المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ موضوع (بدل الخلو) - مجلة مجمع الفقه الإسلامي - جـ ٤

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌العدد الرابع

- ‌كلمةمعالي الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلاميالأستاذ/ سيد شريف الدين بيرزاده

- ‌كلمةمعالي رئيس مجلس مجمع الفقه الإسلاميالدكتور بكر بن عبد الله أبو زيد

- ‌كلمةمعالي الأمين العام لمجمع الفقه الإسلامي الدوليالدكتور محمد الحبيب بن الخوجة

- ‌كلمةمعالي الأستاذ سيد شريف الدين بيرزاده

- ‌كلمةمعالي رئيس البنك الإسلامي للتنميةالدكتور/ أحمد محمد علي

- ‌كلمةمعالي الأمين العام بالنيابة لرابطة العالم الإسلاميالأستاذ/ أمين عقيل عطّاس

- ‌كلمةمعالي وزير الأوقاف بدولة الكويتالشيخ خالد أحمد الجسار

- ‌كلمةمعالي رئيس مجلس مجمع الفقه الإسلاميالدكتور بكر بن عبد الله أبو زيد

- ‌كلمةمعالي الأمين العام لمجمع الفقه الإسلامي الدوليالدكتور محمد الحبيب ابن الخوجة

- ‌كلمةالوفود المشاركةألقاها بالنيابة سعادة السفير الدكتور عمر جاه

- ‌انتفاع الإنسان بأعضاء جسم إنسان آخر حياً أو ميتاًإعدادمعالي الدكتور محمد علي البار

- ‌انتفاع الإنسان بأعضاءجسم إنسان آخر حياً أو ميتاًغرس الأعضاء في جسم الإنسانمشاكله الاجتماعية وقضاياه الفقهيةإعدادمعالي الدكتور محمد أيمن صافي

- ‌التشريح الجثماني والنقل والتعويض الإنسانيإعدادفضيلة الدكتور بكر بن عبد الله أبو زيد

- ‌انتفاع الإنسان بأعضاءجسم إنسان آخر حياً أو ميتاًإعدادفضيلة الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي

- ‌‌‌انتفاع الإنسان بأعضاءجسم إنسان آخر حياً أو ميتاًفي الفقه الإسلاميإعدادفضيلة الأستاذ الدكتور حسن علي الشاذلي

- ‌انتفاع الإنسان بأعضاءجسم إنسان آخر حياً أو ميتاًفي الفقه الإسلاميإعدادفضيلة الأستاذ الدكتور حسن علي الشاذلي

- ‌انتفاع الإنسان بأعضاءجسم إنسان آخر حياً أو ميتاًإعدادالشيخ خليل محيي الدين الميس

- ‌انتفاع الإنسان بأعضاءجسم إنسان آخر حياً أو ميتاًإعدادالدكتور عبد السلام داود العبّادي

- ‌انتفاع الإنسان بأعضاء جسم إنسان آخر حياً أو ميتاًإعدادفضيلة الشيخ آدم عبد الله علي

- ‌انتفاع الإنسان بأعضاء جسم إنسان آخر حيّاً أو ميّتاًإعدادفضيلة الشيخ محمد عبد الرحمن

- ‌صرف الزكاة لصالح صندوقالتضامن الإسلاميإعدادسعادة سيدي محمد يوسف جيري

- ‌صرف الزكاة لصالح صندوقالتضامن الإسلاميإعدادفضيلة الشيخ تيجاني صابون محمد

- ‌صرف الزكاة لصالح صندوقالتضامن الإسلاميإعدادفضيلة الشيخ مولاي مصطفى العلوي

- ‌صرف الزكاة لصالح صندوقالتضامن الإسلاميإعدادسعادة الدكتور عبد الله إبراهيم

- ‌مذكرة تفسيرية بشأن صندوق التضامن الإسلامي ووقفيته

- ‌زكاة الأسهم في الشركاتإعدادفضيلة الشيخ عبد الله البسام

- ‌زكاة الأسهم في الشركاتإعدادفضيلة أ. دكتور وهبه مصطفى الزحيلي

- ‌زكاة الأسهم في الشركاتإعدادفضيلة الشيخ محمد عبد اللطيف آل سعد

- ‌زكاة الأسهم في الشركاتإعدادفضيلة الدكتور أبو بكر دوكوري

- ‌زكاة الأسهم في الشركاتإعدادفضيلة الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل الشيخ

