المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌سندات المقارضةإعدادالصديق محمد الأمين الضرير - مجلة مجمع الفقه الإسلامي - جـ ٤

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌العدد الرابع

- ‌كلمةمعالي الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلاميالأستاذ/ سيد شريف الدين بيرزاده

- ‌كلمةمعالي رئيس مجلس مجمع الفقه الإسلاميالدكتور بكر بن عبد الله أبو زيد

- ‌كلمةمعالي الأمين العام لمجمع الفقه الإسلامي الدوليالدكتور محمد الحبيب بن الخوجة

- ‌كلمةمعالي الأستاذ سيد شريف الدين بيرزاده

- ‌كلمةمعالي رئيس البنك الإسلامي للتنميةالدكتور/ أحمد محمد علي

- ‌كلمةمعالي الأمين العام بالنيابة لرابطة العالم الإسلاميالأستاذ/ أمين عقيل عطّاس

- ‌كلمةمعالي وزير الأوقاف بدولة الكويتالشيخ خالد أحمد الجسار

- ‌كلمةمعالي رئيس مجلس مجمع الفقه الإسلاميالدكتور بكر بن عبد الله أبو زيد

- ‌كلمةمعالي الأمين العام لمجمع الفقه الإسلامي الدوليالدكتور محمد الحبيب ابن الخوجة

- ‌كلمةالوفود المشاركةألقاها بالنيابة سعادة السفير الدكتور عمر جاه

- ‌انتفاع الإنسان بأعضاء جسم إنسان آخر حياً أو ميتاًإعدادمعالي الدكتور محمد علي البار

- ‌انتفاع الإنسان بأعضاءجسم إنسان آخر حياً أو ميتاًغرس الأعضاء في جسم الإنسانمشاكله الاجتماعية وقضاياه الفقهيةإعدادمعالي الدكتور محمد أيمن صافي

- ‌التشريح الجثماني والنقل والتعويض الإنسانيإعدادفضيلة الدكتور بكر بن عبد الله أبو زيد

- ‌انتفاع الإنسان بأعضاءجسم إنسان آخر حياً أو ميتاًإعدادفضيلة الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي

- ‌‌‌انتفاع الإنسان بأعضاءجسم إنسان آخر حياً أو ميتاًفي الفقه الإسلاميإعدادفضيلة الأستاذ الدكتور حسن علي الشاذلي

- ‌انتفاع الإنسان بأعضاءجسم إنسان آخر حياً أو ميتاًفي الفقه الإسلاميإعدادفضيلة الأستاذ الدكتور حسن علي الشاذلي

- ‌انتفاع الإنسان بأعضاءجسم إنسان آخر حياً أو ميتاًإعدادالشيخ خليل محيي الدين الميس

- ‌انتفاع الإنسان بأعضاءجسم إنسان آخر حياً أو ميتاًإعدادالدكتور عبد السلام داود العبّادي

- ‌انتفاع الإنسان بأعضاء جسم إنسان آخر حياً أو ميتاًإعدادفضيلة الشيخ آدم عبد الله علي

- ‌انتفاع الإنسان بأعضاء جسم إنسان آخر حيّاً أو ميّتاًإعدادفضيلة الشيخ محمد عبد الرحمن

- ‌صرف الزكاة لصالح صندوقالتضامن الإسلاميإعدادسعادة سيدي محمد يوسف جيري

- ‌صرف الزكاة لصالح صندوقالتضامن الإسلاميإعدادفضيلة الشيخ تيجاني صابون محمد

- ‌صرف الزكاة لصالح صندوقالتضامن الإسلاميإعدادفضيلة الشيخ مولاي مصطفى العلوي

- ‌صرف الزكاة لصالح صندوقالتضامن الإسلاميإعدادسعادة الدكتور عبد الله إبراهيم

- ‌مذكرة تفسيرية بشأن صندوق التضامن الإسلامي ووقفيته

- ‌زكاة الأسهم في الشركاتإعدادفضيلة الشيخ عبد الله البسام

- ‌زكاة الأسهم في الشركاتإعدادفضيلة أ. دكتور وهبه مصطفى الزحيلي

- ‌زكاة الأسهم في الشركاتإعدادفضيلة الشيخ محمد عبد اللطيف آل سعد

- ‌زكاة الأسهم في الشركاتإعدادفضيلة الدكتور أبو بكر دوكوري

- ‌زكاة الأسهم في الشركاتإعدادفضيلة الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل الشيخ

