الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هو الذي يشتق منه الفعل كما قال في الخلاصة 1: * وكونه أصلا لهذين انتخب * ومصدره أله إلاهة قال في القاموس: أله إلاهة وألوهة وألوهية: عبد عبادة. ومنه لفظ الجلالة وأصله إله كفعال بمعنى مألوه، وكل ما اتخذ معبودا إله عند متخذه. انتهى.
(الوجه الثاني): قوله: ألهه إذا عبده فجعل عبده مشتقا من ألهه وهو من غير مادته وهو فعل أيضا، فإن عبده مشتق من عبادة يقال: عبده عبادة فمادته عبد لكن، عبد تفسير لأله فاتفقا في المعنى لا في اللفظ. وأيضا فقوله: ألهه إذا عبده يناقض ما سلف من كلامه.
وأما قوله: يوجب اتحاده معه في المعنى لعدم وجوده بدونه.
(فالجواب): أن قوله: يوجب اتحاده معه في المعنى، ليس كذلك بل لا بد أن يتضمن أحدهما وهو الفعل معنى المصدر وزيادة لدلالته على الحدث والزمان، والمصدر إنما يدل على الحدث فقط، وهذا أمر معروف عند النحاة وغيرهم، محسوس. فعبارته تدل على أنه لا يعرف معنى الاشتقاق الذي ذكره العلماء، ولو سئل عن معناه لما أجاب، ولكنه خلا بأناس عظموه في نفسه فأراد أن يأخذ العلوم بمجرد الدعوى.
ومن نظر في كلامه عرف أنه لا شيء هناك فتجده يأتي بعبارات متضمنة لجهالات لم يسبقه إليها سابق كما قد عرفتم وتعرفونه فيما يأتي من كلامه وما فيه من التناقص، فما أقبح جهل من يدعي العلم، وما أفحش خطأ من يدعي الفهم.
والله أسأل أن يُوزِعنا شكر ما أنعم به علينا مما علمناه وفهمناه. فلله الحمد لا نحصي ثناء عليه، ونسأله الثبات والاستقامة، والعفو والعافية في الدنيا والآخرة، ولكل من عرف الإسلام وقبله ودان به، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
[قول الورقة: إن العرف خصَّ معنى الإله بالمعبود بحق]
وأما قوله: ثم استعمل في العرف على الأغلب والأكثر على المعبود بحق لعدم تحقق العبادة إلا بعد اعتقاد العابد استحقاق المعبود لها. وإلا فلا تسمى عبادة.
1 المعروفة بألفية ابن مالك.
(فالجواب): أن قوله: ثم استعمل في العرف أي: بعد أن كان الإله المعبود لغة غير مقيد بقيد الحقيقة والبطلان كما تقدم صريحا في كل أمة. فليت شعري، متى هذا العرف الذي وضع للألفاظ اللغوية معناها؟ ومن هم أهل هذا العرف؟ هل كانوا في قوم نوح أو قوم هود، فيسأل هذا متى كانوا؟ فما أقبح هذه الأقوال المختلقة التي غايتها التمويه والتلبيس! فلا منقول ولا معقول ولم يسبقه إليها أحد.
وقدم تقدم ما يلزم على هذا القول من اللوازم الباطلة، فتبين أن قوله هذا كذب على اللغة لا يعرف عن أحد لغوي ولا عن عربي، والعرف لا يغير اللغة عن أصلها لفظا ومعنى.
وهذه كتب اللغة كالقاموس وصحاح الجوهري وغيره ليس فيها ما يدل على هذا القول الباطل، فيكون قد كذب على اللغة والعربية وعلى غيرها من اللغات، وعلى كتاب الله وسنة رسوله.
وقال شيخ الإسلام أحمد بن تيمية -رحمه الله تعالى-: الإله هو الذي تألهه القلوب محبة ورجاء وتوكلا وغير ذلك من أنواع العبادة، وهذا قول أهل السنة قاطبة لا يختلف فيه اثنان.*
وأما قوله: (على الأغلب والأكثر على المعبود بحق) فمفهومه أنه يستعمل في غير الأغلب والأكثر على غير المعبود بحق، فهذا صحيح لكنه لا يختص بالعرف بل هو في اللغة كذلك، فإذا كان يطلق على غير المعبود بحق كما تفهمه كل أمة، فهذا حجة عليه؛ فإن جميع الأصنام والأوثان وما يعبد من دون الله كلها آلهة معبودة بغير حق، باطلة بكلمة الإخلاص لا إله إلا الله. ففيها النفي والإثبات، كما سيأتي بيان ذلك.
وكل ما نفته لا إله إلا الله من الأصنام والأنداد فليس كليا لا يوجد إلا ذهنا كما يقوله المفتري أفلاطون الفيلسوف وشيعته، وإنما كانت أشخاصا متعددة يباشرها عبادها بالعبادة بالدعاء، والاستغاثة والاستشفاع بها، والعكوف عندها، والتبرك بها كأصنام قوم نوح، وأصنام قوم عاد القائلين: {إِنْ نَقُولُ إِلَّا اعْتَرَاكَ بَعْضُ
* لم أجد هذا اللفظ بعينه، ولكن ورد تعريف (الإله) في عدة مواضع؛ مثل:"مجموع الفتاوى"(11/ 524)، و"الواسطة بين الحق والخلق"(ص 42)، و"قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة"(ص 333)، و"الرد على البكري"(1/ 141)، و"درء التعارض"(9/ 377)، وغيرها. [معد الكتاب للمكتبة الشاملة]