- ‌زكاة الأسهم في الشركاتإعدادفضيلة الدكتور الصديق محمد الأمين الضرير

- ‌زكاة الأسهم في الشركاتإعدادفضيلة الشيخ هارون خليف جيلي

- ‌زكاة الأسهم في الشركاتإعدادفضيلة الشيخ رجب بيوضي التميمي

- ‌زكاة الأسهم في الشركاتإعدادفضيلة الشيخ محمد عبده عمر

- ‌زكاة الأسهم في الشركاتإعدادفضيلة الدكتور محمد عبد اللطيف صالح الفرفور

- ‌المثامنة في العقار للمصلحة العامةإعدادالدكتور بكر بن عبد الله أبو زيد

- ‌انتزاع الملكية للمصلحة العامةإعدادالدكتور عبد الله محمد عبد الله

- ‌انتزاع الملكية للمنفعة العامةإعدادأ. د. يوسف محمود قاسم

- ‌نزع الملكية الخاصة للمنفعة العامةإعدادالدكتور عبد السلام العبادي

- ‌انتزاع الملك للمصلحة العامةإعدادالدكتور محمود شمام

- ‌الإسلاموانتزاع الملك للمصلحة العامةإعدادفضيلة الشيخ محمد الحاج ناصر

- ‌سندات المقارضةإعدادالصديق محمد الأمين الضرير

- ‌سندات المقارضةإعدادالدكتور رفيق يونس المصري

- ‌سندات المقارضةوسندات الاستثمارإعدادالدكتور حسن عبد الله الأمين

- ‌سندات المقارضةإعدادالقاضي محمد تقي عثماني

- ‌ضمان رأس المال أو الربحفي صكوك المضاربةأو سندات المقارضةإعدادالدكتور حسين حامد حسان

- ‌سندات المقارضةوسندات التنمية والاستثمارإعدادفضيلة الشيخ محمد المختار السلامي

- ‌سندات المقارنة وسندات الاستثمارإعدادفضيلة الشيخ عبد الله بن سليمان بن منيع

- ‌تصوير حقيقة سندات المقارضة والفرق بينها وبينسندات التنمية وشهادات الاستثمار والفرق بينهاوبين السندات الربويةإعدادالدكتور سامي حسن حمود

- ‌سندات المقارضة والاستثمارإعدادفضيلة الدكتور علي أحمد السالوس

- ‌سندات المقارضةإعدادالدكتور عبد السلام داود العبادي

- ‌البيان الختامي وتوصياتلندوةسندات المقارضة وسندات الاستثمارالتي أقامهامجمع الفقه الإسلامي بجدة

- ‌بدل الخلوإعدادالأستاذ الدكتور وهبة الزحيلي

- ‌ موضوع (بدل الخلو)

- ‌بدل الخلوإعدادالدكتور محمد سليمان الأشقر

- ‌حكم الشريعة في بدل الخلو (السرقفلية)إعدادفضيلة الأستاذ إبراهيم فاضل الدبو

- ‌بدل الخُلُوِّفي الفقه الإسلاميإعدادفضيلة الشيخ محيي الدين قادي

- ‌بدل الخلو وتصحيحهإعدادفضيلة الشيخ حجة الإسلام محمد علي تسخيري

- ‌كيفية مكافحة المفاسد الأخلاقيةإعدادفضيلة الشيخ/ رجب بيوض التميمي

- ‌كيفية مكافحة المفاسد الأخلاقيةإعدادالشيخ هارون خليف جيلي

- ‌مجالات الوحدة الإسلاميةوسبل الاستفادة منهاإعدادالأستاذ مصطفى الفيلالي

- ‌مجالات الوحدة الإسلاميةوسبل الاستفادة منهاإعدادفضيلة الدكتور عمر سليمان الأشقر

- ‌مجالات الوحدة الإسلاميةوسبل الاستفادة منهاإعدادالحاج شيت محمد الثاني

- ‌الوحدة الإسلاميةوالتعامل الدوليإعدادفضيلة الشيخ/ محمد علي التسخيري

الفصل: ‌ موضوع (بدل الخلو)