- ‌زكاة الأسهم في الشركاتإعدادفضيلة الدكتور الصديق محمد الأمين الضرير

- ‌زكاة الأسهم في الشركاتإعدادفضيلة الشيخ هارون خليف جيلي

- ‌زكاة الأسهم في الشركاتإعدادفضيلة الشيخ رجب بيوضي التميمي

- ‌زكاة الأسهم في الشركاتإعدادفضيلة الشيخ محمد عبده عمر

- ‌زكاة الأسهم في الشركاتإعدادفضيلة الدكتور محمد عبد اللطيف صالح الفرفور

- ‌المثامنة في العقار للمصلحة العامةإعدادالدكتور بكر بن عبد الله أبو زيد

- ‌انتزاع الملكية للمصلحة العامةإعدادالدكتور عبد الله محمد عبد الله

- ‌انتزاع الملكية للمنفعة العامةإعدادأ. د. يوسف محمود قاسم

- ‌نزع الملكية الخاصة للمنفعة العامةإعدادالدكتور عبد السلام العبادي

- ‌انتزاع الملك للمصلحة العامةإعدادالدكتور محمود شمام

- ‌الإسلاموانتزاع الملك للمصلحة العامةإعدادفضيلة الشيخ محمد الحاج ناصر

- ‌سندات المقارضةإعدادالصديق محمد الأمين الضرير

- ‌سندات المقارضةإعدادالدكتور رفيق يونس المصري

- ‌سندات المقارضةوسندات الاستثمارإعدادالدكتور حسن عبد الله الأمين

- ‌سندات المقارضةإعدادالقاضي محمد تقي عثماني

- ‌ضمان رأس المال أو الربحفي صكوك المضاربةأو سندات المقارضةإعدادالدكتور حسين حامد حسان

- ‌سندات المقارضةوسندات التنمية والاستثمارإعدادفضيلة الشيخ محمد المختار السلامي

- ‌سندات المقارنة وسندات الاستثمارإعدادفضيلة الشيخ عبد الله بن سليمان بن منيع

- ‌تصوير حقيقة سندات المقارضة والفرق بينها وبينسندات التنمية وشهادات الاستثمار والفرق بينهاوبين السندات الربويةإعدادالدكتور سامي حسن حمود

- ‌سندات المقارضة والاستثمارإعدادفضيلة الدكتور علي أحمد السالوس

- ‌سندات المقارضةإعدادالدكتور عبد السلام داود العبادي

- ‌البيان الختامي وتوصياتلندوةسندات المقارضة وسندات الاستثمارالتي أقامهامجمع الفقه الإسلامي بجدة

- ‌بدل الخلوإعدادالأستاذ الدكتور وهبة الزحيلي

- ‌ موضوع (بدل الخلو)

- ‌بدل الخلوإعدادالدكتور محمد سليمان الأشقر

- ‌حكم الشريعة في بدل الخلو (السرقفلية)إعدادفضيلة الأستاذ إبراهيم فاضل الدبو

- ‌بدل الخُلُوِّفي الفقه الإسلاميإعدادفضيلة الشيخ محيي الدين قادي

- ‌بدل الخلو وتصحيحهإعدادفضيلة الشيخ حجة الإسلام محمد علي تسخيري

- ‌كيفية مكافحة المفاسد الأخلاقيةإعدادفضيلة الشيخ/ رجب بيوض التميمي

- ‌كيفية مكافحة المفاسد الأخلاقيةإعدادالشيخ هارون خليف جيلي

- ‌مجالات الوحدة الإسلاميةوسبل الاستفادة منهاإعدادالأستاذ مصطفى الفيلالي

- ‌مجالات الوحدة الإسلاميةوسبل الاستفادة منهاإعدادفضيلة الدكتور عمر سليمان الأشقر

