الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقوله: {وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَرْضِ} 1 الآية. وهذه هي الكلمات التي لا يجاوزهن بر، ولا فاجر.
ولفظ (الرجس) أصله القذر، ويراد به الشرك كقوله -تعالى-:{فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الأَوْثَانِ} 2، ويراد به الخبائث المحرمة كقوله:{أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ} 3. ونحن نقطع أن الله أذهب عنهم الرجس والخبائث، فمن تاب وقع ذنبه مكفرا، أو مغفورا له، فقد طهره الله تطهيرا.
فتبين بما ذكرنا: أن الآيات التي احتج بها قد أضاء نورها في بطلان ما ذهب إليه هذا المعترض، وهو المطلوب.
فصل
{في أهواء الشيعة في مناقب أحاديث آل البيت}
وأما قوله: (وأما الأحاديث ففي الترمذي عن زيد بن أرقم قوله صلى الله عليه وسلم: "إني تارك فيكم ما إن استمسكتم به لن تضلوا بعدي"4 إلى آخره، وكذلك حديث أبي سعيد الذي أخرجه ابن أبي شيبة، وابن سعد وأحمد، وكذلك حديث أبي ذر: "مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح في قومه" إلى آخره، وكذلك حديث ابن الزبير، وكذلك حديث أبي سعيد وغيره مما ذكر).
(فالجواب) أن يقال: قد تقدم الجواب عن حديث الثقلين، وما في معناه قريبا، وبينا أنها لا تدل على مقصود هذا المعترض، بل تدل على نقيض مقصوده، وإنما تدل على أن إجماع أهل البيت حجة، وأنهم لا يجمعون على باطل؛ لأن الله عصمهم من ذلك، كما عصم هذه الأمة أن تجتمع على ضلالة، وهذا قول طائفة من أصحاب أحمد وغيره، ذكره القاضي في المعتمد.
ومن العجب قوله: قال بعض أهل التحقيق: إن حديث الثقلين متلقى بالقبول،
1 سورة القصص آية: 5.
2 سورة الحج آية: 30.
3 سورة الأنعام آية: 145.
4 الترمذي: المناقب (3788).
################
{قُرْآنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ} 1. فلقد فرقت بين النبي صلى الله عليه وسلم وآله، وقطعت ما وصله الله ورسوله، وخالفت قوله صلى الله عليه وسلم فيما قاله لعلي: "أما 2 تكون رابع أربعة: أول من يدخل الجنة أنا وأنت، والحسن والحسين، وأزواجنا عن أيماننا وشمائلنا، وذرياتنا خلف أزواجنا" أخرجه الثعلبي، وأحمد في المناقب، وفي رواية أخرى أخرجها بعد ذكر الذرية: "وأشياعنا عن أيماننا وشمائلنا" إلى آخره.
(فالجواب) أن يقال: في هذا الكلام من الكذب والزور والظلم أنواع كثيرة:
(الأول): قوله: قد تحجرت واسعا، قال الله -تعالى-:{وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} وقد جعلت سيد المرسلين الذي هو رحمة للعالمين، رحمة لك، ولأهل مذهبك. وهذا كذب ظاهر على المجيب؛ لأنه لم يخص أحدا معينا، بل أخبر أن مذهبه في هذه الآيات وما أشبهها من الأحاديث، مذهب السلف الصالح، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، فهذا كلامه صريحا في تكذيب هذا المعترض.
(الثاني): قوله: فقد جعلت سيد المرسلين الذي هو رحمة للعالمين، رحمة لك، ولأهل مذهبك. وهذا أيضا كذب ظاهر على المجيب؛ لأن ظاهر كلامه على صريحه يناقض ما ذكره هذا المعترض، وكل من اتبع كتاب الله وسنة رسوله من جميع الطوائف فهو عنده من أهل الرحمة الناجين، ولا يخالف في هذه المسألة أحد من أمته صلى الله عليه وسلم؛ لا من أهل السنة، ولا من أهل البدعة، وإنما الشأن في تحقيق هذه الدعوى بالعمل، وقد قال -تعالى- في كتابه:{وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ} 3 الآية، فدلت هذه الآية الكريمة على أن كل من أطاع الله ورسوله من الأولين والآخرين، فهو من أهل الجنة الناجين.
(الثالث): قوله: وللمتسمّين بأهل السنة والجماعة خاصة. وهذا أيضا كذب على المجيب؛ لأن الذي ذكر المجيب -كما نقله هو عنه- أنه ما درج عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم
1 سورة الزمر آية: 28.
2 كذا في الأصل، ولعله "أما ترضى أن تكون، إلخ" أو نحو هذا.
3 سورة النساء آية: 69.
################
################