التي يمر بها العالم الإسلامي على كل شيء فنسميه في سبيل الله. فالأصل في الزكاة كما قالوا: التمليك، فمن يملك ومن يتملك، مع هذا لا أمنع من هذا الأمر منعا مطلقا، بل أرى أن تكون لجنة بإشراف الأمانة العامة والرئاسة الرشيدة لفهم موضوع هذا الصندوق على ما هو عليه في الحقيقة. ما هو هذا الصندوق؟ أنا لا أفهم منه إلا أنه صندوق منظم تنظيما حديثا، عليه موظفون يجمعون هذه الأموال من هنا وهناك، ومن أي مورد استطاعوا ليصرفوها في مصارف أخرى. فلا نحن على يقين من الموارد، ولا على يقين من المصارف. ولا ندري أيضا من المستفيد من هذا كله. فالزكاة تمليك كما هو معلوم لديكم كل ما جاء به القرآن الكريم بلفظ (آتوا) تمليك، والتمليك يجب أن يكون في يد الفقير أو وكيل الفقير، فمن هو وكيل الفقير؟ هل نحن أوصلنا هذا المال إلى الفقير أو إلى وكيله حتى نملك، حتى إن الإباحة ليست بتمليك كما هو معروف إلا عند بعض المذاهب الأخرى الشاذة. على كل، هذا الصندوق في حالته الراهنة لا يحتاج في نظري إلى أموال الزكاة التي يجب فيها التحوط؛ لأن التحوط في باب العبادات الأولى. لذلك قدم قول الإمام أبي حنيفة على قول أصحابه في العبادات، ما لم ينص على الفتيا في قول أصحابه، أما إذا أطلقوا ولم يقولوا: يفتي به فالقول المقدم هو قول الإمام؛ لأنه أورع من أصحابه؛ أي: أشد ورعا مع اشتراكهم في الورع، وهو دائما يتحوط رضي الله تعالى عنه وعن جميع الفقهاء الأئمة المجتهدين.

لدينا بديل عن قضية الزكاة. أيها الإخوة قرر الفقهاء الحنفية في بحث السياسة الشرعية كما هو معلوم لديكم أيها الإخوة العلماء أنه لولي الأمر إذا رأى حاجة على مصلحة عامة، ولم يكن هنالك مورد آخر مشروع أن يفرض في أموال الأغنياء شيئا يقوم بهذه المصلحة العامة بالمعروف. فإذا رأى أن البلد تحتاج إلى جسور أو تحتاج إلى طائرات أو تحتاج إلى جيوش أو تحتاج إلى مصلحة عامة، فيفرض في أموال الأغنياء أموالا خاصة بهذا الموضوع تقوم به ضمن حدود الشريعة وبالمعروف وباستشارة العلماء والفقهاء.

فلماذا نحن نأتي إلى هذا الركن التعبدي، وهو الزكاة، الذي يجب التحوط فيه؛ لأنه عبادة يجب على المسلم أن يتحوط بها حتى تصل إلى مصرفها الصحيح بحسب اجتهاده وتحريه، لا أن نجازف في الموضوع ونفتي بآراء تدفعنا إليها غيرتنا على الإسلام، فالغيرة على الإسلام شيء معظم ومقدس ومعتبر، ولكن الرأي والفقه والاجتهاد يجب أن يكون مناطه دائما العلة، لا الحكمة، المظنة لا المئنة. والله تعالى أعلم.

ص: 476

الشيخ محمد إبراهيم شقرة:

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحابته ومن والاه، أما بعد،

فلقد فهمت أولا من خلال المناقشات التي عرض لها الإخوة وأدلى كل منهم بدلوه الكريم، أن هذا البحث أو هذا الموضوع بالذات لا زال في أخذ ورد، ويغلب على الموضوعات كلها التي تطرح في مجمعكم الكريم الموقر هذه الصفة. وهذا لا يعني أن هذا الأسلوب لا يؤدي إلى اتفاق، بل العكس هو الصحيح، هذا الأسلوب هو الذي يؤدي إلى الوفاق؛ ذلك أن تلاحق الآراء وتلاقي الأفكار يؤدي في النهاية إن شاء الله إلى نتيجة صالحة. ولكن هناك أمور لا بد من تذكير الإخوة بها:

أولا: أن هذا المجمع الكريم فيما أفهم، ولأول مرة أشارك في جلساته أن الرأي الفقهي أو الفتيا التي تصدر عنه – أسأل أنا ولا أريد أن أقطع – هل هي فتوى ملزمة لهذه الدول التي يمثلها أولئك الأعضاء الكرام أم ليست ملزمة؟ فإن لم تكن ملزمة فإذا لا بد أن نبحث في الأصل كيف يمكن أن تلتقي أو يكون لهذه الفتيا تأثير في واقع مجتمعات المسلمين. فنحن نعرف أن كثيرا من القضايا التي يعيشها العالم الإسلامي يختلف فيها البلد الواحد. في بعض البلاد الإسلامية: الأمة في جانب والحكومة في جانب آخر. فإذا كان الأمر كذلك فلا بد من أن يكون هناك وفاق في تأسيس هذا الرأي وإقامته على الحجة والدليل والمنطق الذي يفرضه علينا شرع ربنا سبحانه وتعالى، ثم بعد ذلك ننقله إذا كان هناك تقبل لهذا الرأي أو لهذه الفتيا، ننقله إلى واقع البلاد الإسلامية إذا كان هناك رأي يقبل عندها.

ونحن نعرف بأن من هذه الأمور موضوع الزكاة. ولا شك أن الزكاة فريضة وركن من أركان الإسلام، ولكن لغياب الظلة التي يأوي إليها المسلمون، وهي الحكم بكتاب الله عز وجل في غالبية بلاد المسلمين، لا نستثني إلا بعضا يسيرا من بلاد المسلمين يمكن أن نقول بأنه يطبق الإسلام. فإذن هذه الفوضى التي يعيشها المسلمون في تأدية الزكاة في ظني أنه لا يحلها أن يصدر فتوى عن مثل هذا المجمع الكريم، ولكن هناك البديل الذي يقوم الآن، وبخاصة في البلاد التي لا تحكم بالشريعة الإسلامية، تأسست فيها صناديق أو صندوق سمي صندوق الزكاة، ولقد نجحت هذه التجربة في كثير من بلاد المسلمين؛ كدولة الكويت مثلا، ودولتنا نحن المملكة الأردنية الهاشمية.

ولا أدري إن كان هناك أيضا في مصر نجحت بعض هذه الصناديق في جمع أموال الزكاة، وما زالت تتردد بين الاختيار والإلزام، ولكنها الآن تجمع التبرعات أو تجمع الزكوات بطريق الاختيار، لا بطريق الإلزام، وإن كنا بصدد تحويل هذا الصندوق أو النظام في بلدنا نحن في الأردن بصدد تحويله إلى أن يكون ملزما. ولقد علمت من الأخ الدكتور محمد الشريف أن العراق أيضا أنشأ هذا الصندوق ووضع له نظاما وهو يسير في طريقه الأمثل إن شاء الله.

لذلك الذي أريد أن أقوله: إذا كانت الأمانة العامة أو إذا كان المجمع الفقهي يلزم الدول، فلا بأس من أن يكون هذا الأمر، وأن يستمر حتى النهاية. أما إذا لم يكن هناك إلزام فلا بأس أن يفوض كل بلد بأن يرى الطريقة المناسبة له في جمع الزكاة.

وفيما قاله الإخوة في ظني غنية عن أن أذهب أبعد مما قلت، ولكن هناك أيضا شيء آخر أريد أن ألفت، إن سمح الإخوان لي بلفت النظر إليه، وهو أن الأصل في موضوع الزكاة وفي غيرها أن يكون الأصل في الحكم، أو في إصدار الفتيا كتاب الله وسنة النبي صلى الله عليه وسلم. ثم بعد ذلك أن يعمل الإنسان عقله في استنباط الأحكام التي يمكن استنباطها.

بقيت مسألة أخرى أحب أن أضيفها إلى ما تفضل به الأخ الدكتور البوطي، وكان الحقيقة لفت النظر إلى مسألة علمية دقيقة في موضوعه من تفسير قوله تعالى:{إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا} سورة التوبة: 60، لكن أحب أن أضيف إلى ما قال من أن الإجماع التطبيقي أو العمل التطبيقي كان على عدم تجاوز هذه الأصول، أو هذه الأنواع الثمانية التي ذكرتها الآية. لكن أحب أن أضيف شيئا آخر، وهو أن الأدلة الوثيقة في هذه الآية على عدم جواز صرف الزكاة إلا في هذه الوجوه، وهو أن {وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ} جاءت رقم 7 في الأنواع، وأنه جاء بعدها ابن السبيل، ولا شك أن الواو هنا كما نعلم هي واو العطف، فلو كان ابن السبيل يتناول هذه الأوجه جميعها، أو القسيمات كلها، لكانت وتكون في الموطن السابع أو في رقم 7، وإنما كان يجب أن تكون في نهاية هذه المذكورات الثمانية، فتكون من باب عطف العام على الخاص. ونحن نعلم أنه إذا كان هناك العام الذي تناول ما قبله لا بد أن يكون في نهاية المذكورات التي تأتي في آية أو في حديث. والله أعلم، وغفر الله لي ولكم والسلام عليكم.

ص: 477

الشيخ إبراهيم فاضل الدبو:

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله محمد الأمين، وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين وبعد.

أشكر الأساتذة الأفاضل الذين سبقوني بالكلام عن هذا الموضوع، وأثني على ما قاله الأستاذ الطنطاوي والأستاذ الشقرة، حفظهما الله تعالى.

