المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌سندات المقارضةإعدادالدكتور عبد السلام داود العبادي - مجلة مجمع الفقه الإسلامي - جـ ٤

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌العدد الرابع

- ‌كلمةمعالي الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلاميالأستاذ/ سيد شريف الدين بيرزاده

- ‌كلمةمعالي رئيس مجلس مجمع الفقه الإسلاميالدكتور بكر بن عبد الله أبو زيد

- ‌كلمةمعالي الأمين العام لمجمع الفقه الإسلامي الدوليالدكتور محمد الحبيب بن الخوجة

- ‌كلمةمعالي الأستاذ سيد شريف الدين بيرزاده

- ‌كلمةمعالي رئيس البنك الإسلامي للتنميةالدكتور/ أحمد محمد علي

- ‌كلمةمعالي الأمين العام بالنيابة لرابطة العالم الإسلاميالأستاذ/ أمين عقيل عطّاس

- ‌كلمةمعالي وزير الأوقاف بدولة الكويتالشيخ خالد أحمد الجسار

- ‌كلمةمعالي رئيس مجلس مجمع الفقه الإسلاميالدكتور بكر بن عبد الله أبو زيد

- ‌كلمةمعالي الأمين العام لمجمع الفقه الإسلامي الدوليالدكتور محمد الحبيب ابن الخوجة

- ‌كلمةالوفود المشاركةألقاها بالنيابة سعادة السفير الدكتور عمر جاه

- ‌انتفاع الإنسان بأعضاء جسم إنسان آخر حياً أو ميتاًإعدادمعالي الدكتور محمد علي البار

- ‌انتفاع الإنسان بأعضاءجسم إنسان آخر حياً أو ميتاًغرس الأعضاء في جسم الإنسانمشاكله الاجتماعية وقضاياه الفقهيةإعدادمعالي الدكتور محمد أيمن صافي

- ‌التشريح الجثماني والنقل والتعويض الإنسانيإعدادفضيلة الدكتور بكر بن عبد الله أبو زيد

- ‌انتفاع الإنسان بأعضاءجسم إنسان آخر حياً أو ميتاًإعدادفضيلة الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي

- ‌‌‌انتفاع الإنسان بأعضاءجسم إنسان آخر حياً أو ميتاًفي الفقه الإسلاميإعدادفضيلة الأستاذ الدكتور حسن علي الشاذلي

- ‌انتفاع الإنسان بأعضاءجسم إنسان آخر حياً أو ميتاًفي الفقه الإسلاميإعدادفضيلة الأستاذ الدكتور حسن علي الشاذلي

- ‌انتفاع الإنسان بأعضاءجسم إنسان آخر حياً أو ميتاًإعدادالشيخ خليل محيي الدين الميس

- ‌انتفاع الإنسان بأعضاءجسم إنسان آخر حياً أو ميتاًإعدادالدكتور عبد السلام داود العبّادي

- ‌انتفاع الإنسان بأعضاء جسم إنسان آخر حياً أو ميتاًإعدادفضيلة الشيخ آدم عبد الله علي

- ‌انتفاع الإنسان بأعضاء جسم إنسان آخر حيّاً أو ميّتاًإعدادفضيلة الشيخ محمد عبد الرحمن

- ‌صرف الزكاة لصالح صندوقالتضامن الإسلاميإعدادسعادة سيدي محمد يوسف جيري

- ‌صرف الزكاة لصالح صندوقالتضامن الإسلاميإعدادفضيلة الشيخ تيجاني صابون محمد

- ‌صرف الزكاة لصالح صندوقالتضامن الإسلاميإعدادفضيلة الشيخ مولاي مصطفى العلوي

- ‌صرف الزكاة لصالح صندوقالتضامن الإسلاميإعدادسعادة الدكتور عبد الله إبراهيم

- ‌مذكرة تفسيرية بشأن صندوق التضامن الإسلامي ووقفيته

- ‌زكاة الأسهم في الشركاتإعدادفضيلة الشيخ عبد الله البسام

- ‌زكاة الأسهم في الشركاتإعدادفضيلة أ. دكتور وهبه مصطفى الزحيلي

- ‌زكاة الأسهم في الشركاتإعدادفضيلة الشيخ محمد عبد اللطيف آل سعد

- ‌زكاة الأسهم في الشركاتإعدادفضيلة الدكتور أبو بكر دوكوري

- ‌زكاة الأسهم في الشركاتإعدادفضيلة الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل الشيخ

- ‌زكاة الأسهم في الشركاتإعدادفضيلة الدكتور الصديق محمد الأمين الضرير

- ‌زكاة الأسهم في الشركاتإعدادفضيلة الشيخ هارون خليف جيلي

- ‌زكاة الأسهم في الشركاتإعدادفضيلة الشيخ رجب بيوضي التميمي

- ‌زكاة الأسهم في الشركاتإعدادفضيلة الشيخ محمد عبده عمر

- ‌زكاة الأسهم في الشركاتإعدادفضيلة الدكتور محمد عبد اللطيف صالح الفرفور

- ‌المثامنة في العقار للمصلحة العامةإعدادالدكتور بكر بن عبد الله أبو زيد

- ‌انتزاع الملكية للمصلحة العامةإعدادالدكتور عبد الله محمد عبد الله

- ‌انتزاع الملكية للمنفعة العامةإعدادأ. د. يوسف محمود قاسم

- ‌نزع الملكية الخاصة للمنفعة العامةإعدادالدكتور عبد السلام العبادي

- ‌انتزاع الملك للمصلحة العامةإعدادالدكتور محمود شمام

- ‌الإسلاموانتزاع الملك للمصلحة العامةإعدادفضيلة الشيخ محمد الحاج ناصر

- ‌سندات المقارضةإعدادالصديق محمد الأمين الضرير

- ‌سندات المقارضةإعدادالدكتور رفيق يونس المصري

- ‌سندات المقارضةوسندات الاستثمارإعدادالدكتور حسن عبد الله الأمين

- ‌سندات المقارضةإعدادالقاضي محمد تقي عثماني

- ‌ضمان رأس المال أو الربحفي صكوك المضاربةأو سندات المقارضةإعدادالدكتور حسين حامد حسان

- ‌سندات المقارضةوسندات التنمية والاستثمارإعدادفضيلة الشيخ محمد المختار السلامي

- ‌سندات المقارنة وسندات الاستثمارإعدادفضيلة الشيخ عبد الله بن سليمان بن منيع

- ‌تصوير حقيقة سندات المقارضة والفرق بينها وبينسندات التنمية وشهادات الاستثمار والفرق بينهاوبين السندات الربويةإعدادالدكتور سامي حسن حمود

- ‌سندات المقارضة والاستثمارإعدادفضيلة الدكتور علي أحمد السالوس

- ‌سندات المقارضةإعدادالدكتور عبد السلام داود العبادي

- ‌البيان الختامي وتوصياتلندوةسندات المقارضة وسندات الاستثمارالتي أقامهامجمع الفقه الإسلامي بجدة

- ‌بدل الخلوإعدادالأستاذ الدكتور وهبة الزحيلي

- ‌ موضوع (بدل الخلو)

- ‌بدل الخلوإعدادالدكتور محمد سليمان الأشقر

- ‌حكم الشريعة في بدل الخلو (السرقفلية)إعدادفضيلة الأستاذ إبراهيم فاضل الدبو

- ‌بدل الخُلُوِّفي الفقه الإسلاميإعدادفضيلة الشيخ محيي الدين قادي

- ‌بدل الخلو وتصحيحهإعدادفضيلة الشيخ حجة الإسلام محمد علي تسخيري

- ‌كيفية مكافحة المفاسد الأخلاقيةإعدادفضيلة الشيخ/ رجب بيوض التميمي

- ‌كيفية مكافحة المفاسد الأخلاقيةإعدادالشيخ هارون خليف جيلي

- ‌مجالات الوحدة الإسلاميةوسبل الاستفادة منهاإعدادالأستاذ مصطفى الفيلالي

- ‌مجالات الوحدة الإسلاميةوسبل الاستفادة منهاإعدادفضيلة الدكتور عمر سليمان الأشقر

- ‌مجالات الوحدة الإسلاميةوسبل الاستفادة منهاإعدادالحاج شيت محمد الثاني

- ‌الوحدة الإسلاميةوالتعامل الدوليإعدادفضيلة الشيخ/ محمد علي التسخيري

الفصل: ‌سندات المقارضةإعدادالدكتور عبد السلام داود العبادي

‌سندات المقارضة

إعداد

الدكتور عبد السلام داود العبادي

وكيل وزارة الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية

في المملكة الأردنية الهاشمية

بسم الله الرحمن الرحيم

تقديم

الحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم على رسوله المبعوث رحمة للعالمين وعلى آله وصحبه ومن التزم بشرعه إلى يوم الدين. وبعد:

فيهدف هذا البحث إلى التعريف بسندات المقارضة وبيان أهميتها وأثرها في تحقيق التنمية الاقتصادية في المجتمع الإسلامي المعاصر، واستعراض الأسس والقواعد الفقهية التي بنيت عليها مما يبين القدرات الفذة للشريعة الإسلامية على تقديم صيغ جديدة في التعامل مع الواقع الإنساني، بما ينسجم مع نموه وتقدمه، ويوضح أن قواعد الاقتصاد الإسلامي كفيلة بتقديم حلول مناسبة ومعالجات جديدة تحقق خير المجتمع الإنساني ومصلحته.

وسندات المقارضة أداة من أدوات التمويل الكبير ووفق قواعد الاقتصاد الإسلامي كان للمملكة الأردنية الهاشمية السبق والمبادرة في تأصيل قواعدها وإخراجها بصورة مبدعة متميزة على أساس من اجتهاد فقهي معاصر تبلور في قانون سندات المقارضة (10) لسنة 1981.. والذي أخذ حظه من الدراسة في اللجان العلمية المتخصصة التي شكلتها وزارة الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية لهذه الغاية.

وإننا لنأمل أن يكون في هذه السندات خدمة للتوجهات الواضحة في عالمنا المعاصر نحو تبني قواعد الاقتصاد الإسلامي.

وبحمد الله سبحانه تجد صيغة سندات المقارضة اهتماما واسعا في الأوساط الاقتصادية في البلاد العربية والاسلامية.. وقد كانت على جدول أعمال أكثر من مؤتمر مالي واقتصادي في العالم الإسلامي.

ص: 1535

ويبدي البنك الإسلامي للتنمية – وهو إحدى المؤسسات الاقتصادية الكبرى الممثلة فيه جميع الدول الإسلامية، والذي ينص نظامه على التعامل وفق قواعد الشريعة الإسلامية – عناية خاصة بموضوع سندات المقارضة: وقد عقد عدة نداوت عملية متخصصة حضرها المهتمون بهذا النوع من التمويل الإسلامي تهدف إلى وضع الصيغ المناسبة لتبينها على مستوى العالم الإسلامي.. وقد كان للباحث شرف المشاركة في بعض هذه الندوات.