‌بدل الخلو

إعداد

الأستاذ الدكتور وهبة الزحيلي

رئيس قسم الشريعة الإسلامية بجامعة الإمارات

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:

فإن‌

‌ موضوع (بدل الخلو)

أو (مقابل الخلو) من الموضوعات المهمة جدا في الحياة المعاصرة، والذي يتطلب إبداء الحكم الشرعي فيه، بسبب إباحته في أعراف الناس، ومنعه في القوانين الوضعية، فإنها لا تجيز أخذ بدل الخلو كالذي يدفعه المستأجر للمالك في بداية عقد الإيجار إضافة إلى الأجرة ويحكم القاضي عادة بوجوب رده لدافعه إذا ادعى على المالك أنه قبض منه بدل خلو.

لذا تكرر السؤال عن حكمه الشرعي، وتحرج أهل الورع من أخذه لاعتقادهم عدم إباحته وأنه محظور، فهو لا يعدو في تصورهم أن يكون مالا سحتا أو أكلا لأموال الناس بالباطل، علما بأنه قد يزيد بدل الخلو في أغلب الأحيان عن مجمع ما دفعه المستأجر من أجرة للمالك طول مدة الإجارة.

وتتعقد المشكلة إزاء أزمة المساكن الحالية، وغلاء أو ارتفاع بدلات الخلو أوما يسمى بالفروغ أو مقابل الخلو، وخصوصا في بعض الشوارع التي أصبحت ذات مقصد كبير للتجار، حيث أصبح المحل ذا موقع مهم جدا (استراتيجي) للتجارة أو لأغراض أخرى تطمح إليها المكاتب المؤجرة لأعمال أو مهن حرة متعددة الأنشطة في الحياة الحديثة.

وهذا يقتضينا ضرورة البت في هذا الموضوع، ببيان مدى حله أو حرمته، وشروط الحل وحالات الحرمة، وتعيين آخذ البدل.

تعريف بدل الخلو: هو مبلغ من المال يدفعه الشخص نظير تنازل المنتفع بعقار (أرض أو دار أو محل أو حانوت) عن حقه في الانتفاع به.

وحكمه الشرعي فيما يبدو لي – والله أعلم – ما يأتي:

ص: 1729

أولا: للمالك المؤجر أن يأخذ من المستأجر مقدارا مقطوعا من المال، بالإضافة إلى الأجرة السنوية أو الشهرية، إذا تراضيا على ذلك، وقام المؤجر بعدها بتسليم العقار إلى المستأجر، مؤثرا إياه على غيره من المستأجرين. ويعد المأخوذ جزءا معجلا من الأجرة المشروطة في العقد، وتكون الأجور التي تدفع في المستقبل سنويا أو شهريا جزءا آخر من الأجرة مؤجل الوفاء مضافا إلى ما تم تعجيله، مثل اتفاق الزوجين في العصر الحاضر على قسمة المهر إلى معجل ومؤجل، عملا بالعرف العام السائد في البلاد الإسلامية.

ثانيا: أن ما يأخذه المستأجر من بدل الخلو من المالك المؤجر لفسخ عقد الإيجار، ضمن مدة العقد، وتسليمه المأجور لصاحبه يعد كسبا حراما غير مباح شرعا في رأي الجمهور غير المالكية وأبي يوسف؛ لأن إقالة عقود المعاوضات المالية أو فسخها، كالبيع والإيجار، لا تجوز إلا بنفس العوض الذي تم التعاقد عليه في رأي الإمام أبي حنيفة الذي جعل الإقالة فسخا في حق العاقدين، بيعا جديدا في حق شخص ثالث غيرهما.

ومقتضى هذا الرأي أن الإقالة للبيع ومثله الإيجار، تصح بالثمن الأول، ويبطل ما شرطه المتعاقدان من الزيادة أو النقص أو الأجل، أو الجنس الآخر من الأعواض، سواء أكانت الإقالة قبل القبض أم بعده؛ لأن الإقالة فسخ في حق العاقدين، والفسخ رفع العقد والعقد وقع بالعوض الأول، فيكون فسخه بالعوض الأول، ويبطل الشرط الفاسد، فإذا تقايل العاقدان على أكثر من العوض الأول أو أقل على جنس آخر، يلزم العوض الأول لا غير.