- ‌مجالات الوحدة الإسلاميةوسبل الاستفادة منهاإعدادالحاج شيت محمد الثاني

- ‌الوحدة الإسلاميةوالتعامل الدوليإعدادفضيلة الشيخ/ محمد علي التسخيري

الفصل: ‌سندات المقارضةإعدادالصديق محمد الأمين الضرير

‌سندات المقارضة

إعداد

الصديق محمد الأمين الضرير

أستاذ الشريعة الإسلامية بكلية القانون

جامعة الخرطوم

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم النبيين، وعلى سائر الأنبياء والمرسلين

معالي الدكتور محمد الحبيب ابن الخوجة

الأمين العام لمجمع الفقه الإسلامي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

ردا على خطابكم الذي تطلبون مني فيه الكتابة عن الموضوع التالي:

سندات المقارضة:

أ - هل يكون إطفاء سندات المقارضة بقيمة اسمية أم سوقية؟

وهل يتم ذلك باستبعاد عدد معين من الأسهم الكاملة، أم يكون ذلك باستبعاد جزء من كل سهم؟

ب- وعلى الوجه الأخير هل يعتبر ربح كل سهم متناقصا مع تناقص القيمة، أم يظل ربحه كاملا حتى نهاية الإطفاء؟

أبعث إلى معاليكم بالآتي:

كنت اعتذرت في خطابي بتاريخ 29 من ذي القعدة 1407- 25/ 7/ 1987 عن عدم تمكني من الكتابة في هذا الموضوع، لأني لم أجد المراجع الكافية، وقد تحصلت أخيرا على قانون سندات المقارضة لسنة 1981 (الأردني) .

والمذكرة التفصيلية الخاصة ببيان الوجوه الفقهية المؤيدة لإمكان قبول تعهد الحكومة بضمان سندات المقارضة المخصصة لإعمار أراضي الأوقاف التي أعدها الدكتور سامي حمود.

ومحاضرة الدكتور وليد خير الله عن سندات المقارضة مع حالة تطبيقية.

فأردت أن أشارك بهذه الورقات القليلة:

ص: 1405

الحديث عن أحكام إطفاء سندات المقارضة يتطلب الحديث أولا عن حقيقة سندات المقارضة، والمقصود بإطفائها، وهل هذه المعاملة مقبولة شرعا أم لا؟ ولا بد لمعرفة ذلك من استعراض بعض مواد قانون سندات المقارضة لسنة 1981 (الأردني) .

2-

تنص المادة الثانية من قانون سندات المقارضة على الآتي:

أ - تعني (سندات المقارضة) الوثائق المحددة القيمة التي تصدر بأسماء مالكيها مقابل الأموال التي قدموها لصاحب المشروع بعينه بقصد تنفيذ المشروع واستغلاله وتحقيق الربح.

ب - يحصل مالكو السندات على نسبة محددة من أرباح المشروع، وتحدد هذه النسبة في نشرة إصدار السندات، ولا تنتج سندات المقارضة أي فوائد، كما لا تعطي مالكها الحق في المطالبة بفائدة سنوية محددة.

يفهم من هذه المادة - ومن التسمية – أن المعاملة التي تصدر السندات من أجلها هي عقد مضاربة مقيدة بمشروع معين، أرباب المال فيها هم مالكو السندات، والمضارب هو صاحب المشروع المعين الذي يطلب تقديم المال له، لاستغلاله والاشتراك في ربحه بنسبة تحدد في نشرة إصدار السندات.