وتتعرض هذه الدراسة الموجزة لبيان ما يلي:

1-

التعريف بسندات المقارضة والفرق بينها وبين أنواع السندات الأخرى.

2-

أهمية سندات المقارضة ودورها في تحقيق التنمية الاقتصادية في المجتمعات الإسلامية المعاصرة.

3-

الأساس الفقهي الذي بنيت عليه سندات المقارضة.

4-

قواعد إصدار هذه السندات وشروطه.

5-

وزارة الأوقاف وسندات المقارضة: جهودها في إصدار قانونها، مدى استفادتها منها في تمويل مشاريعها الكبرى.

6-

البنك الإسلامي للتنمية وسندات المقارضة.

وأخيرًا أسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقنا لما يحبه ويرضاه، ويجعل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم، وأن يجزي خير الجزاء كل من له دور في إبراز هذه الصيغة المهمة من صيغ التعامل الاقتصادية المتطور وفق قواعد الشريعة الإسلامية.

(أنه سميع مجيب الدعاء)

ص: 1536

أولا: التعريف بسندات المقارضة

والفرق بينها وبين أنواع السندات الأخرى

1-

نبتت فكرة سندات المقارضة أثناء وضع مشروع قانون البنك الإسلامي في المملكة الأردنية الهاشمية بهدف أن تكون من الأدوات التي يمكن اعتمادها من البنك للحصول على تمويل طويل الأجل لمشاريعه الكبرى (1) .

وقد عرَّف قانون البنك الإسلامي رقم (13) لسنة 1978 السندات هذه بأنها: الوثائق الموحدة القيمة والصادرة عن البنك بأسماء من يكتتبون فيها مقابل دفع القيمة المحررة بها على أساس المشاركة في نتائج الأرباح المتحققة سنويا حسب الشروط الخاصة بكل إصدار على حدة.

2-

وقد جاء في المذكرة الإيضاحية لقانون البنك الإسلامي أن هذه السندات تكون إما لآجال معينة طويلة نسبيا (من 5- 10 سنوات) أو لغايات محددة.

وبذا يمكن للبنك أن يصدر هذه السندات بكيفيتين (2) :

الأولى: أن تكون صادرة لأجل معين يهدف إلى الحصول على تمويل يدخل في جملة الأموال المستثمرة من البنك، وقد سمتها المذكرة الإيضاحية للقانون في هذه الحال بسندات المقارضة المشتركة وتدخل ضمن اصطلاح: حسابات الاستثمار المشترك المقرر في إطار أعمال البنك الإسلامي (3) .

(1) انظر المذكرة الإيضاحية لقانون البنك الإسلامي (ص13)

(2)

انظر المذكرة الإيضاحية لقانون البنك الإسلامي (ص12 – 13)

(3)

بيَّن قانون البنك الإسلامي في مادته الثانية أن حسابات الاستثمار المشترك تشمل الوادئع النقدية التي يتسلمها البنك من الراغبين بمشاركته فيما يقوم به من تمويل واستثمار منظم بشكل متعدد ومستمر وذلك على أساس هذه الوادئع على نسبة معينة مما يتحقق سنويا من أرباح صافية حسب شروط الحساب الداخلة فيه

ص: 1537

والثانية: أن تصدر السندات لغايات معينة مثل تمويل بناء سوق تجاري لوزارة الأوقاف مثلا، فحصيلة السندات في هذه الحالة تكون مخصصة للمشروع المعين، وحيث تسترد قيمة السندات من واقع الدخل المتحقق في المشروع المعين مع المشاركة في الربح بحسب الترتيب الخاص بذلك، والسندات إذا أصدرت بهذه الكيفية تكون داخلة ضمن حسابات الاستثمار الخاص بحيث يكون لكل مشروع حسابه الخاص.

3-

وقد عرَّف قانون سندات المقارضة رقم (10) لسنة 1981: سندات المقارضة في المادة (2) فقرة (أ) بأنها: الوثائق المحددة القيمة التي تصدر بأسماء مالكيها مقابل الأموال التي قدموها لصاحب المشروع بعينه بقصد تنفيذ المشروع واستغلاله وتحقيق الربح.

وجاءت الفقرة (ب) من هذه المادة لتوضح فكرة السندات بقولها: يحصل مالكو السندات على نسبة محددة من أرباح المشروع، ولا تنتج سندات المقارضة أي فوائد كما لا تعطي مالكها الحق في المطالبة بفائدة سنوية محددة.

وواضح من نصوص هذا القانون أن فكرة سندات المقارضة قد تم ترسيخ قواعدها وتوضيح أبعادها وأصبحت وسيلة من وسائل التمويل الكبرى التي يمكن أن تلجأ إليها جهات متعددة فيما إذا رغبت في التعامل وفق قواعد الاقتصاد الإسلامي.

4-

وقد أتى اصطلاح سندات المقارضة مستمدا من رحاب الفقه الإسلامي. فالمقارضة من القراض الذي يعني في اصطلاح الشافعية والمالكية المضاربة (بل إن هذا الاصطلاح ورد في بعض الأحاديث مثل ما أخرجه ابن ماجة وابن عساكر عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ثلاث فيهن البركة: البيع إلى أجل، والمقارضة، وإخلاط البر بالشعير للبيت لا للبيع)) (1) . وفي النهاية وفي غريب الحديث والأثر لابن الأثير: (القراض المضاربة في لغة أهل الحجاز يقال قارضه يقارضه قراضا ومقارضة. ومنه حديث الزهري (لا تصلح مقارضة من طعمته الحرام) قال الزمخشري: (أصلها من القرض في الأرض وهو قطعها بالسير فيها وكذلك هي المضاربة أيضا من الضرب في الأرض)(2) . وفي نهاية المحتاج للرملي وهو من كتب الشافعية المعتمدة: (القراض بكسر القاف لغة أهل الحجاز مشتق من القرض: وهو القطع لأن المالك يقطع للعامل قطعة من ماله يتصرف فيها، وقطعة من الربح، أو المقارضة هي المساواة لتساويهما في الربح، أو لأن المال من المالك والعمل من العامل ويسمى عند أهل العراق مضاربة لأن كل منهما يضرب بسهم في الربح، ولما فيه غالبا من السفر وهو يسمى ضربا (3) .

(1) الفتح الكبير في ضم الزيادات إلى الجامع الصغير – النبهاني: جـ2، ص44. وانظر المعجم المفهرس لألفاظ الحديث النبوي: جـ هـ ص (363)

(2)

النهاية في غريب الحديث- ابن الأثير: جـ 4 ص41

(3)

نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج – الرملي -: جـ5 ص 219

ص: 1538

5-

والناظر في نصوص قانون سندات المقارضة يلاحظ أن فكرة هذه السندات تقوم فيه على العناصر التالية:

أ - أنها وثائق تسجل مقدار الأموال التي قدمها المكتتبون بها لمشروع معين بقصد تنفيذه لتحقيق الربح.

ب - أن لكل وثيقة من هذه الوثائق قيمة محددة.

جـ- أن لكل شخص من المكتتبين بهذه الوثائق قد يحصل على وثيقة أو أكثر منها بقدر ما دفع من أموال مشاركة في تنفيذ هذا المشروع.

د- أن هذه الوثائق تصدر بأسماء من يملكونها.

هـ- أن لمالك هذه الوثائق نسبة من ربح المشروع تعلن في نشرة الإصدار خلال الفترة التي تصدر لها السندات، وأن ما يدفع لصاحب السند ليس بفائدة سنوية محددة إنما يرتبط مقدار ما يدفع له بقدر ما يتحقق من ربح المشروع.

و أن النسبة الأخرى من الربح مخصصة للإطفاء التدريجي لأصل قيمة السند الأصلية.

ز- وبذا يسترد صاحب السند مقدار ما دفعه أولا بأول، في مواعيد الإطفاء المحددة بنشرة الإصدار الخاصة بمشروع معين، وينال في خلال هذه الفترة ربحا معقولا تم تقرير نسبته من دخل المشروع على أساس حساب الدخل المتوقع.

ح- وفق هذا الأسلوب ينتهي صاحب المشروع إلى امتلاك المشروع ودخله كاملا وذلك بعد إطفاء القيمة الأصلية لجميع السندات.

6-

وعلى ضوء ذلك نستطيع تعريف سندات المقارضة بأنها: وثائق محددة القيمة تسجل مقدار الأموال التي قدمها مالكوها للمشاركة في إقامة مشروع معين بقصد الحصول على نسبة من ربح المشروع وعلى أساس استرداد هذه الأموال تدريجيا من صافي أرباح المشروع وفق ترتيب معلن خاص بكل مشروع على حد ما وضمن الشروط التي يحددها القانون.

ص: 1539

7-

والواقع أن هذه السندات طرحها التقنين الأردني على أساس أنها من صور التعامل الجديدة القائمة على مبادئ الاقتصاد الإسلامي. وهي تعتبر بحق مقابلا لأنواع السندات التي تصدر مرتبطة بفائدة محددة، وتقول المذكرة الإيضاحية لقانون البنك الإسلامي في هذا المجال: والمقصود بهذه السندات هو إيجاد البديل الإسلامي لسندات القرض التي يمكن للبنوك والشركات إصدارها على أساس الفائدة المحددة، أو على أساس الفائدة العائمة (Floating rate of interst) التي أخذت تظهر في الأسواق العالمية (1) والفارق الأساسي بين سندات المقارضة والسندات المعروفة في ظل الاقتصاد الوضعي أن الأخيرة تصدر على أساس دفع فوائد محددة معلنة بنشرة الإصدار خلال مدة السندات وحتى يحين موعد إطفاءها وهي قائمة على أساس أن العلاقة بين الجهة المصدرة والمكتتب علاقة مديونية فذمة الجهة المصدرة مشغولة بالمبلغ المكتتب به طيلة مدة السند وإلى حين الإطفاء حيث يعادل المبلغ فهي قائمة على ضمان رأس المال المكتتب مع الزيادة بالنسبة المعلنة للفائدة.

بينما سندات المقارضة ليست العلاقة فيها بين المكتتب والجهة المصدرة علاقة مديونية تجر فوائد ربوية محددة إنما هي علاقة قراض فيه معنى للمشاركة كما سنرى قريبا وهي لا يجري تحديد مسبق لنسبة الفائدة إنما يترك لمقدار ما يتحقق من ربح فعلي للمشروع الذي اكتتب بالسندات من أجله.. ويعلن في نشرة الإصدار الأساس الذي يتم توزيع الربح عليه فليس هنالك ضمان لفترة محددة كما أنه ليس هنالك ضمان في الأصل حتى لرد رأس المال لاحتمال وقوع الخسارة.

وبذا نجحت فكرة هذه السندات من الوقوع في الربا المحرم وبنيت العلاقة فيها على عقد مشروع سواء أكان عقد المضاربة أو الشركة أو كليهما كما سنرى فيما بعد.

