الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بسم الله الرحمن الرحيم
قال شيخنا الشيخ عبد الرحمن بن حسن بن الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب، أجزل الله لهم الأجر والثواب، وأدخلهم الجنة بغير حساب ولا عذاب:
اللهم لك الحمد أنت نور السماوات والأرض ومن فيهن، ولك الحمد أنت قيوم السماوات والأرض ومن فيهن، ولك الحمد أنت ملك السماوات والأرض ومن فيهن، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له {الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا * وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لَا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلَا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا وَلَا يَمْلِكُونَ مَوْتًا وَلَا حَيَاةً وَلَا نُشُورًا} 1. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، الذي قال الله تعالى خطابا له: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا * وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا} 2. اللهم صل على محمد وعلى آل محمد وأصحابه، من أذهب الله عنهم الرجس، وطهَّرهم تطهيرا.
أما بعد:
[نفي ما في البردة من شرك نشأ عن جهل وفساد تصور]
فإني وقفت على جواب للشيخ عبد الله بن عبد الرحمن أبي بطين، وقد سئل عن أبيات من البردة، وما فيها من الغلو والشرك العظيم المضاهي لشرك النصارى ونحوهم ممن صرف خصائص الربوبية والإلهية لغير الله تعالى، كما هو صريح الأبيات المذكورة في البردة، لا يخفى على مَنْ عرف دين الإسلام أنه الشرك الأكبر الذي بعث الله رسله، وأنزل كتبه بالنهي عنه، وبيَّن أنه لا يغفره لمن لم يتب منه، وأن الجنة عليه حرام.
1 سورة الفرقان آية:2، 3.
2 سورة الأحزاب آية:45، 46.
وذكر الشيخ رحمه الله في جوابه: أن الأبيات المذكورة تضمَّنت الشرك، وصرف خصائص الربوبية والإلهية لغير الله، فاعترض عليه جاهل ضالٌّ فقال مبرئا لصاحب الأبيات من ذلك الشرك بقوله: حماه الله من ذلك، ويكفيه في نفي هذه الشناعة قوله أول المنظومة:
* دع ما ادعته النصارى في نبيهم *
البيت المطابق لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم"1.
(الجواب): أن هذه التبرئة إنما نشأت عن الجهل وفساد التصور، فلو عرف الناظم وهذا المعترض ومن سلك سبيلهما حق الله على عباده، وما اختصَّ به من ربوبيته وإلهيته، وعرفوا معنى كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم لَمَا قالوا ما قالوا هم وأمثالهم ممن جهل التوحيد، كما قال تعالى في حق من هذا وصفه:{وَإِنَّ كَثِيرًا لَيُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُعْتَدِينَ} 2.
فالجهل بما بعث الله به رسله قد عمَّ كثيرا من هذه الأمة، وظهر فيها ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم بقوله:"لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة، حتى لو دخلوا حجر ضب لدخلتموه. قالوا: يا رسول الله، اليهود والنصارى؟ قال: "فمن؟ "3 ونحو هذا من الأحاديث.
وقوله: ويكفيه في نفي هذه الشناعة قوله أول المنظومة:
* دع ما ادعته النصارى في نبيهم *
…
... .... البيت
(الجواب): أن هذا يزيده شناعة ومقتا؛ لأن هذا تناقض منه بيِّن، وبرهان على أنه لا يعلم ما يقول، فلقد وقع فيما وقعت فيه النصارى من الغلو العظيم الذي نهى الله عنه ورسوله، ولعن النبي صلى الله عليه وسلم من فعله، أو فعل ما يوصل إليه بقوله:"لعنة الله على اليهود والنصارى، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد. يحذر ما صنعوا"4. وقال:
1 البخاري: أحاديث الأنبياء (3445) ، وأحمد (1/ 23 ،1/ 24 ،1/ 47).
2 سورة الأنعام آية: 119.
3 البخاري: أحاديث الأنبياء (3456)، ومسلم: العلم (2669) ، وأحمد (3/ 84 ،3/ 89 ،3/ 94).
4 البخاري: الصلاة (436)، ومسلم: المساجد ومواضع الصلاة (531)، والنسائي: المساجد (703) ، وأحمد (1/ 218 ،6/ 34 ،6/ 80 ،6/ 121 ،6/ 255)، والدارمي: الصلاة (1403).