المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌سندات المقارنة وسندات الاستثمارإعدادفضيلة الشيخ عبد الله بن سليمان بن منيع - مجلة مجمع الفقه الإسلامي - جـ ٤

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌العدد الرابع

- ‌كلمةمعالي الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلاميالأستاذ/ سيد شريف الدين بيرزاده

- ‌كلمةمعالي رئيس مجلس مجمع الفقه الإسلاميالدكتور بكر بن عبد الله أبو زيد

- ‌كلمةمعالي الأمين العام لمجمع الفقه الإسلامي الدوليالدكتور محمد الحبيب بن الخوجة

- ‌كلمةمعالي الأستاذ سيد شريف الدين بيرزاده

- ‌كلمةمعالي رئيس البنك الإسلامي للتنميةالدكتور/ أحمد محمد علي

- ‌كلمةمعالي الأمين العام بالنيابة لرابطة العالم الإسلاميالأستاذ/ أمين عقيل عطّاس

- ‌كلمةمعالي وزير الأوقاف بدولة الكويتالشيخ خالد أحمد الجسار

- ‌كلمةمعالي رئيس مجلس مجمع الفقه الإسلاميالدكتور بكر بن عبد الله أبو زيد

- ‌كلمةمعالي الأمين العام لمجمع الفقه الإسلامي الدوليالدكتور محمد الحبيب ابن الخوجة

- ‌كلمةالوفود المشاركةألقاها بالنيابة سعادة السفير الدكتور عمر جاه

- ‌انتفاع الإنسان بأعضاء جسم إنسان آخر حياً أو ميتاًإعدادمعالي الدكتور محمد علي البار

- ‌انتفاع الإنسان بأعضاءجسم إنسان آخر حياً أو ميتاًغرس الأعضاء في جسم الإنسانمشاكله الاجتماعية وقضاياه الفقهيةإعدادمعالي الدكتور محمد أيمن صافي

- ‌التشريح الجثماني والنقل والتعويض الإنسانيإعدادفضيلة الدكتور بكر بن عبد الله أبو زيد

- ‌انتفاع الإنسان بأعضاءجسم إنسان آخر حياً أو ميتاًإعدادفضيلة الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي

- ‌‌‌انتفاع الإنسان بأعضاءجسم إنسان آخر حياً أو ميتاًفي الفقه الإسلاميإعدادفضيلة الأستاذ الدكتور حسن علي الشاذلي

- ‌انتفاع الإنسان بأعضاءجسم إنسان آخر حياً أو ميتاًفي الفقه الإسلاميإعدادفضيلة الأستاذ الدكتور حسن علي الشاذلي

- ‌انتفاع الإنسان بأعضاءجسم إنسان آخر حياً أو ميتاًإعدادالشيخ خليل محيي الدين الميس

- ‌انتفاع الإنسان بأعضاءجسم إنسان آخر حياً أو ميتاًإعدادالدكتور عبد السلام داود العبّادي

- ‌انتفاع الإنسان بأعضاء جسم إنسان آخر حياً أو ميتاًإعدادفضيلة الشيخ آدم عبد الله علي

- ‌انتفاع الإنسان بأعضاء جسم إنسان آخر حيّاً أو ميّتاًإعدادفضيلة الشيخ محمد عبد الرحمن

- ‌صرف الزكاة لصالح صندوقالتضامن الإسلاميإعدادسعادة سيدي محمد يوسف جيري

- ‌صرف الزكاة لصالح صندوقالتضامن الإسلاميإعدادفضيلة الشيخ تيجاني صابون محمد

- ‌صرف الزكاة لصالح صندوقالتضامن الإسلاميإعدادفضيلة الشيخ مولاي مصطفى العلوي

- ‌صرف الزكاة لصالح صندوقالتضامن الإسلاميإعدادسعادة الدكتور عبد الله إبراهيم

- ‌مذكرة تفسيرية بشأن صندوق التضامن الإسلامي ووقفيته

- ‌زكاة الأسهم في الشركاتإعدادفضيلة الشيخ عبد الله البسام

- ‌زكاة الأسهم في الشركاتإعدادفضيلة أ. دكتور وهبه مصطفى الزحيلي

- ‌زكاة الأسهم في الشركاتإعدادفضيلة الشيخ محمد عبد اللطيف آل سعد

- ‌زكاة الأسهم في الشركاتإعدادفضيلة الدكتور أبو بكر دوكوري

- ‌زكاة الأسهم في الشركاتإعدادفضيلة الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل الشيخ

