المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌زكاة الأسهم في الشركاتإعدادفضيلة الدكتور محمد عبد اللطيف صالح الفرفور - مجلة مجمع الفقه الإسلامي - جـ ٤

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌العدد الرابع

- ‌كلمةمعالي الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلاميالأستاذ/ سيد شريف الدين بيرزاده

- ‌كلمةمعالي رئيس مجلس مجمع الفقه الإسلاميالدكتور بكر بن عبد الله أبو زيد

- ‌كلمةمعالي الأمين العام لمجمع الفقه الإسلامي الدوليالدكتور محمد الحبيب بن الخوجة

- ‌كلمةمعالي الأستاذ سيد شريف الدين بيرزاده

- ‌كلمةمعالي رئيس البنك الإسلامي للتنميةالدكتور/ أحمد محمد علي

- ‌كلمةمعالي الأمين العام بالنيابة لرابطة العالم الإسلاميالأستاذ/ أمين عقيل عطّاس

- ‌كلمةمعالي وزير الأوقاف بدولة الكويتالشيخ خالد أحمد الجسار

- ‌كلمةمعالي رئيس مجلس مجمع الفقه الإسلاميالدكتور بكر بن عبد الله أبو زيد

- ‌كلمةمعالي الأمين العام لمجمع الفقه الإسلامي الدوليالدكتور محمد الحبيب ابن الخوجة

- ‌كلمةالوفود المشاركةألقاها بالنيابة سعادة السفير الدكتور عمر جاه

- ‌انتفاع الإنسان بأعضاء جسم إنسان آخر حياً أو ميتاًإعدادمعالي الدكتور محمد علي البار

- ‌انتفاع الإنسان بأعضاءجسم إنسان آخر حياً أو ميتاًغرس الأعضاء في جسم الإنسانمشاكله الاجتماعية وقضاياه الفقهيةإعدادمعالي الدكتور محمد أيمن صافي

- ‌التشريح الجثماني والنقل والتعويض الإنسانيإعدادفضيلة الدكتور بكر بن عبد الله أبو زيد

- ‌انتفاع الإنسان بأعضاءجسم إنسان آخر حياً أو ميتاًإعدادفضيلة الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي

- ‌‌‌انتفاع الإنسان بأعضاءجسم إنسان آخر حياً أو ميتاًفي الفقه الإسلاميإعدادفضيلة الأستاذ الدكتور حسن علي الشاذلي

- ‌انتفاع الإنسان بأعضاءجسم إنسان آخر حياً أو ميتاًفي الفقه الإسلاميإعدادفضيلة الأستاذ الدكتور حسن علي الشاذلي

- ‌انتفاع الإنسان بأعضاءجسم إنسان آخر حياً أو ميتاًإعدادالشيخ خليل محيي الدين الميس

- ‌انتفاع الإنسان بأعضاءجسم إنسان آخر حياً أو ميتاًإعدادالدكتور عبد السلام داود العبّادي

- ‌انتفاع الإنسان بأعضاء جسم إنسان آخر حياً أو ميتاًإعدادفضيلة الشيخ آدم عبد الله علي

- ‌انتفاع الإنسان بأعضاء جسم إنسان آخر حيّاً أو ميّتاًإعدادفضيلة الشيخ محمد عبد الرحمن

- ‌صرف الزكاة لصالح صندوقالتضامن الإسلاميإعدادسعادة سيدي محمد يوسف جيري

- ‌صرف الزكاة لصالح صندوقالتضامن الإسلاميإعدادفضيلة الشيخ تيجاني صابون محمد

- ‌صرف الزكاة لصالح صندوقالتضامن الإسلاميإعدادفضيلة الشيخ مولاي مصطفى العلوي

- ‌صرف الزكاة لصالح صندوقالتضامن الإسلاميإعدادسعادة الدكتور عبد الله إبراهيم

- ‌مذكرة تفسيرية بشأن صندوق التضامن الإسلامي ووقفيته

- ‌زكاة الأسهم في الشركاتإعدادفضيلة الشيخ عبد الله البسام

- ‌زكاة الأسهم في الشركاتإعدادفضيلة أ. دكتور وهبه مصطفى الزحيلي

- ‌زكاة الأسهم في الشركاتإعدادفضيلة الشيخ محمد عبد اللطيف آل سعد

- ‌زكاة الأسهم في الشركاتإعدادفضيلة الدكتور أبو بكر دوكوري

- ‌زكاة الأسهم في الشركاتإعدادفضيلة الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل الشيخ

- ‌زكاة الأسهم في الشركاتإعدادفضيلة الدكتور الصديق محمد الأمين الضرير

- ‌زكاة الأسهم في الشركاتإعدادفضيلة الشيخ هارون خليف جيلي

- ‌زكاة الأسهم في الشركاتإعدادفضيلة الشيخ رجب بيوضي التميمي

- ‌زكاة الأسهم في الشركاتإعدادفضيلة الشيخ محمد عبده عمر

- ‌زكاة الأسهم في الشركاتإعدادفضيلة الدكتور محمد عبد اللطيف صالح الفرفور

- ‌المثامنة في العقار للمصلحة العامةإعدادالدكتور بكر بن عبد الله أبو زيد

- ‌انتزاع الملكية للمصلحة العامةإعدادالدكتور عبد الله محمد عبد الله

- ‌انتزاع الملكية للمنفعة العامةإعدادأ. د. يوسف محمود قاسم

- ‌نزع الملكية الخاصة للمنفعة العامةإعدادالدكتور عبد السلام العبادي

- ‌انتزاع الملك للمصلحة العامةإعدادالدكتور محمود شمام

- ‌الإسلاموانتزاع الملك للمصلحة العامةإعدادفضيلة الشيخ محمد الحاج ناصر

- ‌سندات المقارضةإعدادالصديق محمد الأمين الضرير

- ‌سندات المقارضةإعدادالدكتور رفيق يونس المصري

- ‌سندات المقارضةوسندات الاستثمارإعدادالدكتور حسن عبد الله الأمين

- ‌سندات المقارضةإعدادالقاضي محمد تقي عثماني

- ‌ضمان رأس المال أو الربحفي صكوك المضاربةأو سندات المقارضةإعدادالدكتور حسين حامد حسان

- ‌سندات المقارضةوسندات التنمية والاستثمارإعدادفضيلة الشيخ محمد المختار السلامي

- ‌سندات المقارنة وسندات الاستثمارإعدادفضيلة الشيخ عبد الله بن سليمان بن منيع

- ‌تصوير حقيقة سندات المقارضة والفرق بينها وبينسندات التنمية وشهادات الاستثمار والفرق بينهاوبين السندات الربويةإعدادالدكتور سامي حسن حمود

- ‌سندات المقارضة والاستثمارإعدادفضيلة الدكتور علي أحمد السالوس

- ‌سندات المقارضةإعدادالدكتور عبد السلام داود العبادي

- ‌البيان الختامي وتوصياتلندوةسندات المقارضة وسندات الاستثمارالتي أقامهامجمع الفقه الإسلامي بجدة

- ‌بدل الخلوإعدادالأستاذ الدكتور وهبة الزحيلي

- ‌ موضوع (بدل الخلو)

- ‌بدل الخلوإعدادالدكتور محمد سليمان الأشقر

- ‌حكم الشريعة في بدل الخلو (السرقفلية)إعدادفضيلة الأستاذ إبراهيم فاضل الدبو

- ‌بدل الخُلُوِّفي الفقه الإسلاميإعدادفضيلة الشيخ محيي الدين قادي

- ‌بدل الخلو وتصحيحهإعدادفضيلة الشيخ حجة الإسلام محمد علي تسخيري

- ‌كيفية مكافحة المفاسد الأخلاقيةإعدادفضيلة الشيخ/ رجب بيوض التميمي

- ‌كيفية مكافحة المفاسد الأخلاقيةإعدادالشيخ هارون خليف جيلي

- ‌مجالات الوحدة الإسلاميةوسبل الاستفادة منهاإعدادالأستاذ مصطفى الفيلالي

- ‌مجالات الوحدة الإسلاميةوسبل الاستفادة منهاإعدادفضيلة الدكتور عمر سليمان الأشقر

- ‌مجالات الوحدة الإسلاميةوسبل الاستفادة منهاإعدادالحاج شيت محمد الثاني

- ‌الوحدة الإسلاميةوالتعامل الدوليإعدادفضيلة الشيخ/ محمد علي التسخيري

الفصل: ‌زكاة الأسهم في الشركاتإعدادفضيلة الدكتور محمد عبد اللطيف صالح الفرفور

‌زكاة الأسهم في الشركات

إعداد

فضيلة الدكتور محمد عبد اللطيف صالح الفرفور

عضو مجمع الفقه الإسلامي

بسم الله الرحمن الرحيم

رسالة الأدلة والبيانات

على

زكاة الأسهم والسندات في الشركات

إن الحمد لله نحمده، ونستعينه ونستغفره، ونتوب إليه من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهد الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد صاحب الشريعة الغراء والمحجة البيضاء، وعلى آله وصحبه وسلم.

أما بعد،

فلقد طلب إلي مجمعنا العتيد مجمع الفقه الإسلامي بجدة، أن أوافيه ببحث وافٍ عن زكاة أسهم الشركات، ولقد بحث هذا الموضوع المهم في الدورة الثالثة في عمان ولم يصل فيه المجمع إلى نتيجة مرضية آنذاك، فأدليت بدلوي بين الدلاء، واستخرت الله عز وجل وكتبت هذه الرسالة في عدة صفحات، عرضت فيها ما كتب فقهاؤنا المعاصرون في هذا المضمار، ثم أثبت ما وفقني الله تعالى إليه من القول الراجح فيما ظهر لي، والله تعالى أعلم.

وإني لا أزعم أن ما وصلت إليه هو مراد الله عز وجل، وحكم الله في هذه الحادثة، لا، بل هو محض اجتهاد يقبل الخطأ والصواب، وما من أحد إلا رد ورد عليه، إلا صاحب هذا القبر صلوات الله عليه.

إني أردت الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا بالله، عليه توكلت وإليه أنيب.

ص: 579

(1)

خلاصة لما ذهب إليه أعضاء

مجمعنا الموقرون من التيارات الفقهية

الأصل في وجوب الزكاة على مالك الأسهم، النظر إلى قصده من تملكها:

أ- فإن كان لغرض المتاجرة فيها، فتجب فيها زكاة عروض التجارة، وذلك على أساس قيمتها في السوق.

ب- وإن كان غرضه من تملكها الحصول على الأرباح منها دون المتاجرة بها، فتجب الزكاة في ربحها مع استقبال الحول، إلا إذا كان في الشركة نقد سائل وعروض معدة للبيع أو التصنيع، ولم تكن الشركة قد قامت بزكاة هذه الأموال، فيخرج المساهم ما يقابل أسهمه من زكاة هذه الأموال.

وكذلك إذا كانت الشركة زراعية ولم تقم الشركة بدفع زكاة الحبوب والثمار، فيدفع المزكي الواجب عليه منها.

(يرجع إلى المشروع التحضيري لقرارات المجمع في الدورة الثالثة في عمان)

(2)

خلاصة ما ذهب إليه الأستاذ المودودي

في كتابه (فتاوى الزكاة)

ذهب العلامة الأستاذ أبو الأعلى المودودي في رسالته القيمة (فتاوى في الزكاة) إلى وجوب الزكاة قطعاً في أسهم الشركات التجارية، ولم يتعرض للشركات الزراعية فيما أحسب، لكنه بعد ذلك خير الشركة والمساهم في إخراج هذه الزكاة، فإن أحبت الشركة بالاتفاق مع المساهم أن تخرج هي الزكاة عن سهمه لها ذلك، باعتبارها وكيلة عنه وشخصية اعتبارية، وإن أحب الشريك المساهم أن يخرج هو عن سهمه بالاتفاق مع الشركة على ذلك فله ولا حرج؛ لأنه هو الأصل المالك للسهم في نظر الأستاذ المودودي رحمه الله.

ولا يجب إخراج الزكاة مرتين، مرة من الشريك المساهم ومرة من الشركة المساهمة؛ لأنه خلاف الأصل المعمول به شرعاً.

ص: 580

(3)

نص مقولة الدكتور وهبة الزحيلي

في كتابه "الفقه الإسلامي وأدلته"

السندات جمع سند: والسند: تعهد مكتوب بمبلغ من الدين (القرض) لحامله في تاريخ معين، نظير فائدة مقدرة.

فالسهم يمثل جزءاً من رأس مال الشركة، وصاحبه مساهم، والسند يمثل جزءاً من قرض على شركة أو دولة، وحامله مقرض أو دائن.

والتعامل بالأسهم جائز شرعاً، أما التعامل بالسندات فحرام؛ لاشتمالها على الفائدة الربوية.

وبالرغم من تحريم التعامل بالسندات، فإن ذلك لا يمنع شرعاً من التملك التام، فتجب فيها الزكاة (1) ، فتجب زكاتها بحسب قيمتها الحقيقية في البيع والشراء كزكاة العروض التجارية، أي: تؤدي زكاتها على رأس المال مع أرباحها في نهاية العام القمري بنسبة (2.5 %) إذا كان الأصل والربح نصاباً أو يكمل مع مال مالكها نصاباً، ويعفى الحد الأدنى للمعيشة إذا لم يكن لصاحب السهم مورد رزق سواها؛ كأرملة ويتيم ونحوهما، هذا في الشركات التجارية.

أما في الشركات الصناعية فتقدر الأسهم بقيمتها الحالية، مع حسم قيمة المباني والآلات وأدوات الإنتاج.

وجملة القول: أن تجب زكاة الأسهم والسندات بمقدار ربع العشر؛ أي: (2.5 %) من قيمتها مع ربحها في نهاية كل عام هجري، على مالكها الذي حال عليه الحول بعد تملكها، أو تؤدى الزكاة جملة "واحدة" عن غلة الشركة وإيرادها بمقدار العشر من صافي الأرباح قياساً على نصاب الزروع والثمار، باعتبار أن أموال الشركة نامية بالصناعة ونحوها.

ففي الحالة الأولى (الشركات التجارية) نعد صاحب الأسهم له وصف التاجر، وفي الحالة الثانية (الشركات الصناعية) نعد الشركة لها وصف المنتج (2) .

(1) أما المال الحرام بعينه كالمغصوب والمسروق ومال الرشوة والتزوير والاحتكار والغش والربا ونحوها فلا زكاة فيه؛ لأنه غير مملوك لحائزه، ويجب رده لصاحبه الحقيقي منعاً من أكل الأموال بالباطل

(2)

انظر كتاب (الفقه الإسلامي وأدلته) للدكتور وهبة الزحيلي ج: 2 ص77 وما بعدها

ص: 581

(4)

القول الراجح الذي نصير إليه

وفي نظري - والله تعالى أعلم - أرى:

أنه بعد أن ذابت هذه الأسهم والسندات في شخصية اعتبارية واحدة هي الشركة، لا داعي للقول: إن المالك يستطيع أن يخرج الزكاة عن سهمه أو سنده الذائب في أموال الشركة، بل يجب على هذه الشركة باعتبارها شخصية اعتبارية أن تخرج هي الزكاة عن كل الأسهم والسندات المتوفرة لديها الداخلة في ملكيتها في نهاية الحول القمري بنسبة 2.5 % فقط، دون أن يعطى هذا الحق للشريك المالك للسهم ما دام هذا السهم ذائباً في الشركة، فلا سلطان هو عليه في حق الزكاة إلا إذا استرجعه لملكيته الخاصة وأخرجه عن مال الشركة فإنه يرجع حينئذ من الأموال الخاصة ويجري عليه حكم الأموال الخاصة بملاكها.

ولا أوافق الأستاذ المودودي ولا الدكتور الزحيلي حفظهما الله تعالى وجزاهما عن الإسلام والعلم كل خير، لا أوافقهما فيما ذهبا إليه من التخيير في دفع الزكاة بين المالك والشركة.

صحيح أن الشركة ليست مخاطبة شرعاً بالزكاة لعدم تكليفها شرعاً، ولكنها بالوكالة أو بالنيابة الإلزامية عن المالك، وأكبر دليل على ذلك أن المالك لا يستطيع أخذ سهمه المملوك له شرعاً وسحبه من الشركة التي تنوب عن المالك بالمتاجرة به قبل وقت محدد ومتفق عليه؛ كعشر سنوات مثلاًَ، وكذلك هنا لا يحق للمالك أن يدفع هو الزكاة عن سهمه ما دام هذا المال ذائباً في مال الشركة، فإن هذا الأمر يتعسر على الشركة ويربك حساباتها، وربما أدى إلى أن ترفض الشركة ذلك ويشح المالك فتضيع الزكاة على الفقراء.

أما جوهر دفع الزكاة في الأسهم والسندات مع تحريم التعامل بالسندات الربوية، وحل التعامل بالأسهم فهذا أمر مسلم لا غبار عليه، ولم يحصل فيه اختلاف بين الفقهاء القدامى ولا المعاصرين.

وأما ما ذهب إليه بعض أعضاء مجمعنا الموقرين من قضية النية، فلا أرى له وجهاً؛ لأن الشركة التي نتكلم عنها تجارية وليست استثمارية، فلا وجه لذلك شرعاً فيما أرى، والله تعالى أعلم.

دمشق 3/9/1987م الدكتور محمد عبد اللطيف صالح الفرفور

ص: 582

المناقشة

بسم الله الرحمن الرحيم

الرئيس:

أمامنا أصحاب الفضيلة المشايخ موضوع زكاة الأسهم في الشركات، ونرجو من فضيلة الشيخ محمد الصديق الضرير أن يعطينا عرضاً عن الوجهة الفقهية في زكاة الأسهم في الشركات.