في الواقع أني لست من الداعين إلى التحرر من النصوص الشرعية الفقهية؛ فإنه مما ينبغي الوقوف عند النصوص الفقهية التي تعتبر بحق ثروة ضخمة من تراثنا العلمي. ولكني أقول: إن في هذه النصوص مجالا لأن تساير متطلبات العصر. ونحن نقول أكثر من مرة وعلى أكثر من منبر بأن الإسلام صالح لكل زمان ومكان. فهذه المسألة التي تكلمنا عنها الكثير، أرى من الممكن إذا سمح الأساتذة الأفاضل لي بذلك أن أقول: إن ملخصها ينحصر فيما يلي:

هناك بيوت للزكاة أنشئت في بعض البلدان الإسلامية أخذت على عاتقها جمع الصدقات، سواء كانت بطريقة اختيارية أو بطريقة إلزامية. ومن هذه البلدان قطرنا العزيز المجاهد العراق؛ فقد أنشأت الجمهورية العراقية صندوقا للزكاة، ويأخذ الآن دوره للتنفيذ في جمع الصدقات بصورة اختيارية. فالذي أراه هو وجوب دعم هذه المؤسسات في البلدان الإسلامية؛ لأن هذه المؤسسات هي أعلم، وهي أدرى بحالة المحتاجين وفقراء البلد. وإذا ما زادت أو فاضت الحاجة كما يقول الفقهاء، رحمهم الله تعالى، عن المحتاجين في تلك البلاد، فلا أرى من مانع أن تعطى الفضلة الزائدة عن بيوت الزكاة في تلك البلدان إلى صندوق التضامن الإسلامي، وإننا على ثقة إن شاء الله بأن القائمين على هذا الصندوق أو الهيئة القائمة على هذا الصندوق سوف تؤدي حق الله تعالى في هذا الشأن. ولا نبقى متشككين بعضنا من بعض، فالعالم يسير أيها الإخوة ونحن نبقى نتردد في الأمور التي فيها مجال الاجتهاد، ويشكك بعضنا بنوايا البعض الآخر. هناك المسلمون في كل مكان ينتظرون منا ما يصدره هذا المجمع الموقر من فتاوى تهم المسلمين، ونحن نصرف جهدا كبيرا في مسألة لا أقول بالسهلة لهذا القدر، ولكن أقول: كان بالإمكان حلها دون الإطالة فيها إلى هذا الحد.

وشكرا لسيادة الرئيس والإخوة المستمعين. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

ص: 478

الرئيس:

شكرا.. ترفع الجلسة خمس عشرة دقيقة للاستراحة ثم نعود إن شاء الله تعالى ونستكمل بقية الكلمات. وشكرا.

الرئيس:

بسم الله الرحمن الرحيم.. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. الكلمة الآن للشيخ عمر.

الشيخ عمر جاه:

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم.

شكرا فضيلة الرئيس. تعليقي في هذا البحث سوف يكون إن شاء الله في شقين:

الشق الأول: أريد بادئ ذي بدء أن أثني على هذا البحث القيم الذي قام به أخونا وصديقنا السفير محمد يوسف جيري.. وأرجو أن ننظر إلى توصياته في آخر البحث كوسيلة لدعم صندوق التضامن الإسلامي. هذا الصندوق الذي نعرفه جميعا ونعرف أنه أنشئ لتحقيق التضامن بين الشعوب الإسلامية فيما يخص الدعم والإغاثة. بعد هذا أريد أن أعلق على مسألة أعتقد أنها مسألة مهمة جدا ينبغي أن ننتبه إليها. ولا شك أنه ليس هناك، أنا لا أتصور أن يكون هنا من الفقهاء والمفكرين والعلماء من يختلف في وجوه صرف الزكاة، فالآية القرآنية واضحة في هذا، وإن الأولويات ووجوه الصرف كما وضعها القرآن الكريم على لسان رسوله المصطفى صلى الله عليه وسلم هو المبدأ الأساسي الذي ينبغي أن نتبعه في إخراج الزكاة وصرفها، وإنني أريد أن أرجع بكم إلى الوراء قليلا لكي نحاول أن نتفهم مسألة الفقراء والمساكين. ولا شك أن النقطة الأولى في وجوه الصرف هي الفقراء والمساكين. من هو الفقير في وقتنا الحاضر؟ وهل الشخص الذي وجد نفسه في ظروف تعرض بمشاكل لا دخل له في خلقها وفقد كل شيء. إنسان غني يعمل في بلد آمن وإذا بمشكلة حرب أهلية، كارثة، حرب إقليمي، فقد كل شيء فأصبح لا يملك بيتا يسكن فيه ولا مالا ينفقه على أهله. هل ننكر على هذا الشخص أحقيته في الزكاة؟ هل نقول: إن هذا الشخص لا يعتبر فقيرا ولا مسكينا؟ وهناك آلاف إن لم يكن ملايين من إخواننا من أقاليم معينة في العالم اليوم يعانون كثيرا من الجوع والفقر؛ نتيجة القحط والتصحر ويموتون، وهناك قرى وهناك أقاليم نجد أن الرعاة فقدوا كل شيء كانوا يملكونه ويعتمدون عليه، أليس هؤلاء يعتبرون فقراء ومساكين؟

وأنا أريد أن لا نغفل أن الهدف الرئيسي في إخراج الزكاة وصرفها هو تخفيف حدة الفقر والجوع والمسكنة لجزء من إخواننا المسلمين.

ص: 479

فيما يتعلق بالجهة التي نوكلها أو نصرف عن طريقها هذه الزكوات، أريد أن أثني على ما ذهب إليه فضيلة الشيخ مفتي الديار المصرية الشيخ طنطاوي فيما ذهب إليه، وكذلك ما ذهب إليه الأخ الفيلالي في ملاحظته الدقيقة عندما لفت نظرنا إلى أن عنوان البحث خطأ، فنحن ينبغي ألا نصرف هذه الزكاة لصالح الصندوق، ولكن نصرفها عن طريق الصندوق، وينبغي ألا نبعد هذا الصندوق عن مسئولية مساعدة المسلمين في صرف هذه الزكوات للأسباب التالية:

هذا الصندوق مؤسسة متخصصة خيرية، يعنى بمصالح المسلمين، وهو لما له من الوسائل والخبرة يعرف أين الفقراء والمساكين وأين المستحقون لهذه الزكاة. نحن عندما نقترح تعاونا مع الصندوق فقط في أنه مؤسسة متخصصة تستطيع أن تتعرف على الفقراء والمساكين ويساعدنا على صرف الزكوات إليهم. لا نقول: إن هذا الصندوق يستفيد من هذه الزكوات أبدا؛ لأن الصندوق له مصادر أخرى، بالإضافة إلى هذا إذا ذهبنا إلى قائلة المذكرة التفسيرية لصندوق التضامن الإسلامي، لوجدنا أن المجلس التأسيسي للصندوق تقدم إلى مجمع الفقه الإسلامي برجاء في الصفحة السابعة، نجد أن فيه الإشارة إلى أن المجلس التأسيسي لصندوق التضامن الإسلامي هو صاحب هذا الاقتراح. ونحن نعرف أن الذين يشتركون في إدارة الصندوق هم مسلمون يهتمون بالشئون الإسلامية، ويعرفون الزكاة وشروطها، ويتلون النص القرآني، ولا يختلفون معنا فيه. أرجو أن لا نترك هذا الموضوع جانبا ونحرم أو نصدر فتوى هنا نمنع من التعامل مع الصندوق فيما يخص الزكوات. فبهذا أثني على ما ذهب إليه مندوب الكويت باقتراحه في إنشاء لجنة تنظر في هذا الموضوع، وتخرج بتوصيات نستطيع بواسطتها أن نحدد من يستحق الزكاة، وخصوصا فيما يختص بالكوارث والحروب الأهلية والمشاكل التي تحل بالمسلمين، التي تحيل جزءا كبيرا من الأغنياء إلى الفقراء. بهذا نستطيع أن ندعم صندوق التضامن الإسلامي بشروط محددة، على أن يكون ما يصل من الزكوات يصرف في الوجوه المذكورة في القرآن الكريم. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

ص: 480

الشيخ محيي الدين قادي:

بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين.

سماحة الشيخ الرئيس، سماحة الأمين العام لمجمع الفقه الإسلامي، حضرات أصحاب السماحة والفضيلة، سلام الله عليكم ورحمته وبركاته.. بالنسبة إلى عرض فضيلة الشيخ جيري، راقني فيه حسن العرض، وراقني فيه المنهج السليم، وراقني فيه الإلمام بمسائل الفقه، لكن عندما قسم المتحدثين في هذا الموضوع إلى من وسع ومن ضيق بدت لي فكرة وأردت أن أتعرف على أين نقف نحن المجتمعون هنا، وفي أي طبقة من الاجتهاد نوجد؟ هل نحن مجتهدون اجتهادا مطلقا، وما تؤديه كثيرا من العبارات، أو نحن مجتهدون اجتهاد مذهب، أو نحن مجتهدون اجتهاد تخريج، وهو أن نقيس الأشباه بالنظائر، ونخرج بما يعطيه القياس الفقهي الدقيق. هذه نقطة أولى.

