الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عليكم، وجعل في بيوتكن الآيات والشرائع، واختاركن زوجات لرسوله صلى الله عليه وسلم؛ فهو اللطيف فعله يصل إلى كل شيء.
وفي هذا حث على الطاعة والتزام التكاليف الشرعية، وتنفير عن العصيان والمخالفة واقتراف المعاصي.
فقه الحياة أو الأحكام:
هذه الآداب سبعة أمر الله تعالى بها نساء النبي صلى الله عليه وسلم، ونساء الأمة في أغلبها تبع لهن في ذلك.
1 -
طاعة الله والرسول والعمل الصالح من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم لها ثواب مضاعف، ورزق كريم وهو الجنة.
2 -
لنساء النبي صلى الله عليه وسلم منزلة وفضل وشرف يتميزون بها عن سائر جماعات النساء الأخرى، لكن هذه الفضيلة مشروطة بشرط التقوى، لما منحهن الله من صحبة الرسول صلى الله عليه وسلم، ونزول القرآن في حقهن، وهذه درجة عالية. وكذلك تمتاز نساء الأمة عن غيرهن من جنس النساء بالتقوى والعمل الصالح، ولكن درجتهن بالطبع أدنى من درجات أمهات المؤمنين أزواج النبي صلى الله عليه وسلم.
3 -
على نساء النبي صلى الله عليه وسلم أن يكون قولهن جزلا، وكلامهن فصلا، ولا يكون على وجه يظهر اللين والميل من الفجار، كما كانت عليه الحال في نساء العرب من مكالمة الرجال بترخيم الصوت ولينه؛ مثل كلام المريبات والمومسات.
وهذا النهي ليس خاصا بنساء النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما هو شامل لنساء المؤمنين أيضا.
وعلى هذا، فإن المرأة مأمورة بخفض الكلام، ويندب لها إذا خاطبت الأجانب، وكذا المحرّمات عليها بالمصاهرة، كزوج الأخت أن تكون نبرات صوتها قوية من غير رفع الصوت.
وفي الجملة: القول المعروف: هو الصواب الذي لا تنكره الشريعة ولا النفوس.
4 -
أمر الله تعالى نساء النبي صلى الله عليه وسلم بملازمة بيوتهن، ونهاهن عن التبرج: وهو إظهار ما ستره أحسن. والخطاب وإن كان لنساء النبي صلى الله عليه وسلم، فقد دخل غيرهن فيه بالمعنى، ولأن الشريعة تكرر الأمر فيها بلزوم النساء بيوتهن، وعدم الخروج منها إلا لضرورة. وإنما خوطبت نساء النبي صلى الله عليه وسلم بذلك تشريفا لهن، وليكونن قدوة الأمة في الطهر والصون والعفاف.
وأما خروج السيدة عائشة رضي الله عنها في موقعة الجمل بين أنصار علي وبين طلحة والزبير، فما كان لحرب، ولكن اشتدت شكاوى الناس إليها من عظيم الفتنة، ورجوا بركتها، وطمعوا في الاستحياء منها إذا رأتها الجموع المتقاتلة، فخرجت بقصد الإصلاح بين الناس، وآثرت ذلك على خروجها للحج الذي كانت قد عزمت عليه، مقتدية بقول الله تعالى:{لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْواهُمْ إِلاّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النّاسِ} [النساء 114/ 4] وقوله سبحانه:
{وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما} [الحجرات 9/ 49]. والأمر بالإصلاح مخاطب به جميع الناس من ذكر وأنثى، ولكن لم يرد الله تعالى بسابق قضائه ونافذ حكمه أن يقع إصلاح، فدارت رحى الحرب واشتد الطعان، وطعن جمل عائشة وعرقبه بعضهم، فاحتملها محمد بن أبي بكر إلى البصرة، ثم أركبها علي رضي الله عنه إلى المدينة في ثلاثين امرأة، فوصلت إليها برّة تقية مجتهدة، مصيبة مثابة في تأويلها، مأجورة فيما فعلت؛ إذ كل مجتهد في الأحكام مصيب.
5 -
الأمر بإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وإطاعة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم في كل أمر ونهي.
6 -
إن كل تلك الأوامر والآداب بقصد تطهير أهل بيت النبوة من دنس
المعاصي ورجس المنكرات، وجعلهن في طليعة النساء صونا وعفة، وطاعة لله ورسوله صلى الله عليه وسلم.
وأهل البيت النبوي: هم نساؤه وقرابته منهم العباس وأعمامه وبنو أعمامه منهم، قال الرازي: والأولى أن يقال: هم وأولاده وأزواجه، والحسن والحسين وعلي منهم؛ لأنه كان من أهل بيته بسبب معاشرته ببنت النبي صلى الله عليه وسلم وملازمته للنبي
(1)
. وهذا واضح من ألفاظ الآية وسياقها، فالخطاب في مطلع الآيات ونهايتها موجّه إلى زوجات النبي صلى الله عليه وسلم.
لكن قال القرطبي: والذي يظهر من الآية أنها عامة في جميع أهل البيت من الأزواج وغيرهم. وإنما قال: {وَيُطَهِّرَكُمْ} لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليا وحسنا وحسينا كان فيهم، وإذا اجتمع المذكّر والمؤنث غلّب المذكر، فاقتضت الآية أن الزوجات من أهل البيت؛ لأن الآية فيهن، والمخاطبة لهنّ، يدل عليه سياق الكلام
(2)
.
وأما الحديث الذي أخرجه الترمذي وغيره عن أم سلمة فهو كما قال الترمذي:
هذا حديث غريب. ونصه: قالت: نزلت هذه الآية في بيتي، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا وفاطمة وحسنا وحسينا، فدخل معهم تحت كساء خيبري، وقال:«هؤلاء أهل بيتي» وقرأ الآية، وقال:«اللهم أذهب عنهم الرجس، وطهّرهم تطهيرا» فقالت أم سلمة: وأنا معهم يا رسول الله؟ قال:
«أنت على مكانك، وأنت على خير» . وقال القشيري: وقالت أم سلمة:
أدخلت رأسي في الكساء وقلت: أنا منهم يا رسول الله؟ قال: «نعم» .
7 -
التذكير بنعمة الله على نساء النبي إذ صيّرهن الله في بيوت يتلى فيها
(1)
تفسير الرازي: 209/ 25
(2)
أحكام القرآن: 1527/ 3