(1) المذكرة الإيضاحية لقانون البنك الإسلامي صفحة 12

ص: 1540

ثانيا: أهمية سندات المقارضة ودورها

في تحقيق التنمية الاقتصادية

في المجتمعات الإسلامية المعاصرة

8-

تأتي أهمية هذا النوع من السندات من أنه يطرح في مجالات التمويل الكبير والطويل الأمد الذي تحتاجها المشاريع الاقتصادية الكبرى في هذه الأيام صيغة إسلامية متطورة خالية من التعامل الربوي.. ومن هنا اعتبرت هذه السندات البديل الإسلامي لما يسمى بسندات القرض الربوي.

وطرح هذه السندات البعيدة عن التعامل الربوي يستوعب القدرات الاقتصادية الكبيرة القائمة في مجتمعنا والمحجمة عن التعامل بالسندات الربوية.. وبذا تتجسم الصيغ الاقتصادية المطروحة مع عقيدة الأمة وتطلعاتها الدينية والخلقية.. عدا عن الفوائد الاقتصادية والاجتماعية والخلقية التي يقدمها التعامل الاقتصادي البعيد عن الربا لما يترتب على الربا من آثار سيئة على الأفراد والجماعات مما لسنا هنا بصدد تفصيله.

9-

وقد بينت الأسباب الموجبة لقانون سندات المقارضة أن الذي دفع إلى الأخذ بهذا النوع من السندات ملاحظة أن إصدار السندات المالية بات وسيلة ناجحة من وسائل اجتذاب المدخرات وتجميع الأموال اللازمة لتمويل المشروعات في مختلف الوجوه النافعة خدمة للاقتصاد الوطني. وأن السوق المالية الأردنية أخذت تشهد نشاطا متزايدا في مجال إصدار السندات المالية وتداولها سواء في ذلك السندات المالية الحكومية الصادرة بموجب أحكام قانون الدين العام أو السندات المالية التي تصدرها المؤسسات ذات الاستقلال المالي والإداري.. ولكن ارتباط هذه الأشكال من السندات بنظام الفائدة المحددة أدى إلى عدم تداول هذه السندات أو التعامل بها بين فئات المواطنين التي لا تقبل على استثمار أموالها على أساس الفوائد المحددة باعتبارها من الربا المحرم.

ص: 1541

ثم قلَّت الأسباب الموجبة (ولما كانت هنالك العديد من المشاريع الاقتصادية القادرة على أن تسترد أصل التمويل اللازم لإقامتها من واقع الدخل المتحقق منها خلال فترة زمنية ملائمة فقد تبين أن الحاجة إلى توسيع قاعدة المتعاملين في مجال السندات بطلب استخدام هذا النوع الجديد من السندات المنظمة على أساس المشاركة في الإيراد المتوقع للمشروع الممول من حصيلة الإصدار المعين، وذلك على أساس إجراء التصفية التدريجية لهذه السنوات، وانتقال المشروع بكامله عند تصفية السندات الخاصة به ليصبح مع إيراده ملكا للجهة الحكومية ذات العلاقة)(1) .

ويمكن لسندات المقارضة إذا تم إصدارها من مؤسسات مالية إسلامية دولية كالبنك الإسلامي للتنمية / جدة أن يحقق دورا بارزا في انتقال رؤوس الأموال بين الدول الإسلامية بهدف دعم مشاريع التنمية التي يمكن أن تقام هنا وهناك في رحاب العالم الإسلامي.

وهذه قضية يجب أن يوليها مخططو السياسات الاقتصادية والمالية في عالمنا الإسلامي كل عناية لتوافر حجوم من التمويل الكبير في بعض البلاد الإسلامية تبحث عن مشاريع مناسبة لأغراض الاستثمار، وتوافر مشاريع ذات جدوى اقتصادية عالية في بعض البلاد الإسلامية الأخرى التي تبحث عن تمويل كاف من مصادر غير مستغلة، فأسلوب سندات المقارضة يتيح ذلك، على أسس شرعية مقبولة.

10-

وبذا يظهر الدور البارز لهذا النوع من السندات في تحقيق التنمية الاقتصادية في المجتمعات الإسلامية المعاصرة، فهي تمكن وفق قواعد الاقتصاد الإسلامي من اجتذاب المدخرات وتجميع الأموال المطلوبة لإقامة المشاريع الاقتصادية الكبرى بطريقة تنسجم مع الإمكانات المتاحة لمختلف الأفراد وذلك بالاكتتاب بالسندات وفق قدراتهم وإمكانياتهم المالية، يشجعهم على ذلك سهولة تداول هذه السندات وإمكانية الحصول على أرباح مناسبة منها في حالة المحافظة عليها أو بيعها مستقبلا.

والواقع أن انسجام هذه الصيغة المطروحة مع أحكام الشريعة الإسلامية يجعل منها أداة مرغوبة ومحبذة لدى قطاعات عريضة من مجتمعاتنا مما يمكنها من النجاح في أداء دورها الاقتصادي المنشود.

ولا بد من التنبيه هنا إلى أن أسلوب سندات المقارضة لا يقوم في جميع الأحوال على إجراء التصفية التدريجية لأصل السندات.. بل يمكن تصور نوع من هذه السندات لا يقوم على التصفية التدريجية، إنما يعتمد مبدأ المشاركة الدائمة في نتاج المشروع.

(1) الأسباب الموجبة المنشورة في القانون ص7

ص: 1542

ثالثا: الأساس الفقهي لسندات المقارضة

11-

البحث في الأساس الفقهي لسندات المقارضة يتعلق بناحيتين:

الأولى: تصوير العلاقة الحقوقية التي تقوم في هذا النوع من التعامل بين المكتتبين والجهة المصدرة للسندات ومعرفة مدى انطباقها على القواعد المقررة في الفقه الإسلامي.

الثانية: دراسة الإمكانية الشرعية لضمان أصل هذه السندات بحيث يتم الإطفاء التدريجي لقيمتها الاسمية في المواعيد المقررة بصرف النظر عن ربح المشروع أو عدمه.

والحديث عن كل من هاتين الناحيتين فيما يلي:

أ - تصوير العلاقة الحقوقية بين المكتتبين والجهة المصدرة.

12-

واضح أن صيغة سندات المقارضة تطرح على أنها صورة من صور التعامل الجديد وفق قواعد الاقتصاد الإسلامي.. والفقه الإسلامي قاعدة عامة ووفق أرجح المذاهب يرحب بكل صور التعامل الجديدة ما دام أنها لا تتضمن تحليلا لحرام أو تحريما لحلال وفق القاعدة الفقهية أن الأصل في الأشياء الإباحة، أو الأصل التخلية عن الحكم، وإذا لم يتعلق بالأمر دليل يحرم فيعود الأمر إلى الإباحة.

والواقع أن صيغة سندات المقارضة يتجاذبها عند الباحثين أساسان من أسس التعامل وهذان الأساسان هما: عقد المقارضة، وعقد الشركة.

الأسباب الموجبة المنشورة في مطلع القانون: ص7

13-

وقد ركز بعض الباحثين على أن العلاقة في هذه السندات تقوم وفق عقد المضارب باعتبار أن الأمر فيها عبارة عن مضاربة عامة أو مشتركة (1) .

(1) انظر في ذلك المذكرة الإيضاحية لقانون البنك الإسلامي عند الحديث عن سندات المقارضة. وبحث الدكتور منذر قحف بعنوان: القراض وضمان الفريق الثالث وتطبيقاها في تمويل التنمية في البلدان الإسلامية (مطبوع على الآلة الكاتبة)

ص: 1543

وأدخل بعض الباحثين في مفهوم هذه العلاقة بالإضافة إلى عقد المضاربة عقد الشركة باعتبار أن هنالك مشاركة في المشروع بين المكتتبين، والجهة المصدرة تتناقص شيئا فشيئا وفق مواعيد الإطفاء لمصلحة الجهة المصدرة وأن هذه المشاركة لها أحكام خاصة.

فالفريق الأول يرى أن الأساس الذي يمكن اعتماده لتصوير العلاقة الحقوقية التي تقوم في هذا النوع من التعامل هو عقد المضاربة على أساس أن الجهة المصدرة تمثل العامل والمكتتبون يمثلون صاحب العمل.

ويُبنى هذا الفريق رأيه في عقد المضاربة يدفع المضارب ماله للعامل ليستثمره على أن يكون الربح بينهما بالنسبة التي يتم الاتفاق عليها بالإضافة إلى أنه عقد المضاربة للمضارب الحق باستعادة رأس ماله بزيادة الربح الذي يستحقه، أو بخصم الخسارة التي وقعت بينما يقوم حق العامل على التصرف في المال بأي صورة من صور الإنماء وفق ما يتم الاتفاق عليه، وله الحق بالربح وفق النسبة المتفق عليها.. وهو ما عليها الحال في هذه السندات، ويؤكد هذا الفريق رأيه بأن قانون سندات المقارضة الأردني في مادته الثانية نص على حق حملة سندات المقارضة بنسبة من الأرباح التي تحددها نشرة الإصدار، وفي مادته الحادية عشرة نص على أن حق حملة السندات في المشروع يقتصر على استرداد رؤوس أموالهم، وهو ما سماه القانون إطفاء السندات بالقيمة الاسمية (1) .

14-

ويرى هؤلاء الباحثون أنه لا يمكن اعتماد مبدأ الشركة في تصوير العلاقة في هذا النوع من التعامل؛ لأنه لو كان شركة لاقتضى الأمر أن يتم الإطفاء على أساس القيمة الحقيقية للأشياء التي مولت بهذه السندات، مما يقتضى التنضيد أي تصفية موجودات المضاربة العينية وتحويلها إلى نقد ليتم توزيع حقوق طرفي عقد الشركة وإذا كان التنضيد غير ممكن فمن المقرر فقها أن يكتفي بالتقويم.

ولو كان الأمر مشاركة لما كان هنالك من داع للتنضيد عند التصفية، إذ ينصب حق الشركاء على الأعيان والحقوق المملوكة للشركة، والتي يمكن لهم أن يقتسموها حسب نسبة مساهماتهم.

(1) انظر د. منذر قحف: ص4

ص: 1544

كما ذهبوا إلى القول بأنه لا حاجة للقول بمبدأ المشاركة ليصح تداول السندات؛ لأنه يمكن اعتماد مبدأ المضاربة، ويصح التداول: ويكون الاختلاف عن القيمة الاسمية في التداول تحكمه عوامل السوق والتي من أهمها الأرباح المتوقعة من امتلاك السندات ومدى الثقة بالحصول عليها مستقبلا، بالمقارنة مع صور الاستثمار الأخرى. ولا يكون الأمر في هذه الصور عندها داخل تحت بيع الدين بالدين، فهم يقولون بأن القيمة السوقية للسند تتألف من القيمة الحالية لرأس المال مضافا إليها القيمة الحالية للأرباح المتوقعة وفي هذا تدخل جميع العوامل المؤثرة على ربحية المشروع.

وقد اهتم هؤلاء الباحثون بتحديد بداية جواز هذا التداول، واعتبروا أن ما أطلقوا عليه (بدو صلاح المشروع) بداية صالحة لجواز هذا التداول، وتركوا للفقهاء تحديد هذا البدو وقد استأنسوا لذلك بالأحاديث النبوية التي أجازت بيع الثمار عند بدو صلاحها، وقالوا بإمكانية اعتبار اتخاذ المشروع لوجوده القانوني هي البداية دون اشتراط للبداية الفعلية للمشروع.