3-

وذكر في المادة الثالثة الهيئات التي يسمح لها بإصدار سندات المقارضة، وأولها وزارة الأوقاف، ولعلها هي التي أصدر القانون من أجلها، يقول الدكتور سامي حمود في مذكرته ص1:

(إن سندات المقارضة تمثل الطريق الملائم لتجميع الموارد المالية المتناثرة لدى جمهور الراغبين في الاستثمار الحلال، حيث يمكن عن طريق تجميع هذه الموارد إقامة المشاريع الكبيرة، وبخاصة مشاريع الإعمار العقاري للأراضي الموقوفة، ذات المواقع التجارية الصالحة لاستثمار على هذا الأساس) اهـ. ص1.

ويفهم من هذا أن المبالغ المتحصلة من سندات المقارضة– أموال المضاربة– تستثمرها وزارة الأوقاف – المضارب – في تعمير أراضي الأوقاف، ويؤيد هذا الحالة التطبيقية التي ذكرها الدكتور وليد خير الله (لتمويل بناء على أرض وقفية بأسلوب سندات المقارضة) .

ص: 1406

4-

وجاء في المادة الرابعة من القانون ذكر الشروط التي تشترط في المشروع الذي تصدر سندات المقارضة لتمويله ومنها:

جـ- أن يدار المشروع ماليا كوحدة مستقلة بحيث تتضح في نهاية السنة المالية أرباحه المعدة لإطفاء السندات وتوزيع الأرباح حسب النسبة المقررة في نشرة الإصدار. اهـ.

واشتراط اتضاح ربح المشروع في نهاية السنة المالية شرط جيد وضروري: لأن الربح هو الذي يوزع بين رب المال والمضارب فلا بد من معرفته، ولعل هذا هو الذي جعل جمهور الفقهاء يحصرون العمل الذي يقوم به المضارب في التجارة بالبيع والشراء. فهل هذا الشرط متحقق في مشروع وزارة الأوقاف؟

الذي ظهر لي من مذكرة الدكتور سامي حمود، ومن الحالة التطبيقية التي أوردها الدكتور وليد خير الله أنه غير متحقق، فالدكتور سامي يقول في ص2:

(وتعتمد فكرة سندات المقارضة المخصصة على التنظيم الحسابي لتمويل إنشاء الأبنية ذات المردود الاقتصادي المرتفع – نسبيا – حيث يتم تخصيص حصيلة السندات المباعة لتمويل إنشاء المبنى المعلن عنه في كل إصدار على حدة، وتكون الإيرادات الصافية (بعد تنزيل نفقات الصيانة والإدارة الخاصة بالمبني) معدة للتوزيع على النحو التالي:

30 % مثلا للتوزيع على المكتتبين في السندات وذلك بصفة أرباح.

70 % أيضا للتوزيع على المكتتبين في السندات ولكن بصفة مبالغ مسددة من أصل قيمة السند.

وليس هناك ما يمنع من أن يكون لوزارة الأوقاف نصيب من الربح نظير الإدارة. اهـ.

فالدكتور سامي يتحدث عن توزيه الإيرادات الصافية، ويسميها ربحا، فهل الإيراد السنوي للمشروع هو الربح الذي يوزع بين رب المال والمضارب في عقد المضاربة؟

وقول الدكتور سامي: (وليس هناك ما يمنع..إلخ) غير صحيح، فالمانع موجود، وهو أن الإيرادات قد خصمت منها نفقات الإدارة، فكيف تستحق وزارة الأوقاف نصيبا من الربح نظير الإدارة بعدما خصمت نفقاتها؟

وأما الحالة التطبيقية التي أوردها الدكتور وليد، فهي واضحة جدًا في أن الذي يوزع هو عائد الإيجارات للمشروع (انظر ص2- 4) .

وعائد الإيجار السنوي ليس هو الربح الذي يوزع بين رب المال والمضارب بالمفهوم الفقهي.

