المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌كلمةمعالي الأمين العام لمجمع الفقه الإسلامي الدوليالدكتور محمد الحبيب ابن الخوجة - مجلة مجمع الفقه الإسلامي - جـ ٤

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌العدد الرابع

- ‌كلمةمعالي الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلاميالأستاذ/ سيد شريف الدين بيرزاده

- ‌كلمةمعالي رئيس مجلس مجمع الفقه الإسلاميالدكتور بكر بن عبد الله أبو زيد

- ‌كلمةمعالي الأمين العام لمجمع الفقه الإسلامي الدوليالدكتور محمد الحبيب بن الخوجة

- ‌كلمةمعالي الأستاذ سيد شريف الدين بيرزاده

- ‌كلمةمعالي رئيس البنك الإسلامي للتنميةالدكتور/ أحمد محمد علي

- ‌كلمةمعالي الأمين العام بالنيابة لرابطة العالم الإسلاميالأستاذ/ أمين عقيل عطّاس

- ‌كلمةمعالي وزير الأوقاف بدولة الكويتالشيخ خالد أحمد الجسار

- ‌كلمةمعالي رئيس مجلس مجمع الفقه الإسلاميالدكتور بكر بن عبد الله أبو زيد

- ‌كلمةمعالي الأمين العام لمجمع الفقه الإسلامي الدوليالدكتور محمد الحبيب ابن الخوجة

- ‌كلمةالوفود المشاركةألقاها بالنيابة سعادة السفير الدكتور عمر جاه

- ‌انتفاع الإنسان بأعضاء جسم إنسان آخر حياً أو ميتاًإعدادمعالي الدكتور محمد علي البار

- ‌انتفاع الإنسان بأعضاءجسم إنسان آخر حياً أو ميتاًغرس الأعضاء في جسم الإنسانمشاكله الاجتماعية وقضاياه الفقهيةإعدادمعالي الدكتور محمد أيمن صافي

- ‌التشريح الجثماني والنقل والتعويض الإنسانيإعدادفضيلة الدكتور بكر بن عبد الله أبو زيد

- ‌انتفاع الإنسان بأعضاءجسم إنسان آخر حياً أو ميتاًإعدادفضيلة الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي

- ‌‌‌انتفاع الإنسان بأعضاءجسم إنسان آخر حياً أو ميتاًفي الفقه الإسلاميإعدادفضيلة الأستاذ الدكتور حسن علي الشاذلي

- ‌انتفاع الإنسان بأعضاءجسم إنسان آخر حياً أو ميتاًفي الفقه الإسلاميإعدادفضيلة الأستاذ الدكتور حسن علي الشاذلي

- ‌انتفاع الإنسان بأعضاءجسم إنسان آخر حياً أو ميتاًإعدادالشيخ خليل محيي الدين الميس

- ‌انتفاع الإنسان بأعضاءجسم إنسان آخر حياً أو ميتاًإعدادالدكتور عبد السلام داود العبّادي

- ‌انتفاع الإنسان بأعضاء جسم إنسان آخر حياً أو ميتاًإعدادفضيلة الشيخ آدم عبد الله علي

- ‌انتفاع الإنسان بأعضاء جسم إنسان آخر حيّاً أو ميّتاًإعدادفضيلة الشيخ محمد عبد الرحمن

- ‌صرف الزكاة لصالح صندوقالتضامن الإسلاميإعدادسعادة سيدي محمد يوسف جيري

- ‌صرف الزكاة لصالح صندوقالتضامن الإسلاميإعدادفضيلة الشيخ تيجاني صابون محمد

- ‌صرف الزكاة لصالح صندوقالتضامن الإسلاميإعدادفضيلة الشيخ مولاي مصطفى العلوي

- ‌صرف الزكاة لصالح صندوقالتضامن الإسلاميإعدادسعادة الدكتور عبد الله إبراهيم

- ‌مذكرة تفسيرية بشأن صندوق التضامن الإسلامي ووقفيته

- ‌زكاة الأسهم في الشركاتإعدادفضيلة الشيخ عبد الله البسام

- ‌زكاة الأسهم في الشركاتإعدادفضيلة أ. دكتور وهبه مصطفى الزحيلي

- ‌زكاة الأسهم في الشركاتإعدادفضيلة الشيخ محمد عبد اللطيف آل سعد

- ‌زكاة الأسهم في الشركاتإعدادفضيلة الدكتور أبو بكر دوكوري

- ‌زكاة الأسهم في الشركاتإعدادفضيلة الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل الشيخ

- ‌زكاة الأسهم في الشركاتإعدادفضيلة الدكتور الصديق محمد الأمين الضرير

- ‌زكاة الأسهم في الشركاتإعدادفضيلة الشيخ هارون خليف جيلي

- ‌زكاة الأسهم في الشركاتإعدادفضيلة الشيخ رجب بيوضي التميمي

- ‌زكاة الأسهم في الشركاتإعدادفضيلة الشيخ محمد عبده عمر

- ‌زكاة الأسهم في الشركاتإعدادفضيلة الدكتور محمد عبد اللطيف صالح الفرفور

- ‌المثامنة في العقار للمصلحة العامةإعدادالدكتور بكر بن عبد الله أبو زيد

- ‌انتزاع الملكية للمصلحة العامةإعدادالدكتور عبد الله محمد عبد الله

- ‌انتزاع الملكية للمنفعة العامةإعدادأ. د. يوسف محمود قاسم

- ‌نزع الملكية الخاصة للمنفعة العامةإعدادالدكتور عبد السلام العبادي

- ‌انتزاع الملك للمصلحة العامةإعدادالدكتور محمود شمام

- ‌الإسلاموانتزاع الملك للمصلحة العامةإعدادفضيلة الشيخ محمد الحاج ناصر

- ‌سندات المقارضةإعدادالصديق محمد الأمين الضرير

- ‌سندات المقارضةإعدادالدكتور رفيق يونس المصري

- ‌سندات المقارضةوسندات الاستثمارإعدادالدكتور حسن عبد الله الأمين

- ‌سندات المقارضةإعدادالقاضي محمد تقي عثماني

- ‌ضمان رأس المال أو الربحفي صكوك المضاربةأو سندات المقارضةإعدادالدكتور حسين حامد حسان

- ‌سندات المقارضةوسندات التنمية والاستثمارإعدادفضيلة الشيخ محمد المختار السلامي

- ‌سندات المقارنة وسندات الاستثمارإعدادفضيلة الشيخ عبد الله بن سليمان بن منيع

- ‌تصوير حقيقة سندات المقارضة والفرق بينها وبينسندات التنمية وشهادات الاستثمار والفرق بينهاوبين السندات الربويةإعدادالدكتور سامي حسن حمود

- ‌سندات المقارضة والاستثمارإعدادفضيلة الدكتور علي أحمد السالوس

- ‌سندات المقارضةإعدادالدكتور عبد السلام داود العبادي

- ‌البيان الختامي وتوصياتلندوةسندات المقارضة وسندات الاستثمارالتي أقامهامجمع الفقه الإسلامي بجدة

- ‌بدل الخلوإعدادالأستاذ الدكتور وهبة الزحيلي

- ‌ موضوع (بدل الخلو)

- ‌بدل الخلوإعدادالدكتور محمد سليمان الأشقر

- ‌حكم الشريعة في بدل الخلو (السرقفلية)إعدادفضيلة الأستاذ إبراهيم فاضل الدبو

- ‌بدل الخُلُوِّفي الفقه الإسلاميإعدادفضيلة الشيخ محيي الدين قادي

- ‌بدل الخلو وتصحيحهإعدادفضيلة الشيخ حجة الإسلام محمد علي تسخيري

- ‌كيفية مكافحة المفاسد الأخلاقيةإعدادفضيلة الشيخ/ رجب بيوض التميمي

- ‌كيفية مكافحة المفاسد الأخلاقيةإعدادالشيخ هارون خليف جيلي

- ‌مجالات الوحدة الإسلاميةوسبل الاستفادة منهاإعدادالأستاذ مصطفى الفيلالي

- ‌مجالات الوحدة الإسلاميةوسبل الاستفادة منهاإعدادفضيلة الدكتور عمر سليمان الأشقر

