الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عشر آيات لم يجاوزوها حتى يتعلموا ما فيها من العلم والعمل، قالوا:"فتعلمنا القرآن والعلم والعمل جميعا".
ولم يقل الرسول صلى الله عليه وسلم يوما من الدهر ولا أحد من أصحابه -فيما بلغنا- أن ظواهر هذه الآيات وما في معناها من الأحاديث تقتضي التشبيه والتكييف والتجسيم فلا تعتقدوها، بل أولوها على التأويلات المستكرهة، كما يقول من يقوله من الجَهْمِيَّة والرَّافِضَة وغيرهم من أهل البدع والضلال، بل أطلقوا هذه النصوص وبَلَّغُوها لجميع الخلق.
ومعلوم أن في زمانهم الذكي والبليد من أهل البادية والحاضرة والرجال والنساء، فلم يقولوا لأحد منهم: لا تعتقدوا ظواهر هذه النصوص، ولا فسروها بما يخالف ظاهرها.
فهذا سبيل السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار ومن اتبعهم بإحسان إلى يوم القيامة، ومن أعرض عن ذلك واتبع غير سبيل المؤمنين ولاه الله ما تولى، وأصلاه جهنم وساءت مصيرا.
فصل
{في شبهة تأويل بعض السلف للصفات}
وأما قوله: (وأما تفسير الصفات وتأويلها فروى -أيضا- السُّيوطِي في "الدر المنثور" في قوله تعالى: {وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ} 1 قال: أخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عَبَّاس في قوله تعالى: {وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ} 2 قال: شديد القوة. وعنه أيضا: شديد المكر والعداوة. وأخرج ابن جرير عن ابن عباس أيضا: شديد الحول.
وأخرج ابن جرير عن عَلِيٍّ رضي الله عنه قال: شديد الأخذ. وأخرج ابنُ أبي حاتِم عن مُجَاهِد قال: شديد الانتقام. وأخرج أبو الشيخ عن عَلِيّ قال: شديد الحقد. وأخرج عبد الرزَّاق وابن أبي حاتم وابن جرير وأبو الشيخ عن قَتَادَة: شديد المحال: القوة والحيلة، انتهى.
1 سورة الرعد آية: 13.
2 سورة الرعد آية: 13.
قال المعترض: (فهؤلاء الأجلة من الصحابة والتابعين، قد روى عنهم من هو إمام في حزبك وسلفك: السيوطي، ما ترى من تفسير الصفات وتأويلها، بل روى التجسيم عن سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم، وقد اشتهر اشتهار الشمس في كتب قومك وسلفك حديث: "سترون ربكم كالقمر ليلة البدر"1 فهل بعد هذا التكييف من بلاء وعمى؟ نسأل الله لك الهداية، والسلامة من نزغات الشيطان).
(فالجواب) من وجوه كثيرة:
(أحدها) أن يقال: ما ذكرت من رواية السيوطي عن ابن عباس وغيره من الصحابة والتابعين ليس من باب تفسير الصفات وتأويلها الذي ينكره أهل السنة والجماعة، بل فسروها على ظواهر الآيات، ووصفوا الله بما وصف به نفسه، وبما وصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم، وهذا من أوضح الدلائل في الرد عليك أيها المعترض، وعلى أشباهك المنكرين لصفات الله -تعالى-، فلم يفعلوا فعل الجاهلية النفاة الذين لم يثبتوا لله صفة ولا فعلًا، الممثلة المُشَبِّهَة الذين يشبهون صفاته بصفات خلقه.
(الوجه الثاني): أن جميع الصحابة والتابعين لهم بإحسان يصفون الله بأنه شديد القوة، وكذلك شديد المكر، وشديد الأخذ، كما وصف نفسه بذلك في غير آية من كتابه، كقوله:{إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ} 2 وقوله: {وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} 3. وقال: {إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ} 4. وقال: {إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ} 5. وقال: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً} 6.
فيمرون هذه الآيات على ظواهرها، ويعرفون معناها ولكن لا يكيفونها، ولا يشبهونها بصفات المخلوقين.
هذا مجمع عليه بينهم، ولله الحمد والمنَّة.