- ‌زكاة الأسهم في الشركاتإعدادفضيلة الدكتور الصديق محمد الأمين الضرير

- ‌زكاة الأسهم في الشركاتإعدادفضيلة الشيخ هارون خليف جيلي

- ‌زكاة الأسهم في الشركاتإعدادفضيلة الشيخ رجب بيوضي التميمي

- ‌زكاة الأسهم في الشركاتإعدادفضيلة الشيخ محمد عبده عمر

- ‌زكاة الأسهم في الشركاتإعدادفضيلة الدكتور محمد عبد اللطيف صالح الفرفور

- ‌المثامنة في العقار للمصلحة العامةإعدادالدكتور بكر بن عبد الله أبو زيد

- ‌انتزاع الملكية للمصلحة العامةإعدادالدكتور عبد الله محمد عبد الله

- ‌انتزاع الملكية للمنفعة العامةإعدادأ. د. يوسف محمود قاسم

- ‌نزع الملكية الخاصة للمنفعة العامةإعدادالدكتور عبد السلام العبادي

- ‌انتزاع الملك للمصلحة العامةإعدادالدكتور محمود شمام

- ‌الإسلاموانتزاع الملك للمصلحة العامةإعدادفضيلة الشيخ محمد الحاج ناصر

- ‌سندات المقارضةإعدادالصديق محمد الأمين الضرير

- ‌سندات المقارضةإعدادالدكتور رفيق يونس المصري

- ‌سندات المقارضةوسندات الاستثمارإعدادالدكتور حسن عبد الله الأمين

- ‌سندات المقارضةإعدادالقاضي محمد تقي عثماني

- ‌ضمان رأس المال أو الربحفي صكوك المضاربةأو سندات المقارضةإعدادالدكتور حسين حامد حسان

- ‌سندات المقارضةوسندات التنمية والاستثمارإعدادفضيلة الشيخ محمد المختار السلامي

- ‌سندات المقارنة وسندات الاستثمارإعدادفضيلة الشيخ عبد الله بن سليمان بن منيع

- ‌تصوير حقيقة سندات المقارضة والفرق بينها وبينسندات التنمية وشهادات الاستثمار والفرق بينهاوبين السندات الربويةإعدادالدكتور سامي حسن حمود

- ‌سندات المقارضة والاستثمارإعدادفضيلة الدكتور علي أحمد السالوس

- ‌سندات المقارضةإعدادالدكتور عبد السلام داود العبادي

- ‌البيان الختامي وتوصياتلندوةسندات المقارضة وسندات الاستثمارالتي أقامهامجمع الفقه الإسلامي بجدة

- ‌بدل الخلوإعدادالأستاذ الدكتور وهبة الزحيلي

- ‌ موضوع (بدل الخلو)

- ‌بدل الخلوإعدادالدكتور محمد سليمان الأشقر

- ‌حكم الشريعة في بدل الخلو (السرقفلية)إعدادفضيلة الأستاذ إبراهيم فاضل الدبو

- ‌بدل الخُلُوِّفي الفقه الإسلاميإعدادفضيلة الشيخ محيي الدين قادي

- ‌بدل الخلو وتصحيحهإعدادفضيلة الشيخ حجة الإسلام محمد علي تسخيري

- ‌كيفية مكافحة المفاسد الأخلاقيةإعدادفضيلة الشيخ/ رجب بيوض التميمي

- ‌كيفية مكافحة المفاسد الأخلاقيةإعدادالشيخ هارون خليف جيلي

- ‌مجالات الوحدة الإسلاميةوسبل الاستفادة منهاإعدادالأستاذ مصطفى الفيلالي

- ‌مجالات الوحدة الإسلاميةوسبل الاستفادة منهاإعدادفضيلة الدكتور عمر سليمان الأشقر

- ‌مجالات الوحدة الإسلاميةوسبل الاستفادة منهاإعدادالحاج شيت محمد الثاني

- ‌الوحدة الإسلاميةوالتعامل الدوليإعدادفضيلة الشيخ/ محمد علي التسخيري

الفصل: ‌سندات المقارنة وسندات الاستثمارإعدادفضيلة الشيخ عبد الله بن سليمان بن منيع

