الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وهو تحقيق الحرية والاستقرار الزوجي، أمر الله تعالى عباده المؤمنين بما أمر به أنبياءه المرسلين من تعظيم الله وإجلاله بذكره وتسبيحه في أغلب الأوقات ومختلف أنواع الطاعات، بقوله:{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللهَ ذِكْراً كَثِيراً} ليحقق لهم أجزل الثواب ويخرجهم من ظلمات الكفر إلى نور الإيمان.
التفسير والبيان:
يأمر الله تعالى عباده المؤمنين بكثرة ذكر ربهم تبارك وتعالى، المنعم عليهم بأنواع النعم، لينالوا جزيل الثواب وجميل المآب، فيقول:
{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللهَ ذِكْراً كَثِيراً وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً} أي يا أيها الذين أيقنوا وصدقوا بالله ورسوله اذكروا الله بألسنتكم وقلوبكم ذكرا كثيرا، يملأ عليكم مشاعركم، في جميع الأحوال، ويحقق في نفوسكم خشية ربكم، ونزهوه عن كل ما لا يليق به أول النهار وآخره، أي في غالب الأوقات؛ لأن بداية الشيء ونهايته تشمل وسطه أيضا بحكم الاستمرار، قال الزمخشري في تفسير {بُكْرَةً وَأَصِيلاً} أي في كافة الأوقات. وإنما ذكر هذان الوقتان لكونهما مشهودين بملائكة الليل والنهار.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ذكر الله على فم كل مسلم»
وروي «في قلب كل مسلم»
وعن قتادة: «قولوا: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم» .
وأخرج الإمام أحمد والترمذي وابن ماجه عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ألا أنبئكم بخير أعمالكم وأزكاها عند مليككم وأرفعها في درجاتكم، وخير لكم من إعطاء الذهب والورق، وخير لكم من أن تلقوا عدوكم، فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم، قالوا: وما هو يا رسول الله؟ قال صلى الله عليه وسلم:
ذكر الله عز وجل».
ونظير الآية في وصف المؤمنين: {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِياماً وَقُعُوداً وَعَلى جُنُوبِهِمْ} [آل عمران 191/ 3].
وقرن التسبيح بالذكر معناه: إذا ذكرتم الله تعالى، فينبغي أن يكون ذكركم إياه على وجه التعظيم والتنزيه عن كل سوء، وهو المراد بالتسبيح.
ثم حرّض تعالى على الذكر والتسبيح وأبان سببه فقال:
{هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ، وَكانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً} أي إن الله ربكم الذي تذكرونه وتسبحونه هو الذي يرحمكم، وملائكته تستغفر لكم، وهو بهذه الرحمة يريد هدايتكم وإخراجكم من ظلمات الكفر والجهل والضلال إلى نور الحق والهدى والإيمان، وكان ربكم وما يزال رحيما تام الرحمة بعباده المؤمنين في الدنيا والآخرة. أما في الدنيا: فإنه هداهم إلى الحق الذي جهله غيرهم، وبصّرهم الطريق الذي حاد عنه سواهم من الدعاة إلى الكفر أو البدعة وأتباعهم، وأما في الآخرة: فآمنهم من الفزع الأكبر، وأمر ملائكته أن يتلقوهم بالبشارة بالفوز بالجنة والنجاة من النار، وما ذاك إلا لمحبته لهم ورأفته بهم.
ومن مظاهر رحمته تعالى
ما ورد في صحيح الإمام البخاري عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى امرأة من السبي قد أخذت صبيا لها، فألصقته إلى صدرها وأرضعته، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أترون هذه تلقي ولدها في النار، وهي تقدر على ذلك؟ قالوا: لا، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
فو الله الله أرحم بعباده من هذه بولدها».
ثم ذكر تعالى دليل رحمته الشامل في الآخرة وعنايته فيها بعد بيان عنايته في الدنيا، فقال: