الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المفردات اللغوية:
{وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ} أي يحشر للحساب العابد والمعبود، والمستكبر والمستضعف، وقرئ:
نحشرهم {أَهؤُلاءِ إِيّاكُمْ كانُوا يَعْبُدُونَ} هذا تقريع للمشركين، وتوبيخ لكل من عبد غير الله عز وجل، وإقناط لهم عما يتوقعون من شفاعتهم. والخطاب للملائكة؛ لأنهم أشرف شركائهم، والصالحون للخطاب منهم.
{قالُوا} أي الملائكة {سُبْحانَكَ أَنْتَ وَلِيُّنا مِنْ دُونِهِمْ} أي تنزيها لك عن الشريك، أنت الذي نتولاه ونطيعه ونعبده من دونهم، ولا موالاة بيننا وبينهم، وما كنا معبودين لهم على الحقيقة {بَلْ} للإضراب والانتقال {كانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ} الشياطين، وهم إبليس وجنوده، فإنهم كانوا يطيعونهم في عبادتهم إيانا {أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ} أي أكثر المشركين مصدقون بالجن فيما يلقونه إليهم من الوساوس والأكاذيب، ومنها أمرهم بعبادة الأصنام، فالضمير الأول للمشركين والثاني للجن.
قال تعالى: {فَالْيَوْمَ لا يَمْلِكُ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ نَفْعاً وَلا ضَرًّا} أي لا يملك المعبودون للعابدين شفاعة ونجاة، ولا عذابا وهلاكا؛ لأن الأمر يوم القيامة كله لله، والدار دار جزاء، والله هو المجازي وحده {وَنَقُولُ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا} أنفسهم وكفروا بعبادة غير الله {تُكَذِّبُونَ} في الدنيا.
المناسبة:
لما بيّن الله تعالى أن حال النبي صلى الله عليه وسلم كحال من تقدمه من الأنبياء، وحال قومه كحال من تقدم من الكفار، وبيّن لهم خطأ اعتمادهم على كثرة الأموال والأولاد، بيّن ما يكون من حالهم يوم القيامة من التقريع والتوبيخ، بسؤال الملائكة: أهم كانوا يعبدونكم؟ إهانة لهم. ثم بيّن أنهم كانوا ينقادون لأمر الجن، وأن ما كانوا يعبدونه لا ينفعهم.
التفسير والبيان:
{وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً، ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلائِكَةِ: أَهؤُلاءِ إِيّاكُمْ كانُوا يَعْبُدُونَ} ؟ أي ويوم يحشر الله تعالى العابدين والمعبودين، والمستكبرين والمستضعفين جميعا، ثم يسأل الملائكة الذين كان المشركون يزعمون أنهم يعبدون الأنداد التي هي على صورهم، ليقربوهم إلى الله زلفى: أأنتم أمرتم هؤلاء بعبادتكم؟ وهذا السؤال يراد
به تقريع المشركين يوم القيامة أمام الخلائق، على طريقة: إياك أعني واسمعي يا جارة.
وهذا شبيه بقوله تعالى: {أَأَنْتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبادِي هؤُلاءِ أَمْ هُمْ ضَلُّوا السَّبِيلَ} [الفرقان 17/ 25] وشبيه بسؤال عيسى عليه السلام: {أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنّاسِ: اِتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلهَيْنِ مِنْ دُونِ اللهِ؟ قالَ: سُبْحانَكَ ما يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ ما لَيْسَ لِي بِحَقٍّ} [المائدة 116/ 5]. والله يعلم أن الملائكة وعيسى أبرياء من هذه التهمة، وإنما السؤال والجواب للتقريع والتوبيخ والتعيير.
{قالُوا: سُبْحانَكَ أَنْتَ وَلِيُّنا مِنْ دُونِهِمْ، بَلْ كانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ} أي قالت الملائكة: تنزيها لك يا رب عن الشريك، نحن عبيدك، ونبرأ إليك من هؤلاء، وأنت الذي نتولاه ونطيعه ونعبده من دونهم، ما اتخذناهم عابدين، ولا موالاة بيننا وبينهم، بل إنهم كانوا يعبدون الشياطين وهم إبليس وجنوده، فهم الذين زينوا لهم عبادة الأوثان وأضلوهم، وأكثر المشركين مصدقون الجن فيما يلقونه إليهم من الوساوس والأكاذيب، ومنها أمرهم بعبادة الأصنام، كما قالت تبارك وتعالى:{إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلاّ إِناثاً، وَإِنْ يَدْعُونَ إِلاّ شَيْطاناً مَرِيداً، لَعَنَهُ اللهُ} [النساء 117/ 4 - 118].
ثم أعلن الله تعالى إفلاسهم وتبدد آمالهم بشفاعة الآلهة المزعومة، زيادة في إيلامهم وحسرتهم، فقال:
{فَالْيَوْمَ لا يَمْلِكُ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ نَفْعاً وَلا ضَرًّا} أي في يوم القيامة هذا لن يتحقق لكم نفع ممن كنتم ترجون نفعه من الأوثان والأنداد التي ادخرتم عبادتها لشدائدكم وكربكم، ولن تكون لكم شفاعة وقدرة على النجاة، كما لن يكون بيدكم العذاب والهلاك، وإنما المجازي هو الله وحده.
{وَنَقُولُ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا: ذُوقُوا عَذابَ النّارِ الَّتِي كُنْتُمْ بِها تُكَذِّبُونَ} أي