النقطة الثانية في القضية التي تتعلق بمصارف الزكاة. ومصارف الزكاة التي حددت في الآية، وما كنت أزمع قوله هو أنها حددت بأسلوب القصر، وحددت باللام التي هي للملك للاستحقاق للفقراء والمساكين والعاملين عليها. وبعد ذلك جاء الحديث النبوي الشريف الذي يروى في سنن أبي داود، وهو قوله صلى الله عليه وسلم:((إن الله لم يرض بحكم نبي في الزكاة – بما معناه في صرف الزكاة – ولكنه قسمها إلى ثمانية أجزاء، فإن كنت من أحد هذه الأجزاء فسأعطيك)) للرجل الذي سأله أن يعطيه من الزكاة. هذا الحديث النبوي الشريف هو حجة للإمام الشافعي، وهي قوية، قطعت فيما يبدو بها جهينة قول كل خطيب في هذا الموضوع، لكن لا نغلق الباب في وجه صندوق التضامن الإسلامي ولا غيره من المؤسسات، فصندوق التضامن الإسلامي يعتبر قسما من بيت المال إذا فوض له أمراء البلاد الإسلامية ورؤساؤها ذلك للتوكيل عن صرف الزكاة جائز للأفراد وللمؤسسات من باب أولى جائز. وقد تحدث فقهاء المالكية عن ذلك فيه عند حديثهم عن النية، هل تجزئ الزكاة بدون نية من طرف وكيل، أو لا تجزئ؟ فأثاروا قضية الوكالة في الزكاة؛ ولهذا يكون هذا الصندوق بمثابة وكيل، ومهمة هذا المجمع الموقر والذي هو المرجع للعالم الإسلامي، هو أن ينسق مع هذا الصندوق فيما يمكن أن يصرف إليه من أموال الزكاة التي تعطى إليه وما لا يمكن أن تصرف. وقد سئل من قبل سنين في هذا الموضوع الشيخ يوسف الدجوي من هيئة كبار علماء الأزهر الشريف، يعني سئل عن أن أموال الزكاة لا تعطى لمستشفى يعالج الفقراء، قال: أما صرفها في بناء المستشفى ولتأثيث الأقسام وبكذا فله جانب آخر من بيت المال، وأما صرفها على المرضى والفقراء فذلك مصرف من مصارف الزكاة. فنحن مثلا نهتدي بمثل هذه الفتاوى الدقيقة، ونقول: إنه نصرف الأموال للصندوق، يعني أموال الزكاة، على أن يكون وكيلا فيها ويدفعها في مصارفها. المؤلفة قلوبهم مثلا مما جاء في المذكرة أنها تعطى للذين دخلوا في الإسلام جددا. هذه قضية المؤلفة قلوبهم يجري فيها خلاف بمذهب إمام دار الهجرة رضي الله عنه، أنه لا يرى بقاء للمؤلفة قلوبهم، ولكن مذهب الإمام الشافعي يرى بقاء حق المؤلفة قلوبهم إلى اليوم على يوم القيامة، ولا ناسخ له. فنحن نعمل بمذهب الشافعي في هذه القضية ونعطي الزكاة للصندوق، هذا على أن يصرفها الذين دخلوا في الإسلام جددا، أو الذين يريدون أن يؤلف قلوبهم ليدخلوا في الإسلام، وبخاصة من العلماء الأفذاذ في العلم والتكنولوجيا وحاجة المسلمين إليهم الآن في عصرنا الحاضر كحاجة المسلمين إلى تكثير العدد أو أكثر أو أهم في العصر النبوي الشريف، وفي عصر الخلافة الراشدة.

هذا ما أردت أن ألاحظه، لكن لي ملحوظة كأن المتحدثين في هذا الموضوع نظروا إلى قضية الزكاة ورأوا أن المورد المالي للمشروعات الخيرية فقط. بينما سواء عملنا بحديث المواساة بنظام أصول النظام الاجتماعي باب مجاله رحب ومراده مستفيض، وجوانب المواساة في الشريعة الإسلامية وظروفها لا تعد ولا تحصر. فالوقف وصدقة النفل وظروف الصدقات الموجودة كلها، لاسيما أن هنالك مصارف أخرى في بيت المال تمول منها المشروعات الأخرى، هذا ما أردت أن ألقيه، وهو أمر بسيط بالنسبة إلى ما تكلم فيه غيري. وأقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.

ص: 481

الشيخ عبد الله إبراهيم:

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين.

شكرا لفضيلة الرئيس على إتاحته الفرصة لي للمشاركة في مناقشة الموضوع المطروح أمامنا، وإني لأشكر أصحاب الفضيلة الذين تقدموا بإبداء آرائهم وكان من الآراء التي قد أبديت قد اتفقتم معه إلا أن الموضوع المطروح أمامنا كما ظهر لي وفي تصوري أنه ليس عن صرف الزكاة لصندوق التضامن الإسلامي، فإن الصندوق كما عرفنا أو كما يتبادر إلى ذهننا أنه ليس حتما من مصارف الزكاة حتى ينفق عليه من الزكاة.

فالتصور عندي عن الموضوع إنما هو عن تجميع بعض زكوات المسلمين وصرفها على مصارفها الشرعية، على مستوى الدول والمجتمعات الإسلامية، ولهذا اتفقت مع تصحيح بعض الأفاضل ليكون الموضوع هو صرف الزكاة عن طريق صندوق التضامن الإسلامي، ليس لصالح صندوق التضامن الإسلامي، وعلى هذا التصور قمت بإعداد بحثي عن الموضوع، وقد وزع على حضراتكم في هذه الجلسة، وفي إمكانكم أن تطلعوا عليه بسرعة لإيجازه وتركيزي على تصوري المركز على الهدف الذي من أجله طرح هذا الموضوع، على ما أعتقد، وهو جعل الصندوق أداة لإيصال الزكاة، أو بعض زكوات المسلمين إلى مصارفها الشرعية، على مستوى الدول والمجتمعات الإسلامية، ليس غيرها، ومع هذا كله أتفق مع الباحثين الذين قاموا بعرض بحوثهم على فضيلتكم، فضيلة الشيخ السفير سيدي محمد يوسف جيري، وأتفق معهم في النتيجة التي وصلوا إليها، وإن كنت أختلف معهم من حيث العرض، فإنني في بحثي قدمت الموضوع، وقسمت الموضوع إلى ثلاثة مباحث، وهي إمكانات تكوين الإدارة العالمية للزكاة، مصادر تمويلها ومصارفها، ففي تصوري أن هناك إمكانات عديدة لتكوين هذه الإدارة العالمية للزكاة؛ حيث تجمع فيها زكوات المسلمين أو بعض زكوات المسلمين من جميع الدول الإسلامية والمجتمعات الإسلامية، وإلى جانب هذه الزكاة تجمع أيضا موارد أخرى من مختلف الموارد كما ذكرت في بحثي، الفوائض التي لا تحتاج إليها الدول الغنية، ومعروف لنا جميعا أن هناك فوائض في بعض الدول الغنية، فإنها لا تحتاج إليها وتتركها، وكذلك من موارد هذه الإدارة فوائد الودائع، إلى جانب الفائض هناك فوائد الودائع التي لا يريد أصحابها قبولها من البنوك الأجنبية، في أوروبا، وأمريكا، وغيرها، باعتبار أنها من الربا المحرم، فهذه الفوائد تجمع إلى الزكوات في هذه الإدارة العالمية للزكاة.

وهناك أيضا موارد أخرى، وبالنسبة للمصارف طبعا كما تناولها العلماء الذين تكلموا قبلي، فإنهم تكلموا عن المصارف، إلا أنني اقتصرت بالمصارف هنا على أهداف صندوق التضامن الإسلامي، فإن هذه الأهداف فيما أعتقد لا تخرج عن مصارف الزكاة، من حيث إنها يمكن أن نضع من حيث المصرف في سبيل الله، كما بحثه المناقشون من قبل.

فلهذا أنا أقترح هنا أن تكون الإدارة العالمية للزكاة، ثم تجمع تلك الموارد إلى هذه الإدارة، وتوضع هذه الموارد لصالح الصندوق، ويقوم الصندوق بالتحقق من المصارف الشرعية للزكاة، وتنفق عليها على مستوى الدول والمجتمعات الإسلامية. وشكرا.

ص: 482

الشيخ معروف الدواليبي:

بسم الله الرحمن الرحيم، سيادة الرئيس، إخواني المحترمين، إنني أعتقد وأرجو أن يسمح لي لا أقول بالإطالة، وإنما أن أركز على موضوع صندوق التضامن الإسلامي؛ لأنني شاهدته وعملت فيه منذ يوم تأسست هذه المنظمة، وأعرف كنه الصعوبات، ويتوقف اليوم حياة المنظمة فيما أعتقد كلها على فكرة التضامن الإسلامي، كيف نحققه؟ وعندما كنا في مؤتمر مقديشيو في سنة 1964 برئاسة المرحوم الحاج أمين الحسيني، وكان الرئيس الأول للصومال آدم عثمان، وبدعوته أقيم ذلك المؤتمر، فحضر ممثلو العالم الإسلامي على مستوى الشعوب، فهذا كان يشكو التنصير، هذا يشكو الفقر، هذا يشكو الجهل، هذا يشكو الاستعمار، فوقفت وقلت: إننا أمام جدار مكة، وماذا نصنع نحن معشر الشعوب؟ يجب على الدول الإسلامية أن يسمعوا ما نسمع، ولكنني أعرف أن الدول الإسلامية لن تجتمع تحت اسم الإسلام، ولكن علينا أن نجد طريقة حكيمة لجمعها. فقلت: لا بد من دعوة رؤساء الدول الإسلامية وإقامة صندوق للتنمية، وإقامة وكالة أنباء عالمية تقف إلى جانب وكالة يونايتدبريس، والأسوشيتدبريس، وأجنس فرانس بريس إلى آخره؛ لأن كل شيء إسلامي يشوه أو يخون. فهذه العناصر الثلاثة يجب تحقيقها. فقدمت اقتراحا بذلك وتبنته الصومال عندئذ آدم عثمان، ولكنها كانت حديثة العهد، وقال: نحن دولة فقيرة وحديثة العهد، أنا أتبناه باسم الدولة. ولكنه وقد نودي بالملك فيصل رحمه الله ملكا، فدعوني أن أذاكره إذا كان هو يتحمل. فقبلنا الفكرة بمنتهى الفرح، وتقبلها فيصل، ودعي مؤتمر الرابطة في دورته الثانية، عرضت عليه الأمر، فأنشأ المؤتمر أو أخذ يدعو الحقيقة للمؤتمر، ولكن قامت صعوبات، فكان هنالك من يقول: هذا مؤتمر استسلامي، وليس مؤتمرا إسلاميا؛ لأنه حدث حريق المسجد الأقصى والعالم كله تأثر، وثار على فكرة الحريق قادة حركة اليونسكو باعتبارها آثارا، والعالم كله كان يذكر هذا الحريق بالويل والثبور على من أحرقه، فاجتمع العالم الإسلامي عندئذ على حياء في مراكش في الرباط، واجتمعت 18 دولة، وإذا بهذا الاجتماع يخرج عن بيان، وأرادوا أن ينصرفوا فوقف ذلك العملاق فيصل، وقال: إلى أين تنصرفون؟ قالوا: المؤتمر وضعنا بيانه. فقال: لا بد من إيجاد منظمة. قالوا: لن نجتمع، ارفعوا لفظ الإسلام، وعندئذ نعمل منظمة. اسمحوا لي أن أشرح بعض النقاط، وكيف يمكن التغلب عليها فيما أرى. فقال: لا بد من كلمة الإسلام، فمن شاء فليبق، ومن شاء فليخرج.

