الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
{وَإِذا سَأَلْتُمُوهُنَّ} أي سألتم أزواج النبي صلى الله عليه وسلم. {مَتاعاً} شيئا محتاجا إليه ينتفع به.
{فَسْئَلُوهُنَّ} المتاع {مِنْ وَراءِ حِجابٍ} . {ذلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ} من الخواطر الشيطانية المريبة. {وَما كانَ لَكُمْ} وما صح لكم. {أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللهِ} أن تفعلوا ما يكرهه.
{كانَ عِنْدَ اللهِ عَظِيماً} ذنبا عظيما.
{إِنْ تُبْدُوا شَيْئاً أَوْ تُخْفُوهُ} من التحدث بزواجهن بعده. {فَإِنَّ اللهَ كانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً} يعلم ذلك، فيجازيكم عليه. قال البيضاوي: وفي هذا التعميم مع البرهان على المقصود مزيد تهويل، ومبالغة في الوعيد.
{لا جُناحَ} لا إثم. {وَلا نِسائِهِنَّ} أي النساء المؤمنات. {وَلا ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُنَّ} من العبيد والإماء. {وَاتَّقِينَ اللهَ} فيما أمرتن به. {إِنَّ اللهَ كانَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيداً} لا تخفى عليه خافية.
سبب النزول:
نزول الآية (53):
{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا} :
أخرج أحمد والشيخان وابن جرير والبيهقي وابن مردويه عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: «لما تزوج النبي صلى الله عليه وسلم زينب بنت جحش، دعا القوم، فطعموا، ثم جلسوا يتحدثون، فإذا كأنه يتهيأ للقيام، فلم يقوموا، فلما رأى ذلك قام وقام من القوم من قام، وقعد ثلاثة، ثم انطلقوا، فجئت، فأخبرت النبي صلى الله عليه وسلم أنهم انطلقوا، فجاء حتى دخل، وذهبت أدخل، فألقى الحجاب بيني وبينه، وأنزل الله:{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ} إلى قوله: {إِنَّ ذلِكُمْ كانَ عِنْدَ اللهِ عَظِيماً} .
وأخرج الترمذي وحسنه عن أنس قال: كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأتى باب امرأة عرّس بها، فإذا عندها قوم، فانطلق، ثم رجع، وقد خرجوا، فدخل، فأرخى بيني وبينه سترا، فذكرته لأبي طلحة، فقال: لئن كان كما تقول لينزلن في هذا شيء، فنزلت آية الحجاب.
وأخرج الطبراني بسند صحيح عن عائشة قالت: كنت آكل مع النبي صلى الله عليه وسلم في قعب، فمرّ عمر، فدعاه، فأكل، فأصابت أصبعه أصبعي، فقال: أوّه لو أطاع فيكنّ، ما رأتكنّ عين، فنزلت آية الحجاب. وفي رواية البخاري: أن عمر رضي الله عنه قال: يا رسول الله، يدخل عليك البر والفاجر، فلو أمرت أمهات المؤمنين بالحجاب، فنزلت.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال: دخل رجل على النبي صلى الله عليه وسلم، فأطال الجلوس، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم ثلاث مرات ليخرج، فلم يفعل، فدخل عمر، فرأى الكراهية في وجهه، فقال للرجل: لعلك آذيت النبي صلى الله عليه وسلم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لقد قمت ثلاثا لكي يتبعني فلم يفعل، فقال له عمر: يا رسول الله، لو اتخذت حجابا، فإن نساءك لسن كسائر النساء، وذلك أطهر لقلوبهن، فنزلت آية الحجاب.
وفي رواية: «بقي ثلاثة نفر يتحدثون، فأطالوا» .
قال الحافظ ابن حجر: يمكن الجمع بأن ذلك وقع قبل قصة زينب، فلقربه منها أطلق نزول آية الحجاب بهذا السبب، ولا مانع من تعدد الأسباب.
قوله تعالى: {وَلكِنْ إِذا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا، فَإِذا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا} : قال البيضاوي: الآية خطاب لقوم كانوا يتحينون طعام رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيدخلون ويقعدون، منتظرين لإدراكه، مخصوصة بهم وبأمثالهم، وإلا لما جاز لأحد أن يدخل بيوته بالإذن لغير الطعام، ولا اللبث بعد الطعام لمهمّ. أخرج عبد بن حميد عن أنس قال: كانوا يتحينون فيدخلون بيت النبي صلى الله عليه وسلم، فيجلسون فيتحدثون ليدرك الطعام، فأنزل الله:{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا.} . الآية.
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: حسبك في الثقلاء أن الله تعالى لم يحتملهم، وقال:{فَإِذا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا} وأخرج ابن أبي حاتم عن سليمان بن أرقم قال: نزلت هذه في الثقلاء، ومن ثم قيل: هي آية الثقلاء.
وقوله تعالى: {وَما كانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللهِ} :
أخرج ابن زيد قال: بلغ النبي صلى الله عليه وسلم أن رجلا يقول: لو قد توفي النبي صلى الله عليه وسلم تزوجت فلانة من بعده، فنزلت:{وَما كانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللهِ} الآية.
وأخرج ابن زيد أيضا عن ابن عباس قال: نزلت في رجل همّ أن يتزوج بعض نساء النبي صلى الله عليه وسلم بعده، قال سفيان: ذكروا أنها عائشة. وأخرج عن السدّي قال: بلغنا أن طلحة بن عبيد الله قال: أيحجبنا محمد عن بنات عمنا، ويتزوج نساءنا، لئن حدث به حدث لنتزوجن نساءه من بعده، فأنزلت هذه الآية.
وأخرج ابن سعد عن أبي بكر عن محمد بن عمرو بن حزم قال: نزلت في طلحة بن عبيد الله؛ لأنه قال: إذا توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوجت عائشة.
وأخرج جويبر عن ابن عباس أن رجلا أتى بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، فكلمها وهو ابن عمها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا تقومنّ هذا المقام بعد يومك هذا، فقال: يا رسول الله: إنها ابنة عمي، والله ما قلت منكرا، ولا قالت لي، قال النبي صلى الله عليه وسلم:
قد عرفت ذلك، إنه ليس أحد أغير من الله، وإنه ليس أحد أغير مني، فمضى، ثم قال: يمنعني من كلام ابنة عمي؟ لأتزوجنها من بعده، فأنزل الله هذه الآية.
قال ابن عباس: فأعتق ذلك الرجل رقبة، وحمل على عشرة أبعرة في سبيل الله، وحج ماشيا، توبة من كلمته.
والخلاصة: رويت روايات كثيرة في أسباب نزول هذه الآيات قال فيها أبو بكر بن العربي: إنها ضعيفة كلها ما عدا الذي ذكرنا-أي
رواية أحمد والبخاري ومسلم والترمذي عن أنس- وما عدا الذي روي أن عمر قال: قلت:
يا رسول الله، إن نساءك يدخل عليهن البرّ والفاجر، فلو أمرتهن أن يحتجبن، فنزلت آية الحجاب.