- ‌مجالات الوحدة الإسلاميةوسبل الاستفادة منهاإعدادالحاج شيت محمد الثاني

- ‌الوحدة الإسلاميةوالتعامل الدوليإعدادفضيلة الشيخ/ محمد علي التسخيري

الفصل: ‌كلمةمعالي الأمين العام لمجمع الفقه الإسلامي الدوليالدكتور محمد الحبيب ابن الخوجة

‌كلمة

معالي الأمين العام لمجمع الفقه الإسلامي الدولي

الدكتور محمد الحبيب ابن الخوجة

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي قيض في هذا العصر في مشارق الأرض ومغاربها أئمة ودعاة مبشرين ومنذرين، يغرسون في النفوس العقيدة الصحيحة، ويذكرون المؤمنين عامة بآيات الله ويوقظون الروح الديني في المسلمين، وينشرون بينهم في أطراف المعمورة صحوة إسلامية مباركة تقود إلى الحق وإلى صراط مستقيم، وتهدي العالمين سبل السلام وطرق السعادتين. وقد عزز سبحانه منهجه القويم بقادة يحرسونه وساسة يعتدون بهذا الدين، يمضون في تأييده، ويسعون طاقتهم للالتزام به والانقياد إليه، ويزعون بالسلطان الذي ائتمنهم الله عليه ما لا يزعه سبحانه بالقرآن؛ صوناً للعقائد وحماية للمشاعر ودرءاً للمفاسد وجلباً للمصالح. وجعل العزيز الحكيم من وراء هؤلاء وأولئك علماء عاملين وفقهاء نابهين يأخذون بكتاب الله الكريم. ويستهدون بهدي رسوله الأمين في كل مجال من مجالات الحياة، وينزعون في تقريراتهم وأنظارهم وأحكامهم وفتاويهم منزع الراشدين والأئمة المتبعين فلا يجتهدون في موارد النصوص، ولكنهم أمام تغيرات الحياة وتطوراتها واختلاف الأزمان والأعراف يمثلون الوقائع بنظائرها، ويشبهونها بأمثالها، ويردون بعضها إلى بعض فيقيسون ويستعينون بالقواعد الكلية فيما وراء ذلك، وهي كثيرة وكثيرة جداً، عليها يقوم الاجتهاد، وبها تصان الشريعة من التحريف والتغيير والتبديل، وتناط الأحكام الاجتهادية بالمصالح المعتبرة، وتراعى فيما يصدرون عنه مجتمعين حكمة التشريع الإسلامي وأسراره النفيسة، فلله الحمد، لا أحصي ثناء عليه، هو كما أثنى على نفسه، حمداً يكافئ نعمه التي لا تحصى وآلاءه التي لا تستقصى، وأصلي وأسلم على النور المبين، لسان الحق الناطق بالصدق، أمين الله على وحيه، وخيرته من خلقه، إمام المتقين، ورسول رب العالمين، وخاتم النبيين، وحجة الله على خلقه أجمعين، سيدنا ومولانا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

ص: 21

حضرة صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن عبد المحسن نائب أمير منطقة مكة المكرمة الموقر

حضرة صاحب المعالي الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي المبجل

أصحاب المعالي والسماحة والفضيلة المكرمين.

أيها الجمع الكريم

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته، وبعد

إن الأيام والشهور لتجري متوالية متعاقبة إلى قدر. وقد مضى على اجتماعنا السابق بهذه القاعة من مقر مجمعكم الموقر ستة وعشرون شهراً تفصلنا عن الدورة الثانية لأعمال مجلسكم الفقهي هذا، كما مضى على انعقاد الدورة الثالثة بعاصمة البلقاء عمان ستة عشر شهراً، ونحن فيما بين الدورة الأخيرة ودورتكم الرابعة هذه نعيش وتعيش الأمة الإسلامية أحداثاً جساماً لا يمكن أن يغفل عن ذكرها أحد، كما أنه من اللازم أن تتوافر الجهود المخلصة للدعاة والساسة والعلماء على مواجهتها؛ تصحيحاً للمسار، وتخليصاً للديار، وجمعا لكلمة الأمة الإسلامية، ومعالجة لقضاياها المتنوعة في مجال السياسة والنضال والاجتماع والاقتصاد ونحوها بروح من الدين القيم ومدد من هدي الرحمن.