وتقرر وضع دستور لهذه المنظمة. بعد شهرين اجتمعنا في جدة 18، نقص منهم 6، فاجتمعنا 12 دولة، عادت الفكرة من جديد، تخلف 6 رفضوا الاجتماع، لا يقبلون، اجتمعنا 12 وقف أربعة منهم يقولون أيضا وضع بعد الدستور: ارفعوا لفظ الإسلام، وكان هنالك من يقول: أنا علماني، وهذا يقول: اشتراكي، إلى آخره، فوقف أيضا فيصل وأعطى الأوامر لوفده، قال: المنظمة يجب أن تشتمل على لفظة إسلامي، شاؤوا أو كرهوا، ولو بقينا وحدنا. فانسحب أيضا يا إخوان من 12 أربعة، فبقيت ثماني دول، ولكن الاقتراح اقتضى أن نضع بنك التنمية، وكانت الخيرات ابتدأت على الدولة العربية من البترول، فلما وضع بعد سنتين الدستور، ونشأ بنك التنمية، واشترطنا في نظامه ألا يستفيد منه إلا من يدخل في المنظمة السياسية، وإذا بهذه الدول ترتفع من ثمانية اليوم إلى 44 دولة، لما وضع الدستور كانت المشكلة كيف نمول المنظمة، الواقع قلت: سيكون تمويل المنظمة لبقائها تعرضه نفس المشكلات التي تعرض الأمم المتحدة، هذه تغضب إذا لم ينفذ مطالبها، وتوقف مخصصاتها.

وهكذا أخذ يتعثر مورد المنظمة بنفسه، فقدمت أيضا اقتراحا على أساس إيجاد ما يمكن من الوحدة النقدية، فلنطلق عليها مثلا الآن الدولار الإسلامي، ولكن فلنمول هذه المنظمة أولا عن طريق الشعوب؛ فإن اليهود من عشرة ملايين يجمعون من كل يهودي في العالم مائتي دولار وسطيا، ومعنى ذلك الوكالة اليهودية تجمع كما اطلعت على بعض الوثائق ملياري دولار من اليهود في العالم بوسطية أن كل واحد لازم يدفع 200، طبعا فيه منهم من لا يدفع، فيه منهم من يدفع أكثر، ولكن يجمعون 200 مليون دولار، ويخصصون منها 75 % للجباة، للمنظمات المحلية، ويصلهم نصف مليون دولار، فهم أقاموا نصف مليون دولار إسرائيلي، ولا تزال مع وجود إسرائيل الدولة القائمة. فقلت: نحن عددنا مليار، فلماذا لا نقوم بفكرة الدولار الإسلامي، كوحدة نقدية نسميها ما شئنا، ولكن نقول لكل مسلم في العالم: عليه أن يدفع دولارا في السنة، ولو صام في النهار، وإذا المنظمة قامت هي بإيجاد هذه الصناديق في كل بلد إسلامي مستقل، هذا الصندوق غير أنه تحت إشراف الحكومة فإنني أعتقد أن هذا المال سيبلغ مليار دولار، وليس 3 ملايين دولار. في ذلك الوقت ابتدأت المنظمة بثلاثة ملايين، وهنالك من يدفع، وهنالك من لا يدفع حتى الآن، بطبيعة الحال، الحاجة اقتضت أن يكون هنالك صندوق، هنالك أن يكون مركز للدراسات والبحوث، هنالك مركز للتكنولوجيا، وأذكر أنني دعيت من قبل المنظمة لإقامة ندوة في مالي حول حقوق الإنسان، فوقف أحد المجتمعين، وكانت الندوة برئاسة الحكومة، وقام أحد إخواننا من أفريقيا، أظنه ليس من مالي، قد يكون من جهة أخرى، وقال: نحن ماذا نستفيد من الدول الإسلامية؟ فنحن إسرائيل هي تطبع لنا المصاحف وتعطيها لنا. فقلت له: أنت أشك في لونك. وكان أسمر. انظروا في لوني. قلت له: انظر ماذا تصنع إسرائيل في جنوب أفريقيا؟ فلا تريد أن يكون لكم حكم، ولكن قال: نحن في حاجة، فإسرائيل بالفعل زورت المصاحف، وطبعت كميات كبيرة للسنغال، فحذفت كل ما هنالك من آيات تتعلق ببني إسرائيل، حتى انتبه إليها الملك فيصل، رحمه الله، فأمر بطباعة القرآن وتوزيعه للصومال وغيرها.

ص: 483

فالآن نحن يا إخوان، هذا المجمع كنا أيضا نفكر فيه في سوريا كشباب، وصاحب الفكرة فيه العلامة الكبير أخونا مصطفى الزرقاء، ولما جاءت بي الظروف التي أحمد الله عليها هذه المملكة بدعوة من الملك فيصل، نقلنا الفكرة، فحققت فحققه عن طريق الرابطة، ولما وجدت المنظمة وجدنا أن يكون المجمع له صفة دولية، على مستوى الدول، فتحقق مجمعكم.

فالآن التضامن كما قلت، لكن يقف هذا الأخ الأفريقي ويقول: ماذا نستفيد نحن؟ فهم في حاجة إلى جامعات، في حاجة إلى مؤسسات ومساع، وأعمال ومساعدات مختلفة، فإذا لم نستطع، وأنا لي تجربة في قضية الجباية الشعبية، لما جاءني المرحوم الشيخ محمد الإبراهيمي وعلال الفاسي في سنة 64 وكنا راجعين نتيجة انقلاب زال ورجعنا إلى الحكم، فقلت: لا بد من إحداث ثورة في شمال أفريقيا، على أن تنتظم بين الجزائر وتونس ومراكش، وأنا جئت وقمت بأسبوع الجزائر، ولسنا في ذلك الوقت نملك ما نستطيع أن نؤديه لإخواننا الجزائريين، ولا مائة ألف ليرة سورية، فقلت: أسبوع الجزائر، فلنجمع من شعب سوريا، وكل فرد يدفع ليرة سورية في ذلك الأسبوع، فوضعنا المشروع تحت رئاسة المرحوم شكري القوتلي، وكنت وزير الدفاع، وعملنا نشرات عن طريق الجيش، وإذا بالشعب كان يتحمس، أنا أذكر كانت تأتي النساء فتنزع حليها وتدفعها إلى الصندوق، فكانت هي النواة للثورة الجزائرية، ومن هنا بعد ذلك ابتدأت أسبوع الجزائر في أمكنة أخرى.

فيا إخواننا مجمعكم هذ االذي يضم على مستوى الدول ممثليها وإخوانكم، من العاملين معكم، من خبراء وإلى آخره، أعتقد أننا لو أخذنا قرارا بصفتكم كمجمع علمي، بدعوتكم لكل مسلم أن يساهم في التضامن الإسلامي، وأن نبدأ بأقرب الدول إلينا، كمثل هنا المجمع يبدأ بالمملكة، نفتح هذا الصندوق تحت إشراف الدولة، ولكن هنالك كل مواطن نطلب منه أن يدفع ريالا، فأنا متأكد على عشرة ملايين، سوف يأتيكم فوق العشرة ملايين إلى صندوقكم، فنبدأ شيئا فشيئا، وكلما أمكنا إيجاد مندوب عندئذ يمكن أن يتحقق هذا المبلغ، ولا نلبث حتى نجمع المليار دولار، فنترك 25 % للجمعيات المحلية لتستفيد منها، جمعنا عشرة ملايين، نقول: خذوا مليونين ونصف، أنفقوها على حاجاتكم، ولكن البقية تأتي إلى المجمع الفقهي، والمجمع الفقهي عندئذ هو الذي يشرف عليه كهيئة علمية ويدفعه إلى صندوق التضامن، ليستطيع صندوق التضامن عندئذ أن يقوم فيمول المنظمة نفسها.

تعلمون أن المنظمة حتى الآن ليس لها دار، فلولا أن المملكة قامت ببناء دار لها وبأرضها لما كان لها. ونحن نجتمع الآن كما تفضل سيادة الأمين العام بالمعونات التي تفضلت بها المملكة، فلو أوجدنا رأسمال إسلامي لقضايانا. ولا بأس أن نقلد خصومنا وأعداءنا، فبالملياري دولار الذي يجمعونها من اليهود حتى الآن هذان الملياران تجمع.

فنحن نستطيع أن نجمع هذين المليارين من العالم الإسلامي بشكل أسهل. ولذلك أرجو أن تبحثوا عن قضية.

قضية الزكاة أن لا نمسها، ولكن التضامن الإسلامي في حاجة من العالم الإسلامي أن يشحن بالإعلام من قبل إخواننا العلماء هنا، فيصدر بيان قوي وعزمكم على تأسيس هذا الصندوق وجربوا. فأسسوه أولا في المملكة وفي بعض البلاد الحاضرة الآن التي تحب أن تشارك مثلا الأردن أو مصر. وإنني متأكد أنكم ستجمعون المبالغ التي يمكن أن تسعف صندوق التضامن. حضرت صندوق التضامن، فعندما ينادي أن هنالك حاجة إلى جامع فهنا تبدأ التبرعات، ولكن بعد التنفيذ لا يبقى إلا القليل الذي يدفع سيأتي وتتغير الظروف. فلنمول إذن صندوق التضامن في رأيي عن طريق الشعوب الإسلامية، وذلك بشكل منظم، ونبدأ به بأقرب الدول إلينا.

وشكرا لكم على إطالتي الكلمة؛ لأننا إذا لم نوجد هذا الصندوق وهو بعيد فابدأوا بصندوق الزكاة لأهله، ولكن علينا أن نشعر كل مسلم في العالم ولو فقيرا، فليصم نهاره وليدفع دولارا، فدعوة من علماء المسلمين بوجوب أن يتحسس كل مسلم بما يتوجب عليه من نشاط وعمل إسلامي، فالمصيبة والكارثة واليهودية العالمية التي الآن تثير المشاكل والإعلام ضدنا في كل مكان وتموله بطرق مختلفة مما تستطيع أن تموله ونحن نستطيع أن نمول إعلاما حقيقيا للإنسانية، لا ضد أحد من الناس. وشكرا لكم.