‌سندات المقارنة وسندات الاستثمار

إعداد

فضيلة الشيخ عبد الله بن سليمان بن منيع

القاضي بمحكمة التمييز

بسم الله الرحمن الرحيم

سندات المقارضة وسندات الاستثمار

الحمد لله وحده وصلى الله وسلم على من لا نبي بعده محمد وعلى آله وصحبه وبعد:

فلقد اطلعت على نظام سندات المقارضة وعلى قرار الحكومة الأردنية بخصوص إقراره واعتباره مسلكا اقتصاديا تُمْلِهِ قواعد الشريعة ومبادئ الإسلام. كما اطلعت على الفتوى الصادرة من لجنة الإفتاء بالمملكة الأردنية الهاشمية بإقرار هذا النوع من الاستثمار وعدم وجود ما يمنع اعتباره مسلكا من المسالك الاقتصادية الإسلامية كما اطلعت على البحث المقدم من الدكتور عبد السلام العبادي في حكم سندات المقارضة انتهى منه إلى القول بجوازها واعتبارها مسلكا اقتصاديا إسلاميا يتفق مع وجود الاستثمار الإسلامي واستند في تبرير ذلك، والاحتجاج على صحة ما أنجر إليه على بحث الدكتور منذر قحف.

كما اطلعت على البحث القيم المقدم من الدكتور علي أحمد السالوس وما فيه من مناقشة لأصحاب هذا القول ومقارنة بين السندات المالية المبنية على الأخذ بالفوائد الربوية حتى يتم سدادها وبين ما يسمى بسندات المقارضة المبنية على تقديم أرباح سنوية غير مقدرة وبين شهادات الاستثمار الصادرة من البنك الإسلامي للتنمية وبعض البنوك والشركات الإسلامية.

وإسهاما مني في مناقشة موضوع سندات المقارضة وهل هي حقا سندات مقارضة أم أنها هي السندات المالية وإن اختلفت التسمية أقول ما يلي:

أولا: أشكر الأمانة العامة للمجمع الفقهي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي ممثلة في سماحة الشيخ الحبيب ابن الخوجة على دعوته الكريمة إياي بالمشاركة في هذه الحلقة الدراسية لهذا الموضوع الهام.

ص: 1479

ثانيا: أضم صوتي إلى صوت فضيلة الدكتور علي أحمد السالوس في استغرابه من لجنة الفتوى في الأردن الشقيق إقرار سندات المقارضة كمنهج اقتصادي تقره قواعد الشريعة ومبادئها، والحال أن أحكام المقارضة في الفقه الإسلامي تختلف عن أحكام سندات المقارضة الصادرة بها قانون أردني مؤيد من لجنة الفتوى.

ثالثا: أؤيد تأييدا مطلقا ما جاء في بحث فضيلة الدكتور علي أحمد السالوس من نقد موضوعي لسندات المقارضة انتهى به إلى تأكيد أن سندات المقارضة هي السندات المالية التي دأبت بعض الحكومات والمؤسسات الاقتصادية على إصدارها للحصول على مال تستطيع به تمويل مشاريعها أو إنعاش اقتصادها. وإن تسميتها بسندات المقارضة تسمية ليست لها من مسماها غير اللفظ فقط لبعدها تمام البعد عن جوهر القراض أو المضاربة.

رابعا: أن البحثين المقدمين من الدكتور منذر قحف وعبد السلام العبادي هما محاولة يائسة في تبرير الأخذ بنظام سندات المقارضة بحجة أنها تطبيق عملي لشركة القراض أو المضاربة، وقد تخف وطأة استنكارنا ما صار إقراره في بحثيهما حينما نعلم أن لجنة الفتوى في الأردن الشقيق أقرت هذا المسلك – الأخذ بسندات المقارضة – واعتبرته تطبيقا عمليا لشركة القراض المعتبرة في الفقه الإسلامي وفي مذاهبه الفقهية المختلفة.

خامسا: أرجو وأكرر رجائي أن تعيد لجنة الفتوى في الأردن نظرها في حقيقة سندات المقارضة في ضوء ما نص عليه قانونها من أحكام جعلتها بكل وضوح وجلاء نوعا من أنواع السندات المالية وإن اتخذت لها اسما يعطي تضليلا للرأي العام المحجم عن الدخول في معاملات ربوية واضحة له.

