الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[رسالة في حقيقة الإسلام ومن خالفه من أدعياء العلم]
رسالة في حقيقة الإسلام من الكتاب والسنة
(ومن خالفهما من أدعياء العلم والعرفان)
قال -رحمه الله تعالى-:
اعلم -وفقنا الله وإياك للإيمان بالله ورسله- أن الله سبحانه قال في كتابه: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا} 1. فتأمل هذا الكلام، وأن الله أمر بقتلهم وحصرهم والقعود لهم كل مرصد إلى أن يتوبوا من الشرك ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة.
وأيضا فقد قال صلى الله عليه وسلم: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام، وحسابهم على الله تعالى"2 فهذا كلام رسوله.
وقد أجمع العلماء عليه من كل مذهب، وخالف ذلك من هؤلاء الجهال الذين يسمون العلماء فقالوا: من قال لا إله إلا الله فهو المسلم، حرام الدم والمال. وقد بَيَّنَ النبي صلى الله عليه وسلم الإسلام في حديث جبريل لما سأله عن الإسلام فقال:"الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا"3.
فهذا تفسير رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهؤلاء يقولون: البدو إسلام؛ لأنهم يقولون لا إله إلا الله، فمن سمع كلامهم وسمع كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلا بد له من أحد أمرين: إما أن يصدق الله ورسوله ويتبرأ منهم ويكذبهم، وإما أن يصدقهم ويكذب الله ورسوله؛ فنعوذ بالله من ذلك، والله أعلم.
فتأمل أصول الدين:
(الأولى): أن الله أرسل الرسل وأنزل الكتب لبيان الحق من الباطل.
(الثانية): بيان ما اختلف فيه الناس أن الواجب عليهم اتباع
1 سورة التوبة آية: 5.
2 البخاري: الإيمان (25)، ومسلم: الإيمان (22).
3 مسلم: الإيمان (8)، والترمذي: الإيمان (2610)، والنسائي: الإيمان وشرائعه (4990)، وأبو داود: السنة (4695)، وابن ماجه: المقدمة (63) ، وأحمد (1/ 27 ،1/ 51 ،2/ 107).
ما أنزل إليهم من ربهم.
(الثالثة): أن مَن لم يرفع به رأسا فهو منافق جاهل.
(الرابعة): رد ما تنازعوا فيه إلى الكتاب والسنة.
(الخامسة): أن من اتَّبَعَ الهدى الذي جاءت به الرسل من عند الله لا يضل ولا يشقى.
(السادسة): أن من أعرض عن ذلك حُشِرَ أعمى ضالا شقيا مُبْعَدًا.
(السابعة): أن الذين في قلوبهم مرض يتبعون ما تشابه منه.
{تكفير المسلم بالشرك بالله وموالاة المشركين على المؤمنين}
(قال الشيخ محمد -رحمه الله تعالى-):
إذا شهد الإنسان أن هذا دين الله ورسوله؛ كيف لا يَكْفُرُ مَن أنكره، وَقَتَلَ مَنْ آمَنَ به وحَبَسَهُمْ؟ كيف لا يَكْفُرُ مَنْ أتَى المشركين يحثهم على لزوم دينهم، ويُزَيِّنه لهم، ويحثّهم على معاداة الموحدين وأخذ أموالهم؟ كيف لا يكفر؛ ويشهد أن هذا الذي يحث عليه أن الرسول صلى الله عليه وسلم أنكره، ونهى عنه وسماه الشرك بالله؟ وهذا الذي يبغضه ويبغض أهله ويأمر المشركين بقتلهم هو دين الله ورسوله.
واعلم أن الأدلة على تكفير المسلم الصالح إذا أشرك بالله، أو صار مع المشركين على الموحدين ولم يشرك: أكثر من أن تُحْصَر من كلام الله، وكلام رسوله، وكلام العلماء.
وأنا أذكر لك آية من كلام الله؛ أجمع أهل العلم على تفسيرها، وأنها في المسلمين، وأن الرجل إذا قال ذلك فهو كافر في أيّ زمان كان. قال الله تعالى:{مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالأِيمَانِ} 1 الآية.
وفيها ذكر أنهم استحبوا الحياة الدنيا على الآخرة، فإذا كان العلماء ذكروا أنها نزلت في الصحابة؛ لما فتنهم أهل مكة، وذكروا أن الصحابي إذا تكلم بكلام الشرك بلسانه مع بغضه لذلك وعداوة أهله لكن خوفا منهم، فهو كافر بعد إيمانه؛ فكيف بالمؤمن في زماننا إذا تكلم بالبصرة أو الإحساء أو مكة أو غير ذلك، خوفا منهم لكن قبل الإكراه؟ إذا كان هذا يكفر، فكيف بمن كان معهم وسكن معهم، وصار من جملتهم؟ فكيف بمن أعانهم على الشرك وزينه لهم؟ فكيف بمن أمرهم
1 سورة النحل آية: 106.