15-

وأما الباحثون الذين أدخلوا في مفهوم علاقة المضاربة مفهوم الشركة باعتبار أن هنالك مشاركة في المشروع بين المكتتبين والجهة المصدرة، فإننا نستطيع أن نجد ذلك في الورقة التي أعدها مجموعة من الخبراء (1) عن الأوراق المالية الإسلامية بتكليف من البنك الإسلامي للتنمية/ جدة، وقد كان للباحث شرف المشاركة في إعدادها.

وقد انتهت هذه المجموعة من الخبراء إلى ورقة بحث أعدوها في اجتماع نظمه البنك الإسلامي للتنمية بجدة بتاريخ 5/6 ربيع الثاني لسنة 1406هـ 17-18 ديسمبر 1985 إلى ما يلي:

(أن الشريعة الإسلامية تسمح من حيث المبدأ بإصدار أوراق مالية تمثل حصصا مالية لصاحب الورقة في مشروع معين كما تسمح بتداول هذه الحصص، وذلك في ظل القاعدتين التاليتين:

(1) وهم الدكتور حسن عباس زكي- المصرف العربي الدولي الدكتور حسين حامد حسان- جامعة إسلام أباد الإسلامية الدكتور عبد السلام العبادي- وزارة الأوقاف الأردنية الدكتور سامي حسن حمود- بنك البركة الإسلامي الدكتور هشام الصباغ- سوق العمان المالي الأستاذ محمد وليد خير الله- البنك المركزي الأردني الأستاذ محمد جواد حديد- البنك العربي للاستثمار الأستاذ إسماعيل حسن محمد- المصرف الإسلامي الدولي والتنمية بمصر الدكتور محمد صالح الحناوي- البنك الإسلامي للتنمية

ص: 1545

الأولى: أنه يمكن أن تجتمع أموال مملوكة لعدد كبير من الناس في يد شخص واحد – طبيعيا كان أم اعتباريا- يستثمرها كمضارب، وتأخذ هذه الحصة شكل ورقة مالية، وهي تتخذ الصورة النقدية في البداية ثم تتحول بعد ذلك إلى أعيان ومنافع داخل أي شكل من أشكال التنظيمات التي تسهل أداء العمل وتحقق أهداف الاستثمار المحدد سلفا، وهناك فائدة تعود على المجتمع وعلى المستثمرين من جراء جمع المدخرات في وعاء واحد يمكن من القيام بمشروعات استثمارية ضرورية لا يقدر على القيام بها مستثمر أو عدد محدود من المستثمرين.

ثانيا: أنه يمكن انتقال ملكية الورقة المالية من شخص لآخر وذلك بالطرق الشرعية كالبيع ونحوه) .

(ومن ناحية أخرى فلا بد من تجنب الآتي عند القيام بإصدار أو تداول الأوراق المالية:

1-

أن تكون الورقة المصدرة ممثلة لنقود فقط أو ديون فقط أو ديون ونقود.

2-

أن يترتب على هذا الانتقال أي مخالفة لنص من نصوص الشريعة - بصورة أو بأخرى – لتفادي النصوص المحددة الواضحة) .

ثم بينت الورقة أن الهدف من الأوراق المالية الإسلامية هو استخدام حصيلة الأموال المجتمعة نتيجة إصدارها في مشروع معين وبالتالي إيجاد سوق مالية إسلامية وتوفير مقومات تنشيطها. ويقصد بالمشروع هنا أي عمل اقتصادي له ذمة مالية مستقلة وله أنشطة استثمارية ذات أهداف محددة.

(15)

وأوضحت الورقة بعد ذلك أنه يمكن تحديد المشروع بإحدى الصور التالية:

1-

المشاركة الدائمة في رؤوس الأموال.

2-

المشاركة المتناقصة المنتهية بالتمليك (في حقوق الملكية) .

3-

شراء أو استئجار معدات وآلات وغيرها لتأجيرها.

4-

الشراء والبيع لمدد قصيرة أو متوسطة أو طويلة الأجل.

ص: 1546

وبذلك تكون الورقة المالية الإسلامية بحد ذاتها تمثل حصة مالية شائعة في مجموع صافي موجودات الشيوع.

وهذا يعني أن ورقة البحث هذه تدخل في مفهوم المضاربة هي معنى الشركة بشكل أو بآخر. وقد نصت الورقة بوضوح (ص6 منها) على أن الأوراق المالية التي يقوم البنك الإسلامي بإصدارها تمثل حصصا في ملكية مشروع معين ولهم حقوق الملكية على الشيوع.

(16)

وقد أكدت الورقة في ص9 على أن في حالة إصدار البنك الإسلامي للأوراق المالية يكون دوره فيها هو دور المضارب المقيد بنشاط معين، فهو ليس مضاربا مأذونا له بخلط ماله بمال الصندوق كما أن دائني البنك ليس لهم حق المساس بهذه الأموال في حالة الإفلاس – لا قدر الله - وبالإضافة إلى ذلك فهو ليس مالكا إلا بقدر حصته التي تتمثل في القدر الذي قد يملكه من الأوراق المصدرة وله نصيب عن هذه الملكية في الأرباح بنسبة هذا القدر بالإضافة إلى حصته المعلنة كمضارب.

وقررت الورقة أن العلاقة بين مالك الورقة المالية والمضارب (البنك) ليست علاقة دائن بمدين بأي حال من الأحوال بل هي علاقة صاحب المال بالأمين عليه والذي يستثمره لحساب صاحبه. وبالتالي فإن هذه الأموال لا تشكل جزءا من الحسابات الفعلية للبنك ولا تظهر في ميزانية البنك.

(17)

وقد سجلت الورقة بكل وضوح أن الشريعة الإسلامية تسمح بتداول الأوراق المالية الإسلامية بالبيع والشراء وغيرهما، وتعامل هذه الأوراق معاملة الأموال كما تجري فيها العقود الشرعية من ضمان ورهن ووقف وهبة، والأصل أن يحتفظ مالك الورقة بها إلا أنه قد يحتاج إلى نقدية لظروف معينة ويتطلب الأمر تأمين عنصر السيولة والتداول للورقة المصدرة تشجيعا للمدخر لاستثمار أمواله في هذه الأوراق وحتى تتوفر موارد مالية كافية للبنوك الإسلامية.

ونظرا لعدم وجود سوق إسلامية للأوراق المالية – وإلى أن يتم تذليل عقبات استخدام الأسواق المالية الموجودة في الدول الإسلامية حاليا – فإنه يقترح تعميم نظام ذاتي لتحيق السيولة للأوراق المصدرة، ويقوم هذا النظام على أساس إعلان البنك الإسلامي المصدر للأوراق (منفردا أو على هيئة مجمع مصرفي من عدد من البنوك الإسلامية) إمكان قيامه بشراء ما يعرض عليه من أوراق أصدرها وبيع ما يملكه منها وذلك ابتداء من تاريخ محدد بعد انتهاء فترة الاكتتاب.

وفي حالة رغبة المكتتب وموافقة البنك على استرداد قيمة الورقة في فترة الاكتتاب لا يسترد إلا القيمة الاسمية، وللبنك إذا سمحت نشرة الإصدار أن يقبل حلول شخص آخر محل المكتتب الأصلي وذلك بالقيمة الاسمية أيضا تلافيا لبيع النقد بالنقد متفاضلا.

ص: 1547

وبينت ورقة البحث أن تحديد سعر الورقة المالية يتم على أساس القيمة الاسمية لذلك خلال فترة الاكتتاب والفترة التي تسبق البدء في النشاط ويمكن أن يكون الدفع للأوراق المالية على أن يكون على دفعات متعددة، وفي حالة عدم سداد الدفعة خلال فترة معينة فإن الحصة تباع لحساب المكتتب بأي صورة يتفق عليها.

ومن ناحية أخرى، يقوم البنك الإسلامي المصدر للورقة المالية – بعد إقفال باب الاكتتاب والبدء في مراحل إنشاء المشروع – وفي فترات دورية لا تتجاوز ثلاثة أشهر بالإعلان عن أسعار تداول الورقة المالية بيعا وشراء وذلك بناء على المركز المالي للمشروع وظروف العرض والطلب.

وللبنك أن يتعهد بالشراء والبيع بهذه الأسعار المعلنة في خلال فترة محددة تباعا. وهذا الوضع مؤقت إلى أن يتم تسجيل وتداول مثل هذه الأوراق في سوق مالية منظمة.

(18)

وقد تعرضت ورقة البحث لدراسة توزيعات الربح في هذا النوع من الأوراق المالية وقررت أنه من الناحية الشرعية فإن العائد قي الإسلام يستحق نتيجة:

- استثمار المال.

- الضمان.

- العمل.

ويتوافر في عقد المضاربة بين البنك (المضارب) وأصحاب رأس المال عنصر استثمار المال والعمل، وطبقا للشريعة فإن تحقق الربح يعتبر شرطا لتوزيعه، ويتم توزيع الربح في نهاية الفترة المالية بالصورة التالية: -

1-

نسبة من الأرباح توزع على البنك الإسلامي بصفته مضاربا.

2-

نسبة من الأرباح توزع على مالكي الأوراق المالية بصفتهم أرباب المال (بما فيهم البنك الإسلامي في حالة امتلاكه لبعضها) .

3-

نسبة من الأرباح لصندوق تأمين مخاطر الاستثمار. (1) .

(1) وهو ما سيرد بيانه في الفقرة 23 من هذا الحديث

ص: 1548

في حالة المشاركة المتناقصة المنتهية بالتمليك يتم إعداد شهادة استثمار خاصة يتضمن التوزيع فيها نسبة مئوية من الأرباح تخصص لإطفاء جزء من شهادات الاستثمار وذلك طبقا للقواعد التي تنظم كل حالة.

ويكون إطفاء الشهادات محل الإصدار بنسبة واحدة لجميع الشهادات ويكون ذلك فور تقديم الشهادات للبنك الإسلامي للتنمية أو من ينيبه في ذلك عند الإعلان عن الإطفاء وفق الإجراءات المعلنة في هذا الخصوص.

(19)

وقد يسأل عن نصيب العامل في هذا النوع من التعامل على اعتبار أنه مضاربة في حالة عدم تخصيص أي جزء من الأرباح للجهة المصدرة والاكتفاء بتوزيع الأرباح على نسبة للمكتتبين والنسبة الأخرى لإطفاء أصل السندات، ويجاب عن ذلك بأن الربح سيتحقق في النهاية بامتلاك الجهة المصدرة لكل المشروع ودخله فكأن الربح يتحقق للجهة المصدرة وهي التي تمثل العامل في هذه الصورة شيئا فشيئا كلما تم الإطفاء التدريجي لأصل قيمة السندات.