فالحرب المشتعلة بين الأختين الشقيقتين المسلمتين العراق وإيران دخلت عامها الثامن وهي لا تزيد إلا استعاراً. تهدم الديار، وتقوض المعالم، وتبيد الأبرياء، وتلتهم الطاقات الحية المسلمة التهاما، وتجر بعيداً إلى الوراء مجتمعا إسلامياً كنا نعده قوة ومكاسب، فإذا هو يطويه التباب والوباء ويمحقه الدمار والفناء، وعبثاً توسطت أطراف متعددة، وصدرت الدعوات والقرارات من أجل وضع أوزار هذه الحرب وإطفاء نارها، وهي إن لم تجد مواجهة صادقة فسوف تستشري في المنطقة كلها وتصبح تهديداً للسلم العالمية، ومن المعلوم أن الإسلام صلح على الحقيقة، ألا ترى أنه لا قتال بين أهله وأنهم يد واحدة على من سواهم، وقد أمرنا الله بالتقوى وإصلاح ذات البين في قوله عز وجل:{فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}

كما دعانا عز وجل إلى صيانة الأخوة الإسلامية وحمايتها من كل تصدع فقال تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} .

وما يجري بأفغانستان من إبادة جماعية للمسلمين وتقويض للمدن والقرى، وقتل للأنفس البشرية البريئة على أيدي الدخلاء وعملائهم ليحمل العالم بأسره على تقدير ومظاهرة جهود المجاهدين الذين يستميتون في سبيل إعلاء كلمة الله وحماية عقيدتهم وتحرير بلادهم المسلمة من كل عدوان.

ص: 22

والانتفاضة المباركة التي نعيشها هذه الأيام مع الشيوخ والنساء والشبان والأطفال بالضفة الغربية وغزة وبالأراضي المحتلة لتدعو إلى الفخر والاعتزاز بأبطال الصراع المجاهدين الفلسطينيين الذين استجابوا لقوله عز وجل: {وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (190) وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ} .

فبذلوا نفوسهم في سبيل الحق، وجادوا بأرواحهم لتحرير أوطانهم ومقدساتهم مرددين:{إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ} .

راموا النعيم السرمدي فأبعدوا

في نيله مرمى وعز مرام

جنحوا إلى العلياء فاهتجروا المنى

فعلى جفونهم المنام حرام

إخوان صدق منهم من قد قضى

نحبا، ومنهم من له يستام

باعوا النفوس فحبذا من مشتر

رب لديه البر والإنعام

فعلى نفوسهم الزكية رحمة

من ربهم وتحية وسلام

وعلى وجوههم البهية نضرة الـ

إجلال موصول بها الإكرام

ولا تزيد هذه الانتفاضة المسلمين إلا تثبيتاً في مواقفهم، واستبسالا في جهادهم.

وإيماناً بأن الأقصى وما حوله من أرض مباركة ستنزاح عنه بإذن الله مهما طال الزمن القوات الغاشمة المغتصبة، فتتحرر الأرض وينجز الوعد ويهزم الأحزاب، ويعود القدس قبلة المسلمين الأولى، كأول عهده آهلاً بالمؤمنين، مكللاً بالنصرة والعزة. ألا إن نصر الله قريب.

وإن هذه الأحداث الجسام وأمثالها التي يعاني منها المسلمون في أطراف البلاد وفي البلاد غير الإسلامية فتهددهم بالذوبان والمحق لتشغل بال المسلمين عامة والمسؤولين منهم خاصة، فتدعوهم إلى التفكر والتدبر، وبذل الجهد من أجل إقامة العدل ونشر الأمن ونصرة المجاهدين أينما كانوا. وهي تدعونا نحن أيضاً إلى جانب نشاطاتنا العلمية المكثفة التي تجدونها حضراتكم مفصلة في التقرير الأدبي الذي بين أيديكم، إلى العناية في هذه الدورة الرابعة بقضايا الساعة هذه. فنسهم قدر المستطاع بواجبنا في تحقيق وحدة أمتنا الإسلامية، وبناء عزتها، وصيانة حقوقها، والذود عنها، ونشر تعاليمها الإلهية المقدسة التي كان بها ظهورها على غيرها، وبيان سبل الخير والسلام عن طريقها وطريق الدعوة إليها.