الدكتور الصديق الضرير:

بسم الله الرحمن الرحيم.. الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم النبيين، وعلى سائر الأنبياء والمرسلين. وبعد،

الموضوع هو زكاة الأسهم في الشركات، وأود أولاً أن أوضح أن المقصود هو زكاة الأسهم في الشركات المساهمة بمفهومها الحالي، بمفهومها المعروف في القوانين التجارية، والأسهم أيضاً سنتحدث عنها بهذا المفهوم. ولهذا فقد بدأت بالحديث عن حقيقة الأسهم التي نريد أن نبحث في زكاتها، ثم بعد ذلك سننظر في هل هذه الأسهم بهذا المفهوم تجب فيها زكاة أو لا تجب، وإذا كانت تجب فيها زكاة، فعلى من تجب؟ على الشركة أم على صاحب السهم؟ وعلى التقديرين كيف تزكى هذه الأسهم؟

هذه هي رؤوس الموضوعات الأساسية في هذا الموضوع. فالسهم كما يعرفه رجال القانون هو الحصة التي يقدمها الشريك في شركات المساهمة، وهذا السهم يمثل جزءاً معيناً من رأس مال الشركة، وهو عبارة عن صك يعطى للمساهم، وهو وسيلته في إثبات حقوقه في الشركة. والعادة أن رأس مال الشركة يقسم إلى أسهم متساوية، غير أن بعض الشركات تصدر أسهماً تسميها أسهماً ممتازة، وتكون لها ميزة عن الأسهم العادية. وفي رأيي أن هذا غير مقبول فقهاً. هذا السهم قد يمثل حصة نقدية في رأس مال الشركة وهنا هو الغالب، وقد يمثل حصة عينية يسمون الشريك عيناً منقولاً أو عقاراً، ولكن علماء القانون يقولون: إن هذا السهم حتى ولو كان قدم في شكل عقار هو منقول، وفي رأيي أيضاً أن هذا تكييف غير مقبول من رجال القانون من وجهة النظر الفقهية؛ لأن إذا كان السهم عقاراً وفي شركة عقارية، فكيف يكون منقولاً، يرى رجال القانون أيضاً أن الشركة ما دامت قائمة فليس للمساهم حق عيني في أعيانها، وهذا مقبول لا مانع منه فقهاً، ولا المطالبة بقيمة سهمه، وإنما له الحق في الاستيلاء على نصيب في الأرباح.

ويعللون ذلك بأن الحصة التي يقدمها الشريك للشركة تخرج عن ملكه وتصبح مملوكة للشركة كشخص معنوي. فإذا انحلت الشركة كان لكل مساهم حصة في موجودات الشركة. هذه نقطة سأتحدث عنها فيما بعد، من المالك للسهم.

من المعروف أيضاً أن هذا المساهم إذا أراد أن يخرج من الشركة فليس أمامه إلا أن يتنازل عن سهمه لغيره؛ إما بمقابل أو بدون مقابل، وهذا أمر ضروري ولازم في الشركات؛ لأن هذه هي الطريقة الوحيدة التي يمكن أن تلزم الناس إلى الدخول في هذه الشركات إذا أراد أن يتخلص من السهم.

ص: 583

نأتي إلى النقطة الفقهية، وهي: هل الأسهم بهذا التكييف فيها زكاة؟ ما دام السهم هو حصة في موجودات الشركة، هذه الحصة قد تكون نقوداً وقد تكون عيناً منقولاً أو عقاراً، والنقود التي يقدمها الشريك قد تتحول إلى عقار أو منقول، وكذلك الحصة العينية المنقول أو العقار قد يتحول إلى نقود، فالتكييف الحقيقي والواقعي في نظري للسهم هو أنه جزء من موجودات الشركة، أياً كان نوعها، هذه الموجودات أموال، ما في هذا من شك، مملوكة، تجب على مالكها زكاتها إذا توافرت طبعاً شروط الوجوب، وهذا الحكم - وهو وجوب الزكاة في الأسهم - لم أر من خالف فيه.

وقد نقلت في المذكرة رأياً لما كتبه الأستاذ أبو زهرة في هذا الموضوع، ونقلت أيضاً رأي الشيخ عبد الرحمن عيسى الذي قد يفهم منه أنه يرى أن بعض الأسهم لا زكاة فيها، وهي الأسهم التي تكون في الشركات الصناعية، بل هو قد صرح بهذا وعارضه في هذا الدكتور القرضاوي. والأستاذ الشيخ عبد الرحمن عيسى يفرق بين الأسهم في الشركات التجارية والأسهم في الشركات الصناعية، فيوجب الزكاة على أصحاب الأسهم في الشركات التجارية دون الشركات الصناعية. عارضه في هذا بعض الفقهاء، منهم كما قلت الدكتور القرضاوي.

والواقع أن هذا الاختلاف ليس خاصاً بالأسهم والشركات؛ لأنه يمكن أن يقال في كل مال مستثمر، فالأستاذ عبد الرحمن عيسى يرى أن الأسهم في الشركات الصناعية لا زكاة فيها؛ لأنها لم تتوافر فيها الشروط، والموضوع هذا بحث في المجمع على أساس أن المستغلات لا زكاة فيها، وإنما الزكاة في ريعها. فالنتيجة على الرأيين هي أن الأسهم أموال تجب فيها الزكاة إذا توافرت شروط وجوبها.

والاختلاف إنما هو في تحقق شروط الوجوب، لا في أصل الوجوب، ولهذا أقول: إن وجوب الزكاة في الأسهم يكاد يكون إجماعاً.

بعد ذلك ننظر في: هل الزكاة تجب على الشركة أم على المساهم؟

الزكاة تجب في المال على مالكه، فمال المالك لأموال الشركة، هنا أيضاً رجعت إلى كتب القانون. يقول الدكتور مصطفى كمال:"للشركة ذمة مالية مستقلة بأصولها وخصومها من ذمم الشركاء"، فأموال الشركة لا تعتبر ملكاً شائعاً بين الشركاء، بل تعتبر هذه الأموال ملكاً للشركة، والحصة التي يقدمها الشريك للشركة تخرج عن ملكه وتصبح مملوكة للشركة كشخص معنوي، ولا يكون للشريك بعد ذلك إلا مجرد نصيب في الأرباح أو في الأموال التي تبقى بعد تصفية الشركة، وهذا هو رأي القانونيين، إذا كان هذا الرأي مقبولاً فقهاً، فإن النتيجة المنطقية له هي أن زكاة أموال الشركة لا يطالب بها المساهمون، وإنما تطالب بها الشركة.

وإلى هذا الرأي ذهب بعض من تعرض لهذه المسألة، وقد أطال الحديث في هذا الموضوع الدكتور شوقي إسماعيل شحاته في كتابه "التطبيق المعاصر في الزكاة"، والدكتور وهبة الزحيلي، ووافقه على رأيه في بحثه المقدم للمجمع.

ص: 584

يقول الدكتور شوقي إسماعيل: "لما كانت الشركة المساهمة لها شخصية اعتبارية مستقلة، وبناء على أن الزكاة تكليف متعلق بالمال نفسه، فإنها تجب على الشخص الاعتباري، حيث لا يشترط التكليف الديني، وأساسه البلوغ والعقل وقياساً على زكاة الماشية، وأن الخلطة فيها خصت بخصوصية تراجع الخلطاء فيما بينهم بالسوية على التفصيل الذي سبقت الإشارة إليه، وتحدث في هذا طويلاً". ويقول أيضاً: "إن الشركة في الماشية هي شركة أموال بالمفهوم المعاصر، وليست شركة أشخاص، وأن الشركة في الماشية تكون على وجه المخالطة، لا الملك، ومؤداها أن الزكاة تجب في مال الشركة المجتمع ككل، وليس في مال كل شريك على حدة". هذا هو رأي الدكتور شوقي.

الشيخ أبو الأعلى المودودي ذكر في كتابه "فتاوى الزكاة" أن زكاة الأسهم تفرض على الشركة إذا كانت الدولة تقوم بتحصيل الزكاة، ويفهم مما نقلته عن الشيخ عبد الرحمن عيسى أن زكاة الأسهم يخرجها المساهم؛ لأنه يتكلم عن المساهم، ورأيي في أن زكاة الأسهم تجب على المساهم، لا على الشركة؛ لأنه هو المالك الحقيقي للأسهم، والقول بأن الشركة هي المالك، وإن كان هذا رأي القانونيين، إلا أنني لا أوافق عليه؛ بدليل أنهم أعطوا لصاحب هذا السهم حق التصرف كما يتصرف المالك، كل ما هنالك أنه ليس له حق في أن يطالب بالمال الذي دفعه، وعندما تنحل الشركة يأخذ نصيبه. فهو المالك الحقيقي، ولذلك فالوجوب ينبغي أن يوجه إليه هو، لا إلى الشركة، أما الشركة فتتصرف في أسهمه نيابة عنه حسب الشروط المبينة في قانون الشركة ونظامها الأساسي. فإذا نص في النظام الأساسي على أن الشركة تخرج زكاة الأسهم وجب عليها إخراجها، لا تجب عليها الزكاة هي إنما يجب عليها إخراج الزكاة نيابة عن أصحاب الأسهم لهذا الشخص، ولا يطالب بها المساهمون في هذه الحالة، أما إذا لم يوجد هذا النص فلا تخرج الشركة الزكاة، إلا إذا صدر قرار من الجمعية العمومية؛ لأن هذا يعتبر تفويضاً منهم، أو إذا كان فيه قانون في الدولة يلزم الشركات بإخراج زكاة الأسهم.

أما القول بوجوب زكاة الأسهم على الشركات أصالة باعتبار أن الشركة لها شخصية اعتبارية مستقلة عن شخصية المساهمين، فإنه لا يكون مقبولاً إلا في دولة تطبق أحكام الشريعة الإسلامية، وتوجب نظمها أخذ الزكاة من أموال الشركات.

وفي رأيي أن الفتوى في أوضاعنا الحاضرة قد تؤدي إلى عدم إخراج زكاة الأسهم إذا أوجبناها على الشركة، ونحن نعلم أن كثيراً من الشركات أو أكثر الشركات لا تخرج الزكاة، ومعنى ذلك إنما سقطت عن المساهم؛ لأنه ليس مالكاً، فهذا غير مقبول في نظري على الأقل في أوضاعنا الحاضرة.

ص: 585

كيف تخرج زكاة الأسهم؟ أولاً سأتحدث عن كيفية إخراجها، إذا كانت الشركة هي التي ستخرجها نيابة عن المساهمين، أما لأنه في النظام الأساسي أن الشركة تخرج كما هو الحال في كثير من البنوك الإسلامية فيها نص صريح بأن الشركة تخرج الزكاة. فرأيي أن الشركة تخرج زكاة الأسهم بالنسبة للأموال، أموال المساهمين كما يخرج الشخص الطبيعي زكاة أمواله، بمعنى أن تعتبر جميع أموال الشركة كأنها أموال شخص واحد، وتفرض عليها الزكاة بهذا الاعتبار من حيث النوع، نوع المال، ومن حيث النصاب، المال بلغ النصاب أو لم يبلغ، ومن حيث المقدار الذي يؤخذ، إلى غير ذلك مما تجب مراعاته في الزكاة بالنسبة للشخص الطبيعي. فعلى هذا إذا كانت الشركة شركة تجارية تعامل معاملة التاجر، وإذا كانت شركة زراعية تعامل معاملة المزارع، إذا كانت شركة عقارية تعامل معاملة الشخص الذي يستثمر أمواله في العقارات، قد تكون تجارة، وقد تكون للاستغلال، وقد تستثمر الشركة أموالها في مجالات متنوعة كما هو الحاصل الآن بالنسبة للبنوك الإسلامية، قد تتاجر وقد تشتري عقارات وقد تزارع إلخ.

أيضاً هنا لا فرق بين الشركة وبين الشخص الاعتيادي، تعامل معاملة أرباب المال في أموالهم. وبناء على هذا فإن الأسهم في الشركات، الأسهم التي لا تبلغ النصاب بمفردها لا تعفى من الزكاة؛ لأن النظر في بلوغ النصاب إلى أموال الشركة مجتمعة، لا إلى مقدار ما يملكه كل مساهم. فلا تطرح الأسهم التي تبلغ النصاب.

ص: 586

ولابن رشد عبارة في هذا مختصرة وجامعة، يقول:"عند مالك وأبي حنيفة أن الشريكين ليس يجب على أحدهما زكاة حتى يكون لكل واحد منهما نصاب". وعند الشافعي أن المال المشترك حكمه حكم مال رجل واحد، وسبب اختلافهم الإجمال الذي في قوله عليه الصلاة والسلام:((ليس فيما دون خمس أواق من الورق صدقة)) ، فإن هذا القدر يمكن أن يفهم منه أنه إنما يخصه هذا الحكم إذا كان لمالك واحد فقط، ويمكن أن يفهم منه أنه يخصه هذا الحكم كان لمالك واحد أو أكثر من مالك واحد والشافعي كأنه شبه الشركة بالخلطة. كتب الشافعي فيها تفصيل في هذا الموضوع في الخلطة نقلته في المذكرة. ومما رجح الأخذ بمذهب الشافعي مذهبه الجديد أن البنوك تجد صعوبة في طرح الأسهم التي لا تبلغ النصاب، تحتاج إلى أن تتصل بكل شخص تسأله، لا يكفي أن يكون المال الذي عند الشركة لا يبلغ نصاباً؛ لأنه قد يكون عنده هو ما يكمله نصاباً، هو فيه صعوبات عملية، لذلك أخذنا بالأيسر وهو مذهب الشافعي مع أن فيه عدالة؛ لأنه حتى لو فرضنا أن هذا الشخص المساهم سهمه لا يبلغ النصاب، لكنه استفاد من ضمه إلى هذه الأموال الكثيرة، فربح ربحاً ما كان سيربحه لو كان بمفرده، وهذا هو المعنى الذي لاحظه الشافعي في موضوع الخلطة.

وقد أشرت هنا إلى أنه لا بد من طرح أسهم غير المسلمين إذا كانت الشركة لغير مسلمين؛ لأنه غير المسلم ليس من أهل الزكاة. أيضاً فيه مسائل صغيرة تأتي، منها أن الإنسان قد يبيع أسهمه في أثناء الحول، فما حكم هذا إذا باع أحد المسلمين أسهمه في أثناء العام؟ هذا لا يؤثر في إخراج الزكاة بالنسبة للشركة؛ لأن السهم باقٍ، تغير المالك ولا يضر كون المالك الجديد لم يمض حول على ملكه ما دام السهم قد حال عليه الحول بالنسبة للشركة، حتى ولو تنقل هذا السهم في أثناء العام بين أيدٍ كثيرة.

كذلك الأسهم المضافة أثناء العام الشخص دفع قيمة السهم في أثناء العام لم يدفعه من أول العام، أو قد تعرض الشركة أسهما للاكتتاب في أثناء العام، هذه لا يستقبل لها عام جديد، تضاف إلى موجودات الشركة، ويكون حولها حول المال الذي ضمت إليه ما دام نصاباً، وهو مذهب الحنفية.

ص: 587

هذا ما يتعلق بكيفية إخراج الزكاة إذا كانت الشركة هي التي ستخرجها. أما إذا لم تخرج الشركة الزكاة لا يسقط الوجوب عن المالك صاحب السهم، وعليه هو أن يخرج زكاة أسهمه. كيف يخرجها؟ أولاً إذا استطاع هذا المساهم أن يعرف من حسابات الشركة ما يخص أسهمه من الزكاة لو زكت الشركة أموالها على النحو الذي شرحته زكى أسهمه على هذا الاعتبار؛ لأنه اعتبر هذا هو الأصل، لكن هذا قد يكون فيه صعوبة أو معتذراً في بعض الأحيان، فإذا لم يستطع معرفة ذلك فإذا كان ساهم في الشركة بقصد الاستفادة من ربح الأسهم السنوي لا بقصد بيعها عندما ترتفع قيمتها يزكيها زكاة المستغلات، ونحن نفرق بين حالتين، وهذا يرجع إلى قصد المساهم إذا كان قصده استغلال هذه الأسهم، وهذا هو الغالب في الذين يشترون الأسهم يستفيدون من الربح هذا السنوي. يزكيها زكاة المستغلات، وزكاة المستغلات حصل فيها بحث في هذا المجمع، ودونته هنا وقلت تمشياً مع ما قرره مجمع الفقه الإسلامي في دورته الثانية بالنسبة لزكاة العقارات والأراضي المأجورة، وهذه تجمعها زكاة المستغلات، فإن صاحب هذه الأسهم لا زكاة عليه في أصل السهم، وإنما تجب في الريع، وهي ربع العشر بعد دوران الحول من يوم القبض، مع اعتبار توفر شروط الزكاة وانتفاء الموانع.

هذا هو قرار المجمع، فنقلته هنا تمشياً مع قراركم السابق، هذا الرأي متفق مع رأي الأكثرية في مؤتمر الزكاة الأول في الكويت، متفق معه من حيث وجوب الزكاة في الريع دون الأصل في الربح يعتبر ما فيه زكاة فيها، وإن كان في رأي الأقلية خالفت هذا، ولكنه يختلف عنه من حيث الحول. قرار مجمع الفقه الإسلامي يقضي بأن يبدأ حول الريع من يوم القبض، ورأي الأكثرية في مؤتمر الزكاة يقضي بأن يضم الريع إلى سائر أموال مالك الأسهم من حيث الحول والنصاب، وهذا أولى عندي مما قرره مجمعكم الموقر، ولكن مؤدى الرأيين أن الأسهم المتخذة للاستثمار لا زكاة في أصلها، وهذا أيضاً موضع خلاف ومعروف، الذي هو رأي الأقلية في مؤتمر الزكاة أن يخرج مالك السهم العشر من الربح فور قبضه، ولا ينتظر به الحول، قياساً على غلة الأرض الزراعية.

