الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
{تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ: سَلامٌ، وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْراً كَرِيماً} تحيتهم من الله تعالى بواسطة ملائكته يوم لقائه في الآخرة هو السلام، كما قال تعالى:{سَلامٌ قَوْلاً مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ} [يس 58/ 36] وقال عز وجل: {وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بابٍ، سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِما صَبَرْتُمْ، فَنِعْمَ عُقْبَى الدّارِ} [الرعد 23/ 13 - 24].
وهيّأ لهم ثوابا حسنا في الآخرة وهو الجنة وما فيها من المآكل والمشارب والملابس والمساكن والملاذّ والمناظر، مما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر.
فقه الحياة أو الأحكام:
أرشدت الآيات إلى ما يأتي:
1 -
الحض على ذكر الله وشكره على نعمه، وتسبيحه في معظم الأحوال بالتسبيح والتهليل والتحميد والتكبير، دون تقدير بقدر معين أو تحديد بحد، ليسهل الأمر على العبد، وليعظم الأجر فيه.
روى أحمد وأبو يعلى وغيرهما عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم: «أكثروا ذكر الله حتى يقولوا: مجنون» .
2 -
إسباغ الرحمة الإلهية على المؤمنين وتسخير الملائكة للاستغفار لهم، بقصد هدايتهم وإخراجهم من ظلمة الكفر والجهل إلى نور الهدى واليقين.
والصلاة من الله على العبد: هي رحمته له وبركته لديه، وصلاة الملائكة:
دعاؤهم للمؤمنين واستغفارهم لهم، كما قال تعالى:{وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا} [غافر 7/ 40].
قال ابن عباس: لما نزل {إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ} [الأحزاب 56/ 33] قال المهاجرون والأنصار: هذا لك يا رسول الله خاصّة، وليس لنا فيه شيء؛ فأنزل الله تعالى هذه الآية، أي {هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ.} ..
وقال القرطبي: وهذه نعمة من الله تعالى على هذه الأمة من أكبر النعم؛ ودليل على فضلها على سائر الأمم، وقد قال:{كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنّاسِ} [آل عمران 110/ 3].
ذكر النحاس حديثا: أن بني إسرائيل سألوا موسى عليه السلام: أيصلّي ربّك جلّ وعزّ؟ فأعظم ذلك؛ فأوحى الله جل وعز: «إن صلاتي بأن رحمتي سبقت غضبي» .
3 -
قوله تعالى: {لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ} أي من الضلالة إلى الهدى: معناه التثبيت على الهداية؛ لأنهم كانوا في وقت الخطاب على الهداية.
وقوله: {وَكانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً} إخبار برحمته تعالى للمؤمنين وتأنيس لهم، فهو يرحمهم في الدنيا بهدايتهم إلى الحق، ويؤمنهم من عذاب الله يوم القيامة، وتكون تحية الله لهم يوم القيامة بعد دخول الجنة: سلام، أي سلامة من عذاب الله، وقيل: عند الموت وقبض الروح.
قال ابن كثير: الظاهر أن المراد-والله أعلم-تحيتهم، أي من الله تعالى يوم يلقونه: سلام، أي يوم يسلم عليهم، كما قال عز وجل:{سَلامٌ قَوْلاً مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ} [يس 58/ 36]. وزعم قتادة أن المراد أنهم يحيي بعضهم بعضا بالسلام يوم يلقون الله في الدار الآخرة، واختاره ابن جرير. وكذا قال القرطبي:
{تَحِيَّتُهُمْ} أي تحية بعضهم لبعض، ويؤيده قوله تعالى:{دَعْواهُمْ فِيها سُبْحانَكَ اللهُمَّ، وَتَحِيَّتُهُمْ فِيها سَلامٌ، وَآخِرُ دَعْواهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ} [يونس 10/ 10].