20-

ولابد من التنبيه هنا إلى أن المشاركة المتناقصة هي أحد الصيغ التي قدمها قانون البنك الإسلامي الذي أقرته لجنة الفتوى في المملكة الأردنية الهاشمية باجتماعاتها المتعددة في الفترة الواقعة بين العشرين من رجب عام 1397هـ إلى الثامن والعشرين من رمضان من العام نفسه الموافق 6/ 8/ 1977 إلى 11/ 9/ 1977 وقد كان للباحث شرف المشاركة فيها وقد عرف قانون البنك الإسلامي المشاركة المتناقصة بما يلي:

دخول البنك بصفة شريك ممول – كليا أو جزئيا - في مشروع ذي دخل متوقع، وذلك على أساس الاتفاق مع الشريك الآخر بحصول البنك على حصة من صافي الدخل المستحق فعلا مع حقه بالاحتفاظ بالجزء المتبقي أو أي قدر يتفق عليه – ليكون ذلك الجزء مخصصا لتحديد أصل ما قدمه البنك من تمويل.

وواضح أن الاحتفاظ هنا ليس شرطا في المشاركة المتناقصة فيمكن دفع هذا الجزء لصاحب السند أولا بأول.

ب- دراسة الإمكانية الشرعية لضمان أصل هذه السندات.

ص: 1549

وهناك أمر أخذ قدرا من النقاش الفقهي أثناء فترة إعداد قانون سندات المقارضة.. فجرى بحث هل يمكن ضمان أصل قيمة السند للمكتتبين بمعنى أن لا يتعرض المكتتبون للخسارة وتتحملها الجهة المصدرة للسند؟ وبحيث يعاد في جميع الأحوال للمكتتب قيمة السند الأصلية في مواعيد الإطفاء المقررة دون نقص أو خسارة بصرف النظر عن ربح المشروع أو عدمه. وذلك تشجيعا للاكتتاب في هذا النوع من السندات وليمكنها منافسة الأنواع الأخرى من السندات وقد عرض هذا في حينه على لجنة علمية مكونة من الأستاذ الدكتور محمد صقر، رئيس قسم الاقتصاد في الجامعة الأردنية في حينه ومن الباحث حيث كان يعمل رئيسا لقسم الفقه والتشريع في كلية الشريعة بالجامعة الأردنية، وقد انتهيت في تقرير قدمته لوزارة الأوقاف في حينه، أنه لا بد من أن يتحمل المكتتب ما يتعرض له من خسارة وفق قواعد عقد المضاربة في الشريعة الإسلامية.. مما دفع إلى البحث عن صيغة أخرى، وقد اتجهت النية إلى أن تكفل الحكومة أصل قيمة السند على أساس أنها طرف ثالث غير الجهة المصدرة وغير المكتتبين وأن مثل هذه الكفالة تعرفها قواعد الفقه الإسلامي، وقد بحث هذا الأمر بإطالة في لجنة الفتوى، وقد كان للباحث أيضا شرف المشاركة في ذلك مع عدد من السادة العلماء وذوي العلاقة بصفته أحد أعضاء هذه اللجنة وبعدها أصدرت اللجنة فتوى وقَّع عليها كل من الشيخ عبد الحميد السائح والأستاذ كامل الشريف والشيخ عز الدين الخطيب والدكتور عبد السلام العبادي والشيخ محمد أبو سردانة والدكتور ياسين درادكه والشيخ أسعد بيوض التميمي والأستاذ الدكتور محمد صقر والدكتور سامي حمود والسيد علي الشمايلة.

وقد جاء في هذه الفتوى: وبما أن وزارة الأوقاف بمقتضى المادة الرابعة من قانون الأوقاف رقم (26) لسنة 1966 لها شخصية معنوية واستقلال مالي وإداري، وبما أن لها شرعا حكم المتولي على الوقف، وبما أنه يجوز شرعا للحكومة بما لها من ولاية عامة أن ترعى شؤون المواطنين، ولها أن تشجع أي فريق على القيام بما يعود على المجموع بالخير والمصلحة، فإن لجنة الفتوى والمشتركين معها في هذا الاجتماع يرون أنه بعد تحقق كفالة الحكومة فإن النص على تحمل المكتتبين للخسارة لم يعد واردا ولا لزوم له..

فإننا نقرر ما يلي:

ص: 1550

1-

جواز كفالة الحكومة لسندات المقارضة المخصصة لإعمار أراضي الأوقاف باعتبار أن الحكومة طرف ثالث وذلك على أساس الوعد الملزم.

2-

عدم الحاجة حينئذ للنص في سندات المقارضة لهذه الغاية على أن يتحمل المكتتبون ما يصيبهم من الخسارة، وقد تم ذلك بتاريخ 28/ 2/ 1398هـ الموافق 17/ 1/ 1978م.

22-

وقد جاء النص على كفالة الحكومة في المادة (12) من قانون سندات المقارضة والتي تنص على ما يلي: (تكفل الحكومة تسديد قيمة سندات المقارضة الواجب إطفاؤها بالكامل في المواعيد المقررة، وتصبح المبالغ المدفوعة لهذا السبب قرضا ممنوحا للمشروع بدون فائدة مستحقة الوفاء فور الإطفاء الكامل للسندات) .

وهذا النص يقرر كفالة الحكومة لتسديد قيمة السندات في مواعيد الإطفاء المقررة لا يجعل الأمر على سبيل الهبة من الحكومة إنما على سبيل القرض للشروع ولا حرج في ذلك ما دام أنه بدون فائدة. وأن دفعه سيتم من دخل المشروع المتحقق فيما بعد.

23-

ومن الصيغ التي يمكن أن تطرح على أساس فكر ضمان الشخص الثالث تأسيس صندوق خاص لضمان أصل قيمة السندات فتكون موارده من نسبة معلنة مسبقا من أرباح المشروع على أساس التبرع.

وهذه الفكرة تبناها قانون البنك الإسلامي لضمان مخاطر الاستثمار باقتطاع جزء من أرباح البنك لهذا الغرض من أجل تغطية الخسائر التي لا تعود لتعدي البنك أو تقصير على أن يكون هذا الصندوق مستقلا وطرفا ثالثا فتعود أمواله لجهة خيرية عند تصفية البنك. (1) .

(1) وقد نص القانون على صندوق

ص: 1551

وقد أقرت ورقة البحث التي أعدها مجموعة من الخبراء للبنك الإسلامي للتنمية في جدة والمشار إليها سابقا هذا المبدأ وقالت بكل وضوح (وتسمح قواعد الشريعة الإسلامية بإنشاء صندوق يقوم على أساس فكرة التأمين التعاوني وأنه طرف ثالث وفي حالة التصفية لابد أن تعود أمواله إلى جهة خيرية)(1) .

24-

وقد لوحظ عند وضع مشروع قانون سندات المقارضة الأردني أنه يمكن إلحاق جهات خاصة بوزارة الأوقاف وهي كل الجهات التي لها استقلال مالي وتكون الحكومة بالنسبة لها على هذا الأساس طرفا آخر.

فجاء نص المادة الثالثة من القانون: يسمح بإصدار سندات المقارضة للهيئات التالية:

أ- وزارة الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية.

ب- المؤسسات العامة ذات الاستقلال المالي.

ج- البلديات.

25-

وبعد الانتهاء من وضع مشروع قانون سندات المقارضة عرض على لجنة الفتوى وعقدت لذلك اللجنة عدة اجتماعات بحضور السادة: الشيخ محمد عبده هاشم والدكتور إبراهيم زيد الكيلاني، والشيخ عز الدين الخطيب، والدكتور عبد السلام العبادي من أعضائها، وشارك في هذه الاجتماعات كل من السادة الشيخ عبد الحميد السائح والأستاذ كامل الشريف والدكتور محمود أبو السعود والدكتور محمد صقر والأستاذ يوسف المبيضين والدكتور سامي حمود.

وقد جاء في قرار اللجنة بهذا الخصوص " وقد تم بحث مشروع قانون سندات المقارضة مادة مادة، لبيان حكم الشريعة الإسلامية فيه، وتم حذف بعض نصوصه وتعديل بعضها، وإضافة نصوص تضمن مطابقة المشروع لأحكام الشريعة الإسلامية، من أجل أن يتحقق الانسجام والتناسق الكامل بين نصوصه ومواده وبخاصة النص الوارد بشأن كفالة الحكومة تسديد قيمة سندات المقارضة الاسمية الواجب إطفاؤها بالكامل في المواعيد المقررة.

(1) انظر ص12 من ورقة البحث المشار إليها

ص: 1552

رابعا: إصدار هذه السندات وشروطها

26-

نظَّم قانون سندات المقارضة كيفية إصدار هذه السندات وبيَّن الشروط والأحكام الواجب توافرها لذلك والأسس لقواعد هذا القانون.

يلاحظ أن هذه الشروط والأحكام تتعلق بما يلي:

أ- المشروع الذي تصدر سندات المقارضة لتمويله.

27-

ونصت المادة 4 من القانون على أنه يشترط في هذا المشروع:

1-

أن يكون ذا جدوى اقتصادية مجزية.

2-

أن يكون مستقلا كل الاستقلال عن المشروعات الأخرى الخاصة بالهيئة المصدرة.

3-

أن يدار المشروع كوحدة مستقلة بحيث تتضح في نهاية السنة المالية أرباحه المعدة لإطفاء السندات، وتوزيع الأرباح حسب النسبة المقررة في نشرة الإصدار.

ب- اللجنة الخاصة بإصدار سندات المقارضة:

28-

نصت المادة 8 من القانون على تأليف لجنة لإصدار سندات المقارضة تدرس نشرات الإصدار وتقرها بشكلها النهائي وتتكون هذه اللجنة من كل من:

1-

نائب محافظ البنك المركزي الأردني رئيسا.

2-

وكيل وزارة المالية.

3-

وكيل وزارة الصناعة والتجارة.

4-

وكيل وزارة الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية.

5-

مدير عام سوق عمان المالي.

6-

عضوين من القطاع الخاص يعينهما مجلس الوزراء لمدة سنتين غير قابلتين للتجديد.

ص: 1553

29-

ونصت المادة السادسة من القانون على إعداد نشرة لكل إصدار تشمل فيما يجب أن تشمل على عدة أمور ذكرتها بالتفصيل، وقد قامت لجنة الإصدار بإعداد هيكل عام لنشرة إصدار خاصة بمشاريع وزارة الأوقاف ضمنتها كل الأمور التي طلبها القانون، يمكن الرجوع إليها لمن أراد التفصيل.. ويلاحظ هنا أن الشكل النهائي لنشرة الإصدار الخاصة بمشروع معين يجب أن يعرض على مجلس الوزراء لتصديقها كما هو نص الفقرة (جـ) من المادة الثالثة.

30-

والواقع أنه من الضروري أن تتضمن نشرة الإصدار كل البيانات والمعلومات اللازمة لمعرفة المشروع بدقة كافية. وفي ورقة البحث المقدمة للبنك الإسلامي للتنمية المشار إليها سابقا جرى التأكيد على هذا من منطلق أن كل التعامل وهو المشروع الممول بهذه السندات هنا يجب أن يكون معلومًا للمتعاقدين: المكتتب والجهة المصدرة.