ص: 588

فهذان هما الرأيان، وإذا قبلنا مبدأ قياس زكاة الأسهم التي يتخذها صاحبها للاستفادة من ريعها على زكاة المستغلات، فسنجد هناك رأيين آخرين في هذه المسألة، أحدهما أن تزكى الأسهم زكاة عروض التجارة، والآخر أن يزكى الريع عند قبضه بمقدار ربع العشر بدل العشر. وكل من هذين الرأيين قال به بعض الفقهاء المتقدمين بالنسبة لزكاة الدور، لم يتحدثوا عن المستغلات بهذا التعبير، وإنما تحدثوا عن زكاة الدور التي تتخذ للكراء، وهذا هو معنى المستغلات، والموضوع هذا بينه الدكتور يوسف القرضاوي في بحثه الذي قدمه إلى المجمع في دورته السابقة، وهو مدون في كتابه.

هذا إذا كان المساهم اتخذ السهم لاستغلاله، أما إذا كان المساهم قد اقتنى الأسهم بقصد بيعها عندما ترتفع قيمتها، أن يتاجر فيها، في هذه الحالة يزكيها زكاة عروض التجارة. فإذا جاء حول زكاته وهي في ملكه زكى قيمتها الحقيقية، وأقول قيمتها الحقيقية خلافاً لما ذهب إليه الأستاذ وهبة في بحثه إذا استطاع معرفتها من الشركة وإن لم يستطع زكى القيمة السوقية، وإن لم يكن لها سوق زكى القيمة الاسمية بإخراج ربع العشر من القيمة ومن ربح الأسهم.

طبعاً القيم الثلاثة هذه هي المعروفة عند علماء قانون الشركات، فيه قيمة اسمية التي تصدر في أول الأمر، وفيه قيمة حقيقية التي تمثل موجودات الشركة من حيث قيمتها، وهذا تقدره الشركة، وقيمة سوقية وهذه ما يباع به في السوق أو ما هو في البورصة.

ص: 589

والقيمة السوقية هذه تتأثر بعوامل متعددة، بعضها قد لا يكون مقبولاً، ولهذا نحن أخذنا في بنك فيصل الإسلامي في السودان بأن التقدير لا بد أن يكون بالقيمة الحقيقية، ولأنه ما دامت الحقيقة معروفة فلا نلجأ إلى الناحية التقديرية، القيمة السوقية هي قيمة تقديرية، وهذه قيمة حقيقية إذا باع المساهم أسهمه في أثناء الحول يضم ثمنها إلى ماله ويزكيه، هذا لا إشكال فيه عندما يجيء الحول، أما المشتري هو الذي سيأتي فيه الكلام؛ لأنه امتلك سهماً، فيزكي الأسهم التي امتلكها بحسب قصده أيضاً، فإن كان اشتراها لاستغلالها زكاها زكاة المستغلات على النحو الذي ذكرته، وإن اشتراها ليبيعها زكاها زكاة عروض التجارة.

وأنا هنا تكلمت وفي هامش المذكرة أشرت إلى موضوع، وهو جدير بالبحث؛ لأني وجدت جميع الذين كتبوا في هذا الموضوع تقريباً يجوزون التجارة في بيع الأسهم من غير تفصيل ولا تقييد. والتجارة فيها وفي رأيي أو في نفسي شيء من هذا الحكم، الموضوع يحتاج إلى بحث لم أتعرض له هنا، لكن هذا ما توصلت إليه فيما يتعلق بزكاة الأسهم. وأود أن أشير إلى نقطة دفعني إلى الإشارة إليها بحث أخينا الدكتور وهبة؛ لأنه أشار إلى فتوى صدرت عن هيئة الرقابة الشرعية في بنك فيصل الإسلامي السوداني، وتعرض لبعض نواحيها، هذه الفتوى صدرت قبل سنوات عدة وحصل فيها بعض التعديلات، والذي عليه العمل الآن فيما يتعلق بإخراج الزكاة في البنوك الإسلامية عندنا في السودان هو أن الزكاة تخرج على أساس رأس المال ينظر في آخر العام إلى رأس مال البنك زائداً الأرباح زائداً الاحتياطيات ناقصاً قيمة الأصول الثابتة، والباقي يؤخذ منه 2.5 %، وهذه فتوى أيضاً صدرت بعد الفتوى الأولى تسهيلاً على البنك؛ لأننا وجدنا صعوبة في تطبيق ما ضمن في الفتوى الأولى. فأخذت الهيئة بهذه النظرة، وهي سهلة وليس فيها تعقيد ومقبولة، ولها سند من الفقه؛ لأننا هنا لا نعتبر القيمة، وإن كانت البنوك هي بنوك تجارية فلا تقوم الموجودات، وإنما نعتبر رأس المال كأنما نعتبر الشراء للموجودات لأنه الأصل.

شيء طبيعي أن البنك يرى النقود السائلة التي عنده وينظر أيضاً إلى الموجودات التي عنده البضاعة ويقومها، وهذه عمليات فيها صعوبة، فصدرت فتوى بأن يزكى رأس المال. والله أعلم بالصواب. وشكراً.

ص: 590

الرئيس:

شكراً فضيلة الشيخ، بناء على ما قررتم من أنه تجب الزكاة على المساهم وتخرجها الشركة بناء على ما قررتم من أنه تجب الزكاة على المساهم، الوجوب على المساهم، والشركة تتولى إخراجها نيابة عنه، وأن الشركة تنزل منزلة الشخص الطبيعي.

نأتي إلى الفرع الأخير وهو أن المساهم إذا باع في أثناء الحول فإن بيعه لا يسقط الزكاة. كيف يتخرج هذا؟

الشيخ الصديق محمد الأمين الضرير:

إذا باع في أثناء الحول فالزكاة باقية ما دامت الشركة هي التي ستخرجها، غير المساهم لا يؤثر.

الرئيس:

لكن الوجوب على من؟

الشيخ الصديق محمد الأمين الضرير:

يبيعها شخص آخر.

الرئيس:

لا، وجوب الزكاة على من؟ على صاحب السهم وبشرط حولان الحول؟ على صاحب السهم الذي هو باسمه؟

الشيخ الصديق محمد الأمين الضرير:

انتقل الوجوب. الشخص المالك الأول باع سهمه، كان الوجوب عليه هو فعندما باعه لشخص آخر انتقل الوجوب إلى هذا الشخص الآخر، والسهم باقٍ. الشخص الذي اشترى السهم أصبح واجباً عليه، وهو اشتراه في أثناء الحول. وأنا قلت: إن هذا لا يضر. مال مستفاد للشركة لأن الشركة هي التي ستخرج، فكأن شخصاً جديداً جاء وساهم في هذه الشركة. وهذا ينطبق أيضاً على حالة ما إذا طرحت الشركة أسهماً في أثناء الحول وجاء المساهمون واكتتبوا في هذه الأسهم. لا نستقبل بها حولاً جديداً، هي واجب عليهم وعلى هؤلاء الذين اكتتبوا كما هي واجبة على المشتري الذي دخل في أثناء الحول. فلا أظن أن هذا يتعارض مع قولي: إن الوجوب أصالة عن المساهم.

ص: 591

الشيخ محمد المختار السلامي:

بسم الله الرحمن الرحيم.. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً.

سيدي الرئيس، حضرات الأعضاء المحترمين. بتتبعي للبحث القيم الذي تفضل به الدكتور الضرير، وجدت إشكالات كثيرة في نفسي، أعرضها على سيادته طلباً للإجابة.

فإن الذي أعرف هو أن المنظومة الفقهية لا بد أن تكون منظومة متناسقة، وأنه إذا قبلنا بمبدأ أصلي فإنه يجب أن ينطبق هذا المبدأ على جميع الفروع.

ولما عرض سيادته على من تجب الزكاة فرض فرضين: إما أن نقول: إن الزكاة تجب على الشركة وإما أن نقول: إن الزكاة تجب على المسلم في الشركة.

أما القول الأول: إن الزكاة تجب على الشركة باعتبارها ذاتاً معنوية، فالإشكال الذي حصل في نفسي هو أننا بصدد بيان الأحكام الشرعية، أعني حكماً من الأحكام الخمسة، وكل حكم من الأحكام الخمسة له حقيقته. فإذا قلنا: الواجب فمعناه ما يثاب على فعله وما يعاقب على تركه وهو غير الواجب العقلي أو معنى الإلزام. فالإلزام هنا من الله يترتب على الإلزام ثواب للمطيع وعقاب للعاصي.

وإذا قلنا الشركة ذات معنوية فلا أفهم كيف تكون ذاتاً معنوية وهي تثاب وتعاقب. وبهذا استشكل هذا الرأي كيف يمكن تخريجه.

الأمر الثاني أو الفرض الثاني: وهو أن الزكاة تجب على المسلم ذاته على صاحب السهم وإذا كانت الزكاة تجب على المسلم ذاته فإن هذا السهم في حقيقة التعامل خرج إلى صورة هي صورة قيمة متمولة فكل سهم له قيمة مالية وأنه لا يفترق السهم سواء أكان النشاط نشاطاً زراعياً أم نشاطاً صناعياً أم نشاطاً تجارياً. فهو قيمة مالية تباع في الأسواق، ترخص وترتفع أثمانها حسب تغير السوق. وإذا كان الشخص المسهم هو المطالب وكانت القيمة للسهم هي قيمة مالية فإنه يجب الزكاة على هذا المسهم متى تحققت شروط وجوب الزكاة.

ولا بد أن نطبق هذه الشروط جميعها. فإذا كان المسلم لا يملك مالاً ولا يملك نصاباً فلا أرى أن يلزم بإخراج الزكاة نظراً إلى أن الحديث واضح: ((تؤخذ من أغنيائه فترد على فقرائهم)) . وحد الفقر والغنى هو ملك نصاب. فغير مالك النصاب لا يعتبر غنياً، بل هو صالح لأن يتقبل الزكاة، وهو مصرف من مصارف الزكاة. فكيف نوجب عليه من ناحية أن يخرج الزكاة على سهمه، ونبيح له من ناحية ثانية أن يقبل الزكاة لأنه فقير لا يملك نصاباً؟. من الإشكالات أنه إذا كان المسهم.. أن أسهم الشركات إذا بيعت قبل حولان الحول، وهو ما جاء في صفحة تسعة، فإن هذا لا يؤثر في إخراج الزكاة؛ لأن السهم باقٍ وإنما تغير مالكه. فالمنظومة إذا تقتضي أنه إذا كان الواجب إنما هو على ذات الشخص المالك للسهم فيجب أن نسير مع هذا إلى النهاية، ولا يمكن أن تكون. أولاً نذهب إلى أن السهم هو الذي تجب عليه الزكاة، ثم نعود عندما تطبق فنقول: إن تعلقت بالأسهم لا بذات الشخص، وأنه إذا تغير المالك ولو تغير إلى عشرة فإنه يجب على جميعهم إخراج الزكاة قبل دوران الحول. فهذا إشكال آخر بقي في نفسي أرجو الجواب عنه.

ص: 592

أيضاً جاءت قضية أنه إذا كان المسهم قد اشترى هذه الأسهم قصد بيعها عندما ترتفع قيمتها زكاها بالشروط المعتبرة وإذا باع أسهمه في أثناء الحول انتظر الحول. هذا أيضاً، إذا كان المسهم قد اشترى هذه الأسهم قصد بيعها عندما ترتفع قيمتها زكاها بالشروط المعتبرة. أنا أسأل فضيلة الشيخ: هل يعتبر هذا محتكراً أو يعتبر مديراً؟ وهل يطبق عليه زكاة المحتكر أم زكاة المدير؟ أو لم يعتمد مذهب مالك واعتمد مذهب غيره؟ أما إذا ساهم المشارك في الشركة بقصد الاستفادة من ريع الأسهم السنوي زكيت زكاة المستغلات ثم ألزم مجمع الفقه الإسلامي بما رآه في المستغلات.

أولاًَ أن هذا القرار الذي وصل إليه من أنه إذا أسهم المشارك في شركة بقصد الاستفادة من ريع الأسهم السنوي زكيت زكاة المستغلات. هذا ولم أفهم تعليله ولا الأصل الذي اعتمد عليه.

ولذلك فأنا أتحفظ على هذا، وأرجو منه أيضاً أن يبين لي معتمده في ذلك. هذه بعض آراء أولية. وشكراً لكم والله أعلم.

الشيخ محمد سعيد رمضان البوطي:

بسم الله الرحمن الرحيم.. الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

كلمة موجزة جداً، وهي تكرار للتساؤل الذي طرحه السيد رئيس مجلس المجمع الفقهي. إذا كان الأستاذ المحاضر في بحثه القيم يقرر أن ملكية الأسهم للمساهم وليست للشركة، وإنما الشركة هي التي تدفع الزكاة نيابة عن المالك، فكيف نوفق بين هذا الكلام وبين ما قاله فيما بعد من أنه إذا باع سهمه أو أسهمه أثناء العام يستمر الحول ويتواصل ولا ينقطع الحول ليبتدئ حول جديد من المشتري الجديد؟ هذا الكلام أظن أنه وقر في ذهن الأستاذ الجليل صاحب البحث نتيجة لما يتصوره رجال القانون من أن الشركة هي المالك.

إذا انطلقنا من هذا وتصورنا أن الشركة هي المالكة فعندئذ هذا الكلام متفق ومتسق مع هذا التصور. ولكن الشريعة لا تتفق مع هذا قط، ولا توجد جذور امتلاك لشخص معنوي. والحق ما قاله الأستاذ المحاضر صاحب البحث من أن المالك هو المساهم. ولكن ما دمنا قررنا ذلك فإن الحول ينتهي وينفسخ بتحول الملكية منه إلى مالك جديد، الشأن فيه كالشأن في أي مال من الأموال مهما اختلفت أنواعها ما دمنا نشترط حولان الحول. وشكراً لكم.

ص: 593

الدكتور سامي حسن حمود:

بسم الله الرحمن الرحيم.. هذه النقطة دقيقة، وقد واجهتنا بالفعل كمسألة عملية عند تأسيس البنك الإسلامي الأردني قبل عشر سنوات، فتنبهت الأذهان إلى أن هذا البنك وهو شركة مساهمة أردنية يجب أن يزكي، وأن ينص في قانونه على تأدية الزكاة، وهذا شأن العواطف عندما تتجه إلى العمل الإسلامي تريد أن تحيطه من كل جانب بصورة الكمال، فبدأت أتفهم المسألة التي حوصرت فيها، ونظرت في آيات الله فوجدت أن الخطاب:{أَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ} فالخطاب تكليف لمن يؤدي العبادة صلاة يكملها عبادة مالية بالزكاة بأن يؤديها وهو مؤتجر، ويطلب الأجر من الله، فهي بعد الإسلام. فكان هذا الحديث البسيط مع لجنة الفتوى الأردنية التي ناقشت معها مشروع القانون كان للإقناع، ثم عندما تأسس بنك إسلامي لاحق وجدت الزكاة نص عليها في القانون، فسألت: كيف تدفع الشركة المساهمة وهي غير أو ليست مكلفة بالخطاب الشرعي، ولا تحاسب ولا تدخل الجنة أو النار بأن تدفع الزكاة؟ قالوا: هي تظاهرة إسلامية، فعجبت في نفسي. والذي أعرفه أن العواطف والتظاهرات لا تقرر حكماً شرعياً، وإنما المسلم مأمور بأن يكون هواه تبعاً للشرع، وليس العكس. فبدأت أدقق في المسألة، وهنا سر الإشكالات التي تثار، وقد تشجعت في الإشكالات التي في نفسي عندما رأيت عالماً جليلاً كالأستاذ المختار السلامي، وأيده في ذلك الأستاذ البوطي، يثيرون هذه الإشكالات لأن الخروج عن المقاصد تؤدي إلى هذه النتائج. فالزكاة محلها المال، والمكلف بها ليس كل شخص، إنما المسلم، والمال ليس كل مال، وإنما المال المخصوص الذي له شروط محددة في الشرع. فهي تكليف في مال معرف مملوك لمكلف. فإذا خرجنا عن هذا الحد نجد إذا فرضت بشكل عام الزكاة في الشركة المساهمة على الأسهم بذاتها، وهي حصة مالية مملوكة لمسلمين وغير مسلمين. وهذا واقع بحيث إن في البنك الإسلامي الأردني هناك مساهمون غير مسلمين، وقد ساهموا في هذا البنك، ويعطيهم القانون هذا الحق، فكيف تؤخذ الزكاة من شخص غير مكلف أصلاً بأدائها؟

هناك وزارة الأوقاف الأردنية ومال الوقف ليس مكلفاً بالزكاة، وهي مساهمة في هذا البنك، كيف تؤخذ الزكاة من مال الوقف؟

هناك إنسان يملك موجودات من الأسهم حقيقة، ولكن عليه في ميزانيته الشخصية ديون تفوق موجوداته، وليس عنده نصاب، وإن كان يملك المائة ألف سهم؛ لأن عليه ديوناً مئتا ألف، كيف يمكن أن يطالب بالزكاة؟ هذه الخروجات جميعاً نتيجة تطبيق أن الزكاة تؤديها الشركة. مرد هذا إذا قيل: إن الشركة هي التي تملك، وهذه النقطة التي أشار إليها فضيلة الدكتور البوطي. الشركة لا تملك نفسها، وإنما هي مملوكة لمساهم، وإن العجز عند القانونيين في تصوير حقيقة هذه الملكية المنفصلة شركة لا ينطلق ولا ينصرف إلى الفهم الواضح عند الفكر الإسلامي. فهذا الملك يرى الذي يملكه المساهم في الشركة هو يملك حق رقبة المال، ولكن التصرف في هذا المال قد فوض أمره إلى إدارة الشركة، وهناك فهم واضح للتفرقة في الملك بين ملكية الرقبة وملكية التصرف، بدليل أن هذا المساهم وإن صغر سهمه إلى سهم واحد من مليون سهم تمثلها الشركة له صوت ينتخب فيه مجلس الإدارة، ومن حقه أن ينتخب. فهو ممثل وفوض هذا المجلس بالإدارة بالنيابة عنه، فهو المالك حقيقة، ويبقى ملكه قائماً إلى النهاية.

