الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مجالات الوحدة الإسلامية
وسبل الاستفادة منها
إعداد
الحاج شيت محمد الثاني
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على النبي الكريم، إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
أما بعد: فيا أيها الإخوة الأعزاء
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
إن أصدق الحديث كتاب الله سبحانه وتعالى وإن خير الهدي هدي سيدنا (محمد صلى عليه وسلم) . وبعد: فلقد اخترت أن أكتب في هذا الموضوع لما له من أهمية بالغة في عصرنا الحاضر وللأمل في أن يكون علاجا لأمتنا الإسلامية التي تفككت أواصرها وتبعثرت كلمتها وتفرقت وحدتها وتمزق شملها وضعف صوتها كل هذا وهكذا لأننا بعدنا عن الدين ولأننا تركنا مباديء الإسلام وجعلنا دستورنا غير القرآن فللأسف كنا على ما نحن عليه يقتل المسلم أخاه المسلم ويخذل المسلم أخاه المسلم. وتألب الأعداء على المسلمين، فصدق فينا قول النبي صلى الله عليه وسلم حيث يقول:
((يوشك الأمم أن تداعى عليكم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها فقال قائل: أومن قلة نحن يومئذ؟ قال بل أنتم يومئذ كثير ولكنكم غثاء كغثاء السيل ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم وليقذفن في قلوبكم الوهن، قال قائل يا رسول الله وما الوهن؟ قال: حب الدنيا وكراهية الموت)) . حديث عن ثوبان، رواه أبو داود والبيهقي في دلائل النبوة.
فما أحوجنا إلى علاج الإسلام ودواء القرآن والعمل بشريعة الله السمحة الغراء فهذا بلا شك سبيل المجد والارتقاء، يقول الله تبارك وتعالى:{إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ} . (1) . صدق الله العظيم فإن الأمة الإسلامية التي ينتسب إليها الإسلام في هذا المجال هي الأمة التي تتعامل بالإسلام ولا يجوز لمن ينتسب إلى الإسلام أن يقاطع أخاه بسبب القبيلة أو سبب السياسة، والأمة الإسلامية أمة واحدة فإن مظاهر وحدة الأمة الإسلامية كثيرة وهي متشابكة لا مثيل لها أبدا لأن كلمة لا إله إلا الله محمد رسول الله هي أصل الوحدة، ومتى قالها الإنسان كان من هذه الأمة وما دام خارج دائرتها فليس منها، ومتى أسلم الإنسان وجهه لله على ملة رسول الله فقد تحقق إسلامه وتحرر من القتل لقوله صلى الله عليه وسلم:((أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول، ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام وحسابهم على الله تعالى)) . رواه البخاري ومسلم.
لأن النبي قال: ((من صلى صلاتنا واستقبل قبلتنا وأكل ذبيحتنا فذلك المسلم الذي له ذمة الله ورسوله)) . رواه البخاري.
إن تاريخ المسلم لا يرتبط بطين الوطن ولا بصباغة اللون ولا بلغة الجنس الذي ينسب إليه الناس وتاريخ المسلم الذي ينتسب إليه ويعتز به هو تاريخ الإسلام وعقيدته التي يلقى الله عليها قوله تعالى: {قُولُوا آَمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} . (2)
وقانون الأمة الإسلامية ودستورها هو القرآن الكريم والسنة الطاهرة ولا يجوز أن يكون للمسلمين قانون ودستور يخالف شرع الله.
(1) الانبياء: (92)
(2)
البقرة: (136)
إن الأمة الإسلامية لها قائد واحد هو رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي له على المسلمين فرض الطاعة، فإذا ما انتقل الرسول إلى الرفيق الأعلى فإن على المسلمين اختيار وانتخاب خليفة له يقيم شريعة الله، فمن الواجب على المسلمين أن يوجدوا دار العدل وأن يقيموا خلافتهم ثم يبدأوا عملهم ويحاربون الحكومة الكافرة ويحررون الأرض السليبة ثم ينساحون في الأرض حتى يخضعوها لسلطان الله ويستردوها من أيدي الغاصبين ولا يعني ضعفنا الحالي الاستمرار فيه بل يفترض علينا أن نحاول سد العجز الموجود عندنا إما من ناحية العتاد أو الرجال أو التدريب والسلاح إذ ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.
فإن على المسلمين عامة وعلى مسلمي كل قطر خاصة أن يجعلوا قطرهم دار عدل وأن يتحدوا ليشكلوا وطنا واحدا بشكل معقول ويرضى المسلمين، ويكون لكل ولاية دستورها الإسلامي وأن يكون ذلك كله مستمدا من الكتاب والسنة، ويكون بذلك توفير الرجال المفكرين الإسلاميين ووحدتهم على الأسلوب الوحيد في كل مجال من مجالات الدعوة الإسلامية والتبليغ في الكتابة والخطابة والتحدث والنقاش في العمل الإسلامي وكل ذلك بحاجة إلى الأسلوب الحسن الذي يصيب الهدف ويبلغ القصد.
إن الإسلام ووحدة الأمة الإسلامية في هذا الزمان بحاجة إلى الرجال المفكرين من الذين يحسنون عرض أفكارهم ومبادئهم بأسلوب شيق جذاب يبشرون ولا ينفرون ويحسنون ولا يسيئون، وكم من أدعياء شوهوا الإسلام بسوء دعوتهم له وأساؤوا إليه وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا.