31-

ومن الأمور التي يجب أن تحويها نشرة الإصدار.

- وصف موجز للمشروع وأغراضه.

- حجم المال المستثمر.

- القيمة الاسمية للإصدار.

- الفترة المتوقعة للتنفيذ.

- إجمالي الربح المتوقع.

- حصة البنك من صافي الربح كمضارب.

- المخصص لصندوق التأمين التعاوني لمخاطر الاستثمار.

- تواريخ توزيع الأرباح المحققة.

- كيفية تداول الشهادات وإجراءاته.

- مواعيد الطرح للاكتتاب العام وإقفاله.

- اسم أمين الإصدار وأسماء مديري الإصدار ووكلاء الدفع ومتعهدي التغطية.

- الأحكام الشرعية التي استند عليها الإصدار.

- شرح لوسيلة تمويل المشروع (مساهمة في رأس المال – تأجير – تمويل تجارة.. إلخ..)

- شروط الإصدار الأخرى وأحكامه.

ص: 1554

ولا يقتصر الأمر على هذا الملخص، بل لا بد أن يتاح للمكتتب المرتقب كتيب يتضمن جميع البيانات الأساسية في دراسة الجدوى الاقتصادية للمشروع والتي لم تشملها نشرة الإصدار.

32-

وقد تم تعريف الجهات المتعلقة في إصدار سندات التنمية في ورقة العمل المقدمة للبنك الإسلامي للتنمية كما يلي:

1-

المصدر:

هو الجهة التي تصدر الأوراق المالية لحسابها بغرض استخدام حصيلة الإصدار في تمويل نشاطها، ويجوز أن يقوم البنك الإسلامية نيابة عنها بالإصدار.

2-

مدير الإصدار: وهو الجهة التي تنظم الإصدار من بدايته وتسوقه إلى أن يتم إغلاق باب الاكتتاب نهائيا وذلك نظير أجر معين ومعلن.

3-

أمين الإصدار: وهو الجهة التي تتولى رعاية حقوق مالكي الأوراق المالية الإسلامية والرقابة على تنفيذ شروط الإصدار نظير أجر محدد ومعلن.

4-

وكيل الدفع: وهو الجهة التي تقوم بالنيابة عن المصدر بدفع العوائد المستحقة في مواعيدها وكذلك أقساط إطفاء رأس المال كليا أو جزئيا نظير أجر محدد ومعلن.

5-

متعهد التغطية: وهو الجهة التي تلتزم بالاكتتاب فيما لا يتم الاكتتاب به من الأوراق المالية ويكون هذا التزام دون أجر ممن قدمه.

ويمكن أن يقوم البنك الإسلامي بدور جهة أو أكثر من تلك الجهات المذكورة على ألا يجمع بين وظيفة أمين إصدار من ناحية وأي من وظيفتي المصدر ومتعهد التغطية من ناحية أخرى. (1) .

(1) ورقة البحث المشار إليها ص5

ص: 1555

أحكام الاكتتاب

33-

عالج القانون موضوع الاكتتاب في سندات المقارضة في عدد من مواده وتشمل هذه الأحكام إجراءات الاكتتاب وأنواع المكتتبين، وكيفية دفع القيم المكتتب بها وضمان حقوق المكتتبين والدفاع عنه وكل ما يتعلق بإدارة إصدار السندات وتغطيتها فيما يعرف بالرجوع إلى مظانه من القانون.

المحاسبة المالية في هذه السندات وقواعد إطفائها:

34-

حرص قانون سندات المقارضة على تنظيم أمور المحاسبة المالية الخاصة بالمشاريع التي تمول وفق سندات المقارضة من أجل ضمان الحقوق للمكتتبين فقد نصت المادة 21 على تشكيل لجنة مستقلة يعينها مجلس الوزراء بناء على تنسيب الجهة المصدرة لا يتجاوز عددها خمسة أعضاء للإشراف على تنفيذ المشروع وقد أنيط بهذه اللجنة مسك حسابات أصولية مستقلة للمشروع تبين بدقة المشروع واستغلاله ونتائجه المالية وترسل نسخة من هذا التقرير إلى كل من مالكي السندات. كما نظمت المواد 6 فقرة (هـ) و11 و12 أحكام إطفاء السندات ونصت المادة 20 فقرة (أ) على أن الجهة المصدرة تحل محل مالكي الإسناد المطفأة في الحصول على الأرباح المتحققة لهم، وهذا النص الوارد في القانون محل نقد كما سنرى قريبا.

ص: 1556

خامسا: وزارة الأوقاف وسندات المقارضة

35-

نبحث تحت هذا العنوان في أمرين:

الأول: جهود وزارة الأوقاف في إصدار قانون سندات المقارضة ومتابعة إصدارها بشكل سليم من الناحية الشرعية.

الثاني: مدى استفادة وزارة الأوقاف من قانون سندات المقارضة في تمويل مشاريعها الكبيرة.

أ- أما الأمر الأول فقد ظن من الوضع السابق جهود وزارة الأوقاف في إصدار قانون سندات المقارضة رقم 10 لسنة 1981.

وهي الآن تتابع إصدار هذا القانون الذي صدر في حينه قانونا مؤقتا ليصدر قانون دائما بعد إقراره من مجلس الأمة.

هذا وقد كانت لجنة الإصدار قد درست القانون من جديد دراسة تفصيلية لإدخال أي تعديلات ضرورية عليه قبل إقراره من مجلس الأمة الموقر.. وقد اتفقت اللجنة على ضرورة إجراء عدد من التعديلات على هذا القانون.. وقامت بتفويض بعرضها على اللجان المتخصصة في مجلس الأمة.. وقد قمت بكتابة مذكرة أوضحت فيها المبررات الخاصة بهذه التعديلات المقترحة وقدمتها للجهات المعنية في مجلس الأمة.. وقد أقرت هذه التعديلات بالإجماع في مجلس النواب وهي تنظر الإقرار من مجلس الأعيان في جلساته في الدورة القادمة إن شاء الله تعالى.

36-

ولأهمية ما ورد في هذه المذكرة فإنني أرفق نصها فيما يلي:

كانت لجنة إصدارات سندات المقارضة قد عقدت اجتماعا في وزارة الأوقاف بتاريخ 12/ 1/ 85 برئاسة عطوفة نائب محافظ البنك المركزي الأردني، وحضور الأعضاء وكيل وزارة الأوقاف، وكيل وزارة الصناعة والتجارة، مدير سوق عمان المالي، الدكتور أسامة الدباغ، من كلية الاقتصاد في الجامعة الأردنية، بالإضافة إلى السيد وليد أسعد خير الله من البنك المركزي، والسيد عصام المحيسن من وزارة المالية.

ص: 1557

وقد درس المجتمعون مواد قانون سندات المقارضة واقترحوا إجراء مجموعة من التعديلات على مواد القانون ليتم عرضها على مجلس الأمة عند دراسة القانون بهدف إقراره قانونا دائما بعد أن كان قانونا مؤقتا. والتعديلات مبينة بالمحضر المرفق لاجتماع اللجنة.

وقد فوض الدكتور عبد السلام العبادي، وكيل وزارة الأوقاف بالقيام بعرض هذه التعديلات المقترحة على اللجان المختصة في مجلس الأمة.

والأسباب الموجبة للتعديلات التي اقترحتها اللجنة كما بينها الدكتور عبد السلام العبادي، للجنة المالية في مجلس النواب والتي وافقت عليها بعد مناقشة طويلة بالإضافة إلى إدخال بعض التعديلات الأخرى التي رأتها ضرورية أثناء دراسة القانون ومناقشته هي:

1-

شطب الفقرة (ز) من المادة السادسة والتي تنص على ماهية السندات فيما إذا كانت لحاملها أو مسجلة باسم مالكها لكي تنسجم مع نص الفقرة (أ) من المادة الثانية من القانون والتي تنص:

- تعني سندات المقارضة الوثائق المحددة القيمة التي تصدر بأسماء مالكيها مقابل الأموال التي قدموها لصاحب المشروع.

وعليه فإن السندات كما بين تعريفها في القانون تكون فقط باسم مالكها وليس باسم حاملها، إلا أنه يجوز نقل ملكيتها حسب أحكام هذا القانون ولا تعترف إلا بمالك واحد للسند الواحد.

2-

الفقرة (أ) من المادة (الثامنة) طلبت تعيين عضوين من القطاع الخاص في لجنة إصدرات سندات المقارضة لمدة سنتين غير قابلتين للتجديد يعينها مجلس الوزراء، ولا بد من وجود جهة تنسب إلى مجلس الوزراء بتعيين هذين العضوين وإنه من الضروري أن يكون الشخصان المختاران من الأشخاص الوثيقي الصلة بالفكر الاقتصادي الإسلامي، لأن هذا القانون من القوانين التي تعتمد مبادئ الاقتصاد الإسلامي بالإضافة إلى أن وزارة الأوقاف من أهم الجهات التي تستفيد من هذا القانون، وقد اقترح بأن يكون التنسيب من وزير الأوقاف، وهو ما وافقت عليه.

ص: 1558

وأضافت عبارة من ذوي الخبرة والاختصاص على نص المادة.

3-

حذف المادة (11) من القانون: بما أن شروط الإصدار ستكون موضحة في نشرة إصدار سندات المقارضة بحيث تقوم الجهة المصدرة بتوزيع الأرباح الصافية الناتجة عن تنفيذ المشروع على مالكي السندات بنسب معينة تبين مقدار نسبة الربح ومقدار نسبة الإطفاء، وبما أن السندات التي سيجرى إطفاؤها بنسب محددة وفي مواعيد معينة وفق ما سيحدد في نشرة الإصدار، فإنه من المتوقع أن تزيد المبالغ المتحققة للإطفاء من ربح المشروع على القيمة الاسمية للسندات المقرر إطفاؤها.

ومن المسلم به أن الزيادة ستدور للسنة التالية وتبقى رصيدا للمشروع ولا يجوز استخدام هذه الزيادة في إطفاء مزيد من السندات.. فالحكم الوارد في هذه المادة من تحصيل الحاصل والموضوع مفروغ منه فلا ضرورة لهذه المادة وإن كان لا ضرر من وجودها.

4-

تعديل الفقرة (أ) من المادة (15) بحيث يجوز تقسيط قيمة سندات المقارضة الاسمية عند الاكتتاب لأمرين هامين:

أ- تشجيع المواطنين على شراء السندات حيث إنهم لا يضطرون لدفع قيمتها كاملة من البداية فيما إذا تقرر في نشرة الإصدار تقسيطها.

ب- عدم تجميع مبالغ طائلة مرة واحدة لدى الجهة المصدرة لعدة سنوات لحين البدء في تنفيذ المشروع ولحين إكماله وتحقق الربح. وهذا أمر معتمد في تقسيط قيم الأسهم المكتتب بها في الشركات المساهمة، ومن الواضح أن هنالك فرقا بين سندات المقارضة وسندات التنمية لأن سندات التنمية تدفع فوائدها فورا لأنها محددة من البداية، أما سندات المقارضة فلا تدفع أرباح لها إلا بعد تحقق الربح وبنسب التوزيع المعلنة.