ص: 594

النقطة المتعلقة في أنواع الشركات. الواقع أن الشركات بأنواعها المختلفة هي شركات مفهومها ومردها التداول بقصد الربح، سواء أكانت تجارية تتعامل بالسلع أم قابضة مباشرة أم شركات صناعية تتعامل في المواد الخام، وتحولها لتزيد القيمة فتبيعها وتحقق ربحاً، أم كانت شركات خدمات كالخدمات الفندقية والسياحية، فهي تحقق ربحاً من التداول في المال. فكل عمل فيه تداول وتقليب للمال فيه صورة من صور التجارة.

فالذي أراه باجتهادي على قدر علمي كطالب علم أن هذه جميعاً يطبق عليها قواعد عروض التجارة. مشكلة بسيطة أعرضها في الشركات التي تختص بالزراعة وتبيع الإنتاج الزراعي. هنا جاء النص القرآني بأن الحق في الزراعة {وَآَتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} الأنعام: 141. فإذا أخرجت الشركة الزكاة يوم الحصاد من الإنتاج وليس من رأس المال عندئذ ومنعا للازدواجية لا يزكى المال مرتين طالما المال سلط لأن يكون في أرض زراعية ولها إنتاج زراعي وزكي هذا الإنتاج عند الحصاد.

النقطة الأخيرة التي تخص القياس في الشركة على مسألة الخلط بين الخلطاء والشريك هي أولاً كما يستدل من آراء المستدلين ليست مسألة متفقا عليها بدليل أن الإمام الشافعي نفسه له فيها قولان، ثم إن الإمام الشافعي والإمام مالك رحمهما الله كانا يتحدثان عن مجتمع مسلم، والشركاء الذين يتحدثون عنهم شركاء مسلمون، ولم يدر في بالهما أو لم ينطل في المثال هنا شريك مسلم وشريك غير مسلم، فهل إذا اجتمعت الملكية في خمسة من الإبل أو سبعة من الإبل بين مسلم يملك أربعاً وغير مسلم يملك ثلاثا والمجموع سبعة فوق حد النصاب هل يصبح المال خاضعاً للزكاة لأن شريكاً غير مسلم وغير مكلف ضم إلي أم ينفصل الملك القابل للتزكية والمطالب للتزكية فتصبح الإبل الأربعة أو الأربع نياق التي يملكها المسلم دون النصاب الذي حدده الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا يكون بذلك مكلفاً بالزكاة. فهذه نقطة جديرة بالبحث.

نقطة أخيرة على هامش ما أثاره فضيلة الدكتور الضرير في تجارة الأسهم، إنه يرى أنها ليست محلاً للتجارة، وهذه نقطة أستغرب بأن الأسهم لها قيمة مالية والتداول يقوم عليها، إذا حدثت نكسات في سوق الأموال فلا يعني ذلك أن النكسة دليل على المنع، فقد يحدث في أحد المناجم انفجار فلا يتوقف التعدين عن المعادن إنما نعالج سبب الانفجار وسبب التلف والتعطيل. وهكذا تعالج الأمور. وشكراً لكم. والسلام عليكم.

ص: 595

الدكتور حسن عبد الله الأمين:

بسم الله الرحمن الرحيم.. الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا محمد عبد الله ورسوله صلى الله عليه وسلم.

الحقيقة من العرض الذي سرده علينا فضيلة الدكتور الضرير نشأ عندي سؤلان في موضعين من عرضه وفيما كتب. الأول أنه في الصفحة الخامسة من بحثه وكما عرضه قرر أن الخلاف بين الفقهاء المعاصرين فيما يتعلق بوجوب الزكاة في أسهم الشركات المتعلقة بشركات الصناعة وشركات التجارة على الرغم مما اختلف فيه الفقهاء، واتخذت فيه وجهتان مختلفتان، أن هذا الأمر أمر واحد في النتيجة. وهذه القضية لم يوضحها، غير أنه ذكر أنها في النتيجة واحدة. ويبدو لي أن الخلاف قائم وليس هناك في النتيجة خلاف. رأي من آراء الفقهاء يذهب إلى أن شركات الصناعة لا تجب الزكاة في أصولها، وإنما تجب في ريعها، وشركات التجارة تجب الزكاة في أصلها وفي ريعها. وآخر يعمم فيقول: إن الزكاة تجب في الأمرين في الأصل وفي الريع، أصل الأسهم وريعها.

الدكتور لم يوضح كيف التقى هذا الأمر في النتيجة، وإنما ذكر أن الجميع اتفقوا على أن الأسهم تجب فيها الزكاة، وهذا أمر كافٍ في تحديد أو في إيجاد الاتفاق بينهم، والأمر ليس كذلك فيما أرى. إن الخلاف قائم كما هو ذلك أن الرأي الذي يذهب إلى أن أسهم شركات الصناعة تجب الزكاة في ريعها، لا في أصلها لا يقرر الزكاة بطبيعة الحال في أصل الأسهم، وإنما يقرها في الريع باعتباره مالاً، فسواء كان هذا المال ناتجاً عن هذه الأسهم، أم جاء من أي طريق آخر، ما دام استوفى الشروط، فتجب فيه الزكاة، أما الأصل فيستبعد أصل أسهم الصناعة. شركات الصناعة لا تجب فيها الزكاة في رأيه، فلم يقل هذا الرأي بوجوب الزكاة ابتداءً من أسهم شركات الصناعة، وإنما قال: تجب الزكاة في ريعها وعوائدها. فهذا أمر مفهوم بصرف النظر عن أنه حتى ولو جاء من طريق آخر غير ريع الزكاة فإنه تجب فيه الزكاة باعتباره مالاً.

أما الرأي الآخر الذي يقول بوجوب الزكاة في شركات التجارة وفي ريعها فهو أمر مختلف، حيث يقرر الزكاة في الأصل، أصل الأسهم وفي ريعها. فالخلاف قائم وليس هناك نقطة التقاء بين هذين الرأيين فيما أرى.

النقطة الأخرى التي ذكرها الأستاذ في عرضه، وأثبتها في الصفحة التاسعة من بحثه، أنه إذا لم تقم بإخراج الزكاة فما الذي يعمل صاحب السهم؟ قال: إذا استطاع المساهم أن يعرف من حسابات الشركة ما يخص أسهمه من الزكاة لو زكت الشركة أموالها على النحو الذي شرحناه، زكى أسهمه على هذا الاعتبار؛ لأنه الأصل في كيفية زكاة أسهم الشركات. وإن لم يستطع المساهم معرفة ذلك. هنا تفريع، فذهب إلى أنه إن كانت الشركة بقصد الاستفادة من ريع الأسهم، وإن لم يكن القصد منها الريع وإنما القصد فيها الاتجار وهذا له حكم، وذاك له حكم، وفي رأيي أن هذه النقطة الأخرى لا تحتاج إلى الصيرورة إليها؛ ذلك أن الحساب الختامي الذي يعرض فيه التقارير السنوية للشركات أياً كان نوعها واضح فيه كل شيء، واضح فيه حساباتها وقيم الأسهم وريعها، ومن هذه الأشياء الواضحة يستطيع أن يقرر ملكيته للنصاب بطبيعة الحال، ولما يضاف عليه من ريع، وعلى ضوء ذلك يخرج الزكاة من غير أن يحتاج إلى الصيرورة للتفريعات الأخرى التي ذكرها في عرضه فيما بعد. وشكراً.

ص: 596

الشيخ إبراهيم بشير الغويل:

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله.

شكراً سيدي الرئيس.. الحقيقة قد يكون ما أريد أن أقوله هو ما أشار إليه الشيخ الضرير تاركاً لصاحبه أن يجليه. هناك أحد البحوث أشار - وهو بحث الشيخ هارون خليف - إلى أن موضوع الشركات وشركات الأسهم نفسها تحتاج إلى دراسة موسعة، وبناء على هذا لم يدل برأي فيما يتعلق بزكاة الأسهم في هذه الشركات. فهو في الصفحة الأولى من دراسته أوضح أنه لا يتكلم عن الشركات المستجدة؛ لأنه لا يرى أن فقهاءنا الأسبقين قد تعرضوا لها، واضح أن موضوع الشركات نفسها يحتاج إلى دراسة موسعة، ووددت أن أذكر هذا الرأي لأقول: إن هذه الشركات التي استجدت وفقاً لنظام معين أراد أن يتوسع في مفهوم رأس المال وحق رأس المال في أن يزداد زيادة غير عادية عن طريق مساهماته المتعددة في كل مكان، بحيث يتحقق لصاحب رأس المال دخل من كل مال يدفع به في مكان. هذا النظام هو الذي أوجد في آخر تطوراته شركات المساهمة، هذه الشركات التي جاءت من هذا النظام تحتاج بالأصل إلى وقفة من هذا المجمع. النظام نفسه الذي أوجد هذا التطور وكما سبق لي أن قلت في موضوع النقود: إن هذا النظام أعطى لقضية النقود مفهوماً كما أعطى لقضية الائتمان وقضية توالد رأس المال وزيادته مفهوماً ترتبت عليه أشكال، هذه الأشكال في أعلى صورها، هي شركات المساهمة التي أصبحت تأخذ شركات مساهمة متعددة الجنسية. هل لهذا المجمع أن يعالج نظاماً بديلاً يقوم على أسس إسلامية، أم أنه يتابع النظام القائم ويبرر له تصرفاته؟ في ذهني هذه الملاحظة البسيطة التي أبداها صاحب هذا البحث جديرة بأن توضح أن البحث الآن إنما هو بحث كما أود أن أقوله بشكل آسف له، كما نبحث هل دخل إنسان من فوائده على رأس ماله خاضع للزكاة أم لا؟

الأساس أن نبحث موضوع الفوائد، الأساس أن نبحث موضوع الريع، الأساس أن نبحث موضوع الشركات. الشركات المساهمة وكيف ولدت؟ وهل هي جزء من تصور إسلامي أو جزء من تصور مغاير للتصور الإسلامي؟ هذا الجانب له أهمية كبرى؛ لأن هذه الشركات أصبحت تتوسع وتتضخم وتستوطن حتى أصبحت متعددة الجنسية، وأصبحت هي المسؤولة عن كثير من مشكلات العالم الإسلامي وديونه، وددت أن أذكر الإخوة بها وشكراً.

ص: 597

الشيخ إبراهيم فاضل الدبو:

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على رسوله محمد الأمين، وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين، وبعد،

بودي أن أسأل السادة الباحثين: هل هذه الأسهم أموال أم ليست بأموال؟ الجواب بالطبع أنها مال ولا خلاف في ذلك. لذا ينبغي أن نراعي في مثل هذه الحالة ما يلي: الزكاة في مثل هذه الشركات لا تختلف عن الزكاة في غيرها من الشركات المعروفة في الفقه الإسلامي، وأرى أن نعتبر الشركات التي تناولها فقهاؤنا المسلمون أساساً نعتمده في مثل هذه الحالة. ومن المعروف لدى أساتذتي الأفاضل أن المالك هو المسؤول عن دفع الزكاة وبإمكانه أن ينيب عنه الشركة في ذلك، فعلى هذا يشترط تحقق كافة شروط الزكاة التي شرطها الإسلام أو فقهاؤنا المسلمون في هذه الأموال.

أما بالنسبة لبيع هذه الأسهم خلال هذا الحول، فإني أتساءل كما تساءل السيد رئيس المجمع، أنه كيف تجب زكاة مال قبل حولان الحول عليه؟ فينبغي أن تتوافر فيه شرط حولان الحول. والله أعلم، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين. وشكراً.

الشيخ محمد سالم عبد الودود:

لا أريد أن أكرر ما ذكره الإخوة، ولكن أريد أن أصحح بعض ما نسب إلى المذهب المالكي أمانة للأئمة رحمهم الله تعالى. أولاً المذهب المالكي يرى أن أسهم المؤلفة قلوبهم باق على متن خليل يقول: هو مؤلف كافر ليسلم وحكمه باق. ثانياً يرى أن الاستنابة في الزكاة مندوبة وقد تجب، ومتن السيد خليل يقول: والاستنابة وقد تجب. ثالثاً: يرى أن الخلطة لا تأثير لها إلا في الأنعام، ويرى أن الخلطة بين المسلم والكافر لا تأثير لها، وبين المسلم والمحرر من الرقيق لا تأثير لها. ولذلك يقول خليل في متنه الذي هو المعتمد على الأهم الأغلب في الفتوى في المذهب المالكي يقول: وخلطاء الماشية بخلاف الزرع والعين كمالك فيما وجب من قدر وسمن وصنف. إلى قوله: وكل حر مسلم ملك نصاباً يحول. بمعنى أن الأئمة الأوائل تصوروا بل شاهدوا الخلطة والاشتراك بين المسلم والكافر وطرحوا لذلك أحكاماً. فلا يمكن أن نقول اليوم: إنهم لم يكن يدور في أذهانهم وجود شركة يساهم فيها كافر إلى جانب مسلم. فالرسول صلى الله عليه وسلم قد شارك غير المسلم، وكان نعم الشريك، لا يماريه إلى آخره.

المهم الآن أمام شركات بالنسبة للمذهب المالكي لا تأثير للخلطة في غير زكاة الماشية، ولا تأثير للخلطة مع من لا تجب عليه الزكاة من عبد وكافر. ولا تأثير لخلطة بالنسبة لمن لم تبلغ حصته نصاباً. إما أن نوجب الزكاة على من لم تبلغ حصته نصاباً وعلى من لم يحل عليه الحول، فهذا خلاف صريح للأحاديث الصريحة التي تشترط حولان الحول في زكاة الأموال، وتشترط أن لا ينقص المال عن النصاب المعروف. ليس فيما دون خمس أواق من الورق صدقة، ليس فيما دون خمس من الإبل صدقة، إلى آخره في التحديد بالمثل. فإذا قلنا: إن سهم المساهم في الشركة أقل من النصاب، وأوجبنا عليه الزكاة نظراً لمساهمته في الشركة، فقد خالفنا الحديث الصريح. وإن قلنا: إن مشتري السهم تجب عليه الزكاة قبل مرور الحول، فقد خالفنا الحديث الصريح. وإن قلنا: إن الذي يساهم في الشركة في أثناء العام يجب عليه أن يزكي قبل أن يمر عليه الحول فقد خالفنا. وإذا قلنا: إن الشركة هي التي تؤدي الزكاة بالنيابة عن المساهمين، فهذا صحيح إذا اعتبرنا شروط وجوب الزكاة في حق كل مساهم. أما الشركة نفسها فهي شخص معنوي، والأشخاص المعنويون ليسوا من أشخاص يوم القيامة، وليست مكلفة بالأحكام الخمسة كما قال الإخوة، ولا تبعث ولا تثاب ولا تعاقب. وشكراً.

ص: 598

الدكتور معروف الدواليبي:

بسم الله الرحمن الرحيم، سيدي الرئيس، إخواني الكرام، استمعت بكل انتباه إلى ملاحظات الإخوة الأفاضل، وهي ملاحظات دقيقة، ولكن يبدو ليس بالنسبة لفهمي أننا إذا أخذنا بعين الاعتبار الناحية التي تفضل فيها زميلنا الدكتور سامي حمود فيما يتعلق بالإنتاج الزراعي مثلاً حقه يوم الحصاد، فما قولكم مالك هذا الزرع لو ضمنه قبل حصاده لرجل، فالذي قبض المال يزكيه والذي بقي عليه الزرع يزكيه يوم الحصاد. إذن فكرة أن المال قد دفع عنه الزكاة مرتين غير واردة بعد أن تغير المال. فنحن إذا أخضعنا الشركات بمختلف أنواعها إلى مفهوم الحول لأن لكل مالك نوعا من الأجل في الأموال وفي عروض التجارة لكل رجل التاريخ الذي يبدأ منه. أما في قضايا الزراعة والإنتاج الحيواني ونحو ذلك، فهي حلول موسمية، ويصدق عليها قضية الضمان. تضمين الأرض بمزروعاتها وبإنتاجها الزراعي، قد يضمنها ويبيعها قبل أن يحصدها.

فالذي ملك الحصاد وقد مضى عليه خمسة أيام يتوجب عليه أن يدفع، والذي قبض الثمن فيدخله عندئذ في عروض أمواله، بذلك تنتهي المشكلة وأرى أنه لا مشكلة في الموضوع. وشكراً.

الدكتور علي أحمد السالوس:

بسم الله الرحمن الرحيم.. الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله.

نريد أن ننظر هنا للمسألة الواقعية. الشركات القائمة الآن التي نجد في عقود تأسيسها نصاً على أنها ملزمة بإخراج الزكاة. هل هذا التصرف يعتبر تصرفاً شرعياً أم لا؟ والذين اشتركوا في هذه الشركة واشتروا الأسهم هل يعتبر هؤلاء قد وكلوا الإدارة لأن ذات الشركة لا تملك إنما الشركة مملوكة، فهل نعتبر أن هؤلاء وكلوا الإدارة في إخراج الزكاة، أم نقول: إن هذا تصرف غير شرعي، ونقول للشركات: يجب إلغاء هذا من عقد التأسيس؟. هذه نقطة.