ومن هنا كانت وظيفة الدعاة ورجال المفكرين لوحدة الأمة الإسلامية خطيرة جدا ومسؤولياتهم كبيرة، ولهذا وجب على الأمة الإسلامية أن تتوافر عناصر الواقعية والإيجابية والاتزان في أساليب الدعوة، ويقول الله تعالى في آخر سورة النحل آمرا نبيه الكريم بالتزام الحكمة في دعوة الناس قال:{ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} . (1) وفي سوره آل عمران يشير القرآن الكريم إلى فوائد الرفق واللين في كسب الأنصار والمؤيدين وانطلاق الدعوة ويقول: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ} . (2) .صدق الله العظيم.
فإن منهج مجالات الوحدة الإسلامية وهو مفهوم في الفكر الإسلامي، وأما الفكر فهو الجهود العقلية المبذولة في محاولة فهم الإسلام من مصدريه: الكتاب والسنة فالعلماء المسلمون في كل عصر يقبلون على القرآن الكريم، وعلى السنة المطهرة ويأخذون منهما ما يفهمون، لأن مجال التفكير في الكتاب والسنة فهم إسلامي فبه يصيب المفكر والمجالات في وحدة الإسلامية حيث لا ينتسب إلى الإسلام الذي أنزله اللطيف الخبير.
فإذا أردنا أن نتعرف على صحة الفكر والمجالات في الوحدة الإسلامية واستقامتها عرضناها على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم فإذا وافق الفكر ما جاء فيهما كان فكرا إسلاميا أصيلا، وهل يستطيع المفكر المسلم أن يعي حقائق العبادة دون أن يدرك حقائق العقيدة؟ وهل يستطيع أن يتفهم حقائق المعاملات دون أن يدرك العقيدة والعبادة ودورهما في السلوك الإنساني؟ فإذا كان ما في الكتاب والسنة موجها إلى الإنسان وإذا كان هذا الإنسان كلا متكاملا فإنه لا يستطيع أن يفصل عقله عن قلبه ولا قلبه عن جوارحه ولا موضوعات الكتاب والسنة بعضها عن بعض، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، فمعرفة المعبود جل جلاله وما يتعلق بذلك ومعرفة كيفية الصلاة والعبادة التي تنظم الشعائر وشؤون الحياة من أخلاق ومعاملات ونظم سياسية واجتماعية واقتصادية جاء مفصلا في الكتاب والسنة، فالعامل على غير ما يريد يفسد أكثر مما يصلح، وفي الحكم من سلك طريقا بغير دليل ضل، ومن تمسك بغير أصل ذل، وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:((الحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أحق الناس بها)) . وقوله عليه الصلاة والسلام ((خذوا الحكمة من أي وعاء خرج)) .
(1) النحل: (125)
(2)
آل عمران: (159)
فلتتمة هذا الجانب الثقافي والتربوي نرى ضرورة إنشاء المدارس الإسلامية لأطفال المسلمين ومدارس تحفيظ القرآن الكريم، وإصدار النشرات والمجلات والصحف الإسلامية الأسبوعية والشهرية بعيدة عن الصور الخليعة والفساد.
وأن تقوم حكومتنا الإسلامية بتشجيع المسلمين على إقامة المساجد في المدارس والكليات والمصانع والمتاجر وإلى غير ذلك من كل مجمع الناس محافظة على هذا الركن الأول العظيم من أركان الإسلام الخمس والتي هي - الصلاة لأنها أول ما يسال عنه العبد يوم القيامة أمام الله فإن صلحت صلح عمله كله وإن فسدت فسد عمله كله كما ورد ذلك في الحديث النبوي الشريف، وكذلك الحرص على تشجيع الشباب المسلم والشابات المسلمات على الزواج المبكر صونا لهن من الانحراف والفساد وتطهيرا لأذهانهن عما قد شاع لديهن من الزواج المتأخر الذي ورثناه من الاستعمار الغربي المنحرف.
وعلى الجانب الاقتصادي للإسلام والحمد لله النظام الاقتصادي الإسلامي مستقل عن النظام الاقتصادي في العالم، ونظام الاقتصاد في الإسلام يقوم على أساس التعبد لله تعالى لانبثاقه عن الشريعة الإسلامية لقوله صلى الله عليه وسلم :((إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى)) فالاقتصاد الإسلامي قائم على الإنتاج وتنمية الثروة بطرق مشروعة وتبادل المصالح والمنافع دون إلحاق ضرر بأحد أو بعبارة أخرى يهدف الاقتصاد الإسلامي إلى تحقيق التوازن بين المصلحة الفردية والمصلحة الجماعية على السواء.
فعلى الأمة الإسلامية وحكومتها أن يجعل الإعلام الإسلامي نصب عينها قواعد الشعب الإسلامي العريضة فيخاطب الشباب بلغته ويعرض قضاياه ومشكلاته، ويخاطب الفتاة المسلمة ويتعرف على مشكلاتها واهتماماتها ويخاطب الطفل المسلم ولا يغفل المرأة المسلمة، ولا الرجل الطاعن في السن، وبذلك تقبل ملايين المسلمين في كل أرض على تلك الصحف والمجلات، وأن تبرز الصحف الإسلامية شعار الإسلام واضحا جليا كما ورد في القرآن الكريم:{إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ} . (1) صدق الله العظيم.
وقد فرض الإسلام على كل مسلم ومسلمة أن يؤدي صلواته خمس مرات كل يوم إماما كان أو مؤتما، وأن يؤذن ويقيم ويكبر ويهلل ويتشهد وكل هذه العبادات باللغة العربية ورتب فيها ثوابا جزيلا لكل من يقرأ القرآن الكريم باللغة العربية سواء فهم معناه أو لم يفهم.
الحاج شيت محمد الثاني
(1) الأنبياء: (92)