الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كيفية مكافحة المفاسد الأخلاقية
إعداد
فضيلة الشيخ/ رجب بيوض التميمي
عضو مجمع الفقه الإسلامي
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
كيفية مكافحة المفاسد الأخلاقية
تحيا الأمم وتنهض وترتقي وتزدهر وتنزع بكيانها إلى الرفعة والحياة الكريمة وإلى القوة والمجد والعزة والفضل والكمال بجميل أخلاقها وحسن سيرها.
وقد مدح الله تعالى نبيه ومصطفاه صلى الله عليه وسلم بأجمل وصف قائلا له: {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ} (1) . وقد بين صلى الله عليه وسلم ما للخلق الحسن من أساس كريم في حياة الأمم بقوله: ((إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق)) . وقوله صلى الله عليه وسلم ((أقربكم مني مجلسا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقا)) . وترتكز صفات العلو في الأخلاق وأحاسنها على الإيمان بالله تعالى والعقيدة الصالحة، فالإيمان بالله تعالى والعقيدة هما الأساس الذي تنبثق منه الأخلاق الحسنة والخصال الحميدة، ذلك أن الإيمان بالله تعالى يطهر القلب من الشوائب الضارة والأمراض النفسية والمفاسد ويجعله صالحا نقيا طاهرا سليما فيصلح الإنسان وتصلح أعماله ويطمئن بذلك قلبه قال الله تعالى:{الَّذِينَ آَمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} (2) وقال صلى الله عليه وسلم ((ألا أن في الجسد مضغة إن صلحت صلح الجسد وإن فسدت فسد الجسد ألا وهي القلب)) فالعمل الصالح أساسه الإيمان بالله تعالى فالمؤمن يلتزم امتثال أوامر الله سبحانه وتعالى ويجتنب نواهيه قال تعالى: {وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} (3) وما هذه المفاسد والشرور والآثام المنتشرة في المجتمعات الناتجة عن الأخلاق السيئة والأفكار الهدامة إلا بسبب البعد عن أوامر الله وشريعته جل وعلا وبسبب فساد القلوب ستعلق النفوس الأمارة بالسوء بالمادة المهلكة الطاغية التي تؤدي بالإنسان إلى ترك الفضائل والسير في طريق المصالح الذاتية والأنانية والبغيضة والفساد والانحدار الخلقي المهلك.
فلا بد من مكافحة المفسدات والمنكرات لأننا أن تهاونا في ذلك انتشرت وعمت فهي أشبه في سرعة التنقل والشيوع بجراثيم الأمراض التي لا تلبث إن وجدت في مكان ما أن تنتقل وتنتشر وتعم عملها في المجتمع كله.
(1) القلم: الآية (4)
(2)
الرعد: الآية (28)
(3)
العصر: الآيات (1-3)
وقد عني الإسلام عناية كاملة بمكافحة المنكرات والمفسدات وأرشد إلى الطريق الواضح البين في ذلك وجعلنا بسببه خير أمة أخرجت للناس، وهو التمسك بالقيام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر المرتكز كما بينت على الإيمان بالله تعالى والعقيدة الصالحة المتينة. قال الله تعالى:{كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} (1) ، فإذا قامت الأمة الإسلامية بواجبها وامتثلت لأوامر ربها جل وعلا استحقت هذه المكانة الكريمة التي أكرمها الله تعالى بها فيعود العالم والإنسانية عامة إلى الخير والفضيلة والعدل والرحمة.
وقد رسم الله تعالى لنا دائرة الخير والفلاح وجعلها منوطة بالآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر والداعين إلى الخير. قال الله جل شأنه {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (2) وفي هذه الآية الكريمة بيان أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فرض كفاية إذا قام به البعض سقط عن الباقين، وقد وصف الله تعالى المؤمنين بقيامهم بهذا الواجب وحرصهم عليه بقوله تعالى:{وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} (3) فالتارك للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر خارج عن وصف هؤلاء المؤمنين الموصوفين في هذه الآية الكريمة. وقد استحق التاركون للنهي عن المنكر من بني إسرائيل لعنة الله تعالى جل شأنه {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ (78) كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ} (4)
(1) آل عمران: الآية (110)
(2)
آل عمران: الآية (104)
(3)
التوبة: الآية (71)
(4)
المائدة: الآيات (78-79) .
وقد عني الإسلام بسلامة المجتمع وطهارته فوجه المؤمنين لكفاح المفاسد والمنكرات وبين أن أثر المفسدات غير خاص بمرتكبيها وكان الساكتون عليها عاملين على نشرها وإذاعتها، وبذلك يكونون أهلا لحلول العقاب بهم وإصابتهم بما يصاب به المباشرون لها قال تعالى:{وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً} (1) وقد روي عن أبي بكر رضي الله عنه أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((ما من قوم عملوا بالمعاصي وفيهم من يقدر أن ينكر عليهم فلم يفعل إلا يوشك أن يعمهم الله بعذاب من عنده)) وفي الآية الكريمة والحديث الشريف بيان أن الذنب يصدر عن شخص وهو الفعل نفسه وذنب يصدر عمن يعلم هذا الذنب ويقدر على مكافحته ثم طمعا في المال أو مكانة يبعد نفسه عن مكافحة هذا الذنب وبذلك يكون شريكا في العمل على نشره وإساءة المجتمع بذلك يستحق العقاب كالفاعل نفسه.
وبذلك أوجب الإسلام على المسلم أن يقوم بإنكار المفسدات والمنكرات تجاه المجتمع في كل وقت وفي كل مكان وقد قال صلى الله عليه وسلم لأصحابه ((إياكم والجلوس على الطرقات قالوا: ما لنا بد، إنما هي مجالسنا نتحدث فيها قال: فإذا أبيتم فأعطوا الطريق حقه، قالوا: وما حق الطريق؟ قال: غض البصر وكف الأذى ورد السلام والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر)) ولذلك حرص المسلمون حرصا شديدا على القيام بهذه الواجبات ليكون المجتمع فاضلا كريما. كما أوجب الإسلام على جماعة المسلمين أن يسارعوا إلى المحافظة على سلامة المجتمع من الدمار والهلاك والضرب على أيد المفسدين كما أرشدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد روى النعمان بن بشير رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((مثل القائم على حدود الله والواقع فيها كمثل قوم استووا على سفينة فصار بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها وكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على من فوقهم فقالوا لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقا لم نؤذ من فوقنا فإن تركوهم وما أرادوا هلكوا جميعا وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعا)) رواه البخاري.
(1) الأنفال: الآية (25)
هذا ويشترط أن يكون القائم بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مكلفا شرعا قادرا على ذلك فالصبي والكافر والعاجز مثلا ليس أهلا لذلك ويجب أن يكون مؤمنا لأن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر نصرة لدين الله ودعوة إلى الله فلا يجوز من الجاحد لأصله وعدو الله. ويجب أن يكون من أهل الأمانة والعدالة والاستقامة ويكون أهلا للقدوة الحسنة والعمل الصالح حتى يؤثر في النفوس فيهتدي بقوله من يدعوه إلى الخير فلا خير في الفساق وأهل المعصية لأنهم معول هدم وفساد. قال الله تعالى: {أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ} . (1) . وقوله جل شأنه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ (2) كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ} . (2) .
كيفية مكافحة المنكرات والمفاسد:
وقد رسم لنا الإسلام الطريق البين الواضح في مكافحة المنكرات وإزالتها وتغييرها وقد أرشدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم لذلك بقوله: ((من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان)) رواه مسلم. وفي هذا الحديث الشريف قيست درجات الإيمان بمراتب على مكافحة المفسدات والمنكرات وتغييرها.
المرتبة الأولى: التغيير باليد.. وهي أولى مراتب التغيير حتى يتم القضاء على المنكر وإزالتها وهو يكون من ولي الأمر وصاحب السلطان والقوة؛ لأن الله وضع في يده سلطان التأديب ووسائل الردع والزجر بما شرع من عقوبات وبما فرض من تعزيرات. فهم وحدهم القادرون على التغيير العملي العام. ويكون التغيير باليد أيضا من رب الأسرة، فيمن يلي من الأبناء والأهل في الحدود التي بينها الله فيما شرعه لنا، وكذلك الرؤساء والمربون في الحدود التي رسمها الله لنا في شريعته. فالإمام راع وهو مسؤول عن رعيته، والوالد مسؤول عن ولده، والزوج مسؤول عن زوجته، والمربي مسؤول عمن وكلت إليه تربيتهم، والرئيس مسؤول عن مرؤوسيه. وسيحمل الجميع أمام الله ذنوب من يسألون عنهم، وقد روى ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم :((كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته والأمير راع والرجل راع على أهل بيته، والمرأة راعية على بيت زوجها وولدها فكلكم مسؤول عن رعيته)) متفق عليه.
(1) البقرة: الآية (44)
(2)
الصف: الآية (2-3)
المرتبة الثانية: التغيير بالقول.. ويكون بالوعظ الحسن المؤثر في القلوب والنفوس ببيان آثار المنكر في حياة الشخص وفي صحته وكرامته وفي رضا الله والمجتمع عنه. وببيان أن المفسدات تفقد الإنسان إنسانيته ومكانته في المجتمع فيكون محتقرا لا شأن له. ويجب أن يقوم بهذه المهمة أهل العلم والتربية بجميع الوسائل المتاحة. وهم مسؤولون أمام الله والجميع من موقفهم من المنكرات وهم قادرون على التغيير بالقول.
وعليهم أن يتحلوا بالحكمة التي يكون لها التأثير في طهارة المجتمع وإزالة المفسدات المهلكة التي تبعده عن معاني الحياة الفاضلة.
المرتبة الثالثة: التغيير بالقلب.. يجب أن يكون للتغيير بالقلب أثره الإيجابي لأن الإنكار السلبي لا يصدق عليه تغيير، والتغيير في واقعه من مقتضي أهل الإيمان وأن من لم ينكر المعصية بقلبه لا يكون مؤمنا بأنها معصية. والتغيير بالقلب يكون بقطع الصلات التي تربط المؤمن بمرتكب الفساد والمنكر. فلا يجالسه ولا يعامله ولا يؤاكله ولا يعينه ولا يقضي له حوائجه، وأن يقاطعه مقاطعة تامة حتى يشعر مرتكب المنكر والفساد بعزلته وبتحقير المجتمع له ونبذه وهذا التغيير بالقلب له أثره في تغيير المفاسد وإزالتها وهو أدني مراتب التغيير ومن أضعف الإيمان.
وهذه المراتب الثلاثة للتغيير جعلها الرسول صلى الله عليه وسلم وسيلة لتطهير المجتمع من المنكرات والمفاسد. وهي مسؤولية أمام الله يجب على جميع المسؤولين أن يقوموا بها إيمان وإخلاص لتطهير المجتمع من عوامل الشر والفناء والهلاك ولنسير بمجتمعنا إلى طريق الخير والفضيلة والكمال ليكون مجتمعنا قويا يقود العالم إلى الرحمة والعدل والرشاد قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} (1) .
(1) الأنبياء: (107) .
منهج مكافحة المنكرات والمفاسد:
إذا نظرنا نظرة دقيقة في أحوال مجتمعنا الحاضر لوجدنا أن هناك عوامل كثيرة عملت على إفساده في جميع شؤونه السياسية والاجتماعية والاقتصادية ومن أهم العوامل قيام المستعمر الكافر منذ بداية هذا القرن بتنظيم مخططات مدروسة لإضعاف المسلمين وإبعادهم عن دينهم مصدر قوتهم فوجه سهامه الفكرية الهدامة وثقافته الفاسدة لغزو المجتمع الإسلامي وإفساده بكل وسائله فعمل على إفساد الأسرة وتفكيكها حتى تركت المرأة بيتها للعمل وأهملت تدبير شؤون بيتها وتربية أولادها، وضعفت صلات المودة والحنان والعطف التي تربط الأسرة برباط متين (والأسرة هي اللبنة الأولى الأساسية في بناء المجتمع) وعمل الاستعمار الكافر على نشر الخلاعة والفجور بإنشاء دور الملاهي والسينما الخليعة التي تفتك بأخلاق الشباب والفتيات حتى خرجت المرأة من خدرها واختلطت بالرجال وتبرجت تبرج الجاهلية الأولى وعمل على إفساد وسائل الإعلام ببرامج التوجيه الفاسدة وأفسد مناهج التعليم التي أنشأت جيلا من أبناء المسلمين يجعلون تعاليم دينهم وفكرهم وثقافتهم الإسلامية وعمل على إدخال نظامه الكافر في اختلاط التعليم بين الشباب والفتيات في المدارس والجامعات ونشر المفاسد الأخرى في مجتمعاتنا وولي أمر توجيه التعليم ووضع المناهج الفاسدة لمن رباهم بأفكاره الفاسدة وثقافته الكافرة البعيدة عن الإيمان وعقيدة الأمة ليعملوا على هدم المجتمع الإسلامي بمخطط مدروس في جميع شؤون الحياة في الأسرة والمدرسة والنوادي والإعلام والأنظمة والقوانين، وعمل المستعمر الكافر على إنشاء البنوك والمصارف الربوية حتى شاع الربا في المجتمع وأصبح من أسس النظام الاقتصادي ولولا وجود المعاهد والجامعات الشرعية في البلاد الإسلامية التي حافظت على شريعة الله وتراث الأمة، ولولا بقية من أهل العلم والفكر الإسلامي وأهل الفضل والخير وهم بحمد الله كثير، لعم البلاء وخيم الظلام وضلت الطريق. لذلك يجب أن يتدبر المصلحون المخلصون من أهل العلم والفضل أمرهم فيعملوا على وضع المخططات المدروسة التي تقاوم هذا الغزو الفكري والثقافي الكافر لإنقاذ المجتمعات الإسلامية والأمة من أعدائها المتربصين بها حتى تأخذ الأمة الإسلامية مكانتها الكريمة التي أرادها الله وعلا لها لتقود العالم نحو الخير والكمال.