ص: 23

ولئن تم هذا اللقاء بحمد الله وتوفيقه ولو بعد شهور من موعده المقرر له فإن ذلك من فضل الله علينا وجميل عنايته بنا، فهذا خادم الحرمين الشريفين وحامي حماهما الملك فهد بن عبد العزيز نصره الله وأيده، وهو الذي واكب هذا المجمع من تأسيسه، وتعهد خطاه برعايته، وذكره غير مرة في مجالسه، ونوه في تصريحاته بدوره العلمي الكبير وبرسالته العظيمة في البحث عن طرق تحقيق الوحدة الإسلامية الشاملة، وأسباب ترسيخ الأخوة بين كل شعوب هذه الأمة، على أساس من وحدة العقيدة، والاشتراك في القيم والمبادئ الخالدة لهذه الملة الحنيفية، وفي علاج المشاكل ومواجهة التحديات التي تتعرض لها في هذا العصر أمتنا الإسلامية، اعتماداً على أحكام الشريعة الغراء وروح الإسلام السمحة، واستناداً إلى كتاب الله العزيز الحكيم وسنة نبيه ورسوله صلى الله عليه وسلم، قد منح - أجزل الله جزاءه - مجمعكم الموقر، مكرمة سنية مكنته من عقد هذا الاجتماع الجليل الذي يضم أهل الحل والعقد من كل بلد، ليتدارسوا في دورتهم الرابعة ببوابة الحرمين الشريفين عروس البحر الأحمر مدينة جدة القضايا المعروضة عليهم والتي أعدوا لها طوال هذه السنة بحوثهم الممتعة ودراساتهم القيمة.

ولقد وجدنا من أعضاده الميامين وأعضاء حكومته الرشيدة أصحاب السمو الملكي وأصحاب المعالي كل عون ودعم جعلنا نمضي قدماً بهذه المؤسسة العلمية في طريق الإنتاج والعمل الجاد والعطاء النافع.

ص: 24

ولا بد في هذه المناسبة الكريمة من شكر سمو الأمير الحسن ولي عهد المملكة الأردنية الهاشمية على تشجيعه ورعايته ومن الاعتراف بالفضل والتقدير للدعوة الكريمة التي أعلن عنها معالي الشيخ خالد أحمد الجسار، أحسن الله إليه، والصادرة عن سمو أمير الكويت المبجل لعقد الدورة الخامسة القادمة بإذن الله في رعايته وبأرض الكويت المضياف الشقيق. وإني لأشيد بما يلقاه المجمع من رعاية من المؤسسة الأم والأمانة العامة لمنظمة المؤتمر الإسلامي وبما حققه من تعاون وإنجازات مع البنك الإسلامي للتنمية، والمعهد الإسلامي للبحث والتدريب التابع له، ومع رابطة العالم الإسلامي، ومجمعها الفقهي، ومركز الدراسات الإسلامية بمؤسسة الملك فيصل الخيرية.

وإن أنس في هذا المقام فلن أنسى الرحم العلمية التي تربطنا بمختلف الجامعات بالمملكة مثل جامعة أم القرى ومركز البحث فيها، والجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، وجامعة الإمام محمد بن سعود بالرياض والقصيم، وجامعة الملك عبد العزيز، ومركز الملك فهد للدراسات الطبية، ومركز أبحاث الاقتصاد الإسلامي بها.

ولقد اتسعت بفضل الله دائرة التعاون هذه فشملت القطاع الخاص، وأرسيت قواعد للتعاون مع مؤسسة اقرأ، وتعاطف مع المجمع أصحاب الفكر والعلم والخير والبر لما لاحظوا من جد في سيره، وصدق في عمله. فتقدموا بتبرعات لمكتبته مثل بيت التمويل الكويتي، والسادة الدكتور سمير شما، والأستاذ عبد الله بن عدوان، أو قاموا بمساعدته على طبع مجلته كالذي فعلته في العام الماضي رابطة العالم الإسلامي بطبع العددين الأول والثاني منها وقام به في هذه السنة السري الماجد المحسن معالي السيد حسن عباس شربتلي بطبعه للعدد الثالث الذي بين أيديكم بأجزائه الثلاثة، أجزل الله ثوابهم جميعاً وأدام معروفهم.