وسأفترض أن هذا خطأ في التطبيق، وأن الربح الحقيقي للمشروع يمكن معرفته وتوزيعه.

ص: 1407

وأنتقل بعد هذا إلى طريقة توزيع الربح.

المعروف في عقد المضاربة أن الربح يوزع بين رب المال والمضارب، وفي موضوعنا هذا ينبغي أن يوزع ربح المشروع بين مالكي السندات (أرباب المال) ووزارة الأوقاف (المضارب) ولكن القانون ومذكرة الدكتور سامي، والحالة التطبيقية التي أوردها الدكتور وليد جاءت بتوزيع غريب على عقد المضاربة، فجعلت نسبة من الربح لمالكي السندات، وجعلت النسبة الباقية لإطفاء السندات، وهذه النسبة تعطى أيضا لمالكي السندات، ولكن بصفة مبالغ مسددة من أصل قيمة السند، كما يقول الدكتور سامي، وهذا هو المراد من كلمة إطفاء السندات الواردة في القانون، وهذا يعني أن صافي إيراد المشروع السنوي، الذي سمي ربحا، يعطى كله إلى مالكي السندات بعضه سمي ربحا والبعض الآخر جعل سدادا للمبلغ الذي دفعه المكتتب، وأعطى السند مقابلة، وهذا الإجراء يحول المعاملة من عقد مضاربة إلى عقد آخر، التزمت فيه وزارة الأوقاف بأن ترد لمالك السند المبلغ المبين في السند كاملا على أقساط سنوية، وتدفع له مع كل قسط مبلغا زائدا على القسط يسمى ربحا، وهذا الالتزام موثق بكفيل هو الحكومة كما جاء في المادة (12) من القانون (تكفل الحكومة تسديد قيمة سندات المقارضة الاسمية الواجب إطفاؤها بالكامل في المواعيد المقررة) اهـ.

فماذا يسمى هذا العقد في الفقه الإسلامي؟

إنه عقد قرض اشترط فيه المقترض للمقرض زيادة على اقترضه منه، ووثق العقد بكفيل. وهذا وحده يكفي لإفساد هذا العقد، وإبعاده عن عقد المضاربة.

ص: 1408

5-

ومما يؤكد أن هذا العقد عقد قرض، وليس عقد مضاربة ما جاء في المادة (20) من أن (الهيئة المصدرة تحل محل مالكي الأسناد المطفأة في الحصول على الأرباح المتحققة لهم) اهـ.

فهذه المادة تفيد بأن كل عائد المشروع تأخذه وزارة الأوقاف بعد أن تدفع لمالكي السندات المبالغ التي أخذتها منهم مع أرباحها السنوية، ويفهم من هذا أن المباني التي أقيمت على أرض الوقف بأموال مالكي السندات تصبح مملوكة لوزارة الأوقاف، ويؤيد هذا الفهم الدكتور سامي بقوله:

(وعندما يسترد مالكو سندات المقارضة أصل قيمة السندات التي اكتتبوا فيها، وذلك بنتيجة المبالغ الموزعة عليهم سنويا بصفة مبالغ مسددة من أصل رأس المال، فإن الملك بكامله (أي البناء المقام فوق الأرض الموقوفة) يصبح مملوكا بالكامل للوقف الإسلامي) ص2.

إن وزارة الأوقاف لا تستطيع أن تتملك البناء المقام فوق الأرض الموقوفة إذا كانت الأموال التي صرفت فيه أموال مضاربة، لأنه يكون مملوكا لأرباب المال، ولا يمكن أن ينتقل إلى وزارة الأوقاف – المضارب – إلا بسبب ناقل الملكية.

أما إذا كانت الأموال التي صرفت في البناء قرضا مضمونا على وزارة الأوقاف فإن البناء يكون مملوكا لها من أول الأمر وليس بعد سداد القرض.