ويمكن اتباع المنهج التالي في مكافحة المفسدات والمنكرات:
أولا: إصلاح الأسرة:
يجب العمل والاهتداء بأوامر الله جل وعلا في تربية الأولاد تربية إسلامية في البيت بتنشئتهم على الآداب والأخلاق الإسلامية بغرس الروح الإيمانية في نفوسهم وتعليمهم شؤون دينهم وإرشادهم إلى أداء الواجبات الدينية المفروضة على صلاة الصلوات المفروضة في أوقاتها وصيام شهر رمضان وليكون كل من الأب والأم قدوة صالحة لهم بقيامهم بالشعائر الدينية والتمسك بالدين الحنيف وليتمثل رب الأسرة بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ((مروا أولادكم بالصلاة لسبع واضربوهم عليها لعشر)) فالصلاة عماد الدين تطهر القلب وتهذب النفس، وبذلك تكون الأسرة لبنة خير وصلاح المجتمع الإسلامي الكريم.
ثانيا: المسجد والمدرسة:
إن المسجد هو مركز الإشعاع ونور الهداية في المجتمع الإسلامي وقد كان المسجد مركز القيادة في جميع الشؤون من سياسة وعسكرية واجتماعية واقتصادية وكانت المساجد معاهد للدرس والمعرفة ثم أنشئت دور التعليم بجانب المساجد وكانت مرتبطة بها وهما مصدر هداية وإرشاد للمجتمع في جميع شؤون الحياة. لذلك يجب العناية عناية تامة بالتوجيه في المساجد والمدارس للتمسك بالشرع الشريف وامتثال أوامر الله جل وعلا ومقاومة التيارات الفكرية الهدامة والثقافة الفاسدة والعمل على مكافحة المنكرات والمفاسد.
ثالثا: الثقافة والإعلام:
يجب أن يحرص القائمون على توجيه المجتمع بالثقافة الإسلامية، أن يرشدوا الناس بأخبار السلف الصالح من علماء ومفكرين ومصلحين وبسِيَر صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وبالتاريخ الإسلامي المجيد وبالآداب الكريمة وأن يقوم الموجهون في الإعلام في الصحافة والإذاعة والتلفاز بتعليم الناس بالتعاليم الإسلامية والتربية المهذبة للنفوس.
وأن تتجنب الصحافة والإذاعة والتلفاز كل الأفكار والمشاهد الفاسدة التي تضر بالمجتمع. ويجب أن يكون الموجهون من المؤمنين المخلصين لدينهم وأمتهم وأن يعملوا لمقاومة التيارات الفاسدة.
رابعا: القوانين والتشريعات:
يجب أن يعود المجتمع الإسلامي إلى سابق عهده بسيادة التشريع الإسلامي في المجتمع وتطبيقه أن يعمل العلماء والمصلحون على نبذ الأنظمة والقوانين الوضعية المخالفة لشريعة الله تعالى ويجب أن يعمل الحاكم على رعاية تنظيم وتطبيق الشريعة الإسلامية ليعيش الجميع في ظل الإسلام في طريق الخير والهداية والرشاد ويسير نحو الرقي والخير والكمال.
خامسا: النوادي والنقابات:
يجب العناية بالنوادي والنقابات وتوجيه الشباب فيها توجيها إسلاميا بالحكمة والموعظة الحسنة ليتسلح الجميع بالأفكار والثقافة الإسلامية ليقاوموا التيارات الفاسدة والأفكار الهدامة وليرتبط الجميع بالمسجد والمدرسة للسير بالمجتمع نحو التقدم والفضيلة.
سادسا: الندوات والاجتماعات:
يجب أن يقوم العلماء والمفكرون والدعاة بتنظيم الندوات والاجتماعات لتوجيه الشباب وتثقيفهم بآداب الدين الحنيف والأخلاق الحسنة والأفكار الإسلامية بإلقاء المحاضرات في التفسير والحديث الشريف والتاريخ الإسلامي وأخبار العلماء والمصلحين. ولهذه الندوات والاجتماعات تأثير مفيد وفيها تكون المناقشة والحوار لاكتشاف المعلومات وإبداء المقترحات فيعمل الجميع على إصلاح المجتمع وصيانته من الأفكار الكافرة الهدامة والثقافة الدخيلة.
أرجو أن يكون هذا المنهج من المناهج التي يمكن بها مقاومة المناهج والمخططات التي ينظمها أعداء الأمة لإفساد مجتمعنا وإبعاده عن دين الله القويم مصدر قوته وعزه ومجده. فعلى العلماء والمفكرين والمخلصين من رجال الأمة الإسلامية أن يصدقوا ما عاهدوا الله عليه لخدمة الإسلام وأهله ويقوموا بإعداد المخططات والدراسات وتنفيذها ليردوا كيد الكائدين من أعداء الله. والله لا يضيع أجر من أحسن عملا {وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ} (1)
والله ولي التوفيق.
رجب بيوض التميمي
(1) التوبة: الآية (105) .