نقطة أخرى، بعض الإخوة ذكر السندات والسندات هذه ليست محل بحثها، ثم قالوا: إن السندات بفوائدها تزكى وهذا مخالف لنص الآية {وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ} البقرة: 279. والذي يزكى هو رأس المال وليس الفوائد، فإقحام السندات هنا ثم الإفتاء بهذه الفتوى فأرجو أن تلاحظ.

كذلك بعض الإخوة في أبحاثهم تحدثوا عن الأسهم على أنها حلال بصفة مطلقة بدون أية قيود، باستثناء أستاذنا الدكتور الضرير الأسهم الممتازة ونضيف إلى هذا الاستثناء كذلك الأسهم التي هي لشركات تتعامل بحرام. فلا بد أن نشير إلى أن الزكاة التي نتحدث عنها إنما هي لأسهم حلال لشركات تلتزم وتتعامل بالحلال.

ص: 599

نقطة أخرى، وهي أن بعض الإخوة الباحثين ذكروا الزكاة في الأرباح فقط، وبعضهم اشترط ألا تكون في رأس المال والربح إلا إذا كانت في الأسواق العالمية. ونقول هنا: السهم حصة شائعة في شركة، فإذا نظرنا على سبيل المثال نحن في مصرف قطر الإسلامي عندما جئنا لتقدير الزكاة العقد التأسيسي لا ينص على إخراج الزكاة فقلنا: نقدر، فنظرنا إلى الأصول الثابتة ثم هذه لم نحسبها ونظرنا إلى الأصول المتداولة الموجودة والنقود وكل هذا جمعناه ثم في النهاية قلنا: كل سهم زكاته مقدارها كذا. إذن هنا مسألة الربح فقط، ورأس المال إذا كان من الأموال الزكوية كيف لا يزكى؟ هذا لو أن الأسهم لشركة كل رأس المال تحول إلى أموال غير زكوية، مصنع، مزرعة. لو أنه تحول إلى هذا. وكما تفضل أستاذنا الأستاذ الضرير بأن هذا بعيد؛ لأنه هناك لا بد من أموال سائلة موجودة. إذن هنا الإخوة الباحثون الذين ذكروا بأن الزكاة على الربح فقط أرجو أن نراجع هذه النقطة وأن ننظر هنا إلى الربح وإلى رأس المال المدفوع له، وإنما إلى الموجود من الأموال الزكوية الأصول الثابتة هي التي لا تحسب.

بالنسبة للأسهم أيضاً نريد أن نفرق بين أمرين: من يتملك الأسهم للتجارة؟ ومن يتملك الأسهم بقصد الغلة وليس للتجارة ونفرق هنا يعني لو فرضنا مثلاً أن عمائر موجودة للإيجار فالزكاة في الإيجار، لو أن تاجر عقارات اشترى هذه ليبيعها ويشتري ويبيع فالزكاة في ذات العين. لو أن هذه قسمت إلى أسهم الزكاة أيضاً تختلف. فالأسهم لعمارات بقصد التجارة. فإذن هنا التسوية بين الأسهم التي تتخذ للتجارة والأسهم التي يقصد الغلة، هذا التساوي هنا غير دقيق. لذلك يجب أن نفرق بين هذين النوعين. وأكتفي بهذا وشكراً.

ص: 600

الشيخ وهبة مصطفى الزحيلي:

بسم الله الرحمن الرحيم.. الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله. أشير إلى النقطة الأخيرة التي أثارها الدكتور السالوس عرضاً، وهو أن ما ذكر في بعض البحوث من قضية زكاة السندات، في الحقيقة ذكر لإتمام الفائدة، وإن لم يكن في صلب البحث. فهذه السندات وإن كانت حراماً وعائدها حرام وخبيث وكسب حرام، لكن لا يعني ذلك من الإعفاء من واجب فريضة الزكاة، فبعض المسلمين يتعاملون بالحرام وعندهم أموال حلال وحرام هل نعفي أموالهم المحرمة من الزكاة؟ لم يقل أحد من الفقهاء.

أما الموضوع الأصلي وهو قضية زكاة الأسهم في الشركات: منشأ الخلط في هذا الموضوع هو ما طرحته علينا القوانين الوضعية الحديثة، لو لم نكن في عالم تسيطر عليه هذه القوانين لكانت المشكلة في غاية السهولة ولا مشكلة. القوانين الحديثة افترضت أن للشركات شخصية معنوية، ويعني ذلك أن لها شخصية مقابل الشخص الطبيعي، وهذا يعني أن لها اسماً وموطناً وأهلية وقابلية للتملك والتمليك والالتزام بالواجبات وأداء الحقوق. هذا ما أرادته القوانين الحديثة في افتراض الشخصية المعنوية أو الاعتبارية أو الحكمية لهذه الشركات لكي تستطيع الوفاء بديونها والتزاماتها، خصوصاً في فترة التصفية، أو لتستطيع أيضاً التعامل في أثناء وجودها وعيشها من استيفاء ما لها من حقوق، وأداء ما عليها من واجبات. ولم تتصور هذه الشركات لا من قريب ولا من بعيد، حتى ولا البنوك التي نشأت أخيراً باسم البنوك الإسلامية لم يتعرضوا لموضوع الزكاة.

الزكاة كما هو معلوم لدى الجميع عبادة شرعية تتطلب النية والمطالب والمكلف بها هو الإنسان، هو المسلم، وأما غير المسلم فليس مكلفاً. وقد كفاني الشيخ عبد الودود من أنه إذا وجدت شركة بين مسلم وغير مسلم الحقيقة لا نطبق أحكام شركة الخلطة عليهما؛ لأنه لا زكاة على الطرف الآخر، فلا زكاة على المسلم إذا لم يبلغ ماله النصاب الشرعي. هذه محلولة.

ص: 601

القضية الأساسية هي ما دام التكاليف منصباً على الشخص المسلم وهو المساهم وهو المخاطب أصالة كما قال زميلنا الأستاذ الدكتور الشيخ الضرير الحقيقة أن هذه الأصالة يجب أن لا نتخلى عنها، ولكن يجب أن نراعي مسألة الحول ولا نكلف المسلم ولا الشركة التي تنوب عن المساهمين بأن تدفع زكاة المساهمين، إلا إذا استمر الحول الزكوي طوال العام، وهذا ما تصوره الفقهاء في قضية زكاة الخليطين.

وأما ما أثير مما سمعته واستغربت سماعه، كأن بعض الإخوة لم يسمعوا بشيء اسمه الحكم الوضعي. الحكم التكليفي صحيح هو أساس الثواب والعقاب، والشركة شركة اعتيادية لا تدخل الجنة ولا النار. هذا كلام صحيح، لكن هذا الموضوع لا ينطبق على الحكم التكليفي. لا ينطبق عليه الحكم التكليفي، وإنما ينطبق عليه الحكم الوضعي وهو ربط الحكم بالسبب أو الشرط أو المانع أو الصحيح أو الفاسد، كما هو معلوم لدى الجميع. فالشركة عندما نكلفها ويكلفها المساهمون بأن تزكي عنهم، فهي أولاً إما من قبيل أنها وكيلة ومدير الشركة وكيل ونائب عن الشركة، وإما أنه لا يشترط التكليف أصالة في موضوع الزكاة. فزكاة مال الصبي تجب وإن لم يكن مكلفاً، وقالوا هذا من قبيل الحكم الوضعي وليس من قبيل الحكم التكليفي عند جمهور الفقهاء. طبعاً أما إذا كل شيء أردنا أن نخضع كل قراراتنا للخلافات لن نخرج إلى نتيجة ولكن يجب أن نراعي الأولويات.

أولاً الزكاة يجب كما نص فقهاؤنا أن نراعي فيها مصلحة الفقير ويجب علينا أن نختار من هذه الخلافات وهذه الآراء – وألا نكون دائماً مقيدين بها أن نختار- ما يحقق المصلحة العامة للمسلمين. فلا يشترط التكليف في الشركة حتى نطبق الحكم التكليفي، وإنما يجب أن نراعي مصلحة الفقراء ونقيس هذه الموضوعات. الآن الاتجاه العالمي إلى تجميع رؤوس الأموال الصغيرة من طريق الشركات المساهمة ومئات الملايين تقوم على أساس شركات. هل من المعقول أو هل يتصور مسلم أن نعفي هذه الشركات من أداء فريضة الزكاة؟ وحينئذ نقتل الفقراء، وخصوصاً إن كثيراً من المسلمين لا يزكون مع الأسف. الحقيقة من الممكن ونأخذ الأصلح لا تعصباً وإنما دائماً نفتي في الزكاة بما هو الأصلح للفقراء. فالشافعية نصوا في مذهبهم الجديد على أن الخلطة تؤثر في المواشي وغيرها، وهو مذهب المالكية والحنابلة أيضاً في المواشي عملاً بالحديث النبوي:((لا يجمع بين متفرق ولا يفرق بين مجتمع خشية الصدقة)) ، ولأن السهم يعبر عن قيمة مالية أو مبلغ من المال فهو مال تجب فيه الزكاة فأثرت الخلطة في زكاة هذه الأسهم كالماشية، أو لأن المالين كالمال الواحد في المؤن (التكاليف) من مخزن وناطور وغيرهما، فهي أي غير المواشي من النقود والحبوب والثمار وعروض التجارة، كالمواشي فتخف المؤونة إذا كان المخزن والميزان والبائع واحداً. فحينئذ حتى زكاة الخلطة فيها تيسير على الناس وليس فيها تشدد. فالواجب أن نراعي ونأخذ بهذا الاتجاه مراعاة لمصلحة الفقراء.

ص: 602

أما قضية أن يكون المساهم مديناً من المعلوم لدى الجميع أن هذا رأي الحنفية، تخصم الديون من المكلف، لكن رأي الجمهور الدين لا يمنع إيجاب الزكاة على المسلم، وألا الدائن لا يزكي والمدين يزكي. أين ذهب حق الفقراء؟ الحقيقة مذهب الشافعية في هذا يوجبون الزكاة على صاحب المال وإن كان ماله قد أعطي ديناً لأناس آخرين. فالقضية إذا أردنا أن نحسم ديون الناس. اليوم أغلب العالم وأغلب الناس عليهم ديون، ولهم حقوق وعليهم واجبات، فإذا أيضاً أردنا أن نعفيهم من هذه التكاليف أسقطنا أموالاً كثيرة من الزكوات. فالحقيقة نحن قد أطلنا هذا الموضوع، أجل من الجلسة السابقة، ورجائي ألا نطيل الكلام فيه، وأن نختار لجنة لصياغة موضوعاته؛ لأنه أرجئ فقط للصياغة. أما إذا أعيد بحثه كما أعيد في العام الماضي ثم في الجلسة الختامية عندما أريد التصويت على الاقتراحات أثير بحث بعض الأمور لأن لجنة الصياغة لم توفق في صياغة الموضوع. فالقضية قضية صياغة فقط وليس الموضوع مما يحتاج إلى عناء كبير في البحث. فلنقرر المبدأ والتفاصيل الحقيقة أغلب ما ذكره الأستاذ الصديق الضرير أنا أوافقه عليه، وبحثي أيضاً متفق مع بحثه. والقضية نبدأ من الأمور المبسطة حتى نصل إلى الحكم الشرعي الواجب وألا نضيع الوقت في هذا الموضوع مرة أخرى، وربما إذا سرنا في متاهات الخلافات لن نصل إلى نتيجة، لا في هذا الموضوع ولا في موضوع آخر. وشكر الله الجميع.

ص: 603

الرئيس:

شكراً.. في الواقع إن جوانب هذا البحث سبق أن أعطيت حقها من المناقشة بصفة وافية في الدورة الثالثة المنعقدة في عمان، والأمر كما تفضل الشيخ وهبة. والمتخلص الآن أنه لا خلاف في قضية وجوب الزكاة وأن الزكاة هي على المساهم المسلم، ولهذا فإنه قد ترون مناسباً في ما بقي لدي في طلب المناقشة أن يكون التركيز في كيفية الإخراج. فإن الدورة الثالثة في القرار الذي أجل لأجل إعادة الصياغة هو تكييفه على أساس النية في التفريق بين فيما إذا أريد المتاجرة أو أريد مطلق التمليك للحصول على الأرباح. فإذا رأيتم أن يكون التركيز فيما بقي من المداولات على التكييف الفقهي لكيفية الإخراج. هل الأمر يتكيف مع اختلاف النية أم أنه ينزل منزلة الشخص الطبيعي مطلقاً في جميع صورها؟ ثم هل الزكاة تكون على قيمة السهم الاسمية أو السوقية أو الحقيقية؟ فلعلكم ترون هذا مناسباً فيما بقي من كلام. وليتفضل الأستاذ رفيق.

الدكتور رفيق يونس المصري:

بسم الله الرحمن الرحيم.. أنا في الحقيقة لا أستطيع أن أبت في المسائل التي عرضها السيد الرئيس مؤخراً، ولكنني أحاول أن أساعد بقدر الإمكان في طريق هذا البت إن شاء الله فلست مفتياً وإنما أنا باحث وأحاول أن أطلع على ما يكتب وأسمع ما يقال في هذا الباب والأبواب المشابهة.

أولاً أريد أن أبين بأن زكاة الأسهم عندما تطرح بهذه الصورة، بهذه العبارة زكاة الأسهم لا يفهم منها أنها زكاة على صنف زكوي يسمى الأسهم، فليست الأسهم هنا كما تردد على مسامعي أكثر من مرة مالاً، إنما السهم صك بحصة مالية، فسواء قام المساهم بالزكاة أم قامت الشركة بهذه الزكاة فهذه الزكاة عندي لا تخرج عن كونها زكاة عروض تجارية. وإذا أردتم تسميتها بزكاة الأسهم فليس هذا إلا من باب المجاز. هذه نقطة.

النقطة الثانية: ولعلها مهمة في الصياغة التي هي موضع الإشكال المؤجل. سمعت بعض الإخوة الذين ميزوا بين أسهم تتخذ للتجارة وبين أسهم تتخذ للاستغلال كما فهمت. أما الأسهم التي هي عبارة عن حصة مالية في شركة فهذا لا خلاف فيه، ولكن إذا اتخذت الأسهم عروضاً تجارية للمتاجرة بها فأرجو على الأقل عند الصياغة أن يراعى ما فهمنا. الموقف الشرعي من جواز ذلك قبل مسألة الزكاة. هل يجوز أن تتخذ الأسهم عروضاً تجارية يتاجر بها. بعد ذلك إذا فرضتم الزكاة عليها من باب أنها زكاة على حرام أو على حلال فهذه مسألة أخرى، ولكني أتفق مع الدكتور الصديق في أن هذا الموضوع ليس مسلماً به عندي على الأقل.

ص: 604

النقطة الأخرى. مما يساعد في نظري والله أعلم على الاجتهاد في المسائل المستحدثة في باب الزكاة ألا ننظر فقط إلى المال وطبيعته وتصنيفه بين الأصناف الزكوية، بل أن ننظر أيضاً إلى أمور أخرى، منها مثلاً على سبيل المثال المعدل. فمعدلات الزكاة المأثورة هي كما تعلمون ربع العشر 2.5 % ونصف العشر 5 %، و10 % و20 % هذه هي المعدلات الأربعة التي أوثرت لنا في الفقه الإسلامي، وعندما يقال مثلا: زكاة على أرباح، على أرباح الشركة أرجو أن لا يفهم من ذلك أن هذه الزكاة يعني لا يمكن أن يقال هذا بغض النظر عن المعدل. فالزكاة مثلاً عندما تفرض على الأرباح لا تفرض بمعدل 2.5 % قولاً واحداً، وإنما تفرض بمعدل 10 % مثلاً إذا كان على الربح الصافي و5 % مثلاً إذا كانت على الربح المجمل.

فلذلك حتى لو أخذت الزكاة من الأرباح فإنها لا تعتبر في نظري من كل الوجوه زكاة على الربح، وإنما تعتبر زكاة على الأصل أيضاً، ولكنها لا تؤخذ إلا إذا وجد الربح. هذه نقطة.

نقطة أخرى. ذكر على سبيل العرض السريع نصف دقيقة الدكتور السالوس حول الكلام عن سندات الفائدة. أعتقد أن هذه النقطة غطاها فضيلة الدكتور وهبة فلا أعود إليها. حول موضوع الشخصية المعنوية أريد أن أقول كلمة موجزة. من خلال ما قرأت عن الشخصية المعنوية بقلم الكتاب المسلمين أساتذتنا الأفاضل لم أستطع أن أتبين بوضوح: هل هناك فرق يا ترى بين الشخصية المعنوية التي ابتكرها رجال القانون الغربيون وبين أن يقال: إن هذا المال في مجموعه ملك لمجموع الشركاء، لا أكاد أرى الفرق بينهما. هل هناك فرق بين أن نقول لهذه الشركة شخصية معنوية أو أن مجموع أموال الشركة تعود إلى مجموع أموال الشركاء؟ لا أكاد أرى الفرق ولاسيما في هذا الباب، وهذه مسألة مهمة فيما نحن بصدده ومهمة في موضوعات أخرى.

ص: 605

النقطة الأخرى التي أريد أن أتعرض لها قد عرج عليها أستاذنا الدكتور الزحيلي حول موضوع الديون والمصاريف –أنا أضيف إليها المصاريف- الذي ألفناه من مألوفات الفقه الإسلامي أن المصاريف والديون أمور باطنة، وأنا الذي أعرفه في حدود علمي القاصر أن هذه الأمور الباطنة قد تركها الشارع لكي تعالج مع الأموال الباطنة لا مع الأموال الظاهرة، دليلي على ذلك باختصار ما يلي:

فعند الكلام مثلاً عن زكاة النقود التي وكلت إلى ضمائر الأفراد كما في عهد عثمان بن عفان كما هو معلوم، وفيما بعد ذلك، وأنا أوافق على هذا الرأي، يستطيع الإنسان المزكي أن ينزل ما عليه من الديون ويخرج الزكاة من الباقي، لكن في أموال ظاهرة كأموال السائمة والزروع والثمار لم أعهد الشارع رعاية لموضوع المصاريف والديون. كل الذي نعرفه أن هناك نصاباً إذا توافر هذا النصاب أخذت الزكاة. فإذن موضوع المصاريف وموضوع الديون لا قيمة له في نظري في الأموال الظاهرة، وهذا موضوع عملي في التطبيق العملي من باب التيسير.