فالقول بأن البناء يصبح مملوكا للوقف بعد أن يسترد مالكو سندات المقارضة أصل قيمة السندات لا يستقيم سواء جعلنا المعاملة قرضا أو قراضا.

6-

ومما تجدر الإشارة إليه أن الدكتور سامي اعتبر في مذكرته هذه المعاملة عقد مضاربة، وأجهد نفسه في تبرير ضمان الحكومة لرأس مال المضاربة مع اعترافه بأن اشتراط العامل رد أصل رأس المال يفسد عقد المضاربة في رأي بعض الفقهاء، ويبطل الشرط ويصح العقد في رأي بعضهم (انظر ص3 ولا يخلو كلام الدكتور سامي من اضطراب في هذه المسألة) .

وقد بنى الدكتور سامي رأيه في جواز ضمان الحكومة لأصل رأس المال على أن وزارة الأوقاف لا دخل لها في هذا الضمان (انظر ص3 و4) ، وهذا غير صحيح، فوزارة الأوقاف متعهدة برد رأس المال، والحكومة كفيلة بذلك، وقد نص على هذا التعهد من وزارة الأوقاف صراحة في وثيقة إصدار السندات، وهذا هو النص كما جاء في نموذج الوثيقة المرافقة لمحاضرة الدكتور وليد:

ص: 1409

وتتعهد وزارة الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية أن تدفع لمالك هذه السندات كامل قيمتها الاسمية مع الأرباح حسب الشروط المبينة على ظهره، وقد كفلت حكومة

الوفاء الكامل للقيمة الاسمية للسندات في الموعد المحدد.اهـ.

وجاء في نشرة الإصدار الأول من سندات المقارضة المخصصة لمشروع وزارة الأوقاف ما يلي:

أ- تدفع القيمة الاسمية لمالك السند في موعد إطفائه فور تقديمه في مكاتب وكيل الدفع والحافظ الأمين.

ب- تكفل حكومة المملكة الأردنية الهاشمية كفالة غير مشروطة دفع القيمة الاسمية للسندات الواجب إطفاؤها في الموعد المحدد لاستحقاق السند.

ج- تصبح كفالة حكومة المملكة الأردنية الهاشمية واجبة التنفيذ، إذا تخلفت وزارة الأوقاف عن دفع القيمة الاسمية في الموعد المحدد، ولم تتمكن من الدفع، بموجب إخطار يوجهه إليها الحافظ الأمين مدته ثلاثون يوما.اهـ.

إن هذا التعهد من وزارة الأوقاف برد رأس المال، وكفالة الحكومة لوزارة الأوقاف، يكون مقبولا إذا كانت السندات سندات قرض، ولا وجه لقبوله إذا كانت السندات سندات قراض، إلا في حالة التعدي أو التقصير من وزارة الأوقاف على مال القراض.

7-

لا أراني بعد هذا في حاجة إلى الإجابة عن الأسئلة الموجهة إلي عن إطفاء سندات المقارضة: هل تكون بقيمة اسمية أم سوقية..؟ لأن القانون أجاب بوضوح عن هذا السؤال، وأن الإطفاء يكون بالقيمة الاسمية، فأفسد عقد المضاربة الذي بني عليه القانون، وحوله إلى عقد قرض غير مقبول شرعا.

8-

ربما يسأل سائل: هل يتغير الحكم لو كان إطفاء سندات المقارضة هذه بالقيمة السوقية؟

والجواب: هو أننا لو اعتبرنا المبلغ المبين في السند قرضا فلا محل للحديث عن القيمة السوقية، لأن القرض يقضي بمثله، ولا يجوز اشتراط قضائه بأكثر منه.