ص: 484

الشيخ عبد الله بن منيع:

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وبعد،

فأشكر سماحة الرئيس على إتاحته لي هذه الفرصة المباركة، كما أشكر معالي الدكتور معروف الدواليبي على ما أعطانا من فكرة عن نشأة التضامن الإسلامي، وما تفرغ عنه من شعب، ومنها صندوق التضامن الإسلامي.

في الواقع لقد استمعت إلى ملخص البحوث الثلاثة التي قدمها الإخوة جزاهم الله خيرا، كما استمعت إلى التعليقات ممن علق من الزملاء على مسألة صرف الزكاة إلى صندوق التضامن الإسلامي، كما اطلعت على اللائحة التفسيرية لصندوق التضامن الإسلامي، وعلى نظامه، وعلى البيانات المرفقة، بما يشعر بنشاطه وموقف الدول من هذا الصندوق.

في الواقع لقد استبشرت وفرحت فرحا كبيرا بالروح الإسلامية التي دعت على إيجاد هذا الصندوق من دول منظمة المؤتمر الإسلامي، وهو في الواقع يجسد التضامن الإسلامي، لكني في الواقع صدمت حينما رأيت المواقف السلبية، أو شبه السلبية من دول المنظمة.

فأولا إذا نظرنا إلى موقف هذه الدول من تبرعهم نجد أن الدول التي قامت بالتبرع لا تتجاوز عشر دول، وقد نجد من بين هذه الدول من تبرع بتبرع هو في الواقع قد يخجل منه رجل أعمال متوسط الحال. فهذا في الواقع موقف لا يبشر بالخير. ونأمل أن تعيد الدول موقفها من هذا التضامن الإسلامي أو من هذه الصندوق. الصندوق الذي له أثره في سبيل رأب كل حادثة من الحوادث، أو كل نازلة من النوازل، أو كل كارثة من الكوارث التي تحل بالعالم الإسلامي. هذا في الواقع ناحية.

ناحية ثانية وهو ما يتعلق بموضوع الزكاة، وهو موضوع البحث، لا شك أن الزكاة، الله سبحانه وتعالى تولى بيان مصارفها، وذكر أن من مصارفها سبيل الله، وسبيل الله قد اختلف العلماء رحمهم الله في مدلوله وفي مفهومه، فاتجه غالبهم وجمهورهم إلى حصره في الجهاد وفي مشتقات الجهاد، على خلاف بينهم فيمن يستحق الصرف من المشتغلين بالجهاد في سبيل الله، واستدلوا على هذا بدليلين:

الدليل الأول: هو أن المستقرئ لكتاب الله يجد أن سبيل الله دائما يعبر عنه بما يتعلق بالجهاد، ولا يوجد أو في الغالب لا يوجد أي تعبير يخرج عن الجهاد في سبيل الله؛ لأن السياق يدل على ذلك.

ص: 485

الدليل الثاني: الناحية التطبيقية العملية، فالناحية التطبيقية العملية في الصدر الأول من الإسلام لا يعرف أن هناك نوعا من الزكاة صرفت في مصارف أخرى غير من عينهم الله سبحانه وتعالى، وهي المصارف الثمانية، ومن ذلك سبيل الله. وسبيل الله خاص بالجهاد في سبيل الله، هناك مجموعة من أهل العلم، وإن كانوا في الواقع بالنسبة إلى القائلين بالقول الأول هم قلة، إلا أنهم اتجهوا أو قالوا بصرف الزكاة، أو بالتوسع لمدلول مفهوم قوله سبحانه وتعالى:{وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ} فقالوا: إن سبيل الله أكثر من أن يحصر في أمر معين، واستدلوا على ذلك بمجموعة أمور:

الأمر الأول: أن رجلا جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، واستأذنه في الحج، وطلب منه المعونة، فرسول الله صلى الله عليه وسلم وجهه إلى الحج، فاعتذر بأنه ليس له ظهر إلا جملا أنفقه في سبيل الله، فقال صلى الله عليه وسلم:((إن الحج من سبيل الله)) .

ثم هناك حديث أو أثر جاء في صحيح البخاري فيما أعلم ورواه ابن عباس موقوفا، ولكن له حكم الرفع. ثم كذلك كلمة في سبيل الله الواردة في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، من أن الحج من سبيل الله، وفي الأثر الموقوف على ابن عباس رضي الله عنه بأن العتق في سبيل الله يقضي أن (من) تبعيضية.

هذه في الواقع هي نفس الأدلة التي استدل بها القانون بأن سبيل الله أعظم أو أوسع من أن يحصر في موضوع معين. الواقع أن المسألة ممكن أن نقول بأنه نظرا لأن العبادة ينبغي أن يحتاط لها الاحتياط الكامل، وألا يتصرف فيها إلا التصرف الذي فيه البراءة الكاملة، ونظرا إلى أن الأخذ بالحصر أو بتضييق في الجهاد في سبيل الله فيه شيء من الاحتياط للعبادة، وفيه شيء من الخروج من خلاف من لم يدفع الزكاة إلى غير من عينه الله سبحانه وتعالى، ومن ذلك سبيل الله الذي اتجه جمهور أهل العلم على حصره في الجهاد في سبيل الله.

ص: 486

ثم هناك أمر ثالث، وهو أنه يخشى من التوسع في صرف أموال هذا الصندوق حينما نصرف الزكاة فيه يخشى أن يتوسع في صرفه إلى أمور ليست من الزكاة في شيء، كما رأينا في المذكرة التفصيلية بأنه صرف على الاحتفال بالقرن الخامس عشر الهجري، صرف عليه أكثر من ثمانية ملايين، وهو في الواقع من صندوق التضامن الإسلامي. هذا في الواقع يقضي بأننا نحتاط الاحتياط التام لهذه العبادة، ولا شك أن التضامن الإسلامي وصندوق التضامن الإسلامي له أثره وله قيمته وله اعتباره، ولا يمكن التقليل منه.

ويمكن أن نأخذ بما تفضل به معالي الدكتور معروف الدواليبي من أن نوجد مشروع دينار إسلامي على كل مسلم. وهذا فيه خير كثير، وسيعطي عطاء جزلا، وسيغني عن دفع الزكاة في هذا الصندوق. كما أنني أقترح أن يصدر من المجمع توصية للدول الإسلامية في أن تعنى بهذا الصندوق العناية التامة، وأن تفي بالتزاماتها، وأن تفي بما أقدمت على إقراره واعتباره، بأن تعطي عطاء جزلا، فنحن يا إخواني لو نظرنا إلى ما تنفقه الدول الإسلامية على ما يتعلق بالرياضة وتشجيع الرياضة لوجدنا أنها تنفق الأموال الكثيرة التي يمكن أن تغني المسلمين وتغنيهم عن مشكلهم، ومع هذا يوجد البخل على هذا المشروع الذي فيه الخير.

نحن لو نظرنا إلى الأموال التي صرفت من صندوق التضامن الإسلامي في المذكرة التفصيلية لوجدنا أنه صرف على المساجد أكثر من مائة وخمسين مسجدا، وعلى أكثر من مائة وخمسين مدرسة، وعلى جمعيات خيرية، والحاصل أنه صرف في سبيل الشيء الكثير، فينبغي لنا أن نجمع بين العناية بصنوق التضامن الإسلامي وألا نفرط في عبادة من العبادات التي أمرنا الله سبحانه وتعالى بها، والتي هي أحد أركان الإسلام. هذا وأشكركم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

ص: 487

الشيخ أحمد بازيع الياسين:

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدي رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد.

بعد شكري للباحثين على بحوثهم القيمة النافعة. الحقيقة أكتفي بما قاله الأستاذ الذي سبقني بأن نترك أمر الزكاة لصناديق الزكاة المتخصصة لذلك في الدول الإسلامية المتفرقة، ونوصي الدول الإسلامية بإعانة صندوق التضامن من الدول الإسلامية القادرة على ذلك؛ حتى نمكن هذا الصندوق من القيام بمهامه.

أما الزكاة فهي أمر تعبدي، ولا يستطيع الإنسان في الحقيقة أن يفرط في هذا الأمر. فيجب أن يترك أمر الزكاة للمزكي نفسه، ثم إن الوكالة حقيقة جائزة، ولكن ليس من شئوننا أن نزكي الوكيل، الوكيل يزكية القاضي وليس نحن. ثم بالنسبة إلى لكوارث والطوارئ الحقيقة على صندوق التضامن أن يعلن لعموم المسلمين الأمة الإسلامية عندما تحصل كارثة، أو يحصل عمل في الحقيقة يشحذ همتهم فيتبرعوا ويترك للمسلمين السبيل إلى إيصال هذا التبرع. ليس بالضرورة أن يوصل التبرع إلا عن طريق هذا الصندوق. نحن في الكويت عندنا بيت الزكاة، وعندنا أيضا المشروع الذي أشار إليه الأخ الدكتور معروف الدواليبي، وسميناها الهيئة الخيرية الإسلامية العالمية، وقلنا: كل مسلم يدفع دينارا أو دولارا. الحقيقة جمعنا ما لا يقل عن ثمان ملايين أو 9 ملايين دولار، يعني جمعنا تقريبا 18 مليون دولارا، أنفق 9 ملايين منها في آسيا وفي أفريقيا على البلاد الإسلامية. ولا مانع في الحقيقة من أن نوصي بأن يساعد المسلمون حكاما ومحكومين صندوق التضامن، ولكن ليس من الزكاة. ثم لي ملاحظة في الحقيقة أخشى أن الزكاة أيضا يفهم منها أن تجمع في صندوق وتتأخر أكثر من سنة، فالزكاة عندما تجمع يجب أن تنفق في خلال السنة وألا تتأخر أكثر من ذلك. وشكر الله لكم.

ص: 488

الشيخ عبد السلام داوي العبادي:

بسم الله الرحمن الرحيم.. أرجو أن يسمح لي سيادة الرئيس أن أتكلم قليلا فيما يتعلق بمنهج المناقشة حول هذا الموضوع وغيره. أقر مجلس المجمع في جلسته أمس جدول الأعمال، وقد عدت إليه الآن ووجدت أن موضع صرف الزكاة عن طريق وليس لصالح، كما رجح الإخوة الكرام، صندوق التضامن الإسلامي كان مكانه الجلسة الخامسة أمس، فهو قد جار على الجلسة الصباحية لهذا اليوم. لو ظللنا في هذا النقاش لجار أيضا على الجلسة المسائية. فالأصل في تنظيم هذا العمل لتنتهي هذه الدورة بعون الله وتوفيقه بإنجازات علمية ينتظرها المسلمون، أن تضبط الجلسات في إطار جدول الأعمال الذي أقر، وأي تعديل على جدول الأعمال يجب أن يكون بقرار من المجلس، وهذه نقطة نظام يجب أن تراعى وإلا فإننا سندخل على موضوعاتنا بطريقة غير سليمة.