زكاة الأسهم موضوع النقطة الأخيرة التي أعرج عليها، وهي النقطة التي طلب سيادة الرئيس الكلام عنها. زكاة الأسهم إذا زكيت فأنا أرى أنه لا خلاف عندي في أن زكاتها تجب بالقيمة الفعلية بالقيمة السوقية. وأريد أن أقول إن هذه القيمة السوقية يجب أن لا تتدخل فيها المضاربات "المقامرات"، وإنما القيمة السوقية المستندة إلى التقويم التقريبي التقديري على الأقل لميزانية الشركة. أقول هذا وأستغفر الله. وشكراً.

ص: 606

الدكتور محمد عمر الزبير:

بسم الله الرحمن الرحيم.. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

هناك حقيقة اقتصادية أود أن أعرضها لتنير لنا التكييف الشرعي لقضية الأسهم. الواقع وجود الأسواق المالية وتداول هذه الأسهم حولها إلى جنس جديد يختلف عن طبيعة جنس الشركات أو أجناس الشركات، سواء كانت شركات إنتاجية أو شركات زراعية أو شركات صناعية. فسيولة الأسهم الآن في الأسواق يتداولها الناس وتباع للاتجار. فعندي في الواقع أن حقيقة هذه الأسهم هي من عروض التجارة، لا ترجع إلى أصلها، فقد تحولت من جنسها باعتبار جنس إلى جنس آخر جديد، حتى ولو كان أصلها زراعية أو صناعية أو إنتاجية؛ وذلك لسهولة تداول هذه الأسهم. وهناك سوق مالية في الواقع النمط السلوكي لكثير من المساهمين والمشتركين في هذه الأسهم لا يتلكونها للقنية ولا الاحتفاظ بها فترة طويلة، وإنما لتداولها في هذه الأسواق، وإن كانت هذه الظاهرة غائبة عنا في بعض مجتمعاتنا، وبعض الأفراد يقتنون مثل هذه الأسهم لأجل القنية وليس لأجل التجارة فهذه ظاهرة مع الزمن تتغير وتتحول إلى الظاهرة الأخرى التي تسود الأسواق العالمية. فهذه النقطة أود أن أعرضها على الفقهاء في التمييز بين التملك للقنية والتملك لأجل الاتجار، فتخضع أغلب –أقول: أغلب- الأسهم إلى جنس عروض التجارة. وشكراً.

الرئيس:

شكراً.. نحن أمامنا في هذه الليلة "انتزاع الملك للمصلحة العامة" فهل ترون أن نكتفي بما حصل من مداولات وإلا فإن بقي لدي سبعة أسماء من أصحاب الفضيلة، فهل ترون أن نكتفي وننهي الموضوع ثم نشرع في نزع الملك للمصلحة العامة، إذن الشيخ عبد السلام مع الاختصار.

ص: 607

الشيخ عبد السلام داود العبادي:

بسم الله.. أختصر وفقط أقول كلمة بالنسبة للشخصية الاعتبارية. في الواقع الشخصية الاعتبارية هنا تملك الشركة تملك وهي مملوكة، لا نستطيع أن نقلل من قضية الشخصية الاعتبارية هنا باعتبارها تملك، وهذا تخريج عرفه فقهاؤنا ووثقه الفهم القانوني الحديث. لكن هذا موضوع آخر غير موضوع الزكاة لأن حديثنا في موضوع الأسهم وكما وضح الآن هو موضوع الحصص، فباعتبار الزكاة ننظر إلى موضوع الأسهم، يعني الذين يملكون هذه الأسهم، الذين يملكون هذه الحصص هم الذين نبحث معهم قضية الزكاة.

ولا يعني أن وجود الملكية لجهة أنه لا بد من الحديث عن الزكاة. فالوقف جهة الوقف تملك بيت المال يملك ولا نثير قضية الزكاة في الأعم الأغلب من أقوال فقهائنا. فباعتبار الزكاة ننظر إلى جهة الحصص، فهي زكاة الأسهم وليست زكاة الشركات المساهمة باعتبارها مالكة لأموالها؛ لأن الملكية كما نعلم أساسها التصرف. ما دمت أتصرف إذن أملك. في ظني أنه يجب الإبقاء على مفهوم النية والقصد إذا كانت هذه الحصص تملك للقنية لا بد من ملاحظة أنواع الأموال ولا بد من ملاحظة ربط الزكاة بالدخل. وإذا كانت للمتاجرة وهذا هو موضوع السيولة لأنه نعم السيولة سيلت هذا المال لكن ليس شخص يقصد تسييل هذا المال ينالها للقنية، ويسجلها بأسماء أبنائه للمستقبل، فعند ذلك تعامل معاملة عروض التجارة ويكون أساس التقويم هو السعر الحقيقي وليس السعر الرسمي. وشكراً.

الشيخ رجب بيوض التميمي:

بسم الله الرحمن الرحيم.. الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

أريد أن أوجز، ما أريد أن أقوله: إن الأسهم في الشركات المتنوعة إن كانت تجارية أم زراعية أم صناعية هي أموال قصد أصحابها تنميتها والاستفادة من أرباحها ولا وجه للتفرقة بين الشركات لأنها جميعها تعمل للتنمية والربح، وإذا أردنا أن نعفي بعض الشركات كالشركات الصناعية أو نعتبر الشركات الزراعية كالأرض الزراعية تؤتي أكلها يوم حصادها. فإننا نعفي كثيراً من الأموال الطائلة من الزكاة، هذه الأموال التي في الشركات الصناعية، وهذا الزمن هذا الوقت العالمي الأموال كلها أو أكثرها تجمع في شركات تجارية أو زراعية أو صناعية، ولقد أثبت الواقع أن ربح هذه الشركات يفوق ربح الأشخاص الذين يتاجرون بأموالهم منفردين. فإذا أردنا أن نعفي بعض هذه الشركات وهي تنتج وتربح كثيراً فإننا نسهل السبيل على بعض أصحاب الأموال لوضع أموالهم في مثل هذه الشركات للتخلص من الزكاة ولذلك وباختصار فإني أقول: إن جميع الشركات سواء كانت تجارية أم صناعية أم زراعية أم شركات أخرى كخدمات أو غيرها هي شركات تعمل للتنمية والربح والمال والزكاة على مالكي الأسهم الذين يخرجونها بنيتهم؛ لأنها عبادة، ولا وجه لإعفاء أي شركة لأي سبب كان، وإلا قضينا على قسم كبير من الأموال لتخرج الزكاة.

أقول قولي هذا لأوضح وقد بينت هذا في بحثي وأود أن أقول: إن الفتوى كرأي أن تكون شاملة لكل شركة ولكل مال بلغ نصاباً وحال عليه الحول بلا تفريق. وشكراً.

ص: 608

الشيخ محمد المختار السلامي:

بسم الله الرحمن الرحيم.. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً.

اضطررت لأخذ الكلمة لتعليق بسيط وهو أنه لا يمكن أن يقع بين العلماء وهم يتحدثون ومن ينتسبون إلى العلم إلا مع الاتفاق على المصطلحات واستعمال المصطلح في مكانه. فإذا وجوب فهو خطاب تكليف وإذا قلنا سبب أو شرط أو مانع أو تقادير شرعية من إعطاء المعدوم حكم الموجود أو إعطاء الموجود حكم المعدوم أو رخصة أو عزيمة فذلك من خطاب الوضع. وشكراً.

الشيخ عمر سليمان الأشقر:

الحمد لله رب العالمين.. والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

المشكلة عندما تقوم دولة إسلامية تريد أن تطبق حكم الزكاة على المجتمع المسلم، فهل يستطيع علماؤنا الأفاضل أن يستثنوا الشركات المساهمة من أن تؤخذ منها الزكاة، وهي تمثل التجمعات المالية الضخمة في المجتمعات المعاصرة. أنا لا أريد أن أخوض في مشروعية الشركات المساهمة. فكما نعلم جميعاً المعاملات على الإباحة ما لم يأت نص يحرمه. أما العبادات فإنها على التوقيت والمنع، إلا إذا جاء النص المشرع. لا شك أن هذا نمط جديد من الشركات لم يكن له وجود في المجتمع المسلم قديماً، والشريعة الإسلامية لا تمنع أن توجد الأنماط في المعاملات إذا لم تكن هناك نصوص مانعة. لا نستطيع أن نقول للدولة الإسلامية: دعي الأموال ثم خذي منها الزكاة وهي التي تحرص على أنه إذا ما اجتمع بعض الإبل أو بعض الغنم أن تأخذ منها الزكاة؛ حرصاً على أن نأخذ حق الفقراء بأيسر السبل وأسهلها. فإذا ما تجمع ملايين ومئات الملايين ثم بعد ذلك نسمح أن تتوزع هذه الأموال لنأخذ عليها الزكاة بعد توزيعها. النمط الجديد من المعاملات هو الذي يجتمع له الناس لا ليطبقوا عليه القواعد الجزئية والأحكام الجزئية، إنما المشكلات الجديدة تحتاج إلى نظرة فقهية واسعة. أنا لا أتكلم كما ذكر بعض إخواننا بالعاطفة، ولكن هذه طبيعة المشكلات التي تجد وتظهر لا نتعامل معها بالنظرات الجزئية وإنما ننظر إليها نظرة كلية، هذه مشكلات تواجه المجتمع المسلم، وسيزداد أمرها عندما تقوم دولة إسلامية شاملة تريد أن تأخذ الزكاة من الجميع وتجد أمامها تجمعات مالية تبلغ ملايين ومئات الملايين ومليارات لا نستطيع أن نعفيها من أن تأخذ الزكاة. أكتفي بهذا المقدار وشكراً.

ص: 609

الشيخ خليل محيي الدين الميس:

بسم الله الرحمن الرحيم.. تعقيب بسيط على كلام الأخ الدكتور وهبة عندما حيرنا بين الدائن والمدين، وهو يعلم أنه من لم يوجب الزكاة على الدائن أوجبها على المدين، ومن لم يوجبها على المدين أوجبها على الدائن.

أمر آخر خطر في البال الشخصية المعنوية في الشركة. فالشركة من حيث إنها تملك لذلك أقتصر حكم الإفلاس على المال الذي هو بنية الشركة أي رأس المال ولا يتجاوز حكم الإفلاس على مال المالكين خارج الشركة. إذن من حيث إنها تملك اقتصر حكم الإفلاس على المال رأس مال الشركة ولا يتجاوز إلى الأشخاص الآخرين. ومن حيث إنها مملوكة لذلك يخاطب المالكون بالزكاة. فإذن هي مالكة وهي مملوكة. والله أعلم والسلام عليكم.

الشيخ أحمد بازيع الياسين:

بسم الله الرحمن الرحيم.. الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد

أود أن أبين ما هو السهم؟ يعني تعريف السهم حسب فهمي أنه يمثل حصة عينية مشاعة في شركة مساهمة يتداول أسهمها في السوق بيعاً وشراء، والشركات أنواع منها تجارية ومنها عقارية وزراعية، حتى الزراعية الآن تشمل الأبقار والدواجن، وصناعية، ومنها عامة فيها نقود وفيها تجارة وفيها عقار وفيها زراعة وفيها صناعة. وهناك نوعان من المستثمرين: مستثمرون يقتنون للريع السنوي، ومستثمرون متداولون للسهم كتجارة. فبيت التمويل الكويتي ذكر الإخوة عن البنوك الإسلامية فلا بد أن أبين ما ذهب إليه بيت التمويل الكويتي في الزكاة. بيت التمويل الكويتي لا يزكي البيت عن الناس، إنما المساهمون هم يزكون أسهمهم حسب معرفتهم، إلا من يوكل البيت في ذلك فالبيت يقوم بالنيابة عنه بالزكاة عنه. إذا هناك شركة مساهمة لا يتداول أسهمها في السوق بيعاً وشراءً، إنما ملاك الأسهم لا يتغيرون إلا بالتصفية.

أنا أميل إلى رأي الدكتور الصديق الضرير لأن هذه ما فيها إشكال الحق ولا فيها تغيير للمالك، وهذه نادرة الوجود. أميل في الحقيقة إلى أن نرد الشيء إلى أصله في كيفية إخراج الزكاة. إذا كانت شركة تجارية نزكيها كعروض التجارة، إذا كانت عقارية، وإن كان نوى للتجارة وهي عقار أو صناعة ربما لا يمكنه السوق من التداول في بيع عقاره أو بيع ما يملك من مصانع فكيف في الحقيقة أنا في نفسي منها شيء. كيف نزكي على النية ونترك حقيقة العين.

أنا أرى أن نرجع كل شيء إلى حقيقته إلا إذا هناك في الفقه الإسلامي من حكم يتغير بتغير الظرف إذا كانت نيتي اقتناء السهم للتجارة. السهم الصناعي والعقاري وما إلى ذلك ونويت فيها للتجارة، ثم لم أمكن من ذلك وبقي عقاري وبقي مصنعي عشر سنوات بدون تداول، هل هناك في الفقه الإسلامي ما يمكنني بما أني لم أتمكن من تحقيق نيتي بأن يتغير حكم الزكاة في ذلك، إذا كان في الفقه الإسلامي شيء من هذا نريد الجواب عليه. وشكراً.

ص: 610

الشيخ محمد سيد طنطاوي:

بسم الله الرحمن الرحيم.. تعجبني الكلمة التي حفظناها خلال عهد طلبنا للعلم وما زلنا طلاباً للعلم، تلك الكلمة التي يقول أصحابها:"الحكم على الشيء فرع عن تصوره"، والموضوعات التي بين أيدينا منها موضوعات فقهية خالصة ومنها موضوعات بجانب أنها فقهية تحتاج في جانب منها أيضاً تارة إلى أن يكون مع رجل الفقه رجل الاقتصاد أو رجل الطب؛ لأن العلم رحم بين أهله كما يقولون، والفتاوى أقرب ما تكون إلى الصواب عندما يكون مع الفقيه في المسألة التي تحتاج إلى دراسة متنوعة يكون إلى جانبه الرجل المتخصص، وأنا شخصياً أميل في أمثال هذه البحوث إلى أن يكون معنا من الرجال العاملين في البنوك الذين نثق بعلمهم ونثق بدينهم، أن يكون معنا واحد أو اثنان أو ثلاثة على حسب ما يرى فضيلة الدكتور رئيس المجلس لكي يوضح الصورة أكثر وأكثر وأكثر؛ لأن الشركات في أيامنا هذه شركات متنوعة ومتعددة، وأيضاً يا حبذا لو كان بين أيدينا بعض اللوائح والقوانين التي تتعلق بهذه الشركات تكون الصورة أكثر وضوحاً. ولا أقول ذلك بالنسبة لجميع مشايخنا الذين يجلسون معنا وجميع زملائنا، وإنما أنا أقول ذلك بالنسبة لنفسي.

الأمور في مثل هذه الموضوعات الشائكة تحتاج إلى أن يكون إلى جانب رجل الفقه رجل القانون ورجل الاقتصاد، وقد أشار إلى ذلك الأخ الدكتور الأستاذ رفيق المصري والأخ الدكتور الزبير، وفي الحقيقة أنا أميل إلى هذا الرأي، ولهذا أرى إذا ما تشكلت لجنة للبت في هذا الموضوع أرى من المناسب أن يكون مع هذه اللجنة الفقهية بعض من نثق بعلمهم وفضلهم من الرجال المتخصصين في الناحية الاقتصادية أو القانونية أو غيرها؛ حتى تكون الفتوى إن شاء الله أقرب إلى الصواب وأقرب إلى الحق بإذن الله. والله الموفق.

ص: 611

الرئيس:

شكرا، وأحب أن أحيط فضيلتكم بأنه يوجد متخصصون وهم الفاضلان بجانبك الاثنان الجاران لك. وأما المستشارون في البنوك فيوجد عندنا، وعلى رأسهم الشيخ الضرير. الشيخ الضرير.

الشيخ الصديق محمد الأمين الضرير:

بسم الله الرحمن الرحيم.. في الواقع أنا طلبت الكلمة لأعلق على بعض التساؤلات أو الاعتراضات، وأبدأ بالمتحدث الأول، فقد ذكر قاعدة أوافقه عليها، وهي أن المنظومة لا بد أن تكون متناسقة، والمبدأ يجب أن ينطبق على جميع الفروع، هذا كلام جيد. والمبادئ التي بنيت عليها كلامي أو بحثي هي ثلاثة مبادئ:

المبدأ الأول: أن الزكاة واجبة على المساهمين، وليست واجبة على الشركة.

المبدأ الثاني: وهذا المبدأ أظنه أصبح محل اتفاق، كما قرره السيد الرئيس: وجوب زكاة الأسهم على المساهمين.

المبدأ الثالث: الأخذ بمبدأ الخلطة في الأموال، وهذا لم أبتدعه أنا ولم أخالف فيه النصوص كما أشار بعض الإخوة الكرام، وإنما هذا هو رأي الشافعي. وقد نقلت كلام ابن رشد في هذا الذي بين فيه بوضوح منشأ الاختلاف بين الشافعي وغيره، وكلام هؤلاء الأئمة الأجلاء، وقفوا على الحديث واختلفوا في تفسيره. فالاختلاف راجع إلى فهم الحديث، فلا نستطيع أن نقول: إن من يقول بأخذ بمبدأ الخلطة في النقود قد خالف النص، وإلا حكمنا على الشافعي بأنه خالف النص مع علمه به.