ص: 1480

سادسا: أرجو أن تنتهي هذه الحلقة الدارسية إلى التوصية المؤكدة بأن سندات المقارضة ليست من القراض في شيء مطلقا وأنها هي السندات المالية المعروفة وأن تسميتها بهذه التسمية لا تعطيها حق الجواز والاعتبار طالما أنها تختلف عن أحكام المضاربة – المقارضة – في كل أحكامها وتتفق مع السندات المالية في جوهرها ولبابها وأرجو أن تكون هذه التوصية مبررا لاستصدار قرار من مجمع الفقه الإسلامي يبين حقيقة هذه الأسناد ومنافاتها لأحكام القراض – المضاربة – وبالتالي منافاتها للمقتضيات الإسلامية واتفاقها تمام الاتفاق مع السندات المالية المبينة في التعامل بها على الربا الصريح.

سابعا: لا يخفى أن شركة المضاربة أو القراض على اختلاف في تسميتها بين أهل العلم ورجال الفقه في الإسلام واتفاق بينهم على أصول أحكامها تعتمد على ما يلي:

أ - وجود اشتراك في الجملة بين المال والعمل.

ب - استحقاق كل عنصر منهما نصيبه من ثمرة العمل بالمال على ما يجري الاتفاق عليه بينهما إذا كانت ثمرة العمل زائدة عن رأس المال المستثمر.

ج- قيام عقد بالاشتراك يكون المال من أحد طرفيه والعمل من الطرف الثاني، على أن يكون المال مؤهلا للاستثمار والعمل بحيث لا يكون دينا على العامل ولا مال غير قابل لتحويله للاستثمار، ومثل لذلك بعضهم بالأموال العينية من عقارات أو عروض أو نحو ذلك.

د- تمكين العامل من التصرف بالمال على سبيل الاستثمار وفقا لما يجري عليه التعاقد من نوعية العمل على ألا يكون ذلك مخالفا للقواعد الشرعية العامة.

هـ- اعتبار وعاء الاستثمار ملكا لصاحب المال على أن يأخذ العامل منه نصيبه من الربح إن كان ذلك بعد التنضيض – التصفية -.

و في حال عدم وجود ربح في المال المستثمر بعد تنضيضه فليس للعامل شيء منه بل هو لصاحب المال.

ز- في حال وجود خسارة في المال المستثمر بعد تنضيضه فليس على العامل شيء من حجم الخسارة بشرط ألا تكون الخسارة ناتجة عن تعد أو تفريط في التصرف أو الحفظ أو المخالفة.

ح- في حال ثبوت تفريط العامل في التصرف أو الحفظ أو تعديه فنتج عن ذلك خسارة في رأس المال فإن العامل – المقارض أو المضارب – يضمن ذلك النقص.

ص: 1481

ط- لا يحق لأي من طرفي القراض أخذ شيء من مال المضاربة على سبيل تملكه كجزء من استحقاقه فيها حتى يجري تنضيض مال المضاربة – تصفيته – ليتضح ما إذا كانت رابحة أم لا وليتضح مقدار الربح في حال وجوده.

ى- عقد المضاربة أو القراض من العقود الجائزة يحق لكل واحد من طرفيها إنهاؤه وطلب التصفية إلا أن تكون محدودة بوقت معين فيتعين الوفاء بذلك.

هذه أهم قواعد وأحكام شركات القراض أو المضاربة كما يسميها بعضهم.

ثامنا: بتأمل ودراسة قانون سندات المقارضة تتضح منها الأحكام التالية:

أ - ليس هناك شراكة بين العامل ورب المال في وعاء الاستثمار. فموضوع الاستثمار ملك للعامل وحده وما يقدمه رب المال من مال لاستثماره هو دين في ذمة العامل يجري سداده في وقت القدرة على السداد وقد وصفه القانون الأردني بأنه قرض.

ب - ليس هناك عقد شركة بين العامل ورب المال مطلقا وإنما التكييف الفقهي لما بينهما أن رب المال أقرض العامل بما قدمه له من مال على أن يعطيه الغلة بعد ظهورها ما جرى الاتفاق عليه من النسبة المعينة له من حجم الغلة.

ج- ليس لرب المال من مشروع الاستثمار تملك مطلقا بل أصل الاستثمار وغلته للعامل ولرب المال ما اتفقا عليه من النسبة المعينة من الغلة.