النقطة الثانية: وهي تتعلق بنظام إدارة الجلسات. ما ركز عليه بعض الإخوة الكرام من تحديد محل النزاع، تحديد نقطة البحث؛ لأن تحديد نقطة البحث يوفر وقتا وجهدا للسادة الباحثين والمناقشين. وعلى رئاسة الجلسة عند ذلك أن تنبه لأي خروج عن نقطة البحث التي حددت. وقد لاحظنا في هذا الذي جرى اليوم أن كثيرا من النقاش كان خارج محل النزاع ولا علاقة له بالموضوع؛ لأن المطروح في أصل المسألة كما فهمناها في دورة عمان لأن هذه قضية مؤجلة من دورة عمان، وهو هل يجوز أن يصدر عن هذا المجلس فتوى بجواز صرف الزكاة لصندوق التضامن. لم يكن هنالك أي نقاش أن يتولى صندوق التضامن عملية جمع الزكاة في العالم الإسلامي كله. هذا أمر مستحيل وغير وارد، ولم يطرح أصلا على البحث. لم يقصد بهذا الموضوع بحث قضية أن صندوق التضامن سيقوم بإلزام المسلمين على جمع الزكاة. يعني هنالك قضايا كثيرة أطيل في نقاشها لم تكن مطروحة أصلا.

أنا أقول في هذه القضية إذا سمحتم لي: أمام أيضا ما جرى في دورة عمان من توصية لهذا المجمع الكريم، أمام ما تم بيانه من معاناة المسلمين في كثير من بلادهم من مشكلات الجوع والفقر والكوارث وغير ذلك، أوصي هذا المجمع بتشكيل هيئة إغاثة إسلامية أو التفكير بصيغة لتحقيق معنى هذه الإغاثة. فإذا جاء إلينا صندوق تمثل فيه جميع الدول الإسلامية، وقال: إن من برامجه إغاثة المسلمين والعمل على مساعدتهم في كوارثهم. نحن أمام هذه المسألة هل يجوز أن تدفع الزكاة لهذا الصندوق؟ ينظر إذا كان في أعماله ما هو خارج قضية الزكاة، لا بد أن ننص بكل وضوح على أن الدفع يجب أن يكون فقط في إطار المصارف المقررة شرعا لهذا. والقضية لا تحتاج إلى أكثر من هذا. ويمكن أن ننصح لعملية الضبط، وحتى لا تتداخل. نقول للصندوق: حتى نصدر هذه الفتوى يجب عليك أن تصدر تعليمات إدارية تقول بفتح حساب مالي مستقل لديك، حساب للزكاة، توضع فيه حصيلة ما يرد من زكوات، ويجري الإنفاق من هذه الزكوات على ما هو من مصارف الزكاة، ولا أدخل في قضية (في سبيل الله) . وأطيل في هذه القضية، حتى لو ضيقت وأخذت بأقل الآراء الفقهية في هذا المجال توسعا؛ فإن في مصارف الصندوق ما هو داخل في إطار المضيقين، إنما كل ما في الأمر أضبط هذه القضية بأن ذلك يجب أن يكون في إطار الزكاة، ولا مانع أن أفعل مثل ما فعلت بعض البنوك الإسلامية أو معظمها من أن أقول في فتواي: إنه لا بد من تشكيل لجنة فقهية مستشارة لصندوق التضامن للتأكد من أن أي مشروع يريد أن يتبناه الصندوق للإنفاق يدخل ضمن مصارف الصندوق.

بقيت قضية أخرى: بعض الدول الإسلامية أصدرت قوانين بجمع الزكاة. بالنسبة لهذه الدول الدخول على الخط بأن نقول لمواطنيها: يجوز أن تدفعوا الزكاة لصندوق التضامن يتعارض مع قوانينها. إذن لا بد أن تكون فتوانا محتاطة؛ لأنه كما تعلمون من الناحية الفقهية، نعم صحيح عثمان بن عفان وكل مالكي الأموال الباطنة مع من وكلهم في الدفع، لكن كلهم أجمعوا على أن للإمام أن يجمع الزكاة وينظمها، بل يجب عليه إذا تأكد أن هناك من لا يقوم بدفع الزكاة أن يتدخل لجمعها وإنفاقها في مصارفها المقررة شرعا، فلذلك نقول في فتوانا: إنه في الدول التي لم تنظم أمر الزكاة، أو التي أوكلت لمواطنيها دفع الزكاة، كما هو في بعض البلاد، للمسلمين في تلك الدول أن يقوموا بدفع جزء من زكواتهم وفق ما يرونه في مصارف صندوق التضامن التي تندرج تحت مصارف الزكاة، وما الضير في ذلك؟ نعم، لا مانع من أن نشير بهذه المناسبة إلى ضرورة دعم الصندوق وأن تقدم له التبرعات، وأن يقوى التضامن الإسلامي.

لكن المسألة المعروضة علينا هي هذه القضية المحددة، فليس الموضوع موضوع تبرع، إنما الموضوع موضوع زكاة.

أعود في نهاية كلمتي إلى التأكيد على قضية نقطة النظام لنستطيع أن نوجز. وأقترح لتسهيل البحث أنه عندما تتم بلورة الخطوط العريضة في النقاش يحال الأمر إلى لجنة لإعداد توصية، ويختار من الأشخاص الذين كانوا هم لهم وجهات نظر في هذا الموضوع اقترحوها ليكون التداول أكثر تحديدا؛ لأن هذا الحفل الواسع لا يمكن في الواقع أن نطلق فيه العنان للملاحظات والمناقشات، إذن سيظل لقاؤنا لا نسميه مجلس مجمع فقه، نسميه مناقشات ومداولات حول قضايا فكرية مطروحة، وعند ذلك لا نحقق شيئا غير أننا تحاورنا، وهذا ليس هو المطلوب، المطلوب أن نبلور قضايا محددة فيما نحن متفقون عليه، وإذا كنا مختلفين نتناقش حتى نبلور هذه القضايا. وشكرا.

ص: 489

الرئيس:

شكرا. في الواقع أن ما تفضل به فضيلة الشيخ عبد السلام العبادي هو عين الذي يتعين الالتزام به. وقد سبق في الجلسة المسائية في يوم السبت أن قدمت رجاء ولم أقدمه نظاما لعدد من الإخوة المتكلمين ألا يخرجوا عن موضوع البحث. وطالما أن الشيخ عبد السلام فتح الباب فأنا أحب أن أشير إضافة إلى ذلك إلى مسألة أخرى، وهو أن بعض أصحاب الفضيلة المشايخ الذين يأخذون الكلمة في المداولة يمضي نصف كلمة في الثناء على بحث قبله أو في الثناء على كلمة لشخص آخر إلى آخره. وهذا لا يحرر محل النزاع، ولا يبين مدرك الحكم الشرعي. وكلنا نتفق على الثناء وعلى التثنية على هذه الأشياء، لكن نحن نريد أن نستغل الوقت ونغتنم هذه اللحظات في تحرير هذه المسألة المطروحة أمامنا.

أما موضوع زحف بعض الموضوعات على موضوع آخر، بحيث إنه يخشى سقوط هذا الموضوع، فأظن أن هذا ليس في الوسع دائما أن نتحكم فيه، وفي جميع الدورات الثلاث التي مضت في هذا المجمع يكون مقررا لبعض البحوث جلسة فتستغرق جلسة قادمة، أو نصف جلسة قادمة؛ لأنه ليس في وسع المجمع أن يبت إلا بعد أن تتحرر وجهات النظر أو تتحرر القناعة في هذا. لكن مع هذا ينبغي الملاحظة ألا يسقط شيء، وألا يكون الزحف يتجاوزه دوره حتى لا تسقط هذه الموضوعات ولا ينقضي الوقت ونحن لم ننه شيئا من موضوعاتنا هذه.

بقي عندي من أصحاب الفضيلة الذين طلبوا الكلمة ستة من المشايخ، أرجو أن يوجزوا في القول. أو هل ترون نؤدي الزكاة ونعود؟

ص: 490

مناقش:

فيه اقتراح ممكن. . المفروض الآن اختيار لجنة لحل المعضلة. المفروض الآن اختيار لجنة إذا تكرمتم بالإذن لي.

الرئيس:

إذن أرجو من أصحاب الفضيلة الذين بقي لهم كلمات أن يتنازلوا عنها؛ نظرا لضيق الوقت وحسما للموضوع. اتفضل يا شيخ.

الشيخ إبراهيم بشير الغويل:

هذه الملاحظة تتعلق بالنظام، إن كانت إدارة الجلسة ستسير بأن تترك لبعض أن يتحدث كما يشاء ويطيل، ثم تحجب الكلمة عن الآخرين، فذلك هو الظلم بعينه. أما أن يحدد من الأول الوقت وعدد المتكلمين ودقائق الكلمات، هناك كذا دقيقة للكلام، وهناك كذا متحدث، وسنوزع الكلام لمدة كذا دقيقة. إن لم يتم ذلك فلا يجوز حجب الكلمات عن أي من أعضاء المجلس وشكرا.

الرئيس:

على كل، نحن لا نريد أن ندخل موضوعا ينشأ عن موضوع آخر أجنبي عنه. فهل ترون نبت في هذا الموضوع، وأعلن ما اتجه إليه المجلس؟ الذين يتجهون إلى هذا أرجو رفع الأيدي..

بسم الله الرحمن الرحيم وصلى وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

من خلال هذه المداولات من أصحاب الفضيلة أعضاء هذا المجمع حول صرف الزكاة إلى صندوق التضامن الإسلامي، يبدو لنا أن المستخلص من وجهات النظر وجهتان، مع ما يحف بهما من توصيات هي محل اتفاق من الجميع فيما يظهر.