المبدأ الثالث: مبدأ المال المستفاد أنه يتبع أصله ولا يشترط فيه حولان الحول، وهذا هو رأي الحنفية وبعض غيرهم، وهو معروف ومدون. وسرت على هذه المبادئ الثلاثة لم أخرج عنها في أي جزئية من الجزئيات. ولعل أهم جزئية أثيرت هي ما بدأ به السيد رئيس المجلس، وهي كيف نوجب الزكاة على المشتري الجديد الذي دخل في هذه الشركة. هذا يخضع لهذين المبدأين: مبدأ الخلطة، ومبدأ المال المستفاد. فبعدما قررنا أن الشركة واجبة على المساهمين، وهذه الشركة قد اشترك فيها

مساهم ثم جاء أحدهم خرج من الشركة ودخل شخص آخر، فهذا مال مستفاد بالنسبة لهؤلاء الشركاء المساهمين، الذين تجب عليهم الزكاة، والذين اعتبرنا الأموال كلها كمال شخص واحد بمقتضى مبدأ الخلطة، تجب فيها الزكاة، وفي هذا الإجابة على اعتراض آخر كيف تجب الزكاة في مال لم يبلغ النصاب. أنا لم أقل هذا. لم أقل: إن الزكاة تجب في مال لم يبلغ النصاب هذه مسألة مسلم بها. إنما قلنا: إن إعمالنا لمبدأ الخلطة إذا كان أموال الخلطاء، ويجب أن يكونوا مسلمين، وقد غناني بعض الإخوة الإجابة عن هذا بين مسلم وغير مسلم، وهذا غير متصور إذا كان مجموع المال الذي يملكه من تجب عليهم الزكاة، وكانوا عشرة، وكل واحد منهم عشر النصاب، هؤلاء العشرة تجب عليهم الزكاة. فليس هناك قول بأن المال الذي لا يبلغ النصاب تجب فيه الزكاة.

ص: 612

المتحدث الأول استشكل موضوع: كيف تجب الزكاة على الشركة، وهذا في الواقع ليس إشكالاً، وأنا قد قررت فيه رأيي. موضوع مذهب الإمام مالك في موضوع المحتكر والمدير، هذا رأي تفرد به الإمام مالك، وأنا لم آخذ به، وكما قلت لكم: نحن مشينا في رأينا بالنسبة للزكاة على التيسير، ومذهب الإمام مالك هذا معروف في التفرقة بين هذا لم آخذ به، ولا إلزام في الأخذ به.

فيما يتعلق بفكرة المستغلات، أنا كل ما فعلته أني نقلت هذا الرأي. وأنتقل من هنا للرد على جزئية ذكرها بعض الإخوة، وهي ما ورد في الصفحة الخامسة. قلت في الصفحة الخامسة: والواقع أن هذا الاختلاف ليس خاصاً بالأسهم. أنا لم أقل ليس هناك اختلاف، وإنما قلت: إن الاختلاف بين الشيخ عبد الرحمن عيسى في أنه لا يوجب الزكاة في الشركات الصناعية وبين الشيخ القرضاوي ومن وافق كلا منهما. قلت: إن هذا الاختلاف ليس خاصاً بالأسهم والشركات؛ لأنه يمكن أن يقال في كل مستثمر على الرأيين هي أن الأسهم أموال تجب فيها الزكاة، ولم أقف عند هذا كما ذكر الأخ الكريم، وإنما قلت: تجب فيها الزكاة إذا توافرت شروط وجوبها.

والاختلاف بين رأي الشيخ عيسى والدكتور القرضاوي هو في تحقق شروط الوجوب فليس هناك خلاف خاص بأسهم، الخلاف في جزئية كبيرة يدخل فيها الأسهم.

بعض الإخوة اعترضوا على أن نقيس على الخلطة، ولا أدري لم هذا الاعتراض؟ نحن لم نقس وإنما أخذنا رأي الشافعية بعينه، ليس هناك قياس، فأنا أخذت برأي الشافعية في أن الخلطة تؤثر في الأموال.

أما ما يتعلق بالتجارة في الأسهم فأنا قلت: إن في نفسي من هذا شيئاً، وأرجو أن يكون محل بحث، ولست أنا الذي تفردت بهذا القول، وهناك كثير أو بعض الفقهاء المعاصرين لم يجوزوا، حتى صراحة منعوا بيع الأسهم.

ص: 613

نقطة أخرى في التفرقة بين المساهم إذا عرف من حسابات الشركة أو لم يعرف. الأخ المعترض يقول: إن المساهم يستطيع أن يعرف دائما هذا فليكن لا إشكال في هذا، أنا كلامي فيما إذا لم يعرف. أما الشركات التي نتحدث عنها وأنا ذكرت البنوك، والبنوك شركات تلتزم بالأحكام الشرعية. طبعاً نحن لا نتكلم عن شركات لا تلتزم بالأحكام الشرعية، أو تتعامل بالربا، هذه طبعاً لا يجوز الدخول في أسهمها من أول الأمر، هذه مفروغ منها، وليست محلا للبحث.

نقطة أخيرة من كلام الشيخ الزبير في حقيقة السهم، وهو يرى أن الأسهم لا تتخذ لأجل القنية، وإنما تتخذ لأجل التجارة. لا أدري كيف نوفق بين هذا وبين الواقع. الذي أعرفه أن عدداً لا يستهان به يقتنون هذه الأسهم لأجل القنية، ولأجل الاستفادة من ربحها، أما أن يقتنيها لأجل التجارة فهذا فهم جديد إذا كان هذا هو رأي الاقتصاديين، وأن الأسهم الغرض الأساسي منها أن تقتنى للتجارة، هذا يقتضي منا نظرة أخرى إلى الموضوع. وأكتفي بهذا وشكراً.

الشيخ عبد الله بن بيه:

بسم الله الرحمن الرحيم، اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً.

فضيلة الرئيس، الحقيقة كما قال الشاعر:" هل غادر الشعراء من متردم" أعتقد أن الخطباء لم يتركوا مقالاً لقائل ولا مجالاً لجار. ولأجل ذلك اقتصاراً للوقت أرى أنه بإمكانكم أن تطلبوا من المؤتمرين: هل يوافقون على تقليد الشافعي رحمه الله تعالى في مسألة الخلطة؟ وهل يوافقون على تقليد أبي حنيفة رحمه الله تعالى في المسألة المتعلقة بالموضوع؟ نكون بهذا قد قطعنا خطوة في اتجاه الحل. لا يبقى بعد ذلك إلا تكييف المسألة أو ما يسمى بتحقيق المناط في عرف الأصوليين. هذا التكييف يتعلق بالأسهم، وقد تقوم به لجنة من الاقتصاديين؛ لأن المبادئ قد ووفق عليها وانتهى. الذي دفعني إلى هذا التعليق حقيقة هو كلمة قالها أحد الإخوة المحترمين، وهو أن المال الحرام تجب فيه الزكاة، وقال: إنه لا يعلم أحد من الأئمة قال بعدم وجوب الزكاة فيه، وأنا أسأله: هل عرف أحداً؟ وهل يمكن أن يقول: إن عالماً واحداً أوجب الزكاة في المال الحرام؟ المال الحرام غير مملوك لصاحبه، والزكاة من شرطها تمام الملكية. لا بد من تمام الحول وتمام الملكية.

إذن كيف يسمح لنفسه أن يقول: إن المال الحرام تجب فيه الزكاة؟ وإنه لا يعلم أحد من المسلمين يقول بعدم وجوب الزكاة فيه. أرجو التنبيه إلى هذا. وشكراً سيدي الرئيس.

ص: 614

الدكتور سامي حسن حمود:

شكراً سيدي الرئيس، أتكلم في نقطتين وبدقيقتين. النقطة الأولى دفعاً للبس الذي قد يظن أن القول بالشركات المساهمة لا تزكى أنه منع الزكاة كلياً. الحقيقة هي تحوير الدفة أن الزكاة على المساهم يزكيها بحساباته ووفق حوله ونظامه.

النقطة الثانية: هي سمعت من بعض الإخوة أنه إذا عملنا كذا وقلنا في الزراعة كذا، فقد يخشى تحول المستثمرين إلى الزراعة ليتهربوا من الزكاة. الواقع أن الشريعة الإسلامية شريعة كاملة، ولا ينطبق عليها ما قد ينطبق على القوانين الحديثة من حيث براعة المحامين في الدوران من خلف النصوص القانونية، وقد يكون هناك توجيه اقتصادي دقيق في المعايير التي وضعها الشرع في نصاب الزكاة. وأضرب مثلاً حسابياً سريعاً: شخص يملك ألف دينار، أبقاها كما هي، زكاتها مع حلول الحول 25 ديناراً. آخر تاجر في ماله ومع تقليب التجارة عدة مرات خلال العام أصبح عروض التجارة في موجوداتها 1400، وزكاتها 35 دينار. شخص اشترى بالألف دينار أرضاً تسقيها السماء فأعطت إنتاجاً قدره 300 دينار، فيه العشر، فعليه زكاة 30 دينارا، شخص آخر رواها بالآلة، وأعطته إنتاجا زائداً قدره 400 دينار، فزكاته 20 ديناراً. هذه التوجهات وكأنها تشير إلى أن مالك المال إذا أراد أن يتهرب وأن يقلل من زكاته، فأعطى المردود في الزراعة المروية 20 ديناراً هو أقل مقدار ممكن أن يؤديه، لكن لينظر المفكرون الاقتصاديون المسلمون في الأثر الناتج عن زراعة الأرض بالآلة، انتفع مصنع الآلة وانتفع العامل على الآلة، وانتفعت الأرض بالإحياء، كل هذه نتائج اقتصادية مرتبطة بهذه المعايير الشرعية. فليست قضايا النصاب وقضايا التوزيع من القضايا التهريبة أو التي يتم بها التحايل على الشريعة، ولكن الشريعة تبرز جمال التطبيق في المجتمع المتكامل، بحيث إن هذا المال الذي استعمل في أشد الأمور معاناة عبؤه في الزكاة خفيف، ولكن أثره في المجتمع قوي وكبير. هذه هي النقطة التي تتحكم في توزيع الأنصبة والمقادير. وشكراً لكم.

ص: 615

الدكتور رفيق يونس المصري:

بسم الله الرحمن الرحيم، النقطة الأولى التي أحب الكلام عنها هي مسألة السهم إذا بيع خلال الحول. في الحقيقة أن شركة المساهمة النقطة المفيدة فيها إذا كانت هناك من فوائد، ولا أتكلم عن الشركات المثلى في الشريعة الإسلامية، أن رأس مال الشركة يعتبر ثابتاً وإن تغيرت أشخاص المساهمين، فالسهم إذا بيع خلال الحول فإن الشركة طبعاً طالما أنها هي التي تقوم بإخراج الزكاة في نهاية الحول، هذه الزكاة لا شك أنها ستنزل من الأرباح القابلة للتوزيع على المساهمين. معنى ذلك أن الشخص الذي يشتري السهم خلال الحول لا في بدايته ولا في نهايته، فإنه يتوقع أن يكون الربح الذي يخص سهمه أو أسهمه أقل، ومعنى ذلك أن هذه المسألة يمكن استدراكها من خلال ثمن السهم الذي يباع، وإن وقعت الزكاة على شخص المساهم الأخير، شخص المساهم التي تمت الزكاة في وقته. أما الشخص الأول فإنه يخسر المقدار المتوقع من الزكاة من خلال الثمن الذي يباع به السهم.

ما أشار إليه الدكتور الزبير حول موضوع سهم للقنية وسهم للتجارة، أنا لا أرى أن هذا التمييز وارد في هذا المجال بين قنية وتجارة، فهذا قد ذكره الفقهاء في باب العروض فقالوا: إن هناك عروض قنية وعروض تجارة من أجل الوصول إلى عروض القنية لا تزكى. لا أدري هل يريد الدكتور الزبير أن الأسهم إذا كانت للقنية لا تزكى كعروض القنية. والله أعلم.

أنا أشكر أستاذنا الشيخ ابن بيه على هذه النقطة التي أطلقها وهي أن المال الحرام غير مملوك لصاحبه، وأنا في الحقيقة لا أتصور كيف أن شخصاً يأكل الحرام ويخرج الزكاة. وشكراً لكم.

ص: 616

الرئيس:

بسم الله الرحمن الرحيم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد.

فيتضح من المناقشات التي جرت في موضوع زكاة الأسهم في الشركات أنه لا نزاع في وجوب الزكاة، وأن الزكاة في أصل وجوبها إنما تجب على المساهم المسلم، ثم يأتي البحث في تكييفها، ولعل الاتجاه العام من خلال هذه المداولات يفيد تنزيل التكييف لها منزلة الشخص الطبيعي، فيما لو كان مالكاً لكل الشركة، أو لكل رأس المال، سواء كان من حيث النصاب أو من حيث المقدار الذي يخرج زكاة في عين المال، مع مراعاة المشروع الذي سبق أن أعد في الدورة الثالثة في عمان ثم حصل إيقافه لاختلاف حول صياغته، ورغبة في أن يخرج الموضوع بصفة دقيقة وأن يحوي الأصول التي تجرى عليها الأحكام في زكاة الأسهم، فقد ترون مناسباً تأليف لجنة من العارض والمقرر وبعض الأعضاء وهو المشايخ: الصديق الضرير، السالوس، الشيخ محمد عبد اللطيف، طه العلواني، أحد البازيع. والشيخ طه إذا كان منشغلاً بلجنة أخرى ممكن نضيف إليهم الشيخ عمر الأشقر، فإن حضر الشيخ طه فجزاه الله خيراً وإن لم يحضر فالشيخ عمر الأشقر فيه البركة مع المشايخ. هل ترون هذا مناسباً؟

شكراً، وبهذا ترفع الجلسة وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

ص: 617

مناقشة مشروع القرار الذي وضعته اللجنة

الشيخ عبد الستار أبو غدة:

زكاة الأسهم في الشركات بعد الديباجة. قرر المجمع ما يلي:

أولاً: تجب زكاة الأسهم على أصحابها، وتخرجها إدارة الشركة نيابة عنهم إذا نص في نظامها الأساسي على ذلك، أو صدر به قرار من الجمعية العمومية، أو كان قانون الدولة يلزم الشركات بإخراج الزكاة، أو حصل تفويض من صاحب الأسهم لإخراج إدارة الشركة زكاة أسهمه.

ثانياً: تخرج إدارة الشركة زكاة الأسهم كما يخرج الشخص الطبيعي زكاة أمواله، بمعنى أن تعتبر جميع أموال المساهمين أموال شخص واحد، وتفرض عليها الزكاة بهذا الاعتبار من حيث نوع المال الذي تجب فيه الزكاة، ومن حيث النصاب.

الرئيس:

ما ترون أن يقال: تعتبر جميع أموال المساهمين كأنها مال شخص واحد، بمثابة شخص واحد.

الشيخ عبد الستار أبو غدة:

بمثابة أموال شخص واحد.

الشيخ عمر جاه:

بسم الله الرحمن الرحيم، هي المشكلة أنه نفترض أن المساهمين كلهم مسلمون على فرض الشركة فيها مساهمون مسلمون وغير مسلمين.

الشيخ علي المغربي:

قد يكون شخص مساهم قلنا وأن الشركة تؤدي زكاة أموال المساهمين، وقد يكون هناك شخص مساهم لم تصل إليه في أسهمه لم يجب عليه الزكاة؛ لأنه دخل متأخراً ولم يحل عليه الحول. قد يكون شخص دخل في وسط السنة أو في آخر السنة، وكان للشركة مرور حول، غير أن أموال مساهم لم تصل إلى الحول فهل نوجب عليه الزكاة في هذه الحالة.

ص: 618

الرئيس:

سيأتي يا شيخ. سيأتي في القرار.

الشيخ عبد الستار أبو غدة:

وغير ذلك مما يراعى في زكاة الشخص الطبيعي، وذلك أخذاً بمبدأ الخلطة عند من عمم من الفقهاء في جميع الأموال. ويطرح نصيب الأسهم التي لا تجب فيها الزكاة، ومنها أسهم الخزانة العامة، وأسهم الوقف الخيري، وأسهم الجهات الخيرية، وكذلك أسهم غير المسلمين.

ثالثاً: إذا لم تزك الشركة أموالها لأي سبب من الأسباب، فالواجب على المساهمين زكاة أسهمهم، فإذا استطاع المساهم أن يعرف من حسابات الشركة ما يخص أسهمه من الزكاة لو زكت الشركة أموالها على النحو المشار إليه، زكى أسهمه على هذا الاعتبار؛ لأنه الأصل في كيفية زكاة الأسهم. وإن لم يستطع المساهم معرفة ذلك: فإن كان ساهم في الشركة بقصد الاستفادة من ريع الأسهم السنوي، فإنه يزكيها زكاة المستغلات، وتمشياً مع ما قرره مجمع الفقه الإسلامي في دورته الثانية بالنسبة لزكاة العقارات والأراضي المأجورة غير الزراعية، فإن صاحب هذه الأسهم لا زكاة عليه في أصل السهم، وإنما تجب الزكاة في الريع، وهي ربع العشر بعد دوران الحول من يوم قبض الريع، مع اعتبار توافر شروط الزكاة وانتفاء الموانع.

وإن كان المساهم قد اقتنى الأسهم بقصد التجارة، زكاها زكاة عروض التجارة، فإذا جاء حول زكاته وهي في ملكه، زكى قيمتها السوقية، وإذا لم يكن لها سوق، زكى قيمتها بتقويم أهل الخبرة، فيخرج ربع العشر 2.5 % من تلك القيمة ومن الربح إذا كان للأسهم ربح.