د- ما يقدمه رب المال من مال مضمون سداده في وقته المعين كما أنه مضمون من النقص والخسارة وحتى لو هلك مشروع الاستثمار حيث إنه حق مالي انعقد الالتزام به في ذمة العامل. لا أنه منغمس في حجم المشروع.

هـ- لرب المال حقه من نسبة الربح بصفة دورية حسبما يتفقان عليه من زمن كل دورة بغض النظر عن تصفية المشروع أو تقييمه.

و متى وجد العامل على إطفاء الحقوق على مشروع الاستثمار فحرره بها انقضت الحقوق الإضافية عليه فأصبح المشروع ملكا مطلقا للعامل له كامل أصله وغلاله وبذلك تنقضي علاقة رب المال بمالك المشروع.

تاسعا: بالنظر والتأمل في قواعد أحكام وصيغ إصدار السندات المالية من الدولة أو من المؤسسات العامة أو الخاصة تتضح المشابهة الكاملة بينها وبين سندات المقارضة إلا في مقدار العائد الإضافي من السند حيث إن السند المالي يحتسب لصاحبه فائدة ربوية مقدرة بنسبة معينة من حجم السند في حين أن سند المقارضة يحتسب لصاحبه النسبة المتفق عليها فيها. ولا شك أن هذا الفرق لا يؤثر مطلقا في اعتبار ما يسمى بسندات القرض نوعا من السندات المالية المبينة على الفوائد الربوية فجميع قواعد وأحكام هذه السندات – سندات المقارضة – هي نفس أحكام وقواعد السندات المالية.

فالسند المالي وثيقة بحق مالي في ذمة آخذه وسند المقارضة وثيقة بحق مالي في ذمة آخذه كذلك. والعائد الإضافي للسندات المالية هي الفائدة الدورية لبقاء قيمة السندات في ذمة آخذها حتى يتم سدادها وهذه الفائدة الدورية للسندات المالية هي من نوع الفائدة الدورية لسندات المقارضة وإن اختلفتا في التعيين والمقدار.

ص: 1482

وليس لمالك سند القراض أو السند المالي حق في وعاء الاستثمار مطلقا مهما ارتفعت قيمته إذ هو ملك قابض الأسناد كما أن مالك السند سواء كان سندا ماليا أو سند إقراض مضمون سنده ولن يتأثر بنقص مما خسر المشروع وبذلك يتضح أن ما يسمى بسند القراض إنما هو من أنواع السندات المالية الواضح فيها حرمة التعامل بها بيعا وشراء وإصدارًا حسبما تقتضيه من أحكام وقواعد وأن تسميتها بسندات المقارضة تسمية خالية من أحكام وقواعد مسماها القراض – المضاربة.

عاشرا: بتأمل ودراسة شهادات الاستثمار الصادرة من الشركات الاستثمارية للمضاربة أو من البنوك الإسلامية يتضح بها أن شهادة الاستثمار وثيقة على مال مبذول من مالكه إلى من التزم بتشغيله في مجال استثماري وتعني هذه الشهادة ما يلي:

أ - قيام شركة بين رب المال وبين العامل – المضارب – على أن يقوم العامل باستثمار هذا المال بحصة معينة من ربحه وبعد تنضيضه – تصفيته.

ب - اعتبار وعاء الاستثمار ملكا لرب المال ليس للعامل فيه إلا حصته المتفق عليها من الربح إن حصل.

ج- في حال عدم وجود ربح في المشروع المستثمر فليس للعامل شيء مطلقا وتعتبر جهوده في الاستثمار هدرا.

د- في حال خسارة المشروع المستثمر بدون تعد أو تفريط من العامل يستقل رب المال بتحمل كامل الخسارة وليس على العامل منها شيء.

هذه القواعد والأحكام وغيرها مما يعتبر ذكره تكرارا تتفق تمام الاتفاق مع أحكام شركات القراض – المضاربة – وبالتالي فإن شهادات الاستثمار الصادرة من البنك الإسلامي للتنمية ومن البنوك الإسلامية الأخرى يعتبر واقعها تطبيقا عمليا لمقتضيات شركات القراض – المضاربة – ولقد صدرت باعتبارها ملكا اقتصاديا خاليا من شوائب الربا فتاوى شرعية من هيئات معتبرة ومن ذلك قرار هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية.

ومما تقدم يتضح أن أمامنا في هذه الحلقة الدارسة ثلاثة أنواع من السندات المالية:

ص: 1483

أحدها: السندات المالية الصادرة من الحكومات أو البنوك المركزية أو المؤسسات العامة لغرض تمويل مشروع ما أو تنشيط الحركة الاقتصادية وهي موضع اتفاق بين فقهاء المسلمين على أنها ليست من قبيل شركات المضاربة – القراض – وأنها قروض تلتزم بها الذمة الاعتبارية التي قامت بإصدارها وأنها تنتج فوائد ربوية.

الثاني: شهادات الاستثمار ويمثل لها بالأوراق المالية الإسلامية الصادرة من بنك التنمية الإسلامي ومن شركات الاستثمار الخليجية الإسلامية ومن البنوك الإسلامية وقد وصفها بنك التنمية الإسلامي في البند 27 من مشروع شهادات الاستثمار المخصصة بقوله: الورقة المالية الإسلامية في حد ذاتها ممثلة لحصة مالية في مجموع موجودات المشروع.

وهذا النوع من السندات المالية المبني التعامل بها على أحكام وقواعد شركات المضاربة لا نعرف أحدا من أهل العلم اعترض على اعتبارها سندات مقارضة وأن العلاقة بين مالك السند وقابض محتواه هي علاقة رب المال مع المضارب – العامل – في شركات القراض – المضاربة.

الثالث: ما يسمى بسندات المقارضة والذي صدر باعتباره نوعا من القراض قوانين أردنية تأيدت بفتوى من لجنة الفتوى في الأردن وهذا النوع من السندات هو موضوع حلقتنا الدراسية وقد صدر باعتباره نوعا من شركات القراض – المضاربة – قانون أردني بتاريخ 25/ 2/ 1981م نذكر منه المواد التالية لمزيد التعرف على نوعية هذه الأسناد:

المادة – 2 – أ – تعني سندات المقارضة الوثائق المحددة القيمة التي تصدر بأسماء مالكيها مقابل الأموال التي قدموها لصاحب المشروع بعينه بقصد تنفيذ المشروع واستغلاله وتحقيق الربح.

ص: 1484

ب- يحصل مالكو السندات على نسبة محددة من أرباح المشروع وتحدد هذه النسبة في نشرة إصدار السندات إلى آخرها.

المادة – 12 – تكفل الحكومة بتسديد القيمة الاسمية لسندات المقارضة الواجب إطفاؤها بالكامل في المواعيد المقررة وتصبح المبالغ المدفوعة لهذا السبب قرضا ممنوحا للمشروع بدون فائدة مستحقة الوفاء فور الإطفاء الكامل للسندات.

المادة – 18- يتم تداول سندات المقارضة في سوق عمان المالي حسب أحكام قانونه وأنظمته وتعليماته كما يتم نقل ملكيتها حسب هذه الأحكام.

إننا بتأملنا هذا النوع من السندات وما هي عليه من تقنين وتقعيد وأحكام يتضح لنا بكل وضوح أنها نوع من السندات المالية التي هي حقوق ثابتة في ذمم مصدريها لمن دفع قيمتها وإن قيل عنها بأنها سندات مقارضة فهي تسمية ليس لها من مسماها نصيب مطلقا ولكنها كما وصفها القانون الأردني في المادة الثانية عشرة منه بأنها قرض ممنوح للمشروع بدون فائدة وأن الدولة ضامنة لسداد قيمته الاسمية. فهي نوع من السندات الاسمية إن أي عائد مقابل بقائه في ذمة مستقرضه يعتبر نوعا من ضروب الربا لإجماع أهل العلم أن كل قرض جر نفعا فهو ربا كما أن بيعه وشراؤه يعتبر من بيوع الأثمان – المصارفة – فهو بيع ثمن غائب عن مجلس العقد بثمن حاضر ولا يخفى أن الحكم الشرعي في صحة المصارفة مشروط جوازه في التماثل والحلول عند اتحاد الجنس وبالتقابض في مجلس العقد في حال اختلاف الجنس.

هذه ملاحظات عابرة اقتضاها اشتراكي في هذه الحلقة المباركة أرجو أن أكون بما قدمته قد أسهمت في الحديث عن موضوع هذه الحلقات وأعتقد أن الحكم الشرعي في موضوعها من أوضح الأحكام وأظهرها وأنه من الوضوح بحال لا يحتاج إلى بحوث مطولة ولا إلى نقاش متشعب. والله المستعان وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.

عبد الله بن سليمان بن منيع

ص: 1485