فأين في هذا ما يدل علي أنهم أوَّلُوا صفات الله بتأويلات الجَهْمِيَّة والمُعْتَزَلَة والرَّافِضَة، ومن نحا نحوهم ممن أزاغ الله قلبه واتبع المتشابه وترك المحكم؟ كما قال تعالى:
{فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الأَلْبَابِ
1 البخاري: مواقيت الصلاة (554)، ومسلم: المساجد ومواضع الصلاة (633)، والترمذي: صفة الجنة (2551)، وأبو داود: السنة (4729)، وابن ماجه: المقدمة (177) ، وأحمد (4/ 360 ،4/ 362 ،4/ 365).
2 سورة هود آية: 102.
3 سورة الأنفال آية: 30.
4 سورة الذاريات آية: 58.
5 سورة الأنعام آية: 165.
6 سورة فصلت آية: 15.
رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ} 1.
جعلنا الله وسائر إخواننا ممن يقول هذه المقالة التي علمنا الله إياها، وأعاذنا من طريق المغضوب عليهم والضالين.
فأما المغضوب عليهم فيتركون الحق ولا يريدونه، مع معرفتهم به، وأما الضالون فالجهال الذين جهلوا الحق فلم يعرفوه، بل عملوا على جهل.
وذكر المفسرون أن المراد من المغضوب عليهم اليهود؛ لأنهم عرفوا الحق معرفة تامة وتركوا اتباعه، والمراد بالضالين النصارى؛ لأنهم عبدوا الله على جهل، وقد نزه الله نبيه عن هذين الوصفين، فقال تعالى:{وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى} 2 وقد قال سُفْيان بن عُيَيْنَة وغير واحد من السلف: "من فسد من علمائنا ففيه شبه من اليهود، ومن فسد من عبادنا ففيه شبه من النصارى".
(الوجه الثالث) أن يقال: قوله: بل قد روي التجسيم عن سيد المرسلين، كذب ظاهر، لأن السيوطي وغيره من أهل السنة ينفون عن الله مشابهة المخلوقات ومماثلة الأجسام المصنوعات. فإن قال: إن لازم كلامهم يقتضي التجسيم والتشبيه. قلنا هذا ممنوع عند أهل السنة، فإنهم يقولون: إن إثبات الصفات لله تبارك وتعالى، وإثبات رؤيته -تعالى- لا يقتضي ذلك ولا يلزم منه التجسيم، ولكن هذا شأن أهل البدع والضلال، يردون كتاب الله وسنة رسوله بهذه الخرافات الباطلة، والجهالات والضلالات الكاذبة الفاسدة.
(الوجه الرابع) أن يقال: القرآن مملوء من صفات الله تبارك وتعالى وأسمائه الحسنى، وقصص الأنبياء المتضمنة لإثبات الصفات والأفعال الاختيارية لله تبارك وتعالى، كالمجيء والمناداة والتكلم والقبض والبسط والغضب والرضى. أفيقول مسلم أو عاقل إن الله وصف نفسه بالتجسيم والتكييف؟! أو وصفه به رسله وأنبياؤه؟ فإذا قلتم: إن لازم تلك النصوص إثبات التجسيم والتكييف، فهذه النصوص
1 سورة آل عمران آية: 7، 8.
2 سورة النجم آية: 1، 2.
الواردة في القرآن أبلغ منها فيما ذكرتم. سبحان الله! ما أعجب هذا الجهل، ولازم هذه المقالة أن ظواهر القرآن والسنة تجسيم وتكييف.
(الوجه الخامس) أن يقال: قوله قد اشتهر اشتهار الشمس في كتب قومك وسلفك حديث: "إنكم سترون ربكم"1 إلخ. فيقال: هذا حق وصدق تواترت به الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ودلَّ على ذلك آيات كثيرة من القرآن كقوله:{لا تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} 2، ووجه الدلالة من هذه الآية الكريمة: أنه -سبحانه- نفى إدراك الأبصار له، وأثبت له إدراكها، ونفي الإدراك لا يستلزم نفي الرؤية، فمفهوم الآية أن الله يرى ولا يدرك. وبما ذكرنا فسر الآية حبر الأمة وترجمان القرآن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما كما روى ذلك أئمة التفسير عنه، كابن جرير وابن أبي حاتم عن عِكْرِمَة عن ابن عباس قال: رأى محمد ربه، فقلت: أليس الله يقول {لا تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ} 3 الآية، فقال لي: لا أُمَّ لك، ذلك نور إذا تجلى بنوره لا يدركه شيء، قال عكرمة لمن قال له لا تدركه الأبصار: ألست ترى السماء؟ قال بلى، قال؟ فكلها ترى؟ 4.