وهذا هو الحكم أيضا على قول زفر الذي يجعل الإقالة في رأيه فسخا في حق الناس كافة وهو أيضا قول محمد الذي يجعل الإقالة فسخا إلا إذا تعذر ذلك للضرورة، فتجعل بيعا.

وكذلك قال الشافعية والحنابلة، الذين قرروا بطلان الإقالة في هذه الحالات بسبب الشرط الفاسد في البيع ونحوه، فلا تجوز عندهم الزيادة ولا النقصان.

أما الإمام مالك فيرى أن الإقالة بيع جديد، فيجوز فيها الزيادة أو النقصان وهو أيضا قول أبي يوسف الذي يجعل الإقالة بيعا جديدا في حق العاقدين وغيرهما، إلا أن يتعذر جعلها بيعا، فتجعل فسخا (1) .

(1) البدائع: 5/ 306، فتح القدير: 5/ 247، بداية المجتهد: 2/140، الأشباه والنظائر للسيوطي: ص152، المغني لابن قدامة: 4/ 121 وما بعدها

ص: 1730

وبناء على هذا الرأي يصح للمالك المؤجر دفع زيادة عن الأجرة المقبوضة إلى المستأجر الذي دفعها، نظير فسخ الإجارة وتسليم المأجور.

وأما إذا وهب المؤجر باختياره ورضاه بعد انتهاء الإجارة من المال للمستأجر، يسميه الناس الآن (مقابل الخلو) لأجل إخراج المستأجر من المأجور، فهو أمر جائز باتفاق العلماء؛ لأن الهبة تبرع، وقد تم الدفع بالتراضي.

ثالثا: الحالة الغالبة المثيرة للنزاع: وهي ما يأخذه المستأجر من بدل الخلو من شخص آخر غير المالك المؤجر، مقابل تنازله عن اختصاصه بمنفعة العقار، ليحل محله ذلك الشخص في الانتفاع بالعقار.

هذه الحالة جائزة أيضا بشرط أن يكون التنازل ضمن مدة عقد الإجارة. فإذا كانت المدة سنة، أمضى المستأجر في العقار مدة ستة أشهر منها مثلا، جاز له التنازل لشخص آخر للانتفاع بالمأجور بقية المدة المتفق عليها بين المالك والمستأجر.

وإذا كانت مدة الإجارة سنويا (مسانهة أو معاومة) دون تحديد مدة قصوى، وهو ما يحدث الآن في عقود الإيجارات، فذلك جائز في رأي جمهور الفقهاء غير الشافعية، ولكنه لا يلزم إلا بالدخول في المدة الجديدة أو التلبس فيها، ويصير ذلك كعقد المعاطاة إذا جرى من المساومة ما يدل على التراضي بها.

وحينئذ يجوز للمستأجر التنازل عن المأجور في مدة أخرى نص عقد الإيجار على تجديدها ضمنا أو صراحة، وذلك مقابل مبلغ من المال يسمى اليوم (بدل الخلو) : لأن المستأجر مالك لمنفعة المأجور أثناء المدة، وله استيفاء المنفعة بنفسه أو بغيره باتفاق العلماء، وهذا يعني شرعا جواز ما يسمى اليوم (التأجير من الباطن) خلافا للقانون، لأن حق المستأجر في فقهنا حق عيني، وفي القانون حق شخصي.

ص: 1731

وقد أفتى الحنفية بجواز النزول عن الوظائف بمال كالإمامة والخطابة والأذان ونحوها، استنادا إلى الضرورة وتعارف الناس، وبالقياس على ترك المرأة قسمها لصاحبتها (الضرة) لأن كلا منهما مجرد إسقاط للحق، وقياسا على أنه يجوز لمتولي الأوقاف عزل نفسه عند القاضي، ومن العزل: الفراغ عن وظيفة النظر أو غيره، وقد جرى العرف بالفراغ بعوض (1) .

