الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
{سُنَّةَ اللهِ} منصوب مصدر لفعل دل عليه ما قبله وهو {فِيما فَرَضَ اللهُ لَهُ} أي سنّ له سنة، أو منصوب بنزع الخافض، أي كسنة الله.
{الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسالاتِ اللهِ} صفة للذين خلوا أو مدح لهم منصوب أو مرفوع.
{وَلكِنْ رَسُولَ اللهِ} {رَسُولَ} خبر {كانَ} مقدرة، أي ولكن كان محمد رسول الله.
ومن قرأه بالرفع جعله خبر مبتدأ محذوف، تقديره: هو رسول الله.
البلاغة:
{وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ} التنكير لإفادة العموم؛ لأن النكرة في سياق النفي تفيد العموم، أي ليس لمؤمن ولا لمؤمنة أن يريد غير ما أراده الله ورسوله.
{تُخْفِي} و {مُبْدِيهِ} بينهما طباق.
{قَدَراً مَقْدُوراً} بينهما جناس اشتقاق.
{وَيَخْشَوْنَهُ وَلا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلاَّ اللهَ} فيهما طباق السلب.
المفردات اللغوية:
{وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ} أي ما يصح له أو ما ينبغي له {إِذا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً} أي قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذكر الله لتعظيم أمره، والإشعار بأن قضاءه قضاء الله. والسبب أنه نزل في زينب بنت جحش بنت عمته: أميمة بنت عبد المطلب، خطبها رسول الله صلى الله عليه وسلم لزيد بن حارثة فأبت هي وأخوها عبد الله {الْخِيَرَةُ} الاختيار، فليس لهم أن يختاروا من أمرهم شيئا، بل يجب عليهم أن يجعلوا اختيارهم تبعا لاختيار الله ورسوله {ضَلالاً مُبِيناً} أي ظاهرا بيّن الانحراف عن الصواب.
{وَإِذْ تَقُولُ} أي اذكر حين تقول {أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِ} بالإسلام {وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ} بالعتق والتحرير، وهو زيد بن حارثة، كان من سبي الجاهلية اشتراه رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل البعثة، والأصح أن السيدة خديجة وهبته له، ثم أعتقه وتبناه، وقد تقدمت قصته {أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ} زينب {وَاتَّقِ اللهَ} في أمر طلاقها، ولا تطلقها ضرارا {وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللهُ مُبْدِيهِ} أي تخفي في نفسك ما الله مظهره وهو الأمر من الله بزواجها بعد طلاقها من زوجها
(1)
{وَتَخْشَى النّاسَ} أي
(1)
الإخفاء هو لزواجها المأمور به من الله لإبطال عادة التبني وآثاره في الجاهلية، وليس المراد كما جاء في تفسير الجلالين وغيره إخفاء حبها حين وقع بصره عليها بعد حين من زواجها، فهذا الكلام باطل لا أصل له، ويتنافى مع منصب النبوة، فهي ابنة عمته يعرفها من قديم، وكان بإمكانه أن يتزوجها قبل تزويجه إياها من زيد.
تستحييهم وتخاف تعييرهم إياك وقولهم: تزوج زوجة ابنه الذي تبناه {وَاللهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشاهُ} في كل شيء، والواو للحال، فتزوجها ولا تأبه لقول الناس، قال البيضاوي: وليست المعاتبة على الإخفاء وحده، فإنه وحده حسن، بل على الإخفاء مخافة قالة الناس وإظهار ما ينافي إضماره، فإن الأولى في أمثال ذلك أن يصمت أو يفوض الأمر إلى ربه.
{فَلَمّا قَضى زَيْدٌ مِنْها وَطَراً} حاجة، أي لم يبق له بها حاجة الزوجية فطلقها {زَوَّجْناكَها} جعلناها لك زوجة وأمرناك بزواجها، فدخل عليها النبي صلى الله عليه وسلم بغير إذن بشر، بعد إذن الله تعالى، وأشبع المسلمين خبزا ولحما، فكانت بلا واسطة عقد بشري، بدليل أنها كانت تقول لسائر نساء النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله تولى إنكاحي، وأنتن زوّجكن أولياؤكن. {حَرَجٌ} مشقة وضيق دائم {أَدْعِيائِهِمْ} جمع دعي وهو الابن المتبنى {وَكانَ أَمْرُ اللهِ} أي مقضيه {مَفْعُولاً} نافذا حاصلا لا محالة، كما كان تزويج زينب. وجملة {لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ.} . علة للتزويج، وهو دليل على أن حكم النبي وحكم الأمة واحد إلا ما خصه الدليل.
{ما كانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيما فَرَضَ اللهُ لَهُ} أي قسم له وقدر وأجل، مأخوذ من قولهم: فرض له في الديوان كذا، وفرض للعسكر أو الجند كذا، أي قدر لهم أرزاقهم {فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ} مضوا من الأنبياء ألا حرج عليهم في ذلك، وفيما أباح لهم {وَكانَ أَمْرُ اللهِ قَدَراً مَقْدُوراً} فعله قضاء مقضيا وحكما مبتوتا كائنا لا بد منه {وَلا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلاَّ اللهَ} أي لا يخشون مقالة الناس فيما أحل الله لهم، وهو تعريض بعد تصريح {وَكَفى بِاللهِ حَسِيباً} حافظا لأعمال خلقه ومحاسبتهم، فينبغي ألا يخشى إلا منه.
{ما كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ} على الحقيقة، فيثبت ما يترتب على البنوة من حرمة المصاهرة وغيرها، فليس أبا زيد، أي والده، فلا يحرم عليه التزوج بزوجته زينب {وَلكِنْ رَسُولَ اللهِ} أي ولكن كان رسول الله، وكل رسول أبو أمته، لا مطلقا، بل من حيث إنه رؤف بهم، ناصح لهم، واجب التوقير والطاعة عليهم، و {زَيْدٌ} منهم كبقية المؤمنين {وَخاتَمَ النَّبِيِّينَ} بكسر التاء، فاعل الختم، أي فلا يكون له ابن رجل بعده يكون نبيا، وبفتح التاء بمعنى الطابع كآلة الختم، أي وآخرهم الذي ختمهم، أو به ختموا {وَكانَ اللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً} يعلم من يليق بأن يختم به النبوة، فلا نبي بعده، وكيف ينبغي شأنه.
وكون النبي صلى الله عليه وسلم أبا للطاهر والطيب والقاسم وإبراهيم لا ينافي الآية، فإن هؤلاء قد أخرجوا من حكم النفي بقوله:{مِنْ رِجالِكُمْ} لأن هؤلاء لم يبلغوا مبلغ الرجال، ولأنه قد أضاف الرجال إليهم، وهؤلاء رجاله، لا رجالهم.
وأما كون عيسى ينزل في آخر الزمان، فلا يتناقض مع قوله تعالى:{وَخاتَمَ النَّبِيِّينَ} لأن