ولابن أبي حاتم بسنده عن أبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيّ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله: {لا تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ} 5 قال: "لو أن الجن والإنس والشياطين والملائكة منذ خلقوا إلى أن فنوا صفوا صفا واحدا، ما أحاطوا بالله عز وجل".
ويدل على ذلك قوله تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} 6 فسرها أئمة التفسير بأن المراد بذلك أن المؤمنين يرون ربهم يوم القيامة؛ ولهذا قال الإمام أحمد بن حَنبَل رحمه الله في كتاب "الرد على الزَّنَادِقَة والجَهْمِيَّة": (باب بيان ما جحدت الجَهْمِيَّة){وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} 7.
1 البخاري: مواقيت الصلاة (554)، ومسلم: المساجد ومواضع الصلاة (633)، والترمذي: صفة الجنة (2551)، وأبو داود: السنة (4729)، وابن ماجه: المقدمة (177) ، وأحمد (4/ 360 ،4/ 362 ،4/ 365).
2 سورة الأنعام آية: 103.
3 سورة الأنعام آية: 103.
4 يعني أنها لو كانت ترى كلها لكانت رؤيتها إدراكا، فإن الإدراك هو الإحاطة، فنفي الإدراك لا يستلزم نفي الرؤية التي دون الإحاطة بالمرئي.
5 سورة الأنعام آية: 103.
6 سورة القيامة آية: 22، 23.
7 سورة القيامة آية:22، 23.
فقلنا لهم: لم أنكرتم أن أهل الجنة ينظرون إلى ربهم؟ فقالوا: لا ينبغي لأحد أن ينظر إلى ربه؛ لأن المنظور إليه معمول موصوف، فقلنا لهم: أليس الله يقول: {إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} 1؟ فقالوا: إنما معناه أنها تنظر الثواب من ربها، وإنما ينظرون إلى فعله وقدرته، وتلوا آية من القرآن:{أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ} 2 المعنى: ألم تر إلى فعل ربك.
فقلنا: إن فعل الله لم يزل العباد يرونه، وإنما قال:{وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} 3، فقالوا: إنما تنتظر الثواب من ربها. فقلنا: إنها مع ما تنتظر من الثواب، هي ترى ربها. فقالوا: إن الله لا يرى في الدنيا ولا في الآخرة، وتلوا آية من المتشابه من قوله -جل ثناؤه-:{لا تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ} 4.
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يعرف معنى قول الله: {لا تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ} 5 وقال: "إنكم سترون ربكم"6 وقال الله لموسى عليه السلام {تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ 7 ولم يقل لن أرى، فأيهما أولى أن يتبع؟ النبي صلى الله عليه وسلم حين قال:"إنكم سترون ربكم"8 أم جهم حين قال: لا ترون ربكم؟ والأحاديث في أيدي أهل العلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أن أهل الجنة يرون ربهم، لا يختلف أهل العلم في ذلك.
ومن حديث سفيان، عن أبي إسحاق، عن عامر بن سعد في قول الله:{لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} 9 قال: النظر إلى وجه الله.
ومن حديث ثابت البُناني عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: "إذا استقر أهل الجنة في الجنة نادى منادٍ: يا أهل الجنة إن الله قد أذن لكم في الزيارة، قال: فيكشف الحجاب، فينظرون إلى الله لا إله إلا هو".
وإنا لنرجو أن يكون جهم وشيعته ممن لا ينظرون إلى ربهم ويحجبون عن الله؛ لأن الله قال للكفار: {كَلا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ} 10.
فإذا كان الكافر يُحجب عن الله، والمؤمن يُحجب عن الله، فما فضل المؤمن على الكافر؟
فالحمد لله الذي لم يجعلنا مثل جهم وشيعته، وجعلنا ممن اتبع، ولم يجعلنا ممن ابتدع. انتهى كلام أحمد بحروفه ولفظه.