أما الوجهة الأولى: فتعلمون أن محل النزاع متحرر. وهو بحث مسألة صرف الزكاة إلى صندوق التضامن الإسلامي. والنزاع هو في مدرك الحكم وفي متعلق الحكم ومنزعه. هل في قوله تعالى: {وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ} ، يكون قصره على الغزاة أم يكون شاملا للمصارف الأخرى التي تفضل بها أصحاب الفضيلة الأعضاء في مناقشاتهم. والذي أحب أن أشير إليه هنا أنه قد حكى الإجماع غير واحد على قصر (وفي سبيل الله) على الغزاة، وأنه لا يشمل غيرهم، وأن الخلاف الذي حصل إنما هو خلاف بعد صدور الإجماع، أو بعد الإجماع، وأنه لا يعرف في هذا خلاف بين الصحابة رضي الله تعالى عنهم، ولا بعد التابعين رحم الله الجميع. والمسألة الثانية ولهذا فإن أصحاب الفضيلة ربما يمثلون العدد الأكثر اتجهوا إلى أن يبقى قصر الآية على ما حكي عليه الإجماع أو ذهب إليه الأكثر تنزلا.

الاتجاه الثاني، وهو تأليف لجنة لتربط بين هذه المداولات التي أجراها المجمع وبين واقعية صندوق التضامن الإسلامي، وبين تعديل نظامه ولائحته فيما يتفق مع صرف الزكاة إليه، ولهذا فإنكم قد ترون مناسبا أن تتألف لجنة من كل المشايخ: تقي العثماني، طه العلواني، يوسف الجيري، عمر جاه، مصطفى الفيلالي. لأن هؤلاء يمثلون وجهات المداولة التي دارت في هذه الجلسة، وعلى ضوء التصور الذي ينتهون إليه يعرض عليكم في الجلسة الختامية، وتنتهون إلى إقرار ما ترونه مناسبا حسب المقتضى الشرعي، أو حسب ما تقتضيه الأناة والتثبت في هذا الموضوع، مع إضافة ما أشار إليه بعض أصحاب الفضيلة الأعضاء، وهو أن يصدر من المجمع توصية بالشد على صندوق التضامن الإسلامي، ومناشدة الدول بالوفاء بالتزاماتها معه، وعلى فكرة الدينار الإسلامي، والدعوة إليها وتجسيدها في نفوس المسلمين، ومن القليل يجتمع الكثير. وبهذا ننتهي، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

ص: 491

الأمين العام:

هذا الاقتراح جيد، لكن أريد أن ألاحظ أن الأستاذ الدكتور عبد السلام عبادي موجود في لجان أخرى، ربما تتكاثر الأوقات وتتزاحم فلا يستطيع المشاركة.

الرئيس:

نرجو من فضيلة الشيخ سيد طنطاوي أن يتفضل بالاشتراك مع هذه اللجنة، على أن يكون الشيخ طه هو مقرر هذه اللجنة.

مناقشة مشروع القرار الذي وضعته اللجنة

الشيخ عبد الستار أبو غدة:

القرار رقم (2) بعد الديباجة:

بعد اطلاع المجمع على المذكرة التفسيرية بشأن صندوق التضامن الإسلامي ووقفيته المقدمة إلى الدورة الثالثة للمجمع، وعلى الأبحاث الواردة إلى المجمع في دورته الحالية بخصوص موضوع صرف الزكاة لصالح صندوق التضامن الإسلامي.

يوصي: عملا على تمكين صندوق التضامن الإسلامي من تحقيق أهدافه الخيرة المبينة في نظامه الأساسي، والتي أنشئ من أجلها، والتزاما بقرار القمة الإسلامي الثاني الذي نص على إنشاء هذا الصندوق

وتمويله من مساهمات الدول الأعضاء، ونظرا لعدم انتظام بعض الدول في تقديم مساعداتها له، يناشد المجمع الدول والحكومات والهيئات والموسرين المسلمين القيام بواجبهم في دعم موارد الصندوق بما يمكنه من تحقيق مقاصده النبيلة في خدمة الأمة الإسلامية.

ويقرر:

أولا: لا يجوز صرف أموال الزكاة لدعم وقفية صندوق التضامن الإسلامي؛ لأن في ذلك حبسا للزكاة عن مصارفها الشرعية المحددة في الكتاب الكريم.

ص: 492

الرئيس:

لو سمحت يا شيخ لأن الإخوة خرجوا، فليس من العدل أن يبقى بعضهم ويخرج بعضهم من هذا موضوع مفروغ منه.

الشيخ محمد يوسف جيري:

أتذكر أننا بخصوص الديباجة صرف الزكاة لصالح صندوق التضامن الإسلامي، أتذكر أن الإخوة رأوا أن نغير العبارة بدلا من صرف الزكاة لصالح صندوق التضامن الإسلامي.

الرئيس:

فعلا، صرف الزكاة عن طريق.

الشيخ محمد تقي العثماني:

الموضوع المطروح هو لصالح صندوق التضامن الإسلامي.

الرئيس:

فعلا هذا الموضوع الذي طرح بهذا العنوان.

الشيخ محمد سالم عبد الودود:

طبعا هو طرح بهذا العنوان الجزء الأول من القرار: لا يجوز صرف أموال الزكاة لدعم الصندوق، هذا يجعلنا نبقي على العنوان.

الرئيس:

بقاء العنوان أكثر دعما أولا. نعم ثانيا.

الشيخ عبد الستار أبو غدة:

هو كان في تصحيح يعني بدلا من " لأن في ذلك حبسا ": " لأن في وقف الزكاة حبسا لها عن مصارفها ".

الرئيس:

هو كله واحد. ماشي يا شيخ.

الشيخ عبد الستار أبو غدة:

حتى لا يتعارض مع قرار توظيف الزكاة في مشاريع؛ لأنه قرار توظيف الزكاة في مشاريع تبقى المشاريع على ما هي عليه.

ص: 493

الرئيس:

لا يا شيخ خليه يمشي على وضعه. الفقرة تمشي على ما هي عليه.

الشيخ محمد علي التسخيري:

أنا أرجح أن نحذف التعليل؛ لأنه يمكن أن يدعى هنا أنه صرف في سبيل الله، وإذا لم نحصر سبيل الله في مسألة الحج والجهاد، وعممنا الأمر، فإننا سنقع في إشكال.

الرئيس:

التعليل مع تقديري، التعليل يعطي الصيغة الشرعية فبقاؤه وارد.

الشيخ محمد علي التسخيري:

لكي نحصل الإجماع نعطي الفتوى بلا تعليل.

الرئيس:

لا، مجمعين إن شاء الله يا شيخ. الأمر سهل وبسيط، ثانيا.

الشيخ عبد الستار أبو غدة:

ثانيا: لصندوق التضامن الإسلامي أن يكون وكيلا عن الأشخاص والهيئات في صرف الزكاة في وجوهها الشرعية بالشروط التالية:

أ - أن تتوافر شروط الوكالة الشرعية بالنسبة للموكل والوكيل.

ب - أن يدخل الصندوق على نظامه الأساسي وأهدافه، التعديلات المناسبة التي تمكنه من القيام بهذا النوع من التصرفات.

ج- أن يخصص صندوق التضامن حسابا خاصا بالأموال الواردة من الزكاة بحيث لا تختلط بالموارد الأخرى التي تنفق في غير مصارف الزكاة الشرعية، كالمرافق العامة ونحوها.

د- لا يحق للصندوق صرف شيء من هذه الأموال الواردة للزكاة في النفقات الإدارية ومرتبات الموظفين وغيرها من النفقات التي لا تندرج تحت مصارف الزكاة الشرعية.

هـ- لدافع الزكاة أن يشترط على الصندوق دفع زكاته فيما يحدده من مصارف الزكاة الثمانية، وعلى الصندوق في هذه الحالة أن يتقيد بذلك.

و يلتزم الصندوق بصرف هذه الأموال إلى مستحقيها في أقرب وقت ممكن حتى يتيسر لمستحقيها الانتفاع بها، وفي مدة أقصاها سنة.

ص: 494

الشيخ محمد على التسخيري:

اعتقد أننا لا دخل لنا في" ب ". ما لنا ونظامه الأساسي؟ نعطيه الفتوى وهو يفعل ما يشاء حسب نظامه الأساسي. الشيء الآخر كلمة " و " ومدة أقصاها سنة، المقترح أن تحذف ما دمنا قلنا: في أقرب وقت ممكن، وقيدنا هذا المعنى، فما الداعي لتحديد سنة؟

الرئيس:

أما الفقرة " ب " ففيها مزيد بيان. هو الشيء إذا كان فيه ترتب حكم شرعي لا نقبله، هذا نحذفه. أما إذا كان زيادة بيان زيادة توضيح. أنا أراه شرطا ما لم يجعل في النظام ما يبين دخول الزكاة دخولا وخروجا وبقاء لا يمكن أن نقبل ولا يمكن دخول الزكاة فيه.

الشيخ محمد تقي العثماني:

لا يجوز أن نوكل رجلا بأداء الزكاة حتى يلتزم بالأحكام الشرعية.

الشيخ عبد السلام داود العبادي:

فيه نقطتان. الواقع كان في لجنة الصياغة قد اتفق عليهما ولم يدرجا في هذه التوصيات، اتفق على حذف " في مدة أقصاها سنة "، واتفق على أن يوضح في بند " د " حتى لا يفهم أن المجمع لا يعلم بسهم " والعاملين عليها". سهم والعاملين عليه نحن قلنا: إن هذا يمنع تحوطا أو احتياطا، وإلا فالأصل العاملون عليها مقررة في مصارف الزكاة إذا تعين موظف خاص في الصندوق لصرف هذه الزكاة والتوجه بها إلى البلاد المحتاجة إليها، ما المانع من الناحية الشرعية أن يعطى راتبه؟ لكن نحن نقول احتياطا: منع ذلك حتى لا تستغل الزكاة. فيجب أن تصاغ العبارة بأسلوب لا يشعر القارئ لها أننا لا ندرك سهم العاملين عليها.