ولعمري إن مما يزيد في تشجيعنا واعتزازنا بالقيام بالرسالة المجمعية تشريف أصحاب المعالي الوزراء وأصحاب السماحة العلماء ضيوفنا الكرام الذين جاؤوا من المشارق والمغارب يؤكدون ـ بحضورهم هذه الدورة معنا ـ ما نجده دائماً لديهم من تقدير وتعزيز ومساندة ودعم.

ص: 25

إن العلاقة بحمد الله لدائمة متينة، وجيدة مثمرة بين المجمع ووزارة الأوقاف المصرية، والأزهر الشريف، وكلية الشريعة بالجامعات الأزهرية، ومجمع البحوث الإسلامية، وهي على أكرم ما تطمح إليه النفس قوة مع وزارة الأوقاف، والموسوعة الفقهية بالكويت، ومنظمة الطب الإسلامي به، وعلى أفضل ما يكون عليه التعاون بين المجمع وبين مؤسسة آل البيت بالأردن " مجمع الحضارة الإسلامية"، وكذا ما جد ويجد من تواصل العمل العلمي المشترك مع الجامعة الزيتونية التي وافت البشائر ببعثها منذ شهر، ومع وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية برباط الفتح التي تتولى التنسيق معنا والإعداد لتنفيذ أحد مشاريعنا، وجامعة القرويين العتيدة بفاس العتيق وتطوان ومراكش الحمراء، ومع وزارة الأوقاف بالعراق التي وافتنا في هذه المدة الأخيرة ومن قبل، ببعض منشوراتها التراثية القيمة.

وإن هذا التعاون العلمي المكثف، الذي كله جهد وعطاء وبذل وسخاء، ليجعلنا نؤمن بأن الغد لنا ولأمتنا الإسلامية، وذلك متى استأنفت هذه الأمة دورها الجاد العلمي في تعديل سلوك المجتمع الإنساني والبعد عن الهاوية التي تتردى فيها الحضارة المادية بسبب عناصر الفناء والإبادة فيها.

{وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} .

ومتى كانت أعمالنا في مجمعكم ماضية على الوجه الذي بينا، وكانت خالصة لله ابتغاء التوفيق إلى الحق وتحقيق المقاصد السامية الدينية والشرعية، وكان التعاون عليها سنة مطردة ومنهجاً قائماً، لا يلتبس مع الأهواء ولا يزيغ مع الباطل، ولكن يقوم على النظر والتدبر والتشاور والمراجعة والتكامل والتحقيق، التي هي سمات الاجتهادات الجماعية، في بلوغ الهدف من نشاط المجمع ودراساته وقرارات مجالسه تكون بإذن الله ذات جدوى وتحقق الغرض منها بإذن الله، فتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر.

وإني وإن أوجزت القول فلا يفوتني أن أتقدم بجزيل الشكر إلى سماحة الشيخ الجليل عبد الله البسام على مساعداته النفيسة الكريمة، وأن أثني على الجد والعمل الدؤوب وحسن التدبير وفائق العناية التي يتسم بها سماحة رئيس مجلسنا الشيخ الدكتور بكر أبو زيد في متابعته الدائمة لعمل المجمع وإشرافه بنفسه على الندوات العلمية واللجان التخصصية طوال السنة، كما يطيب لي أن أذكر بكامل التقدير والإكبار الجهود العلمية المباركة والدراسات الفقهية العميقة التي تقدمتم وتتقدمون بها في هذه الدورة أنتم أصحاب السماحة والفضيلة والمعالي والسعادة حضرات الأعضاء الموقرين والخبراء المبرزين.

وختاماً يسعدني أن ينتظم جمعكم الكريم في مجمعكم هذا، وأرحب بكم أجمل ترحيب في هذا الموسم الديني الفقهي الاجتهادي الإسلامي، وأتمنى لكم طيب الإقامة بين ظهرانينا في بلد مقر مجمعكم المبارك، معتذراً عن كل تقصير قد حصل ويحصل في هذه الدورة، فإن أشياء كثيرة خارجة عن طاقتنا، وأدعو الله أن يسدد خطانا جميعاً ويجري الخير على أيدينا، إنه سميع مجيب، وصلى الله على سيدنا ومولانا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

الدكتور محمد الحبيب ابن الخوجة

ص: 26