وهذا الكتاب -الذي نقلت منه هذا الكلام- رواه عن أحمد أئمة أصحابه
1 سورة القيامة آية: 23.
2 سورة الفرقان آية: 45.
3 سورة القيامة آية: 22.
4 سورة الأنعام آية: 103.
5 سورة الأنعام آية: 103.
6 البخاري: مواقيت الصلاة (554)، ومسلم: المساجد ومواضع الصلاة (633)، والترمذي: صفة الجنة (2551)، وأبو داود: السنة (4729)، وابن ماجه: المقدمة (177) ، وأحمد (4/ 360 ،4/ 362 ،4/ 365).
7 سورة الأعراف آية: 143.
8 البخاري: مواقيت الصلاة (554)، ومسلم: المساجد ومواضع الصلاة (633)، والترمذي: صفة الجنة (2551)، وأبو داود: السنة (4729)، وابن ماجه: المقدمة (177) ، وأحمد (4/ 360 ،4/ 362 ،4/ 365).
9 سورة يونس آية: 26.
10 سورة المطففين آية: 15.
وهو مشهور عند العلماء، وفي هذا ما يبين أن هذا المعترض اتبع قول جَهْم وشيعته، وترك ما عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأهل بيته وأصحابه.
ومن العجب أنه يدعي أن الإمام أحمد هو إمام الشيعة عند الحقيقة، وقد خالف مذهبه في هذه المسألة وغيرها من مسائل أصول الدين، فكيف بمسائل الفروع؟
وأعجب من هذا قوله: إن رواية هذا الحديث -أعني حديث الرؤية وما شابهه- تكييف وعماء وضلال، فإذا كان موسى عليه السلام قال لربه:? {أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ} 1 أفيسأل موسى عليه السلام ما هو تكييف وتجسيم وعماء وضلال؟ ويكون موسى عليه السلام لا يعرف ما يجوز على الله وما يمتنع عليه، ويعرف ذلك جهم وشيعته؟! فلا إله إلا الله ما أقبح هذا الجهل وأبعده عن السداد والصواب عند أولي الألباب!!
وقد صرح بعض شياطين هؤلاء المبتدعة الضلال بأن عيسى عليه السلام شبه حيث قال:
{تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ} 2، وكذلك موسى عليه السلام حيث قال:{رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ} 3.
وكذلك جهم، ذكر البخاري رحمه الله في كتاب خلق أفعال العباد بسنده أن جهما قرأ في المصحف، فلما أتى على هذه الآية {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} 4 قال:"والله لو قدرت لحككتها من المصحف".
وذكر أبو الحجَّاج المِزِّي في (كتاب تهذيب الكمال في معرفة الرجال) أن عَمْرو بن عُبَيدٍ شيخ القَدَرِيَّة قال في حديث الصادق المصدوق، المخرج في الصحيحين وغيرهما، من كتب الإسلام عن عبد الله بن مسعود قال:"حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق: إن خلق أحدكم يجمع في بطن أمه أربعين يوما نطفة"5 إلخ، فقال: لو سمعت الأَعْمَشَ يقول هذا لقلت له: كذبت، ولو سمعت زَيْد بن وَهْبٍ يقول ذلك لقلت له: كذبت، ولو سمعت ابن مَسعُودٍ يقول ذلك ما قبلته، ولو سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ذلك لرددته، ولو سمعت الله يقول ذلك لقلت: ليس على هذا أخذت ميثاقنا أو كلاما هذا معناه.
فنسأل الله العظيم المنَّان أن لا يزيغ قلوبنا بعد إذ هدانا، وأن يهب لنا منه رحمة، إنَّه الوهَّاب.
1 سورة الأعراف آية: 143.
2 سورة المائدة آية: 116.
3 سورة الأعراف آية: 143.
4 سورة طه آية: 5.
5 البخاري: بدء الخلق (3208) وأحاديث الأنبياء (3332) والقدر (6594) والتوحيد (7454)، ومسلم: القدر (2643)، والترمذي: القدر (2137)، وأبو داود: السنة (4708)، وابن ماجه: المقدمة (76) ، وأحمد (1/ 382 ،1/ 414 ،1/ 430).