الشيخ طه جابر العلواني:

بالنسبة لهذه الفقرة " د " طبعا لوحظ موضوع العاملين عليها، ولكن اللجنة التي توافرت على دراسة هذا الموضوع رأت أنها لو فتحت هذا الباب فمن المحتمل أن تصرف كل الزكاة رواتب للموظفين، ويصبح كل الصندوق من العاملين عليها. ولكن أعتقد أنه إذا خصص موظف لهذا الأمر بحيث يشرف على موضوع الزكاة وحده، سيمكن أن نصوغ العبارة بطريقة تحتمل هذا الموضوع.

ص: 495

الرئيس:

أما أنا فالذي يظهر لي أن الفقرة والمادة تبقى كما هي؛ لأنه إذا فتح الباب، الآن صندوق التضامن الإسلامي هل تعلمون حجم الموظفين فيه؟ هل هم ثلاثة، أربعة، خمسة، أو بالعشرات؟

فإذا كان هذا الجهاز العظيم الذي قد يصل خمسين، ستين موظفا، وبعضهم برواتب كبيرة، وخذوا في الاعتبار قضية تباعد أقطار العالم الإسلامي، وهناك شيء أكثر من قضية أنه يذهب بها، أجور الطائرات وأجور النقل إلى آخره، فأخشى أننا نفتح هذا الباب فتستلهم الزكاة داخل الصندوق.

الشيخ عبد السلام داود العبادي:

نحن معك في هذا، كل ما في الأمر يجب النص على أنه يجب ألا يصرف، معك في هذا، لكن يجب أن تصاغ العبارة بطريقة تشعر بأننا نفعل ذلك احتياطا.

الشيخ محمد المختار السلامي:

الحقيقة عندي أمران:

الأمر الأول هو أن ما ذكر أن الفقرة " ب " من الخير أن تحذف، أعتقد أنه من الخير أن تحذف؛ لأنها أخذا من الاحتياطات، هي تؤدي إلى هذا، ولكن لياقة لا ينبغي أن نتوجه إلى صندوق التضامن الإسلامي، فنقول له: أدخل على أنظمتك وأجهزتك وأهدافك التعديلات المناسبة.

أنا الذي يهمني هو أن تتوافر شروط الوكالة الشرعية، أن يخصص صندوق التضامن حسابا خاصا، أن لا يحق للصندوق صرف شيء من هذه الأموال.

هذه الشروط التي تهمني، أما أن أتدخل مباشرة وبهذه الطريقة، هي طريقة غير مناسبة في مواجهة منظمة المؤتمر الإسلامي التي نحن عضو منها.

الأمر الثاني: هو أنه لا يحق للصندوق صرف أي شيء من هذه الأموال الواردة للزكاة في النفقات الإدراية ومرتبات الموظفين، وغيرها من النفقات التي لا تندرج تحت مصارف الزكاة الشرعية، وهي متكاملة بقوله: التي لا تندرج تحت مصارف الزكاة الشرعية. تدخل فيها العاملون. ولكن قضية أن يدخل الصندوق على نظامه الأساسي لابد من حذفها؛ لأنه فيه عدم لياقة مع المنظمة التي ننتسب إليها.

الشيخ عمر جاه:

هو في الواقع عندي نقطتان: في فقرة " د " كما تفضل السيد السلامي الفقرة واضحة: التي لا تندرج تحت مصارف الزكاة الشرعية. تعطينا كل الحلول وما فيه داع للتغيير هذا.

وثانيا في فقرة " و " أعتقد أن مدة أقصاها سنة لا داعي لها. ممكن في أقرب وقت ممكن حتى يتيسر لمستحقيها الانتفاع بها يكفي. ما فيه داع على ربطها بسنة كاملة. وشكرا.

الشيخ محمد مختار السلامي:

ما فهمت القرار، الآن ما تم؟

الرئيس:

تم على ما هو عليه بالأكثرية. هل أنتم موافقون على الأكثرية؟

الشيخ محمد مختار السلامي:

من فضلك فقرة " ب " أرجوك أن يقع البحث فيها والتصويت عليها؛ لأني قلت أن لا تزيد شيئا، وتكون مشاكل سياسية، حساسيات.

ص: 496

الرئيس:

والله أنا أرى أن هذه ما فيها محاذير شرعية.

الأمين العام:

أريد أن أذكر إخواني حضرات الأساتذة بأن الذي قاد إلى ذكر المادة "ب" هو أننا عند التداول في هذا الموضوع وفي نظام الصندوق لاحظنا أن الأموال تأتي إليه من التبرعات ومن أشياء كثيرة لم يذكر فيها الزكاة إطلاقا، فنحن إذ ذاك عند التداول في هذا الموضوع قلنا: إذا كان سينفق الزكاة لا بد أن تأتيه زكاة؛ ولذلك فإن هذا يتماشى مع أصل الموضوع في الفتوى، هو لا يزكي من مال التبرعات التي تأتيه، ولا يزكي من الأموال التي تنجز إليه من الوقفيات، وإنما يزكي من مال الزكاة الذي يأتيه. ولذلك قلنا: يعدل النظام الأساسي حتى يصبح قادرا على تلقي الزكوات وصرفها بعد ذلك. ليس هناك تضارب أبدا.

الشيخ محمد عطا السيد:

سيدي الرئيس في الفقرة " أ " قالت: تتوافر شروط الوكالة الشرعية بالنسبة للموكل والوكيل. المراد الوكيل هنا الصندوق؟

الأمين العام:

الوكيل هو الصندوق، أي نعم.

الشيخ محمد عطا السيد:

إذا كان المراد بها الوكيل هو الصندوق، نحن ذكرنا في الفقرة التي قبلها: لصندوق التضامن الإسلامي أن يكون وكيلا. فنحن قررنا أن يكون وكيلا، فما معنى هنا أن نقول أن تتوافر شروط الوكالة بالنسبة للموكل والوكيل. فأرى أننا قد قررنا في الجزء السابق المسألة التي اشترطناها في الفقرة " أ " هنا أن تتوافر شروط الوكالة الشرعية بالنسبة للموكل. الرئيس:

هذا زيادة تأكيد، وهو واضح ليس فيه إشكال.

ص: 497

الشيخ الصديق محمد الأمين الضرير:

أنا ما عندي اعتراض على كل الأشياء التي قيلت ما عادا " و "، وكما قال الدكتور العبادي التي هي في مدة أقصاها سنة، هذه وأنا كنت في لجنة الصياغة، واتفقنا على حذفها، هل حذفت أم باقية؟

الرئيس:

عموما هي لها مستند من كلام الحنفية، أنه لا ترد الزكاة في العام القادم وزكاة العام الماضي موجودة. وهذه قيل في مدة سنة كأن فيها حجرا على ألا تستثمر أو تتأخر أو شيء من هذا القبيل.

الشيخ الصديق محمد الأمين الضرير:

الخوف أن يأخذوها ذريعة لتأخيرها لسنة، فلا داعي إليها حتى ولو كانت من الناحية الشرعية؛ لأنها محل الخلاف، وحذفها أولى من إبقائها.

الرئيس:

إذا رأيتم أن تحذف تحذف. ولكن هي من حيث التحوط جيدة في الواقع؛ لأنها تعطي عدم امتداد الأمد ببقاء الزكوات وتراكمها أو استغلالها في مشاريع. فإذا رأيتم بقاءها فلا ضرر فيها شرعا. إذن تبقى.

ص: 498

القرار

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم النبيين، وعلى آله وصحبه.

قرار رقم (2) د 4/08/88

بشأن صرف الزكاة

لصالح صندوق التضامن الإسلامي

إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنعقد في دورة مؤتمره الرابع بجدة في المملكة العربية السعودية من 18-23 جمادى الآخرة 1408 هـ، الموافق 6-11 فبراير1988م.

بعد اطلاعه على المذكرة التفسيرية بشأن "صندوق التضامن الإسلامي ووقفيته المقدمة إلى الدورة الثالثة للمجمع، وعلى الأبحاث الواردة إلى المجمع في دورته الحالية بخصوص موضوع صرف الزكاة لصالح صندوق التضامن الإسلامي "

يوصي:

- عملا على تمكين صندوق التضامن الإسلامي من تحقيق أهدافه الخيرة (المبينة في نظامه الأساسي) والتي أنشئ من أجلها، والتزاما بقرار القمة الإسلامي الثاني الذي نص على إنشاء هذا الصندوق وتمويله من مساهمات الدول الأعضاء، ونظرا لعدم انتظام بعض الدول في تقديم مساعداتها الطوعية له - يناشد المجمع الدول والحكومات والهيئات والموسرين المسلمين القيام بواجبهم في دعم موارد الصندوق بما يمكنه من تحقيق مقاصده النبيلة في خدمة الأمة الإسلامية.

ص: 499

ويقرر

أولا: لا يجوز صرف أموال الزكاة لدعم وقفية صندوق التضامن الإسلامي؛ لأن في ذلك حبسا للزكاة عن مصارفها الشرعية المحددة في الكتاب الكريم.

ثانيا: لصندوق التضامن الإسلامي أن يكون وكيلا عن الأشخاص والهيئات في صرف الزكاة في وجوهها الشرعية بالشروط التالية:

أ - أن تتوافر شروط الوكالة الشرعية بالنسبة للموكل والوكيل.

ب - أن يدخل الصندوق على نظامه الأساسي وأهدافه التعديلات المناسبة التي تمكنه من القيام بهذا النوع من التصرفات.

جـ- أن يخصص صندوق التضامن حسابا خاصا بالأموال الواردة من الزكاة، بحيث لا تختلط بالموارد الأخرى التي تنفق في غير مصارف الزكاة الشرعية، كالمرافق العامة ونحوها.

د- لا يحق للصندوق صرف شيء من هذه الأموال الواردة للزكاة في النفقات الإدارية ومرتبات الموظفين وغيرها من النفقات التي لا تندرج تحت مصارف الزكاة الشرعية.

هـ- لدافع الزكاة أن يشترط على الصندوق دفع زكاته فيما يحدده من مصارف الزكاة الثمانية، وعلى الصندوق – في هذه الحالة – أن يتقيد بذلك.

و يلتزم الصندوق بصرف هذه الأموال إلى مستحقيها في أقرب وقت ممكن حتى يتيسر لمستحقيها الانتفاع بها وفي مدة أقصاها سنة.

ص: 500