ص: 1559

5-

تعديل الفقرة (أ) من المادة (17) التي تنص على تسجيل اسم مالك السند على ظهر السند وليس على وجهه والأولى أن ينص على تسجيل اسم المالك على وجه السند وليس على ظهره، لأن هذا هو الأصل، والرهن هو الذي يدون على ظهر السند.

وكذلك الفقرة (ب) من نفس المادة حيث لا داعي لإصدار فئات متعددة وبقيم اسمية مختلفة وإنما الأفضل أن تكون للسندات قيمة اسمية واحدة وتصدر بفئات متعددة لسهولة ذلك في المحاسبة وتوزيع الأرباح والتداول. لذا عدلت المادة بحيث تصبح (تكون للسندات قيمة اسمية واحدة وتصدر وثائقها من فئات متعددة بحيث تكون الوثائق ذات الفئة العليا قابلة للتجزئة إلى الوثائق ذات الفئة الدنيا) .

6-

وقد جرى اقتراح شطب الفقرة (أ) من المادة لأن الأرباح المتحققة عن سندات المقارضة هي في الواقع أرباح أموال أصحاب السندات، لهذا فهم أصحاب الحق في الاستمرار للحصول على الأرباح المتحققة من هذه الأموال ولا وجه لحلول الهيئة المصدرة محل مالكي السندات في الحصول على الأرباح.. هذا من ناحية ومن ناحية أخرى فإن استمرار حلول الهيئة المصدرة محل مالكي الأسناد سيجعل الأرباح التي يحصل عليها مالكو السندات تقل تدريجيا حتى تكاد تتلاشى في الفترات الأخيرة مما يقتل هذه السندات في أسواق التداول ويظل لصاحب السند الحق في الحصول على النسبة المقررة للتوزيع كأرباح حتى يتم إطفاء جميع سنده فيصبح بعد ذلك كامل المشروع للجهة المصدرة بكامل دخله. ولا بد من الإشارة هنا أن إدخال هذه التعديلات أمر ضروري ليؤدي هذا القانون الغاية المقصودة منه.

37-

والواقع أن هذه النقطة ما زالت محل نظر من منطلق أن الجزء المخصص للإطفاء هو نصيب الجهة المصدرة (العامل) في هذه المعاملة والذي يتحول شيئا فشيئا إلى ملكية الجهة المصدرة.

وقد طالب بعض الباحثين بالتمسك بالنص الوارد في القانون وإنه لا حاجة لتعديله (1) ولا بد من الإشارة إلى أن إعادة المبالغ المطفئة من أصل قيمة السندات لمالك السند دفع إلى إثارة هذه المشكلة ولو كانت الجهة المصدرة تحتفظ بهذه المبالغ كما هو الحال في مفهوم المشاركة المتناقصة الواردة في قانون البنك الإسلامي الأردني لاختلفت الصورة ولما كان هنالك مشكلة في توزيع كامل النسب الأصلية طيلة مدة هذه السندات.

(1) انظر بحث د. قحف ص: 30- 31

ص: 1560

38-

وأما الأمر الثاني عن مدى استفادة وزارة الأوقاف من قانون سندات المقارضة في تمويل مشاريعها الكبيرة.. فالواقع أن حاجة وزارة الأوقاف ورغبتها في إيجاد طريقة شرعية مناسبة لتمويل مشاريعها الكبيرة هو الذي كان وراء صدور قانون سندات المقارضة لأن وزارة الأوقاف تملك العديد من الأراضي الممتازة في مناطق هامة ولكنها لا تملك الأموال التي تمكنها من إقامة المشاريع المناسبة عليها. وهي لا تستطيع الحصول على تمويل مالي قائم على أسس ربوية. فكانت هذه الحاجة وراء إصدار قانون سندات المقارضة.

والوزارة قد اتخذت الإجراءات اللازمة لتمويل بعض مشاريعها الكبرى. وفق قانون سندات المقارضة ومن أهم هذه المشاريع المشروع التجاري الكبير الذي ستقيمه وزارة الأوقاف على أرض تملكها على شارع قريش في وسط مدينة عمان، المتوقع أن تصل تكلفته إلى عشرة ملايين دينار.. وهذا المشروع الآن في المراحل الأخيرة لإنجاز التصاميم والمخططات ومن المأمول أن تطرح سنداته للاكتتاب العام وفي وقت ليس بالبعيد.

سادسا: البنك الإسلامي للتنمية وسندات المقارضة

39-

يبدي البنك الإسلامي للتنمية اهتماما كبيرا بموضوع سندات المقارضة ويشمل على التعريف بها في المحافل الاقتصادية والمالية في العالم الإسلامي ويتابع تمويل مشاريع وزارة الأوقاف بها وقد اتفقت وزارة الأوقاف معه على أن يقوم بتمويل دراسات مشروعها المشار إليه سابقا بقرض قيمته 500 ألف دينار إسلامي أي ما يعادل 500 ألف دولار وقد وعد بتغطية قسم كبير من السندات التي ستطرح لتمويل هذا المشروع. ويضع البنك خططا لإصدار سندات المقارضة لتمويل مشاريع معينة في بعض البلاد الإسلامية، وقد عقدت عدة ندوات علمية متخصصة لبحث موضوع سندات المقارضة والعمل السريع على طرحها على مستوى العالم الإسلامي كما ظهر فيما قدمته مجموعة الخبراء إليه في ورقة البحث المشار إليها سابقا.

40-

ويهتم البنك الإسلامي للتنمية بالتعاون مع المجمع الملكي لبحوث الحضارة الإسلامية باقتراح تقدم به صاحب السمو الملكي الأمير حسن ولي العهد في المملكة الأردنية الهاشمية حول قيام البنك للتنمية التوسط في انتقال رؤوس الأموال بين البلدان الإسلامية وتوجيهها نحو الاستثمارات التنموية في البلدان الإسلامية المحتاجة إليها وبخاصة في الظروف الراهنة التي تعيشها الأمة الإسلامية وقد تقدم سموه بهذا الاقتراح في الندوة التي عقدت في عمان بعنوان المشكلات التي تعترض سبل البحث في الاقتصاد الإسلامي في 15 شعبان 1406هـ الموافق 24/ 4/ 1986 في المؤتمر السنوي الخامس للمجمع الملكي لبحوث الحضارة الإسلامية (مؤسسة آل البيت والذي عقد خلال المدة 14- 17 شعبان 1406هـ الموافق 23- 26 نيسان 1986.

ص: 1561

ويرى الباحث أن صيغة سندات المقارضة المطروحة على مستوى العالم الإسلامي من خير الوسائل والأدوات القادرة على تنفيذ اقتراح سمو الأمير حسن وعلى أية حال فقد شكلت الندوة فريق عمل فني لدراسة جميع الأمور المتعلقة بالتطبيق العملي لهذا الاقتراح برئاسة الدكتور أحمد محمد علي رئيس البنك الإسلامي للتنمية/ جدة وعضوية كلا من:

- الدكتور عبد الله عمر نصيف – أمين عام رابطة العالم الإسلامي/ مكة المكرمة.

- الدكتور عبد العزيز كامل - المستشار بالديوان الأميري بالكويت

- الدكتور محمد الحبيب ابن الخوجة – أمين عام مجمع الفقه الإسلامي/ جدة

- الدكتور عبد السلام العبادي – وكيل وزارة الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية/ الأردن

- الدكتور راضي البدور – مدير دائرة العلوم المالية المصرفية بجامعة اليرموك / الأردن.

ومن المنتظر أن تعقد هذه اللجنة اجتماعاتها في الفترة التي يعقد فيها مجمع الفقه الإسلامي اجتماعات في دورته الثالثة في عمان في الفترة 11- 16 أكتوبر 1986.

وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين.

ص: 1562

بسم الله الرحمن الرحيم

ملحق لبحث سندات المقارضة

الحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم على رسوله الكريم وبعد:

1) فقد أوضحت في البحث الأصلي النقاش الذي دار حول التكييف الفقهي لسندات المقارضة والعلاقة الحقوقية التي تقوم بين الجهة المصدرة للسندات والمكتتبين بها.. وإضافة لما ورد هناك فإنه يمكن القول أمام النقاش، وما ثار حوله من تعليقات وملاحظات: إن القضية الأساسية التي نواجهها هنا هي:

هل نستطيع استحداث أداة تمويل إسلامية مقرة شرعا، تقوم فكرتها على أساس المشاركة في المشروع بشكل أو بآخر والتعرض لاحتمالات الربح والخسارة، وبحيث لا تقوم على مبدأ القرض الربوي المحرم شرعا، والذي يؤمن للممول دخلا معروفا أو مقدرا من النسبة الربوية؟ وإذا كانت هنالك إمكانية شرعية لهذا الاستحداث، فما الشروط والقيود التفصيلية التي تضمن عدم انقلاب هذه الأداة في التطبيق.. وبخاصة في الظروف الاقتصادية الربوية المعاصرة إلى ممارسات ممنوعة شرعا؟

2) وإجابة على هذا التساؤل انصرفت أنظار العلماء إلى عقد المضاربة من منطلق أنه شركة بين صاحب مال وعامل.. يقدم فيها صاحب المال ماله، ويقدم العامل جهده على أن يكون الربح بينهما وفق ما يتفقان عليه.. والخسارة على صاحب المال، ويكفي العامل خسارة جهده.

وعقد المضاربة هذا يقدم أساسا صالحا للتكييف الفقهي لعمليات التمويل بصفة عامة. وقد مارست البنوك الإسلامية ذلك كما هو معروف، ولكن تظل فكرة عقد المضاربة بالشكل المعروف تواجه بعض الصعوبات في مجال تكييف فكرة سندات التمويل وبخاصة عند الإطفاء.. فهل يتم الإطفاء على أساس القيمة الاسمية الأصلية للسند أم على أساس القيمة الفعلية للمشروع المقام؟ من منطلق أن المالك لرأس المال مالك لما يشتري أو يقام به، وليس للعامل فيه إلا النسبة المتفق عليها في العقد من الأرباح.

ص: 1563

وقد اختار قانون سندات المقارضة الأردني الإطفاء بالقيمة الاسمية.. فهل يمكن قبول هذا إطار القول بأن الأساس الفقهي لفكرة هذه السندات هو عقد المضاربة؟

أجاز عدد من الفقهاء شراء رب المال من مال المضاربة لتعلق حق المضارب به (1) مما يعني أنه ليس مالكا خالصا له وإلا كيف يجوز له أن يشتريه وهو ملكه؟

ثم ألا يمكن القول بأن صاحب المال والعامل قد اتفقا في هذه الصورة المستحدثة من المضاربة على ذلك؟ وليس في ذلك محظور شرعي لأن هذه مبادلة رضائية قَبِلَ الطرفان فيها اعتماد القيمة الاسمية كأساس لتقدير قيمة الأعيان التي قامت في المشروع تشبه البيع بما ينقطع عليه السعر من حيث الإضافة إلى المستقبل ومن حيث المخاطرة في تقدير السعر، ذلك أن الاحتمال قائم في نزول قيمة هذه الأعيان أو ارتفاعها عن القيمة الاسمية فالمخاطرة التي يتعرض لها رب المال في هذه المبادلة الرضائية المضافة إلى المستقبل واضحة، يضاف إليها المخاطرة التي يتعرض لها في احتمال أن لا يتحقق ربح للمشروع والمخاطرة واحتمال التعرض للربح والخسارة هو أساس الاستثمار الجائز شرعا.. أما قضية ضمان على رأس المال فهي ليست من صلب العقد كما هو معلوم.. وتبحث من الناحية الفقهية على حدة.