واستدل بعض العلماء على جواز مسألة (النزول عن الوظائف بمال) بما صنعه سيدنا الحسن رضي الله عنه – سبط رسول الله صلى الله عليه وسلم – من تنازله عن الخلافة وقبوله الراتب. وربما نوقش هذا بأن ما كان يأخذه السيد الإمام رضي الله عنه، لم يكن عوضا عن التنازل عن أمر الخلافة فحسب، لأن الخلفاء قد تعودوا منح الوظائف والرواتب غيره كثيرا من الصحابة والتابعين، فلم يكن راتب سيدنا الحسن عوضا عن تنازله على الخلافة.

وصرح الشافعية أثناء كلامهم عن صيغة عقد البيع بقولهم: (لا يبعد اشتراط الصيغة في نقل اليد في الاختصاص – أي عند التنازل عن حيازة النجاسات لتسميد الأرض كأن يقول: رفعت يدي عن هذا الاختصاص، ولا يبعد جواز أخذ العوض عن نقل اليد، كما في النزول عن الوظائف)(2) .

فالنزول عن الوظائف جائز بعوض وبغير عوض، كما قالوا.

إلا أن ذلك كله مقيد شرعا- حال تنازل المستأجر عن منفعة المأجور – بمدة الإيجار المتفق عليها. فإن تنازل المستأجر لغيره بعوض بعد انتهاء مدة الإيجار، فلا يجوز ذلك شرعا إلا برضى المالك وإبرام عقد إجارة جديد.

(1) الدر المختار ورد المحتار لابن عابدين: 4: 15، إتحاف الأبصار والبصائر: ص237

(2)

حاشية البجيرمي على شرح الخطيب: 3/3، نهاية المحتاج للرملي: 5/ 336

ص: 1732

وأما المالكية فهم أيضا كالشافعية، جاء في رسالة للمتأخرين من علماء المالكية بعنوان (جملة تقارير وفتاوى في الخلوات والإنزالات (1) . عند التونسيين) لمفتي المالكية إبراهيم الرياحي بتونس (المتوفى سنة 1266هـ) والشيخ محمد بيرم التونسي، والشيخ ابن صالح باش مفتي المالكية بتونس، والشيخ محمد السنوسي قاضي تونس، جاء في هذه الرسالة ما يدل على تجويز المعاوضة عن الخلوات عملا بالعرف والعادة، ولأن المستأجر يملك المنفعة، فله أن يتنازل عنها بعوض كالإجارة وبغير عوض كالإعارة (2) ، فقد نقل البناني عن البرزلي في النزول عن الوظيفة ما يقتضي جوازه، ونقل فتوى الفاسيين بجواز بيع الخلو، وقال الشيخ محمد بيرم: وما أشبه الخلو بالمغارسة، غير أن الخلو لا تحمل به ملكيات الرقبة، لتعلقه بالمنفعة.

وأما الحنابلة: فلم يجيزوا أخذ العوض على الاختصاصات؛ لأن محل حق الاختصاص الانتفاع فقط، ولا يملك أحد من مزاحمة مستحقة، لكن الاختصاص يجري فيما هو محرم كعصير العنب المتخمر عنه المسلم، ويجري في بعض المباحات كتحجير الأرض الموات، أما المملوكات الجارية في الأعيان والمنافع، فيجوز التنازل عنها بعوض (3) .

والخلاصة: أن بدل الخلو جائز شرعا إذا كان ضمن مدة الإيجار مع المالك المؤجر، وأما بعد انتهاء المدة فلا يجوز التنازل عن المنفعة، ولا أخذ البدل عنها إلا برضا مالك العقار، وإبرام عقد آخر مع المستأجر الجديد، وإلا كان أخذ البدل سحتا حراما، والمتنازل غاصبا، وآكلا أموال الناس بالباطل، وكذلك يكون المتنازل معتديا على حقوق الآخرين.

(1) الخلو والإنزال والجلسة بمعنى واحد: وهو المنفعة التي يملكها دافع الدارهم لمالك الأصل مع بقاء ملكه للرقبة، فإن كانت الرقبة التي هي الأصل أرضا عبر عن تلك المنفعة بالإنزال في اصطلاح بعض الناس، وإن كانت حوانيت أو دورا، عبر عنها بالخلو في غير اصطلاح أهل فاس، وفي اصطلاحهم يعبر عنها في الحوانيت بالجلسة

(2)

الفروق للقرافي: 1/ 187

(3)

القواعد لابن رجب: ص192، المغني: 5/ 42

ص: 1733