رابعاً: إذا باع المساهم أسهمه في أثناء الحول ضم ثمنها إلى ماله وزكاه معه عندما يجيء حول زكاته. أما المشتري فيزكي الأسهم التي اشتراها على النحو السابق.

الشيخ محمد تقي العثماني:

الحقيقة في الفقرة الأخيرة من ثالثاً حينما نقول: إن لم يستطع المساهم معرفة ذلك فإنه يزكي ريع الأسهم السنوي فقط. فكأننا تركنا بعض ماله غير مزكى لأن بعض ماله مصروف في النقود وفي البضائع التجارية باليقين ولكن قدره غير معلوم. فحينئذ يصير ذلك المال غير مزكى، وأرى أن في هذه الصورة يجب أن تزكى القيمة السوقية من السهم لا الريع فقط؛ لأن من المعلوم أن بعض ماله مصروف في النقود والبضائع التي تجب فيها الزكاة. فكيف نتركها غير مزكاة؟

ص: 619

الشيخ محمد المختار السلامي:

بسم الله الرحمن الرحيم، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً.

إن هذا الترديد: وإن لم يستطع المساهم معرفة ذلك. إلى قوله: وانتفاء الموانع. أنا أتحفظ عليه لأني أعتقد أن أسهم الشركات هو مال يجب أن يدفع منه زكاته في نهاية السنة.

الرئيس:

أين هذه يا شيخ؟

الشيخ محمد المختار السلامي:

وإن لم يستطع المساهم معرفة ذلك فإن كان ساهم في الشركة بقصد الاستفادة من ريع الأسهم السنوي فإنه يزكيها زكاة المستغلات، وتمشياً مع ما قرره مجمع الفقه الإسلامي في دورته الثانية بالنسبة لزكاة العقارات والأراضي المأجورة غير الزراعية، فإن صاحب هذه الأسهم لا زكاة عليه في أصل السهم وإنما تجب الزكاة في الريع، وهي ربع العشر بعد دوران الحول من يوم قبض الريع مع اعتبار توافر شروط الزكاة وانتفاء الموانع.

هذا أتحفظ عليه تحفظا كاملاً، ولا أعتبر أن أسهم الزكاة هو كعقار. فجعل قياس السهم في الشركة كالعقار هذا ما أتحفظ عليه ولا أراه صحيحاً ولا أدين به. وشكراً.

الشيخ عبد الستار أبو غدة:

كلمة انتفاء الموانع المقصود منها إذا كان هذا المساهم الذي يزكي الآن فردياً ليس زكاة أسهم الشركات ككل شركة، وإنما مساهم لديه سهم يستغله وينتظر ريعه. فإذا كان عليه دين يسقط هذا الدين من قيمة السهم.

ص: 620

الرئيس:

لأنه من الموانع.

الشيخ محمد المختار السلامي:

إن الزكاة تجب في الريع فقط. هذه هي القضية. إن السهم كله بريعه يجب إخراج الزكاة فيه..

الشيخ عبد الستار أبو غدة:

الأصل والريع.. ليس الاعتراض على كلمة الموانع.

الشيخ محمد المختار السلامي:

لا أنا قلت الترديد كله وإن لم يستطع المساهم. إن هذا الذي أعترض عليه.

الشيخ عبد الله إبراهيم:

بالنسبة لأسهم غير المسلمين أرى أن يؤخذ أيضاً مثل الزكاة لا كزكاة، لكن مثل الزكاة؛ ليكون هناك توازن في الأداء المالي للأغراض الاجتماعية. فالجزء المأخوذ من غير المسلمين لا يضم إلى الزكاة من المسلمين، ولكن نوردها إلى بيت المال لينفق في الجهات العامة ولخير الجميع.

الرئيس:

أرى قراءة ثالثا يا شيخ.

الشيخ عبد الستار أبو غدة:

ثالثاً: إذا لم تزك الشركة أموالها لأي سبب من الأسباب، فالواجب على المساهمين زكاة أسهمهم، فإذا استطاع المساهم أن يعرف من حسابات الشركة ما يخص أسهمه من الزكاة لو زكت الشركة أموالها على النحو المشار إليه، زكى أسهمه على هذا الاعتبار؛ لأنه الأصل في كيفية زكاة الأسهم.

الرئيس:

هذا ماشي.

الشيخ عبد الستار أبو غدة:

وإن لم يستطع المساهم معرفة ذلك، فإن كان ساهم في الشركة بقصد الاستفادة من ريع الأسهم السنوي فإنه يزكيها زكاة المستغلات.

ص: 621

الشيخ محمد المختار السلامي:

هنا الاعتراض والإشكال.

الشيخ عبد الستار أبو غدة:

هذا السبب فيه الحقيقة افتقاد النية، نية التجارة غير موجودة. هو اشترى السهم للريع فقط وليس للتجارة. وأنتم تعلمون أن زكاة عروض التجارة لا بد فيها من النية، ونية الشركة لا تغني عن نية الفرد؛ لأن الشركة تجارية بطبيعتها وأموالها، والنية موجودة في تأسيسها ونظامها وعملها لكن هذا المساهم اشترى السهم بقصد الاستغلال.

الشيخ محمد تقي العثماني:

السهم عبارة عن حصة في الأموال بالبضائع والنقود، وهذه الأموال بالبضائع والنقود ما دامت نقوداً وبضائع ففيها زكاة.

الشيخ عبد الستار أبو غدة:

اشترى هذه الحصة بدون نية التجارة للاستغلال.

الشيخ محمد تقي العثماني:

ولكن أنا إذا كنت شريكاً في الشركة؟

الشيخ عبد الستار أبو غدة:

لو فرضنا أن الشركة تتاجر في السيارات، فجاء إنسان واشترى سيارة من هذه السيارات ليستغلها، هل نقول له: زك زكاة التجارة؟ نية التجارة غير موجودة. النية موجودة لدى الشركة لكن لدى المساهم غير موجودة.

الشيخ محمد المختار السلامي:

لا يمكن أن يكون الكل هو تجارة والفرد ليس تجارة!!

الشيخ طه جابر العلواني:

في الحقيقة أنا أضم صوتي إلى صوت الأستاذ السلامي في تحفظه على هذا حيث إن طبيعة الأسهم في الشركات المساهمة بصفة عامة هي الاتجار. فجميع الشركات المساهمة السهم مطروح باستمرار في أي لحظة بسعر المساهم أن له ربحاً في بيع السهم يبيعه. فليست هناك أسهم للاستغلال وأسهم للبيع. الأسهم دائماً للبيع.

الشيخ محمد المختار السلامي:

أكثر من هذا إذا لم تزك الشركة أموالها لأي سبب من الأسباب فإذا زكته أصبح يخرج من ماله مقدار الزكاة، فإذا لم تزك الشركة هو عليه أن يتحوط ويعرف القيمة. فإذا لم يعرف القيمة سقطت زكاته.

الرئيس:

أما هذه الفقرة يا مشايخ فهي تلتقي مع قراركم في زكاة المستغلات؛ لأنها تدور على النية فإذا كان لا ينوي التجارة وإنما ينوي الاستغلال في هذه الأسهم، وهذه كثيرة الوقوع وكثيرة التصور والحدوث، فإن الزكاة هي في الغلة لا في الأصل. فإذا كنتم ترون إبقاء المادة على هذا فالذي يراها يتفضل برفع يده.

ص: 622

الشيخ إبراهيم بشير الغويل:

لا يصبح مشتري السهم تاجراً إلا إذا اعتاد ذلك واحترفه، فإن لم يحترف وإنما الشركة باستمرار تجارية فوضع الفرد في كل الأحوال إن كانت مساهمته ليست بقصد الاتجار يخرج عن هذا الموضوع.

الشيخ عبد الستار أبو غدة:

أنا قصدت التفرقة بين الشركات؛ لأن هناك شركات تجارية وشركات غير تجارية، هذه تفرقة قانونية وأما في الفقه فكل الشركات فيها تجارة، لكن الفرد الذي اشترى السهم ولم ينو للتجارة بالسهم؟

الشيخ إبراهيم بشير الغويل:

هذا ليس تاجراً.

الشيخ الصديق محمد الأمين الضرير:

افتراض أن الشخص اشترى السهم ليتاجر فيه، هذا في رأيي غير وارد وليس هذا هو الأصل إلا في الذين يتاجرون في الأسهم وهذه جهات معروفة وليست المكتتب في الشركة من أول الأمر، انظروا إلى شركة ستنشأ جديداً كما حصل مثلاً في بنك فيصل، طرح أسهماً واشتركوا فيها، وأنا أكثر المشتركين، ولم تكن نيتي أن أبيع هذا السهم أو أتاجر فيه بتاتاً، وإنما نيتي أن أستفيد من ريعه وأن يقوم هذا البنك فاشتريت عدداً من الأسهم بهذه النية، وأن أقول لكم: إن الغالبية التي اشترت هذه الأسهم قصدها أن تستفيد من ريعها، وليس بقصد الاتجار فيها، وإلى الآن لم أعرف أحداً تاجر في هذه الأسهم وليس عندنا سوق أسهم يتاجر فيه. فكيف نقول لمثل هذا الشخص: زك زكاة عروض التجارة؟

الشيخ محمد المختار السلامي:

وهذه الأسهم من يزكيها؟

الشيخ الصديق محمد الأمين الضرير:

يزكيها البنك، فهذه محلولة.

الشيخ محمد المختار السلامي:

فإذا لم يزكها البنك؟

ص: 623

الشيخ الصديق محمد الأمين الضرير:

يزكيها البنك، ولكن لو كان البنك لو يزك لزكيتها كما اقترحت هنا وانتهينا. نحن افترضنا هذه الصورة لا تأتي إلا إذا كانت الشركة لم تزك. إذا الشركة هي التي زكت فلا إشكال وليس على المساهم زكاة. لكن هذا الكلام إذا لم تزك الشركة ولم يستطع صاحب السهم هذا أن يعرف ما يجب عليه من الزكاة لو زكت الشركة. لو انتفى كل هذا ماذا نفعل؟

الشيخ عبد الستار أبو غدة:

أو بالعكس بقصد الاستفادة من ريع الأسهم وليس بقصد التجارة. نضع القصد الذي قصده وننفي ما لم يحصل.

الرئيس:

المهم وجود القيد هذا ينهي الموضوع.

الشيخ محمد المختار السلامي:

لا، ما ينهي الموضوع.

الرئيس:

هذا تحفظك يا شيخ تحفظه أنت.

الشيخ محمد المختار السلامي:

أعرض القضية على الكل.

الرئيس:

هي الآن معروضة يا شيخ، القيد هذا يؤكد المراد من المادة. ما فيه داع أننا نطيل الجدل وأن كون إنسان اتخذ رأياً أنه يؤخذ به.

الشيخ محمد المختار السلامي:

ما يؤخذ به، أعرض القضية على التصويت فقط هذا ما أحب. القضية التي نختلف فيها تعرض على التصويت.

الأمين العام:

فإن كان ساهم في الشركة بقصد الاستفادة من ريع الأسهم السنوي وليس بقصد التجارة.

الرئيس:

هو فيه وضوح تماماً.

ص: 624

الشيخ محمد تقي العثماني:

لأن الموضوع موضوع زكاة أموال، الحقيقة أننا لو أسسنا هذه المسألة على أساس أنه لا تجب الزكاة إلا على الريع فليكن ذلك أيضاً، إلا إذا عرف المساهم الحسابات أيضاً ولكننا قلنا في البداية: إنه إذا عرف الإنسان ما يدفع، يزكي السهم بكامله.

الرئيس:

ذاك قلنا ينزل منزلة الشخص الطبيعي. فمنزلة الشخص الطبيعي يأتي من جميع نواحيه، ومن جميع فروعه نروح نأتي مئات الفروع. نحن نذكر أبرزها التي هي تمثل الجزء الأكبر في التعامل في الأسهم. فهل ترون بعد التعديل مناسباً. الذي يرى هذا الشيء يرفع يده والذي لا يرى هذه الفقرة يرفع يده. تقرأ مرة ثانية.

الشيخ عبد الستار أبو غدة:

وإن لم يستطع المساهم معرفة ذلك، فإن كان ساهم في الشركة بقصد الاستفادة من ريع الأسهم السنوي، وليس بقصد التجارة، فإنه يزكيها زكاة المستغلات تمشياً مع ما قرره مجمع الفقه الإسلامي في دورته الثانية بالنسبة لزكاة العقارات والأراضي المأجورة غير الزراعية، فإن صاحب هذه الأسهم لا زكاة عليه في أصل السهم، وإنما تجب الزكاة في الريع وهي ربع العشر بعد دوران الحول من يوم قبض الريع، مع اعتبار توافر شروط الزكاة وانتفاء الموانع.

الشيخ طه جابر العلواني:

سيدي الرئيس، كلمة توضيحية بسيطة جداً. إن قياس قضايا الأسهم على قضايا العقارات والمستغلات قياس مع فارق كبير من شأن الأسهم وشركات الأسهم الاتجار بها فتحويلها من فكرة المؤسسة إلى نية الفرد وربط الحكم الفقهي بنية الفرد وفكه عن تنظيم المؤسسة، هذا هو الذي نتحفظ عليه. شركات الأسهم بطبيعتها هي مؤسسة للاتجار، لكن الفرد مثل الشيخ الضرير أو يتيم لا يعرف الاتجار ممكن يأخذ السهم ويحاول أن يتمسك به لكن طبيعة الأسهم دائماً إنما هي للاتجار.

الرئيس:

استكمل المادة: فإذا كان المساهم. صفحة سبعة.

الشيخ عبد الستار أبو غدة:

وإن كان المساهم اقتنى الأسهم بقصد التجارة زكاها زكاة عروض التجارة، فإذا جاء حول زكاته وهي في ملكه زكى قيمتها السوقية، وإذا لم يكن لها سوق زكى قيمتها بتقويم أهل الخبرة فيخرج ربع العشر من تلك القيمة من الربح إذا كان للأسهم ربح.

الرئيس:

المعارضون يرفعون أيديهم على المادة جميعها. من هنا ثلاثة، أربعة ومن هنا ثلاثة. الأكثرية الآن على بقائها.

ص: 625

القرار

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم النبيين وعلى آله وصحبه

قرار رقم (3) د 4/08/88

بشأن

زكاة الأسهم في الشركات

إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنعقد في دورة مؤتمره الرابع بجدة في المملكة العربية السعودية من 18-23 جمادى الآخرة 1408هـ. الموافق 6-11 فبراير 1988م.

بعد اطلاعه على البحوث الواردة إلى المجمع بخصوص موضوع "زكاة أسهم الشركات"

قرر ما يلي:

أولاً: تجب زكاة الأسهم على أصحابها، وتخرجها إدارة الشركة نيابة عنهم إذا نص في نظامها الأساسي على ذلك، أو صدر به قرار من الجمعية العمومية، أو كان قانون الدولة يلزم الشركات بإخراج الزكاة، أو حصل تفويض من صاحب الأسهم لإخراج إدارة الشركة زكاة أسهمه.

ثانياً: تخرج إدارة الشركة زكاة الأسهم كما يخرج الشخص الطبيعي زكاة أمواله، بمعنى أن تعتبر جميع أموال المساهمين بمثابة أموال شخص واحد، وتفرض عليها الزكاة بهذا الاعتبار من حيث نوع المال الذي تجب فيه الزكاة، ومن حيث النصاب، ومن حيث المقدار الذي يؤخذ، وغير ذلك مما يراعى في زكاة الشخص الطبيعي، وذلك أخذاً بمبدأ الخلطة عند من عممه من الفقهاء في جميع الأموال.

ويطرح نصيب الأسهم التي لا تجب فيها الزكاة، ومنها أسهم الخزانة العامة، وأسهم الوقف الخيري، وأسهم الجهات الخيرية، وكذلك أسهم غير المسلمين.

ص: 626

ثالثاً: إذا لم تزك الشركة أموالها لأي سبب من الأسباب، فالواجب على المساهمين زكاة أسهمهم، فإذا استطاع المساهم أن يعرف من حسابات الشركة ما يخص أسهمه من الزكاة لو زكت الشركة أموالها على النحو المشار إليه، زكى أسهمه على هذا الاعتبار؛ لأنه الأصل في كيفية زكاة الأسهم.

وإن لم يستطع المساهم معرفة ذلك:

فإن كان ساهم في الشركة بقصد الاستفادة من ريع الأسهم السنوي، وليس بقصد التجارة؛ لأنه يزكيها زكاة المستغلات، وتمشياً مع ما قرره مجمع الفقه الإسلامي في دورته الثانية بالنسبة لزكاة العقارات والأراضي المأجورة غير الزراعية، فإن صاحب هذه الأسهم لا زكاة عليه في أصل السهم، وإنما تجب الزكاة في الريع، وهي ربع العشر بعد دوران الحول من يوم قبض الريع مع اعتبار توافر شروط الزكاة وانتفاء الموانع.

وإن كان المساهم قد اقتنى الأسهم بقصد التجارة، زكاها زكاة عروض التجارة، فإذا جاء حول زكاته وهي في ملكه، زكى قيمتها السوقية، وإذا لم يكن لها سوق، زكى قيمتها بتقويم أهل الخبرة، فيخرج ربع العشر 2.5 % من تلك القيمة ومن الربح إذا كان للأسهم ربح.

رابعاً: إذا باع المساهم أسهمه في أثناء الحول ضم ثمنها إلى ماله وزكاه معه عندما يجيء حول زكاته. أما المشتري فيزكي الأسهم التي اشتراها على النحو السابق.

ص: 627