3) ولا يغيب عن البال أن فكرة الإطفاء ضرورية في المشاريع الدائمة بطبيعتها ولا تسمح بالاشتراك في الملكية كما في عقارات الأوقاف.. ولكنها غير ضرورية في المشاريع غير الدائمة بطبيعتها وكذلك في المشاريع التي تسمح بقيام الاشتراك في الملكية.

وعلى هذا الأساس فإن فكرة الإطفاء ليست ملازمة لسندات المقارضة في جميع الأحوال.. ومن هنا رأينا قانون البنك الإسلامي الأردني لم يشر إلى موضوع الإطفاء وكذلك لم يبرز الحديث عنه في ورقة البنك الإسلامي للتنمية عن شهادات الاستثمار الإسلامية. وعلى كل فاختيار القيمة الاسمية أو الفعلية لاحق لتبني فكرة سندات المقارضة.

(1) المغني لابن قدامة: ج5 ص42، 43

ص: 1564

4) ونلاحظ أن هنالك صورة مشابهة يجزي العمل بها في البنوك الإسلامية وهي صورة المشاركة المتناقضة حيث يتفق البنك الإسلامي مع أحد الأشخاص المالكين لقطعة أرض على بناء عمارة مثلا في هذه الأرض ويتفق معه على تقسيم داخل هذه العمارة بنسبة معينة ربحا للبنك ونسبة أخرى لسداد المبالغ التي دفعها البنك في بناء العمارة كما يمكن أن يخصص قدر أيضا لصاحب الأرض فإذا بلغ ما يحصل من النسبة لسداد المبالغ التي دفعها البنك هذه المبالغ خلصت العمارة لصاحب الأرض وخرج البنك من المعاملة، فيكون قد استعاد رأس ماله بقيمته الاسمية وقدرا من الأرباح.

وتأتي الحاجة لهذه الصورة من منطلق تقديم بديل لصورة التمويل الربوي حيث لا يرضي مالك الأرض بالبنك شريكا دائما وحيث لا يمكن خروج البنك على أساس التقويم الفعلي للعمارة أولا بأول، ثم من أين سيأتي صاحب العمارة بالمبالغ التي تخرج البنك شراء على أساس التقويم الفعلي وبخاصة في حالة ارتفاع أسعار العمارة.

وقد عرف قانون البنك الإسلامي الأردني المشاركة المتناقضة في مادته الثانية بقوله: دخول البنك بصفة شريك ممول كليا أو جزئيا – في مشروع ذي دخل متوقع، وذلك على أساس الاتفاق مع الشريك الآخر بحصول البنك على حصة نسبية من صافي الدخل المتحقق فعلا حقه بالاحتفاظ بالجزء المتبقي أو أي قدر منه يتفق عليه ليكون ذلك الجزء مخصصا لتسديد أصل ما قدمه البنك من تمويل.

5) ثم ألا يمكن القول: إننا أمام عقد جديد استفيد من بنائه الفقهي من العقود المعروفة سابقا ما دام أننا ما زلنا في إطار الامتناع عن تحريم الحلال وتحليل الحرام.. ومن المعلوم أنه لا ضير في هذا الإطار من إحداث صور عقود جديدة جملة وتفصيلا أخذا بما رجحه عدد من العلماء.

6) وأما ما يتعلق بموضوع ضمان أصل رأس المال.. فواضح أن هذا الأمر ليس جزءا أساسيا من طبيعة سندات المقارضة إنما جرى بحثه فقها لتوليد حوافز للمكتتبين في ضمان رأس المال أمام المنافسة في السندات الربوية التي تقدم ضمانا لنسب فوائد معلنة.

وهذا الأمر لا يتعلق بطبيعة سندات المقارضة نفسها ويمكن أن يتم الأمر بدونه. ووجهة النظر الفقهية في هذا أنه ما دام أننا نستطيع أن نؤمن هذا الضمان على أسس الفقه الإسلامي فما الضير في تأمينه؟

ص: 1565

وقد لجأ لهذا التأمين في قانون سندات المقارضة الأردني على أساس كفالة الحكومة طرفا ثالثا.

وفي صيغة شهادات الاستثمار في البنك الإسلامي للتنمية تم الأمر على أساس تأسيس صندوق لتأمين مخاطر الاستثمار وهاتان الصورتان لا مشكلة منها من الناحية الفقهية من حيث الأصل عند كثير من العلماء على أساس فكرة الوعد الملزم كما أشير في الفتوى الأردنية.. إلا أن صيغة قانون سندات المقارضة الأردني تعرضت للنقد من حيث إن القانون عندما نوقش في ديوان التشريع أضيفت للمادة الخاصة بالكفالة زيادة، بيد أنه لا ضير فيها من الناحية الفقهية وهي تقرر أن ما تدفعه الحكومة في حالة عجز المشروع عن دفع القيمة الاسمية للسندات في مواعيد الإطفاء المقررة يعتبر قرضا للمشروع دون فائدة وقد لاحظت أن هذا القيد يثير إشكالا كبيرا ولما كان قانون سندات المقارضة الأردنية في مرحلة الإصدار كقانون دائم بعد أن كان قد أصدر قانونا مؤقتا سنة 1981 فقد عرضت الأمر على لجنة سندات المقارضة واقترحت أن يحال الموضوع من جديد لمجلس الإفتاء وقد كتبت الوزارة بذلك للمجلس، وقمت بعرض الأمر على المجلس بصفتي عضوا فيه. وقد أعاد المجلس دراسة الموضوع من جديد وأصدر الفتوى التالية:

قرار رقم 1/ 1987م

اطلع مجلس الإفتاء على كتاب سماحة وزير الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية رقم 134/ تعميرات/ أ/ 14602 تاريخ 17/ 4/ 1407هـ الموافق 16/ 12/ 1986م بخصوص قانون سندات المقارضة المتضمن الطلب من مجلس الإفتاء بيان رأيه في نصوص القانون والتعديلات المقترحة وبخاصة المادة الثانية عشرة من القانون وذلك بالإشارة إلى ما وجه إليها من نقد واستنادا للفتوى الصادرة بتاريخ 17/ 1/ 1988م بخصوص القانون.

وبعد استعراض مواد القانون المؤقت رقم (10) لسنة (1981م) والتعديلات المقترحة التداول فيها قرر:

أ - تأكيد قرار لجنة الإفتاء الصادر بتاريخ 8/ 2/ 1398هـ الموافق 17/ 1/ 1978م بشأن مشروع قانون سندات المقارضة وانطباق نصوصه ومواده مع أحكام الشريعة الإسلامية.

ص: 1566

ب- تأكيد قرار لجنة الإفتاء بتاريخ 8/ 2/ 1398هـ الموافق 7/ 1/ 1978م بخصوص جواز كفالة الحكومة تسديد القيمة الاسمية لسندات المقارضة الواجب إطفاؤها بالكامل في المواعيد المقررة باعتبار أن الحكومة طرف ثالث. وأن للحكومة بما لها من ولاية عامة أن ترعى شؤون المواطنين ولها أن تشجع أي فريق على القيام بما يعود على المجموع بالخير والمصلحة.

جـ- وقد لاحظ المجلس أن المادة الثانية عشرة من القانون المؤقت رقم (10) سنة (1981م) قد أضافت بعد النص على أن الحكومة تكفل بتسديد قيمة سندات المقارضة الاسمية الواجب إطفاؤها بالكامل في المواعيد المقررة أن المبالغ التي تدفعها الحكومة في هذه الحالة تصبح قرضا للمشروع وبدون فائدة مستحق الوفاء فور الإطفاء الكامل للسندات، وهذا يعني أن الحكومة التي قبل مبدأ كفالتها لتسديد القيمة الاسمية للسندات على أساس أنها طرف ثالث لم تعد طرفا ثالثا وأن الذي تحمل التسديد هو المشروع نفسه. كل ما في الأمر أنه قام بالاقتراض من الحكومة لعدم توافر السيولة لديه لتغطية القيمة الاسمية المطلوب تسديدها، وهذا في الواقع كفالة لعدم الخسارة أعطيت لصاحب المال من المضارب في عقد المضاربة وهذا أمر يخالف القواعد المقررة لعقد المضاربة في الفقه الإسلامي.

لذا يرى مجلس الإفتاء ضرورة الإبقاء على كفالة الحكومة على أساس أنها طرف ثالث واستمرار وضعها في هذه الكفالة على هذا الأساس ليقبل من الناحية الشرعية عدم النص في سندات المقارضة على تحميل المكتتبين ما يصيبهم من خسارة، كما هو وارد في نص لجنة الإفتاء في القرار المشار إليه.

ومن هنا يرى المجلس ضرورة الوقوف بالمادة الثانية عشرة عند كلمة المواعيد المقررة وحذف الباقي والواقع أن المشاريع الوقفية والمشاريع التي تقوم بها البلديات والمؤسسات ذات الاستقلال المالي والإداري التي ستستفيد منه هذه الكفالة هي من المشاريع الحيوية التي تعود على الأمة بالخير والنفع والرفاهة مما تحرص الدولة على إقامته والتشجيع عليها تحقيقا للتنمية الاقتصادية والاجتماعية والأصل أن هذه المشاريع كما ينص القانون المؤقت لا يباشر بها إلا بعد دراسات وافية للجدوى الاقتصادية وبوجود ضمانات كافية تضمن حسن سيرها وسلامة الإشراف عليها.

ص: 1567

فليس في كفالة الحكومة تسديد قيمة أصل هذه السندات في مواعيد الإطفاء المقررة أي ضرر أو إضاعة للمال العام إنما هو استخدام إيجابي له في حالات نادرة وفي ظروف استثنائية.

د- وقد اطلع المجلس على التعديلات المقترحة في المذكرة المرفقة بكتاب سماحة الوزير ورأي أن التعديلات المقترحة لا تعارض الأحكام الشرعية المقررة، ولا يمانع المجلس في إدخالها على القانون المؤقت.

عضو المفتي العام قاضي القضاة

عبد السلام العبادي نائب رئيس مجلس الإفتاء رئيس مجلس الإفتاء

عز الدين الخطيب التميمي محمد محيلان

عضو عضو عضو

مود السرطاوي ياسين درادكه نوح سلمان القضاة

عضو عضو

مصطفى الزرقاء عبد الفتاح عمرو

عضو مقرر عضو عضو

محمود الفواطلي الرفاعي عبد الحليم الرمحي إبراهيم زيد الكيلاني

ص: 1568