الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ابنه - وهو أنا - طالب علم، بل كان يذكر ذلك، وإنما قال لي: حدّثني فلان وكان حاضرا مجلس الشيخ عبد الله بن حميد عند فهد الرشودي فسأله فهد الرشودي: يا شيخ أحسن الله عملك، بشرنا عسي عندكم طلبة علم يؤمل فيه الخير وينفعون إن شاء الله، وأنا أقصد من صغار الطلبة لأننا نعرف الكبار، وأقول أنا: إنّ كبار طلبة العلم المذكورين كانوا من تلاميذ المشايخ آل سليم.
فأجابه الشيخ: نعم، ولله الحمد الإخوان فيهم خير، فسأله فهد الرشودي قائلًا مثل من؟
فقال: مثل محمد العبودي.
وقد فرح والدي، بل يكاد بيتنا لا يسعه فرحا في ذلك اليوم، إلا أنّه ظن أنني قد علمت بذلك، وأنني لم أخبره به لعدم اهتمامي به!
والواقع أن عدم اهتمامي بذلك صحيح، ولكنني أيضًا لم أعلم به من قبل.
وصية فهد الرشودي:
أوصى فهد الرشودي بوصية حافلة تتضمن تفصيلات لبعض ما أوصى به من العقار والممتلكات كما تذكر طائفة من أقاربه فيها.
وفيها تعبيرات غير مألوفة للجيل الجديد من القراء، وقد سبق أن أوردنا بعضها في تفسير وصايا أو تعاقدات لأناس آخرين مما لا أرى داعيا لتكراره هناء.
ولكن فيها عبارة لطيفة لم أر من ذكرها قبل وهي أن جلود الأضاحي - جمع أضحية - وهي الخروف أو الشاة التي تذبح في عيد الأضحى بقصد التقرب إلى الله بذلك، وذكر أنها ثلاث وقال: يرون ثلاثة أشهر، والمراد من ذلك أن جلود الأضاحي الثلاث تدبغ وتخرز فيصبح كلّ جلد قربة وهي التي يحفظ فيها الماء، فأوصى أن تروى أي تملأ يوميًا لمدة ثلاثة اشهر.
والأشهر الثلاثة المذكورة هي أشهر الصيف وشدة الحر بحيث يعطش النّاس ويطلبون شرب الماء، وقوله: تروي، هذه تحتاج إلى نفقة لذلك ذكر أنها ينفق عليها من المال الذي أوصى به.
وبعدها مباشرة ذكرت الوصية (العيش) في رمضان والمراد به العشاء في رمضان على الأفراد، أو العشيات - بالجمع حسب تعبيرهم - وفسرت ذلك في أكثر من مكان، ثم ذكر دكاكين الجردة وهن اثنا عشر دكانا متواليات.
هذا يحتاج إلى توضيح، وذلك أن ميدان البيع والشراء في بريدة كان إلى عام 1347 هـ في الوسعة الشمالية التي تقع إلى الشمال من الجامع الكبير قبل توسعته التوسعة الأخيرة بأمر من الملك فهد بن عبد العزيز رحمه الله.
ولكن (الوسعة) ضاقت بالناس فعرض جماعة أهل بريدة آنذاك وهم الرشود والمشيقح على الملك عبد العزيز نقل الوسعة إلى مكان واسع يكون أوسع منها أضعافًا مضاعفة فأذن في ذلك إلَّا أنّه يلزم أن تكون في الوسعة الجديدة دكاكين مثلما عليه الحال في الوسعة القديمة فطلب الجماعة المذكورون وهم الرشود والمشيقح أن يأذن الملك لهم ببناء دكاكين عليها لهم، وذلك أن الحكومة لم تكن تتدخل في مثل هذه الأمور، وليست لديها الإمكانات المالية له.
فبنى الرشود والمشيقح معظم الدكاكين على الوسعة الجديدة التي أسموها الجردة، وبنى المشايخ آل سليم بعض الدكاكين عليها.
واشتهرت بعد ذلك بجردة بريدة، فهذه الدكاكين الاثنا عشر التي منها سبعة متواليات، أي التي هي صف لا يفصل بينها فاصل.
وخمسة متفرقات هي نصيب فهد بن علي الرشودي من الدكاكين التي بنيت على الجردة.
وقد ذكر أن الوكيل على ذلك أولاده يريد أن أبناءه وهم الكبار من أبنائه
وذكر أسماءهم علي وعبد العزيز وصالح كلّ بيده ثلث الوصية.
كأنما أراد فهد الرشودي رحمه الله إلَّا تكون الوصية بيد واحد دون الآخرين، وذلك أنها محددة الأغراض معروفة، والمقصود هو تنفيذ ما جاء فيها وقد جعله لأبنائه الثلاثة كلّ واحد بيده ثلث الوصية.
وهذا أيضًا تجديد أو كالتجديد بالنسبة إلى تعيين الأوصياء على تنفيذ الوصية، ثم ذكر في وصيته أشياء لمساجد من بريدة معينة إلى أن قال:
ومسجدنا (مسجد عودة) والمراد عودة الرديني وكان وكيلًا لبانيه بنفقته الأمير حسن بن مهنا أمير بريدة، وقد عين (عودة الرديني) لبنائه وأوصاه بألا يذكر أنّه يبني بنفقته لئلا يقدح ذلك في إخلاص الثواب له، وهو الذي صار يعرف في زمننا باسم (مسجد الحميدي) وهو إمامه الشيخ محمد بن صالح المطوع الذي أم فيه قرابة خمسين عاما، وهو المسجد القريب من بيت فهد الرشودي، وفيه كان فهد الرشودي يصلي الجماعة ولذلك قال: مسجدنا.
وقد أوصى لهذا المسجد بثلاثين وزنة تمر فطور للصائمين في رمضان الذين يفطرون فيه، وبتنكة قاز لسراج المسجد ولكنه قال: أوقيمتها، وهذه الكلمة لها أهميتها التي لا ندري هل أدركها فهد الرشودي رحمه الله أم لم يدركها وهي أنه ربما يوجد نوع آخر من وقود السرج - جمع سراج - غير القاز الذي هو السائل المعروف بـ (قاز الاستصباح) وقد حدث هذا بالفعل، إذ استبدل النّاس الكهرباء به.
ثم ذكر بيت أمه رقية، ولم يذكر بقية اسمها وهي (رقية بنت عبد الله الخماس) عرفنا ذلك من أوراق أخرى، وقد ذكرناها ولا شك أنّه لم يذكر بقية اسمها اعتمادا على أن الأوصياء على وصيته يعرفونها ويعرفون اسمها، والدليل على ذلك أنّه كان لها بيت يظهر أن فهد الرشودي قد أعطاها إياه، أو أنّه كان عمره ووقفه لها.