ص: 1410

وإذا اعتبرنا المبلغ المبين في السند مال مضاربة فإن هذا المال تحول إلى مبان، وهذه المباني كما قلنا مملوكة لصاحب السند، لأن أصلها مملوك له، ولا يمكن أن تنتقل ملكيتها إلى وزارة الأوقاف إلا بعقد من العقود الناقلة للملكية، والإطفاء ليس عقدا ولا سببا من أسباب نقل الملكية، فالحديث عن الإطفاء غير مفهوم، ولست أدري من أين أتى القانون بهذه الكلمة، التي لا أصل لها في الفقه الإسلامي، ولا في القانون الوضعي.

ثم إن الحديث عن القيمة الاسمية والقيمة السوقية تعبير في القانون التجاري يستعمل في الأسهم، ولا أعرف استعماله في السندات، لأن السند في القانون يمثل دينا دائما، بخلاف السهم فإنه يمثل حصة في موجودات الشركة، لها قيمة اسمية وقيمة سوقية، وقيمة حقيقية.

فالحديث عن إطفاء سندات المقارضة غير مقبول في جميع الحالات.

9-

ما البديل الشرعي إذن لسندات القرض بفائدة، الذي يحقق لوزارة الأوقاف غرضها في الحصول على أموال تعمر بها أراضي الوقف؟ البديل هو:

أ- سندات القرض الحسن الذي ينتظر المقرض فائدته في الآخرة.

قد يقال: إن الذين يقبلوا على هذا النوع من السندات قليل، وهذا صحيح، ولكنه لا يمنع من الدعوة إليه، والحث عليه، مع توفير الضمانات الكافية التي تطمئن المكتتبين في هذه السندات على استرداد حقوقهم في مواعيدها.

ب- المشاركة المتناقصة، أو المشاركة المنتهية بالتمليك. وهذه الصيغة من المعاملات معمول بها في البنوك الإسلامية، وهي شركة يعد فيها أحد الشريكين شريكه بأن يبيع له نصيبه كله أو بعضه في أي وقت يشاء بعقد ينشآنه عند إرادة البيع.

وفي مسألتنا هذه فإن وزارة الأوقاف تكون شريكا بقيمة الأرض، والجمهور يكون شريكا بما يقدمه من مال، وكل واحد من الشركاء يكون مالكا لجزء من المشروع بقدر ما دفعه من مال.

ويمكن أن يضمن العقد بندا يعد فيه الشريك وزارة الأوقاف بأن يبيع لها نصيبه كله أو بعضه برأس ماله (تولية أو إشراكا) متى رغب في شرائه، ويكون هذا الوعد ملزما للشريك، وتكون الوزارة بالخيار إن شاءت اشترت وإن شاءت تركت، ولا يتم البيع إلا بعقد جديد بتراضي الطرفين.

ص: 1411

وبهذه الطريقة تكون وزارة الأوقاف قد حققت غرضها في تعمير أرض الوقف، وإعادتها عامرة للوقف.

10-

أما صيغة المضاربة فليست بديلا ملائما في مثل هذه الحالات، لأن تطبيق أحكام المضاربة في مشروع وزارة الأوقاف تعترضه بعض الصعوبات، منها أن الوزارة تخلط مال المضاربة بمال الوقف، ومال الوقف أرض، والأرض عرض لا يصلح مالا للمضاربة، إلا إذا بيع، وتحول إلى نقود، كما يقرر عامة الفقهاء.

ومن الصعوبات أيضا معرفة الربح الحقيقي بعد سلامة رأس مال المضاربة في آخر كل عام، ولا يصح أن يعتبر صافي الإيراد السنوي ربحا حقيقيا.

لهذا فإني أستبعد استعمال صيغة المضاربة في مشروع الوقف، وتبقى معنا: سندات القرض الحسن ويمكن أن تكون بهذا الاسم في مقابل سندات القرض بالفائدة.

والمشاركة المتناقصة أو المنتهية بالتمليك، وأستحسن أن تسمى صكوك المشاركة المتناقصة بدلا من سندات.

وفقنا الله جميعا وهدانا الصراط المستقيم.

الصديق محمد